array(1) { [0]=> object(stdClass)#13016 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

هل ينجح شيخ شريف في ما فشل فيه آخرون؟

الأحد، 01 آذار/مارس 2009

مع اكتمال سحب إثيوبيا قواتها من الصومال، وانتخاب شيخ شريف أحمد زعيم تحالف إعادة تحرير الصومال جناح جيبوتي خلفاً للرئيس الصومالي المستقيل، بدأت مرحلة جديدة من مراحل الصراع في الصومال الذي يعاني انهيار الدولة منذ عام 1991.

لا شك في أن هذه المرحلة تختلف في شكلها ومؤشرات تفاعلها عن المراحل السابقة، وأول مظاهر هذا الاختلاف يكمن في وجود رئيس منتخب ومقبول من قطاعات واسعة من الشعب الصومالي الذي يعرفه جيداً فهو أول من سعى إلى إنشاء أول محكمة شرعية عام 2003 بعد اختطاف أحد تلامذته على أيدي أشخاص على علاقة بأمراء حرب، وذلك بمساعدة الناس الذين انتخبوه في غيابه رئيساً لها، وعملت المحكمة التي انضم إليها متطوعون على تحرير المختطفين.

ومع نجاح هذه التجربة تكونت محاكم أخرى لمواجهة أمراء الحرب في أنحاء أخرى من الصومال، وتم توحيد المحاكم بقيادة شريف، ولم يلبث اتحاد المحاكم أن ضم مجموعات أخرى مسلحة حاربت أمراء الحرب حتى تمكنت من السيطرة على معظم أراضي الصومال في عام 2006. وهنا يمكن تفسير أسباب الدعم الشعبي الكبير الذي يتمتع به شيخ شريف داخل الصومال.

وثاني مظاهر الاختلاف يتمثل في وجود بيئة إقليمية ودولية حاضنة للرئيس الجديد في ظل تفهم واضح لهذا الرئيس لمتطلبات إعادة بناء الدولة الصومالية إقليمياً ودولياً. ونجد ذلك بوضوح في التصريحات المرحبة بالانتخاب شيخ شريف من قبل القوى الفاعلة إقليمياً وأبرزها بطبيعة الحال إثيوبيا التي جاء انسحابها تنفيذاً لاتفاق وقعه شريف في صيف عام 2008 يقوم على مشاركة التحالف في السلطة مقابل انسحاب القوات الإثيوبية، وهو الاتفاق الذي ترتب عليه انقسام التحالف إلى جبهتين إحداهما التي تزعمها شريف ووقعت الاتفاق في جيبوتي وهي كما قلنا مدعومة إقليمياً ودولياً، والجناح الآخر هو جناح أسمرة ويتزعمه طاهر أويس بالإضافة إلى حركة (شباب المجاهدين).

ومن القوى الإقليمية الداعمة أيضاً لجناح جيبوتي الدول العربية والجامعة العربية التي أعلنت ترحيبها بانتخاب شريف داعية جميع الأطراف الصومالية إلى الدخول في العملية السياسية من أجل إنجاح عملية إعادة البناء.

وعلى المستوى الدولي لا يختلف الأمر كثيراً، فشيخ شريف وجناحه يحظيان بدعم ومساندة الولايات المتحدة التي تعتبره صاحب توجهات إسلامية معتدلة بعكس جناح أسمرة، وهو ما عبر عنه بيان السفارة الأمريكية في نيروبي الذي وصف شريف بـ (النصير القوي) لاتفاق السلام مع الحكومة الانتقالية. وأكد على تطلع الولايات المتحدة الأمريكية إلى التعاون مع حكومة شريف الموسعة في إطار السعي إلى تحقيق الديمقراطية والسلام في الصومال.

كما ساندت الأمم المتحدة جناح شريف ورحبت بانتخابه، حيث دعا مبعوثها إلى الصومال أحمد ولد عبدالله إلى التحلي بروح المصالحة، مؤكداً أنه (على ثقة بأن المجتمع الدولي سيتعاون مع السلطات الجديدة شريطة أن تظهر تصميمها على تشجيع قيام صومال مستقر ومتسامح).

شيخ شريف وجناحه يحظيان بدعم ومساندة الولايات المتحدة التي تعتبره صاحب توجهات إسلامية معتدلة

وهنا يجب أن نتذكر جيداً أن دعم القوى الإقليمية والدولية هذا يأتي في إطار تأكد هذه القوى من تضرر مصالحها بسبب غياب مظاهر الدولة الصومالية والذي ترتب عليه تحول البلاد إلى ملجأ للقوى المتشددة، بالإضافة إلى تحول مياهها الإقليمية إلى ملجأ للقرصنة البحرية مما يهدد مصالح هذه القوى داخل منطقة القرن الإفريقي وفي طريق رأس الرجاء الصالح. ويأتي ذلك كله في الوقت الذي فشلت فيه كل الأطراف في حسم الأمور عسكرياً لصالحها فقد فشلت الولايات المتحدة عبر حليفتها إثيوبيا في ذلك وهو نفس ما حدث مع القوى الصومالية المختلفة.

الجامعة العربية رحبت بانتخاب شريف ودعت جميع الفصائل إلى الدخول في العملية السياسية 

لكن هل يكفي وجود بيئة محلية وإقليمية ودولية مساندة لشيخ شريف لإنجاز مهمته؟

رغم أن هناك معارضة قوية لشيخ شريف على المستوى الداخلي متمثلة تحديداً في الجناح الآخر لتحالف إعادة تحرير الصومال (جناح أسمرة) بزعامة الشيخ طاهر أويس، وعلى رأس مكوناته حركة شباب المجاهدين التي تسيطر على مساحات واسعة من الصومال منها مدينة بيدوا المقر المؤقت للبرلمان الصومالي، إلا أن هناك عوامل كثيرة تؤشر إلى إمكان نجاح شيخ شريف في مهمته، أبرزها دعوة شريف كل القوى الصومالية إلى المشاركة في السلطة خاصة حركة شباب المجاهدين، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه (في القريب العاجل سأعمل على تشكيل حكومة تمثل الشعب الصومالي، وأمد يدي إلى كافة الجماعات المسلحة التي تواصل معارضتها العملية السياسية، وأدعوها إلى الانضمام إلينا)، مؤكداً أنه (يحاول إقناع المقاومين بالعمل من أجل مصلحة البلاد وأنهم كانوا يقاتلون بهدف إخراج الإثيوبيين. والآن بعد انسحابهم من البلاد ما من سبب لقتل مزيد من الصوماليين، إذا كانت لديهم أجندة سياسية فنحن مستعدون للتحدث معهم، والمسألة الثانية قد تكون قائمة على الدين ونحن مستعدون لنناقش ذلك معهم).

وكذلك هناك المواجهة العسكرية التي تقودها حركة (أهل السنة والجماعة) ضد حركة شباب المجاهدين وهي قريبة من شيخ شريف وأعلنت مساندتها له. إضافة إلى ذلك هناك عرض الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين القيام بوساطة بين شيخ شريف وفصائل المقاومة وهو ما يزيد من التفاؤل بإمكان انضمام هذه الفصائل إلى الحكم الجديد أو على الأقل عدم الوقوف أمام عملية إعادة بناء الدولة الصومالية خاصة إذا ما تمت ممارسة بعض الضغوط على إريتريا التي تحتضن هذه الفصائل نكاية في جارتها العدو اللدود لها إثيوبيا.

وأخيراً لن تكون الأمور سهلة بطبيعة الحال، لكن في ظل هذا الاحتضان الشعبي والإقليمي والدولي لشيخ شريف وحكومته المقبلة وفي ظل تقلص مصادر الدعم لفصائل المعارضة يمكن أن ينجح شيخ شريف في إعادة بناء الدولة الصومالية مرة أخرى.

مقالات لنفس الكاتب