array(1) { [0]=> object(stdClass)#13019 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

التكتلات الاقتصادية.. مقاربة نظرية لفلسفة التكامل الاقتصادي

الأحد، 01 آذار/مارس 2009

فرض تحرير التجارة الدولية (كإحدى أهم سمات النظام الاقتصادي العالمي في القرن الحادي والعشرين) وذلك عقب توقيع اتفاقية أوروغواي في نهاية عقد الثمانينات، وإنشاء منظمة التجارة العالمية (W.T.O) في عام 1995؛ توجه دول العالم وخاصة النامية منها في البحث عن الوسائل التي من خلالها يمكن أن تواجه تلك المتغيرات التي طرأت على النظام الاقتصادي العالمي؛ والتي أفضت في النهاية إلى بروز التكتلات الاقتصادية كأداة يمكن من خلالها مواجهة تحديات عملية تحرير التجارة الدولية.

تقوم التكتلات الاقتصادية على فكرة التكامل الاقتصادي، التي تعرف بأنها (عملية سياسية واقتصادية واجتماعية، تتم من خلالها إقامة علاقات متكافئة لإيجاد مصالح اقتصادية متبادلة، وتحقيق فوائد مشتركة عبر الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة لأعضاء التكتل الاقتصادي، وذلك لتحقيق درجة أكبر من التداخل بين هياكلها الاقتصادية والاجتماعية للوصول إلى معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي والرفاهية الاقتصادية).

وقد تنوعت أسباب قيام التكتلات ما بين أسباب اقتصادية تهدف إلى تجميع الإمكانيات الاقتصادية للدول الأعضاء وإزالة العقبات أمام انسياب حركة رؤوس الأموال والعمالة، لزيادة معدلات عوائد التجارة الخارجية التي تسهم في دفع عملية التنمية الاقتصادية، وأخرى غير اقتصادية تتمثل في نشر السلام والاستقرار وتسوية المنازعات بالطرق السلمية وعدم استخدام القوة العسكرية كما هي الحال في تجمع الآسيان، ومنها ما يجمع الجوانب السياسية والاقتصادية والسياسية والأمنية، كما هي الحال في نموذج دول مجلس التعاون الخليجي..

فقد اتجهت دول مجلس التعاون مع بداية عقد الثمانينات نحو تجميع قدراتها الاقتصادية والسياسية، وأيضاً العسكرية فيما بعد (قوات درع الصحراء)، وذلك في إطار تكاملي يساعدها على مواجهة التحديات والمخاطر التي تواجهها. وقد انطلق هذا التوجه بدوره من الواقع الجيو- استراتيجي، وطبيعة توازنات القوى الإقليمية التي فرضت العديد من التهديدات للأمن القومي الخليجي.

وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية المدخل الاقتصادي في مسألة تحقيق التكامل الإقليمي، وذلك لما يوفره من بناء شبكة من المصالح التي تفرض بدورها ضرورة التنسيق على المستويات السياسية والاجتماعية والأمنية المختلفة.

وعلى ضوء ما سبق، تبدو هناك ضرورة للوقوف على فلسفة التكتلات الاقتصادية وضرورتها، خلال القرن الحادي والعشرين، بكل ما تمثله من نمط أو آلية يمكن من خلالها أن تواجه الدول النامية تحديات الليبرالية العالمية الاقتصادية والسياسية أو العولمة كما تواتر استخدامها، خاصة بعد أن أصبحت من أهم الظواهر الاقتصادية التي ارتبطت بالتغيرات العالمية بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفييتي.

لهذا سوف نتناول في هذا الإطار مفهوم التكامل الاقتصادي وأبرز النظريات التي تقوم عليها، فضلاً عن تناول مراحل عملية التكامل التي تعد أشكالاً للتكتلات الاقتصادية.

1- مفهوم التكامل الاقتصادي:

يعتبر مفهوم التكامل الاقتصادي شأنه شأن العديد من المفاهيم الاجتماعية الأخرى التي تخضع إلى عملية الحذف والإضافة،وقد تعددت المفاهيم والتعاريف التي تناولت مفهوم التكامل الاقتصادي (Economic Integration)،ولعل من أهمها:

* العملية التي يتم بمقتضاها إزالة كافة العقبات التي تعترض التجارة القائمة بين مجموعة الدول الأعضاء في مشروع التكامل الاقتصادي والتي في مقدمتها إزالةالقيود الجمركية وغير الجمركية وكذلك العقبات التي تعرقل انسياب حركات رؤوس الأموال وانتقالات العمالة بين الدول الأعضاء، مضافاً إليها ما تتجه إليه هذه الدول من تنسيق وإيجاد التجانس بين السياسات الاقتصادية المختلفة لتصبح – أي هذه الدول – في التحليل الأخير كلاً واحداً.

التكامل الاقتصادي عملية سياسية واقتصادية واجتماعية تتم من خلالها إقامة علاقات متكافئة لخلق مصالح اقتصادية متبادلة

* (هي عملية سياسية واقتصادية واجتماعية، تتم من خلالها إقامة علاقات متكافئة لإيجاد مصالح اقتصادية متبادلة لتحقيق فوائد مشتركة عبر الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لأعضاء التكتل الاقتصادي، وذلك لتحقيق درجة أكبر من التداخل بين هياكلها الاقتصادية والاجتماعية للوصول إلى معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي والرفاهية الاقتصادية).

وبالنظر إلى المفاهيم السابقة، يمكن الوقوف على أركان عملية التكامل الاقتصادي؛ وتتمثل في:

-إنها عملية سياسية واقتصادية واجتماعية تهدف إلى قيام علاقات تكاملية بين الدول لإيجاد مصالح اقتصادية متبادلة.

-كما تهدف عملية التكامل الاقتصادي إلى زيادة معدلات التجارة الخارجية بين مجموعة الدول المتكاملة من خلال إزالة المعوقات التي تقف أمام انسياب حركة السلع ورؤوس الأموال والعمالة، الأمر الذي يساعد على زيادة العائد الناتج عن زيادة معدلات التجارة.

- تجميع القوى والإمكانيات الاقتصادية لمجموعة الدول الأعضاء من أجل توظيفها واستغلالها بشكل أفضل، مما يدعم في النهاية اقتصادات الدول وتحقيق أقصى استفادة ممكنة.وذلك عبر عملية تنسيق السياسات بينها لبناء هياكل اقتصادية واجتماعية تكاملية تعمل بشكل منظم وتعاوني، مما يؤدي في النهاية إلى دفع عملية التنمية الاقتصادية داخل مجموعة الدول المتكاملة.

ويتضح من العرض السابق أن عملية التكامل الاقتصادي؛ هي عملية اقتصادية وسياسية واجتماعية تهدف إلى تجميع القدرات والإمكانيات الاقتصادية لمجموعة من الدول بهدف توظيفها للاستفادة منها بشكل أفضل، والقيام بالتنسيق فيما بينها بحيث تتمكن في النهاية من بناء هياكل اقتصادية واجتماعية موحدة تعمل بشكل متكامل تسفر عن تحويل اقتصادات هذه الدول إلى اقتصاد موحد قادر على تلبية الاحتياجات الاقتصادية المختلفة للدول المتكاملة.

2-نظريات التكامل الاقتصادي:

قدم الاقتصاديون العديد من النظريات التي توضح الآثار المترتبة على عملية التكامل الاقتصادي. وتعد نظرية الاتحاد الجمركي أو ما يعرف بقانون (فاينر) (Vainer Law Of Customs Unions)،من أهم النظريات التي تناولت الآثار المترتبة على عملية التكامل الاقتصادي في التنمية والرفاهية الاقتصادية.

وفيما يلي عرض لمقولات نظرية الاتحاد الجمركي والأثر الصافي لقيام الاتحادات الاقتصادية الجمركية في اقتصادات الدول الأعضاء.

* نظرية الاتحادات الجمركية: (The Custom Union Theory)

تقوم نظرية الاتحادات الجمركية أو ما يعرف بين الاقتصاديين باسم قانون (فاينر) نسبة إلى الاقتصادي جاكوب فاينر على فرضين أساسيين هما:

- المرونة السعرية للطلب مساوية للصفر أي عديمة المرونة.

- المرونات السعرية للعرض لا نهائية المرونة.

يعتبر الاتحاد الأوروبي النموذج الذي استطاع أن يصل إلى مرحلة الوحدة النقدية 

كما أوضح فاينر أثر تكوين هذه الاتحادات في الرفاهية الاقتصادية للدول الأعضاء، والتي تتمثل في ظهور قوتين متناقضتين تترتبان على قيام الاتحاد الجمركي هما: قوة خلق التجارة، وقوة تحويل التجارة.

* قوة خلق التجارة:

المقصود بقوة خلق التجارة (أن الاتحاد الجمركي يعمل على خلق أسباب قيام التجارة الخارجية بين الدول الأعضاء). وذلك عبر إزالة كافة القيود والمعوقات الجمركية وغير الجمركية أمام حركة التجارة وتبادل السلع بين الدول الأعضاء في الاتحاد الجمركي، الأمر الذي يؤدي إلى تزايد حركة التجارة البينية، وبالتالي زيادة حجم الإنتاج وانخفاض تكلفته من خلال تحويل مصادر إنتاج السلع والخدمات من مصادر مرتفعة التكلفة ومنخفضة الكفاءة إلى مصادر أخرى منخفضة التكلفة مرتفعة الكفاءة، وهو ما يعرف بـ(الميزة النسبية) التي تقوم عليها حركة التجارة الخارجية.

* قوة تحويل التجارة: (Trade diversion)

ويقصد بهذه القوة الحالة العكسية لقوة خلق التجارة. فمع تزايد الوسائل الحمائية للمنتجين داخل إطار الاتحاد نتيجة لفرض الدول الأعضاء تعرفة جمركية واحدة في مواجهة الواردات من الدول الخارجة على نطاق الاتحاد. وتقوم الدول الخارجية بتحويل التجارة من المصادر الأجنبية ذات التكلفة المنخفضة إلى المصادر المحلية ذات التكلفة المرتفعة. ومن ثم فتحويل التجارة سوف يؤدي إلى إحداث آثار سلبية في الإنتاج وبالتالي نقص الرفاهية الاقتصادية للدول الأعضاء.

ويتضح مما سبق، أن هناك آثاراً إيجابية وآثاراً سلبية تترتب على قيام الاتحادات الجمركية، فالآثار الإيجابية الناتجة عن قيام الاتحاد الجمركي متمثلة في زيادة حركة التبادل التجاري بين الدول الأعضاء في الاتحاد، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى زيادة الرفاهية الاقتصادية. أما عن الآثار السلبية فهي ناتجة عن قوة تحويل التجارة من مصادر منخفضة التكلفة عالية الكفاءة، وغالباً ما تكون خارج نطاق الاتحاد ذلك الأثر السلبي للقوة التحويلية الناتجة عن قيام الاتحادات الجمركية، وله بعدان رئيسيان؛ الأول:أثر الإنتاج السالب، والثاني: أثر الاستهلاك السالب.

- أثر الإنتاج السالب: (Negative Production Effect)

وهو الأثر الذي يشير إلى انتقال الإنتاج من مصدر إنتاج ذات تكلفة نسبية أقل خارج الاتحاد الجمركي، إلى مصدر إنتاجي تكلفته النسبية أعلى داخل الاتحاد الجمركي، مما يترتب عليه القيام بعملية إعادة تخصيص الموارد الاقتصادية في صالح المنتجين الأقل كفاءة داخل الاتحاد الجمركي.

-أثر الاستهلاك السالب: (Negative Consumption Effect)

يرتبط أثر الاستهلاك السالب بزيادة معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية للعملات الوطنية، وبالتالي تأثر الدخل الحقيقي للمستهلكين بارتفاع مستويات الأسعار.

وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الجمركي يعد مرحلة ضمن مجموعة من المراحل التي تمر بها التكتلات والاتحادات الاقتصادية للوصول إلى وحدة اقتصادية شاملة.

3- مراحل التكامل الاقتصادي:

تتخطى التكتلات والاتحادات الاقتصادية عدداً من المراحل حتى تصل في النهاية إلى مرحلة التكامل الاقتصادي، كما أن هناك بعض الاتحادات والتكتلات قد لا تهدف إلى تحقيق عملية التكامل الاقتصادي الكامل، وتكتفي بمرحلة أو مرحلتين فقط على سبيل المثال.

قدم الاقتصاديون العديد من النظريات التي توضح الآثار المترتبة على عملية التكامل الاقتصادي

وفيما يلي بيان بمراحل عملية التكامل الاقتصادي، التي تمثل مراحل تطور التكتلات والاتحادات الاقتصادية؛ وذلك على النحو التالي:

تتمايز مراحل عملية التكامل الاقتصادي إلى:

- منطقة التفضيل الجزئي (The Partial Prefrence).

- منطقة التجارة الحرة (The Free Trade Area).

- الاتحاد الجمركي (The customs Union).

- السوق المشتركة (The Common Market).

- التكامل الاقتصادي (The Economic Union).

- التكامل النقدي (The Monetary Integration).

- التكامل الاقتصادي التام (The Total Economic Integration).

وعلى الرغم من عدم وجود اتفاق بين الاقتصاديين حول ترتيب هذه المراحل، إلا أن التجربة العملية توضح أن هذا الترتيب تقوم به معظم التكتلات والاتحادات الناجحة، ولا سيما الاتحاد الأوروبي النموذج الأبرز.

* منطقة التفضيل الجزئي

تقوم هذه المرحلة على اتفاق مجموعة من الدول حول اتخاذ بعض التدابير التي من شأنها تخفيف حدة القيود الجمركية وغير الجمركية المفروضة على الواردات، على أن يتم استثناء خدمات رأس المال. وبالتالي تشمل هذه المرحلة مجرد تخفيض للعقبات الجمركية وغير الجمركية من دون أن يتم إلغاؤها كلية. فضلاً عن أن هذه المرحلة تنصب المعاملة التفضيلية بها على الشق السلعي من دون أن يمتد إلى الشق النقدي للتجارة بين هذه الدول. لذا يعد نظام التجارة التفضيلي أقل صور التكامل الاقتصادي.

* منطقة التجارة الحرة

تعتبر منطقة التجارة الحرة المرحلة الثانية من مراحل التكامل الاقتصادي، حيث يتم اتخاذ مجموعة من التدابير التي بموجبها تلغى كافة القيود الجمركية وغير الجمركية المفروضة على حركة التجارة البينية. كما يستثنى من هذا التحرير خدمات رأس المال، ووضع ترتيبات خاصة لبعض السلع ذات الطبيعة الخاصة والتي تتأثر كثيراً بتحرير التجارة في الأجل القصير.

أما بالنسبة لسياسات التجارة الخارجية فيحق لكل دولة صياغة السياسات الخاصة بها تبعاً لمصالحها ورؤيتها الاقتصادية، ولا يشترط التنسيق بين الدول الأعضاء في هذا الصدد في هذه المرحلة.

وقد تنتج بعض الآثار السلبية عن هذه المرحلة نظراً لما قد تسببه من انحرافات في هياكل الإنتاج والتجارة للدول الأعضاء من جراء عمليات إعادة التصدير نتيجة لتفاوت معدلات التعرفة الجمركية وهياكلها بين دول الاتحاد، حيث لا يتم في هذه المرحلة تحديد تعرفة جمركية واحدة في مواجهة العالم الخارجي، وهو ما يمكن توضيحه من خلال المثال التالي:

بفرض وجود ثلاث دول (أ، ب، جـ) وتنتهج الدولة (أ) سياسة تحرير التجارة الخارجية بمعنى أنها لا تقوم بفرض أي رسوم جمركية على وارداتها من العالم الخارجي في حين تفرض الدولة (ب) رسوماً جمركية على وارداتها تفوق 50 في المائة في هذه الحالة توجد ثغرات بالنسبة للدولة (ب) عبر الدولة (أ) والتي لا تفرض أي رسوم جمركية على وارداتها من العالم الخارجي، فإذا وجدت الدولة (جـ) وهي غير عضو في المنطقة الحرة أن تمرير بضاعتها المصدرة للدولة (ب) عبر الدولة (أ) يحقق وفراً أكبر من النفقات فسوف تعمل على إعادة التصدير من خلال الدولة (أ)، الأمر الذي سوف يؤدي إلى حدوث اختلالات في هياكل التجارة بالنسبة للدولة (أ)، (ب).

ولتفادي مثل هذه الاختلالات فقد تم وضع عدد من القواعد المنظمة للتبادل التجاري بين الدول الأعضاء منها:

– القواعد الخاصة بتحديد منشأ السلعة فيما إذا كانت من إنتاج إحدى الدول الأعضاء في المنطقة أم يتم استيرادها من الخارج.

– فرض الضرائب التعويضية التي تفرض على الواردات المعاد تصديرها كوسيلة لإزالة التباينات في التعريفات الجمركية.

* الاتحاد الجمركي

يأتي الاتحاد الجمركي كمرحلة تالية بعد منطقة التجارة الحرة. وأهم ما يميزها هو إلغاء كافة القيود الجمركية وغير الجمركية المفروضة على التجارة البينية لدول الاتحاد، بالإضافة إلى تحديد تعرفة جمركية موحدة بين الدول الأعضاء في مواجهة العالم الخارجي. ومن ثم فإن الدخول في هذا الاتحاد يفرض على الدول الأعضاء مجموعة من الالتزامات يتمثل أهمها في:

* إعادة توفيق أوضاعها بحيث لا يحدث تعارض بين التزاماتها مع الدول الأعضاء والعالم الخارجي.

*الامتناع عن عقد اتفاقيات جمركية أو تجارية بين دولة عضو والعالم الخارجي.

كما يترتب على قيام الاتحاد الجمركي بعض الآثار يتمثل أهمها في:

*وحدة القانون الجمركي والتعرفة الجمركية.

*وحدة الحدود الجمركية والإقليم الجمركي بالنسبة لبقية دول العالم غير الأعضاء.

*توزيع حصيلة الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الدول الأعضاء من العالم الخارجي حسب معادلة يتم الاتفاق عليها بين الدول الأعضاء.

هناك آثار إيجابية وآثار سلبية تترتب على قيام الاتحادات الجمركية بين الدول 

* السوق المشتركة

تمثل مرحلة السوق المشتركة المرحلة الرابعة من مراحل التكامل الاقتصادي. وتهدف هذه المرحلة إلى تحرير التجارة بين الدول الأعضاء والاتفاق على تحديد تعرفة جمركية موحدة في مواجهة العالم الخارجي من جانب،بالإضافة إلى حرية انتقال عناصر الإنتاج (العمل ورأس المال والتكنولوجيا) بين دول الاتحاد من جانب آخر، مما يؤدي بدوره إلى إعادة توزيع عناصر الإنتاج بين تلك الدول الأعضاء بما يكفل إمكانية زيادة إنتاجياتها، حيث تكون هذه الدول سوقاً واحدة تنتقل فيها العمالة ورؤوس الأموال من دون أي قيود.

* الوحدة الاقتصادية

تعتبر هذه المرحلة أعلى درجات التكامل الاقتصادي، إذ تقوم هذه المرحلة على تحقيق الحد الأدنى من تنسيق السياسات الاقتصادية بين الدول الأعضاء، حيث يمكن التعبير عن هذه المرحلة من خلال المعادلة التالية:

(الوحدة الاقتصادية= السوق المشتركة + عملية تنسيق أو تجانس السياسات الاقتصادية بين الدول الأعضاء).

وتعد هذه المرحلة هي المرحلة التمهيدية التي تعقبها مرحلة الوحدة النقدية، حيث يتم تداول وحدة نقدية واحدة بين الدول الأعضاء وإلغاء العملات المحلية لهذه الدول، وبالتالي تكون هذه الدول قد استطاعت أن تصل إلى مرحلة التكامل الاقتصادي نتيجة لتكامل هياكلها الاقتصادية وظهور هياكل ومؤسسات تعمل على إدارة النواحي الاقتصادية لمجموعة الدول المتكاملة.

لم تنجح الدول النامية في الوصول إلى مرحلة التكامل الاقتصاديعلى الرغم من أشكال التعاون الاقتصادي بينها

وبعد توضيح مراحل عملية التكامل الاقتصادي والتعرف إلى ماهية كل مرحلة، يمكن أن نعد بعض المكاسب الكلية التي ستعود على الدول الأعضاء من جراء عملية التكامل،والتي يتمثل أهمها في:

* زيادة فاعلية العملية الإنتاجية للدول الأعضاء من خلال تخصص كل دولة في إنتاج السلع التي تتمتع فيها بميزة نسبية، بالإضافة إلى ارتفاع المنافسة بين الدول المتكاملة، مما يؤدي في النهاية إلى إنتاج سلع ذات كفاءة عالية وتكلفة أقل.

* اتساع حجم السوق سوف يؤدي بدوره إلى قيام المنتجين بزيادة معدلات الإنتاج، الأمر الذي تنتج معه زيادة في حجم الاستثمارات نتيجة لتوجيه مزيد من الأموال للاستفادة من اتساع حجم السوق. هذا إلى جانب إتاحة المزيد من فرص العمل وتخفيف حدة مشكلة البطالة.

* تساعد عملية التكامل الاقتصادي على تقوية مركز دول الاتحاد المتكاملة عند التفاوض مع العالم الخارجي، الأمر الذي يمكن هذه الدول من التأثير في العملية التفاوضية مستفيدة من كبر حجم أسواقها وقدرة منتجاتها على المنافسة، مما يساعدها بالتبعية على الحصول على نصيب أكبر من التجارة العالمية.

ومما سبق يمكن القول إن عملية التكامل الاقتصادي هي عملية تهدف من خلالها الدول الأعضاء في التكتلات الاقتصادية إلى الاستفادة من مواردها حتى تتمكن من تلبية مطالب شعوبها وتحقيق الاستقرار في كافة المجالات. وتبدأ أولى مراحل عملية التكامل من خلال إنشاء منطقة تجارة حرة يتم فيها تبادل السلع بين البلدان الأعضاء من دون الحاجة إلى تعريفات جمركية أو غير جمركية،ثم تأتي مرحلة الاتحاد الجمركي التي يتم من خلالها وضع تعرفة جمركية واحدة من قبل الدول الأعضاء في تعاملاتها الخارجية،ثم مرحلة السوق المشتركة التي تتم فيها حرية انتقال عناصر الإنتاج من رأس المال والعمل والتكنولوجيا،وانتهاءً بمرحلة الوحدة الاقتصادية التي يتم فيها تحقيق الحد الأدنى من تنسيق السياسات الاقتصادية بين الدول الأعضاء،حيث تنصهر هياكلها الاقتصادية داخل هياكل ومؤسسات تعمل على إدارة النواحي الاقتصادية لمجموعة الدول المتكاملة.

ويعتبر الاتحاد الأوروبي النموذج الذي استطاع أن يتخطى هذه المراحل حتى تمكن في النهاية من الوصول إلى مرحلة الوحدة النقدية وظهور عملة واحدة لـ 12دولة أوروبية.

وفيما يتعلق بالدول النامية لم تنجح إلامجموعة منها في الوصول إلى هذه المرحلة على الرغم من أشكال التعاون الاقتصادي المتعددة بينها إلى جانب توافر الإمكانيات المختلفة التي تؤهلها لتحقيق هذا الهدف، مما ينعكس بالسلب على أدائها ومكانتها في النظام الاقتصادي العالمي في القرن الواحد والعشرين، خاصة مع ظهور نمط اتفاقيات المشاركة كتحدٍ آخر في المستقبل، والتي تفرض حالة من التبعية للقوى الكبرى، تكرس معها مسألة التفاوت بين الجنوب والشمال من حيث التقدم، بل تزيد من حدة التحديات والمخاطر التي قد تكتنفها في المستقبل.

مقالات لنفس الكاتب