array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

التداعيات المحتملة للمواجهة العسكرية بشأن الملف النووي الإيراني

الإثنين، 01 أيلول/سبتمبر 2008

اعتبرت إيران خلال النصف القرن الماضي بكافة أنظمتها السياسية إحدى بؤر التوتر في منطقة الخليج العربي ووعاء لتصدير كافة أنواع المشكلات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية بسبب الطموحات إلى الهيمنة والرغبة في دور إقليمي في المنطقة وبروز النزعة الفارسية التاريخية بإمكانية إعادة كتابة التاريخ للدور الإيراني في منطقة الشرق الأوسط من منطلقات التاريخ والجغرافيا.

إن النظام الإيراني رغم العزلة السياسية والاقتصادية لا يزال يواصل سياسة العناد والرفض ومحاولة فرض الأمر الواقع رغم احتمالات تعرضه إلى سيناريوهات مختلفة للرد على هذا التعنت مع أن الاستجابة لمتطلبات المجتمع الدولي بحد ذاتها ستوفر للقيادة والدولة الإيرانية مكتسبات عديدة على كافة الصعد وستنعكس إيجاباً على الأوضاع المعيشية والسياسية فيها، حيث إن أي قراءة تحليلية للموقف الإيراني تعزز بلا جدال الانطباع السائد عن العقلية الإيرانية التي لا تزال تعتقد أن العناد وعدم الاستجابة لمتطلبات المجتمع يمثلان موقف قوة لها، ويعززان من دورها الإقليمي، ويجبران العالم على قبول المطالب الإيرانية.

لقد واجهت إيران بعد سقوط النظام العراقي السابق واقعاً جديداً أدى إلى تحولات رئيسية في استراتيجيتها السياسية غير المعلنة، رغم أن سقوط النظام البعثي كان هدية من السماء للنظام الإيراني لكونه أحد أهم مصادر التهديد للأمن القومي الإيراني.

ويمثل البرنامج النووي الإيراني أحد أبرز التحديات للمنطقة عامة ودول مجلس التعاون الخليجي خاصة بما يعكسه من تهديدات مختلفة وتحديات للمجتمع الدولي، وقد ازدادت تلك التهديدات بموقف إيران السلبي وعدم تعاون قيادتها السياسية مع متطلبات العالم على الرغم من الحوافز الكثيرة والمتعددة التي قدمت إليها، فلقد مثّل الأسلوب السري الإيراني في امتلاك تكنولوجيا نووية إحدى الطرق غير القانونية التي اتبعها نظام الملالي في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي حين اعتمد برنامجاً للأبحاث العسكرية في الميدان النووي وتخصيص مليارات الدولارات لصناعة سلاح نووي عسكري بحجة الأبحاث المدنية لتوليد الطاقة الكهربائية مخاوف من اتساع التهديد لذلك السلاح خاصة بعد إعلان إيران زيادة إعداد الوحدات الخاصة بأجهزة الطرد المركزي ورفض وقف تخصيب اليوارنيوم.

ويدرك الجميع أن دول مجلس التعاون الخليجي دول مسالمة ولا ترغب بتاتاً في حدوث مواجهات عسكرية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية أو بدخول العامل الإسرائيلي كطرف فعال في المعادلة الحالية، وفي المقابل فإن سيناريو المواجهة العسكرية إن وقع فستكون له تداعيات كارثية على كافة الصعد، ولكن إذا بدأت الحرب فإننا نرى أن التداعيات ستكون كالتالي:

أولاً -على الصعيد العسكري:

1-ستكون منطقة الخليج العربي بأكملها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب مسرح عمليات جوي وبحري، وسيتم إغلاق الممرات الجوية في المنطقة ووقف الملاحة الجوية بالكامل وإغلاق المطارات باستثناء منطقة شرق البحر الأحمر.

2-في حالة استطاعة القوات الإيرانية، ولو بقدرة محدودة، إطلاق صواريخ بالستية أو صواريخ سطح بحرية باتجاه المنشآت الحيوية الخليجية خاصة الساحلية منها فإن نسبة الدمار ستكون متوسطة، رغم أن شبكة الإنذار المبكر بالأقمار الصناعية للولايات المتحدة الأمريكية ستشكل مظلة متكاملة لدول مجلس التعاون، بالإضافة إلى الحماية التي ستوفرها منظومة صواريخ (الباتريوت) المضادة للصواريخ مما يعني أن نسبة تحييد تلك الصواريخ ستكون عالية نسبياً.

3-ستقوم قوات التحالف بالتعامل أولاً مع الأسلحة التقليدية لتدمير القوة الردعية الإيرانية بالكامل والمكونة من صواريخ (شهاب) والقواعد الجوية والقوة البحرية الإيرانية وخاصة الزوارق السريعة.

4-سيتم إغلاق الملاحة البحرية أمام كافة السفن وناقلات النفط أثناء بدء العمليات العسكرية مع احتمال غرق بعض السفن نتيجة لبعض العمليات الانتحارية أو الألغام الإيرانية كما سيكون جهد سلاح المهندسين الأمريكي كبيراً في حالة الحاجة لإعادة فتح الملاحة البحرية و تنظيف الممرات المائية من السفن الغارقة وفتح مضيق هرمز.

5-سيكون حجم الدمار للقوات الإيرانية الموجودة في محيط العمليات العسكرية كبيراً، وهناك احتمال بزيادة الإصابات بين العسكريين والمدنيين في حالة استخدام قنابل نووية تكتيكية صغيرة لتدمير التحصينات الخرسانية.

6-قراءة ردود الفعل الإيرانية في حالة بدأ الخيار العسكري ستنحصر بالتالي:

أ- محاولة توريط دول مجلس التعاون بحجة تعاونها مع القوات الأمريكية أو الادعاء بأن الطائرات والسفن الأمريكية انطلقت من هذه الدول عبر مهاجمة سفن مدنية وناقلات النفط في الممرات الدولية.

ب- بدء عمل الخلايا الإرهابية النائمة في دول الخليج العربية لافتعال معارك طائفية أو هجمات إرهابية واختراق صمود الجبهات الداخلية للإيحاء بوجود دعم شعبي من هذه الدول لإيران.

ج- إيجاد نوع من أنواع الفوضى الداخلية ومحاولة التأثير في الجاليات الأجنبية في دول الخليج بقصد إنهاك الأجهزة الأمنية والدفاع المدني إلى درجة يصعب معا التحكم في الوضع الداخلي.

د- زيادة وتيرة الإعلام الإيراني الموجهة ضمن الحرب النفسية لدول مجلس التعاون ومحاولة استغلال العمل الديني في تحريض مواطني هذه الدول.

هـ- وضع ضغوط على القوات الأمريكية الموجودة في العراق بواسطة نقل قوات برية باتجاه الجنوب العراقي وخاصة مدينة البصرة وعلى الحدود الشرقية من بغداد، بالإضافة إلى تحريك الميليشيات الموالية في إيران لإيجاد حالة من الفزع للقوات المتعددة الجنسيات في العراق.

و- ستحاول إيران مهاجمة إسرائيل بصواريخ (شهاب) مزودة برؤوس كيماوية مع أن تدمير منصات وتخزين هذه الصواريخ من قبل الحلفاء سيجعلان من هذا الاحتمال ضعيفاً.

ثانياً - على الصعيد السياسي:

1- في حالة انتهاء العمليات العسكرية بنجاح ستكون المحصلة الأولى هي سقوط النظام الإيراني الحالي وبروز حاجة لنظام بديل وهناك احتمالات عدة أحدها إعادة النظام الملكي السابق ولكن على طريقة النظام الملكي البريطاني والإسباني.

2- هناك سيناريو محتمل بتقسيم إيران إلى 7 دول حسب الإثنيات الحالية الموجودة فيها بطريقة مشابهة لما حدث في الاتحاد السوفييتي.

3- سيتم إعادة خريطة منطقة الشرق الأوسط في حالة سقوط النظام الإيراني والوصول إلى حل في الوقت نفسه للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

4- سيكون هناك تغير في ميزان القوى بعد سقوط النظام الإيراني لصالح تركيا والهند وإسرائيل.

5- في حالة إعادة تأهيل إيران بدولة موحدة ستعود لتصبح قوة إقليمية بشرط التزامها بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

6- بعد إنهاء أزمة الملف النووي عسكرياً بنجاح سنرى استقراراً سياسياً وأمنياً كبيراً في العراق.

ثالثاً- على الصعيد الاقتصادي:

1- ستتوقف الملاحة البحرية في منطقة الخليج العربي وبحر العرب أثناء العمليات العسكرية.

2- سيتوقف شحن الإمدادات النفطية بصفة مؤقتة وقد يؤدي ذلك إلى هلع في الأسواق النفطية العالمية.

3- ارتباك متوقع للعمليات الاقتصادية اليومية وسيؤدي إلى عمليات تخزين وتدافع على المؤن والاحتياجات اليومية.

4- توقف مؤقت لمحطات تكرير النفط احترازياً لأسباب أمنية وعسكرية.

5- سينعكس الاستقرار السياسي بعد سقوط النظام الإيراني على الاقتصاد في المنطقة وسيؤدي إلى فورة اقتصادية كبيرة لكافة الدول الخليجية والعراق.

6- ستحتاج إيران بعد سقوط النظام الحالي إلى برنامج مساعدات كبير لإزالة آثار العمليات العسكرية وتعديل النظم الاقتصادية الحالية التي أدت إلى آثار كارثية على الاقتصاد الإيراني.

رابعاً- على الصعيد البيئي:

1-سيسبب الخوف من الإشعاعات هستريا صحية.

2- رغم أن العمليات العسكرية ستكون ناجحة في تدمير القدرات العسكرية الإيرانية إلا أن الخوف سيكون قائماً من احتمالات التلوث البحري والجوي والبري.

في الختام يجد المراقبون للأوضاع الحالية في المنطقة أن دول مجلس التعاون الخليجي حريصة على تجنب الاندفاع نحو عمليات عسكرية ذات نتائج كارثية على المنطقة وهي لا تزال تدفع باتجاه حلول سلمية تجنب منطقة الخليج العربي بالذات من ويلات حروب جديدة مدمرة من أجل تعزيز الاستقرار وإبعاد شبح الحرب وإبقاء باب الحوار مفتوحاً للوصول إلى حلول تناسب الجميع، وفي حالة تعنت إيران فإن المنطقة مقبلة على واقع جديد سيغير خريطة منطقة الشرق الأوسط إلى الأبد.

 

مقالات لنفس الكاتب