array(1) { [0]=> object(stdClass)#13015 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

قمة الكويت الاقتصادية: دعم لا محدود لغزة ومصالحات عربية تتبعها خلافات

الأحد، 01 شباط/فبراير 2009

شهدت القمة العربية الاقتصادية التي عقدت في الكويت في (19 - 20 يناير الماضي)العديد من المفاجآت، إذ شهدت عقب جلستها الافتتاحية مصالحة عربية - عربية، جاءت بعد كلمة مؤثرة ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، أعلن فيها باسم المجتمعين طي صفحة الخلافات العربية والتبرع بمبلغ مليار دولار لصندوق إعادة إعمار قطاع غزة، داعياً الفلسطينيين إلى إنهاء فرقتهم التي اعتبرها أخطر على قضيتهم من عدوان إسرائيل التي حذرها من أن مبادرة السلام العربية لن تبقى مطروحة إلى الأبد على الطاولة إذا لم تستجب لها.

قال خادم الحرمين الشريفين في كلمته (إننا نأمل ومعنا شعوب الأمة العربية في نتائج واضحة لهذه القمة الاقتصادية، تبشر بمستقبل من الأمن والرخاء للمواطن العربي والمسلم في كل مكان، إن شاء الله. لكن الاقتصاد مهما كانت أهميته لا يمكن أن يساوي الحياة نفسها ولا الكرامة التي لا تطيب الحياة من دونها. وقد شهدنا في الأيام الماضية مناظر بشعة ودامية ومؤلمة ومجازر جماعية تنفذ تحت سمع العالم وبصره على يد عصابة إجرامية لا مكان في قلوبها للرحمة، ولا تنطوي ضلوعها على ذرة من الإنسانية).

وأضاف (لقد نسي القتلة ومن يناصرهم أن التوراة قالت إن العين بالعين، ولم تقل التوراة إن العين بمدينة كاملة من العيون. إن على إسرائيل أن تدرك أن الخيار بين الحرب والسلام لن يكون مفتوحاً في كل وقت، وأن مبادرة السلام العربية المطروحة على الطاولة اليوم لن تبقى على الطاول إلى الأبد).

وتابع (إننا نحيي شهداء غزة، ونحيي أبطالها وصمودها، ونحيي كل من بذل جهده وفكره لوقف النزيف، خاصة أشقاءنا في مصر بقيادة أخينا الرئيس حسني مبارك. وتقتضي الأمانة هنا أن أقول لأشقائنا الفلسطينيين إن فرقتهم أخطر على قضيتهم من عدوان إسرائيل، وأذكرهم بأن الله، عز وجل، ربط النصر بالوحدة، وربط الهزيمة بالخلاف، مستذكراً معهم قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).

وزاد (يجب أن أكون صريحاً وصادقاً مع نفسي ومعكم فأقول إن خلافاتنا السياسية أدت إلى فرقتنا وانقسامنا، وشتات أمرنا، وكانت هذه الخلافات ولا تزال عوناً للعدو الإسرائيلي الغادر، ولكل من يريد شق الصف العربي لتحقيق أهدافه الإقليمية على حساب وحدتنا وعزتنا وآمالنا. إننا قادة الأمة العربية مسؤولون جميعاً عن الوهن الذي أصاب وحدة موقفنا، وعن الضعف الذي هدد تضامننا، أقول هذا ولا أستثني أحداً منا. لقد مضى الذي مضى، واليوم أناشدكم بالله، جل جلاله، ثم باسم الشهداء من أطفالنا ونسائنا وشيوخنا في غزة، باسم الدم المسفوح ظلماً وعدواناً على أرضنا في فلسطين المحتلة الغالية، باسم الكرامة والإباء، باسم شعوبنا التي تمكن منها اليأس أناشدكم ونفسي أن نكون أكبر من جراحنا، وأن نسمو على خلافاتنا، وأن نهزم ظنون أعدائنا بنا، ونقف موقفاً مشرفاً يذكرنا به التاريخ، وتفخر به أمتنا).

وأضاف (ومن هنا اسمحوا لي أن أعلن باسمنا جميعاً أننا تجاوزنا مرحلة الخلاف، وفتحنا باب الأخوة العربية والوحدة لكل العرب دون استثناء أو تحفز، وأننا سنواجه المستقبل، بإذن الله، نابذين خلافاتنا، صفاً واحداً كالبنيان المرصوص مستشهدين بقوله تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

وخلص العاهل السعودي إلى القول (قبل أن أختم كلمتي هذه أعلن نيابة عن أشقائكم شعب المملكة العربية السعودية عن تقديم ألف مليون دولار مساهمة في البرنامج المقترح من هذه القمة لإعادة إعمار غزة مدركاً في الوقت نفسه أن قطرة واحدة من الدم الفلسطيني أغلى من كنوز الأرض وما احتوت).

وبدورها أعلنت الكويت على لسان أميرها في افتتاح القمة، تبرعها بمبلغ 500 مليون دولار إطلاقاً لمبادرة تنموية عربية، وأعلن الشيخ صباح الأحمد الصباح أيضاً تلبية الكويت للنداء الذي وجهته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بتبرعها الفوري لتغطية كامل احتياجات الوكالة والمقدرة بـ 34 مليون دولار.

وقال أمير الكويت في كلمته (إن تحقيق هذه الغايات ونجاح كل المساعي النبيلة يستلزم في المقام الأول توحيد الصف واتفاق الكلمة وإزالة الفرقة بين الإخوة في فلسطين. وإنني من هذا المنبر -وباسمكم جميعاً- أدعو كافة القيادات الفلسطينية إلى الوحدة والتكاتف والتعاون. فما من خطر أعظم على إخوتنا في فلسطين -وعلينا جميعاً كذلك- من الفرقة والتناحر بين الأشقاء).

وأضاف (إننا على أمل بأن تسهم هذه القمة المتخصصة في إيجاد نهج جديد للتعاون العربي، وتطوير أطر وآليات عمل مبتكرة في العمل التنموي المشترك تعود بالنفع المباشر على الإنسان العربي، وتوفّر له فرص العمل المنتج والحياة الكريمة).

كما شدد الشيخ صباح على دعم المبادرة المصرية للتعامل مع تداعيات العدوان على غزة، ودعا إلى التمسك بالمبادرة العربية للسلام.

ومن جانبه وجه الرئيس المصري حسني مبارك نقداً حاداً في كلمته إلى (من حاولوا لعب الأدوار على حساب الشعب الفلسطيني) ولوماً شديداً (إلى من تاجر بمعاناة الشعب الفلسطيني واستهان بأرواح الشهداء ودماء الأبناء، وأمعن في شق الصف العربي وإضعافه).

وجاءت كلمة الرئيس المصري صارمة حرص خلالها على استخدام عبارات محددة من دون تعميم، إذ أسهب في عرض الأدوار التي أدتها مصر من أجل القضية الفلسطينية وخاصة في الشهور الأخيرة، حيث تحدث عن جهود المصالحة بين الفصائل وطريقة التعاطي مع العدوان الإسرائيلي حتى تم التوصل إلى وقف إطلاق النار، وتضمنت كلمة مبارك عبارات عكست إحساسه بالمرارة نتيجة للحملة السياسية والإعلامية على بلاده، واستنكر اختراق أطراف عربية النظام العربي وإقحام قوى إقليمية في القضايا العربية، في إشارة إلى إيران.

وألقى الرئيس السوري بشار الأسد كلمة كرر فيها مواقف سوريا في شأن دعم نهج المقاومة وضرورة مراجعة عملية السلام، وطالب القمة بإطلاق اسم (الكيان الإرهابي) عند التعامل مع إسرائيل باعتبار أنها ارتكبت لسنوات جرائم إرهابية.

ثم تطرق إلى الشأن الاقتصادي داعياً إلى ضرورة توافر الإرادة السياسية للتعاون الاقتصادي الذي سيدفع بعجلة التكامل الاقتصادي إلى الأمام.

وقال الأسد إن (التكامل الاقتصادي فيما بيننا من شأنه أن يخفف الخسائر، ويؤمن الحماية في ظل أية أزمة عالمية أو إقليمية قد تظهر مستقبلاً، ويزيد من قدراتنا في ظل منافسة عالمية شديدة في مختلف الظروف).

ومن جانبه دعا ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة الأشقاء الفلسطينيين إلى السعي للمصالحة، وأكد أنه لن يكون هناك سلام ولن تقوم دولة فلسطينية إلا بوحدة الصف الفلسطيني، وأكد من ناحية أخرى أن (القرارات العربية بحاجة إلى أن تُتّخذ بمشاركة واسعة بصورة ديمقراطية، وأن تكون متكاملة تشمل مختلف الجوانب).

أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فقد دعا الفصائل الفلسطينية إلى الالتقاء بشكل فوري في مصر (كي نتفق) على حكومة وفاق وطني، تأخذ على عاتقها مواجهة الكارثة الإنسانية، ورفع الحصار، وفتح المعابر، والبدء بإعادة الإعمار والبناء، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة بتوافق وطني.

من جهته قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن العالم ليس بحاجة إلى خطط جديدة، بل هو بحاجة إلى الإرادة السياسية التي تمكّن من إعادة بناء غزة التي لا يمكن أن تتم من دون الوحدة الفلسطينية والدعم العربي والدولي.

وأكد التزام الأمم المتحدة بتحقيق التنمية في العالم العربي كجزء من العالم، مشيراً إلى أن المنطقة العربية حقّقت الكثير من الإنجازات، وتواجه تحديات عدم الاستقرار في المنطقة، سواء على المستوى السياسي أم الاجتماعي.

من جهته دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى إصلاح ذات البين في العلاقات العربية - العربية، مضيفاً (إننا وصلنا إلى مرحلة تهدد بغرق السفينة العربية، وقد تعددت ثقوبها).

ولفت موسى إلى أن (مواجهة تحديات التخلف والفقر والبطالة لا تقل أهمية وحيوية عن مواجهة تحديات الاحتلال ورفض التدخل الخارجي السلبي في مصائر الأوطان. وكلها تؤثر في حاضر ومستقبل العالم العربي وأمنه).

وقد أسهمت المصالحة التي شهدتها القمة في نشر أجواء إيجابية في الجلسة المغلقة التي نوقشت فيها قرارات اقتصادية وأخرى سياسية، وعملت لجنة على صوغ قرار خاص بالعدوان الإسرائيلي على غزة يعيد النظر في التعامل العربي مع إسرائيل، بما في ذلك تفعيل قرارات المقاطعة وتكثيف جهود الإغاثة الإنسانية للشعب الفلسطيني ودعم الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية بشكل فوري وعاجل.

إلا أنه وفي اليوم الثاني من القمة برزت خلافات عربية جديدة ظهر من خلالها بوضوح أن الخلافات والتناقضات العربية لا تزال تحتاج إلى الوقت والجهد لتذليلها، غير أن القمة بشقها الاقتصادي خلصت إلى سلسلة قرارات لتعزيز التكامل الاقتصادي العربي، خاصة عبر السعي إلى تحقيق الاتحاد الجمركي وإطلاق صندوق بملياري دولار لدعم المشاريع العربية الصغيرة والمتوسطة.

ورغم المصالحات التي جرت في اليوم الأول للقمة، واللقاء السباعي إلى مائدة الغداء بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، إلا أن وزراء الخارجية العرب ظلوا لفترة طويلة عاجزين عن التوصل إلى صياغة نهائية لقرار يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة، وتأخر عقد الجلسة الختامية نتيجة لإصرار كل طرف على مواقفه، إلى أن تم الاتفاق على صياغات توافقية من دون الإشارة إلى النقاط المختلف عليها.

وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أن المصالحة العربية لم تكتمل. وقال في مؤتمر صحافي في ختام القمة إن(الوضع العربي لا يزال مضطرباً ومتوتراً)، وأن (هذا الاضطراب القائم أدى إلى الاكتفاء بالبيان) الخاص بغزة، والذي خلا من الإشارة إلى أي آلية مشتركة لإعادة إعمار القطاع، أو دعم المبادرة المصرية للمصالحة بين الفلسطينيين، وكلف وزراء الخارجية العرب متابعة جهود تحقيقها، في حين وصف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط البيان بأنه (يمثل الحد الأدنى للتوافق العربي في المرحلة الحالية).

وقالت مصادر مشاركة في القمة إن مصير المبادرة العربية للسلام حظي بنصيب وافر من النقاش والخلاف، حيث طرح (محور الممانعة) موقفاً يقوم على ضرورة إعلان تعليق المبادرة، في حين أصر (محور الاعتدال) على الاكتفاء بما ورد في كلمة العاهل السعودي الملك عبدالله من أن المبادرة لن تظل مطروحة على الطاولة إلى الأبد. وطالب الممانعون بأن ترد في البيان الختامي إشارة إلى مقررات قمة الدوحة وقبلوا بأن تكون الإشارة في ديباجة القرار، لكن المعتدلين أصروا على الرفض).

وأضاف المصدر أن (خلافاً آخر ثار حول التعبيرات المستخدمة في الإشارة إلى المقاومة وتأييد الفصائل الفلسطينية. وحين أتى الحديث إلى المبادرة المصرية عرض محور الممانعة الإشارة إلى مقررات قمة الدوحة في مقابل النص على تأييد المبادرة المصرية ودعمها). وأوضح المصدر طبيعة الخلافات بأنها (لم تكن فقط تتعلق بالصياغات وإنما بالمواقف أيضاً، وأن المصالحة التي جرت في الكويت مصالحة أولية تحتاج إلى مزيد من الجهد والوقت للدخول إلى عمق الخلافات وحلها عبر لقاءات ثنائية بين الزعماء والوزراء للتوصل إلى قواسم مشتركة).

ورغم الخلافات، كان هناك حرص على استبعاد الإشارة إلى أي قضية مختلف عليها، وخرج الجميع باتفاق حول إعلان الكويت والبرنامج التنموي وقرار توافقي حول العدوان الإسرائيلي على غزة يحوي عبارات غير مختلف عليها بين الأطراف العربية.

مقالات لنفس الكاتب