array(1) { [0]=> object(stdClass)#13031 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الديمقراطية ونظاما الحكم الرئاسي والبرلماني

الإثنين، 01 تشرين1/أكتوير 2007

تأليف:خوسيه أنطونيو تشيبوب

مطبـعة جـامعـة كمبردج - 2007

إعداد: كليدا مولاغ

يستعرض هذا الكتاب مسألة دخلت مؤخراً في صلب كثير من النقاشات السياسية، وتتلخص في الإجابة عن السؤال الآتي: ما نوع نظام الحكم الديمقراطي الذي ينبغي تبنيه، الرئاسي أم البرلماني؟ باختصار شديد، يُعنى الكتاب بإبراز أثر المؤسسات البرلمانية أو الرئاسية في استمرارية الحكم الديمقراطي. ويذهب المؤلف إلى القول إن السمات الجوهرية التي تميز الحكم الرئاسي ليست هي السبب الذي يجعل الديمقراطيات الرئاسية أكثر قابلية للانهيار من الديمقراطيات البرلمانية. ويرجع خوسيه أنطونيو تشيبوب سبب هشاشة الديمقراطيات الرئاسية إلى حقيقة أنه تم تبنيها في الأغلب من قبل دول ـ كما في أمريكا اللاتينية ـ حيث توجد إمكانية حقيقية لانهيار أي نمط من أنماط الديمقراطية.

ويعتقد تشيبوب أن عدم استقرار الديمقراطيات الرئاسية يكمن في حقيقة أن مؤسسات الحكم الرئاسي تميل إلى النشوء أيضاً في بلدان يرتفع فيها احتمال خضوعها لسيطرة الدكتاتوريات العسكرية. ويرى أن هناك رابطاً مباشراً بين الدكتاتوريات العسكرية وأنظمة الحكم الرئاسي وأن قوة هذا الرابط هي وحدها المسؤولة عن التفاوت في حظوظ استمرارية الديمقراطية في بلد بعينه. ولاحظ المؤلف أن الديمقراطيات التي حلت محل دكتاتوريات عسكرية هي أقل استقراراً من تلك التي أعقبت دكتاتوريات مدنية، وأن الدكتاتوريات العسكرية تُستبدَل في الأغلب بديمقراطيات رئاسية. ويرى المؤلف أن هذا الرابط القائم بين الدكتاتوريات العسكرية والديمقراطيات الرئاسية هو الذي يفسر ارتفاع مستوى عدم الاستقرار الذي يعانيه هذا النوع من الديمقراطيات.

عموماً، يتم انتقاد الحكم الرئاسي لعدة اعتبارات، فقد تمت الإشارة إلى أن أعمار الديمقراطيات الرئاسية تظل أقصر من أعمار الديمقراطيات البرلمانية، وأن الأنظمة الرئاسية بطبيعتها غير قابلة للضبط وتنطوي على إشكالية هيكلية، فضلاً عن إمكان توليدها لأزمات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بسبب أسلوبها الخاص في الفصل بين هاتين السلطتين، الذي يقوّض الحكم الديمقراطي في آخر المطاف.

وعلى الرغم من هذه الانتقادات الموجهة للحكم الرئاسي، فإن تشيبوب يطرح أفكاراً معاكسة، حيث يجادل بأنه لا يوجد أي خلل في المؤسسات الرئاسية بحد ذاتها، وأنها ليست المسبب في عدم استقرار الديمقراطيات الرئاسية.

في المقابل، ادعى خوان لينـز أن هناك علاقة سببية بين الحكم الرئاسي وعدم استقرار الديمقراطية. ويرى لينـز أيضاً أن أسلوب الحكم الرئاسي في فصل السلطات يدل على وجود علاقة (استقلال متبادل) بين السلطتين التنفيذية والتشريعية يقود في النهاية إلى انهيار الأنظمة الديمقراطية. وينتقد لينـز أنظمة الحكم الرئاسي على الأسس التالية: قلة أو انعدام الحوافز التي تشجع على تكوين تكتلات ائتلافية ووجود أحزاب غير منضبطة ونشوء حكومات أقليات ونشوب أزمات حكم وعدم فاعلية السلطة التشريعية وانهيار الديمقراطية.

ووفق رؤية لينـز، فإن هناك ثلاثة أسباب تجعل نظام الحكم الرئاسي يفتقر إلى الحوافز المشجعة على تكوين التكتلات الائتلافية: 1- عدم اعتماد بقاء الرئيس في منصبه على أي دعم من قبل المؤسسة التشريعية. 2- إن طبيعة الانتخابات الرئاسية تدفع الرؤساء إلى تجنب السعي للتعاون. فكل رئيس يميل إلى ادعاء أنه الرجل الوحيد المناسب لتحقيق المصلحة الوطنية ويحاول الاستئثار بالصلاحيات الواسعة والتفويض الشعبـي لكي ينفرد بحكم البلاد. 3- تتساوى الخسائر والمكاسب المرتبطة بسياسات الحكم الرئاسي، لأن المرشح الذي يفوز بالانتخابات الرئاسية يتمتع منفرداً بكل الصلاحيات التنفيذية المنوطة بموقع الرئاسة.

مستوى الانضباط الحزبي والدعم الثابت للحكومة من المجلس التشريعي لا يعتمدان على شكل الحكومة

ويعرب معارضو الحكم الرئاسي عن قلقهم من تدني مستوى الانضباط الحزبي في ظل مثل هذا النوع من الحكم، ويؤكدون أنه حتى في حال توفر إمكان قيام تكتلات ائتلافية في ظل نظام الحكم الرئاسي، فإن هذه التكتلات تكون هشة وتتألف من أحزاب غير منضبطة وعاجزة عن ضمان توفير الدعم التشريعي المطلوب للحكومة. ويتهم منتقدو الحكم الرئاسي طبيعته التي تتسم، من وجهة نظرهم، بغياب الحوافز التي تشجع على تأليف أي حكومة أغلبية. ولذلك، فإن أنظمة الحكم الرئاسي قد تنتج حكومات أقليات أو حكومات ذات أغلبيات اسمية. ومن هنا، يرى منتقدو الحكم الرئاسي أنه يثير صراعات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من جهة، وبين مؤسسات الرئاسة والحكومات غير المؤثرة في السلطة التشريعية من جهة أخرى. وأخيراً، فإنه نظراً إلى افتقار الحكم الرئاسي إلى الحوافز الكفيلة بتشجيع التعاون، يتسم هذا النوع من الحكم بتكرار نشوء حكومات أقليات، إضافة إلى نشوب أزمات بين الحكومات والمجالس التشريعية، وهو الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى انهيار الحكم الديمقراطي.

وللرد على هذه الحجج، حدد تشيبوب أولاً كافة الديمقراطيات المهددة بالانهيار ووجوه الاختلاف التي تميزها عن الدكتاتوريات. فالأنظمة التي لا تستطيع جمعياتها العامة إقالة الحكومات هي أنظمة رئاسية. وخلافاً لذلك، فإن الأنظمة تكون برلمانية أو مختلطة. ويرى تشيبوب أن الإجابات عن الأسئلة التالية هي التي تحدد صورة الحكم الديمقراطي: 1- هل هناك رئيس منتخب على نحو مستقل؟ 2- هل الحكومة مسؤولة أمام الجمعية الوطنية؟ 3- هل الحكومة مسؤولة أمام الرئيس؟ وعلى أساس هذه الأسئلة، يصنف المؤلف الأطر الدستورية لكل الأنظمة الديمقراطية التي نشأت بين عامي 1946 و2002، وعددها الإجمالي 135.

تجزئة السلطة التشريعية لا تهدد استمرار الحكم الديمقراطي

ويقول تشيبوب إن المؤسسات الرئاسية والبرلمانية تفضي إلى نشوء جملة من العلاقات المختلفة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وأن المسألة الحاسمة في هذا المضمار تكمن في ما إذا كان هذا التفاوت كافياً لتوفير الدوافع التي تشجع على عدم تأسيس تكتلات ائتلافية. ويلاحظ تشيبوب أن الرئيس هو دائماً من يؤلف الحكومة في الديمقراطيات الرئاسية، وهو ما يجعل عدد الائتلافات الحكومية المحتملة فيها أصغر كثيراً منها في الديمقراطيات البرلمانية، حيث يكون أي حزب مرشحاً محتملاً لتأليف الحكومة. وفي الأنظمة الرئاسية، يشير الفشل في تأليف تكتل ائتلاف حاكم إلى أن حزب الرئيس وحده هو الذي سيحتفظ بالحقائب الوزارية. كما أن صلاحيات الرئيس التشريعية ومدى سيطرته على العملية التشريعية تبعاً لذلك تتفاوتان في أنظمة الحكم الرئاسي، وهو ما لا يحدث لصلاحيات الحكومة في أنظمة الحكم البرلماني. وإذا كان الرئيس لا يستطيع السيطرة على العملية التشريعية، فإنه يقدم حقائب وزارية لأحزاب أخرى في مقابل التعاون السياسي؛ وإذا كانت سياسات الأحزاب الأخرى متقاربة، فإن الرئيس يوزع كل الحقائب الوزارية على حزبه، ويسمح لحزب آخر برسم السياسات الحكومية، وهكذا تنشأ حكومة أقلية أعضاؤها من حزب واحد هو حزب الرئيس.

ويرى المؤلف أن تركيبة نظام الحكم الرئاسي ليست شرطاً كافياً لغياب الحوافز التي تؤدي إلى ظهور حكومات ائتلافية. ومع أنه يسلم بأن وتيرة تكرار تأليف مثل هذه الحكومات في نظام الحكم البرلماني هي أعلى منها في نظام الحكم الرئاسي، إلا أنه يؤكد أن الحوافز التي تدفع الأحزاب الرئيسية إلى تأليف الحكومات الائتلافية في الديمقراطيات البرلمانية لا تختلف عنها في نظيراتها الرئاسية. ومن خلال تعريف السياسيين كفاعلين مهتمين بالمناصب والسياسات، يستطيع القارئ فهم السبب الذي قد يجعل الرؤساء يسعون لمشاركة الآخرين في السلطة لكي يتمكنوا من حكم البلاد، حتى إن كانوا في الحقيقة غير مضطرين إلى فعل ذلك من أجل الاحتفاظ بمناصبهم.

واستناداً إلى دراساته التجريبية، يقترح المؤلف أن وتيرة تكرار ظهور حكومات ائتلافية في الديمقراطيات البرلمانية هي أعلى منها في الديمقراطيات الرئاسية، ولكن هذا النوع من الحكومات أمر مألوف أيضاً في الديمقراطيات الرئاسية. ويؤكد المؤلف أن الفكرة القائلة إن الائتلافات الحكومية نادرة في الديمقراطيات الرئاسية لا تنسجم مع البيانات ذات الصلة التي تشمل الديمقراطيات كافة التي قامت خلال السنوات الستين الماضية.

أما بالنسبة لفاعلية السلطة التشريعية، فإن حكومات الأقليات في أنظمة الحكم الرئاسي ـ طبقاً للبيانات الإحصائية الواردة في كتاب تشيبوب ـ ليست أقل فاعلية من حكومات الأغلبيات الائتلافية. وفي الحقيقة، يشدد تشيبوب على أن طبيعة نظام الحكم الديمقراطي لا تؤثر في المعدل السنوي لما يتم إقراره من مشاريع القوانين التي تتقدم بها السلطة التنفيذية. كما أن طبيعة الحكومة الديمقراطية لا تؤثر في حظوظ استمرارية أي حكم ديمقراطي. ويخلُص المؤلف إلى أن سلسلة الأحداث المتعاقبة التي يدّعي البعض أنها مرتبطة بأسلوب فصل السلطات المعتمد في نظام الحكم الرئاسي ـ أي ظهور حكومات أقليات لا تحظى بدعم سلطات تشريعية ثم أزمات بين سلطات تنفيذية وتشريعية ثم انهيار أنظمة حكم ديمقراطي ـ لم تتجسد على أرض الواقع في أي نظام حكم رئاسي منذ عام 1946.

ليس هذا وحسب، بل إن تحليل البيانات ذات الصلة يظهر أيضاً أن تجزئة السلطة التشريعية لا تهدد استمرار الحكم الديمقراطي. ويرفض تشيبوب تصديق الادعاء القائل إن المؤسسات الرئاسية عاجزة عن التعامل مع حالات التعددية الحزبية داخل المجالس التشريعية؛ بل إنه يرى أن العكس هو الصحيح، لأن هذه الحالات تحديداً هي التي تجعل الحافز على تأليف حكومات ائتلافية أقوى، وهي التي تدفع كثيراً من الحكومات للبحث عن سبل توفير الدعم الكافي لبرامجها.

ويؤمن تشيبوب بأن أنظمة الحكم الرئاسي التي يسيطر فيها الرئيس على العملية التشريعية ليست عديمة الفاعلية من الناحية التشريعية، وليست أكثر عرضة للانهيار، من تلك التي لا يسيطر فيها الرئيس على العملية التشريعية. ويرى أيضاً أن المحصلة النهائية للقدرة على الحكم وصيانة الديمقراطية لا تتأثر بهذه السمات المؤسساتية لأنظمة الحكم الرئاسي.

وفي ما يخص الانضباط الحزبي، يشير تشيبوب إلى أن أنظمة الحكم الرئاسي تفتقر إلى آليات حجب الثقة الفاعلة التي تمثل عاملاً حاسماً في ترسيخ مثل هذا الانضباط. لكن غياب مثل هذه الآليات في الديمقراطيات الرئاسية وإمكان تدني مستوى الانضباط الحزبي فيها لا يعنيان بالضرورة أن الحكومات الرئاسية ستواجه صعوبات كبيرة في الحصول على دعم سلطاتها التشريعية. وفي الحقيقة، لا يعتمد مستوى الانضباط الحزبي والدعم الثابت للحكومة من قبل المجلس التشريعي على شكل الحكومة. فعلى الرغم من أن النماذج الرسمية للانضباط الحزبي تُظهِر أن مستويات هذا الانضباط في الأنظمة البرلمانية هي أعلى منها في الديمقراطيات الرئاسية، فإنه لا يمكن استبعاد إمكان نجاح الأخيرة في تحقيق مستويات كافية من الانضباط الحزبي بوسائل أخرى. وفي الحقيقة، من الممكن تحقيق مستويات كافية من الانضباط الحزبي عبر الآليات المتوافرة لدى أنظمة الحكم الرئاسي، مثل سلطة الرئيس التشريعية وتنظيم الجسم التشريعي.

لكن إحدى أفضليات الحكم الديمقراطي البرلماني على نظيره الرئاسي تتمثل في حقيقة أن الأول أقل قابلية من الثاني للتحول إلى دكتاتورية. فالديمقراطيات التي تعقب الدكتاتوريات العسكرية هي الأكثر قابلية للتحول إلى دكتاتوريات. وفي الأغلب، تُستبدَل الدكتاتوريات العسكرية بديمقراطيات رئاسية. غير أن تشيبوب يدّعي أن الرابط القائم بين الدكتاتورية العسكرية والديمقراطية الرئاسية هو نتيجة (حادث) تاريخي، فهو يرجع سبب وجود هذا الرابط إلى حقيقة أن البلدان التي خضعت لنفوذ المؤسسات العسكرية في منتصف القرن العشرين كانت أيضاً من بين البلدان التي تبنت نظام حكم المؤسسات الرئاسية. ويرى المؤلف أن سبب عدم استقرار الديمقراطيات الرئاسية يكمن في حقيقة أنها نشأت في بلدان استمر فيها الحكم العسكري لفترات طويلة. ولهذا، فإن السمات الجوهرية التي تميز نظام الحكم الرئاسي لا توضح أسباب انهيار الديمقراطيات الرئاسية.

مقالات لنفس الكاتب