array(1) { [0]=> object(stdClass)#12963 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

مسار متقدم للعلاقات البحرينية-الأمريكية

الخميس، 01 أيار 2008

في الخامس والعشرين من شهر مارس الماضي، التقى الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، بالرئيس الأمريكي جورج بوش، وذلك في اجتماع رسمي عقد في البيت الأبيض بالعاصمة الأمريكية واشنطن. وتناولت المباحثات العلاقات الثنائية وقضايا الأمن الإقليمي بما في ذلك الملف العراقي. وكان الرئيس بوش قد زار العاصمة البحرينية المنامة في يناير 2008، ضمن جولته في الشرق الأوسط، وأشاد يومها بمساهمة البحرين في الجهود والمساعي المرتبطة بحل الأزمات في المنطقة.

تم على هامش زيارة ملك البحرين إلى الولايات المتحدة توقيع اتفاق تعاون بين البلدين في المجال النووي، وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان رسمي أن الاتفاق يعد تعبيراً واضحاً عن رغبة الولايات المتحدة في التعاون مع دول الشرق الأوسط في مجال تطوير برامج نووية مدنية تحقق أعلى معايير السلامة والأمن. وقالت مملكة البحرين، من جهتها، إنها لن تسعى إلى اكتساب تقنيات دورة الوقود النووي، وسوف تشتري هذا الوقود من السوق الدولي. وصادقت البحرين، في الوقت نفسه، على المبادرة الدولية لمكافحة الإرهاب النووي، وهي مبادرة أمريكية ـ روسية تهدف إلى منع وصول الأسلحة النووية إلى أيدي جماعات متطرفة.

 وترتبط البحرين بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، يعود تاريخها لأكثر من قرن من الزمن، وتمتد إلى مختلف الميادين الاقتصادية والسياسية والأمنية. وقد صُنفت البحرين منذ أعوام عدة كحليف للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهي أول دولة عربية تحصل على هذه الصفة. وعلى الرغم من كونها بلداً صغيراً، فإن مكانة البحرين في المدرك الأمريكي تتجسد بصفة أساسية في موقعها الاستراتيجي المتميز، ومساهمتها في العديد من الأنشطة المرتبطة بمقاربات الأمن الإقليمي، هذا فضلاً عن كون البحرين تمثل عملياً المركز الإقليمي الأول للخدمات المالية والمصرفية في عموم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

البحرين تمثل عملياً المركز الإقليمي الأول للخدمات المالية والمصرفية في عموم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

التعاون التجاري والاقتصادي

وحسب مؤشرات عام 2007، تعتبر الولايات المتحدة ثالث أكبر شريك تجاري للبحرين، وذلك بعد كل من المملكة العربية السعودية وأستراليا. وتحديداً تعد الولايات المتحدة ثاني أكبر مستورد من البحرين بواقع (13 في المائة) وخامس أكبر مصدّر لها ( بواقع 6.8 في المائة)، في حين تحتل البحرين المركزين الـ (86 و83) في مجال الواردات والصادرات الأمريكية على التوالي.

وشهد حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعاً إلى 1.217 مليار دولار في عام 2007 بزيادة قدرها 10 في المائة عن عام 2006.

وارتفعت واردات البحرين من المنتجات الأمريكية إلى 591.4 مليون دولار في عام 2007 بزيادة قدرها 70 في المائة و24 في المائة عن قيمتها عامي (1999-2006) على التوالي، وتمثلت هذه الواردات في السيارات والأجهزة الميكانيكية والإلكترونية والطائرات وقطع الغيار والمنتجات الكيماوية والأسلحة والذخائر والأدوات الطبية والأدوية وسلع أخرى عديدة. وحققت البحرين فائضاً في ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة للعام الرابع على التوالي، بلغ 34.9 مليون دولار في عام 2007 و158 مليوناً في عام 2006 مقارنة بعجز قيمته 122 مليوناً في عام 1999. وتشمل السلع البحرينية المصدّرة إلى الولايات المتحدة الملبوسات وكماليات الملابس والألمنيوم والأسمدة والمواد الكيميائية العضوية والوقود المعدني (غير العضوي) والزيوت والبلاستيك والآلات الكهربائية.  

 وقد وقّعت البحرين اتفاقيةتجارة حرة مع الولايات المتحدة، في خطوة وصفها بيان صحفي أصدره مكتب الممثل التجاري الأمريكي بأنها ستقلص الحواجزالتجارية، وتضاعف الفرص الاقتصادية. وهي أول اتفاقية تجارة حرة تعقدها واشنطن مع شريك من الخليج. وحسب بيان الممثل الأمريكي فقد نصت الاتفاقية علىإلغاء الرسوم الجمركية على كافة المنتجات الصناعية والاستهلاكية، وعلى 81 في المائة منالصادرات الزراعية الأمريكية إلى البحرين، وعلى فتح البحرين سوق خدماتها إلى حدأوسع.

وكانت المفاوضات حول هذه الاتفاقية قد بدأت في يناير 2004، وشملت 13 مجموعة عمل هي: الخدمات، الخدمات المالية، الاتصالات البعيدة والتجارة الإلكترونية، الإجراءات الصحية وصحة النباتات، البيئة، المشتريات الحكومية، العوائق القانونيةوالفنية في وجه التجارة، الجمارك، الوصول إلى الأسواق (في ما يتعلق بالمنتجاتالصناعية والزراعية)، حقوق الملكية الفكرية، المنسوجات والعمل. ومثل ائتلافالأعمال الخاص بالاتفاقية طائفة عريضة من الصناعات،في عدادها الإنشاءات والطاقة والخدمات والسيارات والمستحضرات الطبيةوتكنولوجيا المعلومات والشركات الدفاعية.

ومنذ تطبيق الاتفاقية، دخل أكثر من 49 مستثمراً أمريكياً في شراكات تجارية واستثمارية في البحرين وتم تسجيل شركة برأسمال أمريكي وعشرة فروع لشركات ومؤسسات أمريكية كبرى، من بينها شركة (كرافت) للمواد الغذائية، جنرال إلكتريك، إلى جانب تأسيس 14 شركة مشتركة في استثمارات متنوعة. وكذلك أعلنت شركة مايكروسوفت عن توسيع أنشطتها الاستثمارية في البحرين، وأبدى وفد اقتصادي أمريكي نيته في تأسيس عشر شركات جديدة. وشمل التعاون البحريني-الأمريكي في القطاع النفطي توقيع اتفاقية الاستكشاف والمشاركة في الإنتاج للقواطع البحرية (رقم 3 و4) مع شركة أوكسدنتال النفطية الأمريكية، وذلك في الثامن عشر من فبراير الماضي. ومن جهتها، أعلنت مؤسسة (بي إف سي إينرجي) للاستشارات في مارس 2007 عن اتخاذ البحرين مركزاً لعملياتها في المنطقة. ووقعت شركة طيران الخليج (شركة الطيران الوطنية للبحرين) في السادس من مارس الماضي صفقة بقيمة أربعة مليارات دولار لشراء 16 طائرة (بوينغ 787 بي دريم لاينر)، تزيد قيمتها الإجمالية على 6 مليارات دولار، وذلك مع ضمان شراء ثماني طائرات أخرى.

التعاون في مجال محاربة الإرهاب

من جهة أخرى، تشهد العلاقات البحرينية-الأمريكية تنسيقاًً في القضايا المرتبطة بمحاربة الإرهاب، وخاصة على صعيد الأنشطة المالية غير المشروعة. وكان ملك البحرين قد وقّع في أغسطس من عام 2006 تعديلات قانون مكافحة تبييض الأموال (القانون رقم 4 لعام 2001) الذي يعالج، على وجه التحديد، تمويل الإرهاب. وجرّمت هذه التعديلات عمليات تحويل الأموال غير المُعلن عنها عبر الحدود الدولية لأغراض تبييض الأموال أو لدعم الإرهاب. وكذلك، شرّع هذا القانون الأساس الخاص بنظام الكشف المفروض على ناقلي الأموال النقدية.

مكانة البحرين في المدرك الأمريكي تتجسد بصفة أساسية في موقعها الاستراتيجي المتميز

 وواصلت البحرين من جهة أخرى استضافة الأمانة العامة لفريق مهمة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA FATF). واستجابة لطلب حكومة البحرين أدار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي برنامج تقييم القطاع المالي (FSAP)، وأوصى هذا البرنامج، من بين أمور أخرى، بتحسين جهود مكافحة تبييض الأموال. وفي تقريرها الخاص بالإرهاب للعام 2006، الذي صدر في الثلاثين من إبريل 2007، أشادت وزارة الخارجية الأمريكية بجهود البحرين في محاربة نزعات العنف والتطرف بشتى صوره.

التعاون في مجال الأمن البحري

تتعاون مملكة البحرين مع الولايات المتحدة في عدد من القضايا الإقليمية الرئيسية، وفي مقدمتها الملف العراقي ومسائل الأمن البحري، حيث تعدّ البحرين أكثر دول المنطقة احتضاناً للدورات التدريبية والأنشطة المختلفة المرتبطة بتعزيز هذا الجانب من الأمن الإقليمي، وساهمت البحرين في عدد من المناورات العسكرية التي جرت في مياه الخليج، وكان أبرزها في السنوات الأخيرة المناورة الكبيرة التي أطلق عليها اسم (الحدّ المتقدم) (Leading Edge) ، والتي جرت يومي (30 و31) أكتوبر من عام 2006، في إطار ما يعرف بمبادرة منع الانتشار(PSI) ، التي تمثل مسعى مشتركاً تقوم به مجموعة من الدول المتطوعة للعمل معاً في سبيل منع تهريب أسلحة الدمار الشامل وتجارتها غير القانونية، وكذلك الحيلولة دون تهريب أنظمة إيصال تلك الأسلحة والمواد المتعلقة بها.

وكانت مناورة (الحدّ المتقدم) الأولى من نوعها التي تجري منذ أن تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار ذا الرقم (1718) في 14 أكتوبر 2006 على خلفية إجراء كوريا الشمالية تجربة نووية، والذي نصّ على فرض عقوبات إلزامية على بيونغ يانغ، وطالب بوضع حد للتجارب النووية والصواريخ البالستية بعيدة المدى، بهدف معالجة (التهديد السافر للسلم والأمن الدوليين)، وشارك في مناورة (الحدّ المتقدم) 25 دولة، وقدمت كل من البحرين و أستراليا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأصول والمعدات اللازمة لمرحلة المناورة الحية، بما في ذلك السفن والطائرات والفرق الخاصة من أجل تحسين القدرات المشتركة لاعتراض الشحنات ذات العلاقة بانتشار أسلحة الدمار الشامل.

البحرين والملف العراقي

على صعيد الملف العراقي، يمكن ملاحظة إشادة أمريكية مبكرة بدور البحرين في الجهود الإقليمية الرامية لتعزيز المصالحة الوطنية في العراق، والدفع باتجاه تكريس التعايش الأهلي بين طوائفه وأعراقه المختلفة. وخلال القمة الأخيرة بين قيادتي البلدين، والتي عقدت بواشنطن، شكر الرئيس بوش ملك البحرين على قراره إعادة السفير البحريني إلى العراق. ومن جهته، رحب ريان كروكر، سفير الولايات المتحدة في العراق وممثل الرئيس بوش الخاص فيه، بالخطوة البحرينية هذه. وفي الشهادة التي أدلى بها أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي في الثامن من إبريل الماضي، والتي تضمنت تقييمه للوضع في العراق على كل الصعد، دعا الدبلوماسي الأمريكي الدول العربية لأن تحذو حذو البحرين على هذا الصعيد.

وما يمكن قوله خلاصة عن زيارة ملك البحرين إلى الولايات المتحدة هو أن هذه الزيارة مثلت خطوة مهمة أخرى على طريق تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، واستثمار الروابط المشتركة في تعزيز فرص الأمن الإقليمي، وفي المقدمة منه أمن الخليج.   

 

مقالات لنفس الكاتب