array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 92

دول الخليج من التعاون إلى الاتحاد: الفرص والتحديات

الثلاثاء، 01 أيار 2012

لا شك في أن دعوة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بشأن الانتقال بمجلس التعاون من صيغته الحالية (التعاونية) إلى (الاتحاد) تُعدُّ سابقة في جرأتها وأهميتها وذلك لاعتبارات عدة أهمها: الصراع الإقليمي في المنطقة، والتدخلات المتكررة من قبل دول الجوار في شؤون بعض دول التعاون، وكذلك بداية (تفقّس) الخلايا النائمة، بعد أحداث الربيع العربي، وارتفاع الأصوات من قبل بعض (الجماعات) للتدخل في شؤون بلدان مجلس التعاون. وقد يكون السبب الأخير من أخطر (مؤرقات) دول المجلس، ذلك أن العبث في أمن المنطقة - من الداخل- يكون أكثر خطورة من العبث الخارجي.

إن دعوة خادم الحرمين الشريفين جاءت في مكانها وزمانها المُهمَين. ولكن، هل أكمل مجلس التعاون مستلزمات التعاون بعد 32 عاماً كي يتحول إلى (الاتحاد)؟

هذا سؤال محوري في هذا الشأن! فنحن نعلم أن الوحدة الاقتصادية قد تعثّرت بين دول مجلس التعاون، وتبع ذلك تآخر العمل بالعملة الموحدة والسوق الخليجية. كما أن المواطنة الخليجية لم تتحقق على أرض الواقع، بل إن المواطنة الاقتصادية أيضاً ما زالت هنالك قيود محلية عليها (داخل كل بلد) تحدُّ من تحقيقها، فكيف لنا أن نتحدث عن اتحاد إذا لم نستكمل مقومات وأساسيات التعاون؟

ونحن نعلم أن مجلس التعاون قام عام 1981 على أثر فراغ القوة بعد إعلان بريطانيا الرحيل من المنطقة، والخوف من الاقتراب السوفييتي من مياه الخليج، أي أن المجلس أنشئ لحتميات أمنية وعسكرية في المقام الأول، ومن يقول غير هذا الكلام فإنه يبتعد عن الحقيقة.

كما أن الطرح الجديد (الاتحاد) أيضاً لا يخرج عن عباءة الأمن. أي أن الدول هي التي ستتخذ أمر هذا (الاتحاد) من دون الشعوب. وهذه قضية مهمة إذا ما قارنا الوضع بالاتحادات الأخرى التي يكون للشعوب دور فيها وتتحقق فيها المواطنة الاتحادية (مثل ألمانيا والاتحاد الأوروبي). وإذا لم تتحقق المواطنة الخليجية (التعاونية) فهل ستتحقق عبر (الاتحاد)؟ الجواب بالنفي طبعاً.

لقد صرّح الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي يوم 21/3/2012 بأن (التحول ذاته (من التعاون إلى الاتحاد) هو عقبة من العقبات التي يصعبُ حملها)، وأشار إلى أن (الطاقة التي وُضعت في إطار مجلس التعاون لا تزال هي الأساس، وأننا لم نتطور إلى أن نفكر في شيء آخر، ونحن أبناء هذا الجيل غير مؤهلين لأن نتحدث في تصانيف أخرى غير مجلس التعاون).

وتعكس هذه الرؤية وجهة نظر الجناح غير المتفائل بحتمية (الاتحاد)، ذلك أن هنالك وجهات نظر داخل منظومة مجلس التعاون غير متحمسة لـ (الاتحاد)! في حين أن هنالك بلداناً تريد (الاتحاد) اليوم قبل الغد، طبقاً للظروف الأمنية التي تعيشها. ومع الأيام قد تجد الدول الأعضاء في المجلس نفسها (مُرغمة) على الانضمام إلى الحلف العسكري الذي يقيها التدخل الخارجي، أو تجنب تحولات داخلية على غرار ما حدث في مملكة البحرين.

لكن رؤيتنا لهذه القضية ما زالت غير مكتملة أو محددة؛ كون بعض دول مجلس التعاون تردَّد أكثر من 25 عاماً عن توقيع الاتفاقية الأمنية لأنها تمسّ السيادة، فكيف يمكن له أن يكون في حلف عسكري؟ قد يكون الحلف من صالحه، لكن هذا الحلف له تبعات ومحددات قد تسمح للقوات المشتركة للحلف أن تدخل إلى البلد العضو متى تشاء بناءً على حدوث أعمال شغب أو اضطرابات أو حتى مظاهرات سلمية. وهذا يضع (الاتحاد) في مواجهة مع العالم، خصوصاً المؤسسات الحقوقية الأهلية والدولية. كما أن لكل بلد عضو في (الاتحاد) خصوصيته وقوانينه من حيث التشريعات الخاصة بالتجمع و التظاهر.

إن الوضع في الكويت يختلف عنه في المملكة العربية السعودية أو قطر. ألا يدعو هذا الأمر إلى تحديث القوانين و توحيدها أولاً ثم الدخول إلى (الاتحاد)، كما حدث في الاتحاد الأوروبي؟ كما أن كثافة العنصر البشري متفاوتة في دول (التعاون) من حيث حجم السكان ودور ذلك في انضمام الشباب إلى الجيش الاتحادي! وهذه أيضاً قضية، لأنه توجد دول لا يتجاوز عدد سكانها 10 في المائة من سكان الدول الأخرى، وبذلك يكون نصيبها محدوداً في الجيش الاتحادي.

كيف لنا أن نتحدث عن اتحاد إذا لم نستكمل مقومات وأساسيات التعاون؟

العبث في أمن منطقة الخليج من الداخل أكثر خطورة من العبث الخارجي

و نعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن (اتحاد) خليجي (كامل الدسم). أما الأطر التعاونية الأمنية والعسكرية فهي قائمة ولربما احتاجت إلى تطوير. وإذا ما استذكرنا اقتراح السلطان قابوس بن سعيد – قبل سنوات – في ما يتعلق بالجيش الخليجي الذي لم يتحقق، فإن أسباب تعثر ذلك الجيش ما زالت قائمة.

إن أول التحديات التي تقف في طريق (الاتحاد) الخليجي يتمثل في سيادة الدول، إذ ثبت من تجارب (التعاون) أن الدول حساسة جداً في قضية السيادة، وأن أي مساس أو اقتراب من هذه السيادة يهدد بانفراط عقد (التعاون) أو تأجيل التوقيع على المعاهدات أو الاتفاقيات التعاونية، تماماً كما حدث في موضوع التنقل بالبطاقة الشخصية، حيث بدأ الأمر ثنائياً بين بعض الدول، واحتاج الى الوقت حتى اقتنع الجميع بحتمية التنقل بالبطاقة، لكن بقيت إجراءات الدخول والجمارك معوقاً أمام انسياب (التعاون) كما يريده المواطنون. وتشكل توجهات الدول الخارجية (السياسات) تحدياً ثانياً في طريق (الاتحاد)، ذلك أن دول مجلس التعاون غير منسجمة 100 في المائة في توجهاتها السياسية، خصوصاً في العلاقات مع إيران والموقف من الثورات العربية والموقف أيضاً من قضية فلسطين. أما التحدي الثالث في طريق (الاتحاد) فهو اختلاف التشريعات المحلية وشكل العلاقة بين السلطة والمواطنين، فنحن نشهد حراكاً شعبياً في الكويت، ومجلس أمة كويتياً ومجلس شورى (منتخباً) بحرينياً – مع وجود الغرفة الثانية المعينة – وعُمان أيضاً فيها غرفتان، في حين نجد مجالس شورى معينة في الدول الأخرى. وهذا التباين يؤثر على شكل الحياة العامة في (الاتحاد) من حيث الحريات العامة، وأهمها حرية التعبير، إضافة إلى الواقع الاجتماعي الحداثي والثقافي الذي يُميز بلداً عن آخر طبقاً للتشريعات والقيم المحلية. ففي حين توجد جمعيات مدنية متعددة، و منابر للرأي والتجمع في كل من البحرين والكويت، نجد تشريعات في دول أخرى تحظر أي تجمع – ولو كان ثقافياً – إلا بتصريح (مُغلظ) من الجهة المختصة، بل تقوم بعض (الجماعات) بمهاجمة تجمع ثقافي سلمي وتخريبه من دون مبرر! وهذا موضوع خلافي تتحكم فيه أبعاد تشريعية واجتماعية يطول البحث فيها.

التحدي الرابع يتمثل في الحالة الأمنية والديموغرافية في دول مجلس التعاون من حيث الأقليات، والاختلاف في المذاهب (سنة وشيعة) في السعودية والبحرين والكويت، وحدوث أعمال عنف متكررة واختلافات في وجهات النظر حول حقوق المواطنة، وكذلك شكل الانتماء، ودور إيران في تغذية تيارات متشددة كما حصل مؤخراً في بعض دول المجلس.

و لن يكون التعاون الاقتصادي معوقاً أو تحدياً في طريق (الاتحاد)، لأن مجلس التعاون أقر مساعدات للدول الأقل دخلاً في القمة الماضية، كما أن أنصبة هذه الدول فيما لو تم تشكيل (الاتحاد) ستكون الأقل.

الموضوع الأهم هنا أن هذا (الاتحاد) لو قيض له أن يقوم، فإنه حتماً سيتطلب موازنات ضخمة لا يمكن تصورها لشراء الأسلحة والمعدات وأجهزة الإنذار والاستطلاع والتدريب وجلب الخبراء وعمل اللجان المتعددة. إن كل ذلك سيؤثر سلباً على برامج التنمية في دول (التعاون)؛ وبدوره سيؤثر سلباً أيضاً على حياة المواطنين.

ثم ماذا عن الاتفاقيات العسكرية المعقودة مع الولايات المتحدة؟ وما هو دور القوات الأمريكية في المنطقة؟ هل سيكون (الاتحاد) حليفاً لها بعد أن تتشكل قواته وتستكمل معداته؟ وإذا كانت دول (التعاون) قد (آمنت) العدوان الخارجي عبر تلك الاتفاقيات، فلماذا يقوم (اتحاد) شبه عسكري؟

وأخيراً، أين رأي الشعوب الخليجية في هذا (الاتحاد)؟ لقد تعوّد المواطن الخليجي خلال 32 عاماً من عمر (التعاون) على تلقي القرارات الفوقية من دون أن يكون له رأي فيها، رغم أنها تمسُّ حياته وخصوصياته، فكيف سيكون دور المواطن في (اتحاده)؟ وهل سيكون هنالك استفتاء من قبل المواطنين على (الاتحاد)؟ وإذا كانت بعض دول مجلس التعاون لم تقم باستفتاءات محلية لقضاياها المصيرية، فهل ستسمح باستفتاء على (الاتحاد)؟

كما أن هنالك دولاً ليست فيها مجالس تشريعية منتخبة، فكيف سيكون للمواطنين فيها أي رأي في (الاتحاد)؟ قد يكون من المفيد عمل استفتاء شعبي على (الاتحاد)، لكن يجب أن تعلم شعوب الخليج ما هو هذا (الاتحاد)؟ وما أهدافه؟ وهذه مسؤولية اللجنة التي تعكف حالياً على صياغة النظام الأساسي لـ (الاتحاد)0 ذلك أن الشعوب تفاجأت بقيام المجلس في عام 1981.

إن الاتحادات الناجحة – مهما كانت تسميتها – نجحت بدعم شعبي، وليس نتيجة قرارات فوقية، لذلك فإن دور الشعوب الخليجية يجب ألاّ يُهمّش في قضية مصيرية تتعلق بأجيال قادمة.

مجلة آراء حول الخليج