array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

حوار مع وزيرة خارجية جنوب إفريقيا

الأحد، 01 أيار 2005

قالت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا الدكتورة نكوسازانا دلاميني ـ زوما بزيارة إلى مركز الخليج للأبحاث في دبي في الحادي عشر من مايو 2005 وتحدثت في مؤتمر صحفي عن قضايا الخليج والشرق الأوسط والقضايا الإفريقية. وجاءت الدكتورة زوما ـ وهي وزيرة صحة سابقة، وتُعتبر المرأة الأولى التي تترأس وزارة الخارجية في جنوب إفريقيا الديمقراطية ـ إلى الإمارات العربية المتحدة كجزء من جولة تستغرق أسبوعاً لمنطقة الخليج، زارت خلالها أيضاً المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين واليمن. وباستثناء تعزيز العلاقات الثنائية، السياسية والاقتصادية والثقافية مع المنطقة، حيث يعيش أكثر من 32 ألفاً من مواطني جنوب إفريقيا، فقد ركزت الوزيرة على قضايا تتعلق بالتعددية ومكافحة الفقر وسبل إرساء الاستقرار، فضلاً عن حكم القانون.

وفي ما يلي نص المقابلة التي حضرها مندوبون عن وسائل الإعلام العربية والأجنبية:

* بالنظر إلى أن جنوب إفريقيا من أوائل الدول التي أنتجت أسلحة نووية ثم قامت بتفكيك برنامجها كلياً، ما هو موقفكم من قضية برنامج إيران النووي؟

- كان لجنوب إفريقيا، في أيام الفصل العنصري علاقة وثيقة جداً مع شاه إيران. وبعد مغادرة الشاه، قطعت حكومة الخميني العلاقات مع نظام الفصل العنصري إلى حد ما. أما الآن، فلا يوجد لدينا تعاون نووي مع إيران، بل إن جنوب إفريقيا لا تؤمن بضرورة امتلاك أي جهة للأسلحة النووية. إننا ننطلق من المبدأ القائل إنه حتى الأطراف الحائزة لتلك الأسلحة يجب أن تتخلى عنها، والأطراف غير الحائزة يجب ألاّ تمتلكها، بل يجب حتى ألاّ تطمح لحيازتها. لذا، فإن جنوب إفريقيا لا يمكن لها بأي حال أن تتعاون مع بلد آخر لإنتاج أسلحة نووية، لا مع إيران ولا مع أي طرف آخر.

إننا أعضاء في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ونعتقد أن هذه المعاهدة تستند إلى ثلاث دعائم ونحن نؤمن بها كلها ـ عدم الانتشار ونزع السلاح والوصول إلى التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية. حيث إن المشكلة تكمن في أن البلدان الغربية تتظاهر بأن تلك المعاهدة تستند إلى قائمة واحدة ـ عدم الانتشار فحسب، وهي لا تريد أن تنـزع سلاحها، لكنها الآن تريد أن تقول إنه ينبغي لنا ألاّ نصل إلى التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، لكننا نعارض ذلك. ليس هذا دفاعاً عن إيران، بل دفاعاً عن الجميع، بمن فيهم نحن. ونؤمن أيضاً بأننا بعد أن اتخذنا خطوة طوعية بالتخلي عن الأسلحة النووية، فإننا نحتفظ بحقنا في استخدام التكنولوجيا النووية في قطاعي الطاقة والصحة. ولن نقبل أي توجه يحاول أن ينتزع منا هذا الحق لمجرد أن هناك مشكلات بين البعض وإيران. فـلـمَ نُعاقب نحن بسبب وجود مشكلات مع إيران؟ وإذ ندافع عن حقوقنا، فإننا ندافع عن حق الآخرين المتقيدين بالتزامات معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

* هل هناك تعاون نووي بين إيران وجنوب إفريقيا؟

- لا نزود إيران بأي شيء نووي، ولكن إذا كانت إيران لا تنتج أسلحة نووية وتلتزم بمعاهدة عدم الانتشار، فإننا ندعم حقها في حيازة التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية. وفي الوقت نفسه، فإننا نطلب من إيران أن تبرئ ذمتها بهذا الشأن.

* في هذه المنطقة، نحن نصدق تأكيدات جنوب إفريقيا بأنكم لا تساعدون البرنامج النووي العسكري الإيراني. هل يمكننا الافتراض بأنكم تقدمون المساعدة في الجزء المدني من البرنامج؟

كلا، إننا لم نساعد إيران في برنامجها النووي. لم نفعل ذلك، على الأقل ليس في زمن جنوب إفريقيا الحرة. أنا لا أعرف شيئاً عما كان يفعله نظام الفصل العنصري. والسبب لا يعود إلى إيران، لكننا لا ندعم أي برنامج نووي لأي طرف. إن هذا يمثل أحد تلك المبادئ التي تتمسك بها، حيث يتوجب علينا من أجل الأجيال القادمة أن نعمل على وجود عالم خالٍ من الأسلحة النووية. إننا نؤمن بهذا المبدأ، ولن نساعد أحداً على الإطلاق على تطوير أسلحة نووية.

من جهة ثانية، لدينا علاقة مع إيران. فنحن نتعاون في مجالات عدة ـ هم يزودوننا بالنفط، مثل ما يفعله كثيرون آخرون في المنطقة، وهذه العلاقة موغلة في القدم، وبدأنا في تنويع مصادر تزويدنا بالنفط، لكن إيران كانت ولم تزل أحد موردينا الرئيسيين. في المناقشات الدائرة حول ما إذا كان لدى إيران برنامج نووي، إننا نتعاون مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإيران بغية التوصل إلى طريقة لحل هذه القضية. وكنا ولا نزال نشدد على أنه يتعين على إيران أن تثبت براءتها بشأن برنامجها، وأن يتم التأكد من أنه ليس لدى الإيرانيين أسلحة نووية وأن يجري الكشف عن ذلك للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي الواقع، فإني مندهشة إزاء الطريقة التي يتم بها طرح المسألة في هذه المنطقة، لأن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على السواء يقدران الدور الذي تقوم به جنوب إفريقيا في تسوية الصراع مع إيران.

إننا نؤمن أيضاًً بضرورة نزع الأسلحة النووية لدى من يملكون هذه الأسلحة. ولا نريد لمعاهدة حظر الانتشار أن تتعرض للتشويه، ونعارض بعض القرارات التي تصدر أو التي تم اقتراحها بغية محاولة وضع حظر شامل على الوصول إلى التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية يطبق على الجميع، لأننا لا نعتقد بأن هذا ينطوي على الإنصاف. ولكن بما أن هذه المناقشات دارت في سياق إيران، فإن الناس قد التبس عليهم الأمر، واعتبروا ذلك دفاعاً عن إيران، لكنه دفاع عن مبدأ الوصول إلى التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية.

* ما هو جدول أعمالكم خلال زيارتكم لليمن؟

- إن جدول أعمال الجولة برمتها بسيط ـ تحسين علاقتنا وتعاوننا مع جميع الأقطار. في العام الماضي، قمت بزيارة عُمان والكويت. وزرت قطر في عام 2003 وحتى في وقت سابق هذا العام.

* حثت جنوب إفريقيا جميع الأفارقة على (فعل كل ما يمكن) لدعم استقلال الصحراء الغربية بعد أن كانت تقليدياً تدعم جبهة البوليساريو وبعد الاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، متجاوزة بذلك اعتراضات المغرب. كيف يؤثر ذلك في علاقتكم مع المغرب؟

- لقد كان للمؤتمر الوطني الإفريقي، وهو الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا، وحركة تحرير شعبنا، علاقات قديمة مع البوليساريو، لا سيما خلال نضالنا من أجل التحرير. ونتيجة لذلك، فإننا ندرك أن نضالنا هو نضال مشترك إلى حد ما في ما يتعلق بتقرير المصير. ونشعر بأن للناس جميعاً الحق في تقرير مصيرهم، ولهذا السبب فإننا ندعم شعب بوليساريو ونعترف بالصحراء الغربية.

وكان سبب عدم اعترافنا بالصحراء الغربية في عام 1994 يعود إلى أننا حين أصدرنا هذا التصريح، جاءت أقطار عديدة تطلب منا تأجيل القرار وإعطاء عملية الأمم المتحدة فرصة. من بين هذه الأقطار أذكر المغرب وفرنسا والأمم المتحدة. وبما أن هدفنا النهائي هو دعم تقرير المصير، ورغم أنه كانت هناك عملية جارية تقوم بها الأمم المتحدة ترمي إلى إعطاء شعب الصحراء الغربية الفرصة لكي يقرر إلى أين ينتمي، فقد قررنا آنذاك تأجيل تنفيذ ذلك القرار لمدة عشر سنوات.

وبعد عشر سنوات، قدّم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً إلى مجلس الأمن يبيّن فيه أن المغرب انسحب من هذه العملية ومن الاستفتاء. ونحن لا نريد أن نقرر عن شعب الصحراء الغربية الجهة التي ينتمي إليها، ولكننا نؤمن بأن لهذا الشعب الحق في أن يقرر ذلك بنفسه. وهنا لم يكن ثمة من مناص سوى أن ننفذ قرارنا.

ونرى أيضاً أن هذا يجب ألاّ يؤثر في علاقتنا مع المغرب. فلدينا سفارة في المغرب لا تزال تعمل هناك. وعندما أصدرنا تصريحنا، استدعى المغرب سفيره بغية التشاور معه، ثم طلب منه العودة إلى مقر عمله. وبوصفنا بلداً خرج للتو من نضاله من أجل تقرير المصير وكما أننا ندعم الفلسطينيين، فإننا نؤيد أيضاً شعب الصحراء الغربية. فإذا أعطي الشعب هناك الفرصة ليقرر بنفسه، وإذا قرر أنه يريد أن يكون جزءاً من المغرب، فإننا سنؤيد ذلك وسندعهم ينتمون إلى المغرب، لكن ذلك يجب أن يكون باختيارهم.

* من خلال الاعتراف بـ (البوليساريو)، يبدو أنكم تخليتم عن موقفكم المحايد في الصراع الذي لا يزال موضع نقاش في الأمم المتحدة. ألا تظنون أن هذا سيضعف احتمال حصولكم على عضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ويضعف دعم جميع البلدان الناطقة باللغة الفرنسية، لا سيما فرنسا، الحليف التقليدي للمغرب؟

- إن مسألة الصحراء الغربية هي مسألة تقرير مصير، وهذا مبدأ نتمسك به بالنسبة للجميع. فإذا جاء أحد إلى هنا وقال إنه يريد أن يفعل شيئاً ما بشأن الإمارات العربية المتحدة من شأنه أن يقوض تقريرها لمصيرها فإننا سنقف في صف الإمارات. وإذا كانت محاولة الحصول على مقعد في مجلس الأمن تعني أن نتخلى عن المبدأ الذي نعتز به، فإن ذلك سيكون مشكلة، لأننا نعتقد بأن الأمم المتحدة هيئة يجب أن تدافع عن تقرير المصير بالنسبة لنا جميعاً. لذا، فإنني لا أرى تناقضاً في دعم تقرير المصير والرغبة في القيام بدور أكثر فاعلية في الأمم المتحدة.

من جهة أخرى، لدينا علاقات جيدة جداً مع فرنسا، ونحن على اتصال مستمر مع فرنسا، لأنها تهتم بحل الصراع. إن جنوب إفريقيا تعتز ببعض المبادئ ولا يمكن لصداقتنا مع أي بلد أن تتجاوز تلك المبادئ. ونأمل أن تفهم ذلك فرنسا والبلاد الأخرى الناطقة باللغة الفرنسية وأن تواصل مسيرة علاقتها الطيبة معنا.

* كيف تقيّمون العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وجنوب إفريقيا؟ وإلى أي مدى تظنون أن بوسع الإمارات العربية المتحدة دعم نيباد (شراكة جديدة من أجل تنمية إفريقيا)؟

- إن العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وجنوب إفريقيا علاقات جيدة جداً، سياسياً واقتصادياً، ومن حيث التعاون التجاري. إلا أنه ثمة مجال للتحسين، لا سيما في مجالات التجارة والسياحة والاستثمارات في كلا البلدين. ومن حيث الاستثمار، نعتقد أنه يوجد مجال لمشاريع مشتركة والنقل المتبادل للتكنولوجيا. ونرغب أن تدعم دولة الإمارات والبلدان الأخرى برامج (نيباد)، لا سيما تطوير البنية التحتية، لأن من شأن ذلك أن يوفر مجالاً جيداً للاستثمار في قطاعات الطاقة والنقل والمعلومات والبنية التحتية لتكنولوجيا الاتصالات. لذا، يوجد مجال للإمارات العربية المتحدة وبلدان أخرى من مجلس التعاون الخليجي للاستثمار، ليس في جنوب إفريقيا فحسب، بل في بلدان أخرى في سياق (نيباد).

* ما هي طبيعة انخراط جنوب إفريقيا بإعادة إعمار العراق؟

- كنا نعارض الحرب في العراق ونؤيد كثيراً الحل السلمي للصراع. لذا، فإننا لم ننخرط بإعادة إعمار العراق على الصعيد الحكومي، ولم نوافق حتى بعد الانتخابات على قدوم سفير من العراق إلى جنوب إفريقيا، ونعتقد أن بوسعنا الآن استئناف العلاقات الطبيعية مع العراق وحتى النظر فيما إذا كان يوجد مجال للانخراط بعملية إعادة الإعمار. ثمة مؤسسات في القطاع الخاص، لا سيما الشركات التي تعمل في الميدان الأمني، تعمل في العراق مع بعض الأفراد الغربيين والشركات الخاصة.

* بعد فترة قصيرة من الزمن تلت توقيع السلام في السودان، أصبح لأزمة دارفور أهمية كبيرة. ما هو الدور الذي قامت به جنوب إفريقيا في التعامل مع هذه الأزمة؟ وما هو تشخيصكم لكيفية تسوية الصراع؟ كيف توازنون دوركم بصفتكم القطر الزعيم في إفريقيا وقيامكم مع ذلك بتلبية مصالح البلدان العربية في إفريقيا؟

- عندما حققت جنوب إفريقيا تحررها في عام 1994، لم يكن ذلك يقتصر على جهد شعب جنوب إفريقيا فحسب، بل جهد القارة والعالم. فقد قدمت بلدان وحكومات عديدة ـ حيث كان يقيم عدد كبير من مواطنينا ـ تضحيات وقامت بدعمنا. وهذا علّمنا أن التضامن مهم جداً. وبعد عام 1994، قررنا العمل في سياق منظمة الوحدة الإفريقية في ذلك الحين والاتحاد الإفريقي فيما بعد، لأننا نؤمن بقوة بالتعددية، وأنه مهما فعلنا في مجال حل الصراعات والتنمية الاقتصادية، فلا بد أن يكون ذلك في سياق الاتحاد الإفريقي، لكن ليس من خلال بذل الجهود من طرف واحد.

وفي دارفور، للاتحاد الإفريقي مجلس سلم وأمن، ونحن جزء من الهيئة التي تضم 15 عضواً، وشاركنا في الجهود التي كانت ترمي إلى حل الخلاف. وكانت نيجيريا، التي تترأس الاتحاد الإفريقي حالياً، تزودنا بالمعلومات بشأن التطورات المتعلقة بالسلام وسبل تحقيقه، لكننا نساهم من خلال جهازنا العسكري وجهاز الشرطة في جهود حفظ السلام.

ونعتقد أنه ينبغي حل الأزمة بأسرع ما يمكن لأننا إن لم نفعل ذلك، فإن ذلك سيكون له أثر سلبي حتى بالنسبة لاتفاقية السلام الشامل التي تم التوصل إليها بين الشمال والجنوب، وسيؤدي ذلك أيضاً إلى نشوء مشكلات أخرى في شرق السودان، الذي لا ينعم بكثير من الاستقرار. لذا يجب حل المشكلة بالسرعة الممكنة كي يمضي السودان في طريق الإعمار بعد مرحلة الصراع في جميع المناطق ـ الجنوب ودارفور والشرق ـ كي يرى السودانيون أنهم ينتمون إليه وأن خيار طريق السلام يعود عليهم بالنفع جميعاً.

ويتعين على البلدان العربية ـ الإفريقية أيضاً أن تعمل في سياق الاتحاد الإفريقي. مع علمنا أنها تنتمي أيضاً إلى الجامعة العربية، لكننا نأمل دائماً أنها حين تكون في الجامعة العربية فإنها سوف تتلقى الرسالة ذاتها المنبثقة من الاتحاد الإفريقي.

* إن لكم علاقات جيدة جداً مع الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، وتأملون أن يتحرروا من خلال ممارسة حق تقرير المصير. ما هو الدور الذي تستطيع جنوب إفريقيا أن تقوم به في هذه المرحلة في حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي؟

- نؤمن بأن الفلسطينيين يناضلون من أجل تقرير المصير، ونعتقد بأن هذا حق لهم ندعمه. وفي الوقت نفسه، ندعم (خارطة الطريق) والحل الذي ينص على وجود دولتين، وهو الحل الذي يؤيده الفلسطينيون أنفسهم. أما في ما يتعلق بالدور الذي بوسعنا القيام به، فإن علاقتنا بفلسطين وبمنظمة التحرير الفلسطينية هي علاقة تاريخية، وهي علاقة موغلة في القدم، وحتى أثناء انخراطنا بالصراع من أجل تحررنا. والآن بعد أن تحررنا نحن، ورغم أن الفلسطينيين لم يتحرروا بدورهم، فإنه لا يسعنا التخلي عنهم حتى تصبح لهم دولة خاصة بهم وينالوا حقهم في تقرير المصير.

لقد كنا نقوم بعدد من الأشياء من وراء الكواليس لدعم عملية السلام، وذلك لأننا ندرك أنه في عملية حل الصراع، فإن اللجنة الرباعية ـ الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ـ هي التي تقوم بدور الزعامة. وكانت جنوب إفريقيا دائماً تحتفظ بمسألة تسوية الصراع على جدول الأعمال في كل اجتماع مع أعضاء اللجنة الرباعية.

في جنوب إفريقيا، أجرينا اجتماعات عدة مع الفلسطينيين والإسرائيليين، وبعضها كانت اجتماعات مشتركة، لمحاولة تبين كيف يكون بالإمكان تحقيق تقدم، لا سيما مع أولئك الذين يؤمنون بالسلام في إسرائيل. ولقد أطلعنا الفلسطينيين على تجاربنا. كما اجتمعنا مع بعض الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين وتداولنا في التجارب المتعلقة بالكيفية التي كان يتحرك فيها المنتمون إلى النظام السابق بغية تسوية الصراع في جنوب إفريقيا. وقد قمنا بتسكين مخاوفهم بالقول إن حل المشكلة سوف يعود على الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء بحياة أفضل مثلما حدث في جنوب إفريقيا، ليس بالنسبة للأغلبية الإفريقية فحسب، بل كذلك الأمر بالنسبة للبيض. وفي العام الماضي،
اجتمعنا بأعضاء من حزب الليكود، وكانت لنا جلسات عدة مع الجماعة اليهودية ـ الأمريكية لمحاولة إحراز تقدم نحو تحقيق السلام.
كنا نحاول أن نفعل شيئاً من وراء الكواليس بكل ما لدينا من إمكانات، وأن نتحدث مع الجميع، وسنواصل القيام بذلك. كما أننا نضطلع بدورنا في حركة عدم الانحياز. وترأستُ وفداً من هذه الحركة قام بزيارة الرئيس الراحل ياسر عرفات عندما كان محاصراً في رام الله ولم يكن بإمكانه السفر.

ما هي طبيعة العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وجنوب إفريقيا في مجال الدفاع من خلال إشراك الصناعة العسكرية؟

- إننا نحاول تسويق منتجات صناعتنا العسكرية في جنوب إفريقيا لدى بلدان مجلس التعاون الخليجي وبلدان أخرى. ولدينا تعاون جيد جداً مع الإمارات العربية المتحدة، ونأمل بأن تستمر هذه العلاقات على هذا النمط.

كيف تم انخراط جنوب إفريقيا بالحرب على الإرهاب؟

-إن جنوب إفريقيا تدعم الحرب على الإرهاب، ونعتقد أنها حرب يجب أن تقودها الأمم المتحدة، ومن جانبنا نتقيد بجميع الالتزامات والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، ونتعاون مع الجميع، ونشارك الآخرين في المعلومات التي بحوزتنا، وعندما نجد شيئاً ما في جنوب إفريقيا، فإننا نتصدى له أو إذا كنا بحاجة إلى إعلام أي جهة، فإننا نفعل ذلك. فنحن جزء لا يتجزأ من تركيبة الأسرة الدولية في الحرب على الإرهاب.

كيف تقرأ جنوب إفريقيا الوضع في زيمبابوي؟ وهل هناك أي قلق إزاء كيفية تأثير ذلك الوضع في (نيباد)؟

إن (نيباد) برنامج إفريقي، ومن المفترض أن يعود بالنفع على إفريقيا بأسرها. ونحن نستنكر الفكرة التي مفادها أنه إذا فعل طرف ما في إفريقيا شيئاً لا يحبه طرف ما في الغرب، فإنه يتعين إنزال العقوبة الجماعية بالقارة كلها. إننا نرى أن هذا خطأ ونحن لا نحبذه. إن قصر (نيباد) على بلد واحد خطأ يجب عدم تأييده. ما من أحد يقول إنه بما أنه توجد مشكلة في إيرلندا الشمالية، فإن على الاتحاد الأوروبي برمته أن يعاني من ذلك. يجب ألاّ تتعرض إفريقيا لعقاب جماعي حتى إذا كان هناك شيء ما خطأ في زيمبابوي؟ وإذا كان الناس يعتقدون بأننا لا ندعم (نيباد) إلا إذا فعل الجميع في إفريقيا ما يريده الغرب منا أن تفعله، فإننا سوف نتعامل مع (نيباد) منفردين . ونحب الحصول على دعمهم، ولكن إذا كان هذا هو الحل فإننا نفضل الاستغناء عنه.

إن زيمبابوي جارة لنا، ونعرف مشكلات زيمبابوي أفضل من أي طرف آخر ونعرف أيضاً عواقب ما يجري في زيمبابوي أفضل من أي طرف آخر. فإذا حدثت أزمة في زيمبابوي أو انهيار كبير في هذا البلد، فإن الأطراف التي سوف تعاني أكثر من غيرها ليست بلدان الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة، بل هي جنوب إفريقيا، لأنه إذا حدثت أزمة الآن، فسيتعين على البيض القدوم إلى جنوب إفريقيا لكي يستقلوا طائرة إلى بريطانيا ونحن نعرف عواقب ذلك.

لقد كانت مقاربتنا تتمثل في أن مسألة زيمبابوي بدأت حين قامت الحكومة بإعادة توزيع أرضها، التي تم انتزاعها ظلماً من أصحابها، الأمر الذي دفعهم لاحقاً إلى اللجوء إلى السلاح ومحاربة الاستعمار. وعندما بدأت عملية إزالة الاستعمار في زيمبابوي، حدثت ورطة دامت أحد عشر يوماً بشأن مسألة الأرض، لأن الزيمبابويين كانوا مصممين على عدم معاودة شراء الأرض التي لم يتم شراؤها منهم قط، بل تم انتزاعها منهم بالقوة. وقد عزمت بريطانيا وبلدان أخرى على إنهاء الأزمة، حيث قالت إنها ستدفع ثمن قطع الأرض التي كانت مملوكة من قبل البيض وتعيدها إلى الزيمبابويين، ولم يكن أحد يفكر في أن أراضي الزيمبابويين ستظل بأيدي المالكين البيض، وأن الزيمبابويين سيظلون محرومين من أرضهم.

وعندما تراجعت بريطانيا عن ذلك الاتفاق، قررت الحكومة الزيمبابوية أن تأخذ الأرض وألاّ تدفع سوى ثمن التحسين الذي طرأ على الأرض، لا ثمن الأرض ذاتها، لأن الأرض ذاتها لم يتم شراؤها قط، فقد تم الاستيلاء عليها بالقوة. وفي حال تم بناء بيت على الأرض، فسيتم التعويض عن الأرض. وفي حال وجود مشروع ري على الأرض مع أي تحسين للأرض فسيتم التعويض أيضاً عن ذلك، ولكن ليس عن الأرض ذاتها.

وكانت زيمبابوي تصحح ظلماً تاريخياً، ونحن بدورنا نؤيد ذلك التصحيح. قد يكون هناك خلاف حول كيفية تنفيذ ذلك. وقد لا نوافق على كل شيء فعلوه في هذه العملية، لكننا نؤيد مبدأ تصحيح الظلم التاريخي، ونعتقد أن كل هذه الضجة التي أثيرت حول زيمبابوي نشأت من المنطلق القائل إن السود يأخذون الأرض من البيض، ونرى أنه يوجد في الأمر عنصر تعصب عرقي أيضاً. وأقر بأننا ما كنا لنفعل مثلما فعلت زيمبابوي. وقلنا ذلك علناً ولم نوافق على الأساليب والعنف الذي جرى، لكننا نؤيد مبدأ أخذ الأرض من الذين استولوا عليها وإرجاعها إلى الذين انتـُـزعت منهم. في جنوب إفريقيا، نقوم أيضاً بتوزيع الأرض، لكننا نقوم بشراء الأرض ونعيدها إلى تلك المجتمعات التي انتزعت منها. ونرى أنه يجب تنفيذ ذلك بهذه الطريقة المنظمة.

إن محاولة القول إنه يتعين على جنوب إفريقيا الآن أن تصبح الشرطي في إفريقيا، وإنه إذا كانت هناك خلافات مع زيمبابوي، فعندئذ تقوم جنوب إفريقيا بمهاجمتها وتحدد الخط. فهذا ليس بالطريقة التي نريد أن ندير بها علاقاتنا مع أي بلد، فنحن نلتزم بالتسوية السلمية لأي صراع، فإذا كانت هناك أي مشكلة، فإننا نؤمن بالجلوس إلى طاولة المفاوضات ومناقشتها. وبهذه الطريقة، قمنا بتسوية مشكلة جنوب إفريقيا على الرغم من أن نظام الفصل العنصري كان قاسياً علينا، ونعتقد أن هذا هو ما يجب أن يحصل في زيمبابوي، وفي أي بلد آخر، ولا نؤمن بالحلول العسكرية وبتغيير الأنظمة عن طريق العنف. بل نرى أن يتم تغيير الحكومات من خلال صناديق الاقتراع وبضرورة حل الصراع بالوسائل السلمية، وقد لجأنا إلى الكفاح المسلح، لأننا لم نتمكن من تسوية الأمر سلمياً. ولو أننا لم نلجأ إلى السلاح، فإن ذلك يعني أنه كان يتعين علينا الاستسلام، ولكن لم يكن بوسعنا التفريط في حريتنا. يجب ألاّ نتوقع من أي طرف التفريط فيها.

* يبدو أن جنوب إفريقيا ونيجيريا ومصر ـ وجميعها دول أعضاء في الاتحاد الإفريقي ـ تتنافس على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. كيف سيتم حل القضية؟

- إن مقاربتنا هي أن إفريقيا تستحق أن تكون ممثلة في العضوية الدائمة للأمم المتحدة، وقد طالبنا بما لا يقل عن مقعدين دائمين. أننا يجب أن نناضل من أجل الحصول على مقعدين، وعندما نحصل على المقعدين، يمكننا تقرير من يحصل عليهما. ولهذا، فإنكم لم ترونا، على الأقل ليس في جنوب إفريقيا، نقول أشياء سيئة عن نيجيريا أو مصر.

مقالات لنفس الكاتب