array(1) { [0]=> object(stdClass)#13009 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الافتتاحية: مشروع "الخليج الأخضر" والتحديات البيئية في المنطقة

السبت، 01 نيسان/أبريل 2006

تتعرض البيئة والموارد الطبيعية المحدودة إلى قدر هائل من الضغوط في الوقت الحاضر؛ فالأنشطة الإنسانية تلقي بتبعاتها. لذا أخذت الحكومات في مختلف أرجاء العالم، ومنها منطقة الخليج، تدرك سريعاً الحاجة إلى مدى كبح جماح هذا التيار القوي، وباشرت في سياسات إصلاحية، واتباع نهج يعمل من أجل التنمية المستدامة.
وبالرغم من منطقة الخليج تعد إحدى أكثر مناطق العالم تنوعاً من الناحية الطبيعية وازدهاراً من الناحية الاقتصادية، إلى جانب أنها تحظى بمكانة جيدة في مقاييس اجتماعية عدة، كما أنها الأغنى عالمياً باحتياطياتها من النفط والغاز، إلا أنها في الوقت نفسه الأكثر فقراً في ما يتعلق بموارد المياه المتجددة والأراضي الصالحة للزراعة، ولا تزال تعتمد بشكل كثيف على الموارد الطبيعية كاستراتيجية للتنمية، ويجري سحب المياه والنفط وصولاً إلى مستويات الاستنـزاف. ولذلك تواجه دول الخليج استحقاقات بيئية ملحّة منها ندرة المياه وسوء حالة الأراضي والتنوع البيولوجي والتدهور البيئي والساحلي والتلوث الجوي.
إن هذه الصورة المثيرة للقلق على المستقبل يؤكدها عدد من الدراسات الدولية، ومنها تقرير توقعات البيئة العالمية (Global Environment Outlook) الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي يشير إلى أن المنطقة التي تشمل العراق والأردن ولبنان وسوريا وفلسطين أيضاً تتجه نحو وضع يُتوقَّع أن يكون فيه 90 في المائة من السكان يعيشون في بقاع تعاني من (ضغوط مائية شديدة)، وذلك خلال أقل من ثلاثين عاماً إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لتغيير هذا المسار.
إن وتيرة الوعي البيئي في منطقة الخليج بطيئة، لكنها رغم ذلك تنمو، وهو ما تؤكده الإجراءات التي وضعتها حكومات دول مجلس التعاون بهدف حماية الموارد الطبيعية للمنطقة والحفاظ عليها، مثل إنشاء مؤسسات رفيعة المستوى للإشراف والمتابعة والقيام بمبادرات عدة لإدارة البيئة ومواجهة التحديات المتعلقة بها. ولم تقتصر مبادرات دول مجلس التعاون على منطقة الخليج فقط، بل امتدت إلى المستويين الإقليمي والدولي، حيث تشارك دول المجلس بفاعلية في مناقشات المؤتمرات الدولية التي تتناول موضوعات حماية الموارد الطبيعية والحفاظ عليها، وصادقت على عدة اتفاقيات بيئية متعددة الأطراف.
وبالرغم من كل الجهود الحكومية، فنحن كمركز الخليج للأبحاث نجد أن تعزيز الوعي البيئي لا يمكن أن يكون من مسؤولية الحكومات وحدها؛ لذا ارتأينا ألا نكتفي بالتركيز على القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، بل علينا تشجيع وتعزيز الأبحاث البيئية والوعي البيئي أيضاً.
إن حكومات منطقة الخليج تضع بلا شك القضايا البيئية على رأس أولوياتها، لكن من واجبنا كمؤسسة بحثية أن نسدَّ الفجوة في البيانات، وهي المشكلة القائمة في هذه المنطقة، وأن نتأكد من أن السياسات الإقليمية تزداد تطوراً، وتضع بصمتها في الساحة الدولية كذلك.
ولذلك، فقد وسّع مركز الخليج للأبحاث في عام 2005 أفق أنشطته، بحيث تشمل الأبحاث البيئية والتوعية البيئية في إطار الجهود العالمية من أجل تسهيل الوصول إلى حلول للمشكلات التي تواجهها هذه المنطقة والعالم أيضاً، وذلك بسبب تدهور وتناقص الموارد الطبيعية الحيوية.
لقد جاء هذا التوسع بهدف الوصول إلى تحديد وتحليل وفهم التهديدات البيئية التي تواجهها المنطقة من أجل إيجاد الحلول والأجوبة عن هذه القضايا الحساسة، ونؤسس معايير من شأنها أن تصحح أخطاء الماضي، وتفسح الطريق أمام الوصول إلى منطقة صديقة للبيئة وعالم أكثر خضرة.
لذلك كانت دراسة (الخليج الأخضر) التي أطلقها المركز في منتصف عام 2005 بوصفها بداية متواضعة في هذا الاتجاه، وتعد جزءاً من الرؤية التي نتطلع من خلالها نحو هذه المنطقة، وهي وجود (خليج أخضر). وهي فكرة نأمل بأن نحوّلها من مجرد جهد بيئي إقليمي إلى حركة دولية تهدف إلى تشجيع وغرس الوعي البيئي في قلوب وتفكير الشباب والكبار.
ومن المؤمّل أن يطلق مركز الخليج للأبحاث المرحلة الثانية من مشروع (الخليج الأخضر) في شهر أبريل 2006، وسوف يطلق عليها اسم (الخليج الأخضر -2020)، وسيتم تنفيذ هذا المشروع خلال العامين المقبلين بواسطة فرق متخصصة بالموارد يترأسها خبراء إقليميون في شؤون البيئة. وسوف تباشر هذه الفرق المتخصصة، بعد تحليل ما توصلت إليه الدراسة الأولية، عمليات دراسة بحثية متعمقة بشأن التهديدات التي تواجهها البيئة في المنطقة في الوقت الحاضر، وتطرح حلولاً بعيدة المدى، وتُعِد وثيقة سياسة بيئية نأمل بأن يكون لها تأثيرها بالنسبة لصانعي السياسات والقرارات، وذلك بهدف تأسيس تشريعات وتطبيق سياسات وإجراءات من شأنها المساعدة على تحقيق رؤيتنا للخليج الأخضر بحلول 2020.
إن مشروع (الخليج الأخضر) يرسي أسساً للتعاون الإقليمي في هذا المجال الحيوي جداً. ومن جانبه أنشأ مركز الخليج للأبحاث برنامج بحث بيئياً مع موقع متخصص على شبكة الإنترنت يحتوي على جميع المصادر الضرورية اللازمة لتحقيق فهم مقبول لهذه القضايا.
لقد حان الوقت للتحرك واتخاذ الخطوات، ويجب علينا القيام بذلك الآن؛ إذ إن مشروع (الخليج الأخضر) هو خطوتنا الأولى إلى الأمام في هذا الاتجاه، ونأمل بأن تكون هذه الخطوة بداية لثورة خضراء على الصعيدين الإقليمي والدولي تشارك فيها جميع القطاعات الرسمية والخاصة.

مجلة آراء حول الخليج