array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

حوار التوافق الوطني وفرص النجاح

الخميس، 01 أيلول/سبتمبر 2011

في ظل ما يثار حول فرص نجاح حوار التوافق الوطني بسبب ردود الأفعال على بعض الآليات التي تتم من خلالها معالجة مختلف القضايا المطروحة على طاولة الحوار، فإن التساؤل الذي يبرز نتيجة لذلك يتمثل بضرورة استقراء الأسباب التي تجعل مثل هذه الإثارات تخرج في شكل تصريحات من مختلف ممثلي الجمعيات والشخصيات العامة على مختلف وسائل الإعلام، وهو في رأيي يمثل نقطة إيجابية تقرر وجود حراك فكري يمثله تلاقح في الأفكار بين مختلف الأطياف التي تشارك في الحوار.

ومن أجل ذلك فلا بد من بيان الآليات التي يتحقق من خلالها إيجاد أرضية صلبة لتحقيق حوار التوافق الوطني الذي أمر به جلالة الملك المفدى، وذلك بحيث يعرف المتحاورون المحاور التي سيتحاورون فيها، والآليات التي من خلالها سيناقشون هذه المحاور، والأدوات التي ستمكنهم من التوافق على رأي معين في قضية ما.

البحرينيون توجهوا جميعاً ودون استثناء إلى طاولة الحوار معلنين أن مصلحة البحرين فوق كل اعتبار

في هذا المجتمع البحريني الصغير توجه الجميع دون استثناء إلى طاولة الحوار معلنين أن مصلحة البحرين فوق كل اعتبار، وأن مستقبل الوطن ينبغي أن يُبنى بسواعد الجميع، كما أجمع مختلف من شارك في الحوار على أنه ينبغي أن تكون مملكة البحرين بعد الحوار مختلفة جذرياً عما كانت عليه قبل الحوار؛ وذلك بفضل المرئيات التي سيتم رفعها لجلالة الملك لتفعيلها من خلال القنوات الدستورية.

هناك احتمال لتعرض هذا الحوار في مسيرته وحتى مرحلة التوافق ورفع المرئيات إلى الإخفاق في جوانب متعددة، إلا أن ما ينبغي على الجميع إدراكه أن من يؤمن بلغة الحوار ينبغي أن يكون على قناعة بأن تغليبه للغة العقل تحتم عليه أن ينتظر إما نتيجة توافقية، وإما نتيجة تعارضية في وجهات النظر لاختلاف مدارك العقل وتوجهات النفوس المشاركة في الحوار، والتي وإن اتفقت على اعتماد الحوار آلية، ومستقبل الوطن نظرة، إلا أنها تظل مختلفة حول العديد من المحاور التي من شأنها رسم مستقبل البحرين بصورة أو بأخرى.

إن ما يبتغيه الوطن من المتحاورين في حوارهم كونهم يمثلون حراك الفكر في المجتمع أن يضعوا نصب أعينهم التعقل في كل شيء، وعدم تغليب المصالح الفئوية على حساب المصالح العامة التي تصب في النفع لمختلف أطياف المجتمع، فمن شارك في الحوار على يقين بأن هناك ثمة أخطاء كان ينبغي تغييرها، وأن الوقت ما عاد يحتمل التسويف أو التأجيل، وأنه من أجل ذلك حشد جهوده وجهود من يمثلهم لتحقيق هذا الهدف السامي.

وفي رأيي فإن فرص النجاح ينبغي أن تتحقق من خلال آليات وبرامج كفيلة بتفعيل مختلف المرئيات على أرض الواقع، وهذا ما يستلزم تفاعلاً من المسؤولين في الدولة من خلال مختلف مستوياتهم – وعلى رأسهم جلالة الملك المفدى – في مختلف مراحل الحوار وفي مختلف محطاته، فتكاتف الجهود من مختلف الأطياف في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها المملكة مطلوب، كما أن تحفيز الهمم هو السبيل لتحقيق الأهداف التي ينبغي أن يسعى إليها الجميع من أجل بحرين أخرى يعود من خلالها الجميع إلى ممارسة دوره على أكمل وجه وبإخلاص صادق ونابع من صميم القلب المحب لهذا الوطن الغالي.

إن المسار الذي يمضي عليه مناقشة مختلف محاور الحوار ينبئ بأن هذا الحوار سيكون له تأثير مجد من شأنه أن يغير وجه المملكة في سياساتها الداخلية والخارجية، ومن أجل ذلك فإن فرص النجاح ينبغي أن تتعزز من خلال مساهمة كافة الأطياف في الوطن كل من خلال موقع مسؤوليته، وذلك من خلال إبراز الوجه الحضاري لمملكة دستورية تمثل دولة مؤسسات، ويكون القانون فيها فوق الجميع دون استثناء.

إن ما يترقبه الجميع بمختلف أطيافهم وشرائحهم في هذه الأيام يتمثل بما سيرونه في مملكة البحرين من خلال مختلف مستويات الحراك قبل وبعد الحوار؛ ذلك أن الحوار يمثل نقطة تحول من شأنها أن تنتشل المملكة من براثن الكثير من المعطيات السلبية المريرة التي مرت بها طوال السنوات العشر الماضية؛ لذلك فإن الجميع يترقب بحريناً مختلفة يراها بعد نجاح حوار التوافق الوطني في مختلف سلطاتها – القضائية والتنفيذية والتشريعية -، فما طرح من مرئيات مثّل مختلف وجهات النظر لحل الأزمة التي نجمت عن بطء الإصلاح في الفترة السالفة؛ وذلك من أجل اعتماد آليات أخرى لإدارة البلاد في مختلف المستويات.

إن جلالة الملك بحنكته لم يجعل فرصة لجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه على غرار ما حصل في العديد من الأقطار العربية، ولا شك في أن جلوس الجميع من مختلف الأطياف التي تمثل مختلف التوجهات في المملكة يمثل ثمرة يانعة لما دفعه الجميع خلال الفترة السالفة؛ ليبقى التساؤل التي يثير نفسه. كيف ستكون مملكتنا الحبيبة بعد هذا الحوار عندما يتم تفعيل مختلف المرئيات التي سترفع إلى جلالة الملك المفدى؟ وهل ستكون حركة التغيير والتطوير التي ستشهدها مختلف القطاعات مقنعة لتحقيق الاستقرار والمكتسبات من خلال مختلف الميادين والهيئات والمؤسسات؟

إن هذا التساؤل يثيره مختلف من يشارك في هذا الحوار على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم، وليس هناك شك في أن الاختلاف على آليات التنفيذ وارد لا محالة، وأن ذلك مبني على الاختلاف في تقرير المرئيات التي تمت مناقشتها، ولكن ما يُبتغى تحقيقه على أرض الواقع يتمثل بنتائج ملموسة تبرز وجهاً آخر لبحرين أخرى، والأهم من ذلك أن يكون إقرار وتفعيل مثل هذه النتائج سبيله تحقيق القناعة لدى المواطن ومختلف الأطياف التي تمثله بأن البلد يسير نحو تنمية وإصلاح حقيقي من شأنه أن يحقق الرفاهية للمواطن، ومن شأنه أن يجعل نمو المملكة عبر مختلف الصعد على نحو يحقق الطمأنينة لدى الجميع بأن المسار فعلياً قد تغير، وأن السلبيات التي كانت قابعة على مختلف مؤسسات الدولة قد بدأت المملكة في مرحلة التعافي منها تدريجياً؛ ليبقى الجدول الزمني المقرر لتحقيق هذا التغيير التدريجي مرتبطاً في جملته وتفصيله بما يرسم لدى الجميع قناعة تامة بأن حركة وسرعة التغيير بعد الحوار على نحو يصب في مصلحة الجميع يختلف عن التغيير قبل الحوار.

ينبغي أن تكون مملكة البحرين بعد الحوار مختلفة جذرياً عما كانت عليه قبل الحوار

إن ملامح ومعطيات الأزمة التي مرت على مملكة البحرين تثير الكثير من التساؤلات عن الآليات التي من شأنها تحقيق الاستقرار في المملكة على نحو من شأنه أن يكفل عدم حلول هذه المستويات من التأزيم في المملكة مرة أخرى، فالوضع ما عاد يحتمل أزمة أخرى بتداعيات جسيمة نتيجة بطء الحراك الإصلاحي في المجتمع، ولا شك في أن ذلك يتطلب تفعيل مزيد من التجديد في الخلايا الميتة في جسد هذا الوطن الطاهر، واستبدالها بخلايا حية ونشطة وقادرة على إعادة التماسك واللحمة الوطنية.  

إن من أهم ما ينبغي تحقيقه في بحرين ما بعد الحوار يتمثل بقرارات يلمسها المواطن في حياته في مختلف تفاصيلها، وتحسيناً في وضعه المعيشي بصورة جذرية تشعره بأن مقدّرات هذا الوطن وخيراته قد سخرت لخدمته؛ ذلك أن مختلف ما يمس حياة المواطن يمثل المحور الرئيس لرفع حالة الإحباط واليأس التي عانى منها طوال الفترة الماضية، كما ينبغي أن يتحقق ذلك بجدية وآليات واضحة تشعر المواطن بأن هناك تعاطياً مختلفاً مع مختلف ما يمس حياته.

ولعل من أبرز ثمرات هذا الحوار التي ينبغي وضعها في الاعتبار إعادة اللُّحمة الوطنية بين مختلف أطيافه، وإعادة تكاتف الجميع من أجل الإسهام في تنمية الوطن في مختلف القطاعات، وبناء ثقافة جادة لمواطنة حقيقية تقوم على فلسفة الحق الواجب، والتي يستشعر المواطن من خلالها بأنه في دولة مؤسسات وقانون يلتزم به الجميع دون استثناء.

 

 

مجلة آراء حول الخليج