array(1) { [0]=> object(stdClass)#12963 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 122

التحالف خفف القيود على مطار صنعاء لدخول المعونات وبادرة لبناء الثقة مستقبل الأزمة اليمنية: المصالحة أوالتقسيم إلى دويات مفككة

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2017

في مواجهة قوى الظلام التي أرادت أن تفرض سيطرتها على الداخل اليمني، ثم تتمدد لِتُطوِّقَ السعودية من الجنوب، وتهدد جيرانها بالصواريخ البالستية، وتتحكم في مضيق باب المندب، انطلقت الحملة العسكرية "عاصفة الحزم" في 25 مارس 2015م، التي شنتها عشر دول عربية بقيادة السعودية وحددت عدة أهداف هي حماية دول الجوار من الإرهاب الحوثي، وإعادة الشرعية لليمن، ووقف التمدد الإيراني، وتأمين الحدود الجنوبية للمملكة. طالت الضربات الجوية للتحالف جميع أنحاء اليمن مستهدفة جميع معسكرات الجيش ومخازنه ومواقعه ومعسكرات ألوية الصواريخ، وكانت الصومال قد فتحت مجالهاالجويوالمياه الإقليمية والقواعد العسكرية للائتلاف لاستخدامهافيالعمليات. ونشرت مصر والسعودية سفنًا حربية للحماية،وسارعت الولايات المتحدة لبيع الأسلحة لدول التحالف وتقديم الدعم اللوجستي للعمليات. ونشرت أمريكا وبريطانيا أفرادًا عسكريين في مركز القيادة والسيطرة المسؤول عن الضربات الجوية. ودعت السعودية باكستان للانضمام إلى التحالف لكن البرلمان الباكستاني صوت للحفاظ على الحياد. ووفرت باكستان سفنًا حربية لمساعدة التحالف في فرض حظر على الأسلحة من الوصول للحوثيين في اليمن.

ما بعد عاصفة الحسم

نجحت الحملة في منع وصول طائرات إيرانية محملة بمعدات عسكرية إلى المقاتلين "الحوثيين" الذين استولوا على مناطق واسعة في البلاد. وكان هناك خط جوي يأتي من طهران بمعدل طائرتين على الأقل كل يوم تنقلان لهم معدات عسكرية. كما نجحت في قطع طرق إمداد الحوثيين بالصواريخ والأسلحة بين صنعاء وصعدة، وبدأت الانشقاقات تظهر في صفوف القبائل والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، واندلعت الاشتباكات مع ميليشيات الحوثي. وأعلن أن التحالف يسيطر كليًا على الأجواء اليمنية وأنه لم يعد تقريبًا لدى الحوثيين أي طائرات ولا أي سيطرة على مراكز الاتصالات. وفي 21 أبريل 2015م، أعلنت وزارة الدفاع السعودية بأن عمليات عاصفة الحزم الجوية قد أزالت أي خطر محتمل على السعودية والدول المجاورة، وذلك بعد إسكات وتدمير القوة الجوية والصواريخ البالستية التي كانت في حوزة الحوثيين والقوات الموالية لصالح. وفي خطاب متلفز للرئيس عبد ربه منصور هادي قال: إن الضربات الجوية تم إيقافها بناءً على طلبه، شاكرًا التحالف العربي لدعمهم الشرعية في اليمن. وفي الواقع لم يتمكن التحالف حينها من تدمير قوة المتمردين الحوثيين أو وقف تقدمهم نحو المحافظات الجنوبية لليمن، أو منعهم من شن هجمات على الحدود اليمنية السعودية. وأعلنت السعودية بدء مرحلة جديدة تحت مسمى عملية "إعادة الأمل"، بهدف التحرك نحو استئناف العملية السياسية، وتيسير إجلاء الرعايا الأجانب وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للمتضررين وإفساح المجال للجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، استمر التحالف في حماية المدنيين ووقف تحركات الحوثيين، واستمرت الضربات الجوية والحصار البحري، وقصف التحالف مطار صنعاء الدولي مما أدى إلى تدمير المدرج الرئيسي ولم تتوقف الغارات الجوية والبحرية على الرغم من إعلان انتهاء عاصفة الحزم.

بدأت قوات التحالف منذ 14 يوليو 2015م، بعملية برية في عدن أطلق عليها اسم "عملية السهم الذهبي"، بمشاركة جنود يمنيين وسعوديين وإماراتيين، ودخلت تلك القوات عن طريق البحر مدعومة بمئات العربات المدرعة، واستولت على مدينة عدن، بدعم بالغارات الجوية للطيران، واقتحمت تلك القوات قاعدة العند الجوية بمحافظة لحج بعد أن شنت القوات هجومًا على قاعدتين عسكريتين، في محافظة لحج وأخرى في محافظة شبوة، وأكملت السيطرة عليها وحصارها، واستطاعت القوات السيطرة على عدن وأجزاء واسعة من المحافظات الجنوبية لحج والضالع وشبوة وأبين. وتوقفت تلك القوات في حدود محافظة تعز ومحافظة البيضاء التي تدور فيها معارك واسعة مع الحوثيين، ودعمت السعودية قوات الجيش اليمني في محافظة مأرب التي تشهد حشدًا عسكريًا واسعًا، بدفعات عسكرية جديدة قادمة من منفذ الوديعة الحدودي.

مواطن القوة والضعف في قدرات اليمن العسكرية الحالية

منذ بداية الضربات الجوية في صنعاء استهدفت مئات الغارات مواقع ألوية الصواريخ في جبال "عطّان" وجبل النهدين وجبل نقم. وأعلنت السعودية في 21 أبريل تدمير الصواريخ البالستية التي في حوزة القوات المؤيدة لصالح والحوثيين. إلا أن الحوثيين والقوات العسكرية الموالية لهم تمكنوا في 6 يونيو من إطلاق صاروخ سكود من محافظة صعدة مستهدفاً قاعدة الملك خالد الجوية في مدينة خميس مشيط، وهو أول صاروخ سكود يستخدم أثناء الصراع، وذكر بيان لقيادة التحالف العربي أن قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي اعترضته بصاروخي باتريوت. ويعود تاريخ القوة الصاروخية لليمن إلى السبعينات في عهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي)، حليفة الاتحاد السوفيتي الذي زودها بجميع أنواعالأسلحة متضمنة الصواريخ الباليستية. ويمتلك اليمن 25 صاروخًا من نوع هواسونج-6 حيث كان الحوثيون قد سيطروا على معسكرات مجموعة ألوية الصواريخ في 21 يناير 2015م، دون مقاومة، وذلك بعد مهاجمة منزل الرئيس هادي، وسيطرتهم على مجمع دار الرئاسة من جبل النهدين بدار الرئاسة وسط صنعاء، أطلقت القوات الموالية لعلي عبد لله صالح والحوثيين في 26 أغسطس صاروخًا بالستيًا من نوع هواسونج-6 نحو الأراضي السعودية، وقال الحوثيون إن الصاروخ استهدف محطة كهرباء حامية جيزان السعودية. لكن الجيش السعودي قال إنه اعترضه بصواريخ باتريوت. وفي 16 أكتوبر أطلق صاروخ سكود من وسط صنعاء باتجاه الأراضي السعودية، وأعلن الحوثيون أن الصاروخ أصاب هدفه وهو قاعدة الملك خالد الجوية، وقالت السعودية إنه سقط في محافظة عمران شمال صنعاء، وأفاد شهود عيان في مدينة عمران شمالي صنعاء بأن انفجارًا عنيفًا هز المدينة يعتقد أنه انفجار للصاروخ في سمائها.

ظلت القوة العسكرية لدى جماعة الحوثي تنمو مع مرور الأيام، حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن الجماعة باتت تملك – في الوقت الراهن -ترسانة كبيرة من الأسلحة، يصعب الحصول على إحصائيات دقيقة بشأنها، نظرًا للتكتم الذي تتبعه الجماعة. وأفادت دراسة حديثة بأن قوة الحوثيين العسكرية تقدر بحجم اثنين من الألوية العسكرية المتوسطة من حيث مستوى التسليح، مشيرةً إلى أن جماعة الحوثي تمتلك نحو 11 دبابة معظمها من نوع (تي 52)، إضافة إلى عدد من المدافع بعيدة المدى، ومدافع الهاون، أغلبها من نوع (بي 10)، وكميات كبيرة من الذخائر والقذائف التي استولوا على معظمها من مخازن ومعسكرات الجيش خلال حروبهم الست الماضية مع الدولة. وقالت الدراسة إن الحوثيين يمتلكون العديد من صواريخ الكتف والكثير من الرشاشات، وأسلحة أخرى مختلفة.

أعلن تحالف "الحوثي/صالح" عن امتلاك صواريخ باليستية من نوع "بركان 1" التي يصل مداه إلى 800 كيلومتر، ويقدر وزن رأسه الحربي بحوالي نصف طن، وقد تنجح صواريخ باتريوت في اعتراض هذه الصواريخ، ولكنها مكلفة جدًا، إذ يكلف كل صاروخ باتريوت 3 مليون دولار تقريبًا. كما أعلن عن نقل حوالي خمسة آلاف مجند يمني في صفوف قوات تابعة للرئيس هادي من المحافظات اليمنية الجنوبية عبر ميناء عدن إلى ميناء عصب الإريتري، حيث ينخرطون في معسكرات وقواعد عسكرية أقامتها دول التحالف العربي، تمهيدًا لنقلهم فيما بعد إلى الحدود اليمنية ـ السعودية للتصدي لهجمات الحوثيين على الحدود.

كيف يتم إمداد اليمن بالسلاح والعتاد

عملت إيران جاهدة بكل السبل على تهريب أسلحة ومعدات حربية لحلفائها في اليمن. وبعد أن تضاءلت فرص إيصالها بحرًا مع الحصار المحكم الذي تفرضه دول التحالف العربي باليمن منذ أبريل 2015م، بتفويض من الحكومة الشرعية لليمن تحاول استغلال الموانئ اليمنية والبرية للجزء الشرقي للبلاد المتمثل في بلدتي المهرة وحضرموت الشرقيتين لتهريب السلاح برًّا[1].

منذ سنوات طويلة عمدت إيران إلى إرسال الدعم المادي والدعم العسكري وإمداد الحوثيين بخبراء عسكريين من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وسبق إلقاء القبض على السفينة جيهان 2 وهي محملة بأسلحة وتم الإفراج عن طاقمها عقب الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر/أيلول 2014م.

إن إيران هي من دعمت وتدعم جماعة الحوثي منذ نشأتها بكل الوسائل بدءًا من الدعم المعنوي وانتهاءً بالدعم العسكري وكانت الأسلحة الإيرانية تصل للحوثيين في عهد الرئيس المخلوع بعلمه ومعرفته وإن كانت تأتي تهريبًا وقد تم ضبط الكثير منها في السواحل اليمنية في كل من عدن والحديدة. ورغم أن قوات التحالف تسيطر على المياه الإقليمية اليمنية إلا أن تهريب الأسلحة من إيران إلى ميليشيا الحوثي لم يتوقف، ومؤخرًا تم اكتشاف موانئ بحرية صغيرة أنشئت في سواحل البحر العربي في محافظة شبوة شرق اليمن تقوم سفن فيها بتهريب الديزل والبترول والسلاح لميليشيا الحوثي. ونقلت رويترز عن مسؤول أمني إيراني كبير سابق، قوله إن "حكام إيران يخططون لتمكين جماعة الحوثي في اليمن لتعزيز قبضتهم في المنطقة عبر ميليشيا على غرار ميليشيا حزب الله في لبنان."[2]

تقول مصادر إن إيران تستخدم سفنًا لتوصيل إمدادات إلى اليمن إما مباشرة أو عبر الصومال لتتحايل على جهود التحالف لاعتراض الشحنات، وتقول مصادر غربية إنه ما إن تصل السفن إلى المنطقة يتم نقل الشحنات إلى قوارب صيد صغيرة يصعب رصدها لأنها منتشرة في تلك المياه، ومن المعتقد أن المياه المفضلة لتنفيذ تلك العمليات تشمل خلجانا صغيرة للصيد قرب ميناء المكلا برغم أن هذا يتطلب أن يخوض من يتم تهريبهم من رجال أو عتاد رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر إلى المناطق الرئيسية التي يسيطر عليها الحوثيون. والواقع أنه يصعب مراقبة سواحل اليمن البالغ طولها 2700 كيلومتر.

وأقر نيك جينزين جونز، خبير الأسلحة الحربية ومدير مؤسسة خدمات بحوث التسلح "Armament Research Services" التي تعقبت عتادًا إيرانيًا انتهى به المطاف في اليمن بأن الكميات قد زادت. وقال جونز: "لاحظنا المزيد من النجاح في عمليات النقل البحري خلال الشهور القليلة الماضية، وأظن أن الزيادة عمومًا في وتيرة ما نوثقه من أسلحة إيرانية ترجع جزئيًا إلى نجاح مزيد من عمليات التسليم البحرية."

وتكشفت في هجمات وقعت في الآونة الأخيرة أدلة على عتاد عسكري أكثر تطورًا يُشتبه بأن الحوثيين يستخدمونه، فقد هوجمت فرقاطة سعودية قرب ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين في عملية اتهم الإعلام الرسمي السعودي الحوثيين بالمسؤولية عنها، وقالت البحرية الأمريكية إن قاربا دون ربان يتم التحكم فيه عن بعد وكان محملاً بالمتفجرات صدم السفينة السعودية في أول هجوم معروف من نوعه تستخدم فيه مثل تلك القوارب وإن الحوثيين استخدموا على الأرجح تكنولوجيا من إيران.

وفي تطور آخر قال مصدر بالحكومة اليمنية لرويترز إن زورقًا لخفر السواحل دُمِّر قرب المكلا بألغام نشرها الحوثيون، وأشار جونز إلى أن الذخائر الإيرانية شهدت تحسنًا نوعيًا مؤخرًا. وأضاف: "شملت عمليات النقل الأخيرة لأسلحة وذخائر سلسلة (الطائرات دون طيار) أبابيل الإيرانية المزودة برؤوس حربية شديدة الانفجار واستخدمها الحوثيون ضد أهداف لها أهمية كبيرة مثل الرادارات وبطاريات صواريخ باتريوت." وعلاوة على الأسلحة، قالت مصادر إيرانية وإقليمية إن طهران توفر خبراء أفغانًاً وعربًاً من الشيعة لتدريب وحدات للحوثيين وللعمل كمستشارين فيما يتعلق بالإمداد والتموين. ومن بين هؤلاء أفغان قاتلوا في سوريا تحت إشراف قادة بـ"فيلق القدس".

قبل أن تعلن جماعة الحوثي التمرد المسلح عام 2004م، كانت قد أعدّت العدة، وتجهّزت عسكريًا، فلم يكن ذلك التمرد من باب الصدفة، بل تنفيذًا لخطة مدروسة واستراتيجية التقت عندها طموحات الجماعة بالوصول إلى سدة الحكم في اليمن، ومطامع إقليمية تتمثل في إنشاء ذراع عسكرية لإيران في خاصرة السعودية، على غرار حزب الله اللبناني في خاصرة بلاد الشام. غير أنه في السياق ذاته استمر تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، فقد أكد الخبراء العسكريون أن صواريخ الكاتيوشا التي استخدمها الحوثيون في الحرب السادسة هي من ذات النوعية التي سبق لحزب الله اللبناني استخدامها، معتبرين أن ظهور مثل تلك الصواريخ لدى الحوثيين قد كشف بالدليل القاطع عن التمويل الكبير الذي تتلقاه جماعة الحوثيين من إيران وحزب الله والبؤر الشيعية في المنطقة. كما تؤكد المصادر أنه تم تهريب صواريخ الكاتيوشا إلى اليمن من خلال رحلات بحرية عبر إريتريا ضمن أسلحة أخرى من بينها صواريخ أرض/جو محمولة على الكتف.

وكانت تقارير دولية قد أشارت في وقت سابق إلى قيام إيران بإنشاء قاعدة لها في إريتريا لمدّ الحوثيين بالسلاح عبر رحلات بحرية إلى المناطق القريبة من سواحل ميناءي ميدي واللحية القريبين من صعدة. وحذرت تلك التقارير من انتقال نشاط تهريب الأسلحة الإيرانية من البحر الأحمر إلى السواحل الجنوبية لليمن. وهناك أنباء تشير إلى قيام السفن الإيرانية في منطقة خليج عدن بحجة المساهمة في مكافحة القرصنة، إضافة إلى سفن تجارية إيرانية؛ بتهريب كميات من الأسلحة عبر قوارب صيد يمنية لتهريبها إلى داخل اليمن.

وأكدت قيادة التحالف، أن استمرار تهريب الصواريخ إلى الأراضى اليمنية يأتى بسبب غياب الرقابة على ميناء الحديدة، وسوء استخدام التصاريح التى يمنحها التحالف للشحنات الإغاثية والبضائع، فى وقت يعجز المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار لمنع تلك الانتهاكات التي تطيل أمد الحرب وتعرض حياة المدنيين للخطر.

خيارات الحسم العسكري: الممكن والمستحيل

إن أي مقارنة بين القدرات العسكرية السعودية وقدرات الجيش اليمني واللجان الشعبية ستنتهي إلى تفوق عسكري شبه تام لاسيّما في سلاح الجو السعودي، لكن حسم المعركة وحسب تقديرات الخبراء يكون باللجوء إلى الحرب البرية وتحقيق انتصار عسكري، وهو أمر مكلّف جدًا. ولعل ذلك يعيد إلى الأذهان التجربة الناصرية في اليمن، والتي أدت إلى الكثير من الضحايا ونفقات الحرب التي أنهكت الاقتصاد. ورغم امتلاك الجيش السعودي لأسلحة متطورة فإن الهجوم البري سيؤدي إلى وقوع خسائر بشرية بسبب الطبيعة الجبلية والتضاريس الوعرة في الشمال اليمني، ولتوفر إمكانات دفاعية ستعمل على إرباك الهجوم عبر نصب الكمائن والمناورة على الأرض التي يعرف اليمنيون جيدًا طبيعتها، فضلاً عن "قبلية" المجتمع اليمني الذي يزعجه وجود قوات وافدة على أرضه.

تناضل قوات حكومة هادي من أجل استعادة السيطرة على الأراضي التي جرى الاستيلاء عليها في أوائل 2017م، وتقوم قوات الحوثي/صالح بشن هجمات على السفن في البحر الأحمر. فقد أصابت سفينة حربية تابعة للتحالف بصاروخ موجه في البحر الأحمر في منتصف يونيو وادعت أنها شنت هجومًا آخر لم يؤكد في نفس الموقع على سفينة للتحالف في أواخريونيو. وأفاد قائد إماراتي في مايو/أيار 2017م، أنه كان من الصعوبة بمكان إيجاد قوات على استعداد لتجاوز حدود ما قبل عام 1990م، بين الشمال والجنوب اليمني، والتي تضم تعز في الشمال. ومن غير المرجح أن يعمل نشر قوات حكومة هاديمن عدن إلى خط المواجهةعلى إحراز انتصار ملحوظ في الحرب الأهلية بسبب طبيعة التضاريس في خط المواجهة البشرية.

هناك من يرى أن تفوق التقنية العسكرية التي تمتلكها الجيوش الكبرى ليس بالضرورة عامل الحسم في حرب غير متكافئة ضد جماعة محدودة الإمكانيات هزيلة القدرات، ولكنها قد تتميز بخبرات ومهارات في المعركة الميدانية على الأرض. هي إذًا حرب يطول أمدها وتتفاقم خسائرها، وتستنزف الموارد بلا طائل. أما الاعتبارات التي تستحق النظر إليها بكثير من الحكمة والروية، أن المستفيد من الصراع بلا شك هو من يبيع السلاح مباشرة للصديق ويبيع السلاح أيضًا للعدو ولكن عن طريق وسيط.

يبدو أن الحلول المحتملة للأزمة السياسية اليمنية التي أطلقت شرارة الحرب الأهلية لن تؤدي إلى استقرار طويل المدى أو وضع نهاية للصراعات المحلية[3]. لقد نشرت حكومة هادي عددًا من الوحدات من عدن على جبهات قتال متعددة بما فيها وحدات كانت في الأصل مكلفة بمهام أمنية ومقاومة الإرهاب. كما أن التحالف خفف القيود على المطار الدولي في صنعاء ليسمح بدخول المعونات الإنسانية مما يمكن اعتباره بادرة لبناء الثقة في المفاوضات الجارية. وأمام تعثر الجهود التي تقوم بها الأمم المتحدة، تتزايد احتمالات توسط روسيا لبناء عملية السلام لتضمن تواجدها البحري على ساحل اليمن. ومن شأن الأزمة الإنسانية التي خلفتها الحرب الأهلية أن تقوض أجهزة الدولة وأن تتسبب في معاناة اليمنيين لسنوات عديدة قادمة.

خاتمة

إن مشاركة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في الحرب الأهلية تسمح للجماعة بالترويج عن نفسها أكثر داخل المجتمعات السنية. وشارك مقاتلو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في هجوم شنته حكومة هادي على المناطق التي يسيطر عليها الحوثي/صالح في المدينة الشرقية وسط اليمن في أوائل يونيو. ومن المرجح أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يصور مشاركته في الهجوم على أنه يحرر السكان السُنَّة من سيطرة الشيعة. كما زادت القاعدة من سبل الدعاية في شبه الجزيرة العربية تأكيدًا على ارتباطها بالسكان اليمنيين.ومن شأن الوتيرة المتسارعة للرئيس هادي للعمليات العسكرية أن توفر للقاعدة في شبه الجزيرة العربية المزيد من الفرص للترويج عن نفسها في معركة الحوثي/صالح، وخاصة في محافظة البيضاء حيث يعمد كل من فريقي الحوثي/صالح وحكومة هادي إلى تصعيد القوات.

يبدو أن خيار الحسم العسكري أو انتصار أحد الفريقين بسحقه للآخر، خيار مستبعد ولكنه غيرمستحيل. وأغلب الظن أن مستقبل الأزمة اليمنية يتلخص في اتجاهين اثنين[4]: الجنوح للمصالحة، أو انقسام الدولة اليمنية إلى دويلات مفككة. الجنوح للمصالحة هو السيناريو الأول، الذي يمكن أن تصل إليه اليمن خلال العقد القادم، فطول أمد الصراع يمثل حالة من الاستنزاف المستمر والخسارة المتفاقمة وتردي الأوضاع الإنسانية لكلا الطرفين ومن يدعمهمامن الحلفاء. ومن شأن هذه الحالة البائسة من الشلل أن تدفع نحو محاولات سلام أو مصالحات سياسية مشوَّهة. فقد تسمح بدخول قوى الانقلاب كشريك مؤثر وفاعل في شكل الحكم القادم وتفاصيله، ويتمخض عن حكم توافقي بين خصوم الأمس ينذر بفترة اضطراب وتصفية حسابات.

أما السيناريو الثاني في حال فشل محاولات المصالحة السياسية، فسيسعى كل طرف للتمسك بمناطق النفوذ، وبتعبير أكثر واقعية تنقسم اليمن إلى دويلات متعددة دون تحقيق غلبة طرف على آخر، ويدعم هذا الاتجاه تداخل المصالح الدولية في اليمن وتعارضها، وهو ما يمنع خيار الحسم العسكري لأي طرف من أطراف النزاع، بل إن هذا هو الواقع فعليًا بغض النظر عن الاعتراف الدولي بالحكومة الشرعية، وما تعانيه قوى الانقلاب بسبب ذلك.

وحتى تضمن الحكومة الشرعية لنفسها وضعًا مشرفًا، عليها أن تتخذ مجموعة إجراءات وسياسات منها: -محاربة الفساد الذي يهددها من الداخل وضم كوادر مؤهلة ونظيفة إلى الحكومة؛ -تقوية الأداء العسكري وبناء أجهزة استخبارات متقدمة لأهمية هذا المجال الذي قد يفوق في أثره العمل العسكري المباشر؛ -النهوض بالمناطق المحررة وتحقيق أمنها واستقرارها؛ -إنشاء تحالفات سياسية واسعة وتصفية المشكلات مع الخارج.

رغم النجاح في تقليص قدرات الحوثيين العسكرية، إلا أن تلك الميليشيات لم تتوان عن القيام بهجمات متكررة على السعودية، والتي كان أبرزها محاولتهم استهداف مطار جدة بصاروخ باليستي من طراز "بركان-1"، في أكتوبر الماضي، قبل أن تعترضه المملكة وتؤكد عدم إلحاقه بأضرار. ولاحقًا أطلق المتمردون صاروخًا باليستيًا باتجاه منطقة مكة المكرمة وتمكنت قوات الدفاع الجوى فى التحالف العربى من إسقاطه، حيث جرى اعتراضه فوق منطقة الواصلية بمحافظة الطائف 69 كلم عن مكة المكرمة، دون وقوع أى أضرار. وكان الرد بشن مقاتلات التحالف العربي غارات جوية مكثفة على مواقع ميليشيات الحوثيين بالعاصمة صنعاء. قذائف الحوثيين أصابت 700 مدني من المواطنين والمقيمين جنوب السعودية، وأدت لاستشهاد 80 شخصًا بينهم 20 طفلاً وتسع نساء. واستهدف الحوثيون من داخل الأراضي اليمنية عدة أهداف مدنية خصوصًا في منطقتي نجران وجازان. ورغم أن القوات اليمنية تمكنت -بدعم من التحالف-من استعادة السيطرة على عدة مدن من أيدي الحوثيين، إلا أنها لم تحرر العاصمة صنعاء، والتي تعد السيطرة عليها إنجازًا سياسيًا وعسكريًا هامًا لهذا البلد.[5]

وأخيرًا، فإن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتعيين الأمير محمد بن سلمان، وليا للعهد يؤثر إيجابيًا على الحرب الأهلية اليمنية. إذ يدير الأمير محمد بن سلمان الائتلاف الذي تقوده السعودية في اليمن، كما يجعل تحقيق الأهداف والإجراءات السعودية في اليمن أكثر انسجامًا مع الخط الذي تنتهجه دولة الإمارات العربية المتحدة لقرب الأمير محمد بن سلمان من نظيره الإماراتي الشيخ محمد ابن زايد ولي العهد ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ويزيد هذا التوافق من احتمالية التوصل إلى تسوية سياسية تتوسط فيها النخبة، ولكنه يستدعي أيضًا موقفًا أقوى مناهَضَةً لإيران من كل من السعوديين والإماراتيين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أكاديميــجمهوريةمصرالعربية

 

 

 

يوروفايتر تايفون

 

 

[1] http://www.alquds.co.uk/?p=469515

[2] http://www.masrawy.com/News/News_PublicAffairs/details/2017/3/22/

[3]Maher Farrukh,2017 Yemen Crisis Situation Report: June 30.

[4] http://www.albayan.co.uk/Article2.aspx?id=5668

[5]http://www.masrawy.com/News/News_PublicAffairs/details/2017/3/26/1050092/

مقالات لنفس الكاتب