array(1) { [0]=> object(stdClass)#12963 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 122

التحالف حسم القتال الجوي والبحري .. والجبال تؤجل الحسم البري الأزمة اليمنية بين الانقاب وتدخل التحالف العربي: قراءة عسكرية

الثلاثاء، 29 آب/أغسطس 2017

كان من المستغرب، أن تقوم أسرة الحوثي الصغيرة المنتمية إلى الأقلية الشيعية الزيدية والمتواجدة في أقصى شمال اليمن بالاستيلاء على معظم اليمن، وبالتحالف مع عدو الأمس الرئيس السابق المخلوع / علي عبد الله صالح، والانقلاب على شرعية الدولة، مما أدى إلى انقسام اليمن سياسيًا وعسكريًا بين الشرعية والانقلاب.

ولكن ينقشع هذا الاستغراب إذا راجعنا الدور الإيراني تزامنًا مع ثورة عام (1979م) حيث استضاف الإمام الخميني، الزعيم الشيعي اليمني بدر الدين الحوثي في (قم) والإقامة بها لعدة سنوات، تم خلالها إيفاد الشباب الحوثي المحدود، ثم شباب معظم القبائل اليمنية، تحت ستار البعثات التعليمية، والتي احتوت في جوهرها على الثقافات المذهبية الشيعية، والتدريبات العسكرية مع الحرس الثوري الإيراني... مما أدى إلى تغيير ديموجرافي مذهبي في اليمن لصالح الشيعة على حساب السنة...

ركزت إيران على استقطاب اليمن، لتكمل بها إحدى حلقات تطويق شبه الجزيرة العربية، بما يضر بالأمن القومي الخليجي والعربي، لذلك ظهر مدى الحاجة إلى تشكيل تحالف عربي بقيادة السعودية لإطلاق (عاصفة الحزم) دعمًا للشرعية في اليمن ودعمًا للأمن القومي الخليجي والعربي وتحجيم الدور الإيراني في اليمن بالإضافة إلى تأمين حركة الملاحة الدولية عبر جنوب البحر الأحمر.

حققت قوات التحالف العربي الجوي والبحري نجاحًا كاسحًا ضد البنية التحتية الاستراتيجية العسكرية للحوثيين، وكذلك نجحت القوات البحرية في تقديم الدعم للقوات البرية العسكرية العاملة قرب السواحل، كان أهمها عملية السهم الذهبي لاستعادة عدن، وإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، من منفاه في السعودية، كما نجحت القوات البحرية في حصار الإمداد البحري الإيراني وتفتيش السفن الإيرانية، مما حدا بالأخيرة إلى تهريب بعض الأسلحة عبر المراسي الصغيرة بسفن صيد في أقصى شرق الساحل اليمني..

لعب المسرح الصحراوي الجبلي الوعر في اليمن، دورًا هامًا في تحجيم العمليات البرية، كما ساعد في تخزين وإخفاء بعض الأسلحة والمعدات والذخائر..

انخفضت معدلات ووتيرة القتال بعد قرابة (27) شهرًا، وبات الموقف مهيأً للتدخل السياسي والوساطة العربية والدولية لحل الأزمة.. حيث انتهى عصر الحسم العسكري الكامل منذ الحروب العالمية وقبل الأمم المتحدة، وأصبحت الحروب – كما نقول دائمًا – مرحلة وسيطة بين السياسة والسياسة...

محتويات الدراسة: الخلفية التاريخية – الدور الإيراني في اليمن، ومحاولة تطويق شبه الجزيرة العربية – دوافع التحالف العربي لعاصفة الحزم ونتائجها – تحليل التوازن العسكري اليمني قبل وبعد عاصفة الحزم – طبيعة مسرح العمليات اليمني وتأثيره على أعمال القتال – الخلاصة.

أولاً: الخلفية التاريخية:

  1. الوضع الجيوستراتيجي: يقع اليمن في أقصى جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، ويحتل موقعًا استراتيجيًا هامًا، حيث تمتد حدوده الغربية بمحاذاة جنوب البحر الأحمر، وحتى مضيق باب المندب الاستراتيجي للملاحة الدولية، كما تمتد حدوده الجنوبية على بحر العرب من عمان وحتى القرن الإفريقي حيث خطوط التجارة الدولية، وخاصة النفط من منابعه في الخليج إلى أوروبا وأمريكا.
  2. الحضارات القديمة: تعد الحضارة اليمنية، إحدى أهم الحضارات الإنسانية الضاربة في التاريخ حيث حضارات (سبأ ومعين وحمير) كما أنها لعبت دورًا هامًا في التجارة العالمية القديمة، حيث كان يمر من خلالها طرق (الحرير – واللبان) كما كانت إحدى مقصدي رحلة الشتاء والصيف لقريش قبل وفي صدر الإسلام...
    وعلى المستوى الديني، كانت مقصدًا للهجرات اليهودية بعد الشتات البابلي والروماني، القادمة بمحاذاة البحر الأحمر والتي انتقلت لاحقًا عبره إلى الحبشة. كما كانت على علاقة قوية بالكنيسة الحبشية... ثم دورًا هامًا في انتشار الإسلام شرقًا إلى عمان، وغربًا عبر البحر الأحمر إلى القرن الإفريقي وجنوب شرق إفريقيا.
  3. التاريخ الحديث: خضعت لحكم الأئمة من أسرة حميد الدين، ثم الحكم الجمهوري اعتبارًا من ستينيات القرن الماضي، إلى أن توحد الشطرين الشمالي والجنوبي عام (1993م) وقد تكون تمت بشكل شبه إجباري بين الشمال الفقير كثيف السكان والقوي عسكريًا، والجنوب الغني نسبيًا ومحدود السكان والضعيف عسكريًا. وقد أظهرت الأزمة الحالية انعكاسًا ضمنيًا متزايدًا للعودة إلى انفصال الجنوب مرة أخرى، ولكن سيظل ذلك مؤجلاًً إلى ما بعد حل الأزمة الحالية..
  4. عاصفة الحزم، تشكل التحالف العربي من عدد (9) دول خليجية وعربية، انخفضت بعد ذلك إلى (8) دول بانسحاب قطر، بعد المقاطعة (السعودية، الإماراتية، البحرينية، والمصرية).. وقد أيدت الدول العربية التحالف، عدا العراق وسورية وحزب الله، ووقفت الجزائر على الحياد، وكذلك سلطنة عمان – جارة اليمن – والتي تقوم بدور الوساطة.. بينما أيدت إيران فقط الانقلاب، وكذلك إرتيريا ضمنيًا، نظرًا للخلاف مع الحكومة اليمنية على ملكية بعض الجزر بين الدولتين..

ثانيًا: الدور الإيراني المتنامي في اليمن، كحلقة لتطويق شبه الجزيرة العربية:

تهدف الاستراتيجية الإيرانية منذ الثورة الإسلامية (1979م) وطبقًا لمرتكزات الأمن القومي الإيراني، إلى استراتيجية التمدد والاحتواء، ولم تنجح في ذلك في المراحل الأولى، سواء في العراق أو جمهوريات الاتحاد السوفيتي الإسلامية بعد التفكك، أو شرقًا في اتجاه أفغانستان وباكستان... ولكنها نجحت مؤخرًا داخل الإقليم العربي المتصدع منذ احتلال العراق (2003م) ومنذ ما عرف بالربيع العربي (2011م) حيث بدأت تشكل طوقًا استراتيجيًا ومذهبيًا حول شبه الجزيرة العربية، امتد من العراق إلى سوريا إلى لبنان وإلى غزة – رغم التناقض – وأخيرًا إلى اليمن، حيث لم يبق إلا حلقة واحدة يمثلها الأردن ذو التوجه المختلف.

  1. أهمية اليمن لإيران وخطوات احتوائه:

‌أ.        تكرر إيران أن الحضارة الفارسية عاونت ودعمت الحضارة اليمنية القديمة ضد أعدائها، ولكن التاريخ يقول، إن ذلك الدعم كان لأحد ممالك حمير في الجنوب اليمني.

‌ب.   الثورة الإيرانية وبدء تعاون (الخميني – بدر الدين الحوثي):

تزعم بدر الدين الحوثي الأقلية الشيعية الزيدية المتواجدة في شمال اليمن في كل من محافظتي (صعده و الجوف) المواجهتين للحدود الجنوبية السعودية.. إلى أن حدث تغير كبير في الموقف، بدعوة الإمام الخميني لبدر الدين الحوثي لزيارته في (قم) حيث مكثت قرابة (6) سنوات تم خلالها التنسيق على إيفاد الشباب اليمني الحوثي الشيعي إلى إيران وتولى ذلك نجله حسين الحوثي في شكل بعثات تدريبية تخللها تدريبات عسكرية على يد الحرس الثوري الإيراني.. ولم يستغرق في ذلك وقتًا طويلاً، حتى استكمل كل الشباب الحوثي تلك البعثات، فتم الانتقال إلى إيفاد شباب من كل قبائل وربوع اليمن، وتوقف ذلك تدريجيًا بوفاة بدر الدين الحوثي، ثم وفاة الخميني، إلى أن توقف مرحليًا  مع حرب التوحد اليمني في (1993م).
ولكن تلك البعثات، أوجدت تغيرًا ديموجرافيًا ومذهبيًا في اليمن، حيث لم تعدو الشيعة بتلك الأقلية كما سبق، كما أن من ذهبوا في عشرينيات العمر في ثمانينات القرن الماضي، هم في أربعينيات وخمسينيات العمر حاليًا، وهو ما يجيب على السؤال الاستنكاري، كيف تمكنت قبيلة شيعية صغيرة في شمال البلاد من الاستيلاء على معظم اليمن في وقت قصير؟؟ والإجابة واضحة مما سبق، أنها ليست قبيلة الحوثيين فقط بل العديد من كل شباب اليمن تقريبًا الذين سبق إيفادهم إلى إيران !!!

  1. الموقف الإيراني من الأزمة اليمنية بعد الانقلاب الحوثي وعاصفة الحزم:

‌أ.        سياسيًا: كانت إيران هي الدولة الوحيدة التي اعترفت بشرعية الانقلاب الحوثي، بالإضافة إلى تأييد أقل من قِبل إريتريا، ذات المشاكل السيادية مع الحكم اليمني الشرعي الحالي والسابق بخصوص النزاع على بعض الجزر في البحر الأحمر فيما بينهما..
كما أن إيران أدانت بوضوح التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية من خلال عاصفة الحزم.

‌ب.   الإمداد العسكري الإيراني إلى الحوثيين:

                                                              i.      في المراحل الأولى كان يتم تحت شعار الإمداد الاقتصادي إلى أن تم اكتشاف أسلحة ومعدات وذخائر أسفل تلك الشحنات فتم إخضاع السفن الإيرانية للتفتيش، وهو ما أوقف الإمداد البحري الرئيسي إلى الموانئ اليمينة الرئيسية على البحر الأحمر وخاصة إلى (الحديدة – المخا) أو (ميدى) من خلال وسائط نقل خفيفة حيث تقع الأخيرة قرب الحدود الجنوبية السعودية كما أنها الأقرب للإمداد الحوثي إلى صعده.

                                                            ii.      لجأت إيران إلى إمداد بحري بديل وإن كان محدودًا، في أقصى شرق اليمن وقرب الحدود العمانية، باستخدام وسائط خفيفة إلى مرسى (الغيضة) في خليج القمر، ثم الطريق عبر (المهرة – حضرموت – ناريم – شبام) ثم التفرق إما إلى (العبر – الجوف – صعده) أو إلى (شبوة – مأرب – صنعاء)..
وليس من المستبعد أن الصاروخ الإيراني الذي استخدم ضد القطعة البحرية الإماراتية في مواجهة الحديدة. قد أتى من هذا الطريق.

ثالثًا: دوافع تحالف عاصفة الحزم، والنتائج حتى الآن:

  1. الدوافع: وتتبلور في أربعة محاور رئيسية كالآتي:

‌أ.        دعم الشرعية والتعاون معها في إسقاط الانقلاب الحوثي المدعم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح .

‌ب.   تأمين الحدود الجنوبية للسعودية والغربية لسلطنة عمان ضد التهديد الحوثي المنشق وتابعيه.

‌ج.    تأمين المدخل الجنوبي للبحر الأحمر (باب المندب) كممر دولي لخدمة الملاحة والاقتصاد العالمي، حيث تم القضاء على القوات الحوثية التي قامت باحتلال جزيرة (بريم) بشكل مؤقت مما كشف النية في تهديد الممر الدولي وتأثير ذلك سلبيًا بالتبعية على قناة السويس.

‌د.       تحجيم الدور الإيراني المتنامي في المنطقة لتطويق شبه الجزيرة العربية وكسر هذه الحلقة في اليمن

واتفقت الدول العربية بشكل شبه كامل على تشكيل التحالف وعاصفة الحزم، مع معارضة كل من العراق وسوريا وحزب الله في لبنان، مع اتخاذ الجزائر وسلطنة عمان موقفًا محايدًا.

  1. أهم النتائج العسكرية لعاصفة الحزم حتى الآن:

‌أ.        تدمير معظم البنية الأساسية لتحالف (الحوثي / صالح)
حيث شمل ذلك ممرات القواعد والمطارات (دون الطائرات) وطرق الإمداد والمناورة الرئيسية للقوات وخاصة التي تحكمها المضايق والممرات الجبلية الوعرة – مراكز القيادة المحتملة – المخازن والتكدسات العسكرية للمعدات والذخائر – معسكرات الوحدات المقاتلة وخاصة المدرعات والمجنزرات وصواريخ الميدان (ب م 21) – شل وتعطيل القدرة الصاروخية البالستية في مواقعها، واعتراض معظم ما أطلق في اتجاه الجنوب السعودي– فرض حصار بحري على الموانئ اليمنية وتدمير القطع البحرية التي قاومت ذلك – تقديم الدعم البحري الساحلي لمعاونة الأعمال البرية، كما حدث في عملية (السهم الذهبي) في عدن – استخدام الإنزال المظلي والمروحي في عدة مناطق يصعب الوصول إليها برًا، مع محدودية نتائج القصف الجوي ضد تلك المناطق الوعرة..

‌ب.   قدرة التحالف (الحوثي / صالح) على الاستمرار في القتال:
القتال الجوي البحري: حسم لصالح التحالف العربي المتفوق سواء القصف الجوي ضد البنى التحتية والأهداف الاستراتيجية العسكرية، أو القصف البحري لمعاونة القوات الحكومية اليمنية القريبة من السواحل، وخاصة الساحل الجنوبي لبحر العرب، كما تم لمعاونة عملية (السهم الذهبي) ودعم أعمال قتال التشكيلات القريبة، جويًا وبحرياً والتي أعلن معظم قادتها ولاءهم للحكم الشرعي للبلاد وهم قادة الألوية (35 مدرع تعز – 315 مدرع في تمود – 37 مدرع في المنطقة العسكرية الأولى – 111 مشاه في إبين – 112 مشاه في مأرب – 135 مشاه + 11 حرس حدود في سيتون – الأول مشاه بحري في سوقطري  - 123 مشاه في المحور الشرقي– 137 ميكانيكي في المهرة – وحدات أخرى صعب حصرها)..
هام: وبنظرة تحليلية إلى تمركز تلك الوحدات المقاتلة، نجد أنها تشمل معظم اليمن الجنوبي قبل الوحدة (عدا مأرب) مما يوحي بمدى الرغبة في الانفصال مرة أخرى، متى سمح الموقف الاستراتيجي بذلك وبعد الوصول إلى حل سياسي للقضية....
القتال البري: هو الذي يحسم المعركة على الأرض، وفرض السيطرة عليها للوصول إلى أفضل الأوضاع التفاوضية المستقبلية.. ولم تنفذ قوات التحالف العربي أعمال قتالية برية كبيرة إلا في مناطق محدودة، مثل (الحدود السعودية اليمنية – مأرب – عدن – المكلا) حيث يصعب تنفيذ أعمال قتال برية متكاملة داخل العمق اليمني الجبلي الوعر حيث محدودية الأرض والممرات الجبلية وطرق المناورة بالإضافة إلى الكثافة السكانية العالية في بعض المناطق.
ولكن عاونت القوات الجوية للتحالف العربي، القوات الشرعية بشكل فعال في أعمال القتال البري ضد قوات (الحوثي / صالح) وخاصة المناطق المفتوحة وشبه المفتوحة، أما داخل المناطق الجبلية الوعرة أو الكثافات السكانية فإن القتال يأخذ طابع الميليشيات وحرب العصابات، وهو ما ينتظر أن يمتد لمدد أطول حتى في حالة الوصول إلى حلول سياسية توافقية.

  1. الدول المشاركة في التحالف العربي لعاصفة الحزم:

‌أ.        من دول مجلس التعاون العربي: السعودية، أكبر المشاركين وقيادة التحالف – الإمارات ثاني أكبر المشاركين – الكويت – البحرين – قطر، وتم انسحابها مؤخرًا بعد المقاطعة (السعودية – الإماراتية – البحرينية – المصرية).

‌ب.   دول عربية أخرى: مصر – الأردن – السودان – المغرب

‌ج.    دول داعمة وغير مشاركة: باكستان – الصومال

‌د.       دول لم تشارك: سلطنة عمان، لموقفها المحايد وجيرتها لليمن، وتقوم بدور الوساطة للوصول إلى حلول للأزمة.


رابعًا: تحليل التوازن العسكري اليمني قبل وبعد عاصفة الحزم: (ملحق (أ) المرفق)

تم رصد موقف التوازن العسكري بين عامي (2014م) و (2017م) لاستبيان القدرات العسكرية اليمنية قبل عام من عاصفة الحزم، وبعد أكثر من عامين منذ بدء أعمال التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ضد المنشقين الحوثيين والمدعومين بقوات الرئيس على عبد الله صالح.

كان الرصد سهلاً خلال عام (2014م) حيث كانت قوات مسلحة مركزية بالإضافة للقوات شبه العسكرية (الأمن المركزي) التي تماثل وحدات المشاة الخفيفة والمدعمة ببعض عربات القتال المدرعة. أما بعد الانقلاب الحوثي فقد انقسمت القوات المسلحة إلى قسمين، الأول: يمثل الجيش الوطني اليمني المؤيد للشرعية، والثاني: يمثل تحالف قوات (الحوثي / صالح) حيث الميليشيات القبلية الحوثية، وقوات صالح التي قوامها الرئيسي الحرس الجمهوري والأمن المركزي وبعض التشكيلات المقاتلة التي يقودها أبناؤه أو عشيرته (الأحمر-حاشد) بما في ذلك وحدات الصواريخ (أرض – أرض) البالستية في (جبل عطان قرب صنعاء) بالإضافة إلى فرار الضباط والأفراد الحوثيين السابق عملهم في الوحدات الوطنية، للانضمام إلى تحالف (الحوثي – صالح)

مما سبق نجد أنه من الصعوبة بمكان، الرصد الدقيق للتوازن العسكري عام (2017م) – رغم دقة المصدر – إلا أننا سنحاول التحليل والاستنباط من خلال المعطيات، وقراءة الموقف الاستراتيجي العسكري كالآتي:

  1. القوة البشرية تحت السلاح (عاملة – احتياطية):
    انخفض عدد القوات العاملة من (76) لفألألف إلى (43.5) ألف مقاتل، ويرجع ذلك إلى عاملين، الأول: اقتصار الرصد الثاني للقوات الحكومية فقط، نظرًا لصعوبة رصد قوات (الحوثي / صالح)، والثاني: حدوث خسائر كبيرة لقتال لمدة أكثر من عامين.. كما لم يظهر بيان القوات الاحتياطية لعام (2017م) نظرًا لتعبئتها وخسائرها وعدم دقة الرصد لتوزيع تلك القوات بين الطرفين، أو الإحجام عن التعبئة للبعض، لعدم ولائهم لأي من الطرفين.
  2. القوات البرية الرئيسية:

‌أ.        الدبابات ومركبات القتال المدرعة: كانت الأكثر تعرضًا للخسائر لسهولة استهدافها بواسطة طيران التحالف وخاصة في مراحل التحرك سواء على الجنزير أو محملة، ونظرًا لمحدودية الطرق خلال البيئة الجبلية الصحراوية الوعرة.. وكانت نسبة الخسائر من العنصرين حوالي (الثلث) تقريبًا حيث انخفض عدد الدبابات من (1260) إلى (826) بإجمالي خسائر (434) دبابة.. وكذلك مركبات القتال المدرعة حيث انخفض العدد من (3007) إلى (2003) بإجمالي خسائر (1004) مركبة..

‌ب.   الصواريخ البالستية (سكود): كان لدى اليمن قرابة عدد (25) صاروخ، معظمها كان لدى اليمن الجنوبي قبل الوحدة، وأقلها كان لدى اليمن الشمالي، وكان هذا الرقم هو المتبقي بعد الحرب التي أدت إلى الوحدة بين الشطرين عام (1993م)... وخلال عاصفة الحزم، تم استهداف المعسكر الرئيسي لتلك الصواريخ في منطقة جبل (عطان) قرب صنعاء لأكثر من مرة بالإضافة إلى إطلاق الحوثيين لعدد محدود منها في اتجاه جنوب وجنوب شرق السعودية ... وتعاني تلك الصواريخ من التقادم لضعف الصيانة وعدم توافر قطع الغيار اللازمة، مما يزيد من عدم دقتها في إصابة الأهداف داخل المدى القياسي (300) كم.. بالإضافة إلى سهولة اعتراضها بمضادات الصواريخ، مثل (الباتريوت) المتوفر لدى السعودية.. وبالتالي تم تقدير المتبقي بما لا يزيد عن (10) قطع بكفاءة قتالية منخفضة.

‌ج.    المدفعية (ذاتية الحركة – والمجرورة – والميدان): لم يرصد أي تغيير في الإجماليات، ويرجع ذلك إلى ضعف الرصد لصعوبة المتابعة ومن المرجح حدوث خسائر كبيرة بها وخاصة ذاتية الحركة والميدانية، نظرًا لكبر حجم مركباتها، مما يسهل استهدافها جوًا، مثل الدبابات ومركبات القتال المدرعة.

  1. القوات الجوية: لم يرصد أي تغيير في إجماليات طائرات القوات الجوية بمجمل أنواعها، وأيضًا مروحيات الخدمة العامة، حيث ظلت الإجماليات كما هي تقريبًا، بين (170-169) للأول، وبين (62 – 61) للثاني على الترتيب. بينما ظهرت خسائر للهليوكوبتر المسلح، وانخفض العدد من (24) إلى (14).. ويرجع ثبات الأرقام في الأنواع الأولى، إلى عدة احتمالات، أولا: ضعف الرصد وصعوبة التتبع، ثانيًا: استهداف طائرات التحالف لممرات دون الطائرات، والمفترض تبعيتها – أو معظمها – للجيش الوطني اليمني، ثالثًا: امتناع العديد من الطيارين اليمنيين عن الإقلاع والاشتراك في قتال التحالف، حفاظًا على القوات الجوية اليمنية مستقبلاً... ورغم ذلك فقد تمت طلعات محدودة مجهولة المصدر، مثل ما تم حيال قصف منزل الرئيس/ هادي في عدن.
  2. القوات البحرية: أظهر الرصد اختلاف يصل إلى النصف تقريبًا، حيث انخفض إجمالي القطع البحرية من (61) إلى (30)، ويرجع ذلك إلى عدة احتمالات منها خسائر العمليات لسهولة استهدافها سواء في الموانئ أو التحركات، كما أن الرصد الثاني ربما يكون غير دقيق، والمعروف ان القوات البحرية اليمنية لا تملك قطع كبيرة مثل (المدمرات والفرقاطات والغواصات) ولكنها تملك قطع متوسطة مثل كاسحات الألغام بالإضافة إلى عدد كبير من الزوارق الخفيفة.. كما أن معظم المتبقي من القطع البحرية يتواجد في الموانئ التي تسيطر عليها القوات الحكومية وخاصة الجنوب تحت ستر وحماية بحرية من القوات السعودية والمصرية والإماراتية..
  3. استخراج النفط اليمني وأثره على القوات المسلحة: أدى الانقسام اليمني ثم بدء عاصفة الحزم، إلى تراجع معدلات الاستخراج النفطي من (145) ألف برميل/يوم إلى (125) ألف برميل /اليوم، مما أثر بالسلب على القطاعين العسكري والمدني، فقد تأثر الإمداد بالوقود للقوات المسلحة مما يحد من التحركات القتالية والإدارية، كما تأثر القطاع المدني بشدة، في قطاعات النقل المختلفة وكان من أحد عراقيل النزوح والهجرات الداخلية من المناطق المتضررة نتيجة العمليات العسكرية.

خامسًا: طبيعة مسرح العمليات اليمني وتأثيره على الأعمال القتالية:

يصنف كمسرح جبلي صحراوي، حيث تمتد السلاسل الجبلية الوعرة من الشمال إلى الجنوب محاذية للبحر الأحمر، لتشكل سهل ساحلي هو امتدادا لسهل تهامة في السعودية، وحتى مضيق باب المندب جنوبًا، وتتدرج تلك السلسلة في الارتفاعات عن سطح البحر بمعدل (2000-3760) حيث أقصى ارتفاع غرب صنعاء... تمر السلسلة الجبلية الأخرى من الجنوب الغربي في اتجاه الشرق بمحاذاة بحر العرب لتشكل سهل ساحلي يزيد اتساعه  كلما اتجهنا شرقًا وحتى الحدود العمانية... وتتحكم السلاسل الجبلية في طرق التحرك مما يحد من القدرة على المناورة أو الفتح القتالي، كما يعطي ذلك ميزة للمدافع بعكس المهاجم.. كما توفر المغارات الجبلية حماية طبيعية للقوات المدافعة وأيضًا التخزين الآمن للمعدات والذخائر، حيث يكون تأثير القصف الجوي والمدفعي محدودًا..

لا توجد أنهار، ولكن وديان عدة تغمرها مياه الأمطار الغزيرة، وقد برع اليمنيون منذ القدم، في بناء السدود لحجز تلك الأمطار للاستفادة منها على مدار العام، ولعل أشهرها (سد مأرب) الذي كان يحجز أكبر سيول الوديان كما ذكره القرآن الكريم (بسيل العرم) ومازالت أكتاف السد القديم موجودة حتى الآن وتشكل تلك السدود وما تحتجزه خلفها من مياه عائقًا للتحركات العسكرية... تستطيع القوات الجوية تقديم الدعم النيراني لأي مكان في المسرح، كما تستطيع القوات البحرية تقديم الدعم النيراني للقوات العاملة في السهول الساحلية.

تشكل المناطق الجبلية قيودًا على استخدام المجنزرات عمومًا، ولكنها أكثر ملاءمة لعمل القوات الخفيفة من المشاة والقوات الخاصة والمظليون، وتكون أكثر مناسبة لاستخدام المدفعيات المجرورة والهاونات على نطاق واسع..

الرياح السائدة، هي رياح جنوبية إلى جنوبية شرقية، مما يؤثر على استخدام الدخان والحرب الكيميائية، وانحراف قفز المظليون، واتجاهات مدارج المطارات للإقلاع والهبوط.. كما أن كثرة الجزر وخاصة في البحر الأحمر توفر نطاقًا آمنًا متقدمًا للدفاع البحري كما أنها تهدد السفن المعادية.

سادسًا: الخلاصة:

  1. عاصفة الحزم، كانت ضرورية لدعم الشرعية اليمنية ودعم الأمن القومي لجنوب شبه الجزيرة العربية وتحجيم الدور الإيراني في المنطقة مذهبيًا وعسكريًا..
  2. أدت الضربات الجوية والبحرية للتحالف العربي إلى تدمير البنية التحتية لتحالف (الحوثي / صالح) وخاصة الأهداف الاستراتيجية العسكرية للمعسكرات ومناطق التجمع ومخازن الأسلحة والمعدات والذخائر ومدارج المطارات دون الطائرات ومناطق تمركز وانتشار الصواريخ البالستية (سكود)
  3. دعمت قوات التحالف الجوية والبحرية أعمال القتال البرية للقوات الشرعية، بالإضافة إلى العمليات البرية المحدودة لقوات التحالف في (صعدة – مأرب – عدن – المكلا)..
  4. أظهر قياس التوازن العسكري للقوات اليمنية بين عامي (2014-2017) تراجعًا كبيرًا في الأسلحة والمعدات نتيجة (الخسائر – التفتت بين الجيش الوطني وتحالف (الحوثي / صالح) وصعوبة رصد بعض العناصر في القياس الثاني، نتيجة سيولة الموقف وانصراف بعض القوات بأسلحتها إلى قبائلها..
  5. حسمت قوات التحالف العربي  أعمال القتال الجوي والبحري، ولكن لم يتم حسم المعارك البرية، نظرًا للطبيعة الجبلية الوعرة لمعظم مسرح العمليات، مع استمرار  تقديم الدعم الجوي والبحري وخاصة في شمال وجنوب اليمن...
  6. بعد حصار وتفتيش السفن الإيرانية لجأت إيران إلى الإمداد البحري عبر سفن صيد صغيرة في أقصى شرق اليمن في خليج (القمر) وعبر مراسي صغيرة مثل (الغيضة – هروت) ثم إلى العمق اليمني ويحتمل أن الصاروخ الذي أطلق عل القطعة البحرية الإماراتية أمام الحديدة – المخا، قد أتى من هذا الطريق، مما يستلزم السيطرة على سفن الصيد في هذا الاتجاه وتفتيشها مع الاستعانة بالأقمار الصناعية الصديقة للرصد المستمر..
  7. أدت أعمال القتال إلى تراجع معدل استخراج النفط اليمني (مأرب – شبوة) مما أثر على احتياجات القوات المسلحة من الوقود، كما أثر على قطاع النقل المدني، وأيضًا على تنقلات اللاجئين والفارين من مناطق القتال، حيث تحرك بعضهم سيرًا على الأقدام.
  8. أظهرت عملية (السهم الذهبي) في عدن كفاءة التعاون والتنسيق القتالي بين القوات المختلفة (الإماراتية – السعودية – الجيش الوطني، واليمنيين المدربين في السعودية)
  9. أظهر ولاء ومبايعة قادة ألوية الجنوب والشرق للحكم الشرعي، رسالة خفية قد تدعو إلى الانفصال اليمني قبل وحدة عام (1993م) التي يعتبرها معظم الجنوبيين (وحدة بالإجبار) ولكن سيكون ذلك مؤجلاً لما بعد الوصول إلى حل سياسي للأزمة.

10.نتج عن أعمال القتال وخاصة في الجنوب الغربي والشرقي، إعطاء حرية أكبر لتنظيم القاعدة لينشط في أعماله القتالية و إطلاق سراح حلفائه ورجاله من سجن (المكلا) مما أحدث نوعًا من الفوضى القتالية وكثير من اغتيالات رجال القضاء والشرطة في المنطقة، رغم استهداف العديد من عناصر القاعدة بواسطة الطائرات بدون طيار الأمريكية، القادمة ربما من جيبوتي أو من قطع الأسطول الأمريكي في المنطقة.

11  .وأخيرًا وكما نقول دائمًا - وبعد نهاية الحروب العالمية الشاملة التي كانت تستمر إلى تحقيق النصر الكامل، مقابل الهزيمة الكاملة للطرف الآخر – (ستظل الحروب هي مرحلة وسيطة بين السياسة والسياسة) وهو ما يسعى إليه المجتمع العربي والدولي لإيجاد حلول مناسبة، تحافظ على الشرعية والوحدة اليمنية، وتدعم الأمن القومي العربي وتؤمن الممرات الملاحية الدولية الهامة التي تخدم الاقتصاد العالمي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أستاذ الأمن القومي الزائر بأكاديمية ناصر العسكرية العلياـ مستشار المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة ـ الملحق العسكري المصري الأسبق باليمن

 

 

 

ملحق (أ)

القوات اليمنية قبل وبعد عاصفة الحزم

الرصد

 

عناصر القتال

 

2014

2017

ملاحظات

القوات البشرية العاملة

76000

43000

الفرق= خسائر وانقسام القوات المسلحة

القوات البشرية الاحتياطية

71000

معبأة

 

قوات برية

دبابات قتال

مركبات قتال مدرعة

مدفعية ذاتية الحركة

مدفعية مجرورة

صواريخ ميدان

صواريخ بالستية (سكود)

 

1260

3007

25

280

423

25

 

826

2003

25

280

423

أقل من (10)

 

خسائر

خسائر

معلومات غير محدثَة

معلومات غير محدثَة

معلومات غير محدثَة

خسائر + استخدام

قوات جوية (إجمالي)

طائرات قتال ونقل

هيل خدمة عامة

هيل مسلح

 

170

62

24

 

169

61

14

 

معلومات غير محدثَة

معلومات غير محدثَة

خسائر

القوات البحرية (إجمالي)

الانفاق العسكري

 مليار دولار

واردات السلاح

استخراج البترول وأثره على القوات المسلحة

61

 

 

1.7

4 مليون

يكفي ويصدر

30

 

 

1.4

؟

لا يكفي

خسائر

 

 

 

 

أثر بالسلب على كفائة وتحركات القوات المسلحة

 

المصدر: Global Firepower (2014-2017)

مقالات لنفس الكاتب