array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 123

المرابطة في الأقصى المبارك تضم أبناء ديانات مختلفة ومن جنسيات متعددة المرابطون في الأقصى .. جنود لحماية ثغر من ثغور الإسلام

الأربعاء، 20 أيلول/سبتمبر 2017

في الثامن والعشرين من شهر سبتمبر /أيلول للعام 2000م، قام أرئيل شارون برفقة قادة المؤسسة الأمنية والسياسية في دولة الاحتلال الإسرائيلي وبحماية من الشرطة باقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك وتدنيسها، الأمر الذي أثار غضب الفلسطينيين في كل مكان واشتعلت انتفاضة شعبية عارمة سرعان ما تحولت إلى مواجهات مسلحة في كافة أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل الفلسطيني ناهيك عن مواجهات دامية وقعت في باحات المسجد الأقصى المبارك سقط فيها عشرات الشهداء دفاعًا عن الحرم القدسي الشريف.

هذه الأحداث كانت بمثابة ناقوس الخطر الذي ولدت منه فكرة المرابطة داخل المسجد الأقصى وفي باحاته وساحاته لمواجهة أي محاولة للمتطرفين اليهود لاقتحامه أو الصلاة فيه تأكيدا على إسلامية المكان وعروبته.

والمرابطون في الأقصى هم رجال ونساء مقدسيون يقدرون بالمئات لا تنظيم لهم ويعملون بشكل تطوعي للبقاء داخل المسجد الأقصى للرباط فيه وأصبحوا يشكلون حائط الصد الأول للدفاع عن المسجد ومنع أي محاولة لتقسيمه زمانيًا أو مكانيًا أو أي محاولة لاقتحامه وتدنيسه من قبل المجموعات المتطرفة التي تحاول على الدوام فرض حالة أمر واقع في الحرم القدسي الشريف.

وقد دأبت سلطات الاحتلال خلال السنوات الأخيرة على استهداف المرابطين سواء بالإبعاد أو الاعتداء عليهم وحتى الاعتقال والغرامات الباهظة والتهمة واضحة وهي التواجد بشكل يومي داخل المسجد الأقصى المبارك.

وتوجت حملة الاستهداف للمرابطين بمحاولة ما يسمى وزير الأمن الداخلي في دولة الاحتلال بالتعاون مع أجهزة أمنية أخرى- بتقديم مشروع قانون يعتبر المرابطين في المسجد الأقصى بالقدس المحتلة تنظيمًا محظورًا، مما يضع هؤلاء الشبان والفتيات في دائرة الاستهداف المباشر والخطر الحقيقي على حياتهم وحركتهم وحريتهم في العبادة في الحرم القدسي الشريف.

فرضوا الحصار فكان الرد بالرباط والاعتصام

في الأحداث الأخيرة في داخل باحات الحرم القدسي الشريف وعلى أبوابه ظهر دور المرابطين والمرابطات بشكل جلي في الدفاع عن المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك عندما فرضت قوات الاحتلال الحصار المطبق على المسجد وأغلقته بوجه المصلين في محاولة لفرض حقيقة جديدة على الأرض من خلال بوابات الكترونية تمهيدًا لفرض حلم التقسيم، فكان المرابطون ومن خلفهم كل الفلسطينيين في القدس والداخل شوكة في حلق الاحتلال عندما قرروا وبصوت واضح وجلي أن لا للبوابات وغيرها من الإجراءات الإحتلالية والعنصرية على أبواب القدس وفرضوا اعتصامًا سلميًا استمر لأكثر من أسبوعين على أبواب الأقصى مفضلين الصلاة في الطرقات وبجوار الأسوار وتحت حرارة الشمس في العراء على القبول بأي وسيلة تمتهن من كرامة المقدسيين والمصلين مؤكدين أن لا سيادة للاحتلال على المكان وأن السيادة فقط للأوقاف الإسلامية في القدس وحدها دون غيرها ضمن اتفاقية الوضع القائم " الاستاتيسكو " منذ الاحتلال الصهيوني الغاشم للقدس في العام 1967م .

هذه الأحداث أعادت دور المرابطين المقدسيين إلى الواجهة ودورهم في حماية المسجد الأقصى .. محمد وهو أحد شبان المدينة المقدسة اعتاد الذهاب للمسجد الأقصى المبارك منذ نعومة أظفاره بصحبة والده الذي فارق الحياة وهو ينطق بالشهادتين موصيًا بالأقصى والحرم كما يقول محمد: " نحن للأقصى فداء لا نخذله ولا نتركه هو ميراث أجدادنا ووصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات يرددها كافة المرابطين في القدس وينفذونها يوميًا من خلال التواجد داخل الأقصى يوميًا ولو من خلال تأدية صلاة واحدة فيه على الأقل كما يقول محمد.

يضيف المرابط محمد: إن قوات الاحتلال احتجزته أكثر من مرة ومنعته من الوصول للمسجد الأقصى بقرار قضائي لمدة ثلاثين يومًا إلا أنه في اليوم الحادي والثلاثين صلى الفجر جماعة داخل الأقصى المبارك من شدة الشوق والحنين لأولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين.

وخلال حصار المسجد الأقصى الأخير وإغلاق بواباته بقي محمد مرابطًا على أسواره مقيمًا للصلاة مع المعتصمين في ساحة باب الأسباط رافضين البوابات الإلكترونية ومصرين على إزالتها , لم يتركوا المكان أبدًا مرابطين ليلاً و نهارًا هناك وطعامهم وشرابهم كان متوفرًا من الأهالي الذين ساندوهم بكل ما يستطيعون ولم يجعلوهم يشعرون أنهم وحدهم في المعركة.

يقول محمد كانت والدتي السبعينية تأتي في صباح كل يوم تطمئن علينا وعلى صمودنا محضرة معها ما تجود به النفس ومعها الأدعية التي تسلحنا بها من أجل الصمود والبقاء وترفع معنوياتنا بالدعاء لرب العالمين بالنصر والثبات ودحر الاحتلال وبواباته العنصرية.

ويشير محمد أنه في بداية الأمر كانت فكرة المرابطة داخل المسجد الأقصى المبارك لعدة أيام أو أسابيع مقتصرة على أبناء المناطق الشمالية لفلسطين وعدد من سكان الضفة الغربية الذي يستطيعون الوصول عبر الحواجز الاحتلالية التي تخنق مدينة القدس وتحاصرها، وكان العدد يقدر بالعشرات بين الفينة والأخرى ومع اشتداد الهجمة العنصرية الإسرائيلية على المسجد الأقصى توسعت فكرة الرباط والتواجد داخل باحات وساحات المسجد وأصبح المقدسيون هم الركيزة الأساسية للرباط الدائم وتضاعف العدد إلى المئات والآلاف مع تزايد المواجهات وتكثيف الاقتحامات من قبل المتطرفين والمجموعات اليهودية، وقد وصل عدد المعتصمين والمرابطين خلال الحصار الأخير للمسجد إلى قرابة 50 ألف مرابط .

النساء المرابطات: أبناؤنا وحياتنا رخيصة لأجل الأقصى

المرابطات والنسوة في القدس هنً حجر الزاوية في قضية الرباط في المسجد الأقصى المبارك، وبإصرار وعزيمة لا تلين داومت نساء القدس على الرباط في الأقصى وأصبحن أيقونة لأهل القدس شيبها وشبابها، يصطحبن أطفالهن لحلقات العلم والدروس الدينية في مصاطب المسجد بشكل دوري ومستمر، يرضعنهم من حليب الكرامة فيكبرون على معاني العزة والصمود مدافعين عن أقصانا ومسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

تقول المرابطة أم إبراهيم وهي من سكان القدس العتيقة: خلال حصار المسجد الأقصى كانت جميع نساء القدس في الميدان وفي الرباط ومع المعتصمين أمام أبواب المسجد، جنبًا إلى جنب مع الشبان والشيوخ والأطفال نشد من أزرهم وندعمهم بما نستطيع متسلحين بالدعاء لله عز وجل بالنصر المبين، وكنا كذلك نصنع الطعام ونرسله للمرابطين كي يستمروا في الصمود.

وفي بعض الحالات كما ذكرت أم إبراهيم كانت بعض النساء ترفض تقديم الطعام والشراب لأزواجهن وأبنائهن داخل البيوت وأن الطعام فقط أمام الأبواب وفي ساحة الاعتصام لتحفيزهم للتواجد الدائم إلى جانب المرابطين والمعتصمين.

على مدار أسبوعين من الصمود المتواصل على بوابات المسجد الأقصى المبارك سطر المرابطون ملحمة أسطورية لم تكن يومًا في حسبان المؤسسة الإسرائيلية بذراعيها السياسي والأمني، ووقف الكيان الإسرائيلي حائرًا أمام هذا المشهد حيث توحد الجميع خلف القيادات الدينية في المدينة المقدسة التي دعمت المرابطين وساندتهم في كل شيء ووقف الجميع مع المرابطين رافضين أي إجراء عنصري من قبل الاحتلال حول المسجد الأقصى.

وفي خطوة متقدمة قررت القيادة الفلسطينية قطع كافة أنواع الاتصالات مع دولة الاحتلال حتى تلبية كافة مطالب المرابطين والمعتصمين في القدس وهو الأمر الذي عزز من موقفهم وأضاف شعورًا عارمًا بأن الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه وقيادته يقف خلفهم ويساندهم في معركة الصمود وإثبات السيادة ونصرة للحق وللبيت المقدس.

المرابطون الأجانب والعرب: أخوة الدين والأقصى يجمعهم

وانضم إلى المرابطين في اعتصامهم عدد من المسلمين القادمين من عدة دول ممن تمكنوا من الوصول لمدينة القدس من الصين وتركيا وماليزيا واندونيسيا ومصر وغيرها .. بالإضافة إلى بعض المتضامنين من غير المسلمين ومنهم متضامن هولندي يدعى ميخائيل ويبلغ من العمر 37 عامًا، حيث كان يجلس مع المرابطين، الذين رحّبوا به، وأطعموه طعامًا فلسطينيًا شعبيًا، حيث روى لهم أنه درس تاريخ الديانات في الشرق الأوسط، ويعتبر أن الحق الفلسطيني في هذه الأرض متجذر.

إحدى المرابطات المقدسيات معلمة تدعى هنادي كانت تحضر بشكل يوميّ للاعتصام أمام باب الأسباط تروي أحد المواقف التي أكدت على العلاقة بين المسجد الأقصى المبارك والعمق العربي والإسلامي قائلة: تجهزنا في إحدى ليالي الاعتصام لصلاة العشاء، لكن الاحتلال باغتنا بالهجوم على المحتشدين وأطلق علينا الأعيرة النارية والقنابل المسيلة للدموع، وأنا كنت مع نساء مسنّات وهربنا مرددين الأذكار وآيات من القرآن، وفي تلك اللحظة كانت تجاورنا صحفية روسية تصوّر الأحداث، بدأت بالصراخ وأمسكت بيدي، وبعدها تفرّقنا بسبب استمرار إطلاق القنابل.

هذه المشاهد وغيرها خاصةتلك المرأة التي تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي لها وهي تبكي بعد إصابة ابنتها، إثر فض الاحتلال جموع المعتصمين أمام أبواب الأقصى، لكنها رغم ذلك قالت: "لا أفكر الآن في ابنتي، كل ما أريده هو نصرة الأقصى، فلتكن ابنتي وسيلة لذلك، ولأكن أنا أيضًا".

المسيحيون .. " مرابطون " من أجل الكرامة والحرية

بالإضافة إلى مشاهد المتضامنين الأجانب مع المرابطين والمعتصمين على أبواب المسجد الأقصى المبارك، رسم الفلسطينيون وخاصة أبناء بيت المقدس صورة تمثل الحالة الفريدة التي يتمتع بها المقدسيون من التآخي الإسلامي المسيحي، ولا يزال مشهد سجود المصلين في باب الأسباط، وبقاء الشاب المسيحي نضال جوزيف عبود واقفًا يقرأ من الإنجيل في يده، عالقًا في الأذهان، فالمشهد فتح الباب واسعًا للكشف عن تنوع فريد في صفوف المشاركين بالاعتصام المفتوح، فالمشاركة في الاعتصام الذي هدف لإنهاء إجراءات الاحتلال في الأقصى، لم تقتصر على المصلين الذين اعتادوا ارتياد المسجد، ولا حتى على المسلمين أو العرب وحدهم.

وليام مسيحي مقدسي أصيبت ابنته بقنبلة صوت أثناء تواجدها في الاعتصام وتصويرها للأحداث، كان أحد المداومين على الاعتصام في باب الأسباط، يقول: "نحن شعب فلسطيني واحد ويجب أن نساعد بعضنا البعض، وكلما ازداد الوضع صعوبة يجب أن نصمد".

دول الخليج وعبر جمعيات خيرية ساندت المرابطين ودعمتهم

تلعب الجمعيات الخيرية وبالذات تلك التي تدعمها العديد من دول الخليج العربي وبالذات المملكة العربية السعودية، دورًا فاعلاً في مساندة مجموعات المرابطين في الأقصى وبشتى الوسائل الممكنة، بعض هذه الجمعيات الناشطة في الأراضي الفلسطينية سيرت قرابة 100 حافلة لشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك إضافة لتزويد المرابطين بالماء والطعام طيلة الفترة التي أغلق بها المسجد.. كما أسهمت بصيانة مرافق المسجد بالتعاون مع أوقاف القدس..

رئيس إحدى هذه الجمعيات الدكتور رمضان طنبورة يقول: نحن نشرف على دعم ومناصرة  القدس والمسجد الأقصى المبارك من خلال أهل الخير في دول الخليج عامة والسعودية خاصة، وتعتبر جمعية الفلاح الخيرية التي يرأسها الشيخ طنبورة وهو عضو المجلس الوطني الفلسطينيمن الجمعيات النشطة والمتميزة بفلسطين حيث تأسست في العام 1996م، ولم تنخرط بأي توجه سياسي، وقد أنشأت عدة مشاريع ومراكز تتبع لها وتخدم فئات مختلفة من المجتمع وتقدم خدماتها مجانًا، وفي القدس تعتبر من أهم الجمعيات العامة فيها والداعمة للمسجد الأقصى المبارك والمرابطين فيه .

بالإضافة إلى الدعم الذي تقوم به بعض الجمعيات الخيرية للمرابطين في الأقصى كان لرجال القدس وأهلها دور فاعل في دعم المعتصمين أمام البوابات خلال فترة الحصار من رجال الأعمال وأهل الخير الذين كانوا على الدوام يزودون المعتصمين بالماء والشراب والطعام وما يلزمهم من أجل الاستمرار في اعتصامهم ودعم صمودهم في معركتهم لإثبات السيادة الفلسطينية والإسلامية على المكان.

مهاجرون وأنصار في الرباط المقدس

المرابط إبراهيم يعود ويؤكد أن أهل الخير من مدينة القدس كانت لهم وقفة رجولية ونخوة منقطعة النظير، وكان دورهم لا يقل أبدًا عن دور المعتصمين أمام البوابات فهم كانوا الوقود لاستمرار الاعتصام وصمود المرابطين لما قدموه من دعم مادي ومعنوي لنا ولم يبخلوا عنا بأموالهم وتجارتهم ووقتهم وكانوا يساندوننا في كل الأوقات، ولا يغفل إبراهيم من الإشارة إلى أهالي الأراضي المحتلة عام 1948م، الذين رغم كل المضايقات والحواجز التي وضعتها شرطة الاحتلال للحيلولة دون وصولهم إلى تخوم المسجد الأقصى كانوا دائمين التواجد والاعتصام، وقد انضموا للمعتصمين بعد أن اجتازوا تلك الحواجز بشتى الطرق والوسائل.

خالد من منطقة العيسوية في مدينة القدس المحتلة يروي كيف فتح أبواب بيته للمرابطين والمعتصمين الذين قدموا من مدن الشمال الفلسطيني كالناصرة وحيفا وأم الفحم يعتصمون ليلاً نهارًا مع أهالي القدس، حيث كانت بيوتنا مفتوحة لهم لقضاء حاجاتهم والاستراحة فيها وتناول ما تيسر من الطعام والشراب في مشهد يذكرنا بأيام المهاجرين والأنصار الذين اقتسموا كل شيء فيما بينهم عن رضى ومحبة كما يقول خالد.

ويشير خالد أن عددًا لا بأس به من المرابطين والمعتصمين لم يكونوا من الملتزمين والمواظبين على الصلاة في المسجد الأقصى المبارك إلا أنهم عندما استشعروا بحجم الخطر الذي يهدد مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم انتفضوا جميعًا وهبوا للدفاع عنه وأقاموا الصلاة في الشوارع وأمام البوابات وكأنهم قضوا كل حياتهم داخل باحات المسجد الأمر الذي يعتبره خالد من حالات الالتفاف الشعبي والفريدة من نوعها في الشعب الفلسطيني التي لقيت الإجماع الكامل والمنقطع النظير من الجميع بمختلف الأطياف والتوجهات والاهتمامات إذ أن الأقصى يجمع الفرقاء ويوحدهم، ولا توجد قضية وحدت الفلسطينيين منذ عقود كهذه القضية التي وقف الجميع فيها على قلب رجل واحد قيادة وشعبًا وفصائل وتنظيمات شيبًا وشبانًا مسيحيين ومسلمين .

زيارة الأقصى للرباط فيه ليست تطبيعًا مع الاحتلال

ويذكر المرابط المصري الذي قدم هو وزوجته وأطفاله لزيارة المسجد الأقصى المبارك قادمًا من السويد حيث يقيم وأسرته هناك منذ سنين: إن زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه ونيل شرف الرباط فيه ولو لبضعة أيام هو أكبر دعم مباشر نستطيع نحن المسلمين والعرب القادرين على الوصول إليه وبأي طريقة كانت لا تعتبر بأي حال من الأحوال تطبيعًا مع دولة الاحتلال، ويضيف المرابط المصري جمال خليل أن مشاركة المسلمين من خارج فلسطين بالتصدي لاقتحامات المستوطنين هو واجب ديني والتزام أخلاقي تجاه قبلة المسلمين الأولى.

ويضيف جمال أن الزيارة للأقصى يجب أن تكون ليست كأي زيارة بل بنية الدفاع عنه، وهذا يترتب عليه التصدي لاقتحامات المستوطنين، ولهذا أنا ضد فتاوى التحريم المطلق لزيارة الأقصى، إنما التحريم يجب أن يكون لمن يأتي سائحًا للأقصى بما يجمل الاحتلال ويدعمه، أما من جاء مجاهدًا لحماية الأقصى فهذا ليس جائزًا فحسب بل واجب لمن استطاع إليه سبيلاً.

حراسة المسجد الأقصى ... عقيدة الرباط وواجب الحماية

حراسة المسجد الأقصى تعتبر رأس الحربة في الدفاع عن المسجد وحمايته من التدنيس والاقتحامات، والحراس هم دائمًا في فوهة البركان ويعانون الويلات والعقوبات والحبس والغرامات الباهظة من قبل شرطة الاحتلال مقابل قيامهم بواجبهم الديني تجاه المسجد الأقصى المبارك، ويشرف حراس المسجد الأقصى على حماية المسجد والدفاع عنه وخدمة المصلين.

ويقولالشيخ عمر الكسواني مدير المسجد الأقصى أن عدد حراس المسجد يبلغ 235 حارسًا بينهم 8 حارسات نساء، حيث تكون حراسة المسجد على مدار الساعة، والعدد الأكبر للحراس يكون خلال الفترة الصباحية ويبلغ 80 حارسًا.

وأوضح الشيخ الكسواني أن الحراس يتوزعون على جميع أبواب المسجد الأقصى، وعلى أبواب مساجده الداخلية، وفي باحاته، إضافة إلى دوريات خاصة عند باب المغاربة، والحراس يقومون بالتواجد بشكل خاص في محيط المستوطنين المقتحمين للمسجد الأقصى لصد أي تجاوزات يقومون بها.

وعن الحارسات أوضح الشيخ الكسواني أنهن يعملن داخل مسجد قبة الصخرة والمصلى القديم، ويتم تنظيم عملهن من خلال "نظام المناوبة"، وقد تم توظيف حارسات للمسجد الأقصى للتواجد في المسجدين لتأمين كافة سبل الراحة للنساء الوافدات إلى المسجد الأقصى.

والحراس كما يقول الشيخ الكسواني هم دائمًا في دائرة الاستهداف، اعتبار عملهم ووجودهم الدائم في ساحات الأقصى يعرضهم للكثير من المضايقات المتمثلة بالاعتقال والاعتداء بالضرب والإبعاد عن الأقصى، مضيفًا أن كل مصلٍ هو حارس في الأقصى وأن الحراسة ليست مسمى وظيفي للحراس فقط إنما لكل مسلم يصل إلى المسجد.

أحد حراس المسجد الأقصى وهو ماهر القيسي يعمل في الأقصى منذ 33 عامًا يقول إن الحراسة في الأقصى هي مسؤولية وأمانة خاصة في ظل ما يتعرض له المسجد من إجراءات لمحاولة المس بقدسيته، إضافة إلى الاقتحامات والانتهاكات من قبل المتطرفين اليهود.

وأضاف أن الحراسة في الأقصى هي جزء من الرباط فيه وليست مهنة نقوم بها أو نؤديها بل نحن نعتبر أنفسنا نقوم بواجب الرباط والدفاع عن أقصانا ومقدساتنا وحمايتها.

طفولة مرابطة نشأت على عقيدة الدفاع عن المسرى

أطفال لم يتجاوز عمرهم العشرة أعوام تراهم ينتشرون بين المرابطين والمعتصمين أمام بوابات المسجد الأقصى المبارك خلال فترة الحصار وحتى قبل ذلك، وما أن تلتفت عينك يمنة ويسرة حتى ترى أطفالاً صغارًا إما يلعبون أو يتجمعون في حلقات العلم، وحريصون على التواجد الدائم برفقة أهلهم أو بشكل منفرد داخل باحات المسجد الأقصى المبارك.

وخلال فترة الاعتصام كانت مشاهد هؤلاء الأطفال وهم يرشون الماء على المصلين الصامدين أمام باب الأسباط، أحد أبواب مدينة القدس القديمة وبعضهم يقدم القهوة ويوزع الفواكه ويساعد في توزيع الطعام على المرابطين والمعتصمين، والبعض الآخر يوزع الكتب على المرابطين للقراءة بعد أن جمعها خصيصًا لهذا الغرض.

الرباط في المسجد الأقصى المبارك كانت فكرة وليدة لحظة تاريخية مرت بها مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك على وجه الخصوص وكانت نابعة من الغيرة على الدين والوطن والمقدسات وهي اليوم أصبحت ظاهرة تؤرق صناع القرار في كيان الاحتلال وعلى المستويات الأمنية والسياسية، إذا أصبحت ظاهرة عفوية وتلقائية وغير مسيسة لا تتبع تنظيمًا أو توجهًا معينًا يقودها الاستشعار بأن الأقصى في خطر دائم , ولذا وجب الدفاع عنه وحمايته بكل الطرق والوسائل، هذه الفكرة تستوجب من العرب والمسلمين دعمها ومناصرتها والحرص على استمراريتها ورفدها بمزيد من المرابطين من كافة أرجاء الأرض، من خلال تكثيف الزيارات الدورية للمسلمين القادرين على الوصول لمدينة القدس وهي أبلغ رسالة لدولة الاحتلال بأن الأقصى لن يكون وحيدًا في هذه المعركة ورسالة دعم وإسناد للمرابطين بأننا معكم لن نخذلكم ولن نترككم ولن تكونوا فريسة سهلة وأنتم الأعلون وأنتم على ثغر من ثغور الإسلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب فلسطيني وباحث في شؤون القدس

مقالات لنفس الكاتب