array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 123

زعامة أنقرة وطهران للمنطقة تمر عبر بوابة التأييد الفلسطيني تأثير الاستقطاب الإقليمي على القضية الفلسطينية: دور تركيا وإيران

الثلاثاء، 19 أيلول/سبتمبر 2017

 فيما يخص علاقة تركيا بالقضية الفلسطينية في ظل تنافسها على زعامة العالم الإسلامي، حريٌّ بنا التوقّف عند النقطتين التاليتين:

أولاً: علاقة تركيا بالقضية الفلسطينية

خلافًا للمعطيّات الدينية والوجدانية والتاريخية للقضية الفلسطينية لدى الأتراك عمومًا، وحزب العدالة والتنمية الحاكم خصوصًا، تقوم المقاربة التركية للقضية الفلسطينية على ثلاثة أسس، منها الثوابت المبدئية، وأخرى القانونية، وثالثة السياسية التي ترى:

1-  أنَّ هناك شعبًا مظلومًا، حيث أراضيه محتلّة، وقضيته عادلة، ويمتلك كل المقوّمات القانونية والشرعية التي تخوّله الدفاع عن حقه، ولا يوجد داعم حقيقي له على حد ما تردده أنقرة. كما أنّ قضيته تتحوّل دومًا إلى عنصري: الاستغلال والتوظيف من قبل أطراف عديدة لتبقى تدور في دائرةٍ مفرغة، وتبقى بالتالي: جزءًا من حالة عدم الاستقرار الإقليمي، والحروب والنزاعات القائمة في الشرق الأوسط.

2-  أنّ هناك قرارات صدرت وتصدر عن المؤسّسات الدولية لصالح القضية الفلسطينية، وحقوق لا يمكن تجاهلها نصّ عليها القانون الدولي، ومع ذلك يتم تجاهلها، والقفز على هذه الحقوق عبر الموقع المميّز والمحصّن الذي تمنحه بعض الدول (لإسرائيل)، ولجوء الأخيرة إلى القوّة العسكرية مع الفلسطينيين، وهو أمر غير مقبول، كما تردد تركيا

وبالتالي: فإنَّ تحقيق الأجندة التركية يتطلّب استقرارًا إقليميًا، وتعتبر القضية الفلسطينية في صلب معظم المشاكل والحروب التي جرت خلال العقود الماضية، بسبب السياسة الإسرائيلية وما تمثّله من احتلالٍ وعدوان، وبقاء هذه القضية معلّقًة على هذه الشاكلة من شأنه أن يُبقي منطقة الشرق الأوسط مشتعلة، ولا يؤثّر ذلك على المنطقة وشعوبها فحسب، بل إنَّ ارتداداته ستؤثّر سلبًا على الوضع في تركيا، وعلى الأجندة التركية، وقدرة تركيا على تحقيق هدفها الاستراتيجي[1].

وظهرت تركيا خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر عام 2008م؛ كواحدةٍ من الدول التي وقفت بقوّة إلى جانب الشعب الفلسطيني خصوصًا في قطاع غزة‏، عكستها المواقف الرسمية والشعبية وتعليقات الصحف، وبرز رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" في واحدٍ من أقوى المواقف المعبّرة والمؤثّرة احتجاجًا على هذا العدوان‏ بعدما وصفه أنّه إهانة لتركيا‏ نفسها[2].

        وبالإمكان القول: إنَّ الموقف التركي الرسمي لم يكن موقفًا سياسيًا تركيًا ثابتًا يعبّر عن رغبةٍ خالصةٍ في التخلّص تمامًا من ربقة ارتباطات أنقرة بتل أبيب، بقدر ما هو موقفٌ براغماتي يميل أكثر إلى المكيافيللية، أرادت أنقرة من خلاله الضغط على الاتحاد الأوروبي للقبول بتركيا عضوًا دائمًا فيه. فقطاع غزة يمثّل بالنسبة لأنقرة حصان طروادة، تستطيع من خلاله الضغط على الأطراف كافة دفعةً واحدة لتحقيق مصالحها القومية.

فتركيا التي تعمل حثيثًا على استعادة أمجادها القديمة بتزعّم العالم الإسلامي، ترى أنَّ الأوان قد آن لضم الفلسطينيين بالذات إلى محورها لأنّهم أصحاب قضية نضال عادلة، ويكتسبون شعبية جماهرية طاغية عربيًا وإسلاميًا، خصوصًا حركة حماس التي تتميّز بشعبيةٍ طاغيةٍ في الشارعين العربي والإسلامي، بسبب ما تتبنّاه من مواقفٍ ملموسةٍ في الكفاح المسلّح ضد الوجود الإسرائيلي في فلسطين. لذلك: فمن وجهة نظر أنقرة فإنَّ بوابتّها لزعامة العرب والمسلمين مرتبطة أساسًا بكسب التأييد الفلسطيني بمختلف أطيافه، ما قد يُسهّل لها مهمّة الزعامة مستقبلاً.

ثانيًا: علاقة تركيا بالمنطقة العربية

شكّل وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في عام 2002م، توثيقًا للعلاقات التركية مع الدول العربية، وجاء تعزيز تلك العلاقات نتيجة قناعات قادة هذا الحزب بضرورة تسريع تنامي وتيرة العلاقات التركية بالبلدان العربية، على أمل أنْ تتطوّر في المستقبل بشكلٍ أكبر لتصبح علاقاتٍ استراتيجية، خاصةً وأنَّ تركيا تتطلّع إلى تجاوز الكثير من العقبات غير الضرورية التي حَدّت من تطوير العلاقات، ولتعزيز نفوذها في العالم الإسلامي باعتبار أنَّ تركيا من أهم وأقوى البلدان في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، خاصةً في ظل الإدراك والاحتياج الاستراتيجي المشترك لكلا الطرفين تبرز الحاجة إلى ضرورة تفعيل علاقاتها مع البلدان العربية وتطويرها.[3]

ومع استلام "أردوغان" رئاسة الوزراء بدأت تركيا تبحث لها عن فرصةٍ لا كموطئ قدمٍ في المنطقة فحسب؛ بل المنافسة على الزعامة في ظل خوار العرب السنيّون من جهة، ومساعٍ إيرانيةٍ حثيثة للانقضاض على هذه الزعامة التي تعمل من أجلها بدأبٍ من جهةٍ أخرى. فتركيا: بحكم عضويتها في حلف الناتو، وقوّتها العسكرية الملحوظة، وتقاربها الواضح للعيان مع الولايات المتحدة، وتذبذب علاقتها (بإسرائيل) بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007م، وحادثة الاعتداء على أسطول الحرية في المياه الدولية لقطاع غزة في عام 2010م، واتّباع سياسة صفر مشاكل مع الدول الإقليمية، خصوصًا الجارة سوريا حتى انطلاق الحِراك السوري في آذار (مارس) 2011م، ومع مصر حتى تاريخ عزل الرئيس محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) 2013م.

في ضوء ذلك كله: ارتأت تركيا أنَّ الأوان قد آن لاسترداد زعامتها على المنطقة العربية بعدما فقدتها أبّان الحرب العالمية الأولى؛ وبالتالي: رأت بعد ازدياد شعبيتها عربيًا وإسلاميًا بسبب موقفها من حصار قطاع غزة، أنَّها باتت مؤهّلة للولوج إلى الملف الفلسطيني بكافة تفاصيله، واتّخذت من هذا الحصار مفتاحًا لذلك الولوج. ولكنْ ولكي تؤهّل أنقرة نفسها لزعامة المنطقة، نجد بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدّة الحكم أنَّ العلاقات التركية ـ المصرية قد توتّرت، ما أدّى إلى انعطافٍ خطيرٍ في تلك العلاقات، خصوصًا بعد فرض الحصار الإقليمي والدولي على قطاع غزة. ومع خلاف مصر مع حماس، وإغلاقها المتكرّر لمعبر رفح الموصل بين مصر والقطاع، دأبت الحكومة التركية على مطالبة مصر بفتح المعبر، وذلك: في محاولةٍ منها لإثبات دعمها للفلسطينيين وبحجة أنْ تخلّى أشقّاؤهم العرب عنهم.

 لذلك: ورغم كافة الإمكانيات التي تمتلكها تركيا لكنّها غير مرحبٌ بها على الأقل من جانب بعض القوى الإقليمية العربية، أو حتى من جانب (إسرائيل)، كلٌّ حسب مقتضيات مصالحه الوطنية. فمصر والسعودية لا يرضيان بمزاحمة قوّة إقليمية وتدخلها في الشؤون العربية كتركيا، لذلك: فإنَّ أيَّ محاولة تركية وُجدت ولو على استحياءٍ لم يكن مرحبٌ بها من الأطراف الإقليمية بِما في ذلك السلطة الفلسطينية التي تنتمي إلى محور الاعتدال العربي.

الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية في ظل تنافسها على زعامة العالم الإسلامي

فيما يخص علاقة إيران بالقضية الفلسطينية في ظل تنافسها على زعامة العالم الإسلامي، حريٌّ بنا التوقّف عند النقاط التالية:

أولاً: علاقة إيران بالتنظيمات الفلسطينية

لعبت إيران بعد نجاح الثورة الإسلامية عام 1979م، دورًا مهمًّا تجاه القضية الفلسطينية، وسارعت إلى تقديم الدعم المادي والعسكري للثورة الفلسطينية في لبنان، وذلك بعد أنْ قطعت كافة ارتباطاتها وعلاقتها (بإسرائيل)، وحوّلت السفارة الإسرائيلية في طهران إلى مكتبٍ لتمثيل منظمة التحرير[4]. وفي المقابل: وبعد الإعلان عن نشأة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عام 1986م، وحركة حماس في العام التالي، وجّهت إيران دعمها لهاتين الحركتين الإسلاميتين؛ وذلك لمساعدتهما في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي من ناحية، ونكايةً بمنظمة التحرير التي دعمت العراق ضدّها من ناحيةٍ ثانية،وكجزءٍ من حملتها لتصدير الثورة للخارج، واستقبلت ممثّلين عن هاتين الحركتين.

استمرَّ الدعم الإيراني اللامحدود لقوى المقاومة ومنها حركتا الجهاد الإسلامي وحماس بلا توقّف خلال العقد التاسع من القرن العشرين، وحتى تاريخ اندلاع الحِراك السوري في آذار (مارس) 2011م. لكنَّ تخلّي حركة حماس عن النظام السوري، وعمّا يُسمّى بمحور الممانعة دفع إيران إلى وقف مساعداتها المالية جزئيًا عنها. لكن في المجمل: فالدعم الإيراني لحركة حماس لم يتوقّف تمامًا، وذلك للأسباب التالية:

1-  أنّ إيران تعي وتُدرك جيدًا أنَّ مفتاح زعامتها للعالم الإسلامي يمرُّ من خلال بوابة القضية الفلسطينية، ومن خلال إبقاء جذوة هذه القضية مشتعلة.

2-  عدم الرغبة الإيرانية في إضعاف حركة حماس عسكريًا، ما قد يجعل الأخيرة فريسة سهلة أمام (إسرائيل)، فتفقد إيران بذلك مدخلاً مهمًّا لها إلى قلب العالم الإسلامي.

3-  عدم الرغبة الإيرانية بأن تضّطر حركة حماس للانضمام إلى المحور المنافس، أو محور الاعتدال العربي في المنطقة (مصر، والسعودية، والإمارات العربية، والأردن).

4-  أنَّ خسارة إيران لحلفائها التقليديين خصوصًا الفلسطينيين منهم-رغم الاختلاف المذهبي بينهم -يعني إضعاف المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة.

وفي هذا الصدد نرى: إنَّه وبسبب الانقسام الفلسطيني منذ عام2007م؛ فالناظم لاستمرار هذا الانقسام من عدمه يكمن في المصالح الإيرانية الإقليمية؛ وعليه: فإنَّ لإيران شأنها شأن غيرها من الدول الإقليمية في المنطقة كتركيا على سبيل المثال، مصالح في المنطقة وفي غيرها من مناطق العالم مستغلة الفراغ بسبب الانشغال العربي.

ولا يُفهم في هذا السياق: أنَّ إيران المسؤول الوحيد عما يبدو سلبيًا لدى البعض؛ بل إنَّ تراجع النظام الرسمي العربي إزاء التحوُّلات على الصعيد الفلسطيني، أكّد نظرية الفراغ الإقليمي من ناحية، وبدّد حلم الأمن القومي العربي، فكان التقدّم الإيراني على ساحة الإقليم العربي من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، بفعل الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية -قضية العرب المركزية -وبفعل المواقف الجذرية من السياسات الإسرائيلية والمشاريع الغربية الأمريكية في المنطقة عمومًا.

ولنا أنْ نتساءل بنوعٍ من الجديّة: هل سياسة إيران نحو (إسرائيل) هي مجرّد وسيلة أم غاية؟ في الحقيقة: ليس من الصعوبة بمكان الإجابة عن هذا السؤال المهم؛ فإيران تبحث أولاً وأخيراً عن مصالحها الذاتية قبل مصالح الآخرين، ولا غضاضة في استخدامها الأدوات والوسائل المناسبة لتحقيق وإنجاز هذه المصالح. فإيران ليس واردًا في حساباتها أنْ تشنَّ حربًا مباشرةَ ضدَّ (إسرائيل)، وهي تعي تمامًا خطورة اتّخاذ هكذا خطوة، وعوضًا عن ذلك: فإنّها تساعد حركات المقاومة العربية في التصدّي (لإسرائيل) نيابةً عنها.

ثانيًا: التوجّهات السياسية الإيرانية تجاه الدول العربية، وانعكاساتها على القضية الفلسطينية

        إنَّ العلاقات العربية ـ الإيرانية في الوقت الراهن تمر بأسوأ مراحلها، تُرخي بظلالها على القضية الفلسطينية التي لم تسلم سواء من المماحكات الداخلية الفلسطينية، أو الخلافات العربية الفلسطينية، أو الصراعات السياسية والمجتمعة في الدول عربية، وكذلك من العلاقات العربية-العربية المتوتّرة أصلاً.

ففلسطينيًا: استغلّت إيران قبيل الحِراكات العربية ظاهرة الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس بصورةٍ أو بأخرى، لكي تضمن لها موطئ قدم في الساحة الفلسطينية، فكانت من ضمن الأطراف الإقليمية التي لعبت دورًا ملموسًا في تعطيل المصالحة بين فرقاء الانقسام، من خلال الدعم المالي والعسكري الذي قدّمته لحركة حماس حتى تاريخ اندلاع الأزمة السورية.

أمّا عربيًا: استغلّت إيران انطلاق الحِراكات العربية لتنسلَّ داخل النسيج العربي، ولتدعم طرفٍ داخل دولةٍ عربيةٍ ضد طرفٍ آخر، كما في مصر إذ أيّدت إيران المد الشعبي المصري ضد حكم الدكتور محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، نظرًا لموقف مرسي وجماعته من الأزمة السورية. وفي سوريا: اتّخذت طهران موقفًا مؤيّدًا للنظام السوري، مع دعمه بالوسائل السياسية والقتالية كافة؛ بل وصل الأمر إلى إرسال وحداتٍ قتاليةٍ إلى سوريا للقتال بجوار النظام ضد معارضيه السوريين من ناحية، وضدَّ التنظيمات الجهادية المتنوّعة التي لا تنتمي إلى المواطنة السورية بصلة من ناحيةٍ أخرى. وفي اليمن: ساندت طهران بِما أوتيت من قوّة جماعة الحوثيين الشيعية، وأمدتّها بالأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية بعيدة المدى، وجرّأتها على الخروج عن طاعة الرئيس عبد ربه منصور هادي.

عموما نرى أن التدخّل الإيراني في المنطقة العربية لم يكن سببًا رئيسًا لاستنزاف القضية الفلسطينية وإخراجها عن مسارها، بل أحد هذه الأسباب، والفلسطينيون أنفسهم وبعض العرب هم المسؤولون مسؤولية مباشرة عن إضعاف قضيتهم المركزية وإنهاكها بخلافاتهم غير المبررة، الأمر الذي جرّأ الآخرين على التدخّل في شؤونهم الداخلية.

ثالثًا: ملامح الدور الإيراني فلسطينيًا بعد توقيع الاتفاق النووي

       هنالك اعتقادٌ بأنَّ الموقف الإيراني حيال ملفات منطقة الشرق الأوسط بعد توقيعها للاتفاق النووي مع الدول الغربية سوف يتبدّل، خصوصًا إذا ما رفعت الدول الغربية حصارها الاقتصادي عن طهران. ورغم ما في هذا الطرح من وجاهةٍ سياسيةٍ، إلاَّ أنَّ ذلك الأمر من وجهة نظرنا مستبعد في المنظور القريب، وذلك للأسباب التالية:

1-     إذا ما غيّرت إيران سياساتها ومواقفها تجاه المنطقة، فذلك يعني رغبتها في الخروج من المنافسة على زعامة العالم الإسلامي، خصوصًا أنها نجحت بفرض إرادتها في سوريا. وكذلك الأمر: دورها في دعم جماعة الحوثيين في اليمن. وأخيرًا: التوغّل السياسي والمذهبي الإيراني في إفريقيا، من خلال المساعدات المالية والاستثمارات الطائلة في تلك القارة.

2-     أنَّ تفوق إيران في إدارة ملف الأزمة السورية بتعقيداته كافة زاد وسوف يزيد من انكفاء وعزلة "تركيا أردوغان" عن التدخّل في ملفّات المنطقة؛ وبالتالي: خسارة تركيا لدورها في المنطقة كأكبر قوة إسلامية سُنّية.

3-     إيران تجيد استخدام البراغماتية في إدارة صراعها مع القوى المعادية، وما اضّطرار القوى الغربية لتوقيع الاتفاق النووي معها إلاَّ جزءٌ من تلك السياسة.

4-     البعد المذهبي في سياسة إيران وولاية الفقيه يجعلها مؤهّلة لفرض إرادتها السياسية في المنطقة، من خلال امتلاك الشيعة عقيدة ولاية الفقيه.

5-     لا شيء يجعل إيران تتحلّل من مواقفها تجاه ملفّات المنطقة وخصوصًا القضية الفلسطينية، وهي تُدرك جيدًا أنَّها بوّابتها للولوج إلى ملفّات المنطقة كافة.

6-     عدم الرغبة الإيرانية في استعادة مصر لدورها الإقليمي الرائد.

7-     الرغبة الإيرانية بتوسيع دائرة الحرب في اليمن، للتأثير السلبي على السعودية كقوّةً اقتصاديةً أو إقليميةً مرموقة. وهذا كله سيساعدها على التمدّد بالمنطقة أكثر فأكثر، ولكي تُعلن لاحقًا زعامتها للعالم الإسلامي في ظل عدم وجود منافسٍ قوي ينازعها هذه الزعامة، سوى تركيا المكبّلة بعلاقاتٍ وطيدةٍ مع (إسرائيل)، وارتباطاتٍ قوية مع الغرب وحلف الناتو، ممّا يجعل فرصة تركيا في المنافسة شبه ضعيفة، وذلك مع اليقين الإيراني بأنَّ محاولات أنقرة للولوج إلى ملفّات المنطقة، وإعادة إحياء سلطنتها العثمانية من جديد من خلال البوّابة الفلسطينية غير جدّي.

ومن نافلة القول: إنَّ من حق أي دولةٍ البحث عن مصالحها وأنَّ تحقّقها مهما كانت الوسيلة المستخدمة؛ وبالتالي: فإنَّ إيران وغيرها من الدول الإقليمية المحورية لا يخرجان عن ذلك السياق. وفي المقابل: ماذا أعدَّ العالم العربي بإمكانياته الضخمة لكي يكون له دورٌ متميّز ولو محدود على خريطة المصالح الإقليمية أو الدولية؟  فإيران وتركيا يستغلان القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسبهما ومصالحهما، بينما العرب في خلافاتٍ قُطرية، أو خلافاتٍ إقليميةٍ حول قضايا إقليمية ويتجاهلون الحفاظ على حيوية القضية الفلسطينية التي أرّقتهم وأدمت الفلسطينيين على اختلاف مشاربهم؛  فرأينا خلافاتٍ وانقسامًا سياسيًا حاد بين فصيلٍ فلسطيني وآخر، وخلافاتٍ داخل نسيج الفصيل الواحد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر ـ جامعة الأزهر – غزة

 

 

[1]- علي حسين باكير؛ عدنان أبو عامر، "تركيا والقضية الفلسطينية في ظل تحولات الربيع العربي"، مركز الجزيرة للدراسات، 6/11/2012؛ http://studies.aljazeera.net/reports/2012/11/201211682923673950.htmd

[2]- أسامة عبد العزيز، "تركيا وحسابات المكسب والخسارة في مواقف أردوغان من الحرب على غزة"، صحيفة الأهرام، العدد 44607، السنة 133، 22/1/2009؛

 http://www.ahram.org.eg/Archive/2009/1/22/REPO3.HTM

[3]- سامي الأخرس، تركيا والقضية الفلسطينية سياسات ومواقف، غزة، بيت الحكمة، 2015، ص9.

[4]- أنور أبو طه، "الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقضية فلسطينجدلالأيديولوجياوالمصالح"، الدوحة، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، كانون الثاني (يناير) 2011، ص3.

مقالات لنفس الكاتب