array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 125

المغرب العربي والطاقة النووية: الضرورة الحتمية وصراع الكبار

الخميس، 30 تشرين2/نوفمبر 2017

منطقة المغرب العربي تكتسب أهمية جيو-سياسية وجيو-استراتيجية هامة، بالنسبة لإفريقيا وللمنظومة الدولية باعتبارها منطقة غنية بكثير من المقدرات وتقع في محيط جغرافي غني بالمواد الطاقوية وأخرى تستخدم في مجالات حيوية واستراتيجية كالطاقة النووية. ولقد أضحت في العقود الأخيرة مصطلح الطاقة النووية كلمة مفتاحية في المنطقة لأهميتها الاقتصادية والطاقوية.

       وباتت الطاقة النووية واستخداماتها شعارًا عمليًا لبلدان المغرب العربي، ففي الآونة الأخيرة، طرقت هذه البلدان أبواب روسيا وفرنسا وكندا وجنوب إفريقيا والصين سعيًا للحصول على التكنولوجيا الذرية ولإنشاء مفاعلات نووية تؤمن لها الطاقة التي تحتاج إليها، خصوصًا بعد تصاعد كلفة مصادر الطاقة التقليدية بصورة مطردة. وأضحى التنافس في المنطقة المغاربيةلإقامة مفاعلات لاستخراج الطاقة النووية واستعمالها سلميًا في إنتاج الكهرباء. حيث يرى الكثير من المتتبعين والخبراء في مجال الطاقة، أن هذه الجهود التي تبدو متناثرة للوهلة الأولى، إنما تأتي في سياق تحوّل عميق، يهدف إلى تكريس التحوّل في هذه البلدان صوب الطاقة الذرية، وتاليًا دخولها العصر النووي.

لكن يظل أمام هذه الطموحات الحق لنا أن نطرح جملة من التساؤلات والتي تتصل بمدى قدرة دول منطقة المغرب العربي الفنية والعلمية لاستغلال قدراتها وإمكاناتها للتوظيف الأنسب للطاقة الذرية؟

وهل كسب المعارف والتأهيل العلمي قد يجعل دول المنطقة في يوم من الأيام تتحول عن مسار الاستخدام السلمي للطاقة النووية وتوظيفها لاستخدامات عسكرية كعامل لتوازن القوى خاصة إذا ما سلمنا التنافس المحموم الذي تحول إلى ما نسميه بالإرهاب النووي في الساحة الدولية؟

وهل لدول المغرب العربي القدرة على تجاوز العوائق والعقبات التي تحول دون تحقيق أمثل لطفرة نوعية في مجال استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية؟

1-موقف دول المغرب العربي من السباق النووي:

     حينما يأتي الحديث عن مواقف دول المغرب العربي حول المسائل المتعلقة بالطاقة النووية فسوف نتحدث عن مواقف مشتركة أو على الأقل أن مواقف دول المغرب العربي تنطلق من زاوية واحدة فهي ترى أن أي استخدام للطاقة النووية لأغراض عسكرية، فهو تهديد مباشر لأمنها. ومعظم دول المنطقة انخرطت ضمن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمسألة الاستخدام العسكري للطاقة النووية وحتى التجارب النووية ويكفي أن نأخذ الجزائر كمثال فهي تعاني من تبعات التجارب النووية الفرنسية في منطقة رقان والتي أثرت على الثروة الحيوانية والفلاحية.

     والمتابع لسياق سياسات الدول المغاربية يستوعب أنها تستبعد أي ممارسة للنشاط النووي أو استغلال للطاقة النووية لأغراض عسكرية وتعمل في فضائها الإقليمي على صد أي استغلال غير منهجي أو عقلاني للطاقة النووية مثل ما يقابل هذا التوجه الداخلي حراك لدول فاعلة في المجال تمارس ما نصطلح عليه بالرقابة الاستخباراتية في المنطقة للوقوف في وجه أي استغلال للطاقة النووية لغير الأغراض السلمية ولا حظنا ذلك من خلال التقارير الصادرة بشأن موقعي درارية وعين وسارة الجزائريين للطاقة النووية مطلع التسعينيات القرن الماضي. بحيث كان فيه تخوف لان يستخدم لغير الأغراض السلمية.

       كما أن المغرب ومنذ ثمانينات القرن الماضي كل الدراسات التي أنجزها من أجل إنشاء مفاعل للطاقة النووية للأغراض السلمية لم يتناول التوظيف العسكري له.

 وبالنسبة لتونس التي تفكر في الأمر دون خطوات على الأرض لا يوجد ضمن أجندتها سوى توليد الطاقة عن طريق الطاقة النووية.

       هذه المواقف تدفعنا بالقول أن دول المغرب العربي لا تشعر بالحرج أمام تنامي التوجه لاستخدام الطاقة النووي للأغراض الإنسانية لكن تتحفظ عن ذلك التسابق غير المبرر ما يجعل المنطقة ساحة معركة مفتوحة، أو حلبة مواجهة بين الدول الفاعلة في هذا السياق وهو أمر معقد. باعتبار منطقة الساحل التي تشكل خزان مهم لمادة اليورانيوم والذي لا يحتاج في عملية تخصيبه لتقنيات كثيرة وتكلفة استخراجه إلى تكلفة عالية، ونظرًا لظروف المنطقة التي تتسم بعدم الاستقرار واستفحال الإرهاب والجريمة المنظمة وفي ظل التنافس الجنوني يدفع بدول المنطقة إلى دق ناقوس الخطر وهو الأمر الذي يدفع إلى التخوف.

       لكن إذا أخذنا الفضاء المغاربي في سياقه العربي فنحن نتحدث عن تخوف متزايد راجع لامتلاك إسرائيل لترسانة ومفاعلات نووية وهي التي تبعد عن دول المغرب العربي بــ 3000كلم.

         من ناحية أخرى فإن الاختراق الدولي لخاصرة منطقة المغرب العربي والتنافس المحموم لهذه القوى الدولية هو ما يدفع دول المغرب العربي لإبداء قلقها وتخوفها وحتى انزعاجها لأن الاختراقات الإيرانية والإسرائيلية والأمريكية والصينية والفرنسية تجعل المنطقة مرشحة لكل الاحتمالات وهو ما يجعل دول المنطقة تدق ناقوس الخطر.

         ودول المغرب العربي تدرك أنه في لعبة الأمم لا مكان لحسن النوايا. فالدول ليست جمعيات خيرية. إذ أن لكل موقف ثمناً. 

         وعليه تظل رغبة دول المغرب العربي منفردة في خوض غمار العالم النووي من باب الاستخدام السلمي خيار استراتيجي تفرضه الحتمية لتغطية احتياجاتها الطاقوية وتستدعيه الضرورة لفرض منطق التوازن وورقة تناور بها في حال ما تغيرت المعطيات الإقليمية أو الدولية.

 

2-المحفزات العلمية والفنية لامتلاك دول المغرب للطاقة النووية:

 

        ليست كل دول المغرب العربي تمتلك نفس الإمكانات التي تسمح لها بامتلاك الطاقة النووية أو التي تسهل لها سرعة امتلاك القدرات النووية، باعتبار أن هناك دول في المنطقة المغاربية من استبقت الزمن وأسست أرضية بحثية وأخرى تجريبية في هذا المجال ونوعت من شركائها واستطاعت أن تتجه نحو تأسيس معاهد بحثية وأخرى للتكوين في المجال، ودول أخرى بدأت بالدراسات لكن مع إمكانات فنية محدودة بالتالي هناك فوارق في الإمكانات والقدرات والعنصر البشري القادر على التشغيل وسأحاول أن أتطرق لكل بلد مغاربي على حدة لوضع صورة متكاملة حول الموضوع من حيث الإمكانات العلمية والفنية:

1-الجزائر:

        تم إحياء البرنامج النووي في الجزائر منذ 1981م، من قبل المؤسسة العسكرية الجزائرية بمساعدة الأرجنتين كخطوة أولى في سياق اكتساب الأرضية. لكن سرعان ما توجهت الجزائر نحو تعزيز قدراتها من خلال الاستعانة بالصين لعدة عوامل موضوعية.

وجهت عدة انتقادات للجزائر وموجة من التشكيك حول مدى نية الجزائر امتلاك الطاقة النووية وتوظيفها للأغراض السلمية وكانت الجزائر تواجه تلك الانتقادات بنفي أي أغراض عسكرية لبرنامجها النووي وعبرت عن صدق ذلك وأكدت التزامها بعدم خطورة ما تقوم به ووقعت عام 1995م، على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. لكن مركز الاستخبارات الوطني الأسباني قال في تقرير له سنة 1998م:

(الجزائر لديها النية لإنتاج البلوتونيوم المستخدم في صنع الأسلحة، وهي مادة قادرة على إنتاج سلاح نووي.)

      إلا أن الجزائر أثبتت عكس ذلك وشهدت المنطقة حراك استخباراتي عالي المستوى للتحقق من مدى صحة تلك المعلومات وهو ما اصطدم بانفتاح الجزائر على المنظمة الدولية للطاقة الذرية، حيث شيدت الجزائر ومنذ ثمانينات القرن الماضي تم بناء المفاعل النووي نور الجزائر والمتواجد بمنطقة درارية بالعاصمة الجزائرية، ومن مميزات المفاعل النووي نور الجزائر، أن قوته تبلغ 3ميجاوات ويعمل بالماء الخفيف. وهو يصنف على أنه مفاعل أبحاث مخصص لاستخدام اليورانيوم المخصب 20%.

      أما المفاعل الثاني وهو الذي أطلق عيه اسم مفاعل سلام الجزائر ويصنف على أنه مفاعل أبحاث مخصص لإنتاج المواد الصيدلانية الإشعاعية. ويمكن لهذا المفاعل إنتاج قوة قدرها 15 ميجا وات وتم بناؤه بالتنسيق مع الصين ويقع بعين وسارة التي تبعد 150 كم عن العاصمة الجزائرية ودخل الخدمة مع بداية التسعينات من القرن الماضي. ويعد من المفاعلات التي تشتغل بالماء الثقيل.

       وعليه فإن الجزائر تمتلك وعبر أكثر من 3عقود من العمل البحثي رصيد علمي وإمكانات فنية وشركاء فاعلين في الميدان يمكنها من التوجه نحو امتلاك الطاقة النووية وفي وقت أقل0

فالجزائر تمتلك معهد الهندسة النووية الذي يضطلع بتكوين المهندسين والفنيين لتسيير محطات للطاقة النووية قادرة في آفاق 2020-2025م، امتلاك أول محطة نووية لإنتاج الطاقة.

ولقد وقعت روسيا والجزائر في سبتمبر 2014م، اتفاقية مشتركة حول التعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، ومن بين المجالات الرئيسية للتعاون بموجب الاتفاقية، بناء محطات الطاقة الذرية ومفاعلات البحوث النووية في الجزائر، واستخدام المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة وتحلية مياه البحر، والتنقيب الجيولوجي المشترك واستكشاف واستغلال رواسب اليورانيوم، ودورة الوقود النووي، وإدارة معالجة الوقود النووي والنفايات المشعة وإعادة التدوير.وذكرت الاتفاقية أيضًا إمكانية استخدام التكنولوجيا النووية في الزراعة والبيولوجيا وعلوم التربة والموارد المائية والصناعة والطب، بما في ذلك إنتاج النظائر المشعة.

      ولا ننسى أن الجزائر تمتلك كميات هائلة من اليورانيوم الذي قدر فقط من 1979 إلى 2001م، بـ 56.000 طن رغم أن المعطيات تقول أن الجزائر تمتلك أضعاف هذا العدد.

2-المغرب:

     تعتبر المغرب حديثة العهد بالخوض في المجال النووي الذي جاء مع بداية الألفية الثالثة بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية.

     رغم أن الدراسات المتعلقة بإمكانية امتلاك المغرب لمفاعل نووي كان مع ثمانينات القرن الماضي والذي كان يشرف عليه مكتب دراسات فرنسي وكان يتوقع أن تمتلك المغرب أول مفاعل نووي مع حلول سنة 2010م، إلا أن ذلك لم يحدث لعدم نضج الأرضية لتحقيق ذلك علميًا وفنيًا.

      فالمغرب تعد ضمن ثلاثين دولة في العالم تسعى للحصول على برامج للطاقة النووية، وتتوزع بين أمريكا الجنوبية وأوربا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وصنف تقرير الهيأة النووية الدولية المغرب ضمن الصنف الخامس من الدول التي اعتمدت مخططًا في طريق النمو، إلى جانب كل من المملكة العربية السعودية، ونيجيريا، وبنغلاديش، والشيلي، وماليزيا.

       ولقد أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن المغرب يملك المؤهلات البشرية والتجربة والكفاءة العلمية لإطلاق برامج للطاقة النووية لأغراض سلمية خصوصًا في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه.

      وعليه يمكن القول أن الطريق معبد للمغرب لإعادة إحياء مشروع محطة نووية لأغراض سلمية و اقتصادية باعتبار أن المغرب كانت تعمل على تشغيل مفاعل المعمورة الذي أقيم بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية و بدأت تشغيل ورش المفاعل سنة 1999م، بعد إجراء أبحاث علمية مع خبراء أمريكيين وفرنسيين  ومن كوريا الجنوبية وكان يفترض أن يتم التشغيل مع بداية 2006م، إلا أن التأخير يعود إلى نهاية اتفاق التعاون في المجال النووي بين المغرب وأمريكا وتم تجديد الاتفاق بعد سنة ليغطي 20 سنة قادمة أي من 2001م، ولم يصادق على الاتفاق إلا في 2002م.

     وعلينا أن نقر أن للمغرب لجنة خبراء لدراسة إمكانية استخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر على المحيط الأطلسي وتشكل خيارات الطاقة النووية تجربة تكميلية إضافية في المغرب الذي بات يعتمد كل أنواع الطاقات المتاحة والممكنة وتلك التي يسمح بها القانون الدول.

كما أن هناك اتصالات مغربية مع الصين وروسيا لإنشاء محطة للطاقة النووية تعتمد مفاعلات متوسطة الحجم لتحلية مياه البحر وإنتاج الكهرباء في ضواحي طرفاية جنوب المحيط الأطلسي.

 

               أبدت روسيا وعن طريق رئيس وزرائها دمتري مدفيديف خلال زيارته بداية شهر أكتوبر 2017 م، لكل من الجزائر والمغرب استعداد بلاده دعم الجزائر غير المشروط بكل الإمكانات التقنية والفنية والمرافقة لتشغيل الطاقة النووية. كما أعرب عن دعم بلاده للمغرب ودعمها في مجال الطاقة النووية وتم إبرام اتفاقات في السياق.

3-تونس:

     تعد تونس من دول منطقة المغرب العربي الأقل إمكانيات والأقل قدرة فنية لامتلاك الطاقة النووية وذلك لاعتبارات جغرافية ومادية وتقنية وأخرى ترتبط بالعنصر البشري المؤهل.

      لكن ذلك لم يمنع تونس من خوض التجربة بحيث إنه وفي سنة 2006م، وقعت تونس اتفاق تعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية مع فرنسا وكان محور الاتفاق الطاقة النووية وتحلية مياه على أساس أن يتم الانتهاء من المشروع آفاق 2020م، بحيث سيغطي 20 % من احتياجات تونس للطاقة.

      كما قامت تونس وفي إطار التسريع وتغطية النقائص المتعلقة بالقدرات العلمية والفنية من توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة النووية لأغراض سلمية مع روسيا وتم التوقيع على مذكرة التفاهم سنة 2015م.

لكن تظل تونس متأخرة مقارنة بدول المغرب العربي (الجزائر-المغرب-ليبيا).

 

 

4-ليبيا:

       المشروع النووي الليبي بدأ سرًا وانتهى بالعلن ولم يتوقع أحد أن يستيقظ على كشف ليبيا تقدمها في مجال استخدام المشروع النووي عسكريًا. وتعتبر التجربة الليبية في مجال الطاقة النووية الأكثر إثارة للجدل، كونها لم تركز على مفاعلات البحوث العلمية مثل الجزائر والمغرب، بل اهتمت في الدرجة الأولى بالجانب العسكري أي كانت لغايات عسكرية محضة 

      حتى بالنسبة للاستخبارات الغربية التي أصابها الذهول حينما كشف فريق الخبراء سنة 2003م، وبعد إعلان ليبيا نيتها التخلص من المشروع النووي قصد الاستفادة من فك الحصار والأخذ بالعبرة لما حل بالعراق. حيث وقف فريق للخبراء على امتلاك ليبيا لأجهزة الطرد المركزي وكميات من اليورانيوم المخصب والمختبرات وهو ما دفع الكل يتيقن أن ليبيا كانت تمتلك برنامجًا متكاملاً ومتقدمًا لتوظيف الطاقة النووية لأغراض عسكرية.

 

        ما يمكن قوله إن دول المغرب العربي تمتلك إمكانات وشراكات تمكنها من ولوج عالم الطاقة النووية من بابه الواسع خاصة أن هناك دول في المنطقة خطت أشواطًا متقدمة في المجال وتمتلك من المقومات الطبيعية ما يؤهلها للانفراد بالصدارة في هذا المجال دون منازع وأخرى وجدت نفسها أنها في ممر إجباري لامتلاك الطاقة النووية رغم بساطة إمكاناتها وعدم قدرتها التقنية والفنية. لكن تظل أن هناك عوائق تقف في طريق تحقيق هذه الأهداف.

 

3-معوقات امتلاك الطاقة النووية في منطقة المغرب العربي:

         عند استحضار قدرات المنطقة المغاربية نستوعب أنها قادرة على السير قدمًا لتحقيق الأهداف التنموية المتعلقة باستخدام الطاقات المتجددة والتوظيف الأنجع للطاقة النووية. لكن رغم ذلك لم تسر هذه الدول بالسرعة المطلوبة نظرًا لجملة من العوائق الداخلية والأخرى الخارجية.

        فإذا تحدثنا عن العوائق الخارجية سنلخصها في النقاط التالية:

  • الحاجز الإسرائيلي المعرقل والذي يمنع أي امتلاك للتقنية النووية بالمنطقة لأنه يعتبر ذلك تهديدًا مباشرًا لأمنها وسلامتها. فإسرائيل تتابع خطوات المنطقة المغاربية في مجال الطاقة النووية. ولنا في التجربة الجزائرية مثال لما تعرضت له من عراقيل من قبل إسرائيل وتشكيك وضغوطات على مستويات مختلفة وحرب استخباراتية غير معلنة.
  • المماطلة في تقديم التقنية، والتكاليف الباهظة مقارنة بالإمكانات الاقتصادية رغم توفر المواد الأولية أو قربها. والسعي لجعل دول المنطقة لا تمتلك التقنية بالتالي التبعية الدائمة والحاجة الملحة للطرف الخارجي.

أما داخليًا فيمكن أن نلخصها في:

  • ضعف التأهيل العلمي بالتالي الحاجة إلى تكوين المختصين والاستعانة بالخبرات الأجنبية مما يؤدي إلى تأخر في تنفيذ البرامج والنقص في العنصر البشري المتخصص.
  • غياب القدرات الفنية وهو ما دفع بجل المشاريع النووية في المنطقة المغاربية تتأخر مثلاً المغرب كان يفترض أن يشغل أول مفاعل سنة 2010 م، إلا انه تأخر إلى أفاق 2020 أو 2025م، أما الجزائر كان يفترض أن تشغل مفاعل لإنتاج سنة 2020 تم تأخيره إلى 2023م.
  • الخضوع للعامل الخارجي من أجل إنجاز الدراسات، وعدم توفر القدرات المادية.
  • ضعف التنمية وهو ما يؤخر تحقيق تقدم في المجال، والتنافس الداخلي ما بين دول المغرب العربي دون جدوى في ذلك لأن استخدامات الطاقة النووية كلها لأغراض تنموية وهذا التنافس يدفع إلى عدم التنسيق وهو ما يترجم بغياب التكامل.
  • الهاجس الأمني وانعكاساته على مدى تقدم المشاريع النووية.
  • الصراعات المتشابكة وانعكاساتها.

     

الخلاصة:

     يمكن نستخلص أن اللجوء إلى الحل النووي في مجال إنتاج الطاقة بالنسبة لدول المغرب العربي، باعتباره طريق إجباري للبلدان المغاربية، أي الخيار الاستراتيجي الوحيد عمليًا في مرحلة ما بعد نضوب احتياطات هذه البلدان من النفط والغاز الطبيعي. واستنادًا إلى ذلك، فإن البلدان المغاربية تسعى وتعمل على التخطيط حاضرًا لتطوير مراكز بحوث ذرية، واقتناء مفاعلات نووية ما زالت صغيرة الحجم في هذه المرحلة، لكنها مرشحة للتوسيع أو استبدالها بأخرى أكبر حجمًا في فترات لاحقة.

لكن يظل السؤال مطروح في مدى قدرة وإمكانيات دول المغرب العربي في ممارسة النفس الطويل لتحقيق الأهداف الإستراتيجية والتنموية للطاقة النووية في ظل تنافس دولي محموم وعراقيل صلبة ورغبة غربية في التحكم في مصير دول المنطقة بكل ما يتعلق بالطاقة النووية؟

مجلة آراء حول الخليج