array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 130

سياسية الجزائر في فضائها الإفريقي والعربي: الشراكات لا التحالفات

الأحد، 13 أيار 2018

تشكل الجزائر بما تحمله من عمق استراتيجي وإرث تاريخي دولة محورية في فضائها الجيوسياسي، الذي يمتد وفق ثلاثة معابر أساسية هي المتوسط والعالم العربي وإفريقيا وهي كلها فضاءات جيوسياسية تعتبر بمثابة الخلفية الأساسية لهندسة ورسم سياسة الجزائر الخارجية تجاهها من خلال مستويين أساسيين:

المستوى الأول: هو بناء علاقات دبلوماسية واقتصادية في إطار من التوازن، التعاون والشراكة.

المستوى الثاني: صيانة الأمن القومي الجزائري الذي يمتد إلى هذه الفضاءات الجيوسياسية، ضمن ما يسمى في أدبيات الدراسات الأمنية بمفهوم الأمن المركب.

لقد تبنت سياسة الجزائر الخارجية دائما النهج الواقعي والعملي، وتنطلق دومًا من مرتكزات حكامة دبلوماسيتها التي تقوم على أسس ومبادئ لا تحيد عنها جعلت منها فلسفة واستراتيجية تمتد في سياق سوسيو تاريخي إلى الثورة الجزائرية ومؤتمر باندونغ 1956م، الذي يشكل المرجعية الأساسية والتأسيسية لمبادئها.

إن الرصد الجيواستراتيجي للراهن الدولي بمختلف تحدياته ورهاناته يبين أن العالم يمر بأخطر مرحلة تاريخية تتدافع فيها القوى الكبرى على مصالح ونقاط نفوذ ويعتبر العالم العربي وإفريقيا مجالا لهذا الصراع لما تحمله المنطقة من ثروات نفطية وموارد طاقوية جعلت القوى تتنافس وتتصارع حولها ومن ثم فإن اللحظة التاريخية فارقة وهو ما يلزم على صانع القرار صياغة قرارات تتوافق ومتطلبات المصلحة الوطنية والأمن القومي.

مبادئ ومرتكزات سياسة الجزائر الخارجية:

تسعى كل سياسة خارجية من زاوية تعريف علم السياسة إلى تحقيق أهداف وتعظيم مكاسب تتماشى ومصلحتها الوطنية وسياساتها العليا ولقد اشتغلت السياسة الجزائرية دائما بمنطق مبادئ ومرتكزات تقوم على أساس النقاط التالية:

النقطة الأولى: عد م التدخل في الشؤون الداخلية للدول اذ رفعت الجزائر دائما هذا المبدأ النبيل وربما اختارته كمنهجية واضحة لإدارة دبلوماسيتها، لأن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ليس ضعفًا لكن هو تحديد لقواعد اللعبة السياسية التي سنجني من خلالها نتائج لذا حاضرت الجزائر وفق هذه المقاربة مع مختلف الأزمات التي تشتعل في المنطقة بإيقاعات مختلفة ويعود هذا المبدأ في سياق تاريخي منصته مؤتمر باندونغ 1956 الذي كان بمثابة الأرضية التأسيسية لمنطق الدبلوماسية الجزائرية، حق الشعوب في تقرير مصيرها.

النقطة الثانية: المعقولية السياسية اذ تشتغل سياسة الجزائر الخارجية في إطار من إيجاد الحلول للأزمات وفق مقاربة سياسية سلمية وترفض الدبلوماسية الجزائرية كل أشكال التدخلات العسكرية التي تنعكس سلبًا على النزاعات وإدارتها.

النقطة الثالثة: صناعة خطاب سياسي اذ تقوم الدبلوماسية الجزائرية على أساس تنويع الشراكات الاستراتيجية مع كل الفاعلين الإقليمين والدوليين في إطار من التوازن فالجزائر تتعاون مع أمريكا، الاتحاد الأوربي روسيا الصين تركيا السعودية إيران.

النقطة الرابعة: الدبلوماسية الجزائرية تنأى بنفسها عن الدخول في أي تحالف عسكري أو سياسي من منطلق عقيدتها السكرية الثابتة والتي لا تتغير، أي أنها دبلوماسية شراكات لا تحالفات.

النقطة الخامسة: تشتغل الدبلوماسية الجزائرية بكل أدوات آليات التفاوض والوساطة وقد كانت للتجربة الجزائرية نماذج ناجحة في ذلك فعلى سبيل المثال الوساطة بين العراق وإيران وبين إريتريا وإثيوبيا مما أعطاها زخمًا ورصيدًا في ذلك.

سياسة الجزائر الخارجية في فضائها الجيوسياسي الإفريقي:

يشكل الفضاء الجيوسياسي الإفريقي ملعبًا استراتيجيًا لصراع القوى الإقليمية والدولية على مجالات النفوذ وتزخر هذه المنطقة، بثروات وموارد طبيعية هائلة كالنفط، اليورانيوم ،الذهب والمياه مما جعل القوى الكبرى تضع في أولويات أهدافها، أسس واستراتيجيات للتوغل في هذه المنطقة، فبالإضافة إلى قوى النفوذ التقليدي في المنطقة كفرنسا الولايات المتحدة الأمريكية والتوغل الصيني التجاري والاقتصادي بصورة ملفتة للانتباه، اهتمت قوى أخرى كتركيا وإسرائيل بهذا المجال الحيوي ،فقد عمدت تركيا مثلا إلى وضع استراتيجية تستهدف من خلالها استثمار 20مليار دولار في إفريقيا في مجال البنية التحتية والنسيج في حدود 2022م.

وقد اتضح الاهتمام الإسرائيلي من خلال زيارة نتنياهو إلى دول حوض النيل وتزويد هذه الدول، بمعدات استخباراتية ووسائل الري وتزويدها أيضًا بمعلومات استخباراتية.

لقد ادرك صانع القرار في الجزائر أهمية المنطقة، فإفريقيا هي العمق الاستراتيجي للجزائر وهوية إفريقيا كعمق استراتيجي في المنطقة واضحة في السياسة الجزائرية، فلقد اهتمت دائمًا الجزائر ببناء علاقات قوية مع القوى التقليدية الكبرى في إفريقيا كجنوب إفريقيا السينغال الكونغو النيجر ونيجيريا وكل الدول الإفريقية الأخرى لذا كانت الجزائر ووفق صيرورة تاريخية السباقة إلى الاهتمام بالمجال الإفريقي ورأت فيه إمكانية قيام تجربة تكاملية، تكون لها مكانتها فقد كانت الجزائر من المؤسسين الأوائل لمنظمة الوحدة الإفريقية التي تحولت فيما بعد إلى ما يعرف بالاتحاد الإفريقي والتي تعرف حضورًا قويًا للجزائر من خلال انتخابها في مختلف الهياكل المهمة فيه كمجلس السلم والأمن الإفريقي الذي يعد المحرك الأساسي في هذه المنظمة. تعتبر منطقة الساحل الامتداد الجيوسياسي القريب جغرافيًا ،استراتيجيًا وأصبح هذا الفضاء منتجًا لمجموعة من الأزمات لاشك أن لها انعكاسات سلبية على الأمن القومي الجزائري فهذا الفضاء أصبح بؤرة لانتشار الجماعات الإرهابية وأشكال التهديدات الأمنية الجديدة المتمثلة في الجريمة المنظمة ،غسيل الأموال ،الهجرة غير الشرعية تتقاسم هذه التهديدات بصورة حدية ليبيا ومالي وهما الأزمتان الأكثر اشتعالا في الفضاء الجيوسياسي المزدوج مغارب وساحل اذا تعتبر ليبيا بمثابة هوة أمنية خلقها تدخل حلف الناتو دون إيجاد الحلول لها وتعتبر ليبيا بمثابة كعكة استراتيجية تمتد جغرافيًا على حدود 1200كلم كما تزخر بموارد طاقوية يجعل من تتبوأ المراتب الأولى عالميًا وهي أيضًا دولة معبر نحو إفريقيا العالم العربي والمتوسط الأوربي .

لقد أدى تدخل الناتو إلى حالة من الفوضى في ظل غياب دولة ومؤسسات ومجتمع انثربولوجيا يعتبر مجتمع قبلي فتح المجال أمام صراع بين جماعات تغذى سياسيًا واقليمًا وإعلاميًا من قبل قوى معروفة خلقت من خلالها حالة عدم استقرار جعل منها دولة حاضنة للإرهاب بسبب انتقال التنظيمات الإرهابية من سوريا والعراق إليها فقد وصل في سنة 2015م، حولي 500مقاتل من تنظيم داعش الإرهابي إلى ليبيا أمام أعين وأجهزة الاستخبارات العالمية

تتصارع في ليبيا أجندات إقليمية دولية ففيها شرعيتان تتصارعان وتغيبان الحل السياسي مما جعل ليبيا اليوم مهددة بالتقسيم وهذا هو السيناريو الذي تتبناه القوى الغربية ففي أبريل 2017م، التقى مسؤولون أمريكيون مع دبلوماسيين أوروبيين اتفقوا على أن الحل في ليبيا هو التقسيم للقضاء على الصراع ومن هنا تتضح نوايا المنظومة الغربية تجاه العالم العربي.

لقد أفرز الواقع الأزموي في منطقة الساحل تحديات على الجزائر وأمنها القومي ففي بيان وزارة الداخلية المنشور في نهاية أبريل من هذا العام اتضح أن ما يقارب عن 500مهاجر يعبر الجزائر يوميًا ، وقد ازدادت وتيرة الهجرة غير الشرعية إلى الجزائر تزايدت بوتيرة متسارعة ما بين سنتي 2017و2018م، وفي منطقة برج الحواس مثلا في جنوب الجزائر هنالك 7000مهاجر إفريقي وسكان المنطقة سكانها لايتعدى6000 ، إن هذه المؤشرات تبين مدى خطورة الوضع الذي تفرزه الأزمات الحادة في منطقة إفريقيا على الأمن القومي الجزائري وسجلت أيضًا المصالح الأمنية أن ما قيمته 39مليار دينًا جزائري هي عائدات المهاجرين غير الشرعيين من عمليات غسيل الأموال والمخدرات الخ.

كل هذه التحديات جعلت الجزائر تنادي دائما في المحافل الدولية بضرورة تكريس مبدأ التنمية في البلدان الإفريقية كآلية لامتصاص الأزمات البنيوية في إفريقيا فالتنمية هي من سيعزز فرص الاستقرار في المنطقة ويحد من موجات الهجرة غير الشرعية التي أصبحت تحدي أمني لا يمس إفريقيا فقط وإنما أيضًا البلدان الأوروبية.

لم تكتف الجزائر في رؤيتها الاستراتيجية تجاه الفضاء الجيوسياسي الإفريقي برؤية أمنية بل تبعتها مبادرات اقتصادية وتنموية ، إن الجزائرأول دولة تمسح ديون 14دولة إفريقية بقيمة 3.5مليار دولار وتشتغل حاليًا الرؤية الجزائرية بمفهوم الدبلوماسية الاقتصادية في إفريقيا اذ تحاول الجزائر إقامة مجموعة من المشاريع التنموية فخلال الشهر المقبل ستدشن الجزائر خط ملاحي يربطها كوديفوار لتسويق المنتجات وكذلك عرفت الجزائر مجموعة استثمارات لشركات الهاتف النقال في إفريقيا وتسعى الجزائر إلى تعزيز توجهها نحو إفريقيا من خلال استثمارات شركة سونطراك في مجال الطاقة

العالم العربي كبعد في سياسة الجزائر الخارجية:

يشكل العالم العربي العمق الحضاري والتاريخي والاستراتيجي للجزائر ولقد اهتمت الجزائر دائمًا بهذا المجال الحيوي من منطلق أنها فاعل مركزي فيه بحكم موقعها الجيوسياسي والتاريخي والجيواقتصادي وسعت الجزائر دائما إلى إقامة علاقات متوازنة مع كل الدول العربية في إطار من مبادئ الاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وبناء علاقات تقوم على أسس الشراكات لا التحالفات.

لقد شكل العالم العربي من الناحية الاستراتيجية ملعبًا لصراع القوى لما تحمله المنطقة من ثروات وموقع استراتيجي وبعد حضاري جعل منه محل اهتمام القوى الكبرى والعظمى الإقليمية على حد سواء.

وعبر الرصد التاريخي للمنطقة بأنها المنطقة الأكثر اشتعالاً في العالم وأن بؤر الصراع تتمركز فيها بالرغم من هنالك من المحللين والاستراتيجيين ممن يتنبأ بانتقال الصراع من الشرق الأوسط إلى جنوب شرق أسيا إلا أن كل المؤشرات تقول عكس ذلك.

اهتمت الجزائر بمجالها العربي وكانت من المنضمين إلى جامعة الدول العربية ودافعت عن تصوراتها التي تخدم مفهوم المصلحة العربية المشتركة وصيانة الأمن القومي العربي ونأت الدبلوماسية الجزائرية عن الدخول في أي تحالف من التحالفات وفق ما تمليه عقيدتها العسكرية المهندسة دستوريًا وهو أن الجيش الجزائري لا يتدخل خارج حدوده لأسباب ترتبط برؤية واقعية وعملية وتتغذى من مبادئ الدبلوماسية الجزائرية التي لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول.

احتفظت الجزائر بعلاقات قوية مع شقيقاتها العربيات اذ تحتفظ الجزائر بعلاقات قوية مع مصر كقوة مركزية في العالم العربي ونفس الشيء مع سوريا والسعودية والعراق وباقي الدول.

لقد أفرزت الهزة الجيوبولتيكية في 2011م، ضمن ما سمي في أدبيات النقا شات الإعلامية بالربيع العربي تحديات مفصلية على مستوى دول العالم العربي لبعض الدول التي عرفت أحداث بالغة وبدأ العالم العربي يشتعل في سياق من التحالفات والتدخلات في الشؤون الداخلية للدول فوقفت الدبلوماسية الجزائرية على مسافة واحدة بين كل الأطراف وتحفظت على القرارات التي من شأنها أن تكون مدخلاً نحو التدخل ويبدو أن المقاربة الجزائرية كانت منطقية بالنظر إلى فلسفتها التي تؤمن بها.

وفي سياق الإقليم المضطرب بإيقاعات مختلفة بدءًا بالجوار الإقليمي للجزائر الذي عرفت فيه تونس وليبيا الحراك الاحتجاجي الذي أدلى إلى سقوط النظام في تونس وليبيا وانزلاق الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في البلدين، عملت الجزائر ووفق مقاربة حسن الجوار إلى مد يد العون إلى تونس عن طرق تقيد منحة مالية للخروج من أزمتها الاقتصادية والمالية كما ساعدت الجزائر أيضًا تونس في مجال لم الشمل بين كل المكونات السياسية وأطيافها التي تتوزع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وفي ليبيا مدت الجزائر يدها لأعمال مبدأ المصالحة الوطنية وتحقيق الاستقرار عن طريق الحوار السياسي بعيدًا عن الاقتتال القبلي والعشائري والذي يتغذى من أجندات دولية وإقليمية.

لقد احتفظت الجزائر أيضًا بعلاقات قوية مع شقيقاتها من الخليج فمنطقة الخليج تشكل العمق الاستراتيجي للجزائر فربطت الجزائر علاقات قوية مع قوة الثقل الحضاري والاستراتيجي في الخليج وهي السعودية وبالرغم من الاختلاف في الأجندات على مستوى جامعة الدول العربية برفض الجزائر لكل أشكال التدخل الأجنبي في الدول العربية وأن الجزائر بقاريتها تتعامل مع الحكومات وليس الجماعات ونأيها عن سياسة التحالفات إلا أن الديناميكية في العلاقات الجزائرية ــ السعودية باتت واضحة من خلال فتح أفق الشراكة وتطويرها من حيث حجم الاستثمارات التي من المتوقع أن تبلغ 10مليارات دولار .

ويتماشى ذلك مع السياسة الإصلاحية والانفتاحية التي تتبناها السعودية استراتيجيًا واقتصاديًا وثقافيًا وقد تراكمت صيرورة الشراكة بين السعودية والجزائر من خلال تشجيع الجزائر للسعودية لأن تكون قطبًا مهمًا في خفض الإنتاج في منظمة الأوبك وهذا ما تجلى من خلال لقاء الجزائر سبتمبر 2016م، كأحد آليات الدبلوماسية الطاقوية التي عززت من استقرار السوق النفطي وارتفاع محسوس في أسعاره المقدرة حاليًا ب 75دولار لسعر برنت ويتوقع الخبراء آن يكون السعر 100دولار في غضون سنة 2020م.

وتحتفظ الجزائر أيضًا بعلاقات قوية مع الإمارات من حيث الاستثمارات المتدفقة وبنفس التوازي مع قطر من خلال مجموعة الاستثمارات التي تستثمر فيه قطر في الجزائر كمجال الحديد في منطقة بلارة في ولاية جيجل . كما تعتبر الكويت أيضًا شريكًا هامًا للجزائر في مجال الاستثمارات في الاتصالات وكانت دولة الكويت من بين الدول التي احتضنت الثورة الجزائرية ماليًا وإعلاميًا.

وفي هذا السياق وقفت الجزائر بمسافة واحدة من أطراف الأزمة الخليجية القائمة حاليًا وترى الجزائر أن الحل يكمن في التصالح وهي تضع تجربتها في مجال الوساطة تحت تصرف أشقائها للم الشمل العربي مرة أخرى للوقوف أمام التحديات الخطيرة التي تواجه العالم العربي.

بالمجمل تنظر الجزائر إلى العالم العربي بنظرة متوازنة مع كافة الدول العربية وقادت مبادرة إصلاح الجامعة العربية على المستوى المؤسساتي لتستجيب للمتطلبات الاقتصادية والأمنية التي تواجه المنطقة وأن أهم تحد هو تحدي الإرهاب لذلك كانت التجربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب والمصالحة الوطنية مرجعًا أساسيًا يمكن أن تستفيد به الدول العربية التي تعيش أزمات بنيوية حادة تهدد استقرارها بل وبقائها في ظل حالة من انهيار دول وتنامي الإرهاب فيها وسط حالة من الانشقاق العربي حول المواقف الرسمية وحالة من التحالفات بين محاور عربية ضد محاور أخرى. إن الظرفية التاريخية التي تمر بها منطقة العالم العربي تجعلنا نفكر عن بقائنا المهدد من قبل قوى إقليمية ودولية تسعى لتقسيم مجالات النفوذ على العالم العربي ومن ثم فإن استيعاب اللحظة التاريخية تكمن في مزيد من التكامل والتلاحم بعيدًا عن الرؤى الضيقة المغلفة إقليميًا ودوليًا.

خاتمة:

لقد عملت سياسة الجزائر الخارجية في فضائها الجيوسياسي المزدوج إفريقيًا –العالم العربي كعامل استقرار مصدر للاستقرار نموذج للاستقرار من خلال دبلوماسية واقعية وعملية غلبت الحلول السياسية السلمية على الحلول العسكرية.

كما شاركت الجزائر في كل النقاشات التي تهتم بالمجال الإفريقي والعربي من خلال انضمامها إلى البنيات المؤسساتية المتمثلة في الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية وبطرح مبادرات في إطار من الديناميكية السياسية والاقتصادية والأمنية.

تتعامل الجزائر بمقاربة تبني النهج السياسي السلمي وتنأى بنفسها عن التدخلات العسكرية من منطلق عقيدتها العسكرية والدبلوماسية الثابتة وغير القابلة لا للتغيير ولا للمساومة.

تحاول الجزائر دومًا تسويق تجربتها الرائدة في مجال مكافحة الإرهاب والمصالحة الوطنية كآليات يمكن أن تستفيد منها إفريقيا والعالم العربي لحل المعضلات السياسية والأمنية في ظل هذا العالم المتحول استراتيجيًا والذي تطغى فيه القضايا الأمنية على أولويات التنمية والاقتصاد.

تتبنى الجزائر في منهجيتها في التعامل مع عمقها الإفريقي والعربية أسلوب الشراكات الاستراتيجية وليس التحالفات، إن الدبلوماسية الجزائرية هي دبلوماسية شراكات لا تحالفات.

تؤمن الجزائر بتجارب التكامل وترى في التجربة الإفريقية تجربة يمكن أن يكون لها صدى واقعي على مختلف الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية شرط استبعاد التدخلات الأجنبية في هذا المجال.

تؤمن الجزائر بعمقها العربي الذي تراه امتدادًا وحاضنًا لها تاريخيًا وعربيًا وثقافيًا وتتبنى سياسة متوازنة مع أقطابه ، السعودية الإمارات مصر سوريا العراق وفي سياق التحرشات الإقليمية بالعالم العربي وبعض دوله تفرق الدبلوماسية الجزائرية جيدًا بين الشقيق والصديق.

مجلة آراء حول الخليج