array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 130

الجزائر في إفريقيا: حائط صد ضد القوى المناوئة ونقطة ارتكاز عربية

الأحد، 13 أيار 2018

ربما كان وما يزال يُحسب للجزائر منذ وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لقصر المرادية وسط الجزائر العاصمة عام 2000م، وطيلة أربعة عهود رئاسية وحتى الآن أنه جعل من الجزائر حلقة وصل بين العالم العربي ودول الاتحاد الإفريقي فربما يكون البلد العربي من ضمن دول شمال إفريقيا قاطبة الذي يتمتع بعلاقات وحضور طاغي في القارة الإفريقية حيث نُسجت هذه العلاقات علي مدار عشرات السنوات منذ مكافحة الجزائر الاستعمار الفرنسي الذي استمر لأكثر من مائة عام حتى حصل على استقلاله عام 1962 م، واستمرت هذه العلاقات آخذة في التطوير والتطبيع وفي بعض الأحيان التكامل والتلاقي في المصالح السياسية والاقتصادية وحتى الأمنية وخاصة مع دول الجنوب الجزائري وخاصة مالي والنيجر بفعل أحداث العشرية السوداء التي شهدتها الجزائر منذ عام 1990م، واستمرت قرابة عشر سنوات شهدت فيها البلاد أعمال الإرهاب وقتل وتخريب وحرب طويلة بين الدولة الجزائرية ممثلة في الجيش وقوى الأمن وجبهة الإنقاذ وأجنحتها العسكرية حتى وصل بوتفليقة إلى سدة الحكم واستطاع بشكل تدريجي ممنهج إخماد جذوة الإرهاب والعنف عندما طرح مبادرات السلم والمصالحة حتي عام 2005 م، فاستطاع تصفية جبهة الانقاذ وأجنحتها العسكرية وسائر التنظيمات الإرهابية بالحوار والمصالحة حينًا وبالتصفية والقضاء على الأعداد الكبيرة باستثناء بعض قيادات وزعامات الحرب والإرهاب الذين فروا إلى صحراء جنوب الجزائر وشكلوا القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مثل حسن حطاب وعبد المالك درودكال زعيم القاعدة حاليًا في بلاد المغرب الإسلامي والتي تلقت ضربات قاتلة في السنوات العشر فنقلت كثير من أنشطتها الإرهابية وخاصة الجزء الأكبر إلى دول الشريط الجنوبي ودول الساحل والصحراء. في حين انفصل بعض زعاماتها الإرهابية الأخرى مثل مختار بلمختار الملقب "بالأعور" الذي أنشئ تنظيم المرابطون ووجه نشاطه الإرهابي باتجاه الحدود الجزائرية ـ التونسية وصولا إلى ليبيا حيث وجد تلاقي وترابط مع تنظيم أنصار الشريعة التونسي فقررا غزو الساحة الليبية وجعلها منصة كبري كما يحدث الآن لبقاء وتمدد هذا التنظيم بعد أن وجد في داعش ليبيا فصيلا متعاونا مؤسسًا ما يعرف بشبه شراكة إرهابية بين التنظيمين. وربما تكون هذه الحرب الإرهابية الطويلة والمواجهة الشاملة من الرئيس بوتفليقة لكل خلايا الإرهاب في الجزائر ومن ثم توسيع دائرة الحركة والتعاون مع الدول الإفريقية وخاصة دول الجوار للجزائر أحد الأسباب الرئيسية في تعاظم وتعميق العلاقات الجزائرية ـ الإفريقية حيث أن الرئيس بوتفليقة نفسه في زمن المواجهة الساحقة مع خلايا الإرهاب كان يردد دوما على مسامع الجزائريين والخارج أن الأفارقة كانوا خير عون وأفضل حالا ومساندة للجزائر في الشعوب الاقليمية والكبرى في العالم وكان؟ في قناة الموقفين الفرنسي والأمريكي تحديدًا حيث كان الموقف الفرنسي خلال فترة العشرية السوداء ضبابيًا وبه كثير من الخلل والتباعد عن نصرة الدولة الجزائرية والمؤسسة العسكرية وكان الفرنسيون يجاهرون دوما في تلك الفترة بمقولة من يقتل من في الجزائر؟ وكذلك نفس الحال للموقف الأمريكي وإن اختلف في الأدوات والتكتيكات حيث أن الإدارات الأمريكية وأجهزة الاستخبارات الخاصة بها كانت تقف على مسافة قريبة من كلا الجانبين في الجزائر الدولة وحزب جبهة التحرير الحاكم من ناحية وقيادات جبهة الانقاذ التي كانت تقود أعمال العنف والتوتر والإرهاب طيلة العشر سنوات وهو الأمر الذي جعل العلاقات الجزائرية ـ الأمريكية حتى العشر سنوات الأولى من حكم بوتفليقة للجزائر متراجعة وبها فتور وكمون وخلل ظاهر حتى أن بوتفليقة رفض طيلة عامي 2007 م، و2008 م، ضغوط أمريكية ملحة وضاغطة لإنشاء ما يعرف بقاعدة أفريكوم الأمريكية ـ الإفريقية ـ بأراضيه أي تشكيل قوات مكافحة الإرهاب من القوات الأمريكية بمعداتها العسكرية بانضمام بعض الجنود والقيادات العسكرية الإفريقية التي يمكن تدريبهم على يد القوات الأمريكية والألمانية لمساعدتها في مكافحة الإرهاب في منطقة القرن الإفريقي ويومها أطلق صرخاته التي مازالت محفورة في عقول وذاكرة الجزائريين حتى اليوم موجها حديثه إلى الجانبين الفرنسي والأمريكي تباً لصداقة تتغذى على لحم البشر في إشارة إلى موقف البلدين وتحفظهما والتراجع في توفير الحاضنة السياسية والعسكرية والأمنية للدولة والجيش الجزائري خلال سنوات العشرية السوداء. وفي تلك الأثناء وجد الرئيس بوتفليقة ومازال يري أن أفضل حاضنة دعم وشبكة أمان للجزائر هي استعادة وتقوية وتأكيد علاقات بلاده مع العالم العربي والقارة الإفريقية فسعى منذ اللحظة الأولى إلى استعادة زمام العلاقات الجزائرية ـ العربية فأحدث انفتاح غير مشهود في العلاقات مع سائر دول العالم العربي وفي مقدمتها دول الخليج العربي دون استثناء وكذلك دول المغرب العربي ومصر وكان لبلده دور فعال عبر الحضور الجزائري في أزمات العراق وقضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي وخاصة في سنوات ياسر عرفات على رأس منظمة التحرير الفلسطينية. وكان الانفتاح الأكبر مع دول الخليج قاطبة حيث كانت المملكة العربية السعودية الأكثر تواجدًا وحضورًا في الساحة والمشهد الجزائري وكان بوتفليقة ودبلوماسيه يطلان على المشهد العربي ويشاركان بالحضور فيه بفاعلية عبر دوائر التنسيق الجزائري ـ السعودي حيث يذكر حتى الآن أن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي السابق وأبرز دبلوماسي عربي كان أكثر وزراء الخارجية العرب الذين زاروا الجزائر في جولات مكوكية التقى خلالها الرئيس بوتفليقة وقيادات حكومته سواء للتشاور على مستوى العلاقات الثنائية أو تنسيق المواقف بشأن تطورات الأوضاع في العالم العربي وبهدف خلق جبهة دفاع عربية تكون الجزائر أحد أضلاعها في مواجهة كثيرمن الأزمات والمشاكل التي واجهها العالم العربي منذ التسعينيات وحتى الأمس القريب. مع الأخذ في الاعتبار أن القيادة الجزائرية ودبلوماسيها مازالت تقر بالعرفان والامتنان والفضل للدبلوماسية السعودية وحتى الآن لأنها كانت أول من سعت ووفرت حاضنة عربية وإقليمية للجزائر للعودة إلى المشهد الخارجي وخاصة في العالم العربي والشرق أوسطي بعد انتهاء زمن العشرية السوداء في الجزائر حيث ظلت الجزائر طيلة هذه السنوات في حالة من الانغلاق على الداخل والانكفاء على الذات بسبب أحداثها الداخلية وربما تكون علاقاتها مع غالبية دول العالم شبه مجمدة. ناهيك عن حالة العزلة التي كانت تواجهها الجزائر طيلة تلك السنوات إذ سرعان ما سارعت الدبلوماسية السعودية بمد يد التلاقي والعون مع الجزائر لتسريع عودتها العربية والإقليمية وقد نجحت في ذلك بامتياز وربما تكون الدولة العربية التي تحفظت عليها الجزائر وسعت لتحجيم علاقاتها معها منذ نهاية عام 2007 م، وحتى الآن هي قطر بعد أن أدركت الجزائر أن قطر لها مشروع تآمري لتخريب الجزائر وعودتها إلى سنوات العشرية السوداء عبر الاستهداف المتواصل بها عبر فضائية الجزيرة ومنصات إعلامية جديدة ظهرت في لندن وكانت تمول من قطر وتنظيم الحمدين، حمد بن خليفة وحمد بن جاسم حيث كانوا كلهم وفي مقدمتهم فضائية الشر الجديدة تخصص برامج يومية وتتعمد أن تجعل الجزائر وأحداثها الإرهابية المتفاوتة حتى بعد أن وصل بوتفليقة لسدة الحكم سنوات طويلة ونجاحه في القضاء شبه المبرم على الإرهاب هدفًا يوميًا وتسعى للنيل والتقليل من أي نجاحات للقيادة والجيش الجزائري في هذا الصدد. بالإضافة إلى نجاح أجهزة الأمن والاستخبارات الجزائرية التي ترصد حتى نهاية عام 2008 م، وقوف السلطات القطرية وراء تقديم بعض العون المالي والمساعدة اللوجستية عبر جهات في دول منطقة شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء الإفريقية تتبع الدولة القطرية وخلاياها التي توفر حواضن للعديد في التنظيمات الإرهابية في الوقت الذي كان أمير قطر حتى بداية السنوات السبع الأولى من حكم بوتفليقة يزور الجزائر ثلاث وأربع مرات في العام الواحد ويبقى بضيافة الرئيس بوتفليقة لأيام مطولة وكذلك فعل وزير خارجيته في ذلك الوقت حمد بن جاسم. وكان المدخل الرئيسي لزيادة النفوذ القطري في الجزائر خلال سنوات حكم بوتفليقة الأولى إقامة مشروعات قطرية عملاقة وزيادة حصص الاستثمارات والإسهامات التنموية في الجزائر إلا سرعان ما اكتشفت السلطات الجزائرية الحيلة والمؤامرة القطرية والتقارب القطري مع الجماعات الإرهابية في الجزائر وسعى تنظيم الحمدين لإعادة إحياء جبهة الانقاذ من جديد في الجزائر والسعي نحو تسهيل عودة عباس مدنى زعيم الجبهة والمؤسس لها والذى كان وما يزال يقيم بقطر منذ فراره من الجزائر نهاية التسعينيات وعلى الفور رصدت الجزائر حجم المؤامرات القطرية فقررت على الفور إعادة النظر في شكل وجوهر العلاقات القطرية الجزائرية فقررت إغلاق مكتب الجزائر بقطر منذ عام 2007م، وطرد كل العاملين به وعدم السماح بأي بث أو حضور إعلامي قطري في الأراضي الجزائرية منذ ذلك الوقت وكذلك الحال بشأن العلاقات السياسية حتى سعت القيادة الجزائرية إلى تحجيمها بشكل كبير عما كان قائمًا في بداية وصول بوتفليقة إلى سدة الحكم وتراجع ومازال حتى الآن حجم التنسيق الجزائري القطري وحتى في أزمة الدول الرباعية الأخيرة التي بين المملكة العربية السعودية، مصر، دولة الإمارات العربية المتحدة، و مملكة البحرين مع قطر ـزادت وقبلت الجزائر موقف الرباعية من قطر وسياستها ووصل الحال بالإعلام الجزائري الرسمي إلى مطالبة قطر بالقبول والتضامن مع لائحة الثلاثة عشر للرباعية العربية ضد قطر بل وزادت عليها مطالبتها بالتخلص الفوري عن دعم الإرهاب ووقف تقديم المال العابر للحدود للجماعات الإرهابية في المنطقة والتخلي عن تدخلاتها في شؤون الدول العربية واعتبار أن ما شهدته عواصم عربية في الآونة الأخيرة في ضوء ما يعرف بالربيع العربي كان بسبب التدخلات القطرية وتغذية الحركات الاحتجاجية عبر تقديم المال والمنصات الإعلامية وأبرزها ما كانت تفعله الجزائر في ذلك الوقت وباستثناء هذا الموقف الجزائري من قطر وحتى الآن تعتبر علاقات الجزائر بالعالم العربي جيدة وحاضرة بقوة في المشهد السياسي العربي بكل تفاصيله وتنويعاته وترى في نفسها أنها أحد الدوائر الكبرى في العالم العربي لتوفير حلقة الوصل بالقارة الإفريقية حيث كانت مازالت تركز على دعم علاقات والقمم العربية الإفريقية وستساهم مع المملكة العربية السعودية في زيادة زخم وفعالية عقد القمة العربية وتسعى الجزائر للقيام بدور حيوي مع الجامعة العربية لتوسيع دائرة التعاون في مكافحة الإرهاب حيث تنظم سنويًا منتدى رسمي لكبار قادة الجيوش العربية ـ والإفريقية بحضور رؤساء أجهزة الأمن والاستخبارات لبحث آليات التعاون وتعميق التعاون في هذا الشأن لمكافحة الإرهاب وتوفير وتوسيع دوائر التعاون الاستخباراتي وفى مجال نقل المعلومات بين الدول العربية والإفريقية التي تتواجد وتتناقل عبرها التنظيمات الإرهابية حيث استطاعت الجزائر بالفعل في هذا الشأن أحداث نقلة نوعية في التعاون بين الجانبين وما يحسب للجزائر أيضًا من أدوار للحضور العربي الإفريقي هي وقوفها بالمرصاد للتمدد والتغلغل الإيراني في إفريقيا حيث تمانع بقوة إقامة مراكز ثقافية إيرانية لنشر الفكر الشيعي والتشيع في الدول الإفريقية وخاصة التي تقع في كل الجوار الجزائري وكذلك التصدي للنفوذ الأمني والاستخباراتي والعسكري الإيراني في تلك الدول الإفريقية وينطلق هذا الموقف الجزائري المناهض للوجود والنفوذ الإيراني في إفريقيا من التجربة الثنائية التي عانتها الجزائر حتى الأمس القريب من التدخلات الإيرانية في الشأن الجزائري واستغلال السفارة الإيرانية في الجزائر طيلة الأعوام الماضية إحداث التوتر في بعض ولايات الجنوب الجزائري وشرق الجزائر حيث الامازيغ ومعاركهم مع السلطات الجزائرية للحصول على مكاسب أوسع و:بر لفئة الامازيغ وخاصة منطقة تيزي وزو وسعت لإحداث تأييد داخلي بين مواطني بعض الولايات الجزائرية والسلطات هناك ونشر الفكر الشيعي والإسراع بانتشار وتوسيع إقامة المراكز الثقافية الإيرانية هناك ونقل المناسبات والاحتفالات الشيعية إلى بعض المناطق الجزائرية وهو ما تيقنت له السلطات الجزائرية فسعت لوقف تلك المحاولات الإيرانية وقطع الطريق على أي تغلغل وتمدد إيراني من الداخل الجزائري وهو ما قررت سحبه على التواجد والنفوذ الإيراني في دول القارة الإفريقية. حيث تجد حاليًا حضور جزائري واسع يسمح بجانبه بالتواجد والحضور العربي في القارة الإفريقية في مواجهة هذا التواجد والتغلغل الإيراني. حيث لم يخف الإعلام الرسمي الجزائري في الآونة الأخيرة إعجابه وإشادته بالتواجد والحضور السعودي الملحوظ في الساحة الإفريقية في الأعوام القليلة الماضية وكانت تبرز جولات عادل الجبير وزير الخارجية السعودي لبعض العواصم الإفريقية في صفحاتها الأولى في المقابل يواجه الحضور والتمرد الإسرائيلي في بعض دول القارة الإفريقية بامتعاض وغضب جزائري بالغ الأهمية حيث كانت ومازالت الجزائر من أول الدول العربية التي تقف بالمرصاد للمحاولات الإسرائيلية لاحدا الاختراق الإسرائيلي للقارة الإفريقية وتتابعه باهتمام بالغ حيث ترى الجزائر في هذا الحضور أو الاختراق الإسرائيلي. دور مخرب وانتهازي وترفض أي محاولات إسرائيلية للعبث بالأمن القومي الإفريقي الذي ترى فيه معادلا موضوعيًا للأمن القومي العربي. ـ ناهيك عن أن الجزائر مازالت ترى في الموقف الإفريقي من قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي ورفض الممارسات الإسرائيلية واحتلالها الأراضي العربية جعلنا ضيعًا لمواجهة إسرائيل وخلق منصات ومصدات دفاعية ووقائية في مواجهة إسرائيل واستمرار خلق جبهات إفريقية وإقليمية، سواء في الإقليم أو حتى على المستوى الدولي عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن وهيآته المختصة، للتنديد بالاحتلال الإسرائيلي وخلق ركيزة جماعية دولية لمجابهة ومواجهة إسرائيل من ناحية وتوفير حاضنة دولية وإقليمية للضغط على إسرائيل لعودة الحقوق العربية. حيث لا ينسى في هذا الشأن أدوار جزائرية بعضها معلن والبعض الآخر غير معلن في ممارسة مساع جزائرية على عواصم إفريقية لمنع وإلغاء زيارات كان متفق عليها لمسؤولين إسرائيليين، وفى المقدمة منهم رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزراء ومسؤولين في حكومته لدول إفريقية، تم تأجيلها ومن ثم تعطيلها، بالإضافة إلى تدخلات جزائرية لإقناع العديد من الدول برفض إقامة أي مشروعات أو شراكة مع إسرائيل في مجال الزراعة ومشروعات الري والصرف وإقامة السدود التي تتخذها إسرائيل ذريعة لإحداث الاختراق العسكري والأمني والاستخباراتي في دول القارة الإفريقية، وتسعى من خلال إسهامات خاصة بها مع تلك الدول أو التعاون مع دول عربية لتوسيع المشاركة والحضور في هذه المشروعات وغيرها، ويكفى أن الجزائر هي أول من لفت انتباه الدول العربية وضغطت خلال دورية انعقاد القمم العربية الأخيرة لضرورة وضع ملف العلاقات العربية ـ الإفريقية كأحد البنود الثابتة على جدول أعمال القمم العربية وتعاونت مع مصر في السنوات الماضية في ضرورة عقد القمم العربية ـ الإفريقية ونجحت في عقد أكثر من قمة في القاهرة وعاصمة إفريقية وستعقد القمة القادمة في الرياض بالمملكة العربية السعودية. ـ في ضوء كل هذه التحديات التي تواجه العالم العربي بشأن حضوره من المشهد الإفريقي كانت الجزائر حاضرة بقوة إلى حد ما وسعت بالفعل إلى تكريس هذا الحضور انطلاقًا من علاقاتها المميزة مع معظم، إن لم يكن كل، الدول الإفريقية، إلا أن هذا الحضور العربي بكل تأكيد سعى إلى تكريس هذا التواجد بفعالية وحضور أكبر في الساحة الإفريقية في ضوء استمرار تزايد هذه التحديات، وفى المقدمة الأبرز منها تتزايد أعمال الإرهاب وانتقال المئات، إن لم يكن الآلاف، من التنظيمات الإرهابية، خاصة تلك المحسوبة على داعش وقادتها إلى دول الجوار العربي ـ الإفريقي، حيث تظهر أرقام أجهزة الاستخبارات الأمريكية والفرنسية ومراكز الأبحاث الأمريكية إلى قرار وتواجد أكثر من 6 آلاف من أعضاء تنظيم داعش في سوريا والعراق إلى منطقة الساحة الإفريقية وتكوينهم ما يعرف بداعش في الصحراء الكبرى بزعامة أبو الوليد الصحراوي، حيث يشكل هذا التنظيم وغيره خطرًا داهمًا على الأمن العربي وليس الإفريقي فحسب، خاصة أن هذا التنظيم له أتباع ومريدين وخلايا نائمة هربت إلى بعض العواصم العربية بعد القضاء على داعش في بلاد الشام والعراق. وبالتالي يحتاج الأمر إلى مضاعفة وتضافر الجهود العربية للتعاون مع دول القارة الإفريقية لزيادة وتيرة هذا التعاون لمواجهة خطر الإرهاب بقوة وتوفير مصدات وقائية مسبقًا للأمن القومي العربي. بالإضافة إلى تحديات الخطر الإيراني والإسرائيلي في القارة الإفريقية وفرص التقليل العربي من زيادة الحضور والنفوذ الأمريكي والصيني في إفريقيا حاليًا الذى أصبح ينافس ويلاحق النفوذ الفرنسي التقليدي في القارة الإفريقية، حيث لابد من الاتفاق على آليات تعاون جديد للعالمين العربي والإفريقي، وهذا ما يمكن أن تساعد فيه بغزارة وكثافة أكبر دولة الجزائر وصولا إلى الفرصة السانحة التي ستتوفر لكلا الجانبين العربي ـ الإفريقي مع انعقاد قمتهم المشتركة القادمة في المملكة العربية السعودية، حيث هناك رهانات عربية وإفريقية من الآن أن هذه القمة ستحدث التحول المطلوب والتاريخي في مسار العلاقات العربية ـ الإفريقية انطلاقًا من احتضان المملكة أولا هذه القمة. ـ بالإضافة إلى التوقعات التي تنتج عن هذه القمة بإعداد قائمة مشروعات وإسهامات عربية وفى المقدمة الخليجية في القارة الإفريقية، خاصة تلك التي تتعلق بالبنية التحتية وحياة المواطنين الأفارقة من صحة وتعليم وزيادة حصة الاستثمارات العربية في مشروعات التصحر والري والصرف والزراعات في الصحراء. ـ وبالتالي فإن أي تقارب عربي ـ إفريقي سيصب في صالح خدمة مصالح الطرفين على كافة الأصعدة، كما أن هذا الحضور سيسهم في الحفاظ على الحقوق والمكاسب للدول العربية الواقعة في المحيط الإفريقي وسيخلق جبهة دعم عربي لهذا البلد وهو ما تحتاجه مصر حاليًا على سبيل المثال في مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا والسودان وبقية دول حوض النيل وغيرها من أزمات الدول العربية في القارة الإفريقية أو على حدودها الجغرافية، وهذا ما التفتت إليه دول عربية كبرى مثل السعودية والإمارات والكويت، فسعت لزيادة إسهاماتها واستثماراتها في إفريقيا لمصلحة الحقوق والتواجد العرب في إفريقيا وربما يتزايد بوتيرة متسارعة مع قادم الأيام وسيبلغ ذروته بكل تأكيد بعدم انعقاد القمة العربية ـ الإفريقية في المملكة العربية السعودية، حيث الحضور العربي في المشهد الإفريقي لافت ولكن التوقعات كثيرة للحضور العربي هناك في مواجهة العديد من التحديات والنفوذ لدول إقليمية وكبرى معظمها لا يراعي المصالح والحقوق العربية، وهذه فرصة العرب الآن للحضور أكثر في إفريقيا من الآن فصاعدًا حيث يجب أن يكون الرهان
على التواجد والتموضع العربي في المشهد الإفريقي هو أولوية وضرورة العرب بامتياز

مجلة آراء حول الخليج