array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 95

مراكز الأبحاث في عالمنا العربي

الأربعاء، 01 آب/أغسطس 2012

كثيرة هي القضايا والأمور العامة، التي تهم (أو يجب أن تهم) الأمم و الدولة – أي دولة – وخاصة في عالم اليوم ، وعالم الغد المقبل ، عالم تفجر  المعلومات. إذ لا توجد الآن اى دولة في العالم  إلا وهناك قضايا معينة ، محلية وإقليمية وعالمية  رئيسة ، تهمها ( أو يجب أن تهمها).  ذلك الاهتمام أمر غالبا ما يقتضيه الحفاظ على أمنها وسلامتها ، وازدهارها .  فالهدف الرئيس لأي دولة  هو المحافظة على بقاءها، وضمان أمنها، وتحقيق رفاه سكانها لأكبر قدر متاح ، وبأفضل الوسائل الممكنة. وهذا يتطلب عدة أمور ، أهمها : امتلاك المعلومات الحقيقية اللازمة عن الأمور المهتم بها.

هذا يقودنا للإشارة إلى سياسات الدول، وأساس صياغتها وتنفيذها، فـ " السياسة " يمكن تعريفها بأنها عبارة عن: أهداف معينة، زائداً الوسائل التي يمكن أن تتبع، لتحقيق وحماية تلك الأهداف. إن أهم أهداف سياسة أي دولة- سواء الداخلية أو الخارجية – يمكن حصرها في هدفين رئيسين هما: تحقيق المصلحة القومية (كما يحددها مسئولي الدولة) أولا . وثانيا :  خدمة وحماية الإيديولوجية (العقيدة) التي يفترض أنها تحكم سلوك الدولة ( كما يحددها المسؤلين أيضا، سواء كان ذلك التحديد ديمقراطياً، أو ديكتاتورياً ).

ومن هذين الهدفين الرئيسين، تنبثق أهداف سياسة الدولة – أي دولة – الداخلية والخارجية.   وانطلاقاً من هذه الحقيقة، تبرز أمام كل دولة قضايا ومناطق معينة تهمها، أكثر من غيرها، من القضايا والمناطق التي تتعلق بمصالحها ، وعقيدتها (سلباً وإيجابا) بشكل أو آخر، وبقدر أكبر من غيرها.

والاهتمام في حد ذاته  لا يكفي  وحده، إذ ما فائدة "الاهتمام"  إذا لم يقترن بفعل إيجابي ، يجعل لذلك الاهتمام مردوداً إيجابياً، على مصالح الجهة المهتمة، أو على مصالح الدولة المهتمة، المادية والمعنوية (أو المصلحية والعقائدية).  ولعل أهم وأول عنصر من عناصر الفعل الإيجابي الملازم لـ "الاهتمام" ، هو محاولة الدولة أن تعرف، بشكل منهجي ،  كل ما يمكن معرفته، عن تلك القضايا ، والمناطق، مما يفيدها في اتخاذ القرارات المناسبة تجاه هذه القضايا ، ولا شك ، أن كل دولة من دول العالم ، تحرص على أن يكون لها أجهزة حكومية تقوم بهذه المهمة، وتزود صناع القرار فيها  بما قد يحتاجون إليه من معلومات ، عن تلك القضايا والمناطق.

مراكز الدراسات الخاصة المعنية بمنطقة الخليج العربي  تنتشر في أغلب الدول الغربية

مركز الدراسات هو مؤسسة تهتم بجمع وتحليل المعلومات بشكل عام أو جزئي

دولاً عربية قليلة أنشأت مراكز دراسات معنية بالقضيا المهمة والمصيرية

إن أجهزة " المباحث " و " الاستخبارات" ، هي أهم تلك الأجهزة، وهي دوائر لا غنى لأي دولة في العالم عنها، حيث إن أهمية هذه الأجهزة  لا تقل عن أهمية أي مرفق عام آخر، إن لم تفقها.  فإذا كان من الضروري إنشاء مؤسسات للدفاع (مثلاً) فإن من الحتمي إقامة الجهاز الاستخباراتى ، وتدعيمه، بما يمكنه من القيام بمهامه الجليلة، في خدمة الدولة وشعبها والحفاظ على كيانها وأمنها، ولا شك أن مجال العمل الاستخباراتي ، لأي دولة، هو العالم بأسره، مع التركيز على القضايا والمناطق التي تهم الدولة بشكل أكبر وحسب ما يقتضيه تطور الأحداث وتنوع الظروف والأحوال .

هذا على المستوى الرسمي (الحكومي). أما على المستوى غير الرسمي ، فإن الدول المتقدمة تحرص على نشر الثقافة والمعلومات ، المتعلقة بخاصة بالقضايا والمناطق التي تهمها ، بين أكبر عدد ممكن من سكانها – وخاصة المثقفين والمهنيين منهم. وهذا ما يمكن تحقيقه عبر عدة وسائل، أهمها: الجامعات، والمعاهد المتخصصة، ومراكز الأبحاث و الدراسات (Research & Study Centers ) وهي موضوع حديثنا هنا . فالدول الغربية (مثلاً) تهمها جداً منطقة الخليج العربي، وغيرها، لأسباب معروفة.  لهذا ، نجد أن مراكز الدراسات الخاصة بمنطقة الخليج العربي  تنتشر في أغلب هذه الدول .  بعض هذه المراكز ملحق بجامعات ومعاهد ، وبعضها مستقل، وقائم بذاته كمركز أكاديمي. وقس على ذلك كثير من المناطق والقضايا، التي تهم تلك الدول.

إن "مركز الدراسات" هو: مؤسسة تهتم بجمع وتحليل المعلومات، بشكل عام أو جزئي ( في كل أو بعض مجالات وجوانب الحياة ) عن قضايا ، أو منطقة معينة بقصد تعميم فائدة تلك المعلومات والاستفادة منها فيما يخدم الصالح العام للجهة المهتمة.  وعادة ما يتكون مركز الدراسات، سواء كان تابعاً أو مستقلاً، من مقر ومتخصصين وخبراء ويحتوي على مكتبة متخصصة ، ويقوم بدعم الأبحاث الخاصة بالقضية، أو المنطقة ، التي يتخصص فيها، ويصدر دورية ومطبوعات متخصصة في موضوعه. كما قد يحتوي على قسم للترجمة، ويتبنى إقامة الندوات والمحاضرات، وربما يصل الأمر به إلى إعطاء دورات تدريبية، كما قد يتطور ليمنح درجات علمية عليا، في مجاله ، إن تحول إلى كلية (كما يحدث في بعض الحالات القليلة).

                         ****

مراكز الدراسات في السعودية بخاصة :

كل دول العالم العربي ما زالت في مرحلة النمو،  والنمو البطيء ، في الغالب ، والبعض منها في مرحلة ركود ، وتدهور لذا، نجد  المراكز العلمية فيها ، وبخاصة مراكز الدراسات الإستراتيجية ، محدودة – كماً ونوعاً- وكأنها ترف لا داعي له.   صحيح ،  لقد انتشرت مراكز الدراسات المتواضعة في الوطن العربي مؤخرا ، ولكنها تظل قليلة العدد، وضعيفة العدة.  وربما يعود هذا إلى عدة عوامل منها : عدم إدراك الأهمية الكبرى لهذه المراكز، خذ (مثلاً )  قضايا : التنمية ، الأمن المائي والغذائي ، إسرائيل وقضية الصراع العربي– الصهيوني.  المفروض أن يقوم أكثر من مركز دراسات، في كل دولة عربية، يختص بهذه القضايا ، وغيرها .  ولكن دولاً عربية قليلة أنشأت مراكز دراسات من هذا النوع ، أو ذلك الاختصاص.

إن " التنمية الشاملة " ،  ومسألة  الصراع العربي – الصهيوني   ( مثلا )  هي قضية القضايا (أو هكذا يجب أن تكون) بالنسبة للعالم العربي .  حيث أن الغالبية الساحقة من شعوب اغلب هذه الدول ترزح في حلقة محكمة من ثالوث " الفقر – الجهل – المرض "  . كما أن  قيام ونمو وتوسع وعربدة  إسرائيل، لم ولن يكون إلا على حساب الحقوق والكرامة العربية  ،  بل والتنمية العربية الشاملة ، سيما وإن الهدف الرئيس لإسرائيل  هو: إقامة دولة إقليمية  عظمى ( إسرائيل الكبرى ) على مستوى المنطقة، فوق أنقاض الحضارة العربية، فإسرائيل هي عدو بالغ الخطورة لكل الأمة، ولن يكون هناك مستقبل عربي طيب ، إلا بإلغاء الفكرة الصهيونية البغيضة، أو " احتواء" إسرائيل، في حدود معقولة.

ومع ذلك ، يجد المرء جهلاً فاضحاً في العالم العربي – حتى بين المتعلمين العرب – بهذه الحقائق المرة والخطيرة، ولذلك أسباب عديدة، أهمها: عدم توفر المعلومات الكافية عن  " التخلف " ، وعن هذه الجرثومة الخبيثة ، التي تم زرعها عنوة في قلب الأمة العربية . ومن أسباب ذلك الجهل أيضا : غياب مراكز الدراسات المتخصصة، التي تتناول هذه القضايا الكبرى بالدراسة المتعمقة والتوضيح، من شتى الجوانب ، وتنشر دراساتها.

وقد حققت المملكة العربية السعودية ،  كما هو معروف ،   تقدماً كبيراً في مجالي العلم والمعرفة. كما أقيمت فيها مراكز دراسات عدة، تتخصص في قضايا وأمور تهم هذه البلاد ، و منها   " مركز الدراسات الإستراتيجية " ، والذي هو عبارة عن مؤسسة بحثية  حكومية شاملة ، ذات اختصاص محدد، وهو  بذلك، يختلف عن مراكز الدراسات غير الحكومية، والتي تهدف إلى نشر وتعميم دراساتها ، بين  المهتمين والعامة، والتي هي محور كلامنا هذا .

  وقد أصبح بالمملكة ، في الواقع ،  أكثر من ثلاثين جامعة ، وعدة مراكز أبحاث في مجالات الاقتصاد ، والإدارة  ، والقانون ،  وغيرها . ولكن ، ما زلنا نفتقر إلى مراكز دراسات سياسية يعتد بها . ويؤمل أن يصرح بقيام مراكز من هذا النوع ، في إطار نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الذي سبق أن أقره مجلس الشورى .

 وأعتقد أن بلادنا بحاجة إلى قيام المزيد من مراكز الدراسات المتخصصة في عدة مجالات ،  من أهمها :-

1) الحركة الصهيونية (إسرائيل)     2) الدول العربية.

3) الدول الإسلامية.               4) الدول الآسيوية.

5) الدول الأفريقية.                 6) دول الاتحاد الأوروبي.

7) روسيا وشرق أوروبا.            8) الولايات المتحدة .

  وما إلى ذلك، كما أن هناك  ، كما هو واضح ، مئات المواضيع والقضايا التي تستحق أن ينشأ لكل منها مركز أو مراكز  دراسات ، والتي تتعلق بالمناطق والقضايا  المذكورة .

وأذكر أن أساتذة بقسم العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة فكروا ،  منذ مدة ،  في إنشاء  " مركز دراسات البحر الأحمر " بقسمهم العلمي . بحيث يهتم بمنطقة البحر المذكور  من الجوانب الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية ،  إضافة إلى النواحي الطبيعية والجيولوجية . و هذه ، ولا شك ،  فكرة جيدة  إن فعلت  ، ستقدم خدمة معرفية كبرى للوطن ،  بل ولكل المنطقة .

 ونأمل أن تنتشر مراكز الدراسات المتخصصة ،  في المجال السياسي وفى غيره من مجالات الحياة الواسعة ،  في كل أنحاء بلادنا وفى عالمنا العربي  العزيز ، الذي يستحق أن يصبح إحدى منارات العلم والثقافة والمعرفة  ، على مستوى هذا العالم .  والمؤمل أن يعي كل متعلم عربي حقيقة الأخطار المحدقة بأمته ، وهى كثيرة ومتشعبة، وأن تفهم تلك  الأخطار بأقصى حد من الموضوعية، وان يكون " الفهم "  منطلقا لأفعال مناسبة ،  تقي هذه الأمة ( بإذن الله )  شرور الأيام ، وغدر الليالي ،  وتسهم في تقدمها وازدهارها  .

 

          

مقالات لنفس الكاتب