array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 142

العلاقات الخليجية و آسيا الوسطى: سانحة على القاعدة الشراكة والمنافع المتبادلة

الثلاثاء، 08 تشرين1/أكتوير 2019

لم يعد خافيًا الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية لمنطقة آسيا الوسطى، وكذلك الصراع الإقليمي والعالمي على هذه المنطقة التي يتوقع لها أن تغير الخارطة الجيواستراتيجية والاقتصادية الحالية على مختلف الصعد، لذلك نجد الصراع والتنافس يحكمان العلاقات الإقليمية والدولية مع دول آسيا الوسطى، وهذا يعني عدم تمكن أي طرف من أطراف الصراع والتنافس من تحقيق مصالح دائمة وآمنة أو الاستفراد بآسيا الوسطى.

وذلك لأن اللعبة قائمة على الصراع والتنافس، فمن يكون قويًا في اللعبة ستكون له الغلبة، والقوة هنا نسبية لكل الأطراف الإقليمية والدولية، بدليل روسيا التي لها نفوذ كبير في آسيا الوسطى بحكم كونها الدولة الاستعمارية السابقة لها، لم تنجح في منع اختراقات إقليمية ودولية.

فهل ستنجح دول الخليج في آسيا الوسطى؟ لو انتهجت اللعبة نفسها وتركت مهددات الأمن الكثيرة التي تعاني منها آسيا الوسطى ويمكن أن تضربها لاحقًا ، أم ينبغي عليها تبني استراتيجية مختلفة؟ وما هي طبيعتها؟ وما هي ماهيات المصالح ومساراتها التي ينبغي أن تدعم هذه الاستراتيجية لصناعة علاقات مستدامة وآمنة مع دول آسيا الوسطى خاصة وأن هذه المنطقة تشكل عمقها الاستراتيجي وأمنها القومي، ولأن مستقبلها الجيوسياسي والاقتصادي قد أصبح يتقاطع مع دول آسيا الوسطى.

  • الخليج العربي الأقرب والأولى بآسيا الوسطى.

لماذا؟ لعدة اعتبارات ذات شمولية، لا يمكن فصلها، فهي مجتمعة تشكل الأهمية السياسية لدول آسيا بالنسبة للدول الخليجية، ويمكن أن تكون العلاقة السيكولوجية بين الجانبين مدخلاً لبناء علاقات استراتيجية راسخة ومستدامة بخلاف الدول الأخرى كتركيا وإيران وروسيا التي لها أطماع مكشوفة تتعارض مع مصالح دول آسيا الوسطى.

ولن تكون الدول الخليجية الست لوحدها من ينفرد بعلاقات عاطفية وثقافية مع آسيا الوسطى، وإنما قد تنافسها إيران وتركيا، لكنها أي الدول الخليجية ستنفرد عنها بالكثير من المزايا، أبرزها نظافة تاريخها في آسيا الوسطى، فتاريخها خالٍ من التوترات والصراعات، كما تعد الدول الخليجية الطرف الإقليمي المقبول من طرفي الصراع الدولي " واشنطن وموسكو " بعد أن تكون قد فعلت دبلوماسيتها قليلاً باتجاه روسيا لكسب المزيد من الود والثقة.

أما أمريكا، فالعلاقات الخليجية معها، ستجعلها تنظر للتواجد الخليجي في آسيا الوسطى كامتداد لتواجدها أو بمثابة الوكيل عنها، وحتى إسرائيل التي تتغلغل في هذه الدول، فلن تتوجس من التواجد الخليجي بحكم المناخات السائدة بينهما حاليًا، ولن تجد دول المجلس الخليجي صعوبات كبيرة في التوغل الشمولي لدول آسيا الوسطى، أنظمة وشعوبًا.

فديموغرافية آسيا الوسطى تتقاطع مع الديموغرافية الخليجية في العمق السيكولوجي والثيولوجي " الديني" فقد برز من تركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزيا وكازاخستان، علماء مسلمين كبار يساهمون في تشكل الذهنية المسلمة حتى الآن، على سبيل المثال لا الحصر، البخاري والخوارزمي والترمذي والفارابي.. الخ.

لذلك، تتولد في عمق الديموغرافية المشتركة بين الجانبين شعور بالأخوة الإسلامية، خاصة وأن أغلب سكان كل دولة من آسيا الوسطى مسلمون وبأيديولوجية معتدلة، تحاول دول مثل إيران وجماعات إرهابية سلبها، فمثلا طاجيكستان يشكل مسلموها " 90% " وتركمانستان " 89% " وأوزبكستان " 88% ".. الخ لذلك، فالخليج العربي تتوفر لديه الشرعية الشعبية المقبولة لدول آسيا الوسطى.

  • آسيا الوسطى والأهمية الجيوسياسية والاقتصادية للخليج العربي

في عام 1940م، وأثناء الحرب العالمية الثانية، صرح مولوتوف وزير خارجية الاتحاد السوفياتي السابق بأن العمق الاستراتيجي لبلاده يمتد من جمهوريات آسيا الوسطى السوفياتية حتى الخليج العربي، وهذا يضعنا في عمق الارتباط الاستراتيجي بين دول الخليج وبين جمهوريات آسيا الوسطى قديمًا في حقبة السوفيات، وحديثًا في حقبة بوتين.

وهذا الارتباط لا يزال قائمًا حتى الآن، وهو ما تؤكده الكثير من المراجع التي نستعين بها، حيث تربط جهود واشنطن لإخراج الجنود السوفيات من أفغانستان ومساعداتها في تكوين جماعة طالبان لمحاربة الوجود السوفياتي في أفغانستان من منطلق ديني خالص، تربط حرص واشنطن لإبعاد النفوذ السوفياتي من آسيا الوسطى التي تمثل عندها من منظور جيواستراتيجي، خطرًا على النفوذ والاستثمارات الأمريكية في منطقة الخليج العربي.

ولو اضفنا مفاوضات الدوحة الجارية حتى الآن بين طالبان وواشنطن، وإصرار إدارة بوش على نجاحها، فإننا سنجد إنها تندرج في إطار هذه الأهمية الاستراتيجية لدول آسيا الوسطى وتأثيرهما على منطقة الخليج العربي.

فدول آسيا الوسطى تتمتع بموقع له أهمية على صعيد الجغرافيا السياسية، فهي محيطة من الشرق بالصين، ومن الشمال بروسيا، ومن الجنوب أفغانستان، وإيران، وعلى مقربة من تركيا، كما أنها -كما يقال -على مرمى حجر من منطقة الخليج، ومحاطة كذلك ببحر قزوين، ولها أهمية لأمن الكيان الصهيوني فضلاً على كونها ذات أهمية اقتصادية وسياسية للغرب.

كما أنها تعتبر قوة اقتصادية صاعدة، إذ تحتفظ بثروات هائلة، وهي تمتلك احتياطيًا ضخمًا من الموارد الطبيعية، كالنفط والغاز الطبيعي والفحم، والمواد المعدنية، والمعادن النادرة، فضلاً عن مساحات شاسعة من المراعي الجيدة، والأراضي الزراعية الخصبة، على سبيل المثال، فإن الأراضي المزروعة في كازاخستان كانت تشكل 20% من مساحة الأراضي المزروعة في الاتحاد السوفياتي السابق، كما أنها كانت تمتلك 60% من مصادر الاتحاد السوفياتي المعدنية، من حديد وفحم ومعادن متنوعة تستخدم في الطاقة النووية والصواريخ.

أما أوزبكستان فإنها تعد ثالث أكبر منتج في العالم للقطن، بينما تمتلك تركمانستان احتياطيًا ضخمًا من الغاز الطبيعي تحتل به المركز الرابع على مستوى العالم بعد روسيا والولايات المتحدة وإيران، غير أن الأهم هو إعلان اكتشاف كميات ضخمة من النفط لدى بحر قزوين، وأشارت التقديرات الأولية أن هذه الكميات تبلغ 150 مليار برميل من البترول، وربما مثلها من الغاز، فيما إجمالي الاحتياطي المؤكد لبحر قزوين هو 2.3% من احتياطي العالم.

ومن هذا الموقع الجيواستراتيجي لدول آسيا الوسطى، تكمن أهميتها لدول مجلس التعاون الخليجي خاصة إذا ما أضفنا إليها تهديدات المنظمات الإرهابية التي تترعرع فيها فقد حقق كلٌّ ما يسمى بالحركة الإسلامية في أوزباكستان (IMU) واتحاد الجهاد الإسلامي (IJU) نموًّا من حيث الحجم والعدد، كما أن أيديولوجيتهما باتت أكثر تطرفًا بسبب ارتباطهما الوثيق بالقاعدة وطالبان وذلك حسبما تردد. وكلتا الجماعتين (الحركة الإسلامية في أوزبكستان واتحاد الجهاد الإسلامي) يشكِّلان تهديدًا جسيمًا لأمن واستقرار قيرغيزستان وطاجيكستان.

والمتأمل في فلسفة سياسات دول مجلس التعاون الخليجي في آسيا الوسطى الراهنة، سيلاحظ أنها في أمس الحاجة إلى إعادة تطويرها لكي تترسخ أقدام الخليج في آسيا الوسطى كدينامية تستغل التاريخ والتناغم السيكولوجي بين الشعوب لتأسيس علاقات اقتصادية وسياسية مستدامة وآمنة، ومختلفة عن الرؤى التركية والإيرانية والأمريكية والروسية والصينية.

  • التمايز الخليجي في علاقاته بآسيا الوسطى.

في خضم الصراع والتنافس الإقليمي والدولي على آسيا الوسطى، وبروز روسيا كفاعل يستفرد بالمشهد، ويعمل جاهدًا للحيلولة دون اختراق آسيا الوسطى، لعدة اعتبارات تاريخية وسياسية واجتماعية وثقافية وجغرافية، يحتم على دول الخليج أن تنأى بنفسها عن سياسة الصراع والتنافس الدولية والإقليمية في آسيا الوسطى، وأن تتبنى سياسة التعاون والشراكة الحقيقية مع الدول الخمس في آسيا الوسطى.

شريطة ربط منظومة المصالح المشتركة من جهة الخليج ثنائيًا أو جماعيًا بما يخدم أحداث نقلة اقتصادية ملموسة في آسيا الوسطى لها انعكاسات اجتماعية مباشرة، وفق مستوجبات التعامل مع الدول الخمس في آسيا الوسطى من منظور كتلة واحدة رغم أنها تشكل خمس دول مستقلة، وفعليًا هي كتلة واحدة تبلغ مساحتها حوالي أربعة ملايين ميل مربع وعدد سكانها " 50 " مليون نسمة.

وقبل أن نتوقف عند الفلسفة السياسية الخليجية المقترحة، وحتمية تطويرها، نرى من الأهمية بمكان التعرف على فلسفة الدول الإقليمية في آسيا الوسطى، حتى يمكن أن نؤسس فلسفة خليجية متمايزة ومتميزة عنها، فلو أخذنا الفلسفة السياسية الإيرانية كنموذج يحكم العلاقات الإيرانية مع آسيا الوسطى، فسنجد أنها ترتكز على عاملين هما، العرق والمذهب ومن خلالهما تبني علاقاتها الاقتصادية مع دول آسيا الوسطى، وهذا لن يصنع حالة الاستدامة لطهران في المنطقة، وستكون محط تجاذبات وتوترات دائمة، وهذا ما حدث فعلاً مع طاجيكستان.

حيث توترت العلاقات بين البلدين، ومنع الطاجيك تداول رسائل وكتب الخميني، كما تم إغلاق المركز الثقافي والتجاري الإيراني في مدينة خجند، وكان المركز يستخدم الجانب الثقافي عبر دعم الكتاب المحليين وطباعة كتبهم وتنظيم رحلات للشباب الطاجيك إلى إيران بهدف استمالتهم إلى جانبه وتجنيدهم لخدمة مصالحه في طاجيكستان، مما أصبح التوجس من إيران مرتفعًا في دول آسيا الوسطى.

أما الرياض، فجوهر فلسفتها قائمة على الحد من النفوذ الإيراني في آسيا الوسطى ، ومؤشراتها ناجحة، بدليل التوترات بين طهران وطاجيكستان التي اعتبرها السفير السعودي في طاجيكستان بأنه " انتصار عظيم للمملكة وقيادتها الحكيمة " أما الإمارات فقد ركزت على كازاخستان وتركمانستان على اعتبار أنهما دولتان رئيسيتان، لكن منظور السيطرة على الموانئ على بحر قزوين، مع وجود أكثر من " 200" شركة إماراتية تعمل في كازاخستان، فهل الخليج بهذين النموذجين يختلف عن بقية الدول الإقليمية والعالمية التي تتصارع وتتنافس على آسيا الوسطى ؟

 

ينبغي أن يكون الشغل الشاغل للخليج في آسيا الوسطى، التمايز والتميز عن بقية الأطراف الإقليمية والعالمية عبر تطوير فلسفتها السياسية سالفة الذكر، وتبنيها فلسفة التعاون والشراكة مع الدول الخمس بصور مختلفة على أن يأتي على جسر كسب ثقة روسيا بالذات، والدخول معها في منظومة منافع استراتيجية متبادلة، كأن تكون شريكًا في مشاريعها الاقتصادية الاستراتيجية في آسيا الوسطى.

وكذلك الشيء نفسه، يمكن أن يحدث مع دول آسيا الوسطى، كأن يتم الدخول مع الدول الخمس في مشاريع مشتركة على المستويين الثنائي والجماعي، وحبذا لو كان التعاون والشراكة من جهة الخليج جماعية، بفكر ومال ست دول خليجية استثمارًا لأموال صناديقها السيادية، وإذا كانت هذه الرؤية يستصعب تحقيقها الآن خليجيًا ولو من قبل دولتين أو ثلاث، لعوامل كثيرة، فإن تطبيقها على مستوى الدولة الواحدة، قد أصبح حتميًا لدواعي تحقيق المصالح واستدامتها وجعلها بمنأى عن تداعيات التنافس والصراع.

فلو بحثنا في اقتصاديات دول آسيا الوسطى الخمس، فسنجدها قائمة على مقومات مشتركة، كالنفط والغاز والمعادن وكذلك الزراعة التي تمثل أكثر من " 22 % " من إجمالي الناتج المحلي لكل دولة، واليورانيوم بكميات ضخمة والذهب حيث تعد أوزبكستان أكبر دولة في آسيا الوسطى من حيث السكان " 27مليون نسمة 2006" أكبر احتياطي للذهب عالميًا، والثامن عالميًا من حيث إنتاجه، وطاجكستان أصغر دولة في آسيا الوسطى، فهي تشتهر بالثروة المائية حيث تعد الثامنة عالميًا ... الخ.

فالدخول معها في شراكات تعاونية متبادلة قائمة على صناعة نهضة هذه الدول من منظور فلسفة التعاون والشراكة، سيميز التواجد الخليجي عن غيره داخل هذه المنطقة، وستبعث برسالة إيجابية لشعوب هذه المنطقة التي أغلبها مسلمة، ومنها ستعزز الشعور بالروابط الثقافية والدينية التاريخية التي تجمع بين المنطقتين.

وهذا النهج لن يكون براغماتيًا خالصًا، ففي مضامينه، تقاطع السياسة مع المصالح، مما ستجد دول الخليج العربية نفسها تجني اثمان سياسية لصالحها بصورة تلقائية دون إثارة الشعوب أو أنظمتها كما تفعل الدول الأخرى، وستحيد طهران وأنقرة إلى حد كبير عن دول آسيا الوسطى، لأنها ستكسب هذه الدول " أنظمة وشعوبًا " بفلسفة التعاون والشراكة وربط المصالح، ونجدد حتمية هذه الفلسفة في ظل التململ الداخلي لدول آسيا الوسطى من سلطاتها العلمانية.

فمن يكسب المكونات الاجتماعية في آسيا الوسطى؟ هنا تظهر لنا أهمية فلسفة التعاون والشراكة على أساس ربط المصالح والمنافع المتبادلة والحرص على انعكاساتها الاجتماعية أولا ومن ثم جنى الأثمان السياسية ثانيًا، وليس قلب هذه المعادلة، كما هو حاصل في أغلب التوجهات التي يكون هاجسها أولاً الأثمان السياسية وهي المحرك للمشاريع الاقتصادية، حتى لو كانت على حساب المصالح ذاتها، مما قد نسميه هنا مغامرة سياسية بالأموال والثروات، بينما تعطي رؤيتنا ضمانة المصالح لتحقيق المنافع حتى لو كان وراءها استهدافات سياسية.

وتستوجب هذه الفلسفة السياسية أن توظف دول الخليج جمعياتها الخيرية وصناديقها التنموية والاستثمارية لتدعيم فلسفتها الجديدة في كل دول آسيا الوسطى، في تنسيق مشترك، وعمل جماعي مستهدف وكذلك إدماج دول آسيا الوسطى في مأسسة المؤسسات الخليجية ومزيدًا من الإسلامية، وهنا نقترح عقد لقاء للمؤسسات الخيرية الخليجية عنوانه " دعم الأشقاء في آسيا الوسطى " لكسب القلوب من جهة وجعله مدخلا لبلورة الفلسفة الجديدة حتى تسهل إقامة شراكات استراتيجية في كل القطاعات الاقتصادية التي تتمتع بها آسيا الوسطى.

فإمكانيات دول آسيا الوسطى تحتم فعلاً مثل تلكم الاستراتيجية، كما تحتمها الترسانة النووية لهذه الدول التي ورثتها من حقبة السوفيت، وينبغي أن تشكل للخليج أولوية لا تقل عن الأولوية الاقتصادية والجيواستراتيجية.

  • الخليج والترسانة النووية لآسيا الوسطى.

يتعاظم يوميًا الطموح الخليجي بأهمية امتلاك القدرة النووية في ضوء الحاجة التنموية الخليجية المتزايدة وكذلك ما تفرضه التحديات الجيوسياسية الإقليمية على وجه الخصوص خاصة بعد إقامة برنامج نووي إيراني قادر على صناعة أسلحة نووية، وتبرز دول آسيا الوسطى الآن للخليج العربي كعامل متاح وممكن أن يساهم في تحقيق الحلم الخليجي، فقد ورثت ترسانة نووية كبيرة من الاتحاد السوفياتي.

وقد عانت كازاخستان وبشكل وحشي من التجارب النووية الطويلة، حيث تم إجراء 459 انفجار نووي على حساب حياة وصحة ملايين السكان في كازاخستان، كما أنها تتمتع بإمكانيات نووية وبخبرات بشرية في الطاقة النووية والفضاء، هذا يعني أنه بإمكان الدول الخليجية الاستفادة من العلماء والقدرات والخبرات والتكنولوجيا النووية لآسيا الوسطى في إطار استراتيجية الشراكة والتعاون التي نقترحها لإدارة العلاقات بين الجانبين.

والاستفادة الخليجية ممكنة الآن، إذ لا يمكن لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية من الصمود خاصة بعد انسحاب واشنطن من معاهدة الحد من الصواريخ الموقعة عام 1972م، والشروع في بناء شبكة الدفاع الصاروخية والتي توشك على الإطاحة بالتوازن الاستراتيجي الهش بين موسكو وواشنطن. هذا سيشجع بعض الدول للدخول في سباق التسلح النووي، ويفتح الطريق أمام انتشار أسلحة الدمار الشامل باعتبار الانسحاب الأمريكي هو مقدمة لانهيار المنظومة القانونية التي تحرم انتشار أسلحة الدمار الشامل.

من هنا، ستجد الدول الخليجية نفسها تحت ضغط الحتمية النووية سواء للاستخدام المدني أو العسكري، لذلك، فالفرصة الزمنية مواتية لها لاستغلال الظروف والبيئات المواتية لها في آسيا الوسطى كخيار إضافي في إطار مساعيها العالمية المتعددة والمتنوعة.

وفي إطار رؤيتنا لهذه الحتمية، يستوجب على الخليج كذلك، وضع يده على بعض مناجم ومصانع آسيا الوسطى التي تنتج آلاف الأطنان من اليورانيوم سنويًا، فهو مادة أساسية لصنع السلاح النووي، مثل ما فعلت إسرائيل التي أصبحت مالكة رسميًا لمجمع ضخم لمعالجة اليورانيوم يكفي لصنع ترسانة كاملة من الأسلحة النووية كل عام، كما استفادت من قاعدة بايكونور الفضائية الكازاخية في إطلاق أكثر من قمر صناعي.

وأخيرًا، نرى من الأهمية بمكان أن تولي دول مجلس التعاون الخليجي آسيا الوسطى تلكم الأهمية المستحقة للدواعي سالفة الذكر، وبصورة عاجلة حتى لا تفوت على نفسها الفرص المتاحة الآن، وتساهم في تشكيل آسيا الوسطى بمحددات سياسية واقتصادية وأمنية تؤثر على جيواستراتيجيتها العالمية ومصالحها الاقتصادية وأمنها القومي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب وإعلامي ـ سلطنة عُمان  

مجلة آراء حول الخليج