array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 85

أبعاد العلاقة الكويتية-العراقية على دول مجلس التعاون الخليجي

السبت، 01 تشرين1/أكتوير 2011

انتصر العثمانيون على قوات المماليك بمصر في موقعتي مرج دابق والريدانية وشمل نفوذهم سوريا ومصر وسرعان ما استولوا على الحجاز ليحققوا بذلك إمبراطورية إسلامية، وامتد نفوذهم إلى العراق بينما باقي الأراضي من الجزيرة العربية لم تكن بها قوى تخيفهم أو ثراء يجتذبهم فتركوا هذه الأراضي للقبائل مثلما أدار الأمويون والعباسيون ظهورهم لها، ومن ضمن هذه المناطق كانت الكويت، حتى مطلع القرن الثامن عشر، والتي هي جزء من منطقة الخليج وأصبحت من أهم الأمكنة من ناحية الثروة ومن الناحية الاستراتيجية.

فالعراق يقع شمال الكويت والسعودية جنوبها وقد حددت معاهدة العقير في ديسمبر سنة 1922 حدود الكويت الحالية وحدود المنطقة المحايدة بين الكويت ونجد التي رعتها بريطانيا، ومن قبلها الاتفاقية العثمانية سنة 1913 وعلى رغم ذلك فإن الخلافات الحدودية بين العراق والكويت كانت متأزمة خصوصاً في الفترة التي بين عامي 1946 و1961 لأن العراق كان يطالب بجزيرتي وربة وبوبيان إلى جانب محاولاته العديدة لضم الكويت تحت مسميات وشعارات عديدة تارة من أجل الاتحاد مع الكويت، قد تكون للاستيلاء على الكويت، واستمرت هذه المحاولات حتى ثورة 14 يوليو 1958 التي قضت على رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد، لكن تفجرت المشاكل مرة أخرى عام 1961 من جديد بين البلدين الجارين حين جدد هذه المطالب الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم بعد أيام من إعلان استقلال الكويت.

وكانت الكويت ضحية شعارات عديدة نتيجة صغرها ومحدودية مساحتها وفي الوقت نفسه غناها بالبترول فدعى عبدالكريم قاسم عام 1958 إلى ضم الكويت إلى الاتحاد الهاشمي وإن كانت الدعوة دفنت في مهدها لكن استمرت النوايا من قبل العراق تجاه الكويت واستمر التوجس من قبل الكويت تجاه العراق حتى بعدما لقي عبدالكريم قاسم حتفه وسقوط نظامه الجمهوري في مجزرة مرعبة كانت وبالاً عليه وعلى العراقيين.

واستمر توجس الكويت من نوايا الساسة العراقيين رغم ارتباطها بمعاهدة دفاع مشترك مع بريطانيا العظمى ومواثيق سياسية أخرى كان من أهمها وقوف رائد الوحدة العربية وزعيمها القومي حينها (جمال عبدالناصر) متضامناً مع الكويت سياسياً وعسكرياً، وكانت القومية العربية انشطرت إلى قسمين، قومية ناصر ضد قومية عبدالكريم قاسم العراقية إلى أن جاء عبدالسلام عارف الذي انقلب على رفاقه في النضال القومي من دعاة الوحدة الفورية مع مصر وتحولت إلى فترة ركود وسكون.

إلى أن أتت دكتاتورية بعثية جديدة قادت انقلاب تموز سنة 1968 ذات علاقة جيدة بالأسرة الحاكمة في الكويت، وعلى رغم ذلك فإن حكومة الكويت كانت دائمة الحذر من الحكومة البعثية العراقية لأن السلطة الجديدة في العراق ما زالت تطرح شعارات قديمة مغلفة بثوب جديد لا يناسب الكويت كدولة صغيرة وهي دولة غنية بثروة كبيرة يسيل لها لعاب الطامعين خصوصاً حينما تتعرض الدولة الكبيرة الجارة لفقر شديد جداً، فأصبحت الثروة قابلة للاشتعال حينما تقترب منها الشعارات المعبأة بالتحرر والاشتراكية والوحدة.

استمر توجس الكويت من نوايا الساسة العراقيين على رغم ارتباطها بمعاهدة دفاع مشترك مع بريطانيا العظمى

كان احتلال الكويت من قبل صدام بمثابة القشة التي قصمت ظهر الخليج وأعاقت تنميته

فأصبح هناك فقدان للثقة بين البلدين غير معلن ولكن يظهر للعلن كما هو الحال في قضية مخفر الصامتة الحدودي بين البلدين عام 1972، إلى أن جاءت الثورة الإيرانية عام 1979 ورغم أنها فتحت باباً من الزوابع والعواصف السياسية إلا أن الكويت بدأت تتنفس الصعداء لأن العراق تعهد علناً بمحاربة رياح الثورة الجديدة القادمة من إيران وكان البعد الطائفي عند الطرفين ظاهراً للعيان وبالطبع وقفت الكويت ومعها بقية دول الخليج مع صدام حسين ضد تصدير الثورة الإيرانية إلى دول الخليج.

ولكن عادت الريبة والتوجس من جديد لدى ساسة الكويت بعدما طلبت الكويت من صدام حسين عام 1982 بتخطيط حدودهما المشتركة وتوثيقها دولياً مذكرة بحادث مخفر الصامتة عام 1972 لكن جاء الرد مفاجئاً من صدام حسين (أن العراق كله أمامكم.. خطوا حدودكم من أي مكان ترتؤونه، ترى ما قيمة خطوط حدودية بين بلدين شقيقين تربطهما أهدافاً مشتركة وأخوة عميقة).

وبعد انتهاء الحرب الإيرانية-العراقية الدموية عام 1988 أدار صدام حسين ظهره لدول الخليج وبدأ يصطنع مشكلات عديدة مع الكويت، وحاولت السعودية حينها نزع فتيل اشتعال أي بوادر نزاع ولكن بدا أن صدام كان يضمر احتلال الكويت وأخطأ الحساب مثل أي خطأ محتمل من نظام حكم شمولي أو فردي، وكان احتلال الكويت من قبل صدام حسين القشة التي قصمت ظهر الخليج وأعاقت تنميته واعتبرت مرحلة تاريخية لاحقة بعد الثورة الإيرانية تلتها بعد ذلك مراحل أخرى عديدة.

فبعد أن أخرجت قوات التحالف قوات صدام حسين من الكويت غابت وتلاشت قوة العراق لصالح إيران وإسرائيل إلى أن جاء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 فتحول العراق إلى منطقة هشة ومخلخلة تحولت بدورها إلى ساحة صراع مفتوحة لإيران لتعيد ذكرى احتلال إسماعيل الصفوي بغداد عام 1500 (914هجرية) حين أصبح العراق ولاية تابعة لمملكة الصفويين الفسيحة وبرز حينها من جديد الصراع الطائفي الذي عرفه العراق بين السنة والشيعة منذ العهد الأول للإسلام.

ولذلك نرى أوباما اليوم حينما يرسل نائبه بايدن إلى العراق فإنه يرسله لمناقشة الملفات مع قاسم سليماني الحاكم الفعلي والسري للعراق حسب تحقيق نشرته صحيفة الغارديان مؤخراً، ويحاول قاسم تشكيل تحالف ثلاثي مكون من حزب الدعوة والتيار الصدري والتيار الذي يقوده الحكيم لأن قاسم هو رئيس فيلق القدس الذي يأتمر مباشرة من المرشد الأعلى الإيراني وهذا ما يعقد مواقف المصالحة التي يقودها نائب الرئيس الأمريكي.

لذلك ليس من المستبعد أن تلعب إيران مرة أخرى نفس أدوار الساسة العراقيين في السابق وتدعي بأن الكويت ترعى مخططاً لزعزعة استقرار جنوب العراق، برغم أن الكويت وبقية دول الخليج لا تريد عراقاً ممزقاً تنخر فيه الخلافات الداخلية والطائفية، بل هي مصلحة لإيران من أجل بقاء الهيمنة الإيرانية وعدم عودة العراق إلى الحظيرة العربية وخصوصاً إلى دول مجلس التعاون الخليجي ليتحول المجلس إلى قوة متماسكة تحفظ أمنها وأمن الخليج بعيداً عن الهيمنة الأجنبية.

ولا تزال حكومة نوري المالكي واقعة تحت تأثير كبير للسياسات الإيرانية التي تحاول توسيع نفوذها في العراق تخوفاً من فقد نفوذها في سوريا الحليف القوي لإيران، وأن ينعكس هذا الفقد على العراق، لذلك دخلت إيران اليوم إلى العراق عبر المشاريع الاقتصادية واتفقت مع بغداد على زيادة التبادل التجاري إلى 20 مليار دولار سنوياً وهي في الوقت نفسه تخفف من آثار العقوبات الدولية عليها.

وبعد الثورات العربية الأخيرة وخصوصاً الثورة السورية، هناك حراك سياسي لتصحيح البوصلة بعيداً عن التصريحات السياسية التي أخذت في الفترة الماضية طابع الضغط هنا أو هناك وبدا هناك تركيز على الاستحقاق الانتخابي كي تكتمل حلقات الشراكة وللخروج من مأزق تعثر البرنامج الحكومي الذي مر عليه أكثر من ثمانية أشهر على تشكيل الحكومة بعد أن تم ربط نجاحها بعملية الإصلاح السياسي والحكومي معاً.

وبدأت بعض الكتل السياسية تبحث عن شرعية الحكومة الحالية ودستوريتها بسبب أنها تعاني مأزقاً دستورياً بسبب غياب أهم الحقائب الأمنية وهي الدفاع والداخية والأمن الوطني والتي تتعارض مع تطبيق المادة 76 من الدستور والتي تنص على أن رئيس الحكومة مكلف بأن يقدم حكومته كاملة وغير منقوصة.

فإذا كانت الحكومة الشيعية في العراق - إذا ما تم تسميتها تجاوزاً حزب الدعوة- نجحت في ترأس الحكومة ثلاث مرات متعاقبة بل ومجموع الأحزاب الشيعية الأخرى نجحت في الدستور والانتخابات ولكنها لم تنجح في الحكومة وتقديم أفضل الخدمات للشعب العراقي، إلا أنها فشلت في إقامة علاقات وطنية شاملة وحتى الخارجية لأنها كانت أسيرة للهيمنة الإيرانية.

الكويت ودول الخليج لا تريد عراقاً ممزقاً تنخر فيه الخلافات الداخلية والطائفية

فعادل عبدالمهدي نائب الرئيس استقال من منصبه احتجاجاً على أداء الحكومة ويرى أن من مصلحة العراق أن تكون له أفضل العلاقات مع السعودية وبقية دول الخليج الأخرى مثلما تكون هي مع إيران.

وعلى رغم أن الغزو الأمريكي للعراق أعاد رسم الخريطة السياسية للمنطقة وسمح للشيعة بالسيطرة على حساب التراجع السني والاستقلال الكردي في المنطقة، وعلى رغم شعور إيران بأنها أصبحت المرجع الشيعي وعودة زعامتها التي فقدتها منذ فترة طويلة جداً، إلا أنها قلقة من تذبذب الزعماء العراقيين الشيعة في التعامل مع إيران والخلافات والفرقة الشديدة بين الفرق والجماعات الشيعية تجاه إيران لأن بعض الفرق ترى أن العراق ذو سيادة وهو ند كامل لإيران وترفض أن تكون تابعة لإيران وترفض كذلك ولاية الفقيه التي تريد لإيران أن تجعل من العراق والمناطق الشيعية الأخرى تحت نظرها ومنفذة لأوامر الولي الفقيه في إيران وهي ليست فقط مذهبية بل هي كذلك سياسية.

إلى جانب دخول تركيا إلى الساحة العراقية بقوة وإصرارها على تحقيق تعاون اقتصادي، حيث أصبحت البضائع التركية تنافس البضائع الإيرانية، ويجمع الخبراء على أن الدور التركي سيتعاظم في العراق بقوة ويتنافس بضراوة مع إيران وهو ما يقلق إيران على رغم ما تملكة إيران من مراوغة سياسية بارعة وتلعب على وتر التشرذم الداخلي والسخط الشعبي من المالكي وتكون في كل مرة المنقذ الرئيسي للمالكي فيصبح أسيراً لها دون غيرها في ظل غياب عربي كامل، وسبق أن هاجم مقتدى الصدر إيران بسبب التدخل في العراق، وحذر من أنه لن يسمح لأي بلد بممارسة السيادة على العراقيين، ولكنه لم يجد من العرب من يدعمه، ربما بسبب عدائه لأمريكا، ما أدى إلى أن تحتضنه إيران.

 وإيران هي أشد قلقاً الآن من عودة العلاقات العراقية-السعودية الخليجية التي تمثل هروب الكتل السياسية العراقية من الأهداف المشتركة ما بين إيران وأمريكا التي تسهم في إفشال أي شراكة وطنية حقيقية بين العراقيين كي تستمر هيمنة كل منهما على العراق وقد يؤدي هذا في النهاية إلى تقسيم العراق.

 

مقالات لنفس الكاتب