array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 153

مســـقط مطالبـــة بتحريـــر اعتمادهـــا على الصيـــن بتنويـــع الشـــركاء التجارييـــن

الثلاثاء، 01 أيلول/سبتمبر 2020

المتتبع لتأسيس العلاقات الصينيةــ العمانية سيندهش ببرغماتية الفكر العماني ونضوجه، وذلك عندما نقل هذه العلاقات من حالة العداء بين البلدين إلى صداقة ومن ثم إلى شراكة استراتيجية، فوراءها حكمة بعيدة النظر من قبل مؤسس النهضة العمانية الراحل قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – حكمة تنم عن وعي سياسي استشرافي يتجاوز واقع السبعينيات " آنذاك " رغم آلامه وجروحه، فقد تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في الخامس والعشرين من مايو 1978م، وهذا التاريخ له الكثير من الدلالات في تاريخ الدولة العمانية المعاصرة، فهو يأتي بعد ثلاث سنوات فقط من القضاء على ثورة ظفار عام 1975م، والتي تعد أطول الثورات العربية التي اندلعت في أواخر الخمسينيات .

وقد كانت الصين من بين كبار الداعمين لثورة ظفار، فكيف بهذه السرعة الزمنية يتم إقامة علاقات معها؟ وهذا ما يستوجب القول إنها وراءها حكمة سياسية بعيدة النظر، لم تغرق في مستنقع السياسة الظرفية وتحولاتها وتبدلاتها، وإنما حاولت أن تنتشلها لترجعها الى أصلها التاريخي من منظور استشرافي لمستقبل الصين الدولي.

ولا يمكننا أن نفصل قوة شخصية السلطان قابوس وقيادته في هذا التحول التاريخي للعلاقات العمانية الصينية، وهذه القوة تظهر لنا بعد بروز بكين كقوة اقتصادية عالمية تنافس أمريكا وبريطانيا على نفوذهما في الشرق الأوسط وبالذات في المحيط الهندي، والتساؤل المنهجي الذي يطرح الآن، هل سيتمكن السلطان هيثم بن طارق الذي خلف ابن عمه السلطان قابوس الحكم في الحادي عشر من يناير 2020م، من مواجهة الضغوطات الأمريكية على وجه الخصوص، والاستمرارية في علاقاته وبالذات الاقتصادية مع الصين؟

 فواشنطن لا يمكن أن تسمح لبكين التوغل في المحيط الهندي بعد ما أصبح في قلب السياسة الاستراتيجية الأمريكية وتسعى واشنطن إلى تعزيز وجودها التجاري والعسكري فيه، وهنا تكمن المعادلة التي تبدو صعبة نظريًا، وهي التي تقف وراء طرح تلكم الإشكالية السياسية التي ستكون محور مقالنا عن واقع العلاقات العمانية الصينية ومستقبلها.

  • الرؤية العمانية للصين من منظور التاريخ والمستقبل.

في السيكولوجية العمانية عواطف تاريخية تجاه الصين، لم تمس جوهرها وقوف بكين مع ثورة ظفار لأسباب أيديولوجية، ويرجع ذلك إلى العلاقات التاريخية بين البلدين الممتدة إلى ما قبل الميلاد حيث ظهر أسم عمان في المؤلفات والسجلات الصينية منذ القرن الأول للميلاد، وفي تاريخ هذه العلاقات المتجذرة أسماء عمانية، أبحروا نحو الصين منذ القرن الثاني الهجري، ويعد أبو عبيدة عبد الله بن القاسم العماني الملقب بأبي عبيدة الصغير من أوائل العمانيين الذين وصولوا إلى ميناء كانتون في الصين حوالي عام 133ه 750 م.

وكذلك هناك أسم الشيخ عبد الله العماني الذي تذكره المراجع الصينية بأنه قد تم تعيينه رئيسًا لمنطقة سكنى العرب والأجانب الآخرين في مدينة قوانتشو، ومنحه الامبراطور الصيني سون سين زون لقب جنرال الأخلاق الطيبة، وقد ساهم عبد الله في ازدهار التجارة بين البلدين عبر إقامة وكلاء للتجار العمانيين في الصين، ومعها تزايدت الرحلات البحرية بين مسقط وبكين.

ولم يكن هذا البعد التاريخي الوحيد الذي يقف وراء فكر الراحل السلطان قابوس في الرهان على الصين، وإنما كانت رؤيته العميقة لمستقبل الصين، فهي اليوم في مصاف الدول الكبرى، وتسرع الخطى للاستفراد بالقمة العالمية، وهي مؤهلة لذلك بعد أن رميت دول كبرى مثل ألمانيا خلفها، وأصبحت تحتل المرتبة الأولى عالميًا، وتتطلع لإزاحة أمريكا منها.

  • العلاقات العمانية الصينية في عهد السلطان الراحل.

 تطورت العلاقات العمانية الصينية على امتداد أكثر من أربعة عقود ماضية على مختلف المستويات الرسمية والشعبية وعلى صعيد التبادل التجاري في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد، لكنها ورغم ذلك، تظل دون الطموحات، وتعاني من اختلالات حاولت مسقط في السنوات الأخيرة تصحيحها، وقد أصبح لتطوير العلاقات مؤسسات وآليات عمل دائمة تستند على رؤية استراتيجية أساسها الثقة السياسية والتوجس من واشنطن.

  • الكيان المؤسسي والآليات المناطة بتطوير العلاقات بين مسقط وبكين

أقام البلدان مؤسسات وآليات عمل دائمة، أنيط على عاتقها عملية تطوير العلاقات العمانية الصينية، لعل أبرزها، الشراكة الاستراتيجية العمانية الصينية واللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة بين البلدين، ولجنة مشتركة بين وزارتي الخارجية في كلا البلدين للتشاور، وجمعية الصداقة العمانية الصينية والشراكة الاستراتيجية، ومذكرة التفاهم التي وقعها البلدان في إطار المبادرة الصينية " الحزام والطريق.

وتعتبر الشراكة الاستراتيجية خطوة متقدمة تعكس رغبة البلدين في المضي قدمًا في تطوير علاقاتهما الشاملة، وهي ستشكل ضمانة سياسية للتطوير في إطار مبادرة الحزام والطريق والمحافظة على المصالح المشتركة في القضايا الإقليمية والدولية، وقد تم التوقيع على هذه الشراكة في مايو 2018م، أي حديثًا.

وتم في العام نفسه، التوقيع على مذكرة تفاهم بين البلدين في إطار المبادرة الصينية الحزام والطريق بهدف تعميق التعاون وتبادل المنافع المشتركة، ومنذ أن طرح الرئيس الصيني شين جينبينج مبادرة "الحزام والطريق" عام 2013م، من أجل استعادة حيوية "طريق الحرير" وتطوير العلاقات الاقتصادية مع الأطراف الأخرى على امتداد هذا الطريق بين شرق الصين وأوروبا مرورًا بآسيا الوسطى وجنوب الجزيرة العربية، فإن السلطنة وبحكم اهتمامها التاريخي والحديث بطريق الحرير حرصت على الانضمام إلى البنك الصيني للبنية الأساسية الذي أنشأته الصين في إطار مبادرة "الحزام والطريق" .

ولم تقتصر توجهات البلدين على الجانب الاقتصادي فقط، بل هناك توجهات لتعزيز العلاقات على مستوى الشعبين، وتهتم بذلك جمعية الصداقة العمانية الصينية التي تم إنشاؤها في أكتوبر 2010م، ودورها يكمن في تنظيم الزيارات المتبادلة بين الجانبين والتي تهدف إلى تعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية والفنية وتساهم كذلك في إقامة الأسابيع الثقافية بما يفضي إلى التعريف بثقافة شعبي البلدين وكذلك في التبادلات السياحية وإقامة الندوات والحلقات التدريبية والتشجيع على تعلم اللغتين العربية والصينية.

وتقدم الحكومة الصينية 20 منحة دراسية للطلبة العمانيين سنويًا للدراسة في مختلف التخصصات بالجامعات الصينية، وهناك كذلك منح وبرامج ودورات تدريبية للعمانيين تحت مظلة منتدى التعاون العربي الصيني في مجالات مختلفة منها المجالات الطبية والاتصالات والهندسة واللغة وتشمل دراسات جامعية ودورات تدريبية قصيرة،

وقد أعلنت الحكومة الصينية السلطنة وجهة سياحية مفضلة للسائح الصيني، وتبث من خلال قنواتها المتلفزة برامج وثائقية حول سلطنة عمان والصين بعنوان " الصداقة الخالدة " كما تنظم ملتقيات للصحافة بين البلدين، أخرها ملتقى الصحافة العماني الصيني الذي عقد في بكين في سبتمبر 2019م، وشارك فيه أكثر من 45 صحفيًا وإعلاميًا عمانيًا.

  • الواقع الاقتصادي بين السلطنة والصين.

يرتبط الاقتصاد العماني على المدى القصير باستمرار الصين على طلب النفط الخام العماني، حيث تعد الصين أكبر شريك تجاري لمسقط، وأكبر دولة مستوردة للنفط العماني منذ سنوات، فسلطنة عمان هي رابع أكبر دولة مصدرة للنفط إلى الصين ورابع أكبر شريك تجاري لها في منطقة الشرق الأوسط، وفي عام 2017م، استوردت الصين 31 مليون طن من النفط الخام العماني، مما يشكل 39ر7% من إجمالي واردات الصين من النفط الخام.

وهذا خلل من منظورين، الأول، أن مسقط لا يمكن أن تربط شراء نفطها في الغالب على مشتر واحد، والثاني، استحواذ العلاقات على النفط والغاز ، وقد حاولت السلطنة في عهد السلطان الراحل قابوس تصحيح هذا الخلل، فبدأت عمليات الإصلاح من خلال مبادرة «الحزام والطريق» والذي بدأت مشاريعه تنفذ في المنطقة الاقتصادية الحرة بالدقم، وذلك ببناء المدينة الصناعية الصينية العمانية في منطقة الدقم بالسلطنة باستثمار يتجاور 10.7 مليارات دولار على مساحة 11،7كم2، كما أن هناك عدد من الشركات الصينية تنفذ مشاريع في السلطنة في مناطق مختلفة حيث تعمل أكثر من 10 شركات صينية في السلطنة في مجالات مختلفة منها مجالات البنية الأساسية والإنشاءات والاتصالات والكهرباء والنفط كما تم التوقيع على مذكرات تفاهم لتنفيذ ثلاثة مشاريع جديدة في مجالات الصناعات السمكية .

وتعمل شركة النفط العمانية في شنغهاي، حيث تستثمر السلطنة مع الجانب الصيني في مصنع للبتروكيماويات في الصين، كما تستثمر في أحد المجمعات التجارية والسياحية ويشترك الجانبان مع طرف ثالث في استثمارات مشتركة في ميناء باجامويو في تنزانيا وكذلك ميناء كومبرت في تركيا ويتعاون صندوق الاحتياطي العام للدولة مع الصين في عدد من الاستثمارات المشتركة.

وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين السلطنة والصين 21.74 مليار دولار سنة 2018م، بزيادة قدرها 40% مقارنة بسنة 2017م، حيث استوردت الصين من عمان بقيمة 18.86 مليار دولار وصدرت اليها ما قيمته 2.88 مليار دولار.

وهكذا كان السلطان الراحل قابوس بن سعيد مصرًا على المضي قدمًا في تعميق العلاقات مع الصين رغم محاولات إدارة ترامب محاصرة بكين، ووقف زحفها في المنطقة، لكن يظل التساؤل الآن، عن مستقبل العلاقات العمانية الصينية في عهد السلطان الجديد هيثم بن طارق؟ وما هي طبيعة هوامشه السياسية التي ستمكنه من تعميق هذه العلاقات في ظل التحديات الدولية؟  

  • مستقبل العلاقات العمانية الصينية في عهد السلطان هيثم.

كل المؤشرات والمعطيات تشير الى أن العهد السياسي الجديد للسلطان هيثم بن طارق سيسير على النهج نفسه للسلطان الراحل قابوس بن سعيد  في علاقاته مع الصين، لكن بصورة حذرة مراعاة للعبة الصراع الدولي في المحيط الهندي، حيث سيكون هذا المحيط في قلب الاستراتيجية الأمريكية لأسباب سياسية وعسكرية واقتصادية، وهنا تظهر أهمية منطقة الدقم الواقعة على هذا المحيط، أما بالنسبة إلى الصين، فمن المتوقع أن تكون الدقم الجسر العابر لسلعها الموجهة إلى شبه القارة الهندية وإلى نقاط مختلفة من إفريقيا والهند والشرق الأوسط، وتلتقي الدقم قرب مواني هامة على المحيط على مواقع استراتيجية كميناء صلالة للحاويات وصحار .

ويرى خبراء أنه في حالة نجاح مشروع الدقم ستصبح مدينة الدقم أحد أهم رموز القرن 21، على غرار ما كانت عليه عدن في القرن 19، وسنغافورة في القرن 20، ويرون كذلك أنه وفي حال استمرار النمو السكاني وتطور الآفاق النظرية للنموّ الاقتصادي في الهند وشرق إفريقيا، يمكن للمحيط الهندي أن يصبح مركزًا جيوسياسيًا أساسيًا للعصر ما بعد الحديث.

من هنا تأتي خطوة مسقط إقامة منطقة اقتصادية عالمية في الدقم، ويأتي كذلك الاهتمام الصيني بالدقم عبر إقامة مدينة صناعية فيها بالمليارات، كما أشرنا إليه سابقًا، والتساؤل الذي يشغل الدوائر الاقتصادية، يدور حول المدى الذي ستذهب إليه مسقط في عهدها السياسي الجديد في علاقاتها مع الصين؟ وإلى أي مدى ستتمكن مسقط من مواجهة الضغوطات الأمريكية؟

 

  • ماذا يحتاج عهد السلطان هيثم الجديد من الصين؟

تعتمد رؤية عمان 2040م، التي ستبدأ في يناير 2021م، على الاستثمارات الأجنبية بنسبة 80%، من هنا تظهر أهمية الصين على وجه الخصوص بالنسبة لمسقط، ليس فقط مما ذكر سابقًا، وإنما كونها ستكون أكثر الدول عودة للنمو الاقتصادي بعد جائحة كورونا – والقول هنا للخبراء -ومن ثم فإن نجاح الرؤية العمانية يستند إلى اعتماد السلطنة على استثمارات دول مثل الصين.

إضافة إلى أن بكين تقدم نفسها على أنها دولة مختلفة عن الدول الغربية، لا تعنيها سياسات الدول الداخلية والخارجية التي تتعامل معها ، وكل سفراؤها المتعاقبون على مسقط بما فيها السفيرة الحالية تلوح بسياسة عدم تدخل بلادها في الشؤون الداخلية للدول بهدف الترويج لبكين، واختلافها عن غيرها وبالذات واشنطن.

وتهدف رؤية عمان 2040م، إلى  إحداث تغيير شامل في البنية الاقتصادية وتنمية اجتماعية مستدامة ، من خلال التركيز على القطاعات المهمة مثل السياحة والتعدين والبتروكيماويات وصيد الأسماك والسياحة والصناعة وقطاع اللوجستيات، ويكتسب هدف التنويع الاقتصادي أهمية كبيرة لأنه يأتي في ظل استعداد عمان لمرحلة ما بعد النفط والغاز باعتبارهما موارد غير متجددة، إضافة إلى التداعيات والمخاطر المترتبة على ربط الميزانية العامة بتلك المصادر خاصة في ظل التقلبات الكبيرة التي تشهدها أسعار النفط والغاز عالميًا ونتيجة جائحة كورونا .

ويبلغ عدد المشروعات التي سيتم تنفيذها بالمدينة الصناعية الصينية حوالي (35) مشروعًا من بينها (12) مشروعًا في مجال الصناعات الثقيلة تتضمن إنتاج الخرسانات التجارية، ومواد البناء والصناعات المرتبطة بها، وإنتاج الزجاج المصقول وإنتاج الميثانول ومواد كيميائية أخرى، ومعالجة صهر الصلب، وإنتاج الألمنيوم، وإنتاج إطارات السيارات، ومشروع مواد البناء للحماية من المياه والتآكل، واستخراج المغنيسيوم من مياه البحر، ومشاريع كيميائية عطرية وغيرها.

ومعظم هذه المشاريع ستنفذ في عهد السلطان هيثم، وهى تتقاطع مع الرؤية 2040م، وبالتالي، لا يمكن للسلطان الجديد في مسقط أن يفرط في الشراكة الصينية ، ولا في استثماراتها، ومن المؤمل أن تصبح المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أكبر مشروع من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذ إنّها ستغطّي مساحة تبلغ 1,745 كيلومترًا مربعًا، وستمتدّ حتى 70 كيلومترًا بمحاذاة الشريط الساحلي المطل على المحيط الهندي ، وقد شهدت منطقة الدقم إنجاز استثمارات كبيرة على صعيد البنية الأساسية، أهمها تدشين مطار دولي جديد، وحوض جاف لصيانة السفن، فضلاً عن مجموعة من الفنادق والطرق المزدوجة ومشاريع هامة كمصفاة للنفط . وثمة مشاريع أخرى أيضًا لا تزال قيد التنفيذ، وتشمل مشاريع سكنية وسياحية وميناء صيد.

وإذا ما حاولت مسقط مسايرة  التوجه الإقليمي نحو الاستفادة من التقنية النووية للأغراض السلمية، وكذلك لمواكبة تحديات الذكاء الصناعي والثورة الصناعية الجديدة ، فإن مسقط لن تجد شريكا أفضل من بكين، خاصة وإنها – أي الصين - تتجه لأن تصبح الدولة النووية الكبرى في العالم خلال الـ15 عامًا القادمة متجاوزة الولايات المتحدة وفق تقرير نشرته الرابطة النووية العالمية (ونا) على موقعها الإلكتروني.

لكن، هل يمكن الرهان على الصين عسكريًا؟ كل المؤشرات التي رصدناها تُشير إلى أنَّ بكين قد هيأت نفسها من الداخل لدور عالمي جديد يتناسب مع وضعها الاقتصادي العالمي ويحافظ على مصالحها الضخمة في الخارج، وقد رصدنا تحولين كبيرين سيعينانا كثيرًا على فهم الصين الجديدة – وقد أشرنا إليهما في مقال سابق – الأول، قانون مكافحة الإرهاب؛ ففي بعض مواده تعطي الجيش الصيني حق المشاركة خارج الأراضي الصينية عندما تتعرض المصالح الصينية الخارجية للخطر، لكنه يشترط موافقة الدولة المعنية، وثانيهما: إقامة قواعد عسكرية في القرن الإفريقي مثل جيبوتي قبل نهاية 2017م.

ورغم ذلك، لا يمكن الرهان المفتوح على الصين " اقتصاديًا وعسكريًا " خاصة عندما تصل الأمور إلى المفاضلة مع واشنطن، فهذه الأخيرة لديها من القدرة والإمكانية ما تحبط أي توجهات نحو الصين قد تضر بمصالحها أو مستقبلها في المنطقة، ودول الخليج تعلم ذلك، لذلك فهي تعمل بذكاء على هوامش متاحة لها، وفي حالات تنتزع هوامش وتستغل معطيات دولية، كمشاركة بريطانيا في طريق الحرير، ولدى مسقط هوامش كبيرة، لكن عليها أن تحرر اعتمادها الكبير على المشتري الصيني لنفطها، وان تلجأ إلى التعدد والتنوع في الشركاء الاستراتيجيين حتى تتحمل الأضرار لو ساءت التطورات بين واشنطن وبكين.

مقالات لنفس الكاتب