array(1) { [0]=> object(stdClass)#13009 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الدبلوماسية البرلمانية الخليجية: الآليات والفاعلية والتفعيل

الأربعاء، 01 حزيران/يونيو 2011

لم تعد الدبلوماسية بمفهومها الحديث تقتصر على ما تمارسه حكومات الدول المختلفة عبر سفرائها المنتشرين في كافة أنحاء العالم فقط، فربما كان هذا هو الوضع السائد منذ عقود خلت، إلا أنه مع ثورة المعلومات والتطور الهائل في تكنولوجيا الاتصالات ومع اتساع مساحة الحرية والديمقراطية برزت أشكال جديدة وحديثة للدبلوماسية تختلف كلياً عن الشكل التقليدي الذي ظلت عليه لفترات طويلة، بحيث لم تعد قصراً على الحكومات فقط، وإنما ظهرت فواعل جديدة كل منها يمارس الدبلوماسية الخاصة به في إطار دوره المنوط به والاختصاص المحدد له. وفي هذا السياق أصبح للبرلمانات الوطنية الدبلوماسية الخاصة بها بما يعرف بـ (الدبلوماسية البرلمانية).

يهدف هذا المقال إلى تناول بعض ملامح الدبلوماسية البرلمانية الخليجية من خلال أربعة عناصر، أولها يتناول التعريف بمفهوم الدبلوماسية البرلمانية، وثانيهما يتناول آليات ممارسة الدبلوماسية البرلمانية الخليجية، فيما يتناول العنصر الثالث حدود فاعلية الدبلوماسية البرلمانية الخليجية، ويتناول العنصر الرابع والأخير مقترحات لتفعيل الدبلوماسية البرلمانية الخليجية.

 أولاً: التعريف بمفهوم الدبلوماسية البرلمانية

الدبلوماسية البرلمانية في أبسط تعريف لها، هي تلك الدبلوماسية التي تمارسها البرلمانات المختلفة خارج نطاق الدولة، وتتفاعل من خلالها مع مختلف القضايا الدولية والتي تؤثر بدورها على الصعد الوطنية في عصر تلاشت فيه المسافة التي كانت تفصل بين الداخل والخارج. وقد أصبحت الدبلوماسية البرلمانية وفق هذا المعنى فرصة لطرح وجهات نظر الرأي العام العالمي حول قضايا قد لا يتاح تناولها من خلال القنوات الحكومية الرسمية، بالإضافة إلى إسهامها في تكوين رأي عام دولي – مؤيد أو معارض – لمختلف القضايا المطروحة على الساحة الدولية. وإذا كانت الدبلوماسية الرسمية تحكمها قيود التوازنات الدولية واعتبارات المصالح على تباينها، فإن الدبلوماسية البرلمانية في هذا الإطار تتمتع بمرونة واسعة سواء على مستوى القضايا التي تتناولها أو من حيث كيفية التناول.

وتتعدد صور وتطبيقات الدبلوماسية البرلمانية، بيد أن أهم صورها هي تلك التي تُمارس من خلال المنظمات والاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية. ويأتي على رأس تلك المنظمات الاتحاد البرلماني الدولي الذي يوازي منظمة الأمم المتحدة على المستوى الحكومي، بالإضافة إلى منظمات برلمانية أخرى تشمل: الاتحاد البرلماني العربي، والبرلمان العربي الانتقالي، واتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، والاتحاد البرلماني الإفريقي، وبرلمان عموم إفريقيا، والجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، والجمعية البرلمانية المتوسطية. فهذه المنظمات البرلمانية كلها، يلتقي خلالها البرلمانيون من مختلف دول العالم من أجل التنسيق بين مواقف البرلمانات واتخاذ موقف برلماني تجاه عدد من القضايا الدولية، مثل قضايا السلام والأمن الدوليين، والمساهمة في الدفاع عن حقوق الإنسان، وكيفية تدعيم الديمقراطية البرلمانية على مستوى العالم، وغيرها من القضايا ذات المصلحة الجماعية الدولية.

 ثانياً: آليات الدبلوماسية البرلمانية الخليجية

يمكن القول إن هناك ثلاث آليات مهمة لممارسة الدبلوماسية البرلمانية الخليجية، أولها: الدبلوماسية البرلمانية الخليجية الخاصة ببرلمان كل دولة على حدة من خلال الشعب البرلمانية في برلمانات دول مجلس التعاون الخليجي التي تنظم الأمور الخاصة بعضوية ونشاط كل برلمان في الاتحادات والمنظمات البرلمانية على اختلاف مستوياتها الإقليمية والدولية. وثانيها: الدبلوماسية البرلمانية الخليجية التي تتم على المستوى الثنائي من خلال ما يسمى جمعيات الصداقة البرلمانية. وثالثها: الدبلوماسية البرلمانية الخليجية على المستوى الجماعي، والتي تتم من خلال الاجتماع السنوي لرؤساء برلمانات دول مجلس التعاون الخليجي. ويمكن تناول هذه الآليات الثلاث على النحو التالي:

أ- الشعب البرلمانية في برلمانات دول مجلس التعاون (المستوى الفردي)

يوجد في برلمانات دول مجلس التعاون الخليجي جهاز يسمى (الشعبة البرلمانية)، وتوجد في بعض دول المجلس تحت مسمى آخر مثل مكتب العلاقات البرلمانية، غير أن المسمى الدارج لهذا الجهاز في معظم برلمانات دول العالم هو الشعبة البرلمانية، وفي حال وجود غرفتين للبرلمان في دولة ما، غالباً ما تتبع هذه الشعبة الغرفة المنتخب أعضاؤها بالكامل أو معظمهم على الأقل. ورغم اختلاف مسمى هذه الشعبة من بلد خليجي إلى آخر، إلا أن طبيعة النشاط والهدف تكاد تكون متطابقة، حيث يناط بهذا الجهاز مهام الدبلوماسية البرلمانية لكل برلمان في دول المجلس، وتعمل هذه الشعب على توحيد أهداف وجهود أعضاء البرلمانات في مشاركاتهم الخارجية في أنشطة ومؤتمرات الاتحادات والمنظمات البرلمانية الدولية والإسلامية والعربية، وغيرها من المؤسسات والاتحادات الأخرى ذات الطابع البرلماني. والغاية الأساسية من الشعب البرلمانية هي تمثيل برلمانات دول المجلس، وتنظيم مساهمتها في أعمال الاتحادات والهيئات والمؤسسات التي يقرر كل برلمان الاشتراك في عضويتها أو المساهمة في أعمالها.

ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، توجد شعبة برلمانية تابعة للمجلس الوطني الاتحادي (عدد أعضائه 40 عضواً ونصفه منتخب والنصف الآخر معين)، تضم جميع أعضائه بهدف تنظيم مشاركة أعضاء المجلس الوطني الاتحادي في المؤتمرات والاجتماعات البرلمانية العربية والدولية. وللشعبة البرلمانية لجنة تنفيذية تتكون من رئيس المجلس الذي يترأس اللجنة بحكم منصبه، ووكيل وأمين سر وأربعة أعضاء وأمين عام المجلس. ويتم انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية في بداية كل دور انعقاد. وتتولىهذه اللجنة الإعداد لاشتراك المجلس الوطني الاتحادي في المؤتمرات والاجتماعات البرلمانية العربية والدوليةوتعيين ممثليها وأعضاء الوفود في هذه المؤتمرات، وتقوم اللجنة بإعداد تقرير عن مشاركة المجلس في هذه الاجتماعات.

وفي مملكة البحرين، توجد الشعبة البرلمانية في مجلس النواب البحريني (عدد أعضائه 40 عضواً بالانتخاب، ومدته أربع سنوات)، وتتمثل أبرز اختصاصاتها في الإعداد والتحضيرلمشاركات الوفود في نشاطات ومؤتمرات الاتحادات والمنظمات البرلمانية الدولية والإسلاميةوالعربية وغيرها من المؤسسات والاتحادات البرلمانية الأخرى ولجان الصداقة البرلمانية والزياراتالمتبادلة.كما تتولى إعداد التقارير الخاصةبمشاركة المجلس في هذه المؤتمرات، وكذلك متابعة تنفيذ القرارات والتوصيات التي تصدر عنها.

وفي دولة الكويت، يوجد هذا الجهاز تحت مسمى (مكتب الشعبة البرلمانية)، ويتولى هذا المكتب بوجه عام الإشراف على نشاط مجلس الأمة الكويتي (عدد أعضائه 50 عضواً بالانتخاب، ومدته أربع سنوات) في الاتحاد البرلماني الدولي والاتحاد البرلماني العربي والمنظمات البرلمانية الدولية الأخرى.ويتولى أيضاً إعداد وصياغة مشروعات الكلمات التي يلقيها أعضاء الوفود البرلمانية في المؤتمرات والأنشطة البرلمانية وصياغتها في ضوء الموضوعات الخاصة لكل مؤتمر،كما يختص بمتابعة نشاط جمعيات الصداقة البرلمانية لمجلس الأمة.

وفي المملكة العربية السعودية،يوجد هذا الجهاز تحت مسمى (مكتب شعبة العلاقات البرلمانية) التابع لمجلس الشورى السعودي (عدد أعضائه 150 عضواً بالتعيين، ومدته أربع سنوات)، ويتبع هذا المكتب ثلاث إدارات فرعية، هي: إدارة الاتحادات والمنتديات البرلمانية، وإدارة لجان الصداقة البرلمانية، وإدارة أعمال الشعبة البرلمانية. وتتمثل أبرز مهام هذا المكتب بإداراته الثلاث في استكمال إجراءات انضمام مجلس الشورى السعودي إلى الإتحادات والهيئات البرلمانية الدولية والقارية والإقليمية،وإعداد التقارير والخطابات الخاصة بمشاركة المجلس في نشاط تلك الاتحادات، وإعداد مشروعات كلمات وفود المجلس فيها، وكذلك مشروعات أوراق العمل، ومتابعة الوثائق والقرارات والتوصيات الصادرة عن الاتحادات ودراستها وإكمال الإجراءات المطلوبة حيالها، واقتراح سبل تنمية علاقات الصداقة مع المجالس والبرلمانات والمنظمات.

وفي سلطنة عمان، يوجد الجهاز تحت مسمى (مكتب الشعبة البرلمانية والعلاقات الخارجية)، وهو مكتب تابع لمجلس الشورى العماني (منتخب وعدد أعضائه 84 عضواً ومدته أربع سنوات)، ويتولى الإشراف على نشاط المجلس في الاتحادات والمنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية، بدءاً من إعداد الملفات والمداخلات الخاصة بالمشاركة في أعمال هذه الاتحادات، وانتهاء بمتابعة ما يصدر عنها من توصيات وقرارات، كما يشرف كذلك على الأنشطة الخاصة بفعاليات جمعيات الصداقة البرلمانية التي يشترك فيها مجلس الشورى العماني مع غيره من برلمانات الدول المختلفة.

أما بالنسبة لمجلس الشورى القطري، فلم تتوفر معلومات عنه في هذا الصدد، فضلاً عن أنه ليس للمجلس موقع إلكتروني يمكن الرجوع إليه على شبكة الإنترنت.

ب- جمعيات الصداقة البرلمانية الخليجية (المستوى الثنائي)

توجد لدى برلمانات دول مجلس التعاون الخليجي آلية أخرى مهمة من آليات ممارسة الدبلوماسية البرلمانية، وتتمثل فيما يسمى (جمعيات أو لجان الصداقة البرلمانية). وهي عبارة عن اتفاقيات أو بروتوكولات تعاون يوقعها كل برلمان من برلمانات دول المجلس مع برلمانات الدول الأخرى، ويُشكل لهذه الجمعيات أعضاء من كل برلمانيتم تغييرهم عقب كل انتخابات برلمانية، وغالباً ما يكون هؤلاء الأعضاء هم المنوط بهم إجراء المقابلات والمحادثات مع نظرائهم من البرلمانيين ممن تشملهم تلك الجمعيات. وتمثل هذه الجمعيات ممارسة الدبلوماسية البرلمانية الخليجية على المستوى الثنائي لأنها عادة ما تتخذ شكلاً ثنائياً بين برلمان الدولة المعنية في دول المجلس مع برلمان دولة أخرى.

وفي الغالب، تهدف جمعيات الصداقة البرلمانية الخليجية هذه إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، يمثل القاسم المشترك بينهما:‌تبادل وجهات النظر بشأن العلاقات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية المهمة ذات الاهتمام المشترك التي تخص كلا الطرفين، وتشجيع واتخاذ الترتيبات اللازمة لتبادل الزيارات على مستوى عال بين البرلمانيين؛ وتنظيم وتنسيق تبادل الزيارات والجولات الدراسية والأشكال الأخرى للتبادل بين اللجان الخاصةبكلا الجانبين، وتوفير الدعم والخدمات الاستشارية لأعضاء وفدي البلدين في سياق اجتماعاتهم ومشاوراتهم على صعيد المؤتمرات البرلمانية الدولية والإقليمية.

ج- الاجتماع السنوي لرؤساء البرلمانات الخليجية (المستوى الجماعي)

تتمثل الآلية الثانية من آليات الدبلوماسية البرلمانية الخليجية في الاجتماع السنوي لرؤساء البرلمانات الخليجية، وهي تعكس في الوقت ذاته ممارسة الدبلوماسية البرلمانية الخليجية على المستوى الجماعي. فقد اتخذ قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال القمة الخليجية السابعة والعشرين في ديسمبر 2006 بمدينة الرياض قراراً بعقد اجتماعات دورية لمجالس الشورى والنواب والوطني والأمة تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ونتج عن هذا القرار اجتماع دوري لرؤساء البرلمان الخليجية تحت مسمى (اجتماع رؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة في دول مجلس التعاون الخليجي)، وهو اجتماع سنوي عقد حتى الآن أربع مرات، كان الاجتماع الرابع في دولة الإمارات في نوفمبر 2010، بينما عُقد الاجتماع الثاني في دولة الكويت في ديسمبر 2009، وعُقد الاجتماع الثاني في سلطنة عمان في ديسمبر 2008، وعُقد الاجتماع الأول في دولة قطر في نوفمبر 2007. ومن يريد المزيد من المعلومات والتفاصيل حول مسيرة هذه الاجتماعات وما تمخض عنها من نتائج، يمكن أن يرجع إلى الكتاب الذي أصدرته الأمانة العامة للمجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات بعنوان (مسيرة اجتماعات رؤساء مجالس دول مجلس التعاون الخليجي 2010)، وهو كتاب صدر بمناسبة انعقاد الاجتماع الرابع لرؤساء البرلمانات الخليجية في دولة الإمارات، ويتناول الكتاب نشأة مسيرة اجتماعات رؤساء البرلمان الخليجية ونتائجها والبيانات الختامية التي صدرت عنها.

 ثالثاً: فاعلية الدبلوماسية البرلمانية الخليجية

على الرغم من تعدد آليات ممارسة الدبلوماسية البرلمانية الخليجية سواء بشكل فردي (من خلال الاشتراك في الاتحادات والمنظمات البرلمانية الدولية والإقليمية)، أو بشكل ثنائي (من خلال جمعيات أو لجان الصداقة البرلمانية)، أو بشكل جماعي (من خلال الاجتماع السنوي لرؤساء برلمانات الدول الخليجية)، إلا أن فاعلية الدبلوماسية البرلمانية الخليجية لا تزال تتسم بالمحدودية من حيث فاعلية التأثير.

فعلى مستوى الدبلوماسية البرلمانية الخليجية الخاصة بكل برلمان على حدة من خلال الاشتراك في عضوية ونشاط المنظمات والاتحادات البرلمانية، نلاحظ أنه بمعيار المشاركة هناك حضور قوي ومنتظم لبرلمانات دول المجلس في المؤتمرات البرلمانية المختلفة، لكن وفق معيار الفاعلية والتأثير، فإن النتيجة تبدو محدودة للغاية، ربما باستثناء الدبلوماسية البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، والتي تتميز بقدر كبير من الفاعلية والنشاط مقارنة ببقية برلمانات دول المجلس، وذلك بحكم أمور عديدة منها قِدَم اشتراك المجلس في عضوية معظم المؤسسات والاتحادات البرلمانية المهمة مما أكسبه خبرة في طبيعة عمل ونشاط تلك المؤسسات. فقد انضم المجلس الوطني الاتحادي إلى الاتحاد البرلماني الدولي عام 1977، وانضم إلىالاتحاد البرلماني العربي فور تأسيسه عام 1975، كما شارك في عضوية البرلمان العربي الانتقالي منذ تأسيسه أيضاً عام 2005، فضلاً عن أنه عضو مؤسس كذلك في اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الذي تأسس عام 1999، حيث شارك المجلس في اجتماع اللجنة التنسيقية بطهران عام 1998 الذي تمت فيه صياغة مشروع النظام الأساسي للاتحاد والذي كان للمجلس دور مهم في إدخال بعض التعديلات عليه. وكذلك بحكم استضافة المجلس الوطني الاتحادي العديد من المؤتمرات البرلمانية المهمة وترؤسه لبعضها. فقد استضاف –على سبيل المثال- كلاً من المؤتمر الخامس والمجلس التاسع عشر للاتحاد البرلماني العربي في أبوظبي عامي 1989 - 2001، كما تولت الشعبة البرلمانية لدولة الإمارات رئاسة الاتحاد البرلماني العربي في عامي (1978 – 1989).

أما على مستوى الدبلوماسية البرلمانية الخليجية التي تتم على مستوى ثنائي من خلال جمعيات الصداقة البرلمانية، فالملاحظ أيضاً هو قلة الزيارات البرلمانية المتبادلة التي تتم وفق بروتوكولات إنشاء تلك الجمعيات وكذلك عدم انتظامها.

أما على المستوى الجماعي، فعلى الرغم من مرور أربع سنوات على إقرار دورية اجتماع رؤساء البرلمانات الخليجية، إلا أن المتابع لنتائج الاجتماعات الأربعة التي عقدت حتى الآن، يلاحظ أنها لا تزال مقصورة على بعض الشؤون التنظيمية الخاصة بتسيير عمل تلك الاجتماعات من قبيل تشكيل لجان مشتركة للتنسيق البرلماني وتشكيل لجان أخرى للصياغة وغيرها من الأمور التنظيمية، ولم ترتق تلك الاجتماعات بعد إلى مناقشة قضايا سياسية واقتصادية مهمة لدول المجلس، بحيث تكون تلك الاجتماعات بمثابة ذراع برلماني مساند للتوجهات الخارجية لدول المجلس وسياستها الخارجية.

 رابعاً: مقترحات لتفعيل الدبلوماسية البرلمانية

رغم أن موضوع تفعيل الدبلوماسية البرلمانية قضية مهمة تحتاج إلى المزيد من التفصيلات التي لا يمكن تغطيتها في هذا المقال، إلا أنه يمكن –باختصار شديد- عرض ثلاثة مقترحات في هذا الصدد، أولها: تفعيل نشاط برلمانات دول مجلس التعاون الخليجي في الاتحادات والمؤسسات البرلمانية المختلفة، خاصة الاتحاد البرلماني الدولي. فخلال الاجتماعات السنوية لهذا الاتحاد، تتقدم كل دولة أو مجموعة دول ببند طارئ تتم مناقشته بحيث يصبح الموضوع الأساسي للاجتماع السنوي للاتحاد وتصدر بشأنه قرارات وتوصيات. وبالتالي، وعلى سبيل المثال، في ضوء التدخلات الإيرانية الأخيرة في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي، لماذا لا تنسق برلمانات دول المجلس فيما بينها ومع برلمانات الدول الأخرى الصديقة لها، وتقدم بنداً طارئاً يجرم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وذلك خلال الاجتماع السنوي المقبل للاتحاد البرلماني الدولي؟  

وثاني هذه الاقتراحات: يتعلق بتفعيل بروتوكولات جمعيات الصداقة البرلمانية الخاصة ببرلمانات دول المجلس مع برلمانات الدول الأخرى، والحرص على دورية وانتظام الاجتماعات البرلمانية الثنائية التي تُنظم في إطار تلك الجمعيات. والحرص كذلك على إنشاء جمعيات صداقة برلمانية مع البرلمانات التي لم يتم إنشاء جمعيات صداقة معها بعد، فمثل هذه الاجتماعات البرلمانية توفر فرصاً كبيرة لتنسيق المواقف داخل المؤسسات والاتحادات البرلمانية الإقليمية والدولية، وتبادل الخبرات الخاصة بأساليب وآليات عمل البرلمانات المختلفة والاستفادة منها.

أما ثالث هذه الاقتراحات: فيتعلق بآلية الاجتماع السنوي لرؤساء البرلمانات الخليجية، فيجب أن تتخلى تلك الاجتماعات عن الاستغراق في مناقشة الأمور التنظيمية، وأن ترتقي في عملها لتصبح ذراعاً برلمانية مهمة مساندة لمواقف دول المجلس الخارجية. وأقترح في هذا السياق أن تتبنى هذه الاجتماعات آلية عمل الاتحاد البرلماني الدولي في ما يتعلق بالبند الطارئ، حيث يمكن لبرلمانات دول المجلس أن تتفق فيما بينها على مناقشة بند طارئ محدد كل عام في تلك الاجتماعات، ويكون هذا البند محوراً للمناقشات وتخرج بشأنه قرارات وتوصيات محددة، تتم متابعة مدى التزام برلمانات دول المجلس بها من خلال آلية يتم الاتفاق عليها في هذا الشأن.

 

مقالات لنفس الكاتب