array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

التغيير العربي ودفع الأداء الاستراتيجي العراقي: دراسة مستقبلية

الجمعة، 01 تموز/يوليو 2011

يعيش العالم العربي في لحظة القوة الناعمة وكيف أثرت في مسارات مطالب الشعوب لتؤسس فضاءات كبيرة تقارع الدكتاتوريات السياسية في العالم العربي، فيبدو أن اللحظة التاريخية للعالم العربي ما بعد 10 إبريل 2003 لم تدفع رؤى التغيير بل زادت من الكبت نتيجة للترويض للأنظمة الشمولية التي تدير شعوب المنطقة.

أولاً: خطى التغيير الانعكاسية

ما كان من حالة العراق إلا الخوف وإطلاق العديد من السياسات والاستراتيجيات للحد من التجربة العراقية، فما كان من إشكالية الجذب التاريخي للمكاسب التي تحققت شكل دافعاً كبيراً لتفكير شعوب المنطقة العربية بالتغيير، ويبدو أن السنوات السبع الماضية وإقرار الدستور العراقي الذي كتب لمستقبل مشرق وليس لتحديات الحاضر العراقية، وانتخابات نيابية لمرتين دفعت شعوب المنطقة إلى التفكير بخطى التغيير والعمل على صناعة حادث التغيير، وهكذا كانت محاولات حركة كفاية في مصر ومن ثم الحركات السياسية ودور الشباب الذي كان محورياً في عملية التغيير دافعاً أساسياً بالإضافة إلى إشعال شرارة الثورة من تونس، ناهيك عن أن البطالة والفقر المدقع في البلدان العربية يعدان أيضاً دافعاً أساسياً لبدء مسيرة التغيير في العالم العربي التي بدأت من تونس المحطة الأولى، ثم مصر المحطة الثانية وليبيا القادمة، واليمن المتأهب، ويبدو أن البيئة العربية تأثرت بالحالة العراقية، لكن دائرة الالتقاء لا بد أن يكون لها انعكاس على منبر التغيير ألا وهو العراق ومستقبله السياسي، فما كان من إشكالية الخدمات والبطالة والفقر المدقع إلا أن يكون دافعاً أساسياً لدعوة المجتمع العراقي نحو الإصلاح الحكومي وبناء دولة المستقبل.

ومن هنا كانت حركة التغيير العربي تتماثل في المطالب مع مطالب قوى المجتمع المدني في العراق من حيث بناء كرامة الإنسان العربي وتطوير جهود التنمية واستيعاب الطاقات العربية الخلاقة في صناعة دولة المستقبل بعد أن خرج العرب من التاريخ منذ ثمانينات القرن الماضي، ويبدو أن نظرية الانعكاس الانتشاري لعملية الديمقراطية والتحول نحو الدولة العصرية أخذت من العراق منطلقاً ودافعاً بعد أن اتضحت التجربة السياسية العراقية خلال الدورة الانتخابية الثانية 2010.

ثانياً: الواقع السياسي وحركة التغيير والإصلاح

لقد كانت رياح التغيير الأخيرة في معظم الدول العربية منذ مطلع شباط 2011، دافعاً لإعادة التفكير بخطى البناء في الواقع السياسي العراقي، فبعد تخلص العراق من موجة الإرهاب الموجه لحصد المدنيين الأبرياء ومحاولة النيل من مؤسسات الدولة العراقية الجديدة، حاول الأداء السياسي العراقي التخلص من مشكلة المحاصصة والتوازنات المجتمعية التي تولدت نتيجة لجدل الهويات الفرعية وتصارعها مع الهوية الوطنية بسبب عدم وجود قدرة حقيقية لجسد الدولة منذ 2003 – 2007 (قبل خطة فرض القانون) والتحول نحو نمط جديد في الأداء يتمثل في ضرورة إشراك كل القوى السياسية العراقية المشاركة في الانتخابات لتشكيل حكومة الشراكة الوطنية برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي، وبلغ عدد الوزارات أكثر من 40 حقيبة وزارية.

وهذا الترهل في الكم على حساب النوع دفع بالأداء إلى عدم الوضوح، ناهيك عن أن جدل السياسة مازال عائقاً أمام اكتمال حكومة الشراكة الوطنية وخصوصاً الوزارات الأمنية التي من المتوقع أن تكتمل خلال الربعين الثالث والرابع من عام 2011.

وهذا ما دفع رئيس الوزراء بعد المطالبات المجتمعية ومظاهرات المواطنين العراقيين إلى المطالبة بضرورة معالجة ملف الخدمات والبطالة والمعتقلين والبطاقة التموينية، وفعلاً كانت هنالك استجابة سريعة لمطلب رئاسة الوزراء العراقية بتحديد 100 يوم لرفع نشاط الأداء للوزارات العراقية، كما أنها أصدرت وثيقة الإصلاح الوطني في 10 مارس 2011.

الواقع السياسي الآن في العراق يفرض ضرورة استيعاب قوى التغيير ومحاولة إدماجها في أداء السلطة التنفيذية

وهذا ما يدفع الواقع السياسي العراقي إلى الاستجابة لتحديات الأداء السياسي والقدرة على استيعاب المطالب المجتمعية والعمل على بناء حكومة الخدمة الوطنية التي لا بد أن تعبر عما يجب أن يكون عليه العراق، وليس ما هو كائن من حيث الأداء الآن، ولذلك يمكن تمثيل الاستجابة بالآتي بيانياً.

فالإطار العام (ط) هو القدرة على دفع الأداء السياسي لتحقيق حزمة من المطالب المجتمعية، وهذا ما يدفع الفاعل السياسي الممارس لإدارة السلطة (س) أي (الحكومة العراقية) كمدخلات لترشيد الأداء من خدمة تقليدية إلى خدمة ذكية ودافعة للأداء، ومن خلال ما تقدم ستكون استجابة الفاعل السياسي (ص) المستهدف مخرجاً للأداء من قبل (س) والمتمثل في المجتمع العراقي، نتيجة لإدراك التأثير الدستوري من قبل (ص) والمتمثل في الحكومة مسؤولة أمام الشعب وعبر قبة البرلمان، بالإضافة إلى ضرورة احترام والتماس التأثير فوق الدستوري والمتمثل (في الشريعة الدينية، المراجع الدينية، الاتفاقيات السياسية وتحقيق أهدافها) وخصوصاً اتفاقية أربيل 2010 لبناء رؤية من أجل إنتاج شكل جديد للدولة العصرية.

يضاف إلى ذلك أن المطالب لا بد أن تقترن بمجال التأثير الدستوري كمقاصة للتحول من مطلب إلى نقطة أداء ومن ثم التحول إلى هدف يتعزز بموازنة ووسيلة وجهة تنفيذ، وهذا ما يتمثل في قدرة (ص) أي المجتمع العراقي والإنسان العراقي على التماس عائد الأداء الاستراتيجي للحكومة العراقية خلال الفترة المقبلة، وقياس عائد التحول والتأثير بدلالة المطالب والتماسها من خلال عائد الفعل الاستراتيجي بدلالة توافر الخدمة القطاعية والمجتمعية وحلول عملية للمشكلات والتحديات، وهنا ستتكامل القدرة الاستراتيجية التي ترتكز على قوى المجتمع العراقي وأداء السلطة السياسية (الحكومة العراقية).

ثالثاً: مستقبل الأداء للحكومة العراقية

تسعفنا الدراسات المستقبلية في استشراف اتجاهات منحنى الأداء الاستراتيجي في الاستجابة لمطالب التغيير والإصلاح في الأداء نحو حزمة مكثفة من القرارات والأفعال التي تهدف إلى جعل المواطن العراقي يعيش حياة كريمة تتوافر فيها كل متطلبات الحياة الأساسية.

جدل السياسة في العراق مازال عائقاً أمام اكتمال حكومة الشراكة الوطنية

1-اتجاه اللامنجز

وهو أن الواقع السياسي العراقي استأثر بخطى التغيير في العالم العربي، ووجد الفرصة المؤاتية لبث بذور التغيير عبر رؤية مفادها (أن الفوضى الخلاقة ستنشئ وضعاً جديداً لإدارة وشكل السلطة في العراق)، وبالتالي ستعمل أغلب القوى السياسية على الاتجاه نحو اللامنجز كعنوان للأداء الاستراتيجي، وبالتالي العمل على إخفاق الأداء للحكومة العراقية الحالية خلال الـ 100 يوم وعدم القدرة عند القياس على إنجاز (30 – 40 في المائة) من وثيقة الإصلاح الوطني، وهذا ما سيجعل العملية السياسية محط سخط حقيقي من قبل المواطن العراقي الذي تأمل في رفع فاعلية أداء قارب النجاة من مؤشرات الفقر وقلة الخدمات.

2- اتجاه الإنجاز الكلي

وهو أن الواقع السياسي أوجد ضرورة لاستيعاب قوى التغيير ومحاولة إدماجها في أداء السلطة التنفيذية من خلال توفير فرص عمل للكفاءات العلمية، ومحاولة مزجها بالكفاءات العراقية العاملة، وبالتالي تعزيز وتعضيد الأداء الكلي، وهذا ما سيدفع بأداء السلطة السياسية بعد اتفاق القوى السياسية المشكلة لحكومة الشراكة الوطنية إلى إنتاج الخدمة الوطنية وهو ما سيحقق نجاح الحكومة خلال الـ 100 يوم لرفع كفاءة الأداء والتماس الموطن للخدمة المقدمة وفي كل القطاعات، وبالتالي تحقيق منجز يقدر بـ (80 – 90 في المائة) من وثيقة الإصلاح الوطني.

3- اتجاه قدرة الأداء الاستراتيجي

هذا الاتجاه يبنى على فرضية الاحتمال الحقيقي لقياس قدرة الأداء للمؤسسة الحكومة العراقية من خلال الجمع بين رؤى الاتجاه الأول ومحاولة تحجيمها ورؤى الاتجاه الثاني ومحاولة تعزيزها، والذي سينقل الأداء الحكومي العراقي نحو فضاء أوسع في تعزيز ملف الخدمات والحد من الفقر ومعالجة مشكلة البطالة وتحريك مشاريع الإعمار، وبالتالي سيصل قياس الأداء نحو معدل (60 – 75 في المائة) كقياس حقيقي للأداء وفق ظروف العراق المتحولة والمتغيرة، وسيحقق ما يصل إلى 80 في المائة من استراتيجية الإصلاح الوطني، وسيعمل بعد فترة الـ 100 يوم على ترشيق عمل الأداء وبناء تشكيلة حكومية قائمة على إدارة الملفات الاستراتيجية في الأداء وتخصصية من حيث الشكل والنوع، وهذا ما سيدفع خطى التنمية والاستقرار الاقتصادي الذي سيعزز خطى الإصلاح السياسي نحو بناء دولة عصرية.

إذاً نتوقع خلال الفترة المقبلة أن يكون الاتجاه الثالث (قدرة الأداء الاستراتيجي) هو المشهد المقبل خلال الربعين الثاني والثالث من عام 2011 نتيجة توافر الأداء الحكومي على بيئة حاضنة ودافعة لتعزيز الأداء سواء من قبل القوى السياسية أو مطالب المجتمع العراقي، لكن لابد أن تصل القوى السياسية العراقية للدفع برؤى هذا السيناريو، وإذا كانت الإرادة السياسية مفقودة فإن مستقبل المرحلة المقبلة سيكون حرجاً وحبيساً للسيناريو الأول وهو اللامنجز والتنصل من الوعود نتيجة للتنافس السياسي الذي فضل المصلحة السياسية على المصلحة العامة وهذا ما لا نأمله للعراق اليوم.

مقالات لنفس الكاتب