array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 168

الخط العربي في دول الخليج: البحث في جوهر الهوية العربية

الأحد، 28 تشرين2/نوفمبر 2021

كانت الكتابة ولا زالت سجلاً للحضارة الإنسانية تجلى فيها تاريخها وتطورها. وفي ثنايا هذه الملحمة الإنسانية نشأ الخط العربي ليتطور ويبلغ مبلغًا من الجمال حاملاً معه حضارة تركت معالمها على أطراف الصين وحتى غرب إفريقيا، وقال ابن خلدون في مقدّمته عن الخط: "إنّه صناعةٌ شريفة يتميّز بها الإنسان عن غيره، وبها تتأدّى الأغراض؛ لأنّها المرتبة الثّانية من الدلالة اللغويّة". ويُعرف الخط العربي على أنه فن وتصميم عملية الكتابة في جميع اللغات التي تستخدم الحروف العربية. وتمتاز الكتابة العربية بكونها متصلة. الأمر الذي يجعل منها عملية قابلة لاكتساب العديد من الأشكال الهندسية. ويكون ذلك من خلال الرجع، والمد، والتشابك، والتزوية، والاستدارة، والتركيب، والتداخل.

يلعب الخط العربي دورًا هامًا في رسم صورة مميزة للثقافة العربية والإسلامية، وهو واحد من أسس الهوية العربية الإسلامية بلا جدال، وتتكامل الأدوار بين دول الخليج العربي في المحافظة على تراث الخط العربي وإعادة إحيائه بصور متعددة ومميزة؛ لعل السمة المميزة لذلك هي الإيمان الكامل بأهمية الكتابة والخط العربي وهو الخط الذي كُتب به القرآن الكريم، والمحافظة عليه هو محافظة على جوهر الهوية العربية. 

بداية عملت المملكة العربية السعودية خلال العام 2020م، على رعاية مميزة للخط العربي انطلاقًا من رؤية وزارة الثقافة بها، والتي أعلنت فيها أن عام 2021م، سيكون عامًا مميزًا تحتفي فيه الوزارة بالخط العربي، ووصفت الخط العربي في بيانها بأنه: "رمزٍ من رموز هوية المملكة العربية السعودية"، و"مصدر ألهم العديد من الفنانين والمعماريين محليًا وعالميًا"، وأنه سيكون عام للخط العربي، تعمل وزارة الثقافة خلال عام الخط العربي 2021م، وعملت على تعزيز حضور الخط العربي بكافة القطاعات الحكومية والخاصة والأفراد، إلى جانب حضوره في المحافل والمؤتمرات المحلية والعالمية.

ومن المؤكد أن تلك الصورة من الأهتمام هي مساحة مميزة تفتح بها المملكة العربية السعودية بتلك المبادرة آفاقًا جديدة في التعامل مع الخط العربي؛ من حيث المفهوم والرؤية، خصوصًا وأن اختيار "عامًا" كاملاً للخط العربي هو منهج وفكر جديد، عملت وزارة الثقافة السعودية على نقل الخط العربي من مصدرٍ معرفي إلى أيقونة تمثل الهوية السعودية، والفنّ المتجدد، والإرث الحضاري، وحددت مجالات أو نطاق عمل:

  1. إبراز فن الخط العربي بوصفه فنًا قائمًا بذاته، بما يعكس ثراء الثقافة العربية.
  2. تقديم المملكة العربية السعودية كحاضنة للخط العربي، وراعية له، ورائدة في دعمه.
  3. نشر ثقافة استخدام الخط العربي بين النشء.
  4. توحيد جهود القطاعات المعنية والمبادرات الفردية التي تسعى لإبقاء فن الخط العربي وحمايته من الاندثار.

لم تقف جهود السعودية على فكرة "عام الخط العربي" بل تعدته إلى تجربة ذات أبعاد اكاديمية وعلمية. وأسست "مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي"، وهو مركز أكاديمي وفني سعودي عالمي لتعليم الخط العربي؛ مقره في المدينة المنورة.  والمركز تم إفتتاحه في عام 2013م، تحت اسم مركز دار القلم، وفي أبريل 2020م، صدرت الموافقة السامية على إطلاق اسم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عليه بناء على طلب وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله، وتولت وزارة الثقافة مهمة الإشراف على المركز بالتنسيق مع دارة الملك عبد العزيز.

وسابقًا أقيم عام 2011م، بالمملكة "ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف في العالم"، وهو من الأحداث الهامة المميزة في مظاهر الأهتمام بالخط العربي، حيث تعرض الخط العربي في العصر الحديث إلى تراجع وضعف عمَّا كان عليه في السابق؛ بسبب انتشار اللغات الأجنبية، وظهور الحاسب الآلي وابتكار خطوط متنوعة فيه، إلا أن الخط العربي أمام هذه التحديات التي فرضتها ظروف العصر ومنجزاته. كل تلك الأسباب كانت من المنطلقات الأساسية إلى محاولة دعم وتشجيع الخطاطين بفتح المدارس والمعاهد، وعقد المسابقات والملتقيات، وإقامة المعارض لأنواع الخط وفنون الزخرفة، ونظرًا للدور الرائد الذي يقوم به مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في هذا المجال، وما يتصف به من مَرْجعيَّة في كتابة المصحف ومراجعته وتدقيقه وطباعته، كان انطلاق ملتقى مجمع الملك فهد لأشهر خطاطي المصحف الشريف. وكان الإقبال على المشاركة في الملتقى كبيرًا فقد بلغ عدد المشاركين الذين تقدموا بمشاركاتهم 250 مشاركاً ومشاركة من 32 دولة، وعدد الجهات 20 جهة.

وكان الملتقى يهدف إلى تقدير السعودية لجهود أمهر خطاطي المصحف الشريف، وتكريمهم والاحتفاءُ بهم، وعرض تجارب أبرع الخطاطين في كتابة المصحف، وبيان مناهجهم في ذلك؛ للإفادة منها، وإبراز الرسالة التي يحملها خطاط المصحف الشريف، وناقش الملتقى صور المزاوجة في صناعة الخط العربي بين خطوط الخطاطين والحاسب الآلي، ومحاولة الوصول إلى توافق وتقارب في مصطلحات الخط العربي، وعرض نماذج بخط الخطاطين من المصاحف المكتوبة بالروايات المشهورة والقراءات المتواترة، واكتشاف طاقات واعدة من خطاطي المصحف الموهوبين، وتشجيع التواصل بين خطاطي المصاحف، والمهتمين والمختصين في دراسة الخط العربي .

كذلك فقد رشحت مجموعة من الدول العربية "فن الخط العربي: المهارات والمعارف والمُمارسات" لإدراجه في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، بموجب اتفاقيّة اليونسكو لعام 2003م، الخاصّة بحماية التراث الثقافي غير المادي. وتمّ رسميّا تسليم الملفّ العربي المشترك إلى الأمانة العامّة لمنظمة اليونسكو بتاريخ 30 مارس 2020م. وتجدر الإشارة أن السعودية بادرت باقتراح تسجيل هذا العنصر الثقافي الهام، وقد حظي مُقترح المملكة بدعم المنظمة العربيّة للتربية والثقافة والعلوم، لما يُمثله هذا العنصر من أهمية في المحافظة على اللغة العربية كإحدى مُقومات الهُوية الثقافية العربية المشتركة، فضلاً عن ميزاته الإبداعية الفنية والجمالية والاجتماعيّة ذات البعد الإنساني العميق.

ومن جانب آخر عملت مملكة البحرين على دعم إدخال الخط العربي في قائمة التراث غير المادي في اليونسكو، وحظي الموضوع باهتمام الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، التي وجدت في الخط العربي تميزًا كبيرًا في طرح المشروع من جهة ودلالته وقيمته الهامة للوطن العربي.

وفي البحرين أيضًا جرى تأسيس جمعية محبي الخط العربي بالبحرين، والتي تسعى إلى العمل على تحقيق العناية بالخط العربي والزخرفة الإسلامية، ونشر الوعي الثقافي فيما يخص الخط العربي والزخرفة الإسلامية، والمحافظة على تراث فن الخط العربي والزخرفة الإسلامية من الاندثار، ومواكبة نمو الوعي الفني في مملكة البحرين، من خلال عقد دورات تدريبية لنشر الخط العربي والزخرفة الإسلامية في البحرين، وتنظيم معارض للخط العربي والزخرفة الإسلامية، والتواصل مع المؤسسات الثقافية في مملكة البحرين وخارجها للتعريف بالخط العربي، وخلق فضاء من التعاون معها، والتواصل مع المؤسسات التعليمية ليدخل فن الخط العربي ضمن المناهج الدراسية الأساسية، وتبني البحوث والدراسات الخاصة بالخط العربي والزخرفة الإسلامية، وفكرة الجمعية من الأفكار الرائدة التي تعزز من مكانة الخط العربي والزخرفة كصورة من صور الهوية.

وبالكويت كان مركز الكويت للفنون الإسلامية التابع لوزارة الإوقاف، أداة نشر فاعلة ومميزة لخدمة الخط العربي والزخرفة الإسلامية، حيث نظم كذلك العديد من المعارض الخارجية للخط العربي منها في المجر وروسيا وفرنسا وسويسرا والهند وكندا وشارك في العديد من الملتقيات والمعارض والمهرجانات خارج الكويت بغرض نشر الوعي بالفنون الإسلامية على أوسع نطاق.

وأقام المركز سبع دورات متتالية من ملتقى الكويت شارك فيها أكثر من 450 خطاطًا وفنانًا من مختلف الدول العربية والإسلامية والغربية كذلك في كافة المجالات والتخصصات اذ يركز الملتقى في كل دورة من دوراته على مجال معين من تطبيقات الفنون الإسلامية مثل الخشب والخزف والنسيج والسجاد والمشغولات المعدنية. وأخذ المركز على عاتقه نشر المعرفة والثقافة الفنية من خلال إنشاء مكتبة متخصصة تجمع الكتب المتعلقة في الفنون الإسلامية سواء كانت في فن الخط العربي أو الزخارف الإسلامية أو العمارة أو الحرف أو غيرها بشتى اللغات ويجري العمل على تعزيزها بأمهات الكتب والمراجع والدوريات أولًا بأول.
وأشار إلى قيام المركز بنشر عدد من الكتب منها (خطوط المصاحف) و(كسوة الكعبة المشرفة) و(امبراطورية الخط العربي) و(أسرار خط النسخ) و(قواعد الخط الكوفي القيرواني) و(مبادئ الخط الكوفي المرابطي) و(النقوش الحجرية بالخط الكوفي).

وبالكويت أيضًا عمل متحف طارق رجب للخط الإسلامي إلى عرض نماذج الخط العربي وطرق تطوره منذ ظهور الإسلام، وقد أخذ فن الخط العربي يتطور سريعًا مع تنوع خطوط القرآن المختلفة، يضم المتحف قطع مميزة تخص الخط العربي، كما يوجد عدد كبير من الوثائق الأخرى ذات الأهمية التاريخية الاجتماعية والأهمية الفنية التي جُمعت بشكل جميل وبرعاية. ولا يغطي الحيز الذي يغطيه تاريخ الخط العربي في المتحف نطاقًا زمنيًا محددًا فقط، وإنما يتناول منطقة جغرافية شاسعة تمتد من الصين إلى المحيط الأطلسي، وتعرض الصالات التي بنيت لهذا الغرض هذه الكنوز من جميع أنحاء العالم الإسلامي بشكل رائع.

يأتي متحف طارق رجب للخط الإسلامي كإحدى المنارات الفكرية والثقافية التي تلعب دورًا تنويريًا في الكويت ومنطقة الخليج، ويعد دليلاً على الدور الذي يمكن أن يؤديه الفنان للرقي بمجتمعه والمساهمة في صنع حضارة وطنه، ففي منطقة الجابرية أسس الفنان الكويتي الكبير طارق رجب الذي نال جائزة الدولة التقديرية لعام 2007م، أسس متحفه الذي يضم مجموعات نادرة من المصاحف والمخطوطات العربية والفخاريات الإسلامية والأدوات الموسيقية والأثاث العربي الإسلامي القديم، بالإضافة إلى المجوهرات الذهبية والفضية والمشغولات المعدنية والمطرزات والأزياء العربية القديمة والسيراميك والمنمنمات والدروع، وكلها تعود إلى عصر الحضارة الإسلامية.

ومن المجموعات النادرة والقيمة التي يضمها المتحف نسخة من القرآن الكريم تعتبر الوحيدة من نوعها في العالم وتعود إلى القرن الرابع الهجري -الحادي عشر الميلادي، وسوار ذهبي من العصر الفاطمي يعود للقرن الحادي عشر الميلادي، ومجمرة بخور من العصر السلجوقي، ومجموعة من السيوف والخناجر تعود للقرنين الميلاديين الثامن عشر والتاسع عشر، وأوائل القرن العشرين، وكرسي خشبي مزخرف يعود للقرن التاسع عشر الميلادي.

ويولي المتحف اهتمامًا خاصًا بتاريخ الخط العربي باعتباره أسمى فنون العالم الإسلامي وأكثرها عشقًا لدى أهله، حيث يستخدم الخط لإضافة لمسة جمالية على مجموعة واسعة من المواد بما فيها الورق والزق جلد للكتابة والسيراميك والمعادن والأقمشة والخشب والزجاج والمجوهرات والأحجار الكريمة والأثاث والمباني.

ويروي المتحف تاريخ تطور الخط الإسلامي بعرض أمثلة مبهرة من مخطوطات الخط الكوفي من القرن الأول بعد الهجرة القرن الثامن الميلادي ويتواصل المتحف مع أعمال أشهر الخطاطين على مر العصور، وينصب التركيز على الأمثلة التاريخية بما فيها أعمال بعض السلاطين العثمانيين التي لا مثيل لجمالها.

ولا يغطي الحيز الذي يغطيه تاريخ الخط العربي نطاقًا زمنيًا محددًا فقط، وإنما يتناول منطقة جغرافية شاسعة تمتد من الصين إلى المحيط الأطلسي، وتعرض الصالات التي بنيت لهذا الغرض هذه الكنوز من جميع أنحاء العالم الإسلامي بشكل رائع. وفي أول صالة عرض من المتحف توجد لوحة كبيرة ملونة بالذهب على خلفية سوداء رسمها السلطان محمود خان الذي حكم الامبراطورية العثمانية من عام 1808 إلى العام 1839م، وفي الغرفة نفسها تعلق ستارة باب التوبة إضافة إلى لوحة السلطان محمود، وهذا الستار المميز والمطرز بخيوط الذهب والفضة على المخمل الأحمر معلق داخل الكعبة المقدسة، يغطي الباب الذي يؤدي إلى الأدراج والتي بدورها تؤدي إلى سطح الضريح، وتشكل لوحة أخرى بطول عشرة أمتار مثالاً آخرًا لأعمال السلطان محمود وهي مصنوعة من خيوط الذهب والفضة، وهي أيضًا داخل الكعبة المقدسة، وهي عبارة عن الاسم الكامل للسلطان وأسلافه كما تحمل توقيعه. وبالقرب من صالة العرض توجد حجرة مزخرفة مخصصة لحفظ نسخ من القرآن الكريم وهي مزخرفة بشكل رائع بآيات قرآنية وصنعت في اليمن وتعود لعام 1851م. ويخصص المتحف غرفة كاملة للحليات النبوية الشريفة، وهي تلك اللوحة المخطوطة التي تُذكر فيها صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وفي غرفة أخرى من المتحف توجد الأحجار الكريمة والمنقوشة بالخط العربي، كما تعرض الأدوات التي يستخدمها الخطاط، مثل القصب والمعدن والأقلام والسكاكين وأواني الحبر.

وتلعب الإمارات العربية المتحدة دورًا هامًا في مسيرة الخط العربي بالخليج العربي، حيث لا تتوقف معارض التشكيل وفن الخط العربي في الإمارات عمومًا، وتشهد دبي، كل عام، عددًا من المعارض المحلية والدولية للخط العربي، كما تشهد تجارب جديدة تتقدم في هذا المجال، ويتعبر مهرجان الفنون الإسلامية الذي يقام في الشارقة بصورة سنوية، كذلك ملتقى الشارقة وهو بمثابة بينالي عالمي للخط العربي والخطوط العالمية عمومًا ويُعقد كل سنتين.

ومعرض دبي الدولي لفن الخط العربي يُحضّر لدورة جديدة في هذا العام. وقامت وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع برعاية جوائز الخط الكبرى في مسابقة البردة السنوية، والتي شارك فيها كبار الخطاطين والفنانين من العالم، وعزّزت هذا التوجّه بتنظيم ملتقى رمضان لخط القرآن، والذي يشارك فيه سنويّاً ثلاثون من أميز خطاطي النسخ القرآني، يضاف إلى ذلك الاهتمام الباكر بالخط في أبو ظبي في المجمع الثقافي منذ إنشائه، حيث سعى إلى دعم الخط كأداةً تعبيرية عن نظرة جمالية مبدعة، الاهتمام بالخط العربي وتعليمه اليوم يشرف عليه قسم خاص في هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث.

 وفي إمارة الشارقة تشرف ساحة تراثية فسيحة هي الأكثر تميزًا من نوعها في العالم، وتضم بين جنباتها، مركز الخط العربي والزخرفة الإسلامية، ومتحف الشارقة لفن الخط العربي، وبيوت الخطاطين. وجميعهم يحظى باهتمام كبير من الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، بل ويمنح جوائز مميزة لكثير من الخطاطين بصورة جديرة بالتقدير لدور هذا الرجل المميز. وفي دبي افتتح، مركز دبي لفن الخط العربي الذي استضاف مجموعة نوعية من المعارض والمحاضرات المتخصصة.

كذلك بادرت سلطنة عمان بتهيئة مكانة عالمية مرموقة للفن التشكيلي العربي المعاصر وفن الخط العربي بخاصة، وخصصت جائزة المرحوم السلطان قابوس في دورتها الرابعة جائزة مخصصة للخط العربي، وذلك بتكريم المثقفين والفنانين والأدباء على إسهاماتهم الحضارية في تجديد الفكر والارتقاء بالوجدان الإنساني، ومن ضمنهم الخطاطين، وقد فاز بتلك الجائزة الدكتور محمد سعيد شريفي، وهو أحد أشهر الخطّاطين الجزائريين في العصر الحديث، وأحد الباحثين القلائل في العالمين العربي والإسلامي في شؤون الخطاطة الإسلامية والكتابة العربية، وهو أول جزائري أستاذ في شؤون الخط العربي، وقد كانت له اليد الطولى في نشر الخطاطة الإسلامية في الجزائر، وتدريسها على أصولها الفنية في المعهد العالي للفنون الجميلة في الجزائر العاصمة.

كذلك تواصل مؤسسة قطر جهودها في الارتقاء بمكانة فن الخط العربي، وتكتسب الجهود أهمية خاصة هذا العام في ضوء اختيار الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2021م. ويتجلى فن الخط العربي على العديد من المباني والواجهات المعمارية في جميع أنحاء مدينة الدوحة، ويُمثل مبنى ذو المنارتين (جامع المدينة التعليمية) واحدًا من أروع الأعمال التي تعكس مكانة الخط العربي في قطر، من تصميم الفنان العراقي طه الهيتي.

نهاية، لازالت الميادين التاريخية واللغوية والفنية في الخط العربي، بحاجة إلى مزيد من الدراسة والبحث والتطوير، سواء داخل الخليج أو خارجه، وما تفعله المؤسسات والأفراد في الخليج العربي يحتاج إلى مساحة أكثر اتساعًا، لأن من هذا المناخ العام تستقي العديد من الأعمال الفنية العربية قيمتها الجمالية في أساليب فنية وأكاديمية شتى، ولا شك أن الخط العربي بمنطقه الإنساني والعروبي والجمالي الخاص يعد فنًا جميعًا وليس فرديًا، يعبر عن جوهر الهوية العربية. فقد اجتمعت كل أسباب ومفردات الجمال العربي لإرساء قواعده وأصوله طيلة قرون عديدة، بما يجعله يشكل بنية شبه مغلقة لا تقبل الإضافة أو الحذف، ولعل موضوع استخدام الخط العربي في الفنون البصرية والتشكيلية، والذي يضفي عليها طابعًا عربياً وإسلامياً، أحد الموضوعات المهمة التي لا تقتصر على الجانب التطبيقي في هذا الاستخدام، وإنما تستند إلى منطلقات فكرية وجمالية وثيقة الصلة بالفكر العربي الإسلامي، وبما يحمله من نقاط التقاء وتقاطع مع الفكر الغربي.

مقالات لنفس الكاتب