array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

خواطر خليجية حول )تسونامي( الشعوب العربية

الجمعة، 01 نيسان/أبريل 2011

يجب أن أوضح بدايةً أنني لم أكتب هذه السطور القليلة لإعطاء تحليل أو تصور موضوعي يمكن أن يساعد القارئ أو المتابع على فك رموز وطلاسم الـ (تسونامي) الشعبي الذي اجتاح بلداننا العربية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الأمة، فأنا أجد نفسي عاجزاً بالفعل عن هذا الأمر، لذا تركت هذه المهمة لأساتذتي المشاركين في ملف هذا العدد من مجلة (آراء حول الخليج)، لكنني أردت فقط أن أسجل انطباعاتي ومشاعري الشخصية في هذه السطور القليلة المتاحة.

لقد انتابتني، كما انتابت غيري من المشاهدين، مشاعر غريبة عديدة متداخلة ومتضاربة وأنا أتابع ما حدث ويحدث في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين. مشاعر يمتزج فيها كم هائل من الاستغراب والفرح والبهجة والخوف والقلق والتوتر في آن واحد.

لم أستطع أن أتمالك مشاعر الفرح والبهجة في نفسي وأنا أرى إرادة الشعوب العربية، التي سمعنا عنها الكثير وعن قدرتها على تحقيق المعجزات، من دون أن نلمس من فعلها شيئاً، وهي تتحقق الآن على أرض الواقع وأمام أنظار الجميع.

من كان يصدق أن الجماهير العربية قادرة بالفعل على تغيير نظام صلب كالنظام المصري الذي حكم البلاد بقبضة حديدية طيلة العقود الأربعة المنصرمة، لدرجة أن الضابط الصغير في هذا النظام كان يسمى باللهجة المصرية الدارجة (الباشا) وذلك لما يتمتع به من نفوذ وقدرة كبيرة على الإيذاء بحيث يمكنه تحويل حياة أي شخص مصري بسيط إلى جحيم في لحظات.

نعم أقولها بكل صراحة، لقد كنت سعيداً جداً بما حدث، لكن رغم سعادتي هذه الممزوجة بالدهشة، كان يداخلني شعور قوي آخر من الخوف والقلق حول ما ستؤول إليه الأوضاع، خصوصاً أن هذه الثورات لم يكن مخططاً لها، ولم تكن لها قيادات معروفة يمكنها أن تعطي تصوراً واضحاً لشكل المستقبل المنشود في هذه البلدان التي ضحّت شعوبها بدمائها وفلذات أكبادها من أجل الإصلاح.

لقد علمتنا التجارب العربية السابقة أن قيام الثورة بحد ذاته ليس إنجازاً، بل الإنجاز الحقيقي هو في ما يتبع هذه الثورة من تطبيق فعلي للحرية والديمقراطية والتطور، فثورة الضباط الأحرار على الملكية في مصر مثلاً، صاحبها في ذلك الوقت شعور من الفرح العربي العارم وتفاؤل غير محدود بما ستؤول إليه الأوضاع من حرية وانفتاح، إلا أن النتائج لم تكن بمستوى الطموح، ولم يحصل الشعب المصري إلا على بعض الإنجازات والاصلاحات الرمزية التي لا ترقى إلى مستوى التضحيات، وفي المقابل بدأت صفحة جديدة من الدكتاتورية والقمع المغلف بالطابع الوطني والقومي. وهذا ما يدعونا اليوم بالفعل إلى القلق، على الرغم من اختلاف الزمان والمكان والأشخاص والكيفية.

ومن ناحيةٍ أخرى ينتابني شعور آخر بالقلق الشديد أيضاً من موقف الدول الغربية والولايات المتحدة وإسرائيل مما يحدث في الدول العربية وخصوصاً من مصر الدولة المحور والحليف الأكبر للغرب في الشرق الأوسط، فتخلي هذه الدول عن الأنظمة العربية الموالية لها بهذه البساطة أمر يدعو إلى الحيرة، ويجعل المرء يتساءل عن أسباب هذا التغيير المفاجئ في المواقف، خصوصاً أن هذه الدول تضع في الحسبان مصلحتها في المقام الأول، ولديها أجهزة استخبارات تنفق المليارات لتسبر أغوار الأمة العربية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، ولا شك في أن وقوف هذه الدول (البراغماتية) موقف المتفرج، بل المؤيد لثورة الشعوب العربية أمر يصعب تقبله بسهولة، خصوصاً من العرب البسطاء أمثالي ممن تربوا على فكرة نظرية المؤامرة.

أما في بلداننا الخليجية، فالأوضاع تبدو أكثر هدوءاً بفضل الله، رغم تأثر الشعوب الخليجية الواضح بما يحدث في الدول العربية المجاورة، فالولاء الخليجي الشعبي التام للقيادات الخليجية أمر واضح للعيان، ولا يحتاج إلى كثير من الإثبات، حتى في مملكة البحرين التي شهدت، ولا تزال تشهد، توترات شعبية ومطالبات واسعة بالإصلاحات، لم يطالب أحد من أبنائها الثائرين (على حد علمي) بتغيير النظام أو المساس بالملك أو ولي عهده، لأن هذا الأمر يعد من الخطوط الحمر التي يتفق عليها البحرينيون جميعاً بكل أطيافهم.

وهذه لا شك نعمة عظيمة أنعم الله بها على قادة وشعوب دول الخليج على حد سواء، تستوجب من الجميع الشكر لكي تدوم، وشكرها يكون بمزيد من الولاء والطاعة للقادة من قبل الشعوب، وفي المقابل المزيد من الإصلاحات والحرية وتحسين ظروف المعيشة التي يستحقها الشعب الخليجي من قبل القادة والحكومات الخليجية، فقطار الإصلاحات الذي انطلق منذ فترة بسيطة في دول الخليج يجب ألا يتوقف أبداً وألا يكون موسمياً يتحرك مع الأحداث فقط، هذا إذا ما أردنا بالفعل تجنيب أنفسنا وبلداننا وضعاً مأساوياً مشابهاً لما حدث في البلدان العربية سالفة الذكر.

 

مقالات لنفس الكاتب