array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

دور المجتمع المدني الخليجي في تسريع عملية الإصلاحات السياسية

الجمعة، 01 نيسان/أبريل 2011

لا شك في أن التحولات الإقليمية في الوطن العربي سوف تلقي بظلالها على دول مجلس التعاون سواء عاجلاً أم آجلاً، وبدرجات متفاوتة. إذ إن هنالك دولاً خليجية أكثر استعداداً للتحول نحو الإصلاحات السياسية من غيرها، وأن تقليدية العلاقة بين شعوب هذه الدول والأنظمة تحدّ من تطورات دراماتيكية يمكن أن تسرّع في التحول المنشود. كما أن حال المجتمع المدني هو الآخر متفاوت النشاط والقوة في دول مجلس التعاون. ففي الوقت الذي نجد دولة مثل البحرين فيها أكثر من 450 جمعية حقوقية ومهنية وثقافية، نجد قوانينَ في دول أخرى تحد من نشاط الجمعيات، وتضع قيوداً صارمة على إصدار التراخيص أو طبيعة نشاطات هذه الجمعيات، رغم أن الدساتير تنص صراحة على حرية إنشاء مثل تلك الجمعيات.

أعتقد أن دور المجتمع المدني في دول مجلس التعاون – لتحريك التحول الإصلاحي –سوف يظل على المحك، ولا أحد يستطيع تعميم الفكرة على الدول كافة بالقوة نفسها، لأن كل دولة لها ظروفها وقوانينها وتجربتها في التعامل بين الحكومة والشعب، وكذلك (تقاليد) هذا التعامل التاريخية والاجتماعية والاقتصادية. لكننا مع الرؤية التي تعوّل على دور أكبر للمجتمع المدني، خصوصاً بعد التحولات الكبرى التي حدثت مؤخراً في بعض الدول العربية، بل (التنازلات) التي حصلت في إقليم المجلس ذاته. ولكي يتحقق هذا الدور، لا بد أن يكون هنالك اتجاهٌ حقيقي لدى الدولة ولدى الشعوب بضرورة التحول المدني أولاً.

إذ لا تزال بعض شعوب الخليج تنظر إلى التحول المدني والثقافة المدنية عموماً بريبة وتوجس، وأنها من أفعال الغرب (الكافر). ودوماً يربطون التحول المدني بمعاداة الدين، أو التفريط بالثوابت الدينية. وهذا خلط غير جائز، ويجهض كل محاولات النخب الواعية لتحقيق دور أكبر للمجتمع المدني. ولذلك تصطدم جهود النخب ومنتسبي الجمعيات الحقوقية والمهنية بمثل تلك العقبات أو الحواجز التي يستند إليها بعض المتشددين الدينيين المتحالفين مع الدولة، ويتم القضاء على كل جهد باتجاه تشكيل المجتمع المدني أو مشاركته في القرار السياسي. ولذلك ينبغي على الحكومات أن توضح للشعوب أهمية التحول المدني، ورفض إرث القبلية أو الطائفية، التي جرّت على المواطنين ويلات التخلف والفساد الإداري ومبدأ (الحظوة) والعبث بالثروات وغيره من الأمراض التي تحاول الدول تجنبها ومكافحتها. ولكي يتحقق هذا الدور أيضاً لا بد من تغيير القوانين التي تحد وتكبل عمل الجمعيات المهنية والثقافية، كي تساهم مساهمة فعالة في الإصلاحات السياسية. ذلك أن العديد من دول مجلس التعاون ما زالت تحكمها قوانين صارمة لا تسمح بإنشاء هذه الجمعيات أو تضيق عليها في العمل خصوصاً ما تعلق بحقوق الإنسان وتفريعات الجمعيات الخاصة بالمرأة والطفل والشباب أو تلك الحقوقية العامة. كما تتم معاملة هذه الجمعيات – التي يفترض أن تكون مستقلة – معاملة إدارات الدولة، بحيث يحق للوزير المختص إغلاقها متى شاء أو متى قامت بدورها الحقيقي في الإصلاح. بل إن بعض القوانين يحظر على كل الجمعيات في البلد الاشتغال بالسياسة، وهذا أمر قد تجاوزه الزمن، ولم يعد صالحاً لما بعد حقبة الثورات الشبابية الجديدة.

الأمر الآخر هو تعديل القوانين التي تتنافى والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، إذ توجد في بعض دول المجلس قوانين تجيز لوزير الداخلية حبس المُشتبه فيه – من دون محاكمة – لثلاثة شهور قابلة للتجديد ثلاثة شهور أخرى من دون أن يسمح له بمشاورة محام له، بمجرد الاشتباه في ضلوعه تعكير الأمن الداخلي، ولربما عبر مقال صحفي. كما أن نصوص الاتهام في هذه القوانين فضفاضة وليست ذات دلالة واضحة. وهذا أمر يتنافى مع الاتجاه الدولي في بسط ثقافة حقوق الإنسان وإقامة العدالة النزيهة ودولة القانون، ومع اتجاهات الدول للتوقيع على المواثيق الدولية ذات العلاقة. ومتى تمت إزالة مثل هذه القوانين فإن الأرضية ستكون صالحة لعمل جميع فئات المجتمع من دون خوف أو وصاية، وبكل شفافية، من أجل الدفع بعجلة الإصلاح السياسي في دول مجلس التعاون.

الأمر الأخير الذي لا يقل أهمية عن سابقيه وهو الإعلام، كي يتخلص من الولاء الأعمى للدولة، وثقافة (التمجيد) الفاضح للدولة، في مقابل تجاهل حقوق المواطنين وتبصيرهم بهذه الحقوق. وأعتقد أن الإعلام الرسمي في الدولة تنكشف عورته بعد سقوط النظام- ولنا في الحالتين التونسية والمصرية المثال الأوضح – لذلك يجب أن يكون هنالك اتجاه مدني للإعلام، لا يفرط في ثوابت التنمية للدولة، ولا يتجاهل التحولات الجديدة في العالم من حيث الترويج لقيم العدالة والحق والخير، بما في ذلك حق المواطن في اكتساب مواطنيته والحفاظ على حقوقه الأساسية غير منقوصة بما في ذلك حقه في المشاركة السياسية من دون تفريق بين مواطن وآخر حسب المزاج السياسي، أو حسب نصوص القوانين التي تشطر أبناء المجتمع الواحد، وتجعل منهم درجات عليا ودرجات سفلى، وهذه الأخيرة ليس لها حق المشاركة السياسية. وأخيراً فإن المجتمع المدني لا يتأتى بقرار فوقي من الدولة، بل إنه يتشكل داخل المجتمع وينمو مع الطفل. لذلك فإن مناهج التعليم يجب أن تدخل فيها مواد تعرّف الطالب بالمجتمع المدني وضرورته وأهميته كأساس للولاء الشامل للوطن، وليس للقبيلة أو العائلة، وأن تعاضد المجتمع بأسره يجب أن يكون هدف كل إنسان يعيش على هذه الأرض.

فإذا ما راجعت الدول – مع مؤسسات المجتمع المدني – هذه القضايا جميعاً، فإنها سوف تحقق تقدماً باتجاه الإصلاحات السياسية. ومرة أخرى نذكّر بأن دول مجلس التعاون الخليجي متفاوتة من حيث تجربة المجتمع المدني وتجربة المشاركة السياسية والتجربة الديمقراطية عموماً، لذلك فإن وتيرة الإصلاحات السياسية حتماً ستكون متفاوتة حسب ظروف كل دولة.

 

مقالات لنفس الكاتب