array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 175

تطوير اختصاصات المجلس رهن فوزه بثقة الدولة والمجتمع

الثلاثاء، 28 حزيران/يونيو 2022

بدأت التجربة الشورية الأولى في قطر بأول مجلس عام 1964م، وتكون من الحاكم رئيساً، ونائب الحاكم نائباً له، وعضوية (15) من الأسرة الحاكمة، يختص بمناقشة السياسة العامة، وتصدر توصياته بالأغلبية المطلقة، والنظر في شؤون الأسرة الحاكمة، لكن هذا المجلس لم ير النور.

وتمثلت التجربة الثانية في مجلس للشورى يتكون من (20) عضواً منتخباً، إضافة إلى الوزراء، على أساس تقسيم قطر إلى (10) دوائر انتخابية، تنتخب كل دائرة (4) أعضاء، يختار الحاكم من بينهم اثنين، كما أن للحاكم أن يعين عدداً من الأعضاء لا يتجاوز ثلاثة.

وجاء في المذكرة التفسيرية أن هذا المجلس أول مجلس تمثيلي في قطر، وقد رئي منحه اختصاصات واسعة تمثلت في: مناقشة مشروعات القوانين المقترحة من مجلس الوزراء، مناقشة السياسة العامة في كافة مجالاتها بناء على عرضها من رئيس مجلس الوزراء، مناقشة مشروع ميزانية المشروعات العامة، طلب البيانات عن أي ناحية من رئيس الوزراء ومن الوزير المختص، وتقديم التوصيات اللازمة.

لكن هذا المجلس أيضاً لم يظهر إلى حيّز الوجود كسابقه، نتيجة ازدواجية السلطة، وظل النص معطلاً إلى قيام (الحركة التصحيحية) 1972/22/2م.

ثم جاءت التجربة الثالثة متمثلة في إنشاء مجلس للشورى تألف من (20) عضواً، يصدر بتعيينهم أمر أميري، يختص بمناقشة: السياسة العامة للدولة في النواحي السياسية والاقتصادية والإدارية التي تعرضها الحكومة، شؤن الدولة في المجلات الاجتماعية والثقافية، مشروعات القوانين التي يقترحها مجلس الوزراء، مشروع ميزانية المشروعات العامة، طلب البيانات عن أي شأن من الشؤون الداخلة في اختصاصه من مجلس الوزراء بالنسبة إلى السياسة العامة، ومن الوزير بالنسبة للمسائل الداخلة في اختصاصه ، تقديم التوصيات وإبداء الرغبات في المسائل المشار إليها في الفقرتين السابقتين، توجيه الأسئلة إلى الوزراء للاستيضاح عن أمر يدخل في اختصاص إحدى الوزارات.

واستمر التمديد بنظام تعيين الأعضاء والتمديد لعمل المجلس بقرارات أميرية متتالية إلى أن أعلن أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في افتتاح دور الانعقاد العادي السابع والعشرين في 1998/11/16م، عن تشكيل لجنة لوضع الدستور الدائم، ويكون من بنوده الأساسية تشكيل (مجلس منتخب) عبر طريق الاقتراع الشعبي المباشر والمفتوح للجنسين.

الدستور الدائم للدولة ومجلس الشورى المنتخب:

كانت قطر، ومنذ عام 1970م، تاريخ صدور أول دستور، محكومة بدساتير مؤقتة تحت مسمى (النظام الأساسي المؤقت المعدل) إلى أن تم إنجاز (الدستور الدائم لدولة قطر) وتم إصداره في 2004/6/8م، بعد الاستفتاء عليه في 2003/4/29م، في يوم تاريخي مشهود، عمت فيه مظاهر الفرحة والابتهاج أرجاء المجتمع القطري وشارك فيه كافة القطريين وقال (%97) منهم: نعم للدستور الدائم، على أن يفعل بعد سنة من صدوره.

نص الدستور على إنشاء مجلس للشورى، يتكون من (45) عضواً، يتم انتخاب ثلثيهم  30) ) عضوًا بالاقتراع السري المباشر ، ويعين الأمير الثلث ( 15) عضواً ( المادتان 76و77) وذلك (طبقاً لقانون انتخابات تحدد فيه شروط وإجراءات الترشيح، المادة78) . كما يتمتع المجلس بكامل الاختصاصات التشريعية والرقابية: السياسية والمالية، فقد منحه الدستور حق التشريع، وإقرار الموازنة العامة، وممارسة سلطة الرقابة على السلطة التنفيذية (وزارات الدولة والأجهزة المتفرعة منها)، عدا الهيئات والأجهزة الخاصة التي يشكلها سمو الأمير لتعينه بالرأي والمشورة على توجيه السياسات العليا للدولة، مثل (المجلس الأعلى للدفاع، مجلس الأمن القومي، المجلس الأعلى لاستثمار احتياطي الدولة).

لكن هذا المجلس لم ير النور، وظل تفعيل المواد الخاصة بقيامه مؤجلاً (15) عاماً، وذلك لمتغيرات سياسية داخلية وإقليمية ودولية مرت بها دولة قطر إلى أن قرر سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ، أنه آن أوان تفعيل الاستحقاق الدستوري ، وذلك في خطاب سموه في افتتاح الدورة ال (46) لمجلس الشورى نوفمبر2017 م، فأمر باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه ، فصدر قانون للانتخابات حدد شروط وإجراءات التصويت والترشيح، مستمد من قانون الجنسية لعام 2005م، الذي يحصر حق المشاركة السياسية في القطريين (الأصليين ) دون القطريين ( المجنسين ).

 

 

من يحق لهم المشاركة السياسية (الحقوق السياسية) من القطريين؟

 

نص قانون الجنسية لعام 2005 م، في مادته الأولى، على أن القطريين أساساً هم:

 1- المتوطنون في قطر قبل عام 1930م، وحافظوا على إقامتهم حتى تاريخ العمل بقانون الجنسية لعام 1961م.

 2- من ثبت أنه من أصول قطرية.

 3- من ولد في قطر أو في الخارج لأب قطري (بموجب البنود السابقة).

جاء هذا القانون بديلاً لقانون الجنسية السابق لعام 1961م، وغير في المراكز القانونية لحاملي الجنسية القطرية بموجب القانون السابق، وترتب على ذلك تصنيف القطريين إلى فئتين:

 1- أصلي: يتمتع بالحقوق المدنية والسياسية فيحق له المشاركة في انتخابات المجلس: تصويتاً وترشيحاً.

 2- مجنس: يتمتع بالحقوق المدنية دون السياسية فلا يحق له المشاركة في هذه الانتخابات.

 

القانون الانتخابي المثير للجدل:

أجريت انتخابات مجلس الشورى، لأول مرة في تاريخ التجارب الشورية القطرية، وقال الشعب القطري كلمته في يوم تاريخي، واختار أول مجلس تشريعي منتخب، في إقبال جماهيري بلغت نسبته %63,5 صوتاً من جملة الناخبين المسجلين الذين يحق لهم المشاركة بحكم القانون، واختار ممثليه الـ (30) من بين (234) مرشحاً، منهم (28) مرشحة، وقد قسم القانون الانتخابي قطر إلى 30) ) دائرة انتخابية، على أساس أن لكل ناخب صوتاً واحداً، والفائز في كل دائرة من يحوز أكثر الأصوات .

لكن هذا القانون أثار جدلا عريضاً وساخناً في الساحة المجتمعية وكانت له أصداء خارجية، كونه قصر حق المشاركة على من جنسيته أصلية من المواطنين دون البقية الذين اعتبرهم القانون مجنسين، وهم أغلبية مواطنة بموجب القانون السابق لعام 1961م.

المدافعون عن القانون قالوا: كل قوانين الجنسية تفرق بين المواطن كامل الحقوق والمكتسب للجنسية في الحق السياسي، فهو ليس بدعاً بين القوانين الانتخابية في العالم، هذا صحيح لكن التشريع القطري يختلف عن التشريعات الدولية في (4) أمور:

أولاً: التشريع الانتخابي القطري حرم القطاع الأكبر من المواطنين (ثلثي المواطنين) حق المشاركة وهذا خلاف التشريعات الدولية.

ثانياً: قانون الجنسية الجديد لعام 2005م، والذي استمد منه القانون الانتخابي، لم يحدد أمداً للمجنس المحروم من المشاركة بعده يحق له المشاركة بل أطلقه، بينما التشريعات الأخرى تحدد مدة معينة بعدها يكتسب المجنس الحقوق السياسية.

ثالثاً: التشريع القطري أبد التجنيس في أولاد وأحفاد الأب المجنس بمعنى أن التجنيس أصبح متوارثا من الأب إلى الابن إلى الحفيد فنازلاً، مما دفع سمو الأمير، وقبل الانتخابات، يبادر وأصدر مرسوماً أدخل تعديلاً على القانون الانتخابي سمح بموجبه للمجنس بحق الانتخاب دون الترشيح إذا كان جده قطريًا، ومن مواليد قطر، رغبة من سموه بتوسيع دائرة هيئة الناخبين وإفساح المجال لمزيد من القطريين بالمشاركة (قانون رقم 6 لسنة 2021 في /2021/7/29)

رابعاً: أنه أعمل قانون الجنسية الصادر في عام 2005م، بأثر رجعي ل (45) عاماً، فطبقه على كافة من حصلوا على الجنسية القطرية، واكتسبوا مراكز قانونية ثابتة بموجب قانون الجنسية لعام 1961م، وهذا أمر لا نظير له في عالم التشريعات القانونية.

كان من تداعيات هذا القانون، أن قطاعاً مجتمعياً عريضاً من المواطنين حرم من المشاركة، ولجأ فئة من قبيلة (المرة) إلى (الاعتصام) احتجاجا على القانون الانتخابي الذي أقصاهم من حق المشاركة، وهم يعتقدون أنهم قطريون أصليون يحق لهم المشاركة بموجب قانون الجنسية لعام 1961م.

ورغم أن هذا الاعتصام غير المسبوق في تاريخ قطر كان سلمياً ولم يستمر إلا أياماً معدودة، وظل حدثاً معزولاً لم يلق تجاوباً من المجتمع القطري وإن كان قد ضخم خارجياً عبر مقاطع فيديو أظهرت تجاوزات بعض المعتصمين الأعراف القطرية والنظام العام إلا أن الحكومة القطرية آثرت الحكمة وعالجت الموقف بالحسنى وتم فض الاعتصام بدون عنف ولا قوة.

نظرة تقييمية لتجربة مجلس الشورى القطري:

من المبكر إصدار حكم تقييمي للتجربة الشورية القطرية قبل إكمال مدته المقررة بأربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، لكن من المهم طرح تساؤلات حول طبيعة تكوين المجلس واختصاصاته، وكذلك حول دوافع المشرع القطري في القانون الذي نظم عملية الانتخابات وقسم قطر إلى (30) انتخابية، والمعيار المعتمد في تسجيل الناخبين وأسماء المرشحين في كل دائرة انتخابية.

أولاً: اختلاف التجربة القطرية عن التجربتين: الكويتية والعمانية:

كما أسلفنا فإن نظام تكوين مجلس الشورى القطري والمتمثل في 30) ) عضواً منتخباً ، و (15) معيناً يختارهم سمو الامير، بمعنى أن المجلس يتكون من ( ثلثين ) منتخب و ( ثلث ) معين ، يختلف عن نظام تكوين ( مجلس الأمة ) الكويتي ، المنتخب بالكامل ، لكن الوزراء المعينين يشكلون ( الثلث ) كما اختلف عن نظام تكوين ( مجلس عمان )  المكون من مجلسين ، مجلس

لماذا اختلفت التجربة الديمقراطية القطرية عن التجربتين: الكويتية والعمانية؟

أتصور أن ذلك يرجع إلى:

1- التجارب الديمقراطية للمجتمعات ليست مسطرة واحدة ، فالمجتمعات تختلف ثقافياً وتاريخياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وموقعاً جغرافيا وجيو سياسياً كما وضحه بحق المفكر الكويتي الدكتور محمد الرميحي في مقاله القيم (الانتخابات القطرية)

2- إذا كان للموقع الجغرافي للدولة من تأثير، فإن دولة قطر بحكم موقعها الجغرافي الوسطي في الخليج تمثل الوسطية السياسية، ومن هنا كان حرص المشرع الدستوري على أن تتسم التجربة الشورية القطرية بالوسطية، لا إفراط ولا تفريط ، بمعنى لا إفراط في رقابة سياسية معوقة للتنمية، ولا تفريط في حزم الرقابة على وزارات الدولة وأجهزتها التنفيذية ومكافحة الفساد ، لذلك حرص المشرع الدستوري على تحديد نطاق رقابة المجلس بوزارات الدولة  والأجهزة المتفرعة منها، ولا تمتد إلى الهيئات والأجهزة الخاصة التي يشكلها سمو الأمير لتعينه بالرأي والمشورة على توجيه السياسات العليا للدولة مثل ( المجلس الأعلى للدفاع ، ومجلس الأمن القومي ،  والمجلس الأعلى لاستثمار احتياطي الدولة)

 

ثانياً: لماذا حرص المشرع القطري على أن يكون (ثلث) المجلس بالتعيين؟

يملك سمو الأمير تعيين (15) عضواً، والهدف تطعيم المجلس بالكفاءات والخبرات المتنوعة من الجنسين خاصة الذين لن تتاح لهم فرصة الوصول إلى المجلس بالانتخابات، وفِي ذلك ارتقاء بكفاءة عمل المجلس، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تحقيقا لعدالة تمثيل مكونات مجتمعية لا تتمكن من الوصول إلى المجلس بالأسلوب الانتخابي، وهذا ما حصل، فإن المرشحات الـ (28 ) من النساء، خضن السباق الانتخابي بجدارة ولم تفز واحدة، رغم كثافة الحضور النسائي الذي آثر المرشحين الرجال  بسبب هيمنة ( القبلية ) على تركيبة المجتمع، فشمل سمو الأمير بكرمة فعين كفاءتين نسائيتين .

ثالثاً: كيف هندس المشرع القطري الوضع الانتخابي؟

لقد كانت دوافع المشرع القطري في إصدار قانون ينظم انتخابات مجلس الشورى، هندسة الوضع الانتخابي بما يؤدي إلى قيام مجلس تشريعي رقابي يساهم في تطوير التشريع، ويراقب سلامة الأداء الحكومي، ويعين الدولة بالرأي والمشورة بما يؤدي إلى الإسراع بعملية التنمية، لم يكن يريده مجلساً مأزومًا  يناطح الحكومة ويعطل التنمية لحساب مصالح ضيقة قبلية أو طائفية  أو فئوية استخلاصاً لدروس تجارب ديمقراطية خليجية أخرى، لذلك حرص على الحيلولة دون هيمنة مكون مجتمعي واحد على المجلس ، فيتحكم في مصير الشعب والدولة والوطن ويساوم على حساب المصلحة العامة ومن هنا عمد المشرع إلى تحقيق هذه الغاية عبر أسلوبين :

 1- تصنيف المواطنين إلى فئتين، من يحق لهم المشاركة وهم الأقل ومن لا يحق لهم وهم الأكثر بموجب قانون الجنسية لعام2005 م، المشار إليه سابقاً.

أدى تطبيق هذا القانون إلى تضييق هيئة الناخبين الذين يحق لهم المشاركة، وهذا هو الجانب السلبي في هذه التجربة كونه خالف المبدأ الديمقراطي القاضي بتوسيع قاعدة المشاركة العامة للمواطنين، فكلما كان الانتخاب عاماً مستوعباً لكافة المكونات المجتمعية المواطنة كان النظام السياسي أقرب إلى الشورى العامة والديمقراطية، والآية (وشاورهم في الأمر) عامة موسعة لدائرة المشاركة.

قد يقال: هذا تنظير سليم للمبدأ الديمقراطي، لكن للمشرع اعتبارات أخرى تتعلق بدواعي الأمن والمصالح العليا للدولة والوطن، يغلبها على مقتضيات الديمقراطية، هذا صحيح، وأنا أتفهم هذه الاعتبارات وأقدرها، ومع ذلك لا ينبغي أن تحول دون استيعاب جميع المواطنين في العملية الديمقراطية عبر خطوات تدريجية كما فعل سمو بإدخاله التعديل التشريعي الذي سمح للمجنس بالمشاركة شريطة أن يكون جده قطرياً ومولوداً في قطر. هذه خطوة إيجابية من سموه نرجو أن تتلوها خطوات أخرى يتم إدخالها على القانون المثير للجدل لتوسيع قاعدة المشاركة.

إن القطريين يتطلعون إلى تعديل قانون الجنسية لعام  2005م، بما يمنحهم حق المشاركة السياسية ويفسح المحال لأغلبية المواطنين بالانخراط في العملية الديمقراطية ، لهذا واستجابة لنبض الشعب القطري، ووأداً للفتنة العصبوية ( القبلية )، وتعزيزاً للمواطنة القطرية المتساوية ،بادر سموه في خطاب افتتاحه لدور الانعقاد الأول  لمجلس الشورى القطري المنتخب إلى تبشير القطريين بأنه أصدر تعليماته إلى مجلس الوزراء للعمل على إعداد التعديلات القانونية اللازمة التي تضمن تحقيق هذه الغاية ( المواطنة المتساوية)، ومن ثم عرضها على مجلس الشورى، مشيراً إلى أن التشريعات مرهونة بزمنها، وهي نتاج مرحلتها التاريخية المواكبة للتطور الاجتماعي ( إشارة إلى قانون الجنسية المثير للجدل) وقد لاحظ المراقبون في خطاب سموه الأول أمام المجلس الجديد، إشادته بــ ( القبيلة والعائلة الممتدة والأسرة ) مكونات مجتمعية عزيزة، وشجبه لـ ( القبلية) وكافة العصبويات البغيضة المسخرة للهدم والفوضى والمهددة للوحدة الوطنية والمعلمة للأوطان .

 2-هندسة توزيع الدوائر ومقارها الانتخابية باعتماد معايير متعددة تؤدي إلى تشتيت الأصوات الانتخابية وتفتيت التكتلات العصبوية سواء القبلية أو الطائفية أو العائلية، وكذلك فيما يتعلق باختيار المرشحين.

 

أخيراً: يبقى أن أضيف أن مجلس الشورى القطري بصيغته المعاصرة، انحاز إلى ترجيح الرأي الفقهي القائل:

 

 1- إن الشورى قاعدة واجبة في نظام الحكم.

 2- إن الشورى ملزمة، بمعنى أن الرأي الذي يحوز % 51 يكون راًجحاً تلتزم به الحكومة

 3- إن الشورى حق لجميع المواطنين المستحقين قانوناً.

 4- المرأة المواطنة من أهل الولاية وهي من أهل الشورى ومن حقها أن تشارك في الانتخاب وأن تترشح لعضوية المجلس كالرجل تمامًا.

وهي قضايا جدلية عالقة في الفكر السياسي الإسلامي.

جاء الدستور الدائم ليفعل الشورى الإسلامية ويجسدها في صيغة عصرية تجمع بين (الأصالة) في أسسها وقيمها وأهدافها وروحها انطلاقاً من تعاليم الإسلام السامية، و (المعاصرة) في آلياتها ووسائلها ومظاهرها ونظمها.

ويبقى تساؤل:

لماذا فضلت قطر تسمية مجلسها النيابي باسم مجلس الشورى دون غيره من التسميات المعاصرة؟

أتصور ذلك، اعتزازاً بأصالة الشورى في التاريخ الإسلامي، وتمسكاً باسم الشورى الوارد في القرآن الكريم، وتفعيلاً للشورى قاعدة أساسية في نظام الحكم.

ختاماً: آمال القطريين ومراهناتهم على المجلس الجديد كبيرة، يريدونه مجلساً فعالاً لاختصاصاته التشريعية والرقابية، معيناً للحكومة في خططها التنموية، داعماً لعلاقات قطر بشقيقاتها الخليجية والعربية والإسلامية وفي دورها الدولي الإيجابي، يريدونه مجلساً حازماً في محاربة الفساد وفِي إدخال تعديلات تشريعية على كثير من التشريعات محل الشكوى بخاصة قانون الإسكان وقانون الجنسية لعام 2005م، بما يضمن لأبناء المجنسين أرضاً أو مسكناً وبما يمنحهم حق المشاركة في انتخابات مجلس الشورى القادم.

ويبقى أن أقول: لا أستطيع أن أصدر حكماً عادلاً على أداء المجلس في المرحلة الحالية، لكن المجلس نجح في إنجاز قانون التأمينات الاجتماعية سواء للمدنيين أو العسكريين، وقد تم تنفيذه والحمد لله، وقد كان هذا القانون أحد مطالب المواطنين.

ماذا عن المستقبل؟

وأما عن المستقبل وتطوير اختصاصات المجلس ودوره التشريعي والرقابي فهذا رهن بما يحققه المجلس وينجح فيه في وقتنا الحاضر، ويحظى بثقة الدولة والمجتمع.

لندع المجلس يكمل مدته مع تمنياتي لأعضائه النواب المحترمين الذين لا تنقصهم الحماسة والإخلاص أن يعينهم العلي القدير في مهامهم الثقيلة ويسدد خطواتهم، فهم يبدؤون تجربة برلمانية جديدة، وسيرسون تقاليد برلمانية جديدة تكون مرجعاً لمن يأتي مستقبلا من النواب بإذنه تعالى.

مقالات لنفس الكاتب