array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 178

دول الخليج تواجه تغير المناخ والاحتباس بتحويل الطاقة الأحفورية إلى طاقة مستدامة

الأربعاء، 28 أيلول/سبتمبر 2022

يتطلع العالم في الوقت الحاضر إلى أفضل النتائج الاقتصادية وتطوير المسارات الخاصة بالمعادلة البترولية من عدة زوايا واعتبارات بيئية واقتصادية، ومن ثم رسم سياسات اقتصادية عالمية جديدة وفقًا للمستجدات البيئية فطبع الحياة التغيير، لهذا فالمعادلة العلمية الحقيقية الصعبة هي معادلة المناخ وكيفية استخدام كل ما يبعد عن التلوث وكل ما يعيد للطبيعة توازنها وبالتالي تتحول المنافسات الاقتصادية والصراعات إلى انتعاش اقتصادي عالمي كي نبتعد عن مرحلة الانكماش التي قد تؤدى بالضرورة إلى الكساد العالمي وهذا ما يجب تفاديه.

وإن كنا في مرحلة ما قد نصل إلى الانكماش الاقتصادي العالمي، لعدة مسببات منها الطبيعية ومنها البشرية، فالحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة كرونا العالمية والتغير المناخي، فهناك مناطق شديدة الحرارة ومناطق شديدة الجفاف وأخرى فيضانات قد تصل إلى حد الفيضانات المدارية بسبب تغير المناخ والاحتباس الحراري والانبعاثات الكربونية الضارة لعدة أسباب، مما ينتج عنها تبعات سلبية مؤثرة على الاقتصاد العالمي.

ونرى الالتزام بالبنية التحتية الخضراء والشاملة والمرنة والمستدامة اقتصاديًا، أمرًا في غاية الأهمية للبقاء، والحياة في محيط بيئي خالي من التلوث قدر المستطاع.

من هذا المنطلق نراه الواجهة الصحيحة للتمتع بالانتعاش الاقتصادي العالمي والسير تجاه المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة عالميًا بحلول عام 2030 -2060م، بالإضافة إلى أنه من الأهمية أن نتحول نحو جيل جديد من المشاريع العملاقة والسياسات التنموية المحافظة على البيئة في ظل الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

إن تعزيز الاقتصاد الأخضر المستدام الخالي من الانبعاثات الضارة، وادارة الموارد الطبيعية والاحتياجات التنموية، في ظل التحديات والمخاطر التي في الأفق بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات حرارة الأرض، ومنعًا لتخطى درجات الأمان خوفًا وتحسبًا لتعرض العالم للجفاف وذوبان الجليد وغيرها من الكوارث الطبيعية التي بدورها تؤثر سلبًا على جميع الأحوال وتضر بحياة ومصالح سكان الأرض، الذي هو بدوره يحافظ على الاقتصاد العالمي ويحد من الانكماش الاقتصادي.

وتأتى العلاقة الوثيقة بين المعادلات البترولية والمنافسات الاقتصادية، وتغير المناخ إذا ما طلبنا الوصول للانتعاش الاقتصادي العالمي فعلينا التوجه نحو التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر.

إن معادلة البترول العالمية من منظور بيئي نظرًا لتغير المناخ ووفقًا للإحصائيات التي تشير إلى أهمية وحتمية خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم بنسبة تتراوح بين 25% و50% من الانبعاثات الغازية لطبقة الأوزون التي نتج عنها ظاهرة الاحتباس الحراري، فعلينا أن نسير في المسار الصحيح، ونقلل نسب التلوث ونلتزم بما جاء في اتفاق باريس عام 2015م، بشأن تغير المناخ والذي ينص على حصر الاحترار العالمي، ما بين حدود 1,5-2 درجة مئوية.

وقد نصت اتفاقية الأمم المتحدة والتي تعرف بالاتفاقية الأم، للحد من التدخل البشرى للمناخ عام 1992 ثم 1995م، في برلين وبرتوكول كيوتو 1997م، ثم مؤتمر باريس للمناخ 2015م، ثم قمة جلاسكو في 2021م، لينص البند السابع من الاتفاقية الأم التي تشرف عليها الأمم المتحدة، على تبنى السياسات والمؤتمرات والتنفيذ الفعال للاتفاقيات والتنسيق وفقًا لتقارير الدول عن البيئة، وهو يعرف بمؤتمر الأطراف الذي يبلغ عدد أعضائه مائة وسبعة وتسعون عضوًا، ويعقد سنويًا وللمؤتمر أمانته العامة للتنسيق بين الدول ومكتب تنفيذي يستلم تقارير الدول عن أدائها المناخي "البصمة المناخية " وذلك للعمل على تحسين الوضع المناخي العالمي.

  وبالمقارنة الإحصائية لتقارير البيئة والمناخ التابعة للأمم المتحدة في تقاريرها السنوية عن البيئة، وبالمقارنة بين عصر ما قبل الصناعة وعصر الثورة الصناعية والتطور الحديث واستخدام البترول الأحفوري ووسائل النقل وغيرها من عوامل، توضح أن نسب التلوث والاحتباس الحراري للكرة الأرضية  أدى إلى تغير المناخ و تبعاته و خطورته الاقتصادية، حيث تؤكد ما يفيد أن الدول المتقدمة لها نصيب الأسد من إحداث التلوث وفقًا لتقارير الأمم المتحدة  تزيد عن 79% لهذا التحول المناخي الذي تشهده الكرة الأرضية، إذا ما قورن بالدولة النامية ونسب التسبب في التلوث والتغير المناخي العالمي، لذلك تعتزم الأمم المتحدة أداء دورها في هذا الخصوص، فهي تتعهد في خطتها للمناخ بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050م، مع استهداف مستوى من الانبعاثات لعام 2030م، يتم إعلانه قريبًا.

إن إتباع سياسات الاقتصاد التنافسي والمعادلة البترولية معادلة اقتصادية في المقام الأول، ونرى أن أبجديات الاقتصاد المعروفة لدى الجميع هي اختيار المصلحة الأعلى، وإذا كان الاقتصاد أيضًا، هي تلك الجداول والإحصائيات والمؤشرات، فجميع ما سبق من مؤشرات وجداول وإحصائيات تؤكد على أهمية وعلاقة المناخ وتغيراته بخريطة العالم الاقتصادية في الوقت الحاضر.

لذا فالمصلحة الاقتصادية الأعلى عالميًا لجميع سكان كوكب الأرض، تحثنا على الالتزام بآليات السياسات الاقتصادية الخضراء والتوجه نحو اقتصاد مستدام محافظ على البيئة، هذا ما نراه ووضحته التقارير الرسمية عن نسب الانبعاثات المحتبسة في الغلاف الجوي، أثناء جائحة كرونا وفترات الإغلاق التي شهدها العالم ما نتج عنه انخفاض نسب الانبعاثات الكربونية، هذا مما يبشر باستجابة وإمكانية تقليل الانبعاثات الضارة والمؤثرة في تغير المناخ.

 فالاقتصاد الأخضر، والتصدي للتحديات والصعوبات التي تسبب فيها الإنسان، نرى على الإنسان أن يتحدى نفسه ويستجيب للتغيرات التي فرضتها عليه التغيرات المناخية، وليقلل من تركيز الغازات والانبعاثات الكربونية الضارة التي لا مجال للشك في كونها حقيقة علمية تجتاح العالم في الوقت الحالي، والتهاون بها قد يؤدى إلى كوارث طبيعية حفظنا الله منها جميعًا.

علينا الأخذ بالأسباب والتطور العلمي والتقني والاستفادة من العلماء في هذا المجال ونوصي بأهمية دور علماء البيولوجي والاستفادة من علمهم وتخصصاتهم وخبراتهم في هذا الصدد، والعمل على تفعيل وتنفيذ ما جاء في اتفاقية مؤتمر باريس للمناخ عام 2015م، مع التزام الدول الكبرى بتخصيص الأموال اللازمة لدعم الدول النامية للتصدي لظاهرة الاحتباس الحراري وللحد من التغيرات المناخية واستخدام الطاقة النظيفة وتقنياتها، وهو أمر يتطلب العديد من الإجراءات والنفقات السنوية لدعم الدول النامية التي تتحمل تبعيات وأعباء الاحتباس الحراري وتحدياته الاقتصادية.

ومما استرعى انتباهنا آليات تنفيذ دول مجلس التعاون الخليجي للحد من ظاهرة تغير المناخ والحد من الاحتباس الحراري باستخدام الطاقة النظيفة والمتجددة وتطويع مصادر الطاقة الأحفورية بتقنيات حديثة لتحويلها إلى طاقة مستدامة، وهو دور هام نظرًا لدورها الفعال وموقعها الاستراتيجي الهام في محيطها الإقليمي والدولي ورؤية دول مجلس التعاون الخليجي للتكامل الإقليمي والدولي 2030-2060م، للتصدي للتغير المناخي، والعمل على ذلك التكامل بين القادة والشعوب.

 وتأتى أهمية  مبادرات  سمو ولى عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان "السعودية الخضراء" مساهمة في حماية البيئة ومبادرة "الطاقة" للحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة وهو دور ريادي عالمي كما أن مبادرة زراعة خمسين مليار شجرة بالمملكة العربية السعودية والشرق الأوسط، هو أمر إيجابي وهام ويساهم في التقليل من نسب الانبعاث الحراري ويحد منه، ومبادرة الحد وانخفاض الانبعاث الكربوني وترشيد استخدام الطاقة ورفع كفاءات الإنتاج، كذلك الاستثمار في مجال مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة منها الاستثمار في مجال الطاقة الهيدروجينية.

وجميل أن نرى الرياض العاصمة، واحدة من أكثر المدن استدامة عالميًا، والعناية بالمحميات والمحميات الطبيعية ونعلم أهميتها بيئيًا، وتحول الكثير من المناطق بالمملكة إلى مناطق محمية، لتصل نسب المحميات إلى حوالي 30% من إجمالي مساحة المملكة، ومن خلال نهج الاقتصاد الدائم تطمح المملكة العربية السعودية إلى الوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060م، ليعد هذا بمثابة الرئة الجديدة والمتجددة لبيئة خالية من التلوث.

 فزيادة المساحات الخضراء وحماية الغابات واكتشاف مصادر للمياه جديدة وتعديل سلوك الفرد ومفهومه لحماية البيئة ومشاركة المجتمع الدولي للتنمية المستدامة.

 جميع ذلك من الأسباب التي تساهم في نشر الوعي البيئي وإدراك مدى الخطورة التي نحن جميعًا بصددها من جراء الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

 كما نرى أن السلوك المجتمعي كي يتم تعديله، لابد له من اتباع خطوات عملية لمواجهة التحديات، ومن هذه الخطوات سن القوانين البيئية والعقوبات أيضًا وفى المقابل نحتاج الى أدوات تحفيز تشجيعية تعطى الأمل وترقى بسلوك الأفراد السلبي لتحوله إلى سلوك إيجابي واعٍ، فالمساهمات المجتمعية أمر هام للحد من التلوث ومحاولة لتأمين كوكب الأرض بكل السبل الآمنة الخضراء، وهو دور أساسي لرفع درجة الوعي البيئي للسكان، فأكثر حصة في التلوث والاحتباس الحراري تأتى من قطاع السكن في   البصمة البيئية.

 فبين فرد متسبب  بنسب في التلوث من جراء سلوكه الاستهلاكي أو نمط معيشته  وفرد آخر غير ذلك، فالجميع  يقع عليه الضرر، وبين التغير المناخي وتبعاته وكوارثه الطبيعية وبين أزمة الغاز التي تلوح في الأفق ومؤشرات تغير أنماط قد تستحدث للسكان خاصة في أوروبا من جراء نقص الوقود والطاقة وهربًا من شتاء قارص دون تدفئة إلى وجهات سياحية لبلاد أقل برودة للاستفادة بمناخها المعتدل وانخفاض التكاليف الإضافية في وجهتهم السياحية لنرى استحداث نمط سكاني وسياحي تسببت معادلة الطاقة في تغيير حياتهم المعيشية على سبيل المثال تحولهم لقضاء فصل الشتاء خارج أوطانهم واستخدام الشبكة العنكبوتية لمباشرة أعمالهم من المنزل والقيام بحجوزات سياحية طويلة الأجل قد تصل عدد الليالي السياحية فيها  إلى 42 ليلة سياحية، في فندق نصف إقامة يتوقع تكلفة الإقامة فيه حوالى 1644 يورو فقط، وهذا ما تؤكده  تصريحات مكتب منظمة السياحة العالمية بمقره الأوروبي بجنيف .

فكأن المعادلة البترولية مع السياسات الاقتصادية أثرت على الفرد والمجتمع على سبيل المثال السابق في أوروبا ومحاولة السكان التكيف مع مجريات الأمور، فإذا كانت تقارير خبراء السياحة تؤكد على أن مبادرة جلاسكو للمناخ يشتمل على أن النشاط السياحي شريك أساسي لحماية البيئة والمناخ.

 فإن تصريحات منظمة السياحة العالمية تؤكد على أن صناعة السياحة واحدة من أكبر الصناعات في العالم، وتضخ 8.3 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي (10.4 % من الناتج المحلى الإجمالي العالمي) إن قطاع السياحة خاصة صناعة النقل السياحي، يمثل نسب تلوث وانبعاثات كربونية فلا بد من تداركها واتباع المرونة الاقتصادية والاقتصاد الأخضر. 

فإذا كان هذا ما تحققه وفى نفس الوقت تشارك في نسب التلوث العالمي والانبعاثات كما نواجهها مع قطاع الطاقة، لذلك وجب علينا تغيير المسار الاقتصادي والتحول للاستدامة مع حلول عام 2060م، لتفادي خطورة الانبعاثات من هذا القطاع، فما بالنا إذا كانت الأمور تتعلق بكوارث طبيعية مناخية لسكان كوكب الأرض كلهم.

لذلك نرى أن المعادلة الاقتصادية لابد لها من وقفة انتباه.

 خاصة وأن لدينا الفرصة الآن لتقديم الحلول العلمية والعملية، لمواجهة التغيرات المناخية ومخاطرها التي قد يتعرض لها العالم، حماية لكوكب الأرض من كارثة مناخية سلّمنا الله منها جميعًا.

 ولأن التحديات والصعوبات لابد لها من حوار وأليات تنفيذ عالمي ملزمة دوليًا،  تم الاتفاق على أن تستضيف مصر مؤتمر المناخ القادم، المقرر انعقاده في مدينة شرم الشيخ في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر المقبل 2022م، لتعزيز عمل المناخ والحفاظ على عدم زيادة الانبعاثات الضارة، واتخاذ خطوات جادة نحو التنمية الخضراء المستدامة ودعم الطاقات النظيفة الجديدة والمتجددة، والعمل على إنشاء المدن الذكية والمستدامة، حيث تتخذ مصر عدة استراتيجيات للحد من التغيرات المناخية كما هو في مشروع السندات الخضراء، لمواجهة التحديات المناخية للقارة الإفريقية والعالم، وتدعو مصر من خلال المؤتمر تنفيذ اتفاقية باريس، والالتزام بتمويل الدول النامية ماليًا وتقنيًا وفقًا للتعاون الدولي ونقل التكنولوجيا للدول النامية وبناء القدرات للتصدي لمشكلة التغير المناخي في إطار التوازن البيئي، وهو دور فعال ومؤثر نحو اقتصاد أخضر يقوم به شركاء التنمية المتمثل في الوطن العربي خاصة دول الخليج ومصر مشاركة تنموية فعالة لها أهميتها وثقلها في منطقة الشرق الأوسط.

 تجاه هذا الأمر الجلل تأتى أهمية تحويل السياسات الاقتصادية المتعارف عليها في السابق إلى اقتصاد مستدام أخضر خالي من التلوث، مستخدمين في هذا العلم والعمل المشترك والالتزام بالدعم المادي والتقني للدول النامية التي يقع على عاتقها تبعات مناخية واقتصادية تنافسية أضرت بها وبشعوبها بشكل مباشر وغير مباشر، فجميعنا في قارب واحد، وعلى الجميع المشاركة في الحل وتخطي الصعوبات والوصول إلى الحياد الصفري للانبعاثات الكربونية بحلول عام 2060، ووضع خريطة اقتصادية مستدامة محليًا ودوليًا يلتزم بها الجميع، فلا شيء يستطيع أن يعفي الإنسان من أمانته ومسؤوليته تجاه كوكب الأرض.

والحكمة في الظاهرة المناخية يعلمها الله، ومع التكاتف العالمي للتصدي للتبعات المناخية، على أن تستمر الحياة للكل والتنافس الاقتصادي النافع للعالم كله دون استثناء.

 إن الرياح والشمس والمياه وتكنولوجيا الطاقة جميعها مصادر للطاقة النظيفة الخالية من التلوث ومتجددة واّمنة يحتاجها الإنسان لرفع معدلات التنمية ولا تسبب مشاكل مناخية.

 فالتوازن البيئي هو أساس الحياة وتنوع خيراتها ومصدر قوتها ومن ثم انتعاشها الاقتصادي، فالاختلال المناخي وتغيراته وتبعاته وأثره على العالم أجمع أحدث اعتبارات بيئية، نراها تشق طريقها لصنع سياسات اقتصادية جديدة خضراء ليسير على نهجها الجميع  لسلامة المناخ والاقتصاد العالمي.

مقالات لنفس الكاتب