array(1) { [0]=> object(stdClass)#12962 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 178

تقود دول الخليج المنطقة إلى تكتل ثالث محايد يجمع مصالح دوله ويضطرالقطاب لقبوله

الأربعاء، 28 أيلول/سبتمبر 2022

من المرجح أن تستفيد البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة عائدات التصدير، وتحسن أرصدة المعاملات الجارية وأرصدة المالية العامة، حيث تلعب صادرات الوقود دورًا بالغ الأهمية في  بلدان المنطقة، غير  أن التوقعات طويلة الأجل لأسعار النفط لا تزال منخفضة، مرتبطة في ذلك بالتحول طويل الأجل بعيدًا عن النفط، وبالتالي لا تزال التحديات طويلة الأمد المتمثلة في تراجع العائدات النفطية قائمة، وستواجه منشآت الأعمال والقطاع العائلي ارتفاعًا في  أسعار الطاقة والمواد الغذائية  حتى في البلدان المصدرة للنفط.

وبالتالي فإنه رغم هذه المكاسب المؤقتة، إلا أن تاريخ الحقبة البترولية منذ أواخر السبعينات حتى اليوم لا تنبؤ بأي درجة من الاستقرار في الأوضاع العالمية، وفي عوائد النفط، ولعل أهم درس تعلمناه خلال هذه الحقبة أن الاعتماد على عوائد النفط لا تبني اقتصادًا قويًا حتى لو حققت مستويات معيشة مرتفعة، لذلك فإن تمحيص مستقبل إمدادات النفط والطاقة والاستقرار العالمي، وانعكاساتها على اقتصادات دول مجلس التعاون على درجة كبيرة من الأهمية، ويعد مطلبًا أساسيًا لاستمرار مسيرة التنمية والتحول إلى اقتصادات متنوعة الهيكل، التي بدأتها دول مجلس التعاون مع بدايات العام 2016 م.

صدمات إمدادات الطاقة والغذاء

أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، مما ساهم في زيادة معدلات التضخم عالميًا، حيث تعد روسيا وأوكرانيا من مصدري السلع الأولية الرئيسية، وقد أدت الانقطاعات الناتجة عن الحرب والعقوبات التي طالت روسيا، إلى ارتفاع حاد في الأسعار العالمية، ولا سيما النفط والغاز الطبيعي، وسجلت أسعار الغذاء ارتفاعًا مفاجئًا أيضًا. فقد ارتفعت أسعار القمح إلى مستويات غير مسبوقة – حيث تمثل أوكرانيا وروسيا 30% من صادرات القمح العالمية. وقد تؤدي هذه التداعيات إلى استمرار التضخم العالمي لفترة أطول من المتوقع، وسيكون التأثير أكبر على الأرجح في البلدان منخفضة الدخل واقتصادات الأسواق الصاعدة حيث تمثل الأغذية والطاقة النسبة الأكبر من الاستهلاك (التي تصل إلى 50% في إفريقيا).، فضلاً عما تعانيه بعض الدول من مصاعب مالية، تنعكس في مجملها على الاقتصاد العالمي، وتستدعي مساعدات من الدول الغنية والمنظمات الدولية.

وعلى الرغم من أن الاقتصاد العالمي كله يتأثر بمستقبل النفط والغاز وإمدادات الطاقة، إلا أن دول مجلس التعاون لها وضعية خاصة، باعتبارها كتلة محورية في تلك الإمدادات على المستوى العالمي، من ناحية، وباعتبارها اقتصادات منتجة ومصدرة للنفظ والغاز، وتعتمد بشكل كبير على فوائض صادراتها النفطية، من ناحية أخرى.

وتتبنى دول مجلس التعاون رؤى مشتركة بشأن مستقبلها الاقتصادي، تتمثل في اعتماد استراتيجيات للتنمية تستهدف تنويع القاعدة الإنتاجية لتقليل الاعتماد على النفط والغاز، وقطاع الهيدروكربونات، وخلق مزيد من فرص العمل للسكان والقادمين الجدد، وبدأ ذلك منذ الانخفاض الكبير لأسعار النفط خلال الفترة 1998 – 1999 م، وتشدد هذه الخطط على زيادة الانتاجية ورفع القدرة التنافسية للاقتصادات الوطنية، وتشجيع بيئة الأعمال التي تساعد على تحقيق نمو مستدام، والتكامل بين دول المنطقة والاقتصاد العالمي.

وتميل المخاطر التي تكتنف آفاق الاقتصاد العالمي المتوقعة ميلاً واضحًا إلى جانب التطورات المعاكسة، فمن الممكن أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى توقف مفاجئ لواردات الغاز الأوروبية من روسيا، ومن الممكن أن يصبح تخفيض التضخم أصعب من المتوقع إما بسبب زيادة ضيق أسواق العمل عن المستوى المتوقع أو انفلات توقعات التضخم عن الركيزة المستهدفة في العديد من الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 وتشير توقعات معدلات نمو الاقتصادات العربية المصدرة للنفط للعام الجاري إلى نحو 5.6 % جراء الزيادات المسجلة في ناتج قطاعي النفط والغاز، وفيما يتعلق بعام 2023م، فمن المتوقع ارتفاع معدل نمو دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عام 2022م، ليصل إلى نحو 5.8%، مقابل 3.1 %  في عام 2021م، بفعل مجموعة العوامل الداعمة للنمو الاقتصادي في كل من القطاعات النفطية وغير النفطية، والتأثير الإيجابي للإصلاحات الاقتصادية الهادفة إلى زيادة مستويات التنويع الاقتصادي، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، علاوة على الاستمرار في تبني حزم للتحفيز داعمة للتعافي من جائحة كوفيد-19،  ومن المتوقع أن تستفيد دول المنطقة من الزيادات المقررة في كميات الإنتاج في إطار "اتفاق أوبك+"، ومن الارتفاع في الأسعار العالمية للنفط والغاز ( تقرير آفاق الاقتصاد العالمي في إبريل 2022صندوق النقد الدولي 2022 ).

عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي

بعد تعافٍ مبدئي في عام 2021م، شهد عام 2022م، تطورات تضفي على الاقتصاد العالمي أجواءً من القتامة المتزايدة، حيث بدأت المخاطر تتحقق على أرض الواقع. فانكمش الناتج العالمي في الربع الثاني من هذا العام، نتيجة لهبوط النشاط في الصين وروسيا، وتعرض الاقتصاد العالمي الضعيف في الأساس من جراء الجائحة، لعدة صدمات أخرى، إذ ارتفع التضخم عن المستوى المتوقع على مستوى العالم – وخاصة في الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الرئيسية – مما تسبب في تشديد الأوضاع المالية،  وتباطأ النشاط بصورة أسوأ من المتوقع في الصين، نتيجة لموجات تفشي  متحورات كوفيد-19 وعودة إجراءات الإغلاق العام.

 من ناحية أخرى بدأت تظهر تداعيات سلبية على أثر الحرب في أوكرانيا وفرض عقوبات اقتصادية ومالية وتجارية على روسيا، متمثلة في تعطيل سلاسل الإمدادات العالمية، وتكدس الموانئ ، وارتفاع أسعار المنتجات الغذائية، وقد ترتب على هذه العقوبات أن سجلت أسعار الطاقة ارتفاعًا مستمرًا منذ العام الماضي بسبب فرط الأعباء المفروضة على سلاسل الإمداد الذي أدى بدوره إلى إعاقة مسار التعافي من الجائحة، كذلك ارتفعت الأسعار العالمية للغذاء بنسبة 28% عام 2020 م، و23% عام 2021م،  كما سجلت زيادة حادة قدرها 17% هذا العام خلال الفترة ما بين فبراير ومارس فقط. (مجلة التمويل والتنمية، يونيو 2022 م، صندوق النقد الدولي)

وبناء على تقارير البنك الدولي، فقد شهد عدد البلدان التي فرضت قيوداً على تصدير المواد الغذائية زيادة كبيرة بلغت 25%، ليصل إجمالي عددها إلى 35 بلداً، وأظهرت أحدث البيانات أنه بنهاية شهر مارس الماضي، كان قد تم فرض 53 تدخلاً جديداً على صعيد السياسات يؤثر على تجارة المواد الغذائية -فرض 31 تدخلاً منها قيوداً على الصادرات، وتضمنت 9 تدخلات فرض قيود على صادرات القمح. ويُظهر التاريخ أن القيود من هذا النوع تحدث نتائج عكسية بأكثر الطرق مأساوية.

و على الرغم من السرعة التي فُرضت بها القيود على التصدير والاستيراد، فإنها ليست واسعة النطاق كما كانت قبل عقد من الزمان أو نحو ذلك. على سبيل المثال، تشمل القيود المفروضة على التصدير والاستيراد حالياً نحو 21% من حجم التجارة العالمية في القمح -أي أقل بكثير من النسبة في ذروة أزمة الغذاء في الفترة 2008-2011 م، التي بلغت 74%.  إلا أن الظروف مهيأة لدورة انتقامية قد يزيد فيها حجم القيود بسرعة.

وتشير التنبؤات الأساسية إلى تباطؤ النمو من 6,1% في العام الماضي إلى 3,2% في عام 2022م، بانخفاض قدره 0,4 نقطة مئوية عن توقعات تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي يعده صندوق النقد الدولي في إبريل 2022م. وتعكس التخفيضات الكبيرة في التوقعات تداعيات الحرب في أوكرانيا وتشديد السياسة النقدية، في الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وقد تم رفع توقعات التضخم العالمي بسبب أسعار الغذاء والطاقة فضلاً على اختلالات العرض والطلب التي لا تزال باقية.

جذور عدم الاستقرار في العلاقات الاقتصادية الدولية

كعادة التحولات الكبرى في التاريخ الاقتصادي، يلوح في الأفق انتهاء عصر الوفاق بين الغرب والشرق، وبدايات عدم الاستقرار العالمي. وفي إطار  المواجهة الصريحة بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة، والشرق من خلال تحالف يترسخ يومًا بعد يوم من الصين وروسيا، يمكن رصد عدد من مصادر عدم الاستقرار  في العلاقات الاقتصادية الدولية على النحو التالي:

  • بذوغ فجر عملاق اقتصادي قادم هو الصين، يقبع من حيث الحجم خلف الاقتصاد الأمريكي ويطارده، بل ومن المتوقع أن يعادله ويسبقه في منتصف القرن (2050).
  • أزمة ركود اقتصادي تسببت فيها جائحة كوفيد – 19 ولم يتم التغلب عليها كلية بعد.
  • وقبل أن يتغلب العالم على الكوفيد، داهمته اتجاهات تضخمية، ناشئة عن السياسات الاقتصادية التوسعية طوال سنتي الوباء.
  • اندلاع الغزو الروسي لأوكرانيا، وفرض الغرب عقوبات اقتصادية على روسيا، أسفرت عن تأجيج نيران التضخم العالمي، وتفجير أزمة غذاء عالمية جديدة، ومشاكل تواجه سلاسل الإمداد العالمية، ومع زيادة التكامل بين الأسواق، فُتح المجال لانتشار الصدمات الناجمة عن العقوبات عبر مختلف أجزاء الاقتصاد العالمي.
  • النزعة الإقيمية، أحد التطورات الأساسية التي لحقت بالعلاقات الاقتصادية الدولية في منتصف القرن العشرين والتي أخذت شكل تكتلات وترتيبات اقتصادية بين مجموعة من الدول تجمعهم روابط ومصالح مشتركة فيما بينهم، اقترنت بالطابع ُالإقليمي، واعتبرت من مظاهر العولمة الاقتصادية.
  • إنشاء تجمع البريكس، وهو ليس بين دول الجوار كما في حالة التكتلات الاقتصادية التي تتم تحت مظلة منظمة التجارة العالمية، ولكنه توجه يمثل تكتل اقتصادي في وجه الغرب ومحاولة لكسر احتكار مؤسسات بريتون وودز، ويجمع بين الصين وروسيا والهند والبرازيل، ثم توسع ليضم جنوب إفريقيا، وهناك محاولات لضم دول أخرى من الاقتصادات الناشئة.
  • لم يخضع اقتصاد في حجم روسيا منذ الثلاثينات لطائفة واسعة من القيود التجارية كتلك التي تم فرضها بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن روسيا تعد في الوقت الحالي من كبار مصدري النفط والحبوب وغيرهما من السلع الأولية.

وقد مثلت هذه التطورات المتلاحقة مصدرًا لعدم استقرا ر الاقتصاد العالمي، وأدت العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، إلى انعكاسات خطيرة على الغرب نفسه، وعلى باقي دول العالم،  وهددت بتجزؤ العالم إلى تكتلات اقتصادية متباينة،  وأدت إلى تصدعات في تحالفات تاريخية، تحت وطأة المصالح الداخلية، وخلقت صراعًا معلنًا بين الصين وروسيا في جانب والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في جانب آخر، وهو صراع من المبكر الحكم على نهاياته أو تباعاته، حيث يمثل العملاق الاقتصادي الصيني تهديدًا للنظام الاقتصادي القائم بلا شك، خاصة ما يتعلق بزعامة العالم إقتصاديًا، وإمكانية تفوق حجم الاقتصاد الصيني على الاقتصاد الأمريكي بحكم معدلات النمو الاقتصادي التي يحرزها الاقتصاد الصيني.

الوزن الاقتصادي النسبي للغرب في مواجهة الصين وروسيا عام 2021

البنك الدولي: مؤشرات التنمية في العالم

انعكاسات عدم الاستقرار العالمي على دول مجلس التعاون

ستخلق الظروف الحالية أطرًا جديدة لتعامل القوى الكبرى مع دول مجلس التعاون، وهي تسعى للوصول إلى حل يجنبها اخطار حرب باردة كانت أو اقتصادية، حيث من المتوقع أن تسعى القوى العظمى لبناء تحالفات ومجالات نفوذ مستقرة في هذه المنطقة، وبالتالي فإن تعامل تلك القوى معها، سيفرض نوعاً من التعاون ومراعاة المصالح المشتركة، خاصة في غياب التهديدات العسكرية أو الأيديولوجية تضر بمصالح دول المنطقة، وتستطيع في ظلها دول الصراع فرض شروط من جانب واحد.

كما ستفرض الأزمة مراعاة أكثر لمصالح الحلفاء في مجلس التعاون، لضمان المساندة، فإذا تم اختيار الاحتواء استراتيجية من قبل الغرب، للخروج من خطر الصراع مع الصين وروسيا، فإن التحالف مع الأصدقاء في الخليج، من أجل المصالح المشتركة، وهو تحالف يسعى له الطرفان، سيمثل أحد سياسات ضمان نجاح الاحتواء، لما تمثله المنطقة من ثقل في استقرار الاقتصاد العالمي، ويعطي مساحة أكبر لدول المنطقة لتحقيق مصالحها، ويمنح دول المنطقة فرصة وضع الشروط لضمان تحقيق المصالح، ورفض إملاء شروط التعاون.

 وربما تقود دول الخليج المنطقة العربية إلى نوع ثالث من التكتل، يمكن أن يتسم بسمات الحياد الإيجابي، تجمعهم المصالح المشتركة لأخد موقف الحياد وضمان مسافات متساوية بين القطبين الرئيسيين، وقد يضطر القطبان التسليم بذلك، حيث لم تعد أوراق الضغط بيدهم قوية، وإن بقيت المصالح أداة الجذب الرئيسة.

مجمل القول إن دول مجلس التعاون لم تعد متلقية للتوجهات من الخارج، كما كان الحال إبان تشكيل أسس العلاقات الاقتصادية الدولية المعاصرة في أربعينات القرن العشرين، فقد أصبحت أصحاب مصالح وتأثير على الاقتصاد العالمي، وصار بعضها رقمًا فاعلاً (حيث أصبحت السعودية على سبيل المثال تحتل مركزًا متقدمًا في اقتصادات مجموعة العشرين) وذات ثقل عند رسم استراتيجية الخروج من المواجهة، وذات صوت مسموع في أي مخرج يسفر عنه تجنب الصدام.

حاجة دول مجلس التعاون إلى مزيد من الاندماج في الاقتصاد العالمي

رغم ما ينتاب العالم من أزمات، ورغم عدم الاستقرار في العلاقات الاقتصادية الدولية ستظل اقتصادات دول مجلس التعاون في حاجة إلى مزيد من الانفتاح التجاري والاستثمارات الأجنبية حتى يمكن تحقيق هدف تنويع الاقتصادات الوطنية في مجلس التعاون الخليجي. 

وتعد دول مجلس التعاون الخليجي منفتحة على العالم من خلال تجارة السلع والخدمات، ولكنها أقل انفتاحاً بكثير للاستثمار الأجنبي المباشر، فهي تواصل التوسع في التجارة الخارجية، لكن التدفقات الداخلة من الاستثمار الأجنبي المباشر تباطأت في السنوات الأخيرة، رغم الجهود المبذولة على صعيد السياسات لتخفيض الحواجز الإدارية وتقديم حوافز لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، كذلك فإنه رغم أن التعريفات الجمركية تتسم بالانخفاض النسبي، لكن عدداً من الحواجز غير الجمركية لا يزال يعوق التجارة ولا تزال هناك قيود على ملكية الأجانب لمؤسسات الأعمال والعقارات.

ويمكن تحقيق تحسن كبير في أهداف رؤى التنمية 2030 بدول مجلس التعاون إذا تم سد الفجوات في مجالي التصدير والاستثمار الأجنبي المباشر. فمعظم البلدان يمكن أن تحقق دفعة أكبر للنمو من خلال سد فجوة الاستثمار الأجنبي المباشر – ليرتفع نصيب الفرد من نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي بمقدار يصل إلى نقطة مئوية واحدة. أما سد فجوة التصدير فيمكن أن يحقق زيادة إضافية في النمو تتراوح بين 0.2 و0.5 نقطة مئوية.( صندوق النقد الدولي التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي مفتاحان لتنويع الاقتصاد وتحقيق النمو في مجلس التعاون الخليجي ديسمبر 2018)

ويتعين وجود منظومة من السياسات الداعمة لإعطاء دفعة للصادرات غير النفطية وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، وتتمثل أولويات السياسات في النهوض برأس المال البشري، وزيادة الإنتاجية والتنافسية، وتحسين مناخ الأعمال، وتقليص الحواجز المتبقية أمام التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي.

وقد تضمنت استراتيجيات التنمية ورؤى 2030 في دول مجلس التعاون عددًا من العناصر التي ستساعد في التغلب على انعكاسات عليها جراء ما يمر به العالم من أزمات في النفط والغذاء وعدم الاستقرار، والقدرة على الاندماج في الاقتصاد العالمي ومن أهم هذه المجالات:

  • تنمية رأس المال البشري:الاستمرار في تنفيذ استثمارات ترفع جودة التعليم للنهوض بالمعرفة وتعزيز المهارات.
  • إصلاحات سوق العمل:استهداف تحسين الإنتاجية وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد غير النفطي.
  • الأطر القانونية:ضمان إمكانية التنبؤ بالأطر القانونية وتوفير الحماية اللازمة للمستثمرين. وينبغي أن تتضمن الجهود المبذولة في هذا الصدد تعزيز حماية المستثمرين أصحاب حصص الأقلية وتسوية النزاعات؛ وتنفيذ إجراءات لمكافحة الرشوة وتعزيز النزاهة.
  • إصلاحات مناخ الأعمال:التركيز على تحقيق تقدم أكبر في تخفيف القيود التي تفرضها القواعد التنظيمية على الملكية الأجنبية، وتعزيز حوكمة الشركات؛ والتركيز على إلغاء المزيد من الحواجز غير الجمركية على التجارة عن طريق التبسيط والتشغيل الآلي للإجراءات الحدودية، وتبسيط العمليات الإدارية المطلوبة لإصدار التصاريح.

جملة القول:

تقتضي مواجهة تحديات هذه الحقبة زيادة فعالية الجهود متعددة الأطراف، إذا ما أردنا بناء نظام اقتصادي مستقر، وهو ما قد يتطلب ابتكار آليات جديدة للتعاون المتبادل بين المؤسسات متعددة الأطراف ومختلف دول العالم لتحقيق المصالح الجماعية والمصالح الذاتية للبلدان  لمواكبة عصر أصبحت فيه الأزمات المالية ذات طبيعة عالمية.

ولتحقيق ذلك يجب أن تتمثل أهم الأولويات في استيعاب عالم متعدد الأقطاب دون أن يصبح أكثر استقطابًا، فمن شأن وجود عالم أكثر استقطاباً وتشتتاً أن يؤدي في نهاية المطاف إلى إضعاف جميع البلدان، بما في ذلك البلدان الكبرى، ويجعل من الصعب تحقيق المصالح التي تشترك فيها البشرية في عالم مزدهر، يشمل الجميع ويحقق لهم الإنصاف (مجلة التمويل والتنمية، يونيو 2022 صندوق النقد الدولي) 

وأخيرًا فإن  الاقتصادات الخليجية بطبيعتها لا تقوم على التنوع في الموارد، لذا فإن الانفتاح على العالم الخارجي سيظل خيارًا استراتيجيًا،  يمكنها من التغلب على هذه القيود ، ويساعد على تحقيق نمو مستمر بمعدلات أعلى وبصورة أكثر شمولاً لكل شرائح المجتمع، وذلك بتحسين توزيع الموارد عبر القطاعات والمنتجين، وخلق الوظائف، ونشر التكنولوجيا، وتشجيع المعرفة، وتهيئة مناخ أكثر تنافسية لمزاولة العمل التجاري، ورفع مستوى الإنتاجية.

مقالات لنفس الكاتب