array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 178

زيادة إنتاج نفط "أوبك" علنًا أو ضمنيًا لإعادة توازن إمدادات الطاقة

الأربعاء، 28 أيلول/سبتمبر 2022

تسببت الحرب الروسية على أوكرانيا، المستمرة منذ قرابة سبعة أشهر وحتى الآن، ليس فقط في تغييرات جذرية لنمط الجغرافيا السياسية لمنطقة "يورو آسيا"، بل أيضًا في إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية العالمية للطاقة، وسوف نتناول النقاط التالية في هذا الموضوع:

 

  1. تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية على قطاع الطاقة الروسي

 

 في أعقاب اندلاع الغزو الروسي العسكري على أوكرانيا، سارعت كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا، ودول أخرى، إلى الإعلان تباعًا عن فرض عقوبات اقتصادية ضد روسيا، شملت وقف استيراد النفط الروسي، كما قررت الحكومة الألمانية تعليق عملية الموافقة على مشروع "نورد ستريم 2 " للغاز. وقد ساهمت هذه العوامل مجتمعة، في تراجع النمو الاقتصادي والناتج الصناعي الروسي، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة. واستهدفت العقوبات الأمريكية والأوروبية على روسيا أيضًا قطع علاقات موسكو المتعددة مع النظام المالي العالمي، إلى جانب تقييد إمكانية نفاذها إلى شبكات النقل واللوجستيات الدولية. في المقابل، علقت موسكو تصدير الغاز إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بولندا وبلغاريا. ونظرًا إلى أن عائدات مبيعات النفط والغاز تمثل أكثر من 40 % من ميزانية الفيدرالية الروسية، فضلاً عن مكانة أوروبا كسوق رئيسي للغاز الطبيعي الروسي، فإن حجم الضرر الواقع على الاقتصاد الروسي جراء قرار تعليق إمدادات الغاز سيكون بالغًا، ذلك إلى جانب، تراجع حجم الإنتاج الروسي من النفط الخام تحت ضغط العقوبات الغربية.

 

وفي سبيل احتواء الأزمة، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عددًا من التشريعات، ووجه بزيادة طارئة في مدفوعات المتقاعدين، وموظفي الحكومة، والفقراء، من أجل تعويضهم عن الأضرار المترتبة على التضخم المتزايد. كما دعم الرئيس الروسي منح الشركات المتضررة من العقوبات قروضًا مدعومة حكوميًا. وتعكف موسكو حاليًا على تطوير حزمة إنقاذ اقتصادي بقيمة عشرات المليارات من الدولارات، لتخفيف وطأة العقوبات الغربية وحماية المواطنين الروس من التداعيات المالية للحرب، وتستهدف هذه التدابير مساعدة الأفراد والشركات المتعثرة.

 

  1. تداعيات الحرب الروسية -الأوكرانية على الوضع الطاقي لدول أوروبا

 

أعلن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات ضد روسيا، فيما اقترحت المفوضية الأوروبية توقف أعضاء الاتحاد الأوروبي-والبالغ عددهم 27 عضوًا-عن استيراد النفط الخام الروسي بحلول نهاية العام، وحظر شراء النفط الروسي المكرر بنهاية العام الجاري أيضًا. وتعتمد أوروبا بشكل كبير على وارداتها من الطاقة الروسية، حيث تستورد نحو 60 % من النفط الخام الروسي. وتعد ألمانيا-الاقتصاد الأكبر أوروبيًا-أكبر مشتر لصادرات الغاز الروسية، فيما تجاوزت نسبة وارداتها من النفط والغاز الروسيين أكثر من الثلث خلال عام 2021م، ومن ثم يمكن وصف العقوبات الأوروبية على روسيا بأنها "نصر باهظ الثمن".

 

وقد أدى اعتماد كل من موسكو وبروكسل على الطاقة إلى وضع العقوبات الأوروبية ضد الجانب الروسي في مأزق. فعلى الرغم من إعلان الاتحاد الأوروبي أنه سيحذو حذو واشنطن بشأن إقصاء عدد من البنوك الروسية من نظام "سويفت " المصرفي الدولي، إلا أن قائمة العقوبات المعلنة من قبل المفوضية الأوروبية لم تتضمن "سيبربنك" و"غازبروم"، وهما يمثلان قناتي الدفع الرئيسية لتجارة النفط والغاز الأوروبية-الروسية.

 

وكإجراء مضاد، أطلقت موسكو خطة من أجل تسوية تعاملاتها التجارية بالروبل الروسي عند توريد الغاز الطبيعي لبعض الدول “غير الصديقة" داخل أوروبا، إلا أن ذلك قوبل بالرفض من الدول الأوروبية، ووصل الجانبان إلى طريق مسدود بشأن آلية الدفع. فقد أثرت الحرب الأوكرانية سلبًا على علاقات الطاقة بين موسكو وبروكسل، كما أبرزت حتمية عمل أوروبا على تسريع جهود اكتفائها الذاتي على صعيد إمدادات الطاقة، في ظل الضعف الناجم عن اعتمادها المفرط على الطاقة الروسية.

 

وتسبب ذلك في ارتفاع حاد لأسعار النفط والغاز داخل أوروبا، مما زاد من حدة الضغوط التي تواجهها الحكومات الأوروبية، وفي ظل أزمة الطاقة الراهنة، وبعد توقيع اتفاقيات لتوريد الغاز مع كل من الولايات المتحدة، ودول الشرق الأوسط، وشرق البحر المتوسط، أصبح قادة أوروبا يجوبون في كل صوب بحثاً عن مورد للطاقة في منطقتي آسيا الوسطى وشمال إفريقيا. كما اتخذت الدول الأوروبية تدابير طارئة أخرى مثل: دراسة ألمانيا إمكانية العودة إلى سياسة الطاقة النووية، وإطالة العمر التشغيلي لمحطات الطاقة النووية الثلاثة المتبقية؛ كما بدأت بعض محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في استئناف عملها. فيما قرر البرلمان الأوروبي تصنيف الاستثمارات في مجال الغاز الطبيعي، الذي هو في الواقع وقود أحفوري، بعلامة "خضراء". في الوقت ذاته، دعا الاتحاد الأوروبي والعديد من الحكومات المواطنين إلى توفير الطاقة والكهرباء.

 

  1. مستقبل نظام الطاقة الدولي

 

 على المدى القصير، ستحرص أوروبا على تسريع وتيرة تنويع مصادر إمدادات الغاز الطبيعي، وخفض اعتمادها على إمدادات الطاقة الروسية. حيث قام البرلمان الأوروبي بتمرير مشروع قرار يحد من استيراد النفط والغاز الروسي. فيما اعلنت لجنة الصناعة بالبرلمان سعيها وراء مزيد من قنوات إمداد الغاز الطبيعي المسال لتحل محل روسيا على الصعيد العالمي، ويتضمن ذلك تعميق التعاون التجاري للغاز الطبيعي المسال بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفتح ممر الغاز الطبيعي في جنوب أوروبا. كما تبنت ألمانيا استراتيجية لإمدادات متعددة المحاور، وعلقت الموافقة على خط "نورد ستريم 2" للغاز، ووجهت شركات النفط والغاز الألمانية بسحب رؤوس أموالها من المشروع. كما عمدت إلى تسريع بناء محطات استقبال الغاز الطبيعي في الموانئ على طول بحر الشمال، من أجل الاستعداد لاستيراد الغاز الطبيعي من النرويج والولايات المتحدة ودول أخرى.

 

وعلى المدي-المتوسط والطويل-سيسرع الاتحاد الأوروبي عملية تطوير مصادر جديدة للطاقة من أجل تحقيق اكتفاء ذاتي. فقد أصدر الاتحاد الأوروبي العام الماضي "قانون المناخ الأوروبي"، الذي ينص على أن التنسيق والإشراف من جانب المفوضية الأوروبية، يجب أن يقترن بتقديم الدول الأعضاء خططًا بشأن خفض الانبعاثات من أجل تحقيق هدف الاتحاد الأوروبي لبلوغ الحياد الكربوني بحلول عام 2050م. في السياق ذاته، قامت الحكومة الألمانية بتسريع إجراءات إقرار قانون الطاقة المتجددة في البرلمان خلال شهر مارس الماضي. ومن المخطط أن تشكل الطاقة المتجددة 80 % من إجمالي الطاقة المولدة خلال عام 2030م. وأن تلبي الطاقة المتجددة جميع احتياجات توليد الطاقة في عام 2035م. كما أصدرت فرنسا " خطة 2030 "، التي تشمل استثمار مليار يورو لتطوير الطاقة النووية، وتطوير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بقوة، واستئناف بناء محطات الطاقة النووية المدنية.

 

ومن خلال نظرة على المستقبل، سيظل نمط الطاقة العالمي خاضعًا للتأثيرات الناجمة عن عوامل عدة من بينها: البيئة الاقتصادية الدولية، والجغرافيا السياسية، والأوبئة، وإمدادات الطاقة، ومعدلات الطلب عليها، والزخم المالي الدولي بشكل عام. وفي ظل موجة ارتفاع الأسعار الراهنة، سيتم تصحيح المسار الاستثماري العالمي المتراجع. بالإضافة إلى تحفيز قدرة إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة. كما من المتوقع أن يقوم أعضاء منظمة "أوبك" النفطية بتطبيق زيادة الإنتاج سواء بشكل علني أو ضمنيا من أجل التنافس على الحصة المنظمة في الأسواق. وربما يؤدي ذلك إلى إعادة توازن إمدادات الطاقة الدولية.

مقالات لنفس الكاتب