array(1) { [0]=> object(stdClass)#13018 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 184

إنشاء مركز وبنك معلومات خليجي للجرائم و مرتكبيها ووضع آلية مشتركة للحد من الجرائم

الأربعاء، 29 آذار/مارس 2023

أصبحنا في عصر انتشار تكنولوجيا المعلومات أكثر عرضة للوقوع كضحايا للجرائم الإلكترونية فانتشار التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة يعد سلاحًا ذو حدين يمكن استخدامه من أجل تسهيل الاتصالات فهم من أهم وسائل انتقال الثقافات المختلفة حول العالم من أجل تقريب المسافات بين الدول والحضارات، ولكن يمكن أيضاً استخدامهم في التسبب بأضرار جسيمة لأشخاص بعينهم أو مؤسسات كاملة بل دول من أجل خدمة أهداف سياسية أو مادية.

ولكن ما هي الجرائم الإلكترونية وما خطورتها و طرق تنفيذها وكيفية المواجهة الأمنية لهذه الجرائم .

الجريمة الإلكترونية :

مثلها مثل الجريمة التقليدية يمكن أن تأخذ الجريمة الإلكترونية عدة أشكال ويمكن أن تحدث في أي وقت وأي مكان ويستخدم المجرمون عددًا من الطرق تعتمد على مجموعة من المهارات والأهداف، وهناك العديد من المصطلحات التي نستخدمها عندما نشير إلى الجرائم المتعلقة بالإنترنت منها الجريمة الإلكترونية E-Crime ، الجريمة السيبرانبة Cyber – Crime وهي الجريمة التي يتعرض لها جهاز الحاسب الآلي المرتبط بشبكة الإنترنت من خلال قيام شخص أو مجموعة أشخاص بالهجوم على شبكة الكمبيوتر بهدف تدميرها أو سرقة بياناتها .

وهي أيضاً النشاط الإجرامي الذي تستخدم فيه التقنية الإلكترونية الرقمية بصورة مباشرة أو غير مباشرة كوسيلة لتنفيذ الفعل الإجرامي المستهدف .

الجريمة السيبرانية :

هي جريمة ترتكب باستخدام الإنترنت أو أي شبكة كمبيوتر كوسيلة لارتكابها . وهي ترتكب نحو الأشخاص أو المجموعات بدافع إجرامي لإلحاق الضرر بسمعة الضحية أو لإحداث أضرار مادية أو معنوية مباشرة أو غير مباشرة باستخدام وسائل الاتصال الحديثة .

وهذه الجرائم تهدد أمن الدول وأوضاعها المالية ومن المنظور الأمني يمكن تقسيم هذه الجرائم إلى :

1/ جرائم تحدث بالكامل على الشبكة حيث يتم استهداف النظام الرقمي ويتم الهجوم بوسائل إلكترونية وتتمثل هذه الهجمات في تعطيل البنية الأساسية لأنظمة الكمبيوتر ونظم المعلومات وسرقة البيانات الموجودة على الشبكة باستخدام الفيروسات الخبيثة

2/ الجرائم الموجودة أصلاً ولكن تم تحويل وتغيير شكلها من تقليدية إلى إلكترونية عبر الإنترنت .

3/ استخدام الإنترنت لتسهيل الاتجار في المخدرات والاتجار بالبشر وغسل الأموال والعديد من الجرائم التقليدية .

ونلاحظ من التعريفات السابقة سواء الجريمة الإلكترونية أو السيبرانية أو المعلوماتية أنها تشترك في نقاط محددة على الرغم من اختلاف المسميات .

1/ أنها جريمة ترتكب من خلال شبكات الإنترنت أو وسائل الاتصال الحديثة .

2/ تستهدف الأفراد والمجموعات والمؤسسات والدول .

3/ تهدف إلى إحداث أضرار مادية أو معنوية .

خطورة الجرائم الإلكترونية :

تعد الجرائم الإلكترونية مرضاً يسبب الفتك بالمجتمعات والعلاقات الإنسانية ويؤخر من عجلة التقدم والتنمية التي يعيشها العالم مؤخراً .

ولعل ذلك هو ما أوضحه التقرير الصادر من المنتدى الاقتصادي العالمي 2023م، إذ أنه أدرج ضمن المخاطر المحتملة انتشار الجرائم الإلكترونية وانعدام الأمن السيبراني وأوضح زيادة الهجمات الإلكترونية خلال فترة الجائحة.

حيث أصبح الاعتماد السريع على الأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت أمرًا بالغ الأهمية للعمل والتعلم والرعاية الصحية وعلى الرغم من التهديد المستمر فإن بروتوكولات السلامة تتخلف كثيراً عن حجم التكلفة المتزايدة والمترتبة على الاقتصاد العالمي بسبب الهجمات الإلكترونية والتي من المتوقع أن ترتفع من 8.44 ترليون دولار في عام 2022م، إلى 23.84 ترليون دولار بحلول عام 2027م .

وأيضاً فإن 4% فقط من الخبراء في جميع أنحاء العالم واثقون من أن الأجهزة المتصلة بالشبكة آمنة بشكل صحيح .

كما أن الجرائم الإلكترونية تشكل خطورة على الدول ومرافقها ومؤسساتها أضعاف الجرائم التقليدية. وذلك لسهولة ارتكابها وصعوبة القبض على مرتكبها في بعض الأحيان وانتشار آثارها المدمرة على نطاق واسع الأمر الذي يشكل تحدياً للجهات الأمنية التي تكون منهكة في تتبع الجرائم التقليدية بينما ظهرت أمامها الجرائم الإلكترونية وهي متعددة الأشكال وواسعة الانتشار .

مستشار الأمم المتحدة للتشريعات السيبرانية صرح بأن تشريعات تكنولوجيا المعلومات بخصوص الجرائم الإلكترونية تظهر أنها أكثر خطورة على المجتمع والدول من الجرائم التقليدية لطبيعتها وطريقة ارتكابها .

خطورة الجرائم الإلكترونية على دول الخليج

دول مجلس التعاون الخليجي من الدول التي تتعرض للكثير من الجرائم الإلكترونية بل أنها تتعرض لأكبر نسبة جرائم إلكترونية وفقاً للإحصائيات العالمية ويرجع ذلك إلى أن اقتصاد هذه المنطقة في نمو مستمر ، بالإضافة إلى أنها محط أنظار الشركات العالمية والمستثمرين بصفة عامة بالإضافة إلى التوسع السريع في مواكبة التطور التكنولوجي وفي نفس الوقت عمليات تأمين الشبكات وحماية أنظمة المعلومات بها ليست على نفس الدرجة من النمو والتطور وعلى الرغم من الجهد الذى تبذله الشركات والمؤسسات لحماية أنظمتها من الاختراق، وتزداد خطورة الجريمة الإلكترونية في مجلس التعاون الخليجي بعد التغيرات السياسية والاقتصادية التي حدثت في المنطقة العربية وعلى مستوى العالم وخاصة أن موقع هذه الدول والاستقرار الذي تنعم به قد يدفع الكثيرين لإحداث نوع من التهديد لها عن طريق الجرائم الإلكترونية ، يحدث هذا التهديد من بعض القوى الإقليمية المجاورة التي تشكل تهديدًا للأمن الخليجي .

المواجهة الأمنية للجرائم الإلكترونية

التعاون الأمني الدولي هو تبادل العون والمساعدة وتضافر الجهود المشتركة بين دولتين أو أكثر لتحقيق نفع أو خدمة أو مصلحة مشتركة في مجال التصدي للجريمة ولما كانت الجريمة الإلكترونية هي جريمة عابرة للحدود ويمكن لشخص موجود في دولة ما ارتكاب جريمة إلكترونية في دولة أخرى وهو جالس مكانه في منزله على الكرسي الذي تعود الجلوس عليه ، فكان العالم بحاجة إلى التعاون الدولي الأمني في مجال الجرائم الإلكترونية أكثر من غيرها لتخطي مشكلات الحدود والسيادة والتي قد تعترض الجهود الوطنية كملاحقة المجرمين وتعقب مصادر التهديد سواء كانت المساعدة المتبادلة قانونية أم قضائية أو شرطية . 

أهمية التعاون الأمني لدول الخليج في مجال الجرائم الإلكترونية

نظراً لخطورة الجرائم المعلوماتية وما يمكن أن تحدثه من آثار سلبية على مصالح المجتمع الدولي المشتركة عامة وعلى الدول العربية ودول الخليج خاصة، فقد بات التعاون الدولي ضرورة ملحة ونقطة مشتركة تتلاقى فيها جهود المجتمع الدولي من أجل اتخاذ تدابير وآليات لمكافحة تلك الجرائم ويمثل التعاون الأمني الدولي بين أجهزة الشرطة الجنائية المتخصصة لمكافحة الجريمة المعلوماتية أحد الوسائل الهامة التي يمكن من خلالها منع الجرائم المعلوماتية حيث يستحيل على الدولة بمفردها القضاء على هذه الجرائم الدولية العابرة للحدود ، لأن جهاز الأمن في هذه الدولة أو غيرها لا يمكنه تعقب المجرمين وملاحقتهم في دول أخرى فملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة يستلزم القيام بإجراء التحريات خارج حدود الدولة حيث ارتكبت الجريمة أو جزء منها وحيث يتواجد مرتكب الجريمة ومن هذه الإجراءات معاينة مواقع الإنترنت في الخارج أو ضبط الأقراص الصلبة أو تفتيش نظم الحاسب الآلي .......الخ. ومتى فر المجرم خارج الدولة أو كان مرتكب الجريمة من خارج الدولة يقف الجهاز الأمني عاجزاً، لذا أصبحت الحاجة ماسة إلى وجود تعاون دولي يأخذ على عاتقه القيام بهذه المهمة ويتضح ذلك من خلال تبني تكتيك متطور لإجراء التحريات والتحقيقات في مجال مكافحة الجريمة المعلوماتية باستخدام التكنولوجيا الحديثة في الاتصال مثل الدوائر التلفزيونية، استخدام أساليب خاصة للتحري والمراقبة واستخدام قنوات الاتصال والتنسيق الأمني والقضائي بين الجهات المختصة عن طريق الأقمار الصناعية وشبكة الإنترنت لتبادل المعلومات سريعاً وانتقال القاضي للدولة المعنية بالتحقيق لاتخاذ ما يلزم من إجراءات ليس فقط في مرحلة التحقيق الابتدائي ولكن في مرحلة الحكم أيضاً ومراعاة تنفيذ الأحكام الأجنبية وفقاً لضوابط متفق عليها من خلال التوفيق بين الإجراءات الجنائية بين الدول والاتفاق على تجريم كل ما من شأنه المساس بأمن وسلامة الأفراد والدول وكل ذلك لن يتأتى إلا من خلال الاتفاقيات والتنسيق المشترك بين الدول وبعضها البعض في المؤتمرات والمحافل الدولية المتخصصة .

أسس التعاون الدولي لمكافحة الجريمة الإلكترونية

لما كانت الجرائم الإلكترونية ذات طبيعة خاصة من حيث مرتكبيها وكذلك إمكانية ارتكابها عن بعد دون وجود أدنى مواجهة مباشرة مع الضحية فإن التعاون الدولي في سبيل مكافحة هذه الأنماط من الجرائم يجب أن يكون هو الآخر متطورًا وغير تقليدي ومواكباً لهذه الجرائم ويجب أن يتم على أسس معينة تكفل في نهاية الأمر مكافحة هذه الجرائم بصورة بناءة لذا فإنه يجب أن يقوم على الأسس التالية :

1/ التناول العلمي لبحث ظاهرة جرائم الإنترنت وتوفير المعلومات الإحصائية والبيانات اللازمة سواء ما يتعلق بالجريمة ذاتها أو ما يتعلق بمرتكبيها وتبادل هذه المعلومات بين أجهزة الأمن كذلك ما يتعلق بسير الدعوى في مثل هذه الجرائم مع توحيد إجراءات التقاضي حيث أن كل ذلك من شأنه أن يساعد على التعامل مع جرائم الانترنت بصورة دقيقة وفعالة، لذا يجب إنشاء مركز إقليمي (لدول الخليج) للمعلومات والبيانات الخاصة بهذه الجرائم على مختلف صورها وأنماطها ويحتوي هذا المركز على بنك معلومات عن الجرائم ومرتكبيها وطريقة ارتكابها والإجراءات التي اتخذت حيالهم والتحقيقات التي جرت معهم والأحكام الصادرة ضدهم وذلك حتى يسهل على كافة الدول الأعضاء الرجوع إليها والاستفادة منها ووضع سياسات تشريعية وأمنية كفيلة بالحد من انتشار هذه الجرائم .

2/ التنسيق بين المؤسسات الأمنية في الدول الأعضاء وبمختلف آلياتها بما يحقق توحيدًا للجهود واستكمال أي نقص في المعلومات لدى أحد الأطراف وذلك بالتعاون لتجميع عناصر تلك المعلومات ليكتمل بها في النهاية كشف أبعاد الجرائم وخطط مرتكبيها وسد الثغرات الأمنية وتبادل الخبرات والعمل على إيجاد أفضل الأساليب للمواجهة .

3/ تحديد سبل التعاون في مجال التدريب والتعاون الفني وتحقيق التكامل الأمني بين الأجهزة الأمنية على المستوى الدولي .

4/ العمل على توحيد المعايير التشريعية والأحكام القانونية التي تقوم عليها الجرائم ونطاق الأفعال المؤثرة فيها مع ضمان أن يشمل نطاق الجريمة كافة جوانبها ومراحلها. حتى لا يستفيد المجرم المعلوماتي من وجود ثغرات قانونية في تشريع إحدى الدول فيلجأ للإقامة فيها ممارسًا جرائمه الإلكترونية العابرة للحدود ومستغلاً للثغرات التشريعية بها والتي لا تجرم فعله

5/ العمل على زيادة الوعي العام لدى الأفراد بنشر كافة المعلومات عن طبيعة هذه الجرائم وأساليب ارتكابها ووضع استراتيجيات وقائية قادرة على خلق المناخ الملائم لأعمال المكافحة وتضييق الخناق على أنشطة تلك المنظمات الإجرامية .

صور التعاون الأمني بين دول الخليج لمكافحة الجرائم المعلوماتية

1/ ربط شبكات الاتصال والمعلومات بين دول الخليج وذلك إعمالاً لنص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (مادة 48) التعاون في إنفاذ القانون والتي جاء فيها :

تعزيز قنوات الاتصال بين الدول وسلطاتها و أجهزتها ودوائرها المعنية وإنشاء تلك القنوات عند الضرورة من أجل تيسير تبال المعلومات بطريقة آمنة وسريعة .

2/ القيام ببعض العمليات الشرطية الأمنية المشتركة بين أجهزة الأمن في دول الخليج مثل تعقب المجرم المعلوماتي وكذا الأدلة الرقمية وضبطها والقيام بعمليات التفتيش العابر للحدود والأنظمة المعلوماتية وشبكات الاتصال بحثاً عما تحويه من أدلة وبراهين على ارتكاب الجريمة المعلوماتية، كلها أمور تستدعي القيام ببعض العمليات الشرطية والأمنية المشتركة واشتراك الدول فيما بينها للقيام بعمليات شرطية.

وأخيراً فإن تضافر الجهود وتنسيق العمل الأمني بين دول الخليج هو الحل الأمثل والدواء الناجع للحد قدر المستطاع من الجرائم الإلكترونية وتحقيق الأمن السيبراني.

مجلة آراء حول الخليج