array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 184

الاستعداد للثورة الصناعية الرابعة بالتقنيات الرقمية ومشروعات التنمية الوطنية

الأربعاء، 29 آذار/مارس 2023

 

  1. تقرير المخاطر العالمية 2023م: سلط المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي عقد في مدينة دافوس في الفترة من 16 إلى 20 يناير/كانون الثاني الماضي، الضوء على أبرز المخاطر العالمية التي سيشهدها العالم في العام 2023م. وصدر عن المنتدى تقرير «المخاطر العالمية 2023» والذي أنجز بالتعاون مع "مارش ماكلينان" ومجموعة زيورخ للتأمين. وبالاعتماد على رؤى أكثر من 1200 خبير وصانع سياسات حول العالم، يكشف التقرير نتائج آخر مسح لتصور المخاطر العالمية (GRPS) التي يتعرض وسيتعرض لها العالم بشكل كلي وإقليمي على المديين القصير والطويل، كما ويبحث في كيفية التنافس على الموارد الحيوية مثل الغذاء والمعادن في المستقبل المنظور.

يتكون التقرير من أربعة فصول رئيسية، ويستخدم ثلاث أطر زمنية لفهم وتوضيح حدة المخاطر العالمية. حيث ينظر الفصل الأول، "المخاطر العالمية 2023م: أزمة اليوم"، في الأثر المتصاعد للأزمات الحالية على أشد المخاطر التي يتوقع الكثيرون حدوثها على المدى القصير، أي خلال العامين القادمين. ويوضح الفصل الثاني، "المخاطر العالمية 2023م: كوارث الغد"، مجموعة مختارة من المخاطر الاقتصادية والبيئية والمجتمعية والجيوسياسية والتكنولوجية الناشئة حديثًا أو المتسارعة بشكل ملحوظ والتي يمكن أن تكون مقدمة لأزمات الغد. وصنفت هذه المخاطر بالمخاطر العالمية طويلة الأمد للعشر سنوات القادمة. ويركز التقرير في فصلة الثالث على العقود المستقبلية متوسطة الأمد وكيف يمكن أن تتطور الروابط بين المخاطر قصيرة الأمد وتلك طويلة الأمد بشكل جماعي لتنتج أزمة أو أزمات متعددة (Polycrisis) والتي ستتمحور بشكل رئيسي حول نقص الموارد الطبيعية وبشكل ملحوظ بحلول العام 2030م. ويختتم التقرير بتقديم تصورات مبنية على مقارنة الحالة يمكن من خلالها التأهب لهذه المخاطر بما في ذلك تسليط الضوء على العوامل التمكينية التي يمكن أن تساهم في رسم مسار لعالم أكثر مرونة.

عمد تقرير «المخاطر العالمية 2023م» إلى تقسيم المخاطر قصيرة الأمد وطويلة الأمد إلى عشرة مخاطر لكل منهما مرتبة بشكل تصاعدي حسب شدتها (شكل 1). ويرى التقرير أن الطريق لعام 2025م، تهيمن عليه عدة مخاطر اجتماعية وبيئية مدفوعة بمجموعة أساسية من الاتجاهات الجيوسياسية والاقتصادية. وأظهر التقرير اختلافًا في ترتيب المخاطر العالمية قصيرة الأمد بين الحكومات والشركات التي شاركت في تصنيف هذه المخاطر على مستوى العالم مع إضافة مخاطر جديدة من قبل الحكومات وأخرى من قبل الشركات تختلف عن التصنيف الظاهر في (شكل 1) كما هو موضح في (شكل 2). كما وأشار التقرير إلى خطورة التبعات الاقتصادية، وعلى رأسها التكلفة الاقتصادية الناتجة من المخاطر التي نتجت من انتشار جائحة كوفيد-19، حيث ستسيطر على دول العالم خلال السنتين القادمتين، وحتى العام 2025م، المخاطر المرتبطة بارتفاع تكاليف المعيشة.

وفيما يخص المخاطر العالمية طويلة الأمد، فإن المخاطر البيئية المتدهورة هي الأكثر هيمنة، حيث تتصدر المخاطر المرتبطة بالمناخ والطبيعية المشهد. وبشكل أكثر تحديدًا، يتصدر "الفشل في التخفيف من تغير المناخ" و"الفشل في التأقلم مع تغير المناخ" الترتيب باعتبارهما الأكثر خطورة عالميًا، تليها الكوارث الطبيعية والظواهر الجوية وفقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظام البيئي. كما أظهر التقرير أن المجتمعات ستسعى خلال العقد القادم إلى تحسين ظروفها المعيشية حتى وإن تطلب الأمر استغلال الموارد الطبيعية بشكل أكبر دون الحفاظ على استدامتها للأجيال القادمة أو استخدام تقنيات تصنيع مضرة بالبيئة لغايات إيجاد فرص عمل أكثر وتوفير دخل مالي أكبر.

وخلُص التقرير إلى أن جميع ما ذكر من مخاطر لا يمكن أن يتم مناقشتها أو إيجاد حلول لها دون مشاركة كافة دول العالم بما فيها الدول النامية. حيث هناك تخوف من أنه وفي حال عدم مشاركة الدول النامية فسيتم العمل على ايجاد حلول على حسابها ومن خلال استخدام مواردها. مع الأخذ بعين الاعتبار أن دول العالم النامي تشكل أكثر من %60 من أزمة المديونية العالمية.

 

شكل 1: تصنيف المخاطر العالمية حسب شدتها على المدى القصير (سنتين) والمدى الطويل (10 سنوات)

 

شكل 2: ترتيب شدة المخاطر بناء على تقييم أصحاب المصلحة على المدى القصير (سنتين)

  1. المخاطر العالمية والتكنولوجيا الرقمية

أشار تقرير المخاطر العالمية للعام 2023 م، إلى أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سيكون من بين الأهداف المركزية لسياسات صناعية أقوى، وتدخل حكومي لتعزيزه من قبل الدول. كما سيستمر البحث والتطوير في التقنيات الناشئة بوتيرة متسارعة خلال العقد المقبل، مدفوعًا بالمساعدات الحكومية والإنفاق العسكري والاستثمار الخاص؛ مما سيؤدي إلى تطورات ملحوظة في استخدامات التقنيات الحديثة، أو ما يسمى بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، كالذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والتكنولوجيا الحيوية وانترنت الأشياء وسلاسل الكتل وغيرها من التقنيات. وسيدعم استخدام هذه التقنيات عمل المدن والبنية التحتية الحيوية لغايات توفير وتطوير حلول مرنه لأزمات الغد. ولكن هذه التطورات ستؤدي أيضًا إلى ظهور تحديات جديدة للدول التي تحاول إدارة العالم المادي الحالي وهذا المجال الرقمي سريع التطور والتوسع.

 وفيما سيوفر استخدام وتطبيق هذه التقنيات من قبل الدول التي تستطيع تحمل تكاليفها حلولاً جزئية لمجموعة من الأزمات الناشئة التي تعاني منها، من معالجة للتهديدات الصحية الجديدة إلى توسيع نطاق الأمن الغذائي، إلا أنها سوف تساهم في نمو اللامساواة والاختلاف في الدول التي لا تستطيع تحمل تكاليف تطبيقها. وبشكل عام، فإن تطبيق هذه التقنيات سيجلب العديد من المخاطر على كافة الاقتصادات. حيث أنها ستوسع إمكانيات نشر المعلومات المضللة التي تنشر لغايات التضليل المتعمد (disinformation) وغير المتعمد (misinformation) والتي يمكن أن تؤدي إلى تغييرات سريعة لا يمكن السيطرة عليها. كما أن التطوير والتطبيق السريع للتقنيات التكنولوجية الحديثة يحمل أيضًا في طياته مجموعة من المخاطر الخاصة وإن كان التطبيق يتبع لبروتوكولات وسياسات محددة تحكم استخدامها داخل الدول.

إن التداخل المتزايد في استخدام التكنولوجيات الرقمية المختلفة يعرض المجتمعات إلى تهديدات مباشرة بما فيها تلك التي تسعى إلى تحطيم التماسك والأداء المجتمعي. هذا بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الجرائم الإلكترونية (السيبرانية) والتي سيكون أحد أهدافها تعطيل الموارد والخدمات الحيوية المدعومة باستخدام التقنيات التكنولوجية. وتوقع التقرير أن تكون هذه الهجمات ضد الخدمات الإلكترونية في مجالات الزراعة والمياه والأمن العام والنقل والطاقة والبنية التحتية للاتصالات المحلية والفضائية وعبر البحار. والأخطر يتمثل في أن التحليل المتطور لمجموعات البيانات الضخمة سيمكن، ومن خلال الآليات القانونية المشروعة، من الإساءة في استخدام المعلومات الشخصية، مما سينتج عنه إضعاف السيادة الرقمية الفردية وحق الخصوصية حتى على مستوى الأنظمة الديمقراطية المنظمة بشكل جيد. والجدير ذكره في هذا السياق، أن الاقتحامات القانونية ليست كلها تعد مخاطر، حيث أن بعضها يكون لغايات مدفوعة باعتبارات تعود للحفاظ على السلامة العامة والأمن القومي ومنع الجريمة والاستجابة لها وتعزيز التنمية الاقتصادية وتوفير خدمات صحية أفضل. وهذه الأخيرة لا تعد مخاطر حيث أنها تجمع بين حماية المجتمعات والدول والرغبة في اكتساب ميزة تنافسية تكنولوجية واقتصادية إقليمية وعالمية.

يعد "انتشار الجريمة الإلكترونية وانعدام الأمن السيبراني" أحد الوافدين الجدد في المراكز العشرة الأولى لأشد المخاطر خطورة والتي لا بد أن تعمل الدول على مواجهتها والحد منها ما أمكن خلال العقد المقبل. على الرغم من اعتراف الحكومات الحالية بالمخاوف الأمنية المرتبطة باختراق والاتجار بالبيانات الحساسة سواء تلك الخاصة بالأفراد أو المؤسسات، إلا أن هذه الحكومات لا زالت تولي اهتمامًا أقل لاحتمال اختراق هذه البيانات وإساءة استخدامها. كما أن الاستخدام المتزايد للتقنيات الحديثة خلال العقد المقبل سينتج عنه جمع للمزيد من البيانات عن الأفراد من قبل القطاعين العام والخاص وبدرجة غير مسبوقة. وغالبًا ما سيكون جمع هذه البيانات دون إخفاء لهوية الفرد أو موافقته، مما قد ينتج عنه تهديد خطير على الأفراد حال سرقة هذه البيانات من جهات ترغب في استخدامها لغايات غير قانونية أو غير مشروعة. يوضح (شكل 3) أثر خطر انتشار الجريمة الإلكترونية وانعدام الأمن السيبراني على المخاطر الأخرى والتي منها اقتصادي وجيوسياسي ومجتمعي.

 

شكل 3: الترابط بين المخاطر العالمية وخطر انتشار الجريمة الإلكترونية وانعدام الأمن السيبراني

 

  1. دول الخليج العربي وخطر انتشار الجريمة الإلكترونية وانعدام الأمن السيبراني

شارك في المسح الخاص بتقرير «المخاطر العالمية 2023» عدد 1200 خبير وصانع سياسات من 121 دولة حول العالم منها 12 دولة عربية هي: الأردن، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، تونس، الجزائر، قطر، الكويت، عُمان، المغرب، المملكة العربية السعودية، مصر، واليمن. وتظهر نتائج تحليل المسح اختلافات في نوع المخاطر التي ستعاني منها الدول العربية خلال العقد القادم. الا أن معظم الدول العربية اتفقت على المخاطر الخاصة "بأزمة تكلفة المعيشة" و"التضخم السريع و/أو المستدام" و"الصدمات الشديدة الخاصة بالسلع" و"أزمة الديون".

يعد خطر "انتشار الجريمة الإلكترونية وانعدام الأمن السيبراني" أحد المخاطر التي أشار لها التقرير حيث بين أن هذا الخطر ستعاني منه كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية خلال العشرة سنوات القادمة. وبالتعمق في قراءة التقرير، يتضح أن خطر فشل تدابير الأمن السيبراني سيشكل مصدر قلق لهذه الدول، كغيرها من العديد من دول العالم، وسينتج عنه ارتفاع غير مسبوق في معدلات الجريمة الإلكترونية. وسيتضمن "فشل تدابير الأمن السيبراني" مخاطر لها علاقة بفقدان الخصوصية والاحتيال الإلكتروني وسرقة البيانات والاتجار بها أو استخدامها بشكل غير مشروع والتجسس الإلكتروني. ويشمل ذلك أيضًا محاولات الاختراق التي ستكون متكررة لهدف تعطيل الموارد والخدمات الحيوية العديدة التي تقدمها هذه الدول والتي تعتمد على التكنولوجيات الرقمية المختلفة وما سيصاحبها من خسائر سيكون لها أثر اقتصادي ومجتمعي واضح وجلي.

تعتبر دول الخليج العربي من أكثر الدول في المنطقة العربية التي تطبق تقنيات تكنولوجية حديثة وعلى كافة المستويات لغايات رفع مستوى المعيشة وتحسين الخدمات وتعزيز التنافسية إقليميًا وعالميًا. ولتحقيق ذلك، بدأت هذه الدول وبشكل متسارع في اعتماد استخدام وتطبيق الأنظمة التي تعتمد على التقنيات الرقمية الحديثة، خصوصًا تلك المرتبطة بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة كالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والروبوتات والحوسبة المتطورة وسلاسل الكتل وخدمات الجيل الخامس للإنترنت وغيرها من التقنيات. وعلى الرغم من أن هذه الأنظمة توفر فرصًا هائلة للشركات والمجتمعات لتحسين الكفاءة والجودة والإنتاجية بشكل كبير، إلا أن هذه الأنظمة تعرض المستخدمين لها لأشكال عديدة وضررًا كبيرًا من المخاطر الرقمية والإلكترونية. وستؤدي الهجمات على الأنظمة الكبيرة والاستراتيجية، إن حدثت في دول الخليج العربي، إلى عواقب مادية متتالية على المجتمعات ومؤسسات القطاعين العام والخاص، في حين أن الوقاية من هذه الهجمات سيترتب عليها في المقابل تكاليف عالية جدًا. كما وستؤثر المخاطر غير الملموسة، مثل المعلومات المضللة والاحتيال والافتقار إلى السلامة الرقمية، على ثقة الجمهور في الأنظمة الرقمية المستخدمة. كما ستؤدي التهديدات الإلكترونية الأكبر إلى إعاقة التعاون بين الدول إذا استمرت الحكومات في اتباع مسارات أحادية الجانب للسيطرة على المخاطر.

يعتبر فقدان أو تقلص الحقوق الرقمية أحد المخاطر الأخرى التي ستتزايد خلال العقد القادم. حيث إن التطور المحتمل للبيانات وانعدام الأمن السيبراني سيعرض الخصوصية الرقمية للأفراد للخطر. كما أن انتشار أجهزة وبرامج جمع البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي المعتمدة على البيانات يمكن أن تؤدي إلى فتح الباب لأشكال جديدة من التحكم في الاستقلالية الفردية بما في ذلك تعريض الأفراد وبشكل متزايد لسوء استخدام البيانات الشخصية الخاصة بهم من قبل القطاعين العام والخاص على حد سواء.

ستعاني دول الخليج العربي، كغيرها من دول العالم، من الآثار الجانية السلبية الناتجة عن الاعتماد على التقنيات الرقمية مما سيعرضها لمجموعة متنوعة من تهديدات الأمن السيبراني. وتشير الدراسات إلى أن أكثر من %50 من محاولات الاختراق والتخريب في المنطقة العربية تستهدف قطاعي النفط والغاز، واللذين يعتبران من أهم القطاعات الإنتاجية لدول الخليج العربي. هذا بالإضافة إلى محاولات الاختراق المكثفة على قطاع الاتصالات المحلية. فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة الاتصالات السعودية في العام 2020م، تصديها لما يقارب الـ 16 مليون محاولة للتصيد والاحتيال و400 مليون محاولة اتصال خبيثة في شهر واحد.

  1. دول الخليج العربي: حلول اليوم للحد من مخاطر الغد

استجابة لتهديدات الأمن السيبراني، استثمرت دول الخليج العربي وبشكل مكثف في بناء قدراتها في مجال الأمن السيبراني وتصدرت في السنوات الأخيرة جميع الدول العربية في مؤشر الأمن السيبراني العالمي الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات. تشمل هذه الجهود تطوير تشريعات وسياسات واستراتيجيات جديدة للأمن السيبراني أو تعديل التشريعات القائمة؛ وتطوير التعليم والتنظيم في القطاعات الضعيفة وعلى المستوى الوطني؛ وتحسين التعاون الدولي في مجالات الأمن السيبراني كافة، بما في ذلك إنشاء مؤسسات إقليمية للأمن السيبراني مثل اللجنة الدائمة للأمن السيبراني في دول الخليج العربي.

لمواجهة المخاطر المتوقعة لانتشار الجريمة الإلكترونية وانعدام الأمن السيبراني، يطرح هذا المقال مجموعة من التوصيات التي يمكن لأصحاب القرار في دول الخليج العربي أخذها بعين الاعتبار على المديين القصير والطويل على حد سواء للحد من مخاطر الغد المتعلقة بالأمن السيبراني بكافة أشكاله. وتتلخص هذه التوصيات في: (1) بناء المرونة السيبرانية (2) تعزيز التعاون الدولي والإقليمي (3) تعزيز الأمن السيبراني وزيادة الوعي على المستوى الوطني (4) فهم شبكات وتكنولوجيات المستقبل.

  • بناء المرونة السيبرانية: تتمثل المرونة السيبرانية في قدرة أي نظام الكتروني على التعافي بشكل سريع ومثالي بعد حدوث الصدمة (مثلًا الاختراق الكلي للنظام)، إما من خلال إعادة النظام إلى وضعه الأصلي أو إلى حالة جديدة معادلة للحالة السابقة التي كان عليها وفي مدة زمنية قصيرة. وتعتبر المرونة السيبرانية أحد أهم الحلول التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار من قبل العديد من المؤسسات العامة والخاصة في دول الخليج العربي لضمان استمرار العمليات والخدمات حال حدوث أي اختراق سيبراني لأنظمة المؤسسة، بنوعية الطفيف و/أو الكبير. كما وأن هناك ضرورة ملحة لتطوير وتطبيق أنظمة أمن المعلومات في المؤسسات المختلفة وتعزيز قدراتها الذاتية على الصمود في مواجهة التهديدات السيبرانية.
  • تعزيز التعاون الدولي والإقليمي: على المستوى الدولي، ستساعد مشاركة دول الخليج العربي بشكل أكبر في حوكمة الأمن السيبراني الدولي على فتح مجالات تعاون مشتركة دولية لمواجهة الأخطار المتعددة للأمن السيبراني. ويشمل هذا الأمر التعاون والعمل مع المنظمات الدولية مثل فريق الخبراء الحكوميين التابع للأمم المتحدة (UN GGE) وجمعية الانترنت العالمية (Internet Society) واعتماد إرشادات أمن البنية التحتية للإنترنت الخاصة بها للدول العربية، والعمل على انضمام دول الخليج العربي لاتفاقية بودابست بشأن الجرائم الإلكترونية. ولزيادة التعاون الدولي، يمكن لدول الخليج العربي إنشاء تحالفات وشبكات دولية للأمن السيبراني تضم العديد من شركات المنصات متعددة الجنسيات التي يمكن أن تكون حيوية في تنقيح المحتوى عبر الإنترنت من المعلومات المضللة أو التطرف الذي يمكن أن يشكل تهديدًا للأمن القومي والاستقرار المجتمعي. وعلى المستوى الإقليمي، هناك حاجة إلى أن تسعى دول الخليج العربي إلى زيادة التعاون مع باقي الدول العربية في مجال الأمن السيبراني والتدريبات وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة الفاعلة في هذا المجال.
  • تعزيز الأمن السيبراني وزيادة الوعي على المستوى الوطني: هناك حاجة لتعزيز قدرات وآليات الأمن السيبراني على المستوى الوطني في كل دولة من دول الخليج العربي. ويشمل هذا الأمر توسيع قدرات الدفاع السيبراني في المجالات العسكرية ومجالات الخدمات المجتمعية التي تعنى بتوفير خدمات الطاقة والمياه والنفط والغاز والزراعة والنقل والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. كما وهناك حاجة لتعزيز الأمن السيبراني على مستوى الأفراد من خلال زيادة الوعي بالمخاطر التي تشكلها الرقمنة الاجتماعية، مثل سرقة الهوية والاحتيال. بالإضافة إلى ضرورة زيادة الوعي بالأطر التشريعية لحماية البيانات والحقوق الرقمية والجرائم الإلكترونية. ويمكن زيادة هذا الوعي من خلال المناهج التعليمية للمدارس والجامعات والمعاهد والحملات الوطنية الإعلامية المنظمة والاستثمار في البحث والتطوير في مجال الأمن السيبراني، كما هو معتمد في بعض دول الخليج العربي كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ولضمان الشمولية ما أمكن ذلك، يجب على كل دولة من دول الخليج العربي العمل على تخطيط آليات الدفاع الإلكتروني والاستجابة ووضع سياسات الأمن السيبراني على مستوى الأفراد والشركات والحكومات مع ضمان تنفيذها وتطبيقها وفقًا لمبادئ الحوكمة الرشيدة، بما في ذلك إشراك أصحاب المصلحة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني في عمليات التخطيط والتطبيق.
  • فهم شبكات وتكنولوجيات المستقبل: تشمل تكنولوجيات المستقبل العديد من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة كالذكاء الاصطناعي، وانترنت الأشياء، وسلاسل الكتل، والروبوتات، والطائرات المسيرة، وتقنيات الجيل الخامس والجيل السادس للاتصالات وغيرها من التقنيات. وكما ذكر آنفًا، تعتبر دول الخليج العربي من أكثر دول المنطقة التي تعمل وبشكل حثيث وملحوظ على تطبيق واستخدام هذه التقنيات وعلى كافة المستويات التنموية والخدماتية والمجتمعية. وحيث أن العديد من هذه التقنيات يعتمد على جمع البيانات أو تحليلها أو مشاركتها حسب الاحتياج، فهناك حاجة لدراسات دقيقة على مستوى دول الخليج العربي لمعرفة تهديدات الأمن السيبراني المصاحبة لاستخدام كل تقنية على حدة ووضع السياسات والتشريعات اللازمة لضمان استخدامها وتطبيقها بما لا يضر بالأمن القومي والمؤسساتي والمجتمعي والفردي على حد سواء. بما في ذلك، وضع الآليات التي من شأنها المساعدة في بناء ثقة الأفراد والمؤسسات لاستخدام هذه التقنيات وإيجاد الحلول السريعة لحماية المستخدم من مخاطر الأمن السيبراني التي قد تنتج عن استخدامها.

على الرغم من أن مخاطر استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة سينتج عنها معارك رقمية وتهديدات سيبرانية لا متناهية، إلا أن اعتماد استخدام هذه التقنيات سيساهم في تعزيز اقتصاد دول الخليج العربي وسيضعها في مصاف الدول ذات التنافسية العالية إقليميًا ودوليًا. والمطلوب الحد من هذه المخاطر، ما أمكن ذلك، والاستعداد لها برفع مستوى المرونة والاستدامة المحلية والاستمرار في تطبيق المشاريع التطويرية التنموية الوطنية باستخدام التقنيات الرقمية الحديثة وعلى

مقالات لنفس الكاتب