array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 187

نتائج قمة جدة مرضية للشعب الفلسطيني وأكدت مركزية القضية الفلسطينية

الخميس، 22 حزيران/يونيو 2023

تتسمّ السياسة الخارجية السعودية بالثبات والواقعية في التأكيد على ضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والتأكيد على سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وضرورة حل الخلافات الدولية والإقليمية بالطرق السلمية، وصولاً لتعزيز التعاون الدولي وحفظ الأمن والاستقرار الدولي والإقليمي.

كما تتسمّ السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية بالاستمرارية في دعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، فعلى مدار تاريخ القضية الفلسطينية برز الدور السعودي كداعم رئيسي للشعب الفلسطيني على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والثقافية. كما تسعى المملكة دائما لتوظيف القمم العربية والإسلامية لتأكيد الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، خاصة خلال السنوات الماضية التي شهدت تحولات استراتيجية في الموقف الأمريكي من أُسس التسوية وعملية السلام.

سوف نسلط الضوء في هذا المقال على أهمية الدور السعودي في حل الخلافات العربية والإقليمية والدولية، والدور السعودي في دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وتصفية وإنهاء الخلافات العربية لتوحيد الموقف العربي من القضايا الكبرى، كما نتناول أهمية نتائج قمّة جدّة في دعم القضية الفلسطينية في مواجهة السياسات الإسرائيلية والتجاهل الأمريكي.

أولاً: الدور السعودي في إنهاء الخلافات العربية والأزمات الدولية

تأكيدًا على أهمية الدور السعودي في تصفير الخلافات والأزمات الدولية والإقليمية، تحدث وزير الخارجية السعودي الأمير "فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود" خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي 2022م، حيث أكد موقف بلاده إزاء الأوضاع في اليمن وليبيا وفلسطين والسودان ولبنان وسوريا والعراق وأفغانستان وأوكرانيا. كما أشار إلى اهتمام بلاده بترسيخ قيم الانفتاح وحقوق الإنسان، وأكد على ضرورة الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، وأكد على دعم بلاده المستمر لمبادئ الشرعية الدولية الهادفة للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم اللجوء للقوة أو التهديد بها. ودعا إلى إصلاح مجلس الأمن "ليكون أكثر عدالة في تمثيل واقعنا اليوم، وأكثر فاعلية في مواكبة تحولات وتطورات المجتمع الدولي، وأكثر كفاءة في معالجة تحدياته المشتركة".

لقد سعت المملكة منذ نشأتها في حل الخلافات العربية والإقليمية، فقد لعبت الرياض دورًا محوريًا في الخلاف الإثيوبي والإريتري وصولاً للتوقيع على اتفاق سلام بين البلدين، فهذه الاتفاقية تأتي ضمن الدور الذي تضطلع به السعودية في حل الخلافات ومنع الفتن، والتي كان من ضمنها اتفاق السلام بين إريتريا وإثيوبيا الذي تم التوقيع عليه في مدينة جدّة عام 2010م، والذي يبين الدور التاريخي الذي ظلت المملكة تلعبه على مدار تاريخها في إنهاء الصراعات وتحقيق الأمن والاستقرار، وتأتي هذه الاتفاقية ضمن الدور الذي تضطلع به السعودية في حل الخلافات في منطقة القرن الإفريقي التي لا يفصلها عن المملكة إلا البحر الأحمر.

كما سعت الرياض لإنهاء النزاع العسكري الدائر الآن في الخرطوم، عبر استضافة أطراف الصراع، فمع استمرار القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. فقد عرضت الرياض بالتعاون مع الولايات المتحدة عقد مفاوضات بين الطرفين في مدينة جدة السعودية، وقد تمخضت المفاوضات عن إعلان جدة، حيث استضافت مدينة جدة محادثات ضمت ممثلين عن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أسفرت عن توقيع الطرفين على إعلان جدة الذي وضع ثلاثة شروط و21 التزاما على طرفي النزاع.

وقد نص الاتفاق على أن هذا الإعلان لن يؤثر على أي وضع قانوني أو أمنى أو سياسي للأطراف الموقعة عليه، ولا يعنى الانخراط في أي عملية سياسية. كما نص أيضًا على ضرورة التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأهداف المدنية والعسكرية، وتبدو أهمية اتفاق جدة لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في أنه يفتح الطريق أمام وقف إطلاق النار لأسباب سياسية، أي البناء على ما تم الاتفاق عليه وخلق واقع جديد ينهي المواجهات المسلحة ويعيد البلاد لطاولة الحوار السياسي المتعثر.

 في إطار توحيد الجهود وتنقية الأجواء العربية، سعت الرياض أيضًا لعودة سوريا للجامعة العربية، ففي إطار مساعي السعودية تهيئة الأجواء العربية وإنهاء حالة القطيعة مع سورية، سعت ونجحت في إعادة سورية لشغل مقعدها في الجامعة بعد سنوات من تعليق عضويتها بسب الأزمة السورية.

 فقد عقد مجلس التعاون الخليجي اجتماعًا في مدينة جدة بالسعودية شاركت فيه (مصر والعراق والأردن)، في سياق حراك دبلوماسي يعكس مساعي الرياض لاستعادة العلاقات مع سوريا وإيران عقب قطيعة دامت لسنوات.

ففي إطار حراك دبلوماسي يرمي إلى دعم عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، استضافت السعودية اجتماعًا لمجلس التعاون الخليجي استكمالاً لمسار التحولات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، والتي استهلت الشهر الماضي باستئناف الرياض وطهران علاقاتهما الدبلوماسية. لقد جاء التوقيع على اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران برعاية صينية ضمن الاستراتيجية الجديدة التي تبناها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والتي يهدف من خلالها إعادة تدوير الزوايا الحادة في العلاقات العربية والإقليمية، والبحث عن الفرص المتاحة لتعزيز الدور السعودي على المستويات السياسية والاقتصادية، وتجنب الدخول في أزمات لا فائدة منها. فدوافع توقيع الرياض اتفاق عودة العلاقات الدبلوماسية مع طهران تعود للسياسة السعودية الحكيمة التي لم تستفز بالاعتداءات من قبل وكلاء إيران في المنطقة، على الرغم من سعي بعض القوى العالمية لاستدراج المنطقة إلى تحالفات تصب في مصلحتها.

 لا شك أنّ نجاح الرعاية السعودية في التوصل لإعلان جدة، وعودة سورية لشغل مقعدها في الجامعة العربية، وعقد قمة عربية "توحيدية وتوافقية"؛ يعبر عن نجاح السياسة الخارجية السعودية في التدخل وحل كثير من الأزمات والخلافات العربية، بما يساهم في إحياء العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة العربية والعالم.

 ثانياً: الدور والمبادرات السعودية لدعم الحقوق الفلسطينية

موقف المملكة من قضية فلسطين ثابت لا يتزحزح عبر تاريخها المجيد؛ فمنذ عهد مؤسسها الملك عبد العزيز -يرحمه الله-، وقفت المملكة في مؤتمر لندن عام 1935م المعروف بمؤتمر المائدة المستديرة لمناقشة القضية الفلسطينية تأييدًا لمناصرة الشعب الفلسطيني.

في عام 1943م، أسست المملكة قنصلية عامة لها في مدينة القدس بفلسطين لتسهيل الاتصالات مع الشعب الفلسطيني وتيسير الدعم لقضيته العادلة، وعام 1945م، وقد تقدمت المملكة العربية السعودية في سياق دعم حقوق الشعب الفلسطيني بالعديد من المبادرات السياسية التي سعت من خلالها الرياض تثبيت الحقوق الفلسطينية المشروعة وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

 البداية كانت مع مبادرة الأمير فهد الأولى والثانية عام 1981م، حيث ساعدت الظروف والأجواء التي كانت سائدة في تلك الفترة، بسبب التوتر السياسي والعسكري القائم بين الثورة الفلسطينية وإسرائيل،  في طرح مبادرة  الأمير فهد في القمة العربية  الثانية عشر يوم 25/11/1981م، في مدينة فاس بالمغرب، حيث سبق القمة اجتماع تمهيدي لوزراء خارجية الدول العربية، تناولوا فيه مذكرة تقدمت بها المملكة العربية السعودية، عرفت لاحقًا باسم مشروع الأمير فهد، حيث جاء هذا المشروع كأول مبادرة عربية وسعودية لحل القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي.

قدمت المبادرة خطة سياسية واقعية شاملة لحل القضية الفلسطينية تستهدف انتباه الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا من خلال ثماني مبادئ طرحت على الصحافة في 7 أغسطس 1981م، تضمنت انسحاب إسرائيل وإزالة مستعمراتها في أراضي 1967م، وتأكيد حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وضمان إتاحة الأماكن المقدسة لجميع الأديان، ووضع الضفة الغربية والقطاع تحت إشراف الأمم المتحدة لبضعة أشهر، وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس، " وتأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام " وضمان الأمم المتحدة أو الدول الكبرى تنفيذ تلك المبادئ.

ودعت مبادرة الأمير فهد -التي اعتمدت بشكلٍ كبير على قرار مجلس الأمن رقم 242 إلى إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل رسميًا بعدها بعام إلى أراضيها. كما جاءت المبادرة العربية التي تقدم بها الأمير عبد الله عام 2002م، في قمة بيروت لكي تؤكد على أهمية السلام العادل والشامل، حيث ربطت المبادرة أي تسوية سياسية مع إسرائيل بحل القضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية، كشرط ومدخل لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ويتمحور موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية والقدس الشريف على عوامل أصيلة إسلامية عربية أخلاقية تاريخية ذات مصداقية لا يمكن العودة والتراجع عنها إطلاقًا نحو قضية الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، ففي مؤتمر القمة العربي عام 2002م، في بيروت، حددت السعودية موقفها، وعرضت المبادرة العربية التي تركز على مبدأ أصيل في الفكر السياسي العربي، يقوم على أساس (الأرض مقابل السلام)، وهذا لا ينسجم إلا بانسحاب القوات العسكرية الإسرائيلية من أراضي الضفة الغربية ومدينة القدس العربية الإسلامية الشرقية وقطاع غزة، وقيام دولة عربية فلسطينية في حدود سنة 1967م، وعاصمتها القدس العربية الشرقية. كما استضافت السعودية الفصائل الفلسطينية في مدينة مكة المكرمة، خلال أحداث الانقسام، ونجحت في توقيع الأطراف الفلسطينية المتنازعة على اتفاق مكة للمصالحة الفلسطينية، في محاولة لتوحيد الصف الوطني الفلسطيني، لمواجهة التحديات الإسرائيلية والإقليمية والدولية التي عبثت بالقضية الفلسطينية، لكن الأطراف الفلسطينية لم تع جيدًا خطورة المرحلة.

على الجانب المالي والاقتصادي استمر الدعم السعودي غير الآيل للانقطاع، حيث وفرت الرياض دائمًا شبكة أمان مالية لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية. البداية كانت ديسمبر 1968م، صدرت فتوى شرعية بجواز دفع الزكاة إلى اللجان الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني، وفي 1969م، وجه حينها رئيس اللجنة الشعبية لدعم الفلسطينيين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مبادرتين، الأولى: خطاب يدعو فيه السعوديين للاكتتاب لصالح رعاية أسر مجاهدي وشهداء فلسطين بنسبة 1 % من رواتبهم، والثانية: "سجل الشرف" ويلتزم من خلاله الأفراد والتجار والشركات والمؤسسات بتقديم تبرعات منتظمة لحساب اللجنة الشعبية، كما وقفت السعودية في وجه محاولات إدارة ترامب تصفية القضية الفلسطينية، وأسس التسوية، عبر مجموعة من القرارات المنحازة للطرف الإسرائيلي، في تأكيد على الانزياح الكامل للمواقف الأمريكية تجاه إسرائيل، وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

 حيث أعلن الملك سلمان بن عبد العزيز خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية (الـتاسعة والعشرون) في مدينة الظهران التي أطلق عليها "قمة القدس"، عن رفض بلاده لكل محاولات تغير الوضع في مدينة القدس، حيث قال جلالته: "ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين".  وقدم تبرعًا بمبلغ 150 مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس، وبمبلغ 50 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

وأكد إعلان قمة الظهران، على مركزية القضية الفلسطينية، مشددًا على "بطلان وعدم شرعية القرار الأمريكي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل"، داعيًا إلى "أهمية تعزيز العمل العربي المشترك المبني على منهجية واضحة وأسس متينة تحمي أمتنا من الأخطار المحدقة بها وتصون الأمن والاستقرار.

المواقف الثابتة من قبل المملكة العربية السعودية دائمًا ما تجد ترحيبًا من القيادة والشعب الفلسطيني، خاصة أن الرياض لم تحاول يومًا توظيف القضية الفلسطينية لتحقيق أجندات سياسية، بل عملت على تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والمالية.

وزير الخارجية الفلسطيني "رياض المالكي" أكد أن بلاده تثمن الدور السعودي الكبير لدعم القضية الفلسطينية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان. وقال إن القضية الفلسطينية "ستبقى محمية بالدعم السعودي لها"، مشيرًا إلى أن دعوة السعودية لعقد اجتماع طارئ في جدة لبحث تداعيات تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي حول ضم أجزاء من الضفة الغربية، تعتبر دليلاً على استمرار الدعم العربي والإسلامي، بقيادة السعودية، للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

تميزت المواقف والسياسات السعودية تجاه القضية الفلسطينية بالثبات والاستمرارية، والدعم المتواصل على كافة المستويات، حيث عملت الرياض على دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وتقديم المبادرات السياسية والدبلوماسية، ومساندة المفاوض الفلسطيني، في كل مراحل النضال الوطني الفلسطيني.

ثالثًا: إعلان جدة والقضية الفلسطينية

 تعتبر القضية الفلسطينية من القضايا دائمة الحضور على أجندة مباحثات القادة والملوك العرب خلال القمّم العربية، خاصة أنها تعتبر قضية العرب والمسلمين الأولى. حيث عملت الرياض على تهيئة الأجواء العربية، كما عملت على تواجد قوي وفعال للقضية الفلسطينية خلال القمة في مدينة جدة التي انعقدت 19 مايو 2023م، بمشاركة قادة وملوك الدول العربية.

انعقدت القمة في أجواء عربية إيجابية بفضل الجهود السعودية لتهيئة الأجواء العربية قبل القمة، رغم التحديات الأمنية والأزمات السياسية والاقتصادية. حيث يمثل الجانب الأمني، ومكافحة الإرهاب في المنطقة أولوية كبيرة، في ظل تداعيات الأزمة العالمية، ومواقف الدول العربية من الأزمة في أوكرانيا، والتي خلقت بعض الفتور مع واشنطن ودول الغرب، يمكن أن تتبعها انعكاسات أمنية على صعيد الملفات المشتعلة منذ العام 2011م، وفق الخبراء.

 قبيل انعقاد القمة بأيام مندوب فلسطين في جامعة الدول العربية السفير "مهند العكلوك" أكد أن القضية الفلسطينية ستتصدر أجندتها، من خلال تشكيل لجنة وزارية ستعقد على هامش القمة، لبحث 4 ملفات مهمة، تخص القضية الفلسطينية، "تشمل الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، خاصة ونحن نشهد عدوانًا إسرائيليًا متواصلاً ومتصاعدًا، ومتابعة حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وحشد الدعم الدولي اللازم، وتوسيع الاعتراف بدولة فلسطين، في إطار حل الدولتين، وعقد مؤتمر دولي للسلام وفق رؤية الرئيس محمود عباس.

 كما أكد البيان الختامي للاجتماع الوزاري التشاوري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية العراق، مركزية القضية الفلسطينية، وأولويتها.

واتفق زعماء العرب في البيان الختامي لقمتهم (الثانية والثلاثين)، على ضرورة التكاتف لحل قضايا الأمة، وقد اتخذت أجواء القمة الطابع الإيجابي والتفاؤل بوحدة غير مسبوقة لجميع الدول العربية، وعلى رأس القضايا التي ناقشتها القمة ، قضية الشعب الفلسطيني والأزمات المستجدة في السودان وليبيا، فضلاً عن قضايا اليمن وسوريا ولبنان، وتوحيد المواقف في علاقات الدول العربية بمحيطها الإقليمي والدولي، وتضمن البيان الختامي للقمة أكثر من 32 بندًا لمختلف القضايا الملحة في العالم العربي، بدءًا من القضية الفلسطينية والأزمة السورية والوضع اللبناني، مرورًا بالملف الإيراني، وصولاً إلى قضايا البيئة والأمن السيبراني، والملفات الاقتصادية والاجتماعي.

 وحمل البيان الختامي للقمة اسم إعلان جدة   في إشارة لأهمية القرارات العربية التي صدرت عن القمة، حيث أكد الإعلان على أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية، وإيجاد أفق حقيقي لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين، وفقًا للمرجعيات الدولية وعلى رأسها مبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة، ومبادئ القانون الدولي بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية بحدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية.

وأدان البيان الختامي، الممارسات الإسرائيلية اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين، وفرص تحقيق السلام العادل والشامل، كما أدان الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك-الحرم القدسي الشريف، وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة. كما أكد البيان على مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية جمعاء، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وحق دولة فلسطين في السيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967م، كافة، بما فيها القدس الشرقية، وأهمية تفعيل "مبادرة السلام العربية". وأكد القادة العرب على ضرورة وقف كل الإجراءات الأحادية التي تقوض حل الدولتين، واحترام الوضع التاريخي القائم في القدس ومقدساتها، كما أكد القادة أهمية دعم الاقتصاد الفلسطيني ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا).

أعادت قمة جدة الاعتبار للقضية الفلسطينية، كقضية مركزية لدى العرب والمسلمين بعد سنوات شهدت تراجعًا عربيًا ودوليًا بها نتيجة التحولات والتحديات الدولية والإقليمية، عبر التأكيد على أهمية الوصول لتسوية عادلة وشاملة، على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين، وأدانت الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى المبارك، وأكدت على هوية مدينة القدس، وعروبة المدينة في مواجهة إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كما دعت المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته بإجبار إسرائيل على الالتزام بقواعد القانون الدولي، والاتفاقيات الموقعة.

خاتمة

تميزت السياسة الخارجية السعودية بالثبات والاستمرارية في الالتزام بميثاق الأمم المتحدة والمساهمة في حل الخلافات والنزاعات العربية والإقليمية والدولية بالطرق السلمية، وعملت على تقديم كافة اشكال الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني. كما عملت السياسة الخارجية السعودية على إنهاء العديد من الأزمات والنزاعات العربية والإقليمية خلال الفترة الماضية، كان أهمها وأخرها إعلان جدة الذي أدى لوقف إطلاق النار بين الجيش السوادني و قوات الدعم السريع، وعودة سورية لشغل مقعدها في الجامعة العربية، وتقديم الدعم السياسي والمالي للشعب الفلسطيني.

كما جاءت نتائج القمة العربية التي انعقدت في مدينة جدة السعودية مرضية للشعب الفلسطيني، حيث أكدت القمة على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة التزام إسرائيل كدولة احتلال عسكري بقواعد القانون الدولي، والاتفاقيات الموقعة، وأكدت على التواصل للسلام العادل والشامل وفق مبدأ الأرض مقابل السلام، وأدانت الممارسات الإسرائيلية التي تستهدف تغير الطابع الإسلامي لمدينة القدس القديم، وأكدت القمة على ضرورة تقديم الدعم للشعب الفلسطيني لمواجهة السلوك العدواني الإسرائيلي المتكرر.

مجلة آراء حول الخليج