array(1) { [0]=> object(stdClass)#13016 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 188

خمس أدوات لتعزيز القوة الناعمة لسلطنة عمان من خلال العمل السياسي

الأحد، 30 تموز/يوليو 2023

تعتبر القوة الناعمة أحد أهم مرتكزات السياسة الخارجية لسلطنة عمان. ففي إطار السياسة الحكيمة التي تبناها كل من السلطان قابوس بن سعيد، والسلطان هيثم بن طارق ابتعدت السلطنة عن سياسة التحالفات واستخدام الوسائل العسكرية في حماية مصالحها وتحقيق أهدافها القومية، ولجأت إلى الوسائل الدبلوماسية التي اتسمت بالوسطية والاعتدال في الوصول الي أرضية مشتركة تحقق الأهداف والمصالح المشتركة. كما برعت السلطنة في توظيف حضارتها وثقافتها وتاريخها وموقعها الجغرافي ومقوماتها الاقتصادية والمالية في توطيد علاقاتها الخارجية والاقتصادية مع الدول الأخرى. فهل تستطيع السلطنة ودول الخليج في الاستفادة من قوتهم الناعمة لتحقيق أهداف التكامل الاقتصادي الإقليمي؟

مفهوم القوة الناعمة في السياسة الخارجية العمانية

ظهر مفهوم القوة الناعمة بعد الحرب العالمية الثانية ليعكس التطور الفكري في العلاقات الدولية وأن أهداف السياسة الخارجية يمكن تحقيقها من خلال وسائل دبلوماسية، وهيمنة ثقافية وسياسية، ومقومات مالية واقتصادية.  فقد أدركت القوى الكبرى أن استخدام القوة العسكرية لم تعد فعالة لتحقيق أهدافها وحماية مصالحها، لذلك سعت إلى استحداث أساليب أكثر فعالية في جذب الدول إليها وتحقيق أهدافها عن طريق الجاذبية بدلاً من الإرغام أو دفع أموال، وأصبحت برامج المساعدات الخارجية والبرامج التنموية، والتبادل الثقافي، واتفاقيات التعاون المشترك أهم أليات ومفردات القوة الناعمة التي ظهرت في العقود الخمسة الماضية.

بدأت ملامح القوة الناعمة في السياسة الخارجية العمانية مع توجه السلطان قابوس لاتباع سياسة حسن الجوار والرجوع إلى الأساليب الدبلوماسية والسلمية في حل المنازعات الإقليمية والصراعات الدولية منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، كما سعت السلطنة إلى تثبيت قواعد القانون والعقلانية والحكمة في معالجة كل القضايا التي تعاملت معها بشكل مباشر أو غير مباشر، واحترام قيم كثيرة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وتوفير حياة كريمة للمواطنين، مما أكسبها ثقة واحترام المجتمع الدولي. وبالتالي يمكن القول إن الفكر السياسي والمعتقدات والتصرفات والسلوكيات السياسية للسلطان في البيئة السياسية الدولية تعد ليس فقط أبرز جوانب التوجيه والتشريع السياسي فيما يتعلق بموجهات ومبادئ السياسة الخارجية العمانية، بل أيضًا أحد أبرز أدوات القوة الناعمة التي كان لها أثر إيجابي كبير على قرارات وتوجهات السياسة الخارجية العمانية. ويمكن التعبير عن القوة الناعمة للسياسة الخارجية العمانية عبر الفكر السياسي للسلطان من خلال توسيم السياسة الخارجية عبر المبادئ السياسية الموجهة لها والمبادئ الأمنية النابعة منها، ورسم تصور ذهني للعالم على أنها سياسة خارجية ذات طبيعة إنسانية وأخلاقية وثقافية.

وقد نجحت سلطنة عمان في تحديد ملامح سياستها الخارجية والتي اتسمت بالوسطية من خلال اعتماد منهجية التخطيط المسبق، والالتزام بعدم اتخاذ قرارات متسرعة أو غير مدروسة، وعدم الانحياز المسبق لأي طرف دولي دون آخر، واتسام سلوكها بالموضوعية والإيجابية ووفق ما تمليه المفاهيم والتطورات الحديثة التي يشهدها المجتمع الدولي، والتوائم بين الموروث الديني والحضاري والشخصية العمانية المتسمة بالعقلانية والتبصر من جهة وبين المحافظة والحداثة من جهة أخرى.  وقفت السلطنة أيضًا على مسافة واحدة من كل الأقطاب سواء كانت إقليمية أو دولية، وتعاملت مع الجميع بصورة متوازنة ودون انحياز أو تفضيل لدولة على أخرى، واتباع مبدأ التسامح مع الأخر، مما ساعدها في التوفيق بين الخلاف والاتفاق، ونزع فتيل الأزمات عبر انتهاج التهدئة والحياد الإيجابي تارة، والوسيط المحايد والموضوعي في حل الخلافات والنزاع والملفات المثيرة للجدل بين الدول تارة أخرى، مثلما حدث في الملف النووي الإيراني، والمصالحة القطرية  ـ الخليجية، والأزمة اليمنية، والالتزام بمنهجية الحوار والتقارب التي تقوم به السلطنة حاليًا لاستعادة العلاقات المصرية الإيرانية، ومحاولة تحريك القضية الفلسطينية من خلال إيجاد تفاهمات جديدة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل أثناء زيارة وزير الخارجية العماني إلى رام الله في يونيو 2023.

 أهمية موقع السلطنة الجغرافي في التجارة العالمية

نجحت سلطنة عمان في توظيف موقعها الجغرافي المتميز واطلالتها على أهم الممرات المائية الهامة في تعزيز مكانتها الاستراتيجية في النظام التجاري الدولي وتسهيل ربط السلطنة بسلاسل الإمدادات العالمية. ونظرًا لأهمية موقعها الاستراتيجي للتجارة العالمية، فقد اهتمت السلطنة بالاستثمار في قطاع الموانئ البحرية، لتعزيز الاستفادة من هذا الموقع الذي يتميز بإشرافه على مضيق هرمز، ووقوعه على مجموعة من البحار، كبحر عُمان، والخليج العربي، وبحر العرب، بإطلالته على المحيط الهندي، وقربه من خطوط الملاحة العالمية، فأصبح يمثل نقطة الارتباط بين خطوط الملاحة التي تصل بين قارات العالم.

مما لا شك فيه أن موانئ السلطنة المحيطية في صلالة وصحار، بالإضافة إلى الميناء الجديد في المنطقة الحرة في الدقم يدل على أن سلطنة عمان توفر قاعدة آمنة ومستقرة ومجهزة تجهيزًا جيدًا للعمليات الإنتاجية والتجارية العالمية ومركزًا هامًا للخدمات اللوجستية، خاصة بعد أن سهلت هذه الموانئ  وصول السفن التجارية إلى موانئ الصين شرقاً، وأقصى سواحل شرقي إفريقيا، وارتبطت السلطنة بعلاقات تجارية قوية مع الساحل الهندي، مما أسهم في بناء منظومة تجارية عُمانية في منطقة المحيط الهندي، أتاحت إيجاد فرص متعددة للتجارة، والارتباط بعلاقات مع مختلف  دول العالم.

الدور الثقافي والحضاري في دعم القوة الناعمة لسلطنة عمان

إن الموقع الاستراتيجي للسلطنة يتجاوز القيمة المكانية بحيث يمكن أن يصبح موقعًا استراتيجيًا على مستويات إنسانية ومفاهيمية من خلال ما تتبناه سلطنة عمان من مشاريع التواصل الحضاري ونسج العلاقات بين الدول، وبسط ثقافة السلام والتعايش بين الشعوب. وقد سعت السلطنة على مر العصور إلى إظهار عمق اتصالها بالتاريخ والتراث الذي ينعكس على المفاهيم الحديثة للتطور والتنمية في الوقت الحاضر، بحيث تنسج هذا العمق التاريخي من خلال تأملات أكثر عمقًا ودراسات جديدة في صميم المصالح الراهنة والمنشودة لتحويل السلطنة إلى دولة رائدة ومتقدمة في المستقبل.

تساهم السلطنة أيضًا في برامج التبادل الثقافي مع دول العالم، وإطلاق برامج تعليم اللغة العربية كعامل أساسي في نقل الثقافة العمانية في البلدان الأخرى، وزيادة نسبة المنح المقدّمة للطلاب الأجانب للدراسة في الجامعات العمانية، والتبادل التعليمي بين الجامعات، واستحداث المعاهد الثقافية في الخارج، إضافة إلى تعزيز التواصل مع دول العالم عبر إنشاء محطات إذاعية وتلفزيونية، وتوفير المواقع الإلكترونية الحكومية وغير الحكومية الإخبارية والثقافية بعدة لغات لضمان إمكانية التفاعل مع الشعب العماني. هذا بالإضافة إلى إرسال بعثات المعلّمين والأطباء والمهندسين إلى الدول الصديقة، وإنشاء كراسي بحثية في عدة مجالات علمية في الجامعات ومراكز الأبحاث الدولية المرموقة.

دور القيم السياسية في تعزيز القوة الناعمة

تتنوع أدوات القوة الناعمة السياسية تبعًا لمصادر القوة أو الموارد الموجودة لدى السلطنة. ويمكن تحديد خمس أدوات لتعزيز القوة الناعمة من خلال العمل السياسي.

أولاً: تعزيز مبادئ الحرية والعدالة والقانون، وتعزيز مفاهيم الديمقراطية والتعددية والحوار، وتشجيع ثقافة السلام ودعم حقوق الإنسان والقيم الإنسانية العليا، وتغليب لغة المصالح والعمل المشترك. 

ثانيًا: تقوية المؤسسات الدبلوماسية وتوسيع رقعة التمثيل الدبلوماسي، وطرح، مبادرات دبلوماسية تجاه الدول الأخرى؛ بهدف تحسين أو تطوير العلاقات الثنائية المتعددة الأطراف، على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتبنّي مبادرات تستهدف إحلال السلام أو الوساطة أو حل النزاعات بين الأطراف المختلفة. كما يدخل في هذا الإطار تفعيل الدبلوماسية العامة والشعبية بين المجتمعات الخليجية وكل ما يرتبط بها، والدفاع عن القضايا العادلة والمحقّة والقضايا ذات الطابع الإنساني وإنشاء ما أمكن من المؤسسات والتجمعات الإقليمية والدولية التي تهتم بتعزيز العمل المشترك والتعاون المتعدد الأطراف بين الدول أو الانضمام إليها.

ثالثا: إدراك السلطنة بأهمية مكانتها على الصعيد الدولي والتزاماتها تجاه المجتمع الدولي، حيث أخذت السلطنة على عاتقها تحمل مسؤولية تأمين مدخل الخليج العربي، والحفاظ على تأمين سلامة الملاحة الدولية في مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله ما يعادل 35% تقريبًا من النفط إلى أسواق الطاقة الدولية.  ساعد هذا الدور السلطنة على القيام بدور الوسيط النزيه في الصراع بين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في مواجه التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز.

رابعًا: رفض السلطنة عسكرة الصراعات الدولية وسياسة الأحلاف والمحاور، للاهتمام بالتنمية المستدامة بالداخل، والتعاون والسلام في الخارج من أجل خير البشرية. واقتصر مشاركة سلطنة عمان بفعاليات في قوات حفظ السلام، وتنفيذ عمليات حفظ السلام، أو فضّ النزاع، أو خفض تصعيد، أو تحقيق استقرار. وقد تكون متمثّلة في عمليات إغاثة وإنقاذ، ومساعدات إنسانية، وإعادة إعمار في أوقات الأزمات والكوارث، حيث تعد السلطنة من أكثر الدول مساندة للشعب اليمني وأكثر تحركًا لإيجاد حل سلمي للأزمة اليمنية.

خامسًا: تمتع سلطنة عمان بشبكة كبيرة من العلاقات السياسية والاقتصادية من خلال عقد خمس اتفاقيات تجارة حرة مع الشركاء التجاريين، تضم 33 دولة منها الولايات المتحدة وسنغافورة ودول مجلس التعاون الخليجي ودول منطقة التجارة العربية البينية الحرة والدول الأوروبية غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وتقوم السلطنة حاليًا بالإعداد لتطوير شبكة علاقات تجارية مع الشركاء التجاريين الأكثر ارتباطا بالسوق العماني مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية ودول ساحل شرق إفريقيا من أجل إبرام سلسلة جديدة من اتفاقيات التجارة الحرة، والتي تعزز من متانة الاقتصاد العماني وربطه بالاقتصاد العالمي.

دور التنمية والتنويع الاقتصادي في زيادة القوة الناعمة للسلطنة

حددت رؤية عمان 2040 استراتيجية طموحة لتنمية القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي من أجل خلق اقتصاد أكثر تنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية. وقد عمدت هذه الاستراتيجية التنموية على ربط الموارد والمقومات وجذب رؤوس الأموال والتكنولوجيا والمعرفة، والوصول إلى الأسواق، والتي تمثل عناصر ضرورية لتعظيم الاستفادة من الجاهزية، والدفع نحو مزيدٍ من التنويع الاقتصادي وخلق فرص العمل للشباب، وتعزيز القدرة التصديرية للبلاد وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر للمساهمة مع الاستثمار المحلي في تنويع القاعدة الإنتاجية، ودعم قدرات القطاع الخاص لقيادة عملية التنمية.

 إن الحفاظ على قوة السلطنة الناعمة يحتم عليها تشيد ركائز راسخة للاقتصاد العماني الحديث من خلال نقلة نوعية في حجم وطبيعة المشاريع الاقتصادية والصناعية والسياحية، هدفها إيجاد أكبر قدر ممكن من التنوع في الاقتصاد العماني غير المعتمد على النفط كمصدر أساسي. ساعد في تحقيق هذه الطفرة عدة عوامل، أهمها توفير البنية الأساسية كميناء صحار الصناعي والمناطق الصناعية وإنشاء المناطق الحرة ومشاريع البنية الأساسية لقطاع السياحة والقطاع اللوجيستي وسلاسل التوريد وغيرها، مما شجع على اجتذاب رؤوس الأموال الأجنبية للبلاد.

كما أن انضمام السلطنة إلى عدد من المنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وصندوق النقد الدولي ساعد على تهيئة الظروف أمام القطاع الخاص ليكون قادرًا على التعامل مع متطلبات التحرير الكامل للأسواق وحرية انتقال السلع والخدمات ورؤوس الأموال وتفعيل نظام الحوكمة الرشيدة وتحديث العديد من القوانين والتشريعات لتتماشى مع متطلبات العولمة والاندماج في الاقتصاد العالمي.

سعت السلطنة في إطار التنويع الاقتصادي المرتكز على الصادرات إلى العمل على استغلال وتصنيع مواردها الطبيعية لا سيما الغاز الطبيعي وإلى زيادة القيمة المضافة لتلك الموارد حيث كثفت الحكومة جهودها للترويج لذلك، وأثمرت تلك الجهود إلى توقيع اتفاقيات لإنشاء بعض المشاريع الصناعية الكبرى في ولاية صحار كمشروع مصفاة صحار ومشروع البولي بروبلين ومشروع اليوريا والأمونيا ومشروع الميثانول ومصهر الألمنيوم ومشروع الصلب والحديد وغيرها من المشاريع بالإضافة إلى مشروع الأسمدة في ولاية صور ومشروع شركة قلهات للغاز الطبيعي المسال ومصفاة الدقم. كما حظيت قطاعات السياحة والثروة السمكية والنقل واللوجستيات باهتمام كبير في السلطنة نظرًا لما تقدمه من إسهامات في إطار سياسة تنويع الاقتصاد العماني.

مكامن القوة الناعمة في السلطنة ومدى تأثيرها

تمتلك سلطنة عمان الكثير من مقومات القوة الناعمة التي ساعدتها على لعب دور محوري في العديد من القضايا الدولية الهامة مثل الملف النووي الإيراني والأزمة القطرية الخليجية وأزمة اليمن، كما ساهمت الدبلوماسية العمانية بدور بارز في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين السلطنة وعدد كبير من دول العالم. تعد العلاقات الودية والحميمة التي تتمتع بها السلطنة في المجتمع الدولي أحد أهم نتائج الدبلوماسية النشطة، وعقد الملتقيات وتنظيم المؤتمرات لتوسيع دوائر التعاون المشترك، وإبرام الاتفاقيات الاقتصادية، في مسعى من السلطنة لتحسين سمعتها وتعزيز مكانتها إقليميًا وعالميًا.

يمكن الاستفادة من هذه القوة الناعمة، في الترويج لسلطنة عمان اقتصاديًا، عن طريق التعريف بالتسهيلات والحوافز التي استحدثتها الحكومة لجذب الاستثمار الأجنبي، وتقديم عروض مرئية للبنية الأساسية الراقية من طرق ومطارات وموانئ حديثة ومرافق خدمية، تغطي وتربط كافة أجزاء سلطنة عمان، كما على بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج مضاعفة جهودها في الترويج للمقاصد السياحية العمانية، وتسويق سلطنة عمان كواحة للهدوء والأمن والاسترخاء، وسط منطقة مضطربة تمزقها الحروب والصراعات.

 تعتبر سلطنة عمان من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي انتهجت مبادئ الحوكمة، ووصلت إلى مكانة متقدمة، تمثلت بتضمينها في النظام الأساسي للدولة وفي القوانين والتشريعات، وتأسيس مركز متخصص في هذا المجال هو مركز عمان للحوكمة والاستدامة. تعد الحوكمة أحد مكونات القوى الناعمة العمانية، لما تحققه من فوائد على المستويين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فالحوكمة ضمانة أساسية لتحقيق النزاهة وإقامة العدل والمساواة، وترسيخ مبدأ الشفافية والمساءلة والمحاسبة، وهي المؤشرات الأساسية التي تسهم في استقطاب رؤوس الأموال وتحسين السمعة الدولية للسلطنة. كذلك يمكن تسخير الحوكمة والاستفادة من مبادئها وأحكامها في تعزيز ما تمتلكه السلطنة من مصادر القوة الناعمة المتعددة.

أما عن تقدم الدول الخليجية في مؤشر القوة الناعمة، فيشير جدول 1 إلى تقدم ملحوظ في مؤشر القوة الناعمة، حيث تقدمت دولة الإمارات خمسة مراكز في عام 2023 لتصل إلى المركز ال 10 بعدما كانت في المرتبة 15 في 2022. كما تقدمت السعودية خمسة مراكز لتسجل المركز ال 19 في 2023 بعد أن كانت في المركز ال 24 في العام السابق. في حين تقدمت قطر بمركز واحد والكويت بمركزين وعمان بأربعة مراكز ليسجلوا المراكز ال 24 وال 35 وال 46 عالميًا، على التوالي، في 2023، ثم تقدمت البحرين 18 مركزًا لتحتل المركز ال 50 في 2023.

جدول (1): ترتيب دول الخليج في مؤشر القوة الناعمة العالمي

الدولة

2022

2023

الإمارات

15

10

السعودية

24

19

قطر

26

24

الكويت

36

35

سلطنة عمان

49

46

البحرين

68

50

المصدر: (2023). Brand Finance  

 

أما بالنسبة لسلطنة عمان، فقد أوضح تقرير مؤسسة براند فاينانس البريطانية لعام 2023 تقدم تصنيف السلطنة في العديد من المحاور، حيث تقدمت 28 مركزًا في محور الشعب والقيم وجاءت في التصنيف الـ 29 عالميًا، وتقدمت 24 مركزًا في محور الثقافة والتراث وجاءت في التصنيف الـ 62 عالميًا. وسجلت أيضًا تقدمًا بـ 19مركزًا في محور التعليم والعلوم وجاءت في التصنيف ال 36 عالميًا، و13 مركزًا في محور الإعلام والاتصال لتتبوأ التصنيف الـ 46 عالميًا. كما تقدمت 3 مراكز في محور العلاقات الدولية، وجاءت في التصنيف الـ 35 عالميًا، وتقدمت مركزًا واحدًا في الأعمال والتجارة لتتبوأ المركز الـ 39 عالميًا. فعلى الرغم من هذا مازالت السلطنة في موقع متواضع بين الدول الخليجية الأخرى، ولم تحصل على نصيبها العادل من الاستثمارات الخارجية ولا من حصيلة السياحة الدولية الذي يتناسب مع المقومات الطبيعية والبشرية التي تمتلكها.

تعظيم فائدة ومردود القوة الناعمة للسلطنة ودول المنطقة العربية

إن تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي يجعل المنطقة العربية قوة اقتصادية كبيرة، وهي تمثل قوة ناعمة مؤثرة فاعلة في العلاقات السياسية الدولية، حيث تمتلك كل مقومات التقدم والتنمية من موارد طاقة، وموارد طبيعية، موارد مالية، وموارد بشرية، وبالتالي تكون عاملاً مهماً لتحقيق الأمن القومي العربي. ويوصي الكاتب بأن توظف الدول العربية قوتها الناعمة بشكل تكاملي وليس تنافسي حتى يسمح لكل دولة بتعظيم الاستفادة من كل مقومات القوة الناعمة في المنطقة الخليجية والعربية.

يمكن لدول الخليج أن تستفيد من تقدمها في مجال القوة الناعمة في رفد الاقتصاد الوطني من خلال اتباع سياسات تشجع على التنويع الاقتصادي، وتحقق أهداف التنمية المستدامة، واستثمار في الطاقة المتجددة والنظيفة، التركيز على الرقمنة الاقتصادية، وتطوير مهارات تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة.

من جهة أخرى، لدى دول الخليج مجموعة من المزايا التنافسية الناشئة عن امتلاكها قدرات مالية كبيرة ما يمكنها من تطوير قطاعات مختارة. كما يمكن الاستمرار في الاستثمار في تنمية بعض القطاعات التي حققت فيها هذه الدول نجاحًا كبيرًا مثل قطاع النقل الجوي وتحولها إلى مركز تجاري عالمي يعيد توزيع منتجات دول أخرى، ومركز مالي وعقاري وقطاع مقاولات ذات خبرات كبيرة، مع الاستمرار في البحث عن قطاعات وصناعات وخدمات جديدة لتنميتها.

إن بداية تحقيق تكامل القوة الناعمة الاقتصادية يجب أن يتم بعزيمة وقرارات سياسية ويكون التنفيذ على مستوى الشعوب وبمشاركة وإشراف كل المنظمات الحكومية والإقليمية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل بناء الثقة وتحقيق أهداف التكامل الاقتصادي الإقليمي.

مقالات لنفس الكاتب