array(1) { [0]=> object(stdClass)#12963 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 188

القوة الناعمة الخليجية تعتمد على عنصر بشري مؤهل يحفظ الأمن ويحقق التنمية

الأحد، 30 تموز/يوليو 2023

منذ أن صك الأكاديمي جوزف ناي في كتابه (ملتزمون بالقيادة في - 1990) مفهومه القائل (بالقوة الناعمة للولايات المتحدة ) و عاد إليه تكرارًا  بتوسع في كتابه الثاني (القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الخارجية - 2004 )،  ومفهوم  ( القوة الناعمة) يعود إليه الأكاديميون الأمريكان مفاخرين بتلك القوة  الكبيرة والمؤثرة ( السنيما، و الموسيقى، و الكتب و التقنية الحديثةـ و نظام الحكم ، والقضاء المستقل، و حتى بنطال الجينز)، و الذي قال بعضهم إن تلك الوسائل كانت المعاول التي هدمت سور برلين قبل أن تبدأ المعاول و الجرافات  الحقيقية في هدمه ! كما أن المفهوم استعمل على نطاق واسع في الأدبيات العالمية.

وأصبح مفهوم (القوى الناعمة) مستخدمًا في الأدبيات السياسية حول العالم وفي المؤتمرات الديبلوماسية، وهو يعني باختصار القوى التي يملكها مجتمع ما من أجل (إقناع) الآخرين، ليس بصواب مساره فقط، ولكن أهمية أن يسير الآخرون طوعًا على منواله، أي تطويع الآخرين دون استخدام ما يعرف (بالقوة الصلبة)

لقد تطور هذا المفهوم من كونه يشمل (السينما والكتب والتقنية الحديثة ونظام الحكم وحقوق الإنسان) إلى أيضًا النظام الاقتصادي الناجح ومثال للتنمية متقدم ونموذج إدارة اجتماعية ناجحة.

استفادت الولايات المتحدة على مستوى العالم من خلال تلك الوسائل (خاصة السينما) لفترة طويلة لإقناع الشعوب بتوفق (القوة الأمريكية)، حتى غدت البلاد (ملاذًا) لكل من يتطلع لتطوير نفسه ويعيش في فضاء حر يحكمه القانون.

لقد استخدمت القوة الناعمة في مجالات كثيرة، فقد استخدمها النظام الناصري في ستينات القرن الماضي لإشاعة فكرة (القومية العربية) فاستخدمت الأغنية والسينما والكتب والمجلات، بل حتى العواطف، لتوسيع نفوذ مصر في الجوار، كما شاع النفوذ التركي في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي من خلال المسلسلات التركية المدبلجة إلى العربية و التي جلبت تدفقًا سياحيًا على تلك البلاد، بل وشاع أيضًا تعلم اللغة التركية من كثرة متابعة تلك المسلسلات.

في دول الخليج يتوفر الكثير من مصادر القوة الناعمة اليوم، سواء على الصعيد الإداري أو التنموي أو الثقافي، ولكل دولة من دوله (فائض قوة ناعمة) إن صح التعبير. وتشترك دول الخليج في بعضها وتتفاوت في بعضها الآخر في مصادر (القوة الناعمة).

في الكليات:

هناك نموذج تنموي واضح المعالم يمتد من مدينة دبي إلى الرياض ومن المنامة إلى مسقط و بين الدوحة و الكويت، بدرجات مختلفة، كل هذه المدن شهدت تقدمًا حضاريًا في التخطيط و البناء، أصبح مضرب المثال لغيرها في الدول الأخرى، كما أصبحت الطرق الفسيحة و البنايات الشاهقة ووسائل الموصلات السريعة بعض من المشهد الحضاري في تلك العواصم و المدن الخليجية، تضاهي إن لم يكن تتفوق على مثيلاتها في العواصم و المدن في دول متقدمة وعواصم قديمة.

ليس ذلك فقط، بل كان (النموذج التنموي) محط إشارة إيجابية (كقوة ناعمة) وخاصة النموذج الاقتصادي للسوق الحرة، والتعليم الحديث، والإدارة التقنية المتقدمة التي تعتمد على الكفاءة والسرعة.

لذلك أصبح لدى (الخليج) بشكل عام قوة ناعمة يستطيع المراقب أن يلاحظها في كتابات الآخرين وتعليقاتهم الإيجابية سواء كانوا عربًا أو أجانب، إلا أن القوة الناعمة في بعض دول الخليج أصبحت واضحة على الصعيد العالمي كما يحدث للمملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة، فقد أصبحت المملكة مكانًا جاذبًا للمؤتمرات واللقاءات على مستوى عال من التمثيل وأيضًا قطبًا للاستثمار العالمي.

نمو مجتمع المعرفة

الفكرة الرئيسية في الخليج أن هذه الدول تسعى لبناء (مجتمع المعرفة) حيث يشهد العالم العربي اليوم تغييرات جذرية على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية. كما تضرب تلك المجتمعات موجات من التحديات غير المسبوقة، على الأقل بداية من العقد الثاني من القرن الحادي والعشرون، وضمن سعي هذه المجتمعات لمواكبة المستجدات المتسارعة والتغيرات المتلاحقة، تواصل دول عدة في المنطقة تبني مبادرات نوعية في إطار جهودها الحثيثة لبناء اقتصاد متكامل قائم على المعرفة وعلى رأس هذه الدول في منطقتنا دول (مجلس التعاون الخليجي) ، الأمر الذي تنطوي  تجربتها على بعض  النتائج الإيجابية الملموسة على صعيد تحسين مؤشرات مجتمع المعرفة في هذه الدول . وبالفعل أثمرت تلك الجهود المستمرة عن نجاحات ملحوظة، أبرزها تقدّم كل من دولة قطر ودولة الإمارات في “مؤشر التنافسية العالمية 2015-2016 م، وقد حصلت كل من قطر والإمارات على مستوى 14 و17 على التوالي، من أصل 130 دولة في المؤشرات الكلية. وخطت دولة الإمارات خطوة متقدمة على صعيد التحول نحو نموذج الحكومة الذكية، وذلك عقب اختيارها في المرتبة الأولى عالمياً في 6 مؤشرات من إجمالي 114 مؤشر، كما تبذل جهود منظمة في التحول في الأداء العام إلى التقنية الحديثة، كما سجلت المملكة العربية السعودية قفزة نوعية في (الاقتصاد الرقمي) واستخدمته في مجالات كثيرة، سواء الخدمات للمواطن أو تسهيل الأعمال لرجال الاقتصاد والأعمال.

وكان هناك العديد من الأرقام الدالة على أن مؤشرات اقتصاديات المعرفة أخذت في التسارع في منطقة الخليج العربي، فقد أصبحت دولة الإمارات في موقع الصدارة عربياً بعد أن احتلت المرتبة الأولى في “مؤشر الأداء الإلكتروني العربي للعام 2015″ بمعدل 67.35%.

وتصدرت دول مجلس التعاون الخليجي الست التصنيف العام في مؤشرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم العربي خلال العام 2015م، وجاءت البحرين في المرتبة الأولى بعد أن سجلت 74.15% في معدلات استخدام شبكة الانترنت، فيما حققت الكويت أعلى نسبة في انتشار الهواتف النقالة بـ 194.62%.

 وقد رصد مؤشر استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم العربي أربعة مؤشرات رئيسية لكل دولة من الدول الـ 18 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هي مؤشر “مشتركي الهواتف النقالة”، ومؤشر “مشتركي الهواتف الثابتة”، مؤشر “مستخدمي شبكة الانترنت، ومؤشر “عدد أجهزة الكمبيوتر المثبتة”. ويتم احتساب المؤشر العام من خلال جمع نتائج المؤشرات الأربعة الرئيسية لكل دولة، وتقسيمها على إجمالي التعداد السكاني. ويشكّل ارتفاع الدرجة المسجّلة وفق المؤشر العام دليلاً على مستوى النجاح في تبنّي نظم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، و تعكس نتائج توقعات أعداد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي  ( 2014-2018 م)مدى التوسّع الكبير الذي  سوف يشهده قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ظل التقديرات المتوقعة،  بأن يصل عدد مستخدمي  شبكة الانترنت  في الدول العربية إلى نحو 300 مليون مستخدم  بحلول العام 2025م، واعتمادًا على أرقام تضمنها تقرير أممي عام 2022م، إن استخدام دول مجلس التعاون الخليجي كاد يصل إلى 100% من عدد السكان ( 98.2 % على وجه الدقة)في حين سجلت دول المغرب العربي ( تونس ، ليبيا ، المغرب ، الجزائر فقط 69% ) فالفجوة الرقمية تكاد تكون متغلب عليها في دول مجلس التعاون .

إن مسيرة التحوّل إلى اقتصاد المعرفة في المنطقة استحوذت على حصةً كبيرةً من الاهتمام الذي يركّز في المقام الأوّل على دراسة ما يُعرف بـ “المدن الرقمية”، مع تسليط الضوء بشكل خاص على تجربة مدينة دبي التي أثبتت مكانة مرموقة لها ضمن قائمة أفضل 10 مدن في العالم من حيث الحوكمة الرقمية في العام 2014م، متفوّقة بذلك على أبرز العواصم العالمية مثل لندن وأوسلو وستوكهولم وفيينا وهذا أمر ملفت، أي إنها تتفوق على أية مدينة عربية أو غير عربية في الجوار الجغرافي.

ووفقاً لدراسة صادرة في شهر سبتمبر 2014 م، من قبل الجامعة الحكومية لولاية نيوجرسي “روجرز” حول المواقع الإلكترونية الرسمية لـ 100 من المدن الرئيسية في 100 دولة حول العالم، احتلت مدينة دبي (الإمارات) المرتبة التاسعة وفق المؤشر العام، والمرتبة الرابعة من حيث تسليم الخدمات، والمرتبة الخامسة من حيث الخصوصية والأمن.

وفي دراسة حول  عدد البحوث  المشورة من  قبل باحثين ( في مجلس التعاون)دول مجلس التعاون تبين  أن العدد الكلي  ( 2015\2016 م) هو تقريبًا مائة ألف ورقة بحثية ( على وجه الدقة 99,387 ) وأن هذا العدد لكل ألف نسمة من السكان يقترب من كل من مستوى  إيران و تركيا، وأن السعودية تنتج حولي 65% من المجموع  أي أن الجامعات السعودية تنتج أوراقًا بحثية محكمة يكاد يفوق تلك المنتجة في كل من  تركيا  ومصر ، كل على حدة ، إلا أن العمل المؤسسي ( أي اشتراك أكثر من باحث أو مؤسسة في إنتاج البحث) قليلة جدًا و إن وجدت فهي عائدة إلى معرفة شخصية بين الباحثين، و ليس من خلال عمل مؤسسي منظم ، وبحسب بيانات اليونسكو فإن الميزانيات المخصصة  متواضعة  حتى الآن ، فالإمارات ترصد سنويًا ما بين    190  مليون دولار إلى 270 مليون دولار تقريبًا ، كما  أنها تخطط إلى مضاعفة الإنفاق على البحث العلمي ( عن عام 2016م) ثلاثة أضعاف، كنسبة من الناتج القومي الإجمالي في عام 2021 م، وتحتل المملكة العربية السعودية المرتبة 37  عالميًا فهي تخصص ما يقارب 1.8 مليار  دولار سنويًا ، إلا أن الحذر يجب أن يصاحبنا في النظر إلى هذه الأرقام ، حيث لا توجد مؤسسة أو  (مؤسسات) معتمدة تقدم لنا أرقامًا منضبطة في هذا المجال ، لذلك لا بد من الإشارة إلى أن ( كفاءة المعلومات الكلية) لا زالت غير مؤسسية في دول مجلس التعاون .

من الممكن القول بشيء من الثقة إن هناك (انتقال ملاحظ) في دول مجلس التعاون إلى مجتمع المعرفة، لان ذلك الانتقال يتطلب أن تبنى (كل القرارات) المتخذة في الدولة المعنية على (العلم والمعلومات) ولكن ذلك لم يتحقق لعدد من الأسباب منها:

  • طبيعة الدولة والمجتمع، فالدولة حديثة والمجتمع بشكل عام (قبلي) والاقتصاد (ريعي) وحجم السكان وتركيبتهم (عدد صغير نسبيًا وشاب في الغالب) والنظام التعليمي المفارق للجودة المرادة، تلك العوامل الخمسة تشكل عائقًا للانتقال المؤسسي إلى مجتمع المعرفة بالمعنى العلمي الكامل.
  • عدم اكتمال المؤسسات السياسية الحديثة، فالكثير من دول المنطقة تفتقر لوجود مؤسسات (سياسية حديثة)، وجماعات مجتمع مدني فاعلة.
  • ضعف في المؤسسات البحثية، فهناك عدد صغير من تلك المؤسسات، يفتقد كثير منها إلى التمويل اللازم والمنهجية المصاحبة وتحديد أهداف علمية تفيد المجتمع، وكما لاحظ باحث خليجي مؤخرًا فإن (غياب البنى التنظيمية والأساس الهيكلي في مراكز الأبحاث) في الخليج، سواء في دور التعليم العالي أو المؤسسات خارج المنظومة التعليمية.

 

المملكة العربية السعودية:

المملكة العربية السعودية هي أكبر الدول مساحة وسكانًا في منظومة دول الخليج العربي، وتشهد منذ سنوات تحت شعار خطة التنمية 2030 الذي فكر فيه وتبناه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تشهد ثورة تنموية هائلة في كل المجالات سواء كانت في البنية التحتية أو في القوة الناعمة بأشكالها المختلفة.

في 22 مايو  2023م، أرسلت المملكة العربية السعودية رجل وامرأة إلى الفضاء الخارجي، كان العالم مشدوهًا بذلك المشهد، كما أنها قبل ذلك قام أبناؤها بحصد 22  من الجوائز في مسابقات  علمية عالمية بمشاركة 80 دولة وكان نصيبهم عددًا وافرًا من الجوائز فاقت تلك التي حصلت عليها دول كبرى عريقة في العلم كبريطانيا  للمرحلة ما قبل الجامعية، تلك أمثلة من جملة مشروعات متعددة سواء كانت مادية أو معنوية، يمكن ملاحظتها في تطور المملكة الحديثة، وقد انقلب الرأي العام العالمي ( وحتى العربي ) من نقد ما يجري في المملكة ( وكان جل النقد  سياسي وله أغراض) إلى مديح لا يكاد ينقطع للمسيرة التنموية التي تأخذ الدولة إلى مزاحمة الدول الكبرى، مما هيأ للملكة قوة ناعمة مشهودة .

يكمن ذلك النجاح في وجود قيادة لها رؤية واضحة إلى أين تريد أن تأخذ المجتمع وهي قيادة تتسم بالعلمية والشجاعة في آن، وأيضًا وجود كمًا من المتعلمين على مستوى رفيع من التعليم كانوا نتاج مؤسسات علمية حديثة.

لقد أصبحت المملكة مكانًا لإنتاج السينما والمسلسلات ولنشر الكتب والتقدم المتميز في استخدام التقنية لتقديم خدمات للمواطن، والتي أصبحت مضرب الأمثال.

كل ما تقدم، بجانب السياسات الخارجية التي تبنتها المملكة في السنوات الأخيرة وهي مد الجسور بين الشرق، والغرب، والقريب، والبعيد.

كل ما تقدم يمكن وصفه بشكل مريح أنه (قوة ناعمة للدولة).

 

الكويت والثقافة

في ستينات وسبعينات القرن الماضي شهدت الكويت نهضة ثقافية مشهودة، فأخرجت مجلة العربي والثقافة العالمية، وعالم المعرفة وعددًا من المجلات العلمية التي كانت مقصدًا للنشر من الأكاديميين في عدد من البلاد العربية، كما أعادت طبع وتنقيح أكثر الآثار العربية العلمية وهو قاموس عربي (تاج العروس) للزبيدي.

من جهة أخرى انتعش المسرح والموسيقى وحتى أشرطة السينما والأغاني والمسلسلات التليفزيونية، كما تبنت منذ عام 1962م، نظامًا (ديمقراطيًا) في الحكم يشارك المواطنون القرار فيه.

كل ذلك كان (القوة الناعمة) للكويت، قام على تبنيها رجال لهم رؤية ثاقبة.

إلا أن الوضع مع الأسف لم يتطور كما تبناه الأباء المؤسسون، فجاء وقت خلال العشرية الأولى والثانية من القرن الحادي والعشرين طغت فيه (المحافظة) على (التنوير) فأصبحت الرقابة تعطل من الإنتاج الثقافي والبيروقراطية تقضي على المبادرة، والشعوبية تغشى المجالس المنتخبة، كما تعاني الكويت من ضعف في استخدام الحلول الرقمية في الخدمة العامة ورخاوة في تجويد التعليم. فهناك عناصر من القوة الناعمة الكويتية بدأت تفقد فاعليتها مع الأسف مع شيوع (التشدد) الملاحظ في الكويت اليوم. لقد كان الذراع الثقافي مشهود له في الكويت في الثلاثين سنة الأخيرة من القرن الماضي، حتى أنه كان محط ثناء من مثقفي العالم والعرب أثناء الاحتلال العراقي للكويت، كل ذلك بدأ يتسرب بين أصابع القيادات الكويتية الثقافية الرسمية في السنوات الأخيرة، فتراجع المسرح والموسيقى والتأليف، مع وجود قامات كويتية مشهود لها.

القوة الناعمة في الإمارات

بجانب النجاح في البنية التحتية في الإمارات فإنها أيضًا تتقدم كما سلف في ترقية الخدمات الرقمية وتجويد التعليم وأيضًا في الأعمال الثقافية على مستوى الدولة وعلى مستوى المؤسسات الخاصة. لقد أصدرت الإمارات مجلة (الجغرافيا الدولية) بالعربية، وهي خطوة متميزة رفدت الثقافة العربية، كما أصدرت عددًا من الكتب المهمة المترجمة والمؤلفة، وفتحت الأبواب للمسرح العالمي والعربي ولأشهر الموسيقيين، كما أصبح لها ذراع دبلوماسي نشط، ونشاط اقتصادي ملحوظ، كل تلك العناصر أكسبت الدولة ذراعًا في القوة الناعمة يتطلع إليه العالم بإعجاب.

 

البحرين، قطر، عمان : البحرين قديمة في التطور الثقافي والاجتماعي وهي التي بدأت التدريس الحديث للرجال و النساء مبكرًا ، كما قدمت مجموعة من الأعمال الثقافية المتميزة، كما لحقت قطر بعدد من المشروعات الرياضية و الثقافية المتميزة وضعتها في مقدمة الدول المتطورة مع ذراع دبلوماسي نشط، وتشهد عمان ذات التاريخ القديم نهضة ثقافية تبنت مشروع الأوركسترا العمانية التي رعاها المرحوم السلطان قابوس، وتقدم اليوم عددًا من المجلات الثقافية ، وحصل مبدعوها على جوائز في الإنتاج الثقافي (الرواية) يضاهي أفضل الإبداعات العربية .

 

الخلاصة

مما تقدم نجد أن دول الخليج العربي ( مجلس التعاون) أصبح لها مكانًا بارزًا في تطور القوى الناعمة بشقيها الديبلوماسي و الاقتصادي و الثقافي التي تمتلكها ، في فضاء إقليمي مشوب بصراعات مختلفة و بعضها ينزف و يستهلك موارد تلك الدول و المجتمعات و التي هي في حالة صراعية ، كما أنها محط يد عاملة كثيفة عربية وغير عربية، وبالتالي فإن فرص العمل الشريف و الرزق الحلال متاح بسهولة نسبية في هذه البلاد مما يوفر لها صيت طيب في أقطار تلك الجماعات القادمة للعمل، و أيضًا تفتح بعض جامعات الخليج أبوابها للدارسة من قبل طلاب عرب وغير عرب، و هذه تشكل رأسمال في المستقبل، حيث ينقل هؤلاء الطلاب خبرتهم  الإيجابية في هذه المجتمعات، وللحفاظ على هذه المسيرة لا بد من التفكير في توحيد الجهود ورص الصفوف و اتقاء المخاطر الشاخصة سواء في الإقليم أو ما هو خارج الإقليم .

تستطيع دول مجلس التعاون توظيف قواها الناعمة في التقريب والتسديد للمخاطر والخلافات القائمة وقد بدأت بالفعل القيام بذلك، ولعل لقاء القمة العربية في جدة في شهر مايو 2023م والذي قاد سفينته الأمير محمد بن سلمان، وحضره ممثلون كبار عن كل الدول العربية وأيضًا الرئيس الأوكراني، كان اللقاء في شكله و موضوعه مؤشرًا على القوة الناعمة التي تملكها المملكة العربية السعودية التي تظهر جلية في أكثر من صورة ومكان.  إنها قوة معتمدة على عنصر بشري في كل دول مجلس التعاون حصل على تعليم متقدم وفي بيئة مواتية سياسيًا واقتصاديًا، والحفاظ على ذلك الموقع يحتاج إلى جهود لحفظ السلم و الأمن الإقليمي وأيضًا السير قدمًا في مشروعات التنمية التي تستهدف رقي وسعادة الإنسان.

مقالات لنفس الكاتب