شهد عام 2023م، سلسلة من التحولات الدبلوماسية والتطورات السياسية في المنطقة من الاتفاق السعودي ــ الإيراني إلى العلاقات المتزايدة بين إيران والإمارات العربية المتحدة، مع عودة نظام بشار الأسد ضمن المنظومة الإقليمية العربية، وكذلك التحسن في العلاقات مع تركيا، وأخيرًا الحديث عن اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
وإضافة إلى التطورات على مستوى العلاقات الإقليمية كانت هناك تطورات ملموسة على المستوى الدولي من التوسط الصيني بين إيران والمملكة العربية السعودية بما يحمله ذلك من دور جديد للصين في المنطقة مغايرًا لدورها التقليدي المرتكز على العلاقات الاقتصادية بالأساس، ثم الحديث عن عضوية المملكة العربية السعودية في بنك التنمية الجديد التابع لتجمع بريكس والذي أنشأ في عام 2014م، وانضمت له الإمارات في عام 2021م، والذي سيكون له ثقل اقتصادي مهم على المستوى الدولي، وكذلك العضوية المحتملة لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات في تجمع بريكس، وكذلك استضافة المملكة لمباحثات جدة بشأن الأزمة الأوكرانية والتي شكلت منعطفًا مهمًا في الدور الدبلوماسي ونفوذ السعودية ولارتباط دول الجنوب بالأزمة الأوكرانية والتي كان يُنظر إليها كأزمة غربية. وغير ذلك من التطورات.
بحيث تشهد المنطقة سلسلة جديدة من التفاعلات على المستويين الإقليمي والدولي، في إطار مجموعة من الشراكات التي سيكون لها تأثيرها على وضع المنطقة في الوقت الراهن، وكذلك على مستقبل علاقات الدول الخليجية إقليميًا ودوليًا.
هذه التحولات تأثرت بمجموعة من المتغيرات، في مقدمتها الانسحاب الأمريكي من المنطقة والذي كان له انعكاساته المهمة على تحركات دول المنطقة، ليُصاحب ذلك تزايد النفوذ لقوى دولية مهمة مثل الصين وروسيا. وإن كان لا يمكن تجاهل الأزمة الأوكرانية لما خلفته من تداعيات اقتصادية دفعت بدول المنطقة لإعادة التفكير في مصالحها بمنظور مختلف، كما أنَّ إعادة مراجعة السياسات الإقليمية كشف في حالات أنَّ سياسة المقاطعة والعزلة لم تُسهم في حل الأزمات.
ومع الزخم الكبير في التفاعلات التي شهدتها المنطقة سيتم التطرق إلى بعض أبرز تلك الشراكات سواء كانت مع دول أو تكتلات على المستويين الإقليمي والدولي مع التطرق لمستقبلها وكذلك تداعياتها على وضع ومكانة دول المنطقة في ضوء التفاعلات الدولية؛ بالتركيز على الشراكة المتنامية مع الصين في ضوء ما تعكسه من تحولات فيما يخص سياسة الصين الخارجية، وكذلك لما لذلك من انعكاسات مهمة على المنطقة وطبيعة التفاعلات داخلها وخارجها وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية. إضافة إلى مستقبل الشراكة لدول المنطقة مع تجمع بريكس كقوى اقتصادية ذات ثقل عالمي، مع الإشارة إلى دلالات استضافة المملكة العربية السعودية لمحادثات جدة بشأن الأزمة الأوكرانية سواء كان ذلك يرتبط بوضع ومكانة المملكة أو بوضع دول الجنوب كفاعل في الأزمات الدولية.
مستقبل الشراكة الصينية مع دول المنطقة:
طرحت الصين في الحادي والعشرين من فبراير 2023م، ورقة عمل فيما يخص "مبادرة الأمن العالمي" Global Security Initiative. وهي مبادرة طموحة للغاية سبق أنَّ طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ في إبريل 2022م، خلال منتدى بواو السنوي. حيث دعا الرئيس الصيني في مبادرته إلى ضرورة التكيف مع المشهد الدولي شديد التغير من خلال التضامن، والتصدي للتحديات الأمنية شديدة التعقيد والتشابك، والقضاء على الأسباب الجذرية للنزاعات الدولية، مع تعزيز حوكمة الأمن العالمي، ودعم الجهود الدولية لتحقيق المزيد من الاستقرار الدولي، وتعزيز السلام الدائم والتنمية في العالم. أي أنَّ جوهر المبادرة هو تعزيز الأمن العالمي في ظل التحديات الأمنية المتزايدة وشديدة التعقيد وذلك عبر اللجوء للآليات السلمية والمساعدة في إيجاد حلول جذرية للصراعات ووجود أطر ملائمة لحوكمة الأمن عالميًا وهو الأمر الذي من شأنه المساهمة في تحقيق الاستقرار العالمي.
وبذلك تعكس الوثيقة، والتي جاءت بعد نحو عقد من طرح الرئيس الصيني "شي جين بينغ" لمبادرة الحزام والطريق One Belt One Road، وبعد 8 سنوات من طرح وثيقة "الرؤية والتحرك للدفع بالتشارك في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين". لتعكس توجهًا جديدًا في سياسة الصين الخارجية ودورها على المستوى العالمي. ولتُشكل إطارًا لشراكات الصين المستقبلية.
وفيما يخص الشراكة الصينية مع دول المنطقة، فقد اكتسبت تلك الشراكة أبعادًا جديدةً خلال الفترة الأخيرة؛ بحيث لم تعد مقتصرة على الجوانب الاقتصادية، لتُصبح الصين لاعبًا فاعلًا في المنطقة في مجالات استراتيجية وأمنية. فعلى مدار عقود ركزت الصين في علاقاتها بدول المنطقة على التوسع اقتصاديًا مع الابتعاد عن التدخل في الأزمات والصراعات السياسية.
ساعد الصين على تحقيق هذا الهدف تراجع الدور الأمريكي في المنطقة خاصة بعد الانسحاب الأمريكي من العراق وأفغانستان، مع عدم قدرة الولايات المتحدة على التدخل لتوفير أمن حلفائها الرئيسين في المنطقة، وعدم القدرة على إيجاد حلول للصراعات في اليمن وسوريا وليبيا. وكذلك التوتر الذي أصاب علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها الرئيسيين، وخاصة المملكة العربية السعودية. وهو ما شكًل بيئةً مواتيةً لتعزيز الشراكة الصينية الخليجية أبعد من الملف الاقتصادي. خاصة في أعقاب الدور الصيني فيما يتعلق بالوساطة بين إيران والمملكة العربية السعودية في مارس الماضي.
وفيما يخص مستقبل تلك الشراكة، فمن المتوقع أنَّ تزداد الشراكة الصينية الخليجية متجاوزة بعدها الاقتصادي التقليدي، خاصة أنَّ هناك ترحيب إقليمي أكبر بهذا الدور الصيني، في ظل طبيعة العلاقات المتميزة التي تربط الصين بدول المنطقة، مع أهمية هذا الدور في موازنة الدور الأمريكي، مع وجود حرص صيني على تحقيق التوازن في علاقاتها مع الأطراف كافة، مع التأكيد على أنها لن تكون بديلًا للولايات المتحدة الأمريكية ولن تحاول التورط في الصراعات في أزمات المنطقة. وإنما ستكون معنية بالأساس بتحقيق الاستقرار الإقليمي بما يُساعد على حماية مصالحها.
مستقبل الشراكة بين دول مجلس التعاون الخليجي وتجمع البريكس
يُشكل تجمع البريكس أحد أبرز التكتلات الاقتصادية في الوقت الراهن، هذا الظهور للبريكس كلاعب مؤثر في المشهد الاقتصادي العالمي خاصة في ظل معدلات النمو التي تحققها الدول الأعضاء في بريكس، أثار اهتمام عشرات الدول والتي أبدت رغبتها في الانضمام إلى المجموعة وفي الوقت الحالي توجد 40 دولة راغبة في الانضمام إلى البريكس، لذا فمن المتوقع أنَّ تصبح المجموعة لاعبًا عالميًا، لاسيَّما في ظل تنوع إمكانات الدول التي تسعى إلى الانضمام، سواء فيما يتعلق بامتلاك إمكانات اقتصادية ضخمة، أو إمكانات ديموغرافية هائلة، أو امتلاك الخبرة والتميُّز في مجالات وصناعات معينة.
وقد طلبت المملكة العربية السعودية الانضمام رسميًا لمجموعة بريكس، أما دولة الإمارات فقد أعربت عن اهتمامها بالانضمام.
وفي الوقت الحالي، تُعدّ المملكة العربية السعودية أكبر شريك تجاري لمجموعة بريكس في الشرق الأوسط؛ فقد زادت التجارة الثنائية للمملكة العربية السعودية مع دول البريكس من 81 مليار دولار في 2017م، لتصل إلى 128 مليار دولار في 2021م، ثم أكثر من 160 مليار دولار العام الماضي. ومن شأن انضمام المملكة العربية السعودية للبريكس أنَّ يُشكًل إضافة اقتصادية قوية للتجمع. إذ سيفتح آفاقًا وفرصًا جديدة للمملكة وأسواق الخليج، مما يؤدي إلى استقرار الاقتصاد العالمي؛ وذلك بسبب قوتها الاقتصادية ومكانتها المحورية في سوق الطاقة العالمي.
وإضافة إلى عضوية البريكس يمكن الإشارة إلى بنك التنمية الجديد، المعروف أيضًا باسم "بنك البريكس"، ويضم البنك في عضويته ثمانية دول من بينها الإمارات العربية المتحدة، كما يُجري البنك حاليًا محادثات مع المملكة العربية السعودية بشأن قبول الرياض كعضو تاسع في البنك، مما سيعزز خيارات تمويل البنك؛ والتي تأثرت كنتيجة للحرب الروسية الأوكرانية. من خلال تعزيز قدرة دول البريكس على التحوط ضد المخاطر.
وتُشير التحليلات إلى أنَّ وجود كل من الإمارات والمملكة العربية السعودية ضمن عضوية البنك خطوة مهمة من شأنها تعزيز قدرة البنك على إقراض الدول النامية بشكل تنافسي أكبر مقارنة بصندوق النقد الدولي وغيره. وفي الوقت الحالي تمتلك روسيا أكثر من 20% من أسهم البنك. وفي ظل العقوبات المفروضة عليها، ازدادت مخاوف المستثمرين، وهو ما دفع البنك للإعلان عن وقفه لتمويل كافة الأنشطة في روسيا. وفي يوليو 2022م، خفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لبنك NDB من AA + إلى AA.
وهو ما يجعل البنك يرحب بعضوية المملكة العربية السعودية في البنك؛ لما لذلك من دور مهم في توفير سبل بديلة للتمويل.
أما عن مستقبل تلك الشراكة فمن شأنها المساعدة على تحقيق هدف البنك والمرتبط بإحداث تحول في هيكل النظام العالمي نحو التعددية القطبية وإحداث تغييرات في هيكل التجارة الدولية، لاسيما في ظل سعي البنك لاستحداث عملة جديدة "عملة بريكس". وهو الأمر الذي قد يكون له تأثير على وضع الدولار في السوق العالمي. وكذلك التعاملات الاقتصادية للدول الأعضاء في البنك.
قمة جدة ومستقبل نفوذ دول الجنوب في السياسة العالمية
مثّل اجتماع جدة بشأن الأزمة الأوكرانية خطوة مهمة فيما يتعلق بدور ومكانة دول الجنوب على المستوى العالمي؛ حيث منح تلك الدول نفوذًا وتأثيرًا أكبر في السياسة العالمية. فقد كان لاستضافة المملكة للاجتماع دلالات مهمة لم تقتصر على مستوى الأزمة الأوكرانية أو حتى المستوى الإقليمي، ولكن الدلالات الأهم ارتبطت بتأثيرها على المستوى الدولي.
مقارنة بالاجتماع الأول الذي عُقد في كوبنهاجن، حقق اجتماع جدة العديد من النجاحات. فمن ناحية شارك في هذا الاجتماع أكثر من 40 دولة مقارنة بنحو 15 دولة في اجتماع كوبنهاجن. كما أنَّ نقطة نجاح مهمة تمثلت في مشاركة الصين، والتي لم تُشارك في اجتماع كوبنهاجن، وهو ما شكل نقطة قوى مهمة خاصة في ظل العلاقة القوية بين موسكو وبكين، بحيث شكلت تلك المشاركة عنصر قوة مهم بالنسبة للمملكة العربية السعودية في ظل العلاقات المتميزة التي تربطها بالصين. ومن أهم نقاط القوى بالنسبة للرياض في هذا الشأن تمثلت في المشاركة المتميزة لدول الجنوب، وهو ما مثًل فائدة بالنسبة لأوكرانيا التي كانت ترغب في تغيير الصورة بشأنها بأنها مدعومة من الغرب فحسب.
وبذلك فقد نجحت القمة في إظهار صورة جديدة للمملكة العربية السعودية في المساعدة على تحقيق السلام على المستوى العالمي. خاصة في ظل توافر العديد من المقومات التي ساعدت في هذا الشأن. فمن ناحية كان للمملكة العربية السعودية دورًا مهمًا في الخريف الماضي، وذلك فيما يخص تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا. كما أنَّ أحد النقاط المهمة فيما يخص اجتماع جدة مقارنة باجتماع كوبنهاجن تتمثل في أنَّ المملكة العربية السعودية عكس الدنمارك لم تتخذ جانبًا صريحًا في الحرب.
وفيما يخص التداعيات المستقبلية، فقد ألقى ذلك بالضوء على صعود "القوى الوسطى" في العلاقات الدولية، ومستقبل ذلك على تعزيز مكانة تلك الدول في المشاركة في رسم السياسة العالمية. وهذا الأمر من شأنه تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كلاعب عالمي مهم، وكفاعل إقليمي أكثر استقلالية.
الشراكات الإقليمية ودلالاتها دوليًا
إضافة إلى ما تم التطرق إليه من نماذج هناك مجموعة مهمة من الشراكات الإقليمية التي ستكون لها تداعياتها على المنطقة ومستقبل علاقاتها الدولية ومن ذلك الشراكة مع إيران وتركيا.
فيما يتعلق بإيران، ففي العاشر من مارس الماضي، أعلنت كل من المملكة العربية السعودية وإيران الاتفاق على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات في مدة لا تتجاوز الشهرين، وكذلك تفعيل اتفاقية التعاون الأمني واتفاقية التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة. وذلك بعد 7 سنوات من التوتر في علاقات الدولتين. وقد تمت المباحثات في بكين، وقد سبق ذلك أنَّ قامت كل من العراق وسلطنة عُمان باستضافة محادثات بين الدولتين عامي 2021 و2022م، تباعًا من أجل تقريب وجهات النظر. كما تعمل إيران على إقامة علاقات مع الإمارات ومن المتوقع أنَّ تتجه البحرين للمسار ذاته.
الاتفاق السعودي ــ الإيراني حظي باهتمام العديد من عواصم العالم لما يُشكله من مرحلة مهمة في علاقات الدولتين، وكذلك لتداعياته المهمة على أمن واستقرار المنطقة. فكل من المملكة العربية السعودية وإيران قوى إقليمية مؤثرة، ترتبط كل منها بعلاقات اقتصادية واستراتيجية مهمة مع الصين، إلا أنَّ الجانب الأهم ارتبط بتداعيات تلك التحركات على مستقبل النفوذ الصيني في الشرق الأوسط. لما تشكله الرعاية الصينية لهذا الاتفاق من تحول مهم في سياسة الصين الخارجية التي دومًا ما تجنبت القيام بدور الوسيط في الصراعات الدولية، مع التركيز على المصالح الاقتصادية بشكل أكبر.
وإذا كان التوسط الصيني بين البلدين قد شكّل خروجًا عن الأعراف الدبلوماسية، فقد أثار ذلك اهتمام وحفيظة الولايات المتحدة الأمريكية، وفيما يخص تداعيات ذلك على مستقبل الشراكة الأمريكية مع دول المنطقة، فمن المتوقع أنَّ تشهد الفترة المقبلة اهتمامًا أمريكيًا أكبر بالمنطقة خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية، في محاولة لتعميق الشراكات مع دول المنطقة لصد توسع النفوذ الصيني والروسي.
أما فيما يتعلق بتركيا، فرغم التوتر الذي شهدته تلك العلاقات خلال العقد الماضي، شهد العامان الأخيران تحسنًا مهمًا في العلاقات التركية الخليجية. وكان أحدث محطاتها الجولة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعدد من الدول الخليجية في يوليو الماضي، في محاولة منه لإنقاذ اقتصاده المتعثر من أزمته عبر جذب الاستثمارات الخليجية للبلاد. وقد ساعد التمويل والاستثمارات الخليجية في تخفيف الضغط على الاقتصاد التركي منذ عام 2021م. وذلك على خلفية تحسن العلاقات التركية في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ورغم التوقيع على عدد مهم من الاتفاقيات التجارية خلال الزيارة، إلا أنَّ الخطوة الأهم كانت الصفقة الدفاعية والتي تمت مع شركة بايكار التركية، وهي الأكبر في تاريخ صفقات الشركة؛ وتحصل بموجبها المملكة العربية السعودية على طائرات تركية بدون طيار. كما تم الاتفاق أيضًا على التعاون في عمليات نقل التكنولوجيا والإنتاج المشترك للمساعدة في تعزيز قدرات تطوير التكنولوجيا في كلا البلدين. ومن المتوقع أنَّ يشهد البلدان مزيدًا من التعاون المستقبلي في المجال الدفاعي، خاصة في مجال الأسلحة الذكية. وبما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 فيما يخص توطين الصناعات الدفاعية. وعدم الاعتماد على الاستيراد فقط.
يرتبط بذلك الشراكة مع الصين في مجال الذكاء الاصطناعي؛ حيث ترغب كل من المملكة العربية السعودية والإمارات في أنَّ تصبح رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت الراهن تشتري المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الآلاف من رقائق Nvidia الضرورية لبناء برامج الذكاء الاصطناعي؛ للانضمام إلى السباق العالمي فيما يتعلق باقتناء وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
أما عن تداعيات تلك الشراكات الدفاعية على العلاقات الخليجية مع القوى الكبرى. وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أنَّ أربعة من أكبر 10 مستوردين للأسلحة الأمريكية هم دول الخليج العربية: المملكة العربية السعودية، وقطر، والكويت، والإمارات العربية المتحدة، تُعارض الولايات المتحدة الأمريكية هذه التحركات الخليجية خاصة في ظل اتجاه كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مؤخرًا لشراء أسلحة من الصين.
وختامًا، تشهد خريطة التفاعلات والشراكات في منطقة الخليج خلال الأشهر الأخيرة مجموعة كبيرة من التحولات وذلك في إطار إعادة تقييم الأولويات الاستراتيجية لدول المنطقة، والتي سيكون لها تداعياتها حاليًا ومستقبلًا على المنطقة من ناحية وكذلك على خريطة علاقاتها الإقليمية والدولية، إضافة إلى تأثيرها على مكانة ونفوذ تلك الدول إقليميًا ودوليًا، والأهم هو تأثيرها على تهدئة التوترات وإخماد النزاعات. وقد أسهمت مجموعة من العوامل في ذلك وإن كان بعضها نابعًا من داخل المنطقة إلا أنَّ جانبًا كبيرًا منها فرضته أوضاع خارجية. وإجمالًا فقد كان لتلك الشراكات دورًا إيجابيًا في تعزيز مكانة دول المنطقة وتطوير شبكة علاقاتها الإقليمية والدولية ووضع تصورات مغايرة لحل العديد من النزاعات التي فشلت الطرق التقليدية في التوصل لحلول لها. أما عن مستقبل تلك الشركات فمن المتوقع أن تكون أكثر تنوعًا على مستوى الدول والمنظمات والمجالات. خاصة في ظل تشكل ملامح نظام دولي متعدد الأقطاب يمكن لدول الخليج أن تكون فاعلًا مؤثرًا.