array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 190

نجاح الصناع يتطلب تنسيق السياسات الصناعية بين دول الخليج لتحقيق التكامل

الأربعاء، 27 أيلول/سبتمبر 2023

يعتبر قطاع الصناعة أحد أهم القطاعات الاقتصادية التي تعول عليها دول مجلس التعاون الخليجي في أحداث تحولات اقتصادية تقلل من الاعتماد على قطاعي النفط والغاز وتزيد نسبة الاقتصاد غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي. ففي ظل التذبذبات الشديدة في أسعار النفط وعدم استقرار أسواق الطاقة، تسعى الدول الخليجية إلى النهوض بالقطاعات الاقتصادية الواعدة مثل قطاع التصنيع والزراعة والتعدين والسياحة من أجل تنويع مصادر الدخل وزيادة الفرص الاستثمارية للقطاعين العام والخاص وخلق فرص عمل لشباب الخريجين. فهل يمكن لقطاع الصناعة أن يحقق هذه الأهداف ويساعد هذه الدول على تحقيق أهداف الرؤيا الوطنية الطموحة 2030 و2040؟ كيف يمكن لقطاع الصناعة المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة؟ هل يمكن التعويل على السياسات الصناعية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟  إلى أي مدي يمكن له تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية في مرحلة ما بعد النفط؟

مستقبل الصناعة في دول مجلس التعاون الخليجي

قبل حدوث جائحة كوفيد-19 دار حديث لي مع أحد الوزراء الخليجيين حول ضرورة تطوير قاعدة صناعية قوية ودعم قطاع الصناعة وكان رده أن دول الخليج ليست بحاجة إلى هذا القطاع لآنها تستورد كل احتياجاتها من الأسواق الدولية بأسعار تقل بكثير عن تكلفة صناعة المنتجات المستورة من الخارج. لم يدرك الوزير أن الصناعة هي قطاع استراتيجي تفوق أهميته تكلفة المنتج الذي يستهلكه المواطن الخليجي. فقد أثبتت جائحة كوفيد-19 أن الدول التي تمتلك قطاع صناعي قوي كانت أكثر قدرة على تلبية احتياجاتها الأساسية مثل المواد المصنعة والمستلزمات الطبية والأجهزة المعمرة وغيرها، بينما تأخرت الدول التي تعتمد على الاستيراد في تأمين احتياجاتها نتيجة اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية والارتفاع الكبير في أسعار معظم السلع الأساسية في الأسواق العالمية. لم يدرك الوزير الخليجي أيضًا أن عدم استقرار أسواق النفط نتيجة التغيرات الجيوسياسية وبالتالي انخفاض أسعار النفط ينعكس بشكل مباشر على الإيرادات النفطية التي تشكل حوالي 90 من الإيرادات العامة في هذه الدول وبالتالي تؤثر على قدرتها في تلبية احتياجاتها من السوق الدولي.

لذا وجب علينا هنا إعادة النظر في أهمية قطاع التصنيع ومستقبل الصناعة في دول مجلس التعاون الخليجي، وكيفية تطويرها والنهوض كأحد الحلول الاقتصادية لمرحلة ما بعد النفط. فمن منظوري الشخصي يعتبر القطاع الصناعي أحد أهم المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها نهضة الأمم، حيث نهضت بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى في كنف الثورة الصناعية الأولي في القرن الثامن عشر وامتدت نفوذهم في الأسواق العالمية بحثًا عن المواد الخام وفتح أسواق جديدة لمنتجاتهم. كذلك تطورت الولايات المتحدة كقوة عظمى في ظل الثورات الصناعية الثانية والثالثة والرابعة بعد أن غزت منتجات شركاتها الأسواق العالمية وانتشرت الثقافة الأمريكية من خلال استراتيجيات التسويق المتطورة لشركاتها الدولية والعابرة للقارات. هذه الأمثلة تدل على أن تقدم الدول مرتبط ارتباطًا وثيقًا بقدراتها على مواكبة التطورات الصناعية والتكنولوجية المتطورة.

أما في دول الخليج العربي، فقد استطاعت هذه الدول بناء قطاع صناعي يعتمد بشكل أساسي على صناعة البتروكيماويات والكيماويات والأسمدة والحديد والألومنيوم، وكلها صناعات كثيفة رأس المال وكثيفة الطاقة التي تتوافر بشكل كبير من مشتقات النفط والغاز الطبيعي. الجدير بالذكر أن الدول الخليجية استطاعت خلق ميزة تنافسية في هذه الصناعات وأصبحت أكثر تنافسية مع مثيلاتها في الدول الصناعية المتقدمة في شمال أمريكا وأوروبا.  يمكن أيضًا القول إن قطاع الصناعة أصبح مرتبطًا ارتباطًا كبيرًا بقطاعي النفط والغاز وأن هذه الصناعات التي تديرها شركات القطاع العام المملوكة للدولة هي الرافد الأساسي بعد النفط والغاز لاقتصادات كل الدول الخليجية.

فعلي مدى العقدين الماضيين، حرصت الدول الخليجية على دعم القطاع الصناعي من خلال إقامة المناطق الصناعية، ودعم المنتجات الوطنية وضرورة تنميتها وتشجيعها على المستوى المحلي والخارجي. على سبيل المثال، أولت حكومة سلطنة عمان المزيد من الاهتمام بهذا القطاع الحيوي وإعطاءه مزيدًا من الاهتمام على كافة الأصعدة والمستويات، وفتحت آفاقًا كبيرة للمزيد من الفرص الاستثمارية في الصناعة العمانية. حيث قامت السلطنة بجذب استثمارات وطنية وأجنبية في العديد من الأنشطة الصناعية مثل البلاستيك والزجاج والرخام ومواد البناء والأسمنت والأخشاب، بالإضافة إلى الصناعات الحرفية، لتعزيز الإمكانيات الهادفة إلى تمكين الصناعة الوطنية. ففي عمان يوجد 11 مدينة صناعية، أهمها مدينة الرسيل الصناعية بمسقط، مدينة سمائل الصناعية، ومدينة نزوي الصناعية، ومدينة صحار الصناعية، والتي تعمل على إرساء الدعائم القوية لهذا القطاع وتشجيع أصحاب المنشآت والمؤسسات الصناعية بالمضي قدمًا بالصناعة المحلية، وتنويع الاستثمارات الصناعية، وربط حاجة الصناعة بالمجتمع المحلي وتطوير الكفاءات الوطنية للعمل في هذا القطاع، مما ساهم في تنمية القطاع الصناعي وتحقيقه العوائد المادية الجيدة وزيادة نسبة التوظيف.

إن مستقبل الصناعة في دول الخليج يعتمد على مدى فاعلية ونجاح الدور الذي تقوم به وزارات الصناعة والتجارة والمؤسسات العامة للمناطق الصناعية في تنمية القطاع الصناعي وتنشيط الانشطة الاقتصادية المرتبطة به من خلال منح التسهيلات والحوافز التي تساعد على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في المشاريع الصناعية. وقد ساعد قرب المناطق الصناعية من الموانئ البحرية والجوية من تعزيز دور هذه المناطق في تصدير المنتجات الوطنية وجذبت المستثمرين الأجانب للبحث عن فرص استثمارية وتجارية بما يعزز البعد الاستراتيجي والاقتصادي لدول الخليج.

ففي سلطنة عمان، حققت السياسات الصناعية تقدمًا ملحوظًا حيث بلغت نسبة نمو الأنشطة الصناعية نحو 25.1%، بينما بلغت نسبة نمو الصناعات التحويلية نحو 67.4% في عام 2022م، وتشير البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات (2023) أن قيمة الصادرات العُمانية غير النفطية بلغت 9.11 مليار دولار أمريكي، موزعة على أكثر من 130 بلدًا بزيادة 41٪ عن عام 2021. وبلغت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الصناعات التحويلية 4.4 مليار دولار أمريكي في الربع الثالث من عام 2022، بزيادة وقدرها 13.5% عن الفترة نفسها من عام 2021. بالإضافة لذلك، استطاع القطاع توظيف أكثر من 206,000 شخص ساهموا بمقدار 8.2 مليار دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة في 2021.

انعكست النتائج المتميزة للسياسات الصناعية في تقرير الأداء الصناعي التنافسي للسلطنة لعام 2023، الصادر من قبل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، حيث صعدت عمان من المرتبة الـ 72 في عام 2016م، إلى المرتبة الـ 56 عالميًا والخامسة عربيًا في عام 2023م، نتيجة للتحسن في تنويع الأنشطة الصناعية من القيمة المضافة للقطاع الصناعي، وزيادة حجم الصادرات الصناعية من حجم الصادرات الصناعية العالمية. ويوضح التقرير أن سلطنة عمان قفزت بترتيبها العالمي 16 مرتبة خلال 7 سنوات فقط، مما يعكس تسارع القدرات التنافسية الصناعية خلال السنوات الماضية، ويتوقع أن تتزايد خلال الفترة المقبلة معززة بالاستراتيجية الصناعية التي وضعتها وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، والتي تهدف إلى تطوير وتحفيز القطاع الصناعي ورفع إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي بما يعزز مكانتها العالمية كأحد مراكز التصنيع. 

القطاعات الصناعية الواعدة

يوجد العديد من الصناعات القابلة للنمو في دول مجلس التعاون على المديين المتوسط والبعيد وعلى ضوء المزايا النسبية لدول المجلس وامتلاكها لمقومات الصناعة الحديثة. فإذا أخذنا سلطنة عمان نموذجًا، نجد أن التصميم المبتكر واستخدام التقنيات الحديثة نتج عنها منتجات عمانية تجذب انتباه المستهلكين وتتنافس محليًا ودوليًا. ومن بين هذه المنتجات بطاريات السيارات، والرخام، وكابلات الألياف الضوئية، والعطور، والصلب، والحلويات المصنوعة يدويًا، والمنسوجات. بالإضافة لذلك، يركز المصنعون على القطاعات كثيفة رأس المال مثل المعدات والموصلات الكهربائية، والكابلات، والآلات، والاثاث، وبناء السفن. من جهة أخرى، تتطلع السلطنة إلى تطوير الفرص الاستثمارية باستخدام الموارد الطبيعية، لاسيما في قطاعات البتروكيماويات، والتشييد، والرخام، والجبس، ومنتجات البناء، والمعادن، وكذلك الأطعمة والمشروبات.

يعد قطاع البتروكيماويات في سلطنة عمان واحدًا من أكثر القطاعات الداعمة لتوسع الصناعات التحويلية ودعم التوجه نحو التنويع الاقتصادي وزيادة التصدير عبر تعظيم القيمة المضافة لمنتجات النفط والغاز فضلًا عن إيجاد صناعات جديدة تكاملية مع منتجات البتروكيماويات، خاصة توطين صناعة البلاستيك. في ديسمبر 2021م، شهدت صناعة البتروكيماويات نقلة نوعية كبيرة بتشغيل مجمع لوى للصناعات البلاستيكية الذي بلغت تكلفته 2.7 مليار ريال عُماني، حيث يأتي إنجازه ضمن خطط الحكومة لتنويع مصادر الدخل‏ وتعزيز الصناعات التحويلية كأحد المشروعات الاستثمارية ‏في قطاع البتروكيماويات الهادفة إلى تعظيم القيمة للموارد الطبيعية بسلطنة عمان، مع مزيد من التوسع مع تشغيل مصفاة الدقم. تعد كافة هذه المشروعات مكونًا أساسيًا ضمن خطط التنويع الاقتصادي التي تستهدف التوسع في جذب الاستثمارات لمختلف قطاعات الاقتصاد.

تشير الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن قيمة صادرات البلاستيك واللدائن ومنتجاتهما حققت ارتفاعًا إلى 290 مليون ريال عماني خلال الربع الأول من 2022 بنمو 83 % مقارنة مع الربع الأول من عام 2021م، وقد شهدت صادرات هذه الصناعات قفزة خلال العام 2021م، لتسجل زيادة بنسبة 386% مقارنة مع عام 2020م، وكانت صادرات اللدائن والبلاستيك ومصنوعاتها هي الأعلى ارتفاعًا بين الصادرات غير النفطية لسلطنة عمان. وحقق إنتاج البولي بروبلين، وهو أحد المنتجات الأساسية الواعدة لصناعة البتروكيماويات، زيادة كبيرة في 2021م، وارتفع الإنتاج بشكل كبير خلال 2022م، مسجلًا صعودًا بنسبة 22,2% خلال الفترة من يناير وحتى مايو 2022م، مقارنة مع نفس الفترة من العام 2021م، وحققت الصادرات نموًا بنسبة 48,9% خلال نفس الفترة المشار إليها، كما تشير الإحصائيات إلى حجم صادرات من مادة البولي إيثلين بقيمة 71 مليون ريال عماني في الربع الأول من عام 2022م، وبقيمة 206 ملايين ريال عماني خلال العام 2021م. تعد الأرقام دلالة واضحة على الاهتمام بقطاع البتروكيماويات الذي تسعى سلطنة عمان من خلاله إلى مضاعفة الاستفادة من موارد قطاع النفط والغاز وتحويلهما إلى مصدر ثري لمنتجات لها قيمة مضافة أعلى للاقتصاد.

الحوافز والتسهيلات المقدمة لقطاع الصناعة

يعكس تقدم سلطنة عمان في تقرير الأداء الصناعي التنافسي 2023 م، نجاح سياساتها في زيادة تنافسية القطاع الصناعي من خلال تطبيق برامج ومبادرات الاستراتيجية الصناعية 2040م. وتعد هذه الاستراتيجية الموجه العام للتنمية الصناعية في السلطنة لترقية الصناعات التحويلية إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة والرائدة، والدفع بتوسع الصناعة العمانية إقليميًا ودوليًا، وتطوير منتجات مبتكرة. تعكف وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار حاليًا على تطوير مبادرات تسهم في رفع كفاءة القطاع الصناعي ودعم التوجه نحو استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في الإنتاج ودعم وتطوير قدرات رواد الأعمال الإدارية والمالية والتقنية في القطاع الصناعي وتمكين الصناعات الوطنية في الأسواق الدولية.

تقدم الحكومة العمانية العديد من التسهيلات لتحفيز القطاع الصناعي؛ حيث يعد قطاع الصناعات التحويلية أكثر القطاعات المستفيدة من تمويل بنك التنمية العُماني خلال الربع الأول من 2023م، بمبلغ إجمالي 8.4 مليون ريال عُماني موزعة على 485 قرضًا من ضمنها مشروعات الورش الخفيفة ذات الطبيعة الصناعية. وتعد "جائزة السلطان قابوس للإجادة الصناعية" إحدى الآليات التي اتبعتها السلطنة لتشجيع المصانع العمانية على التطوير المستمر لقدراتها التقنية وعلى الالتزام بالمواصفات القياسية وزيادة نسبة التعمين، وتشهد هذه المسابقة التي يتم تنظيمها سنويًا منذ عام 1991م، تحديثًا مستمرًا يواكب النمو الاقتصادي الذي تشهده السلطنة. كما يتم سنويًا تنظيم الحملة الوطنية للترويج عن المنتجات العمانية تحت شعار "عماني"، ويتم تنظيم هذه الحملة من خلال عدد من الفعاليات من بينها معارض للمنتجات العمانية في المدارس والمحلات والمراكز التجارية الكبرى ومعارض متنقلة في مختلف محافظات السلطنة، وتم توسيع نطاق المعارض المتنقلة للمنتجات العمانية لتشمل عددًا من الدول خارج السلطنة.

تقوم المديرية العامة للصناعة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار برصد المؤشرات الاستراتيجية والعملياتية ومواءمتها بشكل دوري مع الاستراتيجية الصناعية ومستهدفاتها، وتنفيذ مسوحات صناعية بشكل دوري كجزء أساسي من نظام متكامل للإحصاءات الصناعية الوطنية، حيث يقدم معلومات حول المنشآت الصناعية وأنشطتها بهدف جمع بيانات كل المنشآت الصناعية العاملة والمرخصة في سلطنة عُمان؛ التي تزيد تكلفتها الاستثمارية على 5 آلاف ريال عُماني ويبلغ عدد العمالة فيها 9 عمال أو أكثر. يهدف المسح الصناعي الدوري إلى توفير قاعدة بيانات حديثة وشاملة ودقيقة حول المنشآت الصناعية من أجل إيجاد مؤشرات متطورة لرصد وقياس أداء القطاع الصناعي بما يعزز الشفافية في القطاع، والتعرف على الفرص الاستثمارية ورفع نسبة المحتوى المحلي لقطاع الصناعة، وللاستعانة ببيانات المسح في وضع الخطط والسياسات والبرامج التنموية وغيرها من الأغراض التي تخدم التنمية الصناعية. ويوفر المسح الصناعي عناوين المنشآت الصناعية ومواقعها وأنشطتها وحجم استثماراتها وبيانات الأيدي العاملة الوطنية والأجنبية من الجنسين ورواتبهم وتفاصيل عن الإنتاج من السلع المصنعة ومدخلات الإنتاج وبيانات أخرى.

أعلنت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار عن 48 مبادرة لعام 2023م، في القطاعات التجارية والصناعية وحماية المنافسة ومنع الاحتكار وخدمات ترويج الاستثمار والمواصفات والمقاييس، منها تطوير واعتماد علامة ثقة للمتاجر الإلكترونية، وتطوير رقمنة التراخيص الصناعية في بوابة "استثمر بسهولة"، ومشروع ترقية المصانع لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة. كما تشمل المبادرات تطبيق القيمة المحلية المضافة للصناعات التحويلية، وتطوير علامة الجودة العمانية، وتطوير منظومة المطابقة في أسواق السلطنة، وسيتم العمل على إعداد الاستراتيجية الاستثمارية الوطنية الموحدة، وإيجاد فرص استثمارية جاهزة للمستثمرين بالتعاون مع برنامج "نزدهر"، وتطوير برنامج إقامة مستثمر، وإعداد بطاقة الأعمال، بالإضافة إلى وضع إطار عام لمؤشر كلي للمنافسة في سلطنة عمان.

التحديات التي تواجه تطوير قطاع الصناعة

يوجد العديد من التحديات التي تواجه القطاع الصناعي في منطقة الخليج. بعض هذه التحديات خارج عن إرادة الجهات المعنية بالبلد، وبعضها مرتبطة بالاقتصاد العالمي وسياسات الدول الأخرى، وبعضها تخص القدرات التشغيلية بالشركات. ويمكن تلخيص التحديات التي تواجه تطوير القطاع الصناعي في ارتفاع تكلفة الطاقة وعدم توفرها أحيانًا، بعض الصعوبات اللوجستية في الاستيراد والتصدير، عدم التزام بعض المؤسسات بتطبيق القوانين المتعلقة بدعم المنتجات الوطنية وإعطائها الأولوية المناسبة، ارتفاع تكلفة الموارد البشرية وصعوبة التزام الشركات بنسبة إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية في بعض الصناعات، وقيام بعض الدول بدعم منتجاتها بشكل يؤثر على قدرة منتجاتنا الوطنية على المنافسة العادلة.

تعاني الدول الخليجية من صعوبة التحول من صناعات كثيفة الأيدي العاملة إلى صناعات مؤتمتة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة. كذلك تواجه الشركات تحدي إنتاج سلع بمواصفات عالمية بشهادات جودة محلية معتمدة عالميًا، حيث ما زال الاعتماد على الخارج في تقييس وتصنيف المنتجات المحلية، وهذا أمر مكلف ماديًا ومستهلك للوقت وربما يكشف طبيعة تقنيات الصناعة الوطنية أمام منافسيها في الأسواق العمالية. نظرًا لاختلاف هذه التحديات من منشأة لأخرى ومن مصنع لآخر وفقًا لطبيعة كل مصنع، ينبغي وضع نظام جديد للمقاييس والمواصفات على مستوى مجلس التعاون الخليجي يتم من خلال تنسيق وتوحد المقاييس والمواصفات في كل الدول الأعضاء حتى يمكن التغلب على هذه التحديات. ومن هنا يأتي دور الوزارات والمؤسسات المعنية بالصناعة مثل غرف التجارة وصناعة وجمعية الصناعيين في كل دولة، والتنسيق على مستوى مجلس التعاون الخليجي لتسهيل اتخاذ القرارات الأفضل لصالح القطاع والدول بالتعاون مع الجهات المختصة.

يمكن أيضًا التنسيق بين غرف التجارة والصناعة في كل الدول الخليجية من أجل التواصل مع الشركات لتحديد مشاكلهم ومحاولة الوصول إلى تكامل أفضل، كما نحث جمعيات الصناعيين الخليجين لبحث التحديات التي تواجه الصناعيين ودراسة أفضل الحلول الممكنة. تستطيع هذه المؤسسات التي تمثل القطاع الخاص أن تكون نقطة التواصل مع الجهات الحكومية للمساهمة في صنع القرارات ذات العلاقة بالقطاع الصناعي وتمثيل الأعضاء في اللجان وفرق العمل في المجال الصناعي. يجب على هذه المؤسسات العمل على رفع مستوى المعرفة لدى العاملين بالقطاع الصناعي وإعداد الدراسات والبحوث الصناعية وتقديم المشورة للأعضاء عبر مساهمتها مع الجهات المختصة في إعداد قواعد بيانات وإحصائيات متخصصة. كما تسعى إلى الترويج للصناعات العمانية بكل الوسائل المتاحة مع الجهات المسؤولة المختصة، وتوفير كل الدعم الممكن للشركات من خلال الاستشارات الفنية والعملية وتمثيلهم أمام جميع الجهات ذات العلاقة.

في النهاية على دول الخليج العربي الاهتمام بتطوير قطاع الصناعة لتلبية احتياجاتها في أثناء الأزمات الاقتصادية، وكضرورة حتمية لتحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية في مرحلة ما بعد النفط.  يجب التأكيد على أن تجارب التنمية الصناعة الماضية فشلت لأن كل دولة قامت بتطوير صناعتها بشكل فردي، لذا يجب تنسيق السياسات الصناعية بين كل دول المجلس من أجل تحقيق التكامل الصناعي في ضوء الميزات التنافسية الخاصة بكل دولة. 


 

مقالات لنفس الكاتب