array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

الدولة الفلسطينية هل لها من سبيل؟

الأربعاء، 01 كانون1/ديسمبر 2010

ثلاثة وستون عاماً مضت على صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 في 29/11/1947، قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية على ما مساحته نحو 44 في المائة من المساحة الكلية لفلسطين وأخرى يهودية على ما مساحته 56 في المائة من فلسطين وأن يكون للقدس ضمن الحدود الواردة في القرار كيان خاص بها. وفعلاً قامت (دولة إسرائيل) على نحو 78 في المائة من مجموع مساحة فلسطين إثر حرب عام 1948 في حين أن الدولة العربية الفلسطينية ظلت على قارعة الطريق.

إذا ما كان النظام العربي الرسمي قد عقد العزم بعد ما عرف في الأوساط السياسية والإعلامية بـ (نكبة فلسطين) على تحرير فلسطين بالوسائل العسكرية، فإن خياره العسكري هذا قاده إلى (نكسة حزيران) المترتبة على الحرب العدوانية التوسعية الإسرائيلية ضد مصر وسوريا والأردن التي انتهت إلى احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان السورية والضفة الغربية، أي احتلال ما يساوي خمسة أضعاف الكيان الصهيوني ليتحول النظام العربي الرسمي بخياره العسكري من تحرير الجزء المغتصب من فلسطين عام 1948 إلى إزالة آثار العدوان التي ولدتها حرب الخامس من حزيران عام 1967، وإن هو ظل متمسكاً بخياره العسكري المؤسس على المبادئ السياسية التي أقرتها قمة الخرطوم العربية: (لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف) بالكيان الصهيوني مع أنه اعترف بقرار مجلس الأمن 242/1967 والذي يقوم في جوهره على انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة مقابل الاعتراف بها ضمن حدود آمنة. لا بل إن النظام العربي الرسمي ظل متمسكاً بخياره العسكري إلى ما بعد حرب السادس من أكتوبر عام 1973 التي ارتأى أحد أقطابها زعيم الدولة العربية الكبرى الرئيس محمد أنور السادات، أن تكون آخر الحروب الإسرائيلية-العربية بعد أن عقد العزم على زيارة القدس المحتلة ومخاطبة إسرائيل، حكومة وأحزاباً ورأياً عاماً، من على منبر الكنيست الصهيوني مؤذناً ببداية عهد جديد في الصراع الإسرائيلي – العربي يطوي وللأبد صفحة الحروب ويفتح صفحة السلام التي بدأت بـ (معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية) لعام 1979 وانتهت إلى عودة سيناء منزوعة السلاح إلى مصر.

ومع أن حرب أكتوبر لم تكن آخر الحروب، كما وعد الرئيس السادات بذلك بل فاتحة الطريق أمام حروب أهلية، الحرب الأهلية اللبنانية، وحروب إقليمية، الحرب الإيرانية – العراقية، وحروب ثنائية، الحرب الإسرائيلية ضد المقاومة الفلسطينية في لبنان، واحتلال العاصمة بيروت وجنوب لبنان، وحروب دولية بغطاء عربي وإقليمي، حرب الخليج الثانية، وحرب الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق في مارس عام 2003، وحرب إسرائيل العدوانية التوسعية ضد جنوب لبنان عام 2006، وحرب (الرصاص المصبوب) ضد قطاع غزة عام 2008/2009، فإنه يمكن القول إن النظام العربي الرسمي قد طوى حقاً صفحة الخيار العسكري مستبدلاً إياه بالسلام خياراً استراتيجياً عربياً. وقد بدأ هذا النهج يشق طريقه بالدخول في مفاوضات مباشرة مع الكيان الصهيوني، التي بدأت في مؤتمر السلام المنعقد في مدريد في 30/10/1991 برعاية دولية شكلاً وأمريكية فعلاً بعد أن كان لها النصر في حربها العالمية ضد العراق بغطاء ومشاركة عربيتين وإخراجه من ساحة الصراع الإسرائيلي – العربي.

وتمخض خيار المفاوضات العلنية منها والسرية عن سلسلة من الاتفاقيات والإعلانات كان أبرزها اتفاقية أوسلو، والاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني، وإعلان المبادئ الفلسطيني – الإسرائيلي الموقع عليه في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض من الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس حكومة الكيان الصهيوني آنذاك إسحاق رابين في 13/9/1993 برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، وتوقيع البروتوكول الأردني – الإسرائيلي في 14/9/1993 ومعاهدة وادي عربة في 26/10/1994 والمعروفة رسمياً بـ (معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية).

ومع أن إعلان المبادئ الفلسطيني – الإسرائيلي قد نص على قضايا مؤجلة لمفاوضات الوضع النهائي كان مقرراً لها أن تجرى في عام 1995 وهي: الدولة والحدود، والمياه، والمستوطنات، والقدس واللاجئون. لكن وبعد مرور تسعة عشر عاماً على بدء المفاوضات بشقيها العلني والسري لم يتم التوصل إلى تسوية بشأن أية من تلك القضايا المؤجلة. لا بل إن إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وبالتناقض الصارخ مع أحكام القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وأبرزها اتفاقية لاهاي لعام 1907، واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبخاصة الرابعة منها، والقانون الدولي الإنساني، وميثاق الأمم المتحدة، وقرارات الشرعية الدولية، قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالصراع الإسرائيلي-العربي والقضية الفلسطينية والقدس، جندت المفاوضات لإيجاد واقع ميداني غير قابل للتفاوض وذلك بتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية وخاصة في القدس، وتسريع إجراءات تهويد الأراضي المحتلة تشريعياً وعملياً ممهدة بذلك للاحتفاظ بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لها.

وليس هذا فحسب، بل إن إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال، بحكوماتها المتعاقبة، لم تلتزم بما وقعته من اتفاقيات مع الجانب الفلسطيني، ولا ما قطعته على نفسها من عهود إزاء ما يسمى العملية السلمية في أنابوليس، أو حل الدولتين الذي تعهد جورج بوش الابن باجتراحه، لكنه مضى من دون أن يكون له ذلك ولا لخلفه من بعده الرئيس أوباما الذي بشر مؤخراً المجتمع الدولي في خطابه أمام الجمعية العامة في سبتمبر الماضي بأنه يطمح إلى أن يرى ممثل الشعب العربي الفلسطيني جالساً هنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ بمعنى أن الدولة الفلسطينية ستخرج إلى الوجود لتكون عضواً مستقلاً في الأمم المتحدة خلال عام.

 خيارات وبدائل

والسؤال المهم الآن هل إلى ذلك من سبيل؟

مع أن كبير مفاوضي السلطة الوطنية د.صائب عريقات أكد في غير مرة كان آخرها في برنامج (بانوراما) على قناة (العربية) الفضائية على التمسك بخيار المفاوضات شريطة أن تقود إلى الدولة فلسطينية لا أن تكون غطاءً ووسيلة لإيجاد واقع ومعطيات غير قابلة للتجاوز، فإنه تحدث عن خيارات أخرى بالتتابع وهي:

خيار اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بدولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية بحدود الرابع من يونيو/1967، أي على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حربها العدوانية التوسعية في 5/يونيو/1967 وعاصمتها القدس الشرقية. والعودة بالقضية الفلسطينية إلى مجلس الأمن والطلب إليه إعلان الدولة الفلسطينية، وإن هو لم يلغ من حساباته اصطدام هذا الخيار بالفيتو الأمريكي، وهو ما تعلق عليه إسرائيل آمالها. لكن هناك من يراهن حقاً على أن الولايات المتحدة لن تغامر باستخدام الفيتو لا سيما أن الإدارة الأمريكية تعمل انطلاقاً من المصالح الحيوية لبلادها، وأمنها القومي الأمريكي، ويدخل في ذلك إسرائيل والنفط وكذلك مصالح حلفائها الغربيين، الاتحاد الأوروبي، واليابان، وحرصاً منها على الاحتفاظ بدورها القيادي عالمياً.

كما أن الإدارة الأمريكية، إدارة الرئيس أوباما، ليست وحيدة في التوجه نحو حل الدولتين، فهي مدعومة من اللجنة الرباعية التي تضم بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا الاتحادية، والاتحاد الأوروبي، وهيئة الأمم المتحدة. وتلقى الدعم كذلك من دول الاتحاد الأوروبي الكبرى: بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا التي يرى مسؤولوها أنه لا مناص من العودة إلى مجلس الأمن وإعلان الدولة الفلسطينية من هناك إذا ما أصرت إسرائيل على السير بالمفاوضات نحو طريق مسدود، لا بل إن منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي السابق خافيير سولانا كان قد ربط ذلك بإطار زمني محدد.

 مجلس الأمن والدولة الفلسطينية

وها هو وزير خارجية فرنسا برنارد كوشنير يعلن في مقابلة له مع صحيفة (الأيام الفلسطينية) نشرتها في 10/10/2010 قائلاً (لا يمكننا أن نستبعد مبدئياً خيار الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي للاعتراف بدولة فلسطين، إذا ظلت المفاوضات معلقة لزمن طويل.. لا يمكننا أن نستبعد خيار مجلس الأمن، لكن يجب أن يكون هذا الخيار بمثابة ملاذ أخير إذا ما بقيت العملية السلمية معلقة لزمن طويل وهو شيء لا يرجوه أحد).

إن هذا التوجه في السياسة الخارجية الفرنسية يعكس يقيناً توجه الاتحاد الأوروبي بدليل أن كوشنير قد ذهب إلى أبعد من ذلك حينما صرح بصحبة وزير الخارجية الإسباني إنخيل موراتينوس عشية زيارتهما للمنطقة قائلاً:

نرجو أن يكون باستطاعتنا أن نستقبل قريباً دولة فلسطين في الأمم المتحدة هذا هو أمل ورغبة المجتمع الدولي، ومن المفضل أن يكون ذلك في أقرب وقت ممكن، إنه لن يكون بمقدور المجتمع الدولي أن يكتفي بأن تبقى العملية في حالة مأزق لفترة طويلة. لذلك أعتقد أنه لا يمكننا أن نستبعد مبدئياً خيار (مجلس الأمن)، مبدياً أسفه لعدم تجاوب إسرائيل مع مساعي المجتمع الدولي وتحديداً مع مطالبة الولايات المتحدة إسرائيل بتجديد تجميد الاستيطان باعتباره العقبة الكأداء أمام التوصل إلى حل الدولتين المنشود أمريكياً ودولياً وعربياً وحتى إسرائيلياً، حيث قال (نأسف أن الدعوات بالإجماع لتمديد وقف الاستيطان الإسرائيلي لم تلب ومن ضمنها الدعوة الأمريكية ونواصل المطالبة بأن يكون هناك تحرك في هذا الاتجاه) متنبأً بالتوصل إلى حل خلال الأيام القليلة المقبلة حيث قال إن: (الاتحاد الأوروبي وهو شريك سياسي مهم للطرفين وأكبر ممول لفلسطين عليه أيضاً لعب دور مهم لدعم العملية السلمية.. ولا أفقد الأمل بأن يتم التوصل إلى حل في الأيام القليلة المقبلة وخصوصاً بفضل الجهد الأمريكي.. يجب على المجتمع الدولي أن يقوم بكل ما بوسعه وفي كل الحالات من أجل ضمان مواصلة المفاوضات في سبيل إحراز تقدم نحو حل الدولتين).

لكن وزير الدبلوماسية الفرنسية كوشنير عاد بفعل المواجهة العنيفة التي جمعته ونظيره الإسباني موراتينوس بنظيرهما الصهيوني العنصري أفيغادور ليبرمان والتي وصفها كوشنير بـ (الصعبة) ليخفف من لهجته بأن الذهاب إلى مجلس الأمن مرتبط بعدم الإضرار بالعملية السلمية، حيث قال في مؤتمره الصحفي الذي أعقب لقاءه بـ ليبرمان والرئيس الفلسطيني محمود عباس إن (الاتحاد الأوروبي لن يدعم التوجه إلى مجلس الأمن لإقامة الدولة الفلسطينية إذا ما كان ذلك يهدد العملية السلمية). ومثل هذا التردد في مواقف مسؤولي السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي يعكس حقيقة أن الاتحاد الأوروبي غير معني بالنهوض بدور دولي قيادي ولا مستعد لتحمل تبعات مثل هذا الدور المنتظر منه دولياً وخاصة إذا كان هذا الدور يجري على ساحة تعتبرها الولايات المتحدة الأمريكية ساحتها ومنطقة نفوذها وحدها التي لا يجوز لأحد منازعتها فيها وعليها إلا بالقدر الذي تسمح به هي وحليفها الاستراتيجي إسرائيل. وهو ما ألمح إليه بطريقة ساخرة ليبرمان عندما طلب إلى الوزيرين كوشنير وموراتينوس (أن عليهما حل المشكلات الأوروبية بدلاً من حل القضية الفلسطينية).

خيار وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة، أي الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس تحت الوصاية وذلك بتفحص المادتين 77 و85 من ميثاق الأمم المتحدة في حالة فشل المفاوضات، ورفض الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بدولة فلسطين عاصمتها القدس الشرقية، وفشل مجلس الأمن بإعلان الدولة الفلسطينية إذا ما أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على استخدام حقها في النقض (الفيتو).

 التحالف من أجل السلام

لكن ماذا إذا فشل مجلس الأمن حقاً في إعلان قيام الدولة الفلسطينية ؟ هل ستلجأ السلطة الفلسطينية إلى حل نفسها؟

وبالنسبة لخيار استقالة الرئيس محمود عباس وحل السلطة الفلسطينية، وإن هو غير مطروح بالنسبة للسلطة الفلسطينية، فإن صائب عريقات يقر على لسان الرئيس محمود عباس بأن السلطة الفلسطينية عملياً لن تكون أكثر من اسم، والرئيس كما ينقل عريقات عن الرئيس محمود عباس بأنه (لم يخلق لأن يكون رئيساً.. ولا الشعب الفلسطيني لأن يكون سلطة، بل خلق لأن يحرر أرضه ويقيم دولته الفعلية لا اسماً وشكلاً فقط).

ولكن هناك بديل آخر عملي وفقاً للشرعية الدولية قابل للتنفيذ ولا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية ولا لأية دولة أخرى من أعضاء مجلس الأمن الخمسة الدائمين أن تفسده وتحول دون إعلان الدولة الفلسطينية. وهذا البديل يستند إلى (قرار التحالف من أجل السلام) الذي جاء بمبادرة أمريكية عندما سدت الطريق أمام مشاريعها المقدمة إلى مجلس الأمن في الخمسينات والستينات من القرن الماضي بسبب الفيتوات السوفييتية آنذاك، مما حدا بها إلى التقدم بمشروع يقضي بأنه إذا فشل مجلس الأمن في معالجة مشكلة تهدد الأمن والسلم الدوليين فعندها ينقل المشروع إلى الجمعية العامة؛ وفي حالة تبنيها له يعتبر قراراً تفوق أهميته ومستوى إلزاميته قرارات مجلس الأمن الصادرة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة التي لا تستثني اللجوء إلى الوسائل العسكرية لإلزام الطرف المعني بالقرار. بمعنى أنه إذا عرض مشروع إعلان الدولة الفلسطينية على مجلس الأمن باعتبارها قضية تهدد الأمن والسلم الدوليين، وهو ما يقر به المجتمع الدولي بأكمله، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، ورفض المشروع باستخدام الفيتو الأمريكي أو أي عضو آخر، أو لعدم حصوله على الأغلبية المطلوبة، فللمتقدمين بالمشروع التحول به إلى الجمعية العامة، حيث الكل متساوون في قوة أصواتهم ولا مكان للفيتوات في الجمعية العامة لإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة التامة وعاصمتها القدس الشرقية. والموافقة على مثل هذا المشروع بحكم المؤكدة نظراً لأن تركيبة الجمعية العامة منسجمة مع إرادة المجتمع الدولي الراغب في رؤية دولة فلسطينية والقدس الشرقية عاصمتها تظهر للوجود اليوم قبل الغد.

مجلة آراء حول الخليج