array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 192

أهمية التغلب على عقبات التمويل والمواءمة بين القوى الدولية للاستفادة من كل الأطراف

الخميس، 30 تشرين2/نوفمبر 2023

في عام 2013م، أعلنت الصين عن مبادرة "الحزام والطريق"، بهدف إقامة شبكة من الطرق البرية والبحرية لربط الصين بمختلف مناطق العالم، هذا وقد دعت دول العالم للانضمام للمبادرة؛ لما تحققه من فائدة مشتركة من خلال دورها في زيادة التجارة والاستثمارات المشتركة. وبعدها بعقد من الزمن أُعلن خلال قمة العشرين الأخيرة عن مشروع "الممر الاقتصادي الجديد" لربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، كمشروع شامل لا يقتصر على التبادل التجاري فحسب وإنما يشمل نقل الطاقة عبر الكابلات والأنابيب، إضافة إلى دعم الاقتصاد الرقمي من خلال نقل البيانات عبر كابلات الألياف الضوئية، وهو مشروع مدفوع باعتبارات سياسية أكثر منه اعتبارات اقتصادية، وقبل ذلك بعدة أشهر أُعلن عن إطلاق مشروع "طريق التنمية" للربط البري بين دول الخليج وتركيا.

والمشروعات الثلاث هي مشروعات طموحة تهدف إلى تحقيق مجموعة متنوعة من الأهداف للدول المشاركة بها، من خلال دورها في إعادة تشكيل المشهد الجيواقتصادي والجيوسياسي في المنطقة، حيث لا يمكن فصلها عن المنافسة السياسية بين القوى الدولية. وهي مشروعات متعددة المسارات برية وبحرية. وإن كان هناك تفاوت فيما بينها فيما يتعلق بالإطار الزمني والمزايا التي تقدمها للدول المشاركة وطبيعة الأطراف المشاركة في كل منها وكذلك التحديات التي تواجه كل منها.   

وتأتي دول الخليج في قلب تلك المشروعات. إذ يُقدم كل من تلك الطرق مزايا مهمة لدول الخليج، بحيث لا يمكن النظر إليها كمبادرات متعارضة بالنسبة لدول المنطقة. وهناك تفاوت فيما يتعلق بقدرة دول الخليج على الاستفادة مما تقدمه تلك الممرات من مزايا بالنظر إلى الطبيعة المتفاوتة لكل من تلك الممرات، وكذلك موضعها في إطار الصراعات الدولية، والجوانب الاقتصادية والأمنية المرتبطة بكل منها والتي قد تُشكّل في بعض الأحيان عائقًا يحول حتى دون تنفيذ تلك الممرات، ومن ثم تحقيق الاستفادة المتوقعة منها.

ونركز فيما يلي على مناقشة الفرص والتحديات المرتبطة بكل واحد من الممرات الثلاث فيما يتعلق بدول الخليج وسنبدأ بأحدثها وهو "الممر الاقتصادي الجديد".

أولًا: مشروع "الممر الاقتصادي الجديد":

خلال قمة العشرين الأخيرة بمدينة نيودلهي الهندية تم الإعلان عن توقيع اتفاق إنشاء "الممر الاقتصادي الجديد"، إذ تنص الاتفاقية التي وقعتها الهند والولايات المتحدة والمملكة العربية السُّعُوديَّة والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي، على خطة لربط سلسلة من خطوط السكك الحديدية والشحن الممتدة من الساحل الغربي للهند عبر الإمارات والمملكة العربية السُّعُوديَّة والأردن وإسرائيل إلى أوروبا. وسيمتد الطريق إلى حوالي 4800 كيلومتر وسيكون له جناحان منفصلان، مع الخليج في الوسط؛ إذ سيربط الجناح الشرقي الهند بدول الخليج، بينما سيربط الجناح الغربي دول الخليج بأوروبا. وسيشمل الممر وصلة للسكك الحديدية، بالإضافة إلى كابل كهرباء، وخط أنابيب هيدروجين، وكابل بيانات فائق السرعة. وبذلك سيربط الممر بين ثلاث مناطق؛ الهند والشرق الأوسط وأوروبا. ستكون المملكة العربية السُّعُوديَّة والإمارات والأردن وإسرائيل هي الدول التي سيتعين عليها الاستثمار في خطوط السكك الحديدية والمرافق اللوجستية الأخرى لتحويل حركة المرور بين أوروبا والهند.

ومن شأن تنفيذ المشروع المساهمة في تعزيز حركة التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، وزيادة حركة التبادل إضافة إلى تسهيل عملية نقل الطاقة النظيفة، مع دعم الاقتصاد الرقمي. فمن شأن هذا الطريق أنَّ يقلل وقت نقل البضائع بين الهند وأوروبا بنسبة 40%. حيث ستقوم السفن بنقل البضائع بين الساحل الغربي للهند وميناء إعادة الشحن في الهند، ومن هناك ستنتقل بالسكك الحديدية عبر المملكة العربية السُّعُوديَّة والأردن إلى إسرائيل، وسيتم تغطية المسافة بين ميناء حيفا الإسرائيلي وميناء بيريوس اليوناني بواسطة السفن. وهناك توقعات بأن تنضم دول خليجية أخرى؛ البحرين والكويت وقطر، إلى المشروع. 

وتُشكّل الدول المشاركة في مشروع الممر الاقتصادي الجديد نحو 50% من الاقتصاد العالمي. كما يعتمد المشروع بشكل كبير على الموانئ البحرية والطرق والمراكز اللوجستية في المملكة العربية السُّعُوديَّة والإمارات، مما يعمل على تعزيز أهمية الدولتين كنقاط مهمة في طرق التجارة العالمية. بحيث يمثل الممر الاقتصادي الجديد مرحلة جديدة في الجغرافيا السياسية لغرب آسيا. بشكل قد يؤثر على النظام العالمي.

على الجانب الآخر، هناك عدة تحديات تواجهها الفكرة، فرغم الإمكانات الكبيرة التي ينطوي عليها المشروع فيما يتعلق بخفض تكلفة النقل وتحسين الخدمات اللوجستية وخلق فرص عمل وتسهيل سلاسل الإمداد، فما زالت الملامح النهائية للمشروع المُقدّر تكلفته بنحو 20 مليار دولار غير واضحة، نظرًا لأن مثل هذا المشروع الكبير يشمل منطقة جغرافية واسعة. ويعتمد نجاح الممر إلى حد كبير على تطوير شبكات نقل فعالة لربط المناطق الثلاث بسلاسة. فإنشاء نظام نقل متكامل يغطي مسافات شاسعة وتضاريس جغرافية متنوعة وقدرات بنية تحتية متفاوتة تفرض تحديات. كما تطرح تساؤلات بشأن كيفية التعامل مع اللوائح والإجراءات الجمركية المتباينة من دولة لأخرى. كما أنَّ تنفيذ المشروع يواجه صعوبات ومخاطر جيوسياسية في ظل طبيعة المنطقة التي سيمر بها؛ إذ يمتد الممر إلى دول متنوعة ذات ديناميكيات سياسية ومصالح مختلفة. وقد تعيق هذه التعقيدات التعاون والاتصال السلس بين البلدان المعنية.  

ويُعاني الممر من الإشكالية ذاتها التي تُعانيها الممرات الدولية متعددة الوسائط حيث يستغرق وقت أكبر في الانتقال من مسار لآخر.

ومن المهم النظر للمشروع في إطار المنافسة الدولية بين واشنطن وبكين. حيث تقدم الولايات المتحدة للمشروع في إطار رغبتها في خلق مسار بديل للمشروع الصيني، ودمج إسرائيل في المنطقة مع عزل إيران. كما تهدف الولايات المتحدة إلى تقويض النفوذ الصيني المتنامي في منطقة الخليج عبر إشراك الدول الخليجية في المبادرة في ضوء ارتباط تلك الدول بمشروع "الحزام والطريق"، خاصة أنه باستثناء عُمان، فإن الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي هي شريك حوار في منظمة شنغهاي للتعاون، كما أعلن مؤخرًا عن قبول طلب عضوية كل من المملكة العربية السُّعُوديَّة والإمارات في تجمع بريكس. لكن الرؤية الأمريكية ليست بالضرورة هي وجهة النظر الخليجية التي تسعى لتطوير شراكاتها الدولية وتحقيق المزيد من التوازن في علاقاتها بين الصين والدول الغربية وتعزيز مكانتها كجسور بين الشرق والغرب.

فخليجيًا، يتوافق انضمام كل من المملكة العربية السُّعُوديَّة والإمارات إلى المشروع مع سياسة الدولتين فيما يتعلق بتنويع الشراكات الدولية وتطوير التحالفات الاقتصادية. ويتوافق الانضمام للمشروع بشكل خاص مع رؤية المملكة 2030 بما تؤكد عليه من تنويع اقتصاد المملكة ومصادر الدخل القومي من خلال تنويع الشراكات الدولية المؤثرة، وبما ينعكس على مكانة المملكة العربية السُّعُوديَّة دوليًا.

وكان من المفترض كما تم الاتفاق خلال قمة مجموعة العشرين على عقد اجتماع تنسيقي في نوفمبر، لكنه لم يعد مؤكدًا عقد الاجتماع في ظل تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط.

ثانيًا: ممر "مشروع التنمية":

 في مايو الماضي أعلن العراق عن خطة طموحة بالإعلان عن مشروع "طريق التنمية"؛ بمشاركة 10 دول هي: المملكة العربية السُّعُوديَّة، وتركيا، وسوريا، والأردن، والكويت، والبحرين، وقطر، والإمارات، وإيران، وعمان. وسيربط المشروع بين الشرق والغرب؛ حيث سيتم ربط السكك الحديدية الخليجية بالسكك الحديدية العراقية، وسيمر الممر بمحافظات عراقية من بينها بغداد والموصل وصولًا إلى ميناء مرسين التركي، وصولًا للموانئ الأوروبية. وهو مشروع متعدد المسارات، إذ يشمل خطوط سكك حديدية وأنابيب نقل الطاقة، ويُعدّ المشروع إعادة إحياء لمشروع "البصرة-برلين".

وتُقدّر التكلفة الأولية للمشروع بـ 17 مليار دولار، حيث تم طرح 3 سيناريوهات لتمويل المشروع، الأول التمويل الحكومي، والثاني بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، في حين أنَّ السيناريو الثالث يتمثل في دخول مجموعة من الشركات العالمية في استثمارات مع شركات محلية، وهو السيناريو الأكثر احتمالية.

بموجب المشروع المقترح تُخطط الحكومة العراقية لإنشاء قطارات عالية السرعة لنقل البضائع بسرعة تبلغ 140 كم في الساعة، ومن المخطط أنَّ تكون السكك الحديدية ثنائية المسار، بحيث يستوعب كل خط ما يتراوح بين 80 إلى 90 قطارًا يوميًّا. ومن المتوقع أنَّ تنتهي المرحلة الأولى من المشروع بحلول 2028م. وبنهاية تلك المرحلة تكون القدرة الاستيعابية للمشروع 3.5 ملايين حاوية، وتنتهي المرحلة الثانية في 2038م، وبنهاية تلك المرحلة تكون بلغت الطاقة الاستيعابية 7.5 ملايين حاوية. أما المرحلة الأخيرة للمشروع فمن المقرر أنَّ تنتهي بحلول 2050م.

وتتمثل أهمية المشروع في ربطه بين الخليج وتركيا، ومن ثم المساهمة في زيادة معدلات التجارة من موانئ عمان وصولًا إلى أوروبا. فخلال مشاركته في قمة العشرين، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنَّ تركيا تعمل على إنشاء ممر للسكك الحديدية والموانئ يربطها بالمملكة العربية السُّعُوديَّة والإمارات عبر العراق. مضيفًا "إننا نتعاون مع المملكة العربية السُّعُوديَّة والإمارات والعراق لإنشاء ممر تجاري رئيسي يتكون من السكك الحديدية والموانئ، ويربط بين بلداننا. وسينطلق هذا الممر من تلك البلدان ويمتد عبر البصرة". ومناطق أخرى من العراق، ليصل في نهاية المطاف إلى تركيا". وأضاف: "نهدف إلى اتخاذ خطوات مهمة وسريعة في هذا المشروع في المستقبل القريب".

في مقدمة المزايا التي يقدمها الممر الميزة الخاصة بالتوقيت، إذ يختصر وقت مرور البضائع بمعدل النصف تقريبًا، مما يؤثر على تقليل تكلفة النقل والتأثير على سلاسل التوريد. لكنه يواجه مزيجًا من التحديات الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية. فرغم الاستثمار الضخم الذي يتطلبه تنفيذ المشروع، فما زالت القدرة الاستيعابية محدودة للغاية فحتى مع نهاية المرحلة الثانية للمشروع 2038م، ستكون تلك القدرة قد ارتفعت إلى 7.5 ملايين حاوية. كما أنَّ المشروع وإن كان يختصر الوقت، إلا أنَّ كونه مشروع متعدد المسارات سيضيف عبئًا ماليًا إضافيًا. وكذلك لا يمكن تجاهل الطبيعة الجغرافية الصعبة فالطبيعة الجبلية الصعبة بين كردستان العراق وتركيا والتي من المفترض أنَّ يمر خلالها السكك الحديدية قد تؤثر على التكلفة والتوقيت المطلوب لتنفيذ المشروع. كما تُطرح تساؤلات بشأن مدى واقعية الأهداف الخاصة بالمشروع.

وكذلك لا يمكن تجاهل التحديات الأمنية والسياسية، فمرور المشروع في مناطق تُعاني من عدم الاستقرار الأمني قد يفرض تحديات تتعلق بارتفاع تكلفة التأمين، وقد يؤثر على انتظام العمل بالمشروع.  كما قد يواجه المشروع معارضة من بعض الدول ومنها إيران نظرًا لتضرر خط عبادان الإيراني من المشروع.

ثالثًا: مبادرة "الحزام والطريق":

 تُعدّ مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين عام 2013م، واحدة من أهم المشروعات التنموية التي طرحتها الصين وتهدف من خلالها إلى إقامة شبكة من الطرق البرية والبحرية لربطها بمناطق العالم، ويتكون بالأساس من مسارين بري وبحري. وقد استثمرت الصين بالفعل أكثر من تريليون دولار في مشاريع مبادرة الحزام والطريقكما تنوي الصين تقديم مبادرة الحزام والطريق 2.0، وهي نسخة منقحة من مبادرة الحزام والطريق؛ يتم خلالها ممارسة رقابة أكبر على تمويل وتنفيذ المشروعات، ويتوقع مركز التنمية العالمية أنَّ تخصص الصين 8 تريليونات دولار للمشروع.

ومن بين ثلاثة طرق في إطار المسار البري نجد أنَّ اثنين منهما يرتبطا بدول الخليج وهما: الممر الاقتصادي بين الصين ووسط وغرب آسيا، والممر الاقتصادي بين الصين وباكستان.

وبالتركيز على الأخير، فقد بلغ إجمالي الاستثمارات في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني نحو 46 مليار دولار أمريكي. ويهدف المشروع إلى تعزيز التعاون في مجالات التجارة والطاقة بين منطقة جنوب ووسط آسيا وشمال إفريقيا ودول الخليج، حيث يبدأ من مدينة قشغر الصينية لينتهي في مدينة جوادر الباكستانية، ويربط الممر بين كل من الحزام الاقتصادي لطريق الحرير في الشمال، وكذلك طريق الحرير البحري في الجنوب. وتبلغ مسافة الشحن بين الموانئ الإماراتية ومدينة شينجيانغ الصينية 15 ألف كم، وفي حال الانتهاء من هذا الممر ستبلغ المسافة 2500 كم.

وتُعدّ المملكة العربية السُّعُوديَّة شريكًا رئيسيًا في تطوير المدينة النفطية في ميناء جوادر، حيث تبلغ مساحة المشروع 80 ألف فدان وتستخدم لنقل نفط الخليج إلى الصين عبر الميناء، ومع اكتمال تطوير الميناء سوف يقل الوقت المستغرق لنقل النفط السُّعُوديَّ إلى الصين من 40 يومًا إلى سبعة أيام فقط. وبذلك فالمملكة أول دولة تدخل في إطار الممر كطرف ثالث مع الصين وباكستان، وتستثمر المملكة في الممر بـ 10 مليارات دولار.

ويقدم الممر العديد من المزايا من بينها تقليل الوقت ما بين المقاطعات الصينية والشرق الأوسط وأوروبا بما يُعادّل 10 إلى 20 يومًا، وهو الأمر الذي من شأنه تقليل التكلفة بشكل كبير. ومن ثم تعزيز التبادل التجاري ونمو التعاون الثنائي في مجالات النقل والطاقة. 

لكن على الجانب الآخر، يواجه المشروع عدة تحديات من بينها موقف الهند من المشروع والتي تُعارض المشروع مُشيرة إلى أنه يمر عبر منطقة جيلجيت بالتستان وهي منطقة متنازع عليها بين الهند وباكستان. حيث لا يمكن تجاهل الخلافات بين الهند والصين فيما يتعلق بمحاولة كل منهما تعزيز نفوذها. وكذلك المخاوف المرتبطة بتأثيرات التوترات السياسية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية على المشروع، وكذلك البعد المتعلق بالعلاقات بين باكستان وإيران، والمخاوف من أنَّ يؤثر توتر العلاقات بين الصين والولايات المتحدة على العلاقات بين باكستان والولايات المتحدة. كما يمكن الإشارة إلى الوضع في إقليم بلوشستان حيث قد تؤثر أي حالة من عدم الاستقرار الأمني في الإقليم على المشروع. 

وختامًا، أسهم الموقع الجغرافي لدول الخليج في جعلها محورًا رئيسيًا في العديد من الممرات الدولية المهمة الاقتصادية ذات الأبعاد السياسية المتنافسة. والتي ستمكن -حال تنفيذها-دول المنطقة من القيام بدور أكبر في التجارة العالمية. ورغم أهمية المبادرات المطروحة وانعكاساتها التنموية المهمة، فإن المخاوف تتعلق بتأثير المنافسة فيما بينها على عرقلة مسارات التنمية. فهناك تعقيدات في الجغرافيا السياسية واختلافات بينة في مصالح الأطراف المختلفة فيما يتعلق بتلك الطرق.

وخليجيًا، فمن المهم التأكيد على أنَّ تلك المشروعات ليست متعارضة أو متنافسة، حيث يمكن الاستفادة من كل منها على حدة؛ حيث تعزز تلك المشروعات الدور الجيواقتصادي والجيواستراتيجي لمنطقة الخليج ودورها في طرق التجارة العالمية من خلال ترسيخ وضعها كجسر بين آسيا وأوروبا. كما أنها تقدم مزايا اقتصادية وتكنولوجية مهمة لا يمكن تجاهلها. خاصة أنَّ تلك المشروعات لا تنفصل عن الطموحات الاقتصادية لدول المنطقة، ويمكن هنا الإشارة إلى ارتباطها الوثيق برؤية المملكة 2030 وما أكدت عليه من تنويع الاقتصاد وتعزيز الشراكات الدولية وبما يخدم الهدف الخاص بتعزيز مكانة المملكة دوليًا. حيث تحرص الرياض على استكشاف ميزتها الاستراتيجية في ضوء موقعها المهم في مركز الجغرافيا السياسية العالمية. كما يتوافق ذلك مع السياسة الخارجية للدول الخليجية التي تحرص على إبداء قدر أكبر من الاستقلالية في سياستها الخارجية والموازنة بين القوى الدولية بما يخدم مصالح دول المنطقة بصورة رئيسية.

ورغم أهمية تلك المشروعات وقدرتها على تحقيق العديد من الأهداف التنموية والسياسية لدول الخليج، إلا أنَّ هذا يتطلب التغلب على العقبات الخاصة بالتمويل والجوانب اللوجستية وغيرها، والأهم المواءمة بين القوى الدولية والقدرة على الاستفادة من المزايا التي يقدمها كل طرف.

مقالات لنفس الكاتب