array(1) { [0]=> object(stdClass)#13013 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 193

نجحت عمان في تحديد ديسمبر 2030 موعدًا لتنفيذ وتشغيل السكة الحديد الخليجية

الخميس، 28 كانون1/ديسمبر 2023

مع نهاية عام وبداية عام جديد، يجدر بنا أن نقوم بإعادة تقييم لأحداث العام الماضي ورسم خريطة طريق جديدة للعام القادم لاستكمال أهداف المرحلة السابقة ووضع أهداف طموحة للمرحلة المقبلة. ففي هذا المقال استعرض أهم الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك التحديات التي مرت بها سلطنة عمان خلال عام 2023م، لقد كان العام الماضي حافلًا بالإنجازات على كل المستوىات السياسية من خلال رئاسة السلطنة لمجلس التعاون الخليجي، والاجتماعية من خلال تفعيل منظومة الحماية الاجتماعية، والاقتصادية من خلال نجاح السياسات الاقتصادية والمالية في التعافي من الجائحة وتحسين التصنيف الائتماني للسلطنة وتحقيق معدلات نمو عالية.  ومع بداية عام 2024م، هل يمكن لسلطنة عمان المحافظة على هذه الإنجازات ومواصلة مسيرة التنمية لتحقيق أهداف الخطة الخمسية العاشرة ورؤية عمان 2024م، في ظل التحديات الجديدة التي تشهدها المنطقة؟ كيف تتفاعل السلطنة مع التحديات التي تواجهها ومدى إمكانية الاستفادة من الفرص الاقتصادية والاستثمارية المتاحة من أجل تحقيق التنمية الشاملة.

تطورات السياسة الداخلية في سلطنة عمان في 2023

على المستوى الداخلي، شهدت سلطنة عمان حراكًا سياسيًا كبيرًا في المجال السياسي والتحول الديمقراطي، حيث تم بنجاح إجراء انتخابات مجلس الشورى، بنسبة مشاركة عالية بلغت حوالي 65.07 %. وترجع أهمية انتخابات مجلس الشورى كونه المؤسسة الوحيدة التي تمثل صوت الشعب، وتعمل على إقرار التشريعات والقوانين الحكومية، وتلعب دورًا أساسيًا في تشكيل السياسات ومراجعتها، ورفع توصيات في الإطار الذي يخدم مصالح المواطنين. يعتبر مجلس الشورى أحد أهم المؤسسات التي تناقش وتتبنى العديد من قضايا القومية، خاصة في مجالات التنمية المستدامة من قضايا اقتصادية واجتماعية وبيئية، وتعزيز فرص الشباب ودعم المرأة في مجالات التعليم وسوق العمل وريادة الأعمال. 

حققت سلطنة عمان تطورًا كبيرًا في تطوير العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن من خلال تطوير منظومة الحماية الاجتماعية، كما عززت الحكومة القطاعات الاجتماعية والأساسية التي تلامس احتياجات فئات مهمة من المواطنين، حيث بلغ إجمالي الإنفاق المعتمد في الميزانية العامة للسنة المالية 2023م، نحو 4.3 مليار ريال عماني. وهذا يعكس مدى اهتمام الدولة بالمواطن من خلال دعم شبكات الحماية الاجتماعية بقيمة 384 مليون ريال عماني، و وضع حد أدنى للمرتبات عند 325 ريال عماني شهريًا، والعودة إلى العمل بنظام الحوافز والترقيات مع ربط الحوافز بإنتاجية العامل، مما يرفع دخول الموظفين ويحسن أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية.  تؤكد الاحصائيات أن نسبة الإنفاق العام على القطاعات الاجتماعية والأساسية بلغت حوالي 38% من إجمالي الإنفاق العام، بينما حظي قطاع التعليم بنسبة 44 %، و22 % للقطاع الصحي، و22 % للضمان والرعاية الاجتماعية، و12 % لقطاع الإسكان.

لذلك يعد إطلاق نظام الحماية الاجتماعية بالمرسوم السلطاني رقم 52/2023 من أهم التطورات السياسية والاجتماعية التي شهدتها سلطنة عمان في عام 2023م، ويمثل نظام الحماية الاجتماعية ليس فقط نظامًا شاملًا ومتكاملًا يتماشى مع رؤية عمان 2040م، وأهداف الخطة الخمسية العاشرة والتنمية المستدامة، بل يعد القانون الجديد أيضًا تحولًا كبيرًا نحو منهجية شاملة وكلية لنظام الحماية الاجتماعية ليشمل من خلاله كافة المراحل في دورة الحياة. وهو يكفل التكامل بين المساعدة الاجتماعية وخطط التأمين الاجتماعي لضمان الكرامة والرفاه من أجل مستوى معيشي لائق، والذي يعزز فرص العمل والتكافؤ بين كافة الفئات المستهدفة. ويهدف نظام الحماية الاجتماعية الجديد الذي يضع الفئات الأكثر هشاشة، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة والأطفال، ضمن أهم أولوياته ليتماشى النظام الجديد مع أفضل المعايير والممارسات الدولية والذي سيمكن السلطنة من بناء اقتصاد منتج وتنافسي.

ومن أجل تفعيل هذا النظام حددت الحكومة مخصصات مالية لفئات اجتماعية مختلفة مثل منافع الطفولة الشاملة حيث يستفيد جميع أطفال سلطنة عمان حتى سن 17 عامًا من منافع شاملة قيمتها 10 ريالات عمانية شهريًا للطفل الواحد، منافع شاملة لذوي الإعاقة يصل مقارها 130 ريالًا عمانيًا شهريًا، معاش شيخوخة قيمته 115 ريالًا عمانيًا شهريًا، منافع ورثة للعمانيين اليتامى دون سن 18 عامًا والأرامل دون سن الستين قدرها 80 ريالًا عمانيًا كحد أقصى بغض النظر عن مشاركة المتوفى في نظام الاشتراكات، ودعم دخل الأسر حيث تستفيد كافة الأسر العمانية بما فيها النساء الأرامل غير العمانيات لأزواج عمانيين من دون أطفال التي يقل دخلها عن سقف محدد، من زيادة لدخلها ليصبح بمستوى هذا الحد الأدنى.

الدور الريادي للسياسة الخارجية العمانية

لعبت السياسة الخارجية العمانية دورًا هامًا في تحقيق الأمن والسلم والتنمية على المستوى الإقليمي من خلال رئاستها الدورة رقم 43 للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث حرصت السلطنة على التواصل والتعاون مع الدول الأعضاء تعزيزًا للمسيرة الخليجية، ووصولًا إلى تحقيق ما تصبو إليه شعوب المنطقة من الأمن والاستقرار من خلال البحث في آليات وطرق سلمية لحل الأزمة اليمنية وتحسين العلاقات الخليجية الإيرانية، وتكثيف جهودها لوقف الحرب وإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة يدل ذلك على اهتمام سلطنة عمان بالتنفيذ الكامل والمستمر لاستكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، وتنسيق المواقف بما يعزز من تضامن واستقرار دول مجلس التعاون والحفاظ على مصالحها، وتجنبها الصراعات الإقليمية والدولية، ويلبي تطلعات مواطنيها وطموحاتهم.

فمن أبرز إنجازات الدورة 43 هو نجاح سلطنة عمان في التوصل إلى موافقة كل الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على تنفيذ وتشغيل مشروع سكة الحديد بين الدول الأعضاء في ديسمبر 2030م، واعتماد مشروع التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة، والمرحلة الأولى من مشروع ربط المخالفات المرورية إلكترونيا بين دول المجلس. كما تم اعتماد برنامج مستقبل العمل في الحكومة في العام القادم، حيث يهدف البرنامج إلى تزويد الإدارات المتوسطة بالمفاهيم والمعارف والمهارات والأدوات اللازمة لتحويل الرؤى والاستراتيجيات إلى واقع ملموس في ظل الاقتصاد الرقمي. كما سعت سلطنة عمان إلى التعامل الفعال مع ملفات مهمة مثل التصنيع والمقاييس والجمارك، وخلق سياسات جديدة لتعميق التكامل الاقتصادي وزيادة التجارة البينية والاستثمارات المباشرة في الأسواق الخليجية، كما تبنت الركائز الأساسية لتحولات الطاقة وأمن الطاقة، والتنمية المستدامة، والتغير المناخي من خلال الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.

على المستوى الإقليمي، لعبت سلطنة عمان دورًا مهمًا في تقريب وجهات النظر بين الرياض وطهران، وبين الرياض والحوثيين في اليمين من أجل التوصل إلى تفاهمات تساعد على تهدئة الوضع الأمني في المنطقة، حيث ساهمت السلطنة، بالتعاون مع العراق والصين، في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران وإلى تخفيض وتيرة الصراع المسلح بين الرياض وصنعاء، مما قد ينشأ عنه توقف مستمر للحرب والدخول في مفاوضات سياسية تنهي الأزمة اليمينية في المستقبل القريب. وفي إطار القضية الفلسطينية التي تحظى حاليًا باهتمام كبير بعد أحداث 7 أكتوبر 2023م، دعت سلطنة عمان من خلال رئاستها لمجلس التعاون الخليجي إلى عقد جلسة استثنائية للمجلس الوزاري بتاريخ 17 أكتوبر 2023م، لبحث تدهور الأوضاع في غزة بعد 7 أكتوبر 2023م، وأعلنت تضامنها مع الشعب الفلسطيني الشقيق، ودعم كافة الجهود الداعية لوقف التصعيد والهجمات على الأطفال والمدنيين الأبرياء، وتقديم إغاثة عاجلة للشعب الفلسطيني، والتأكيد على ضرورة رفع الحصار غير المشروع على غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، واستئناف عملية السلام لتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة كافة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية.

على الصعيد العربي، حرصت سلطنة عمان على توطيد الروابط والتعاون بين السلطنة ودول مجلس التعاون من جهة ودولة العراق من جهة أخرى من خلال المضي قدماً في إنجاز مشروع الربط الكهربائي لربط العراق بشبكة الكهرباء في دول مجلس التعاون لتحقيق قدر أكبر من التكامل والترابط بين العراق ودول المجلس وبما يحقق مصالحهما المشتركة. كما أكدت السلطنة على دعم الجهود القائمة لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في العراق، مشدداً على أهمية الحفاظ على سلامة ووحدة أراضي العراق وسيادته الكاملة وهويته العربية الإسلامية ونسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية. كما سعت السلطنة إلى مساعدة لبنان في تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية، وعدم تحوله إلى نقطة انطلاق للإرهابيين أو تهريب المخدرات أو الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، مشدداً على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية. وفي ليبيا، حرصت السلطنة على اتخاذ موقف معتدل وبناء تجاه الفرقاء الليبيين، مؤكدة ضرورة الحفاظ على مصالح الشعب الليبي، وعلى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في ليبيا، وضمان سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها ووقف التدخل في شؤونها الداخلية، وخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، وتوحيد مؤسسات الدولة لإرساء دعائم الأمن والاستقرار والتنمية.

تطورات الاقتصاد الوطني في سلطنة عمان

انعكس نجاح السياسات والإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومية العمانية على سرعة تعافي الاقتصاد العماني بعد ثلاثة أعوام من التعثر بسبب الآثار السلبية لجائحة كوفيد- 19 والأزمة الروسية ـ الأوكرانية وما نتج عنهما من أزمات حادة مثل أزمة الطاقة وأزمة الغذاء ومشكلة التضخم. تشير الاحصائيات إلى تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي في السلطنة، والتي وضعت في أولوياتها خفض الدين العام، وتعزيز الإنفاق الإنمائي وزيادة وتيرته، والدفع ببيئة الاستثمار الجاذبة لتحفيز أداء الاقتصاد الوطني، إضافة إلى إعادة ترتيب أولويات الاستدامة والتوازن في المالية العامة للدولة. مما لا شك فيه أن الاقتصاد العماني استفاد كثيرًا من التحسن في أسعار الطاقة عالميًا، مما نتج عنه نموًا واضحًا بالأسعار الثابتة بلغت نسبته 2.1 % خلال النصف الأول من عام 2023م، جاء هذا النمو مدفوعًا بالنمو المتحقق في الأنشطة النفطية بواقع 1.4 % وفي الأنشطة غير النفطية بواقع 2.1 %، مما أدى إلى تحسن مسارات النمو الاقتصادي وتعزيز قدرة السلطنة التنافسية إقليميًا وعالميًا.

بالنسبة لأداء قطاعات التنويع الاقتصادي مقارنة بالقيم المستهدفة في 2025م، يمكن التأكيد على صعوبة إحداث نقلة نوعية كبيرة بالرغم من التحسن الطفيف في قطاعي الثروة الزراعية والتعدين، حيث سجل قطاع الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة نموًا بلغ حوالي 9.7 %في النصف الأول من 2023م، مقارنة بالقيمة المستهدفة بنحو 11.8 % في 2025م، في حين بلغ إسهام قطاع النقل واللوجستيات 5.9% مقارنة بالمستهدف 7.3 % في عام 2025م،  وعلى صعيد قطاع الأمن الغذائي، فقد تجاوز إسهام نشاط الثروة الزراعية القيمة المستهدفة عند 1.2% ليبلغ نحو 1.5 %، وفي المقابل، بلغ إسهام نشاط الثروة السمكية نحو 0.8 % مقارنة بالمستهدف عند 1.7 %، وعلى صعيد قطاع التعدين فقد تجاوز القيمة المستهدفة البالغة 0.6 %، ليصل إلى إسهام نسبته 0.7 %، أمَّا قطاع السياحة فبلغ إسهامه نحو 2.4 % في 2023م، مقارنة بالقيم المستهدفة عند 3 % في 2025م.

نجحت سلطنة عمان أيضًا في خفض معدلات التضخم في الاقتصاد الوطني من 3.5 % أثناء فترة الجائحة إلى 1.2 % المستهلك خلال الشهور الثمانية الأولى من 2023م. وذلك بفضل السياسات والمبادرات التي اتخذتها الحكومية للحد من آثار التضخم مثل تثبيت تسعيرة الوقود، وتوسيع الإطار الزمني لإعادة توجيه الدعم للكهرباء، وتوسيع قائمة السلع المعفاة من ضريبة القيمة المضافة (513 سلعة)، إلى جانب مبادرة دعم شراء القمح، ومبادرة دعم المزارعين واحتساب التضخم المستورد وغيرها من المبادرات. أدت كل هذه الإنجازات إلى تحسين بيئة الأعمال في السلطنة وجعلها بيئة جاذبة للاستثمار بعد رفع مستوى تصنيفها الائتماني للمرة الثانية على التوالي من “Ba2” إلى “Ba1” وتغيير النظرة المستقبلية من إيجابية إلى مستقرة.

أما عن طبيعة وأهم المشاريع الاقتصادية التي حققتها السلطنة خلال عام 2023م، فقد ارتبطت نوعية المشاريع الإنتاجية بالقطاعات الاقتصادية الواعدة ومحاولة تعزيز الترابط بينها بهدف توسيع القاعدة الإنتاجية والتصديرية وتنويع الشركاء المستثمرين وتعميق الاستثمار الاقتصادي. ركزت السلطنة خلال العام الماضي على تطوير تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة مثل إقامة مصانع عالية التقنية ومختبرات للذكاء الاصطناعي مثل مختبر الذكاء الاصطناعي الذي أقيم في ميناء صحار الصناعي وغيره من المختبرات التي تم إنجازها خلال 2023م. كما ركزت السلطنة على المشاريع الجديدة التي تعتمد على الإنتاج أو تهدف إلى تداول الأموال والسلع والخدمات بهدف الحصول على الأرباح والمزايا المالية، وتهدف إلى نتائج محددة تقتصر على خلق تدفق للإنتاج إما عن طريق إنشاء طاقة إنتاجية جديدة أو زيادة كفاءة الطاقة الإنتاجية الحالية أو كليهما.

ومن أهم المشاريع التي تساهم في تعظيم عائدات الناتج المحلي الإجمالي وزيادة كفاءة الاستثمار في سلطنة عمان هي مصنع الأمونيا في صلالة باستثمارات 463 مليون دولار، وطاقة إنتاجية تصل إلى 365 ألف طن متري سنويًا، مشروع مزون للتعدين ينقل ويضم خمسة مناجم تعدينية والمناجم تحتوي على 22.9 مليون طن من النحاس وتبلغ مساحة المشروع 20 كيلومترًا مربعًا والقيمة الاستثمارية للمشروع تقدر بحوالي 300 مليون دولار وطاقة انتاجية تبلغ 1.5 مليون طن سنويًا. وفي مجال الأمن الغذائي فتم إقامة مشروع صوامع تخزين الحبوب بميناء صحار الصناعي بتكلفة استثمارية بلغت 21 مليون ريال عماني وطاقة تخزينية تبلغ 160 ألف طن ويعمل على زيادة قدرة المحصول لضمان توافر كميات كافية من الحبوب لتغطية الاستهلاك لفترة طويلة، بالإضافة إلى مشروع استزراع الصفيلح العماني بولاية مرباط بقيمة عشرة ملايين ريال عماني وطاقة إنتاجية تبلغ 600 طن سنويًا ويأتي المشروع في إطار خطط وزارة الزراعة والثروة السمكية لتشجيع القطاع الخاص على التنويع الاستثماري في مجال الأمن الغذائي.

استراتيجيات ربط الاقتصاد العماني بالأسواق الدولية

تتمتع سلطنة عمان بشبكة كبيرة من الاتفاقيات الدولية التي تخدم المصالح الاقتصادية في النظام الدولي، منها خمس اتفاقيات تجارة حرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، الدول العربية المشتركة في اتفاقية التجارة البينية العربية الكبري، الدول الأوروبية غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية، وسنغافورة. وتساعد هذه الاتفاقيات على فتح أسواق للمنتجات العمانية في 33 دولة بميزات تجارية تفضيلية. ولكي تعظم السلطنة استفادتها من هذه الاتفاقيات لابد من توفير الدعم المالي والفني والتقني لزيادة القدرات التشغيلية والإنتاجية والتسويقية للشركات العمانية بالقدر الذي يسمح لها بالتنافس مع مثيلاتها مع الدول الأخرى في الأسواق الدولية.  وفي إطار سياسات التنويع الاقتصادي، تسعى السلطنة إلى توسيع شبكة الاتفاقيات التجارية الحرة لتشمل أسواق جديدة في آسيا وإفريقيا من أجل تنويع المنتجات والأسواق والشركاء التجاريين، بما يضمن تنويع مصادر السلع والخدمات وحصول السلطنة على احتياجاتها الأساسية من الأسواق الدولية.

هناك أيضًا عدد من الخطط الاقتصادية الطموحة التي تتبناها الاقتصاديات الكبرى مثل طريق الحزام والحرير الصيني، والممر الاقتصادي الهند-الخليج-إسرائيل-أوروبا، والطريق الاقتصادي الخليج-العراق-تركيا-أوروبا، مما يتيح للسلطنة الاستفادة من عدد من طرق التجارة العالمية التي تساعد المنتجات العمانية على غزو الأسواق الآسيوية والأوروبية. فمن المتوقع أن تسهل هذه الخطوط التجارية الإقليمية والدولية حرية حركة البضائع والسلع والخدمات ورأس المال ومدخلات الإنتاج ويوفر احتياجات الشركات والمواطنين العمانيين. إن تعدد الطرق التجارية يساعد صانع القرار العماني على حرية اتخاذ القرار بخصوص نوعية الأسواق وبعدها وحجم التبادل التجاري وطبيعة العلاقات التجارية والسياسية مع الشركات الاقتصاديين.  يوجد بالتأكيد اهتمامًا كبيرًا في السلطنة بضرورة تطوير علاقاتها التجارية والاقتصادية مع الصين والهند نظرًا لحجم التبادل التجاري المتزايد معهما، ولكن تعتمد مدى استفادة السلطنة على قدرتها في تنويع مصادر الإنتاج وزيادة عدد المنتجات والخدمات غير النفطية إلى تصدرها إلى هذه الأسواق.

التحديات التي تواجه الاقتصاد العماني خلال 2024

يتضح من الإنجازات السابقة أن الاقتصاد العماني ينمو بثبات ومن المتوقع أن يحقق معدلات نمو عالية خلال العام القادم. ولكن هذا لا يعني أن الاقتصاد العماني يواجه تحديات كبيرة، أهمها القدرة على الاستمرار في تحقيق معدلات تنمية ثابتة ومستدامة خلال المرحلة القادمة والالتزام بتحقيق أهداف وبرامج الخطة الخمسة العاشرة. من الصعب أيضا التنبؤ بالتغيرات الجيوسياسية في منطقة الخليج وبالتالي فإن أي أخطار محتملة تهدد الأمن والسلم في منطقة الخليج سوف تعرقل مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في السلطنة. التحدي الآخر هو صعوبة التنبؤ باستقرار أسواق الطاقة وبالتالي فإن أي انخفاض في أسعار النفط سوف يؤثر بالسلب على إيرادات السلطنة التي تعتمد على النفط والغاز بشكل كبير، وبالتالي إذا انخفض سعر النفط لأقل من 60 دولارًا للبرميل فسوف يؤدي ذلك إلى عرقلة تنفيذ المشاريع الاستثمارية التي تم التعاقد عليها. سوف يواجه الاقتصاد العماني أيضًا عدد من التحديات طويلة الأمد مثل القدرة على الاستمرار في سداد الديون الخارجية التي وصلت إلى 16.3 مليار ريال عماني بنهاية منتصف عام 2023م، بالإضافة إلى إمكانية تسريع وتيرة عملية التنويع الاقتصادي وتعمين سوق العمل في السلطنة.   

الفرص الاستثمارية المتاحة ومستقبل الاقتصاد العماني

من المتوقع أن يشهد الاقتصاد العماني طفرة نوعية في عدد ونوعية المشاريع والفرص الاستثمارية المتاحة للشركات والمستثمرين المحليين والأجانب في مختلف القطاعات الاقتصادية والمحافظات. ففي مجال الطاقة والذي يمثل القطاع الاستراتيجي الأهم للسلطنة توجد فرص استثمارية كبيرة في مجال النفط الخام لإقامة مشروع رأس المركز بسعة تخزينية تصل إلى 200 مليون برميل لتخزين وتصدير النفط الخام في المنطقة الوسطى وخاصة في منطقة الدقم ليوفر بدائل لتخزين النفط خارج مضيق هرمز وتصديره إلى الأسواق الإقليمية والعالمية وبالإضافة تلبيته احتياجات المشاريع الجارية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

أما في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة، فيوجد العديد من المشاريع الواعدة، حيث حددت شركة نماء أربعة مشاريع كبيرة للطاقة المتجددة، بالإضافة إلى مشاريع متوسطة تعتمد على طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وأيضًا خطط تحويل النفايات إلى طاقة من أجل تنويع مصادر الطاقة بحيث تصل نسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 11 % من توليد الكهرباء بحلول عام 2025م.  في هذا الإطار أيضًا فقد تم إصدار طلب الأسعار لمحطة طاقة الرياح بالدقم بقدرة مركبة تبلغ نحو 200-300 ميغاواط في 2023م، يليه طلب تقديم العروض في 2024م، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل المشروع في 2026م.

أما على مستوى المحافظات، فقد قام الكرسي البحثي لغرفة تجارة وصناعة عمان للدراسات الاقتصادية بدراسة وتحديد الفرص الاستثمارية المتاحة في المحافظات الثلاث المتاخمة للمملكة العربية السعودية، واقترح 41 مشروعًا استثماريًا في محافظة الظاهرة، التي يربطها طريق بري بالمملكة، منها مشروعان في القطاع العقاري برأسمال حوالي 22 مليون ريال عماني، و 3 فرص في قطاع التعليم برأسمال 9 مليون ريال عماني، 3 فرص في القطاع الصحي برأسمال قدره16 مليون ريال عماني، 3 فرص في القطاع اللوجيستي برأسمال قدره 12 مليون ريال عماني، 7 فرص في القطاع الزراعي والحيواني برأسمال قدره 3.3 مليون ريال عماني، و5 فرص بالقطاع السياحي برأسمال قدره 4.1 مليون ريال عماني. أما في محافظة البريمي، فبلغ عدد الفرص الاستثمارية المتاحة حوالي 61 مشروعًا موزعة على 11 قطاعًا اقتصاديًا وبرأسمال إجمالي قدره 198 مليون ريال عماني، ومن أن تساهم في خلق فرص عمل بعدد 3500 وظيفة. وفي محافظة الوسطي، تم تحديد 58 فرصة استثمارية في 11 قطاعًا اقتصاديًا برأسمال قدره 172 مليون ريال عماني ومن المتوقع خلق 3200 فرصة عمل جديدة، حصل منها قطاعي التصنيع واللوجستيات على 30 فرصة استثمارية. 

في الختام، يسعدني التأكيد أن الاقتصاد العماني يمر حاليًا بفصل جديد من تاريخيه ويشهد نقلة نوعية في كل القطاعات الرئيسية، وأنه يوجد عدد هائل من الفرص الاستثمارية المتاحة للمستثمرين المحليين والخليجيين والأجانب في مختلف الولايات والمحافظات. إن نجاح السلطنة في اغتنام هذه الفرص وجذب المستثمرين يعتمد على قدرتها في تحسين تنافسية بيئة الأعمال وتسهيل الاستثمارات من خلال سن تشريعات جديدة وزيادة التحفيزات في القطاعات الواعدة والاستراتيجية التي تسرع من عملية التغيير الهيكلي للاقتصاد العماني.

مقالات لنفس الكاتب