array(1) { [0]=> object(stdClass)#12960 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 195

تحالف دول المنطقة لحماية البحر الأحمر

الخميس، 29 شباط/فبراير 2024

كشفت أزمات حرب غزة، وخنق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والتصعيد في القرن الإفريقي عن تشابك جديد في معادلات العلاقات الإقليمية والدولية، وتحويل المنطقة إلى ساحة للصراع الدولي والإقليمي، وأكد الصراع الدائر رحاه في المنطقة أوهام ما يسمى احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، وكذلك أكد سقوط المواثيق والتشريعات الدولية التي أقرها العالم بعد أن حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام 1945م، تلك المواثيق التي قامت عليها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن من أسقط هذه المواثيق وضرب بالقانون الدولي عرض الحائط هي الدول الكبرى التي نصَبت نفسها وصية على العالم عند تشكيل الأمم المتحدة التي بشرت حينئذ بالعالم الحر الذي يحتكم لمبادئ القانون والحرية والعدالة بعد انتهاء الحرب الكونية الثانية، وفشل المجتمع الدولي القائم آنذاك في حماية العالم من الأطماع والحروب التي راح ضحيتها ملايين الأبرياء، ومن المفارقات ما نراه الآن وما تقوم به أمريكا التي أطلقت على نفسها زعيمة العالم الحر واستضافت على أراضيها مقر منظمة الأمم المتحدة والعديد من فروعها ورسَمت نفسها ضمن الدول الخمس الكبار الأوصياء على العالم وأصحاب حق الفيتو، هي التي تعمل الآن  ضد المبادئ التي نادت بها، وهي التي جعلت من الفيتو أداة لقمع الشعوب ونصر الظلم و اضطهاد العدالة، ودهس حقوق الإنسان بحذاء الكاوبوي راعي البقر الأمريكي، فأمريكا ترفض في هذه الظروف الصعبة على الفلسطينيين دفع حصتها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وهي تابعة للأمم المتحدة بزعم أنها تضم أو تأوي عناصر من حماس استجابة لطلب إسرائيل التي تريد إحكام قبضتها على المشردين الفلسطينيين الذين تقتلهم وتلقي بهم في العراء آلة الحرب الإسرائيلية الغاشمة.

مواقف أمريكا والغرب المتناقضة والمنحازة لإسرائيل جهارًا، و باللعب في الخفاء مع من يطلقون على أنفسهم أعداء إسرائيل في المنطقة وفي مقدمتهم إيران وأذرعها العسكرية، تؤدي إلى تأزيم المنطقة والانتقال من أزمة إلى أخرى، بل نسيان الأزمات القائمة والبحث عن حلول للأزمات الجديدة، وهذه هي السياسة الأمريكية والإسرائيلية منذ نشأة إسرائيل عام 1948م، وحتى الآن فمن قرار التقسيم، إلى محاولات إعادة اللاجئين الفلسطينيين، إلى زراعة المستوطنات، وبناء جدار الفصل العنصري لإعاقة قيام الدولة الفلسطينية، إلى المطالبة بحل الدولتين، وانتهى الأمر أخيرًا للمطالبة بإيقاف حرب غزة، وبالتوازي تحويل أنظار العالم من حرب غزة إلى أزمة البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وتؤكد الدلائل على أن أمريكا ضالعة بشكل أو آخر في قصف السفن في البحر الأحمر سواء بدعم حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة التي تعطي المبرر للهجوم على الملاحة في البحر الأحمر، أو بغض الطرف عن الحوثيين لأكثر من 10 سنوات والتغاضي عن توثيق علاقاتهم مع إيران، وغض الطرف أيضًا عن وصول الأسلحة الإيرانية للحوثيين عبر ميناء الحديدة، هذا الميناء الذي رفضت أمريكا أن يقوم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بتحريره من قبضة الحوثيين، ويتضح من كل ذلك أن أمريكا تريد تفريغ غزة والقضاء على القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تريد بقاء الحوثيين في اليمن ليكونوا ورقة على مائدة المفاوضات الأمريكية ـ الإيرانية، وتسعى واشنطن من وراء ذلك أيضًا للتواجد العسكري طويل الأجل في البحر الأحمر الذي تعمل على عسكرته منذ فترة ثم أتت بتحالف حارس الازدهار ليضفي الشرعية على هذا التواجد، ودوره المعلن حاليًا هو الرد على الصواريخ والطائرات المسيرة التي تطلقها جماعة الحوثي وجميعها إيرانية الصنع.

وبناءً على ذلك لا تريد أمريكا إيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة، ولا تريد استئصال الخطر الحوثي، ولا تريد ضرب الأذرع العسكرية لإيران فكل ذلك يعطيها المبرر لعسكرة البحر الأحمر والقرن الإفريقي لمواجهة الصين وروسيا وتقطيع أواصر مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تمر بالبحر الأحمر، أي أن واشنطن تطبق نظرية (لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم) فتظل إسرائيل صاحبة اليد العليا وطي صفحة القضية الفلسطينية، وتظل إيران وأذرعها يقومون بدور المحلل للوجود الأمريكي في المنطقة وعسكرة البحر الأحمر والقرن الإفريقي، ويأتي ذلك بالتزامن مع إنجاح طريق الهند ـ أوروبا مرورًا بإسرائيل لتوجيه الضربة القاضية لمبادرة الحزام والطريق الصينية.

والحل الأمثل في المرحلة الراهنة هو تشكيل وتفعيل تحالف وثيق من الدول العربية والإفريقية المتشاطئة على البحر الأحمر لتأمين المنطقة وثبيت قواعد عدم الانحياز وعدم الانجرار وراء الاستقطاب في الصراع الأمريكي/ الصيني ـ الروسي الذي يستهدف استقرار وأمن المنطقة، وضرب الممرات المائية العربية وتحويل خط سير حركة التجارة العالمية.    

مقالات لنفس الكاتب