array(1) { [0]=> object(stdClass)#13020 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 197

الحرب ستستمر حتى نهاية العام الجاري على الأقل وقد يؤدي فوز ترامب إلى تجميد الصراع أو تسويته

الإثنين، 29 نيسان/أبريل 2024

دخلت الأزمة الأوكرانية عامها الثالث وسط ضبابية حول مساراتها المستقبلية المحتملة، وما يمكن أن تؤول إليه، ومخاوف متزايدة من تطور المعارك إلى مواجهة مباشرة بين روسيا وحلف شمال الأطلسى (الناتو)، ينزلق فيها الجميع إلى حرب عالمية ثالثة، نووية بالضرورة، تفني العالم بأسره. وتساؤلات عدة عن فرص التسوية السلمية والتفاهمات التي يمكنها إنقاذ البشرية من شبح الحرب الكبرى.

لا توجد بالطبع إجابة قاطعة أو مسار وحيد وإنما تظل هناك خيارات وبدائل عدة ويتوقف الأمر على اعتبارات وعوامل عدة، منها المعطيات الجيوسياسية التي فرضتها موسكو في الشرق الأوكرانى، والإرادة السياسية لمختلف الأطراف لاسيما روسيا والولايات المتحدة حيث تظل الأخيرة هى صاحبة التأثير على كييف والموجه لمواقفها ومواقف المعسكر الغربي ككل، هذا إلى جانب حالة الاستنزاف التي طالت مختلف أطراف الصراع المباشرة وغير المباشرة بدرجات متفاوتة، والمدى الزمني الذي يجري الحديث عنه.

  • استمرار الحرب مع التصعيد العسكرى المحكوم:

هناك العديد من المؤشرات والعوامل التي تدفع إلى استمرار المعارك، والتصعيد عسكرياً وسياسياً. لعل من أهمها وأكثرها تأثيراً، الهجوم الإرهابي على قاعة مجمع "كروكوس سيتي" يوم 22 مارس الماضي، والذي مثل صدمة وفاجعة كبرى أوجعت المجتمع الروسي والكرملين على السواء، ولا يمكن أن يمر دون رد من جانب روسيا. فلم تشهد روسيا حدث بهذه الدموية منذ أكثر من عقدين، كما إنه هز العاصمة موسكو التي كانت عادة بمنأى عن مثل هذه العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين حيث يقع مجمع كروكوس على بعد حوالي 20 كيلومترا غرب الكرملين وراح ضحيته 144 إلى جانب عشرات الجرحى. زاد من وطأة الحدث أنه جاء بعد الانتخابات الرئاسية بأيام، والتي مثلت هزيمة سياسية للغرب، فقد كان أحد أهداف الغرب من التصعيد في أوكرانيا هو حلحلة الاستقرار السياسى في روسيا والإطاحة بنظام بوتين. وفي الوقت الذي أعيد فيه انتخاب الرئيس بوتين، وكانت الانتخابات بمثابة استفتاء على سياساته الداخلية والخارجية خاصة العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، لتطلق يده وتدعم قراراته في هذا الخصوص، تم إلغاء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أوكرانيا ليفقد نظام زيلينسكي شرعيته في 21 مايو الحالي.

سارعت الولايات المتحدة باتهام تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بارتكاب العملية، وأعلنت "ولاية خراسان"، وهو فرع أفغاني تابع للتنظيم، مسؤوليتها عن الهجوم في بيان نشرته وكالة أعماق للأنباء التابعة له. إلا أن لجنة التحقيق الروسية أعلنت، يوم 28 مارس، توصلها إلى أدلة تؤكد تورط أجهزة الأمن الأوكرانية في تنفيذ الهجوم الإرهابي وتمويله، وأن الإرهابيين الذين نفذوا الهجوم الإرهابي تلقوا مبالغ كبيرة من المال والعملات المشفرة من أوكرانيا، وتم إلقاء القبض عليهم وهم في طريقهم لأوكرانيا رغم كونهم من مواطنى طاجيكستان، ووفق اعترافات الإرهابيين المنفذين فإنهم قاموا بذلك بدافع المال ولا ينتمون إلى تنظيم إرهابي. فهو عمل إرهابي مخطط له بعناية استغرق التحضير له مدة شهر، بداية باختيار مجمع "كروكوس" للحفلات في ضواحي موسكو وهو مركز خاص وليس عليه تأمين كبير، فقط أثنين من الحراسة غير المسلحة، وطبيعة الأسلحة المستخدمة من رشاشات وقنابل حارقة والتي كانت مخزنة للإرهابيين في وقت سابق، ثم التسهيلات التي حصلوا عليها لتنفيذ العملية ومحاولتهم الفرار لأوكرانيا للحصول على باقى المكافآت المالية التي وعدوا بها.

في ضوء ما تقدم، تبدو موسكو على يقين من تورط كييف وأشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى إن واشنطن تختلق الأعذار لكييف بعد هجوم "كروكوس" الإرهابي وتتستر على زيلينسكي بـ"داعش"، بل وطالبت موسكو باعتقال وتسليم جميع المتورطين في الهجمات الإرهابية ضد روسيا، بما في ذلك رئيس جهاز الأمن الأوكراني فاسيلي ماليوك، وهو ما رفضته واستنكرته كييف. على صعيد آخر، بدأت موسكو رداً عسكرياً قاسياً وتصعيد ملحوظ في عملياتها بأوكرانيا عبر تكثيف ضرباتها لمركز صنع القرار ومواقع المخابرات ومؤسسات المجمع الصناعي العسكري، إلى جانب مرافق البنية التحتية للطاقة الأوكرانية والمباني العسكرية وتلك التي يستخدمها جهاز الأمن الأوكراني.

كما أشار الرئيس بوتين عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية إلى إنشاء "منطقة آمنة على الأراضي الأوكرانية" بهدف وقف القصف الأوكراني للأراضي الروسية. ومن المتوقع أن تبدأ هذه المنطقة الأمنة من خاركوف وسومي وتشرنيجوف المتاخمة لأوكرانيا. وقد تمتد إلى الغرب، أخذاً في الاعتبار تزويد الناتو لكييف بصواريخ بعيدة المدى، لتشمل منطقتي جيتومير أو ترنوبل. ويتطلب إنشاء المنطقة الآمنة القيام بعمليات عسكرية كاملة في الأراضي الأوكرانية وتكثيف وتصعيد عسكري. من ناحية أخرى، أشار ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا تحولت بالفعل إلى حرب بسبب تدخل الدول الغربية، وإنها بدأت كعملية عسكرية خاصة محددة الأهداف، ولكن عندما أصبح الغرب الجماعي مشاركًا في ذلك إلى جانب أوكرانيا، أصبحت بالنسبة لروسيا بمثابة حرب. واُعتبرت التصريحات بمثابة بداية روسية جديدة لمقاربة الحرب مع أوكرانيا والنزاع مع حلفائها الغربيين.

  • خيار المواجهة المباشرة بين روسيا والناتو:

يزيد من أجواء التصعيد تصريحات الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون، عبر قناة "فرانس 2" التلفزيونية، والذي أشار فيها إلى إمكانية إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا معتبراً أن "ما يدور في أوكرانيا حرب وجودية لفرنسا وأوروبا"، وأن فرنسا مستعدة "لاتخاذ قرارات لضمان عدم انتصار روسيا". وأنه لا ينبغي "استبعاد" إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا في المستقبل. ورغم أن ردود الفعل من الداخل والخارج سارعت لنفي السعي لمواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا حيث أوضح وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، أنه سيكون على الغرب دراسة تحركات جديدة دعمًا لأوكرانيا مثل عمليات نزع الألغام والعمليات السيبرانية أو إنتاج أسلحة على الأراضي الأوكرانية، وبعض هذه العمليات قد يتطلب وجودًا على الأراضي الأوكرانية بدون "تخطي عتبة العمل الحربي"، أى ليس لمحاربة الجيش الروسي مباشرة. وأكد الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرج بأنه لا يؤيد الرئيس الفرنسي في إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا. وشدد المستشار الألماني أولاف شولتز أنه لن يتم إرسال "أي جندي" إلى أوكرانيا سواء من الدول الأوروبية أو من حلف شمال الأطلسي، موضحًا أن ما تم الاتفاق عليه منذ البداية ينطبق أيضًا على المستقبل، وهو أنه لن تكون هناك قوات على الأراضي الأوكرانية مرسلة من الدول الأوروبية أو دول الناتو. كما أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك ساليفان أن الولايات المتحدة لا تزل مصرة على موقفها بعدم إرسال قواتها إلى أوكرانيا بالرغم من تصريحات الرئيس الفرنسي. واتهم ماتيو سالفيني، نائب رئيسة الوزراء الإيطالية، ماكرون بتعريض أوروبا للخطر، عبر رفضه استبعاد إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا. كما أكد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن الاتحاد الأوروبي "لن يذهب إلى الموت من أجل إقليم دونباس"، وحث بوريل على "عدم المبالغة" في خطر انجرار الاتحاد الأوروبي إلى صراع عسكري، مؤكداً أن بروكسل تدعم أوكرانيا، لكنها ليست جزءاً من الصراع، وأن "الحرب ليست محتمة".

يدور الحديث السابق عن القوات النظامية التي يتم إرسالها من السلطات المعنية على نحو رسمي علنًا لخوض المعارك في مواجهة القوات الروسية، ولا ينصرف على المرتزقة من دول الناتو الموجودين بالفعل ويشاركون في الحرب منذ بدايتها ضمن الفيلق الدولي الذي قامت كييف بتشكيله، إلى جانب مجموعات كاملة من العسكريين من بعض دول الناتو يتواجدون في أوكرانيا منذ بدء الأزمة لمساعدة القوات الأوكرانية في تشغيل الأسلحة والمنظومات الحربية المختلفة، إلى جانب الدعم الاستخباراتى واللوجيستى والسيبرانى، وهو ما أكده وزير الخارجية البولندي في 10 مارس.

إلا إن روسيا لا تقلل من خطورة تصريحات ماكرون وتأخذها بجدية بل وتستعد لهذا السيناريو، وإن كان الأسوأ للجميع ولا يرغب فيه أى طرف، خاصة مع توقيعه اتفاق أمني ثنائي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بقصر الإليزيه في 16 فبراير. ومناقشة مسألة إرسال قوات غربية إلى أوكرانيا خلال اجتماع عقد في باريس في 26 فبراير شارك فيه ممثلو حوالي 20 دولة غربية. كما سبق وناقشت السلطات الفرنسية مسألة إرسال قوات لأوكرانيا في اجتماع لمجلس الوزراء عقد في 12 يونيو 2023م، في أعقاب إخفاق الهجوم المضاد الذي شنته القوات المسلحة الأوكرانية في الصيف على مواقع القوات المسلحة الروسية، وذلك وفقاً لصحيفة لوموند الفرنسية.

في هذا السياق، يثور التساؤل حول المدى الذي يمكن أن يصل إليه هذا التصعيد. فقد أشار الرئيس بوتين في مؤتمر صحفي عقده بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية أنه "لا يمكن استبعاد صراع واسع النطاق مع حلف شمال الأطلسي، وأن هذا سيكون على بعد خطوة واحدة من حرب عالمية ثالثة واسعة النطاق. ولكن من المستبعد أن يكون أي شخص يرغب في هذا". وسبق وأن شاركت طائرة "نهاية العالم" (أو "إيليوشين-80") في العرض العسكري السنوي لعام 2022 م، في ذكرى عيد النصر في الحرب الوطنية العظمى للمرة الأولى منذ 2010م، وهي مصممة للسماح للرئيس الروسي بالاستمرار في قيادة البلاد من الجو في حال حصول حرب نووية، مع ما يحمله ذلك من رمزية من أن مثل هذا السيناريو قائم ومفترض. وأكد ديميتري روجوزين، رئيس وكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس"، في 9 مايو 2022م، أن روسيا قادرة في حال نشوب حرب نووية على "تدمير دول الناتو في غضون نصف ساعة" فقط. المقصود بنصف ساعة هو دول الناتو الأوروبية إضافة إلى اليابان وأستراليا، لأن بلوغ صاروخ سارمات، الصاروخ الفريد من نوعه عالميًا، الولايات المتحدة يتطلب ساعة حيث يمر مساره بالقطب الشمالي وتلبغ سرعته 18 ألف كلم في الساعة وهو قادر على تجاوز الدفاعات الجوية، وبإمكانه إصابة أهداف خلال عبوره القطب الشمالي وكذلك القطب الجنوبي.

تبدي واشنطن قلقًا متزايدًا فيما يتعلق باستخدام روسيا للسلاح النووي، وبعد أن كانت تتخوف من لجوئها إلى أسلحة نووية تكتيكية في مواجهة القوات الأوكرانية، أصبحت أكثر حديثاً عن سلاح نووي تستخدمه روسيا في الفضاء. وتضع روسيا قوات الردع النووي في حال تأهب قصوى منذ بدء عملياتها في أوكرانيا، ولوحت مراراً بترسانتها النووية في مواجهة أي تهديد وجودي للدولة الروسية وفقاً لعقيدتها النووية لعام 2020م، ومن المعروف إنه منذ أزمة الصواريخ الكوبية مطلع الستينيات من القرن الماضي، وعلى مدى ستة عقود، لم يشهد العالم تهديداً نووياً حقيقياً، واقتصر الحديث عن السلاح النووي لأغراض الردع فقط. وتُعد روسيا والولايات المتحدة القوتين النوويتين الأضخم على الإطلاق، إذ تحتوي ترسانتاهما معاً على 90% من الأسلحة النووية على مستوى العالم، وكل منهما تمتلك أقماراً صناعية عسكرية متقدمة تدور حول الأرض. ولدى روسيا ثلاث قواعد لإطلاق الأسلحة النووية وتتفوق على الولايات المتحدة بصواريخ الطائرات التي تحمل الرؤوس النووية القادرة على تخطي الدفاعات الجوية مثل صاروخ "كينجال" الذي جربته روسيا ولم ترصده الدفاعات الأمريكية ولا الأقمار الاصطناعية.

وفي 15 فبراير أشارت شبكة "ايه بي سي نيوز" نقلًا عن مصدرين مطلعين في الكونجرس الأمريكي، إن روسيا تسعى إلى وضع سلاح نووي في الفضاء لإمكانية استخدامه ضد الأقمار الاصطناعية الأمريكية. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد نجحت في تدمير قمر صناعي روسي خارج الخدمة، جهاز "تسيلينا - د" الذي تم إطلاقه إلى المدار في العام 1982م، بإطلاق صاروخ من الأرض في 14 نوفمبر 2021م، معتبرة أنه في ضوء التهديد الوارد من الجانب الأمريكي، من الضروري تعزيز قدرة روسيا على الدفاع عن نفسها في الفضاء الخارجي وعلى الأرض، وتحييد إمكانية إلحاق الأضرار المفاجئة بأمنها في الفضاء وعلى الأرض، باستخدام وسائل فضائية أجنبية موجودة حالياً أو قيد التطوير.

وقد تجاوز الأمر فكرة تدمير الأقمار الصناعية إلى تحييدها بالليزر فائق القوة أو الطاقة الموجهة أو أسلحة الموجات الدقيقة. وتعتمد الولايات المتحدة وحلفاؤها على عدد كبير من الأقمار الصناعية للقيادة والسيطرة المحمولة في الفضاء للاتصالات العسكرية المهمة بالإضافة إلى جمع المعلومات الاستخبارية والاستهداف. وسيتمكن السلاح الفضائي الروسي من تدمير هذه الأقمار الصناعية عبر خلق موجة طاقة هائلة عند تفجيره. كما أن الأقمار الصناعية شبه المدنية المستخدمة في أوكرانيا يمكن أن تصبح هدفًا لروسيا في حال أي تصعيد محتمل في الحرب الأوكرانية حيث تستخدم الدول الغربية بكثافة البنية التحتية الفضائية المدنية، خاصة مجموعة من الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض من أجل دعم القوات الأوكرانية، وبمساعدتها يتم تنفيذ مهام قتالية محددة للكشف عن المواقع ومسارات تحركات وأعمال القوات الروسية والتحكم بالطائرات المسيرة، وكذلك توجيه الأسلحة الموجهة بدقة، مثل ستارلينك الذي استخدمته أوكرانيا بنجاح في حربها مع روسيا، وتضم شبكة ستارلينك حوالي 3 آلاف قمر صناعي في مدار أرضي منخفض، مما يعني أنها ستكون أهداف سهلة.

وتعد مهاجمة قمر صناعي تابع للحكومة الأمريكية عملاً من أعمال الحرب، وأكدت مراجعة الوضع النووي الذي قامت به إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على الانتقام النووي إذا تعرضت قوات وأقمار قوة الفضاء الأمريكية للهجوم. كما بدأ الناتو في أكتوبر 2022م، باتخاذ إجراءات فعلية لمواجهة التهديدات النووية الروسية المحتملة، وتضمن ذلك مجموعة من الإجراءات منها دعم عملية التنبؤ ومراقبة الأهداف والمخاطر عن طريق الاستفادة من منظومات الإنذار المبكر الجوية والأرضية، وتنفيذ مناورات عسكرية نووية تحت مسمى عملية "الظهيرة الصامدة"، Steadfast Noon، وهي سلسلة من التدريبات الحربية السنوية التي تهدف لاختبار مدى جاهزية الدول الأعضاء لأي ضربة نووية محتملة. كذلك، تفعيل مبادرة “درع الفضاء الأوروبي” الألمانية الرامية إلى اقتناء معدات دفاع مضادة للطائرات والصواريخ بشكل مشترك بين الدول الأوروبية، خصوصًا منظومتي “آيريس-ت” و”باتريوت”، وقد انضمت 14 دولة عضو في حلف شمال الأطلسي إلى المبادرة الألمانية.

وتنفي روسيا سعيها لعسكرة الفضاء، وأكد الرئيس بوتين يوم 20 فبراير 2024م، احترام موسكو لمعاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967م، التي تحظر تسليح الفضاء، وإنها كانت دائمًا تعارض بشكل قاطع وضع أسلحة نووية في الفضاء. فيما أشار وزير الدفاع سيرجي شويجو إلى أن بلاده لا تمتلك هذا النوع من الأسلحة. وقد يكون هذا سلاح اللحظة الأخيرة بالنسبة لروسيا، لأنه سيلحق الضرر بالأقمار الصناعية الروسية الموجودة في المنطقة المستهدفة وليس فقط الغربية. ويمكن أن تؤثر على محطة الفضاء الدولية التي تضم 3 رواد روس، والمحطة الصينية تيانجونج التي تضم طاقمًا من 3 أفراد. إن عسكرة الفضاء تهدد العالم أجمع نظراً للاعتماد العالمي الكبير للغاية على البنية التحتية الفضائية، ويشمل ذلك الاتصالات والبث والملاحة الجغرافية القائمة على الأقمار الصناعية والبحث العلمي وغير ذلك. كما إنه خلافًا لما يحدث على الأرض يظل الحطام الناتج عن الانفجار في الفضاء مما يشكل تهديدًا دائمًا للمحطات الفضائية الموجودة في مداراته، خاصة أنه لا يوجد حاليًا نظام قائم لجمع هذا الحطام أو إخراجه من المدار.

  • خيار السلام .. الفرص والتحديات:

رغم أن خيار استمرار الحرب مازال هو الأرجح على الأقل في المدى المنظور، إلا إنه لا يمكن استبعاد مسار التسوية تماماً، ففي تطور ملحوظ أشار الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في 29 مارس، وللمرة الأولى، بأن مفاوضات السلام بين موسكو وكييف يمكن أن تبدأ حتى دون عودة أوكرانيا إلى حدود عام 1991م، وتحدث عن الحدود الأوكرانية عام 2022م، مما يعني ضمناً إمكانية التنازل عن شبة جزيرة القرم فقط التي ضمتها روسيا عام 2014م. ويمثل هذا تحولًا لافتًا في الموقف الأوكراني حيث كان زيلينسكي قد أصدر قانونًا يحظر التفاوض مع روسيا، واعتبر أن بدء مفاوضات السلام أمر مستحيل حتى تغادر القوات الروسية أراضي أوكرانيا حتى حدود عام 1991م، ويتضمن ذلك شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا. وأشارت موسكو مرارًا إلى أنها مستعدة للمفاوضات ولكن مع قبول الواقع الجيوسياسى الجديد وكون الشرق الأوكرانى وشبه جزيرة القرم أصبحت أراضى روسية لا يمكن التنازل عنها. ويعد هذا التناقض في المواقف الروسية والأوكرانية ورفض كل طرف تقديم تنازلات تحديًا رئيسيًا لمسار التسوية السلمية.

إلا أن التحدي الأهم يكمن في موقف واشنطن، الطرف الذي يملك فعلياً زمام الأمور. ففي عام انتخابات رئاسية لا يمكن لبايدن تنازلات وإلا عُد هذا إقراراً منه بفشل سياسته في أوكرانيا وهزيمته غير المباشرة أمام روسيا. ولكن ربما يؤدي وقف أو إبطاء الكونجرس الدعم العسكري الأمريكي إلى قبول كييف بالتسوية، وقد أشار زيلينسكي، في 29 مارس، إلى إن القوات الأوكرانية ستستمر في الانسحاب والتراجع إذا لم تقدم الولايات المتحدة المساعدات اللازمة، وأكد قائد قوات كييف ألكسندر سيرسكي أن جيشه يحاول الحفاظ على أراضيه وأن القوات الأوكرانية تحولت إلى الدفاع.

في ضوء ما تقدم، من الواضح أن الحرب ستستمر وستشهد تصعيداً من الجانب الروسي حتى نهاية العام الجاري على أقل تقدير، وقد يؤدي فوز ترامب بسباق الرئاسة الأمريكية إلى تجميد الصراع أو تسويته. صحيح إن الولايات المتحدة دولة مؤسسات ولا ينفرد فيها شخص بصنع القرارات ذات الطبيعة الاستراتيجية، إلا إنه من الواضح وجود تيار يؤيد وقف الدعم لأوكرانيا داخل الكونجرس الأمريكي، الذي سبق وأقر حزمة مساعدات لإسرائيل دون أوكرانيا، كما رفض استقبال زيلينسكي وإلقاء خطاب به كما حدث من قبل. هذا إلى جانب الخبرة السابقة لموقف ترامب من أوكرانيا خلال فترة رئاسته السابقة حيث شهد الصراع تهدئة وانفراجة ملحوظة كان من بين مؤشراتها استئناف مفاوضات رباعي النورماندي عام 2019 م، بعد توقف دام أربع سنوات، والتي تضم رؤساء روسيا وأوكرانيا وفرنسا والمستشارة الألمانية. هذا فضلاً عن تعهد ترامب المتكرر خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة حال أعيد انتخابه رئيسًا، مشيراً إلى تمتعه بعلاقة قوية مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وإنه سيتوجه إلى الأخير برسالة صريحة لعقد اتفاق سلام مع روسيا، وإنه يستطيع الضغط على نظام كييف للتخلي عن شبه جزيرة القرم والدونباس لروسيا وإنهاء الصراع.

مقالات لنفس الكاتب