array(1) { [0]=> object(stdClass)#13021 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

آفاق استخدام الطاقة النووية في الخليج: المنافع والمخاطر المحتملة

الأربعاء، 01 أيلول/سبتمبر 2010

هناك تحديات تواجه الجميع لما يشهده العالم من تعطش متزايد للطاقة، وتزايد الاعتماد على مصادر الطاقة الناضبة، وارتفاع تكلفة استكشافها والتنقيب عنها وتضارب التوقعات المتصلة بالإنتاج والاستهلاك، بالإضافة إلى الوضع الدولي الذي يشهد استمرار أسباب عدم الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية بفعل الأزمات الراهنة.

 تبرز في ظل هذه الظروف المتشابكة، أهمية تنمية مصادر الطاقة النظيفة أو المتجددة كإحدى أهم القضايا المطروحة على أجندة الطاقة الدولية. وفي الوقت الراهن يوجد 442 مفاعلاً في 30 دولة سعتها الإجمالية 371 جيجاوات تولد نحو 20 في المائة من الكهرباء في العالم، كما أن هناك 28 مفاعلاً تحت الإنشاء في 12 دولة، منها 15 مفاعلاً في الدول الآسيوية.

 وإذا كان سعي بعض الدول نحو امتلاك القدرات النووية، يجد ما يبرره في افتقار هذه الدول لمصادر الطاقة التقليدية، فهل تحتاج دول الخليج إلى محطات الطاقة النووية، خاصة في ظل امتلاكها لنحو 45 في المائة من إجمالي احتياطي النفط العالمي ونحو 15 في المائة من إجمالي احتياطي الغاز؟ وما هي المنافع والمخاطر وراء هذا السعي؟

 أسباب سعي دول الخليج نحو الطاقة النووية

فيما يرى بعض المحللين أنه لا يوجد مبرر لسعي دول الخليج لامتلاك القدرات النووية، في ظل قدراتها النفطية الحالية، فإن البعض الآخر يرى أن امتلاك هذه الدول للتكنولوجيا النووية هو حق أصيل، وله ما يبرره، إذ إن الأرض لها موارد محدودة من النفط، وتتراوح التوقعات الخاصة بنضوب هذه الموارد ما بين 63 إلى 95 عاماً، وفقاً لمتوسط استهلاك سنوي بحدود 80 مليون برميل، حيث تقدر الكميات المؤكدة من احتياطي النفط في العالم بحدود (1.4-2.1) تريليون برميل.  كما تشير توقعات بعض الجيولوجيين إلى أن عملية استخراج ما يتبقى من النفط بعد 40 عاماً ستصبح عالية التكلفة، وبالتالي غير اقتصادية.

 وسواء أخذنا بالتوقعات الجيولوجية السابقة أو بتوقعات منظمة أوبك المتفائلة التي تقدر العمر الباقي لحقبة النفط بنحو ثمانين عاماً، فإن الحقيقة المؤكدة والتي يجب ألا تغيب عن الأذهان، هي أن احتياطي دول الخليج من النفط ومصادر الطاقة التقليدية الأخرى باتت عرضة للنفاد في المستقبل القريب، وأنه لا مفر من تطوير قدرات هذه الدول في مجال البحث عن مصادر بديلة للنفط، باعتبار أن موضوع تطوير تكنولوجيا الطاقة بات أحد المكونات الأساسية لمفهوم أمن الطاقة في العالم.

 وثمة قناعة راسخة لدى دول الخليج العربية بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية، وأن يكون ذلك متاحاً للجميع في إطار الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، حتى إن مجلس التعاون الخليجي قام بإجراء دراسة مشتركة لدول مجلس التعاون لإيجاد برنامج مشترك في مجال التقنية النووية للأغراض السلمية طبقاً للمعايير والأنظمة الدولية، وقد وجه المجلس من خلال بيان القمة الثامنة والعشرين، التي عقدت في العاصمة القطرية (الدوحة)، خلال شهر ديسمبر 2007، باستكمال الدراسات التفصيلية حول قضية استخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية.

 ولعل هذا التطور يكون بادرة توجه أصيل تهدف من ورائه دول الخليج والدول العربية بشكل عام إلى اجتياز تلك العتبة التكنولوجية في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، والتي تخلفت فيها الدول العربية بشكل كبير، رغم أن العرب لم يكونوا يوماً عاجزين عن المضي قدماً في هذا المجال، خصوصاً في المملكة العربية السعودية التي تمتلك معهداً لأبحاث الطاقة الذرية في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض، كما تحتفظ بمختبر للأبحاث في مجال الطاقة في جامعة الملك فهد للنفط والمعادن، ولديها مشروع للتجارب في مجال الفيزياء النووية وتحليل التفاعلات النووية، ومشروع للصناعة الدوائية الإشعاعية في مستشفى الملك فيصل بالرياض.

 الخطوات الخليجية لامتلاك التكنولوجيا النووية

في فبراير 2006 أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش إنشاء (الشراكة العالمية للطاقة النووية) والتي تقضي بتقسيم العالم إلى دول يحق لها تخصيب اليورانيوم وتصنيع الوقود النووي وإعادة تصنيع مخلفاته، ودول لا تملك هذا الحق، ووسط ردود الفعل العالمية المتباينة، أعلنت دول عربية عزمها على الانخراط بالسباق النووي لبناء محطات نووية لتوليد الكهرباء أو تحلية المياه. ثم جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل خلال عام 2007، في خضم النقاش حول الملف النووي الإيراني، والتي أعلن فيها أن دولاً خليجية عربية مستعدة لإقامة كونسورتيوم لكل مستخدمي اليورانيوم المخصب في الشرق الأوسط، يتم من خلاله توزيع اليورانيوم طبقاً للاحتياجات، ويعطي كل محطة نووية الكمية اللازمة لها، ويضمن عدم استخدام هذا اليورانيوم المخصب في الأسلحة الذرية، لتثير جدلاً قوياً على مختلف الصعد والنقاشات العامة في العالمين العربي والغربي.

 وفي الوقت الراهن تبدو دولة الإمارات العربية المتحدة هي الأكثر قدرة من بين دول مجلس التعاون الخليجي على القيام ببناء قاعدة لتنويع مصادر طاقتها لتتجاوز النفط التقليدي؛ حيث أطلقت مبادرة (مصدر) للطاقة النظيفة في عام 2006، وقد جمعت المبادرة شركات نفط وتكنولوجيا كبرى وجامعات في مختلف أنحاء العالم ووزارات في دولة الإمارات للمساعدة على تطوير واستثمار تكنولوجيا الطاقة المتجددة المدعومة بمئات ملايين الدولارات، منها 250 مليون دولار على الأقل للبحث والتطوير في مجالات الطاقة الشمسية.

 وتهدف مبادرة (مصدر) إلى استنباط التكنولوجيا المتقدمة والمبتكرة والاستفادة منها في مجالات الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة أنظمة الطاقة وإدارة قطاعات الكربون بتحويلها إلى منتجات ذات عوائد اقتصادية. وهي ترتكز على أربعة محاور رئيسية مكملة لبعضها البعض، تشمل مركزاً للابتكار والإبداع يقوم بدعم وتبني تكنولوجيا الطاقة المستدامة من خلال تسريع العجلة الاقتصادية وإثبات جدواها، فضلاً عن جامعة ذات مواصفات عالمية تقوم بتوفير مناهج دراسية ومواد متخصصة في مجالات الطاقة المتجددة والمستدامة، وذلك بالتعاون مع بعض أهم أعرق الجامعات ومعاهد البحوث في العالم، بالإضافة إلى شركة متخصصة في تطوير الطاقة النظيفة تعمل على تحقيق عوائد اقتصادية من خلال توفيرها حلولاً للحد من الانبعاثات وآليات التنمية النظيفة، وأخيراً منطقة اقتصادية متخصصة ومصممة خصيصاً لاحتضان المؤسسات التي ستقوم بالاستثمار في تطوير وإنتاج تكنولوجيا ومنتجات الطاقة المتجددة.

 وفي ديسمبر من عام 2009 قامت دولة الإمارات بتوقيع عقد نووي مع ائتلاف كوري جنوبي لإنشاء أربع محطات نووية وذلك وفقاً لأعلى المعايير العالمية في الكفاءة والأمان.

 وليس من شك في كون التجربة الإماراتية تجربة رائدة في هذا المجال وربما يساهم نجاحها في تحفيز الدول الخليجية الأخرى على اتخاذ مبادرات أخرى للطاقة المتجددة أو النظيفة.

 حسابات المنافع والمخاطر

في جانب المنافع، فإن استخدامات الطاقة النووية شهدت خلال العقود الأخيرة تطوراً كبيراً في العديد من المجالات، أهمها المجالات الطبية، كما باتت الطاقة النووية تستخدم في الصناعة لإنتاج أشباه الموصلات والمعالجات الكيماوية والكشف عن العيوب الصناعية وتقنيات اختبار الجودة وفي عمليات التعدين والبحث عن الخامات الطبيعية، كما تستخدم في الزراعة لاستنباط أنواع جديدة من المحاصيل ذات إنتاجية عالية وانتقاء نوعيات معينة من البذور ومقاومة الآفات والحشرات وزيادة مدة تخزين المنتجات الزراعية، كما باتت الطاقة النووية أحد أهم مصادر إنتاج الكهرباء في العالم في الوقت الراهن؛ حيث إن 20 في المائة من الطاقة الكهربائية في العالم تنتج من الطاقة النووية. ولأغراض المقارنة فإن طناً واحداً من اليورانيوم يعطي طاقة تعادل الطاقة الناتجة عن ملايين الأطنان من الفحم أو ملايين البراميل من النفط.                                                

ولعله من نافلة القول أن تنفيذ مشروع مشترك بين دول الخليج العربية لإنتاج الطاقة النظيفة سيفتح آفاقاً علمية واقتصادية هائلة في مستقبل دول الخليج الاقتصادي خاصة في مجال تحلية احتياجاتها من مياه البحر، علماً بأن إسرائيل التي تمتلك الأسلحة النووية، تخطط حالياً لبناء محطة نووية في منطقة (شفتا) على الحدود المصرية ـ الإسرائيلية تستخدمها في تحلية المياه وإنتاج الطاقة.

 وعلى جانب المخاطر، فإن الحديث يتركز بشكل أساسي حول عوامل الأمان في المفاعلات النووية ومخاطر تسرب الوقود النووي كما حدث في مفاعل تشرنوبل عام 1986، حيث تعرض مئات الألوف من الناس إلى الأشعة، وتوفي الكثيرون خلال أيام، كما أصيب الباقون بالسرطانات المختلفة. بالإضافة إلى الأضرار البيئية الناجمة عن أعمال التنقيب عن اليورانيوم ومعالجته ونقله، وكذلك المشكلات التي تتعلق بكيفية التخلص من النفايات النووية، إذ إن المفاعلات النووية تنتج فضلات نووية تبقى مصادر للإشعاع لملايين السنين يجب التخلص منها ولا يمكن وضعها كأية نفايات أخرى بأي موقع بل يجب خزنها بأماكن خاصة حتى لا تؤثر في البشر والبيئة.

 وفي النهاية، فإنه يمكننا القول إن السعي نحو امتلاك القدرات النووية لابد أن يكون قراراً خليجياً نابعاً من إيمان هذه الدول بعدم قدرتها على الاستمرار في الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للطاقة، ومصدراً رئيسياً للدخل في هذه الدول، خاصة إذا ما عرفنا أنه على الرغم من أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط قد ساهم في التوسع الملحوظ في نشاط الاستكشاف والبحث عن احتياطيات جديدة، إلا أن الاحتياطيات الخليجية المؤكدة من النفط الخام والغاز الطبيعي لم تشهد إلا زيادات طفيفة في نهاية عام 2006، الأمر الذي يثير المخاوف حول استمرار تدفق صافي العائدات النفطية الخليجية عند مستويات مرتفعة.

مجلة آراء حول الخليج