array(1) { [0]=> object(stdClass)#13440 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 114

ثلاثة محددات للعلاقات الخليجية العربية: أسعار النفط -إيران - أمريكا

الإثنين، 05 كانون1/ديسمبر 2016

لابد في البداية الإشارة إلى ضابطين منهجيين عند تناول حصاد العلاقات الخليجية – العربية خلال عام 2016م هما:

أولهما، أن تعبير العلاقات الخليجية العربية يتضمن علاقة وتفاعل بين الجزء والكل، فجميع الدول الخليجية العربية جزء من الدول العربية، وأعضاء في جامعة الدول العربية، وتوجد علاقات تنسيق بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية كنسق فرعى من النظام العربي والجامعة العربية.

وثانيهما، أنه من المتفق عليه بين الباحثين في مجال تحليل السياسة الخارجية أن كل دولة تسعى للاستزادة من مصالحها، وأن مصالح الدول لا يمكن أن تتطابق مع بعضها البعض تمامًا،وأنه من الطبيعي أن يحدث اختلافات وتباينات في وجهات النظر بين الدول بعضها البعض حتى المنخرطين في تحالف سياسي وعسكري، ويمكن أن نعطي أمثلة لذلك في العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلنطي -الناتو-.

ويترتب على ذلك ضرورة الفهم الموضوعي لحدوث خلافات بين إحدى الدول الخليجية وإحدى الدول العربية، فهي من طبيعة الأمور، فكما تتعاون الدول وتتحالف مع بعضها البعض، فإنها تختلف فيما بينها. ويدل على ذلك وجود تباينات في داخل دول مجلس التعاون والمواقف الخاصة التي تتبناها سلطنة عمان ودولة قطر.

وسوف تتناول هذه الورقة أهم محددات العلاقات الخليجية –العربية، ثم تعرض لأهم قضايا هذه العلاقات في عام 2016م.

أولاً: محددات العلاقات الخليجية ـ العربية، وتتمثل أهم هذه المحددات في ثلاثة نقاط:

  1. تأثير انخفاض أسعار النفط على اقتصادات الدول الخليجية وممارساتها في السياسة الخارجية

مثًّل استمرار انخفاض أسعار النفط محددًا رئيسيًا لسياسات الدول الخليجية في العامين الأخيرين، وكان من جراء ذلك خفض الإنفاق العام، ورفع الدعم عن أسعار الوقود، وبيع أو تسييل بعض الأصول، وفرض ضرائب ورسوم جمركية، والتقليل من الامتيازات المالية والاجتماعية التي وفرتها هذه الدول لمواطنيها، ووصل الأمر إلى الاقتراض من الخارج، وحسب تقديرات صندوق النقد الدولي في أبريل 2016م، أن الدول الخليجية قد خسرت ما يقرب من 500 مليار دولار من جراء انخفاض أسعار النفط في عام 2015م.وقد أدى ذلك إلى انخفاض الموارد المالية المتاحة للدول الخليجية في مجال إدارة سياساتها الخارجية.

  1. تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة العربية

على مدى سنوات، مارست إيران سياسات تدخليه وتحريضية تجاه دول الخليج، وامتد الدور ليأخذ أشكالاً سياسية وعسكرية في العراق وسوريا واليمن، واستخدمت إيران حزب الله اللبناني كأداة لها في لبنان وسوريا واليمن، كما وظفت قوات الحشد الشعبي في العراق لنفس الغرض، علاوة على اشتراك عناصر من قوات الحرس الثوري وفيلق القدس للتدريب ورسم الخطط والقتال لدعم القوى والتنظيمات الحليفة لإيران. ويوضح ذلك تصريح محمد على جعفري قائد الحرس الثوري الذي أشار فيه إلى قيام الحرس بتدريب نحو 200 ألف مقاتل في سوريا والعراق واليمن وباكستان وأفغانستان.

وكان من شأن توقيع الاتفاق النووي مع الدول الكبرى التي شملت الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا، وما ترتب عليه من إنهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها والإفراج عن الأموال المجمدة لدى البنوك الأمريكية، وعودة العلاقات التجارية والاقتصادية مع أغلب الدول الأوروبية.

وأدت هذه التطورات إلى عودة إيران إلى الأسرة الدولية، واستعادة مكانتها فيها، وازدياد شعورها بالقدرة على تنفيذ تصوراتها بشأن الخليج والمنطقة العربية، وفرض ذلك تحديًا ليس فقط بخصوص أمن الدول الخليجية،وإنما امتد ليشمل الأمن العربي عمومًا. ودفع ذلك كله إلى زيادة الاعتقاد الخليجي والعربي أن الاتفاق قد تم على حساب دول الخليج.

  1. التوتر في العلاقات الخليجية ــ الأمريكية

في العامين الأخيرين، وخصوصًا بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، ازدادت فجوة عدم الثقة بين أغلب الدول الخليجية وأمريكا، ونبع هذا الشعور بعدم الثقة من عدة مصادر، منها، أنه بينما حرص الرئيس أوباما على إبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بنيته على إجراء المكالمة التليفونية الشهيرة مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في سبتمبر 2013م، والتي مثّلت بداية عودة الاتصالات العلنية المباشرة بين الدولتين، فإنه في المقابل لم يهتم بإبلاغ أي دولة عربية بذلك، وعدم مناقشة التداعيات الإقليمية للاتفاق النووي في المفاوضات التي أجرتها الولايات المتحدة والدول الكبرى مع إيران رغم مطالبة الدول الخليجية بذلك، وتطلع الشركات الأمريكية والغربية للاستثمار والتجارة في السوق الإيرانية، وإعلان الرئيس الأمريكي أكثر من مرة أن على الدول الخليجية أن تحل مشاكلها بشكل مباشر مع إيران، وأن عليها الدخول في شراكة مع إيران، ورغم محاولات واشنطن تخفيف هذا الشعور فإنها لم تنجح في ذلك تمام.

وثار جدل وردود فعل خليجية قوية على تصريحات الرئيس أوباما التي وردت في مقال مطور بعنوان "مذهب أوباما" في عدد مارس من مجلة "أتلانتك" الشهرية والذي ورد فيه على لسانه أن  بعض حلفاء أمريكا يتاجرون وينتفعون من الحرب ضد الإرهاب دون المشاركة الجادة فيها، وأن بعض الدول في الخليج وأوروبا يتصرفون وفق سلوك"الراكب بالمجان" أي الراكب الذي يستخدم القطار أو غيره من وسائل النقل دون دفع ثمن تذكرة السفر، وكان يقصد بذلك أن هذه الدول تتمتع بالحماية العسكرية والأمنية الأمريكية دون أن تشارك في تحمل نفقاتها، وكان أول من انتقد هذا التصريح هو الأمير تركي الفيصل الذي عمل رئيسًا للمخابرات وسفيرًا للسعودية في واشنطن، قائلاً "نحن لسنا الذين يمتطون ظهور الآخرين لتحقيق أهدافهم"ونفى عن بلاده هذه الصفة معددًا أوجه المشاركة السعودية والخليجية في تحقيق أمن الخليج والمشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش"، كما أكد رئيس جهاز الأمن الوطني الكويتي على دور كل من الكويت وقطر وقيامهما بفتح قواعدهما الجوية،وإتاحة المطارات والمجال الجوي لطائرات التحالف ضد "داعش".

وزاد من مشاعر عدم الثقل الخليجية، الطريقة التي تناولت بها أجهزة الإعلام الأمريكية موضوع الصفحات الثامنة والعشرين غير المعلنة من التقرير الذي أعدته لجنة تقصي الحقائق بشأن أحداث سبتمبر 2001م، والذي رددت – دون سند – أنه يتضمن أدلة على دعم أعضاء من الحكومة السعودية لهذه الأحداث الإرهابية. وازداد الأمر سوءًا بموافقة الكونجرس الأمريكي على القانون المعروف باسم "جاستا" والذي يسمح لأقارب ضحايا سبتمبر 2001م، برفع دعاوى قضائية على مسؤولين في حكومات الدول الأخرى.

أثارت هذه الأحداث غضب المسؤولين الخليجيين عامة والسعوديين على وجه الخصوص، وعبر عن ذلك وزير الخارجية السعودية فيما نسبته إليه إحدى الصحف الأمريكية من تهديده بقيام حكومته ببيع أصولها في الولايات المتحدة والتي تقدر بنحو 750 مليار دولار، وكان من شأن هذا التوتر ازدياد الإدراك الخليجي بضرورة وضع يدها بزمام الأمور، وأن تقوم باتخاذ ما يلزم نحو إقامة التحالفات العربية والإقليمية التي تدعم أمنها، وذلك لملء الفراغ الذي خلفه تراجع الدور القيادي الأمريكي في المنطقة مما أعطى فرصة أكبر لروسيا وإيران في توطيد موقفهما في سوريا.

ثانيًا: أهم قضايا العلاقات الخليجية –العربية:

بصفة عامة، اتسمت العلاقات الخليجية العربية بنمط التوافق والتصالح الذي اتسمت به في السنوات السابقة، وإن كان ذلك لم يمنع من حدوث خلافات بين بعض الدول الخليجية والعربية، ولكن هذه الخلافات توجد حدود لها، ولا تمتد أو تتسع لكي تصل إلى درجة القطيعة بين الطرفين، وأنها في كل الأحوال لم تؤد إلى تغيير في سياسات الدول الخليجية تجاه العاملين من هذه الدولة في أراضيها.ويمكن عرض أهم قضايا العلاقات الخليجية العربية فيما يلي:

  1. اليمن

لم تمارس الأزمة اليمنية واستمرار القتال بين قوى الشرعية وأنصار الحوثي/صالح تأثيرًا يذكر على العلاقات الخليجية العربية، فاستمر التحالف العربي المؤيد للشرعية بقيادة السعودية، وإن كانت المشاركة العسكرية للدول العربية غير الخليجية وبعض الدول الخليجية قد تراجع بشكل واضح ولم تصدر بيانات إعلامية عن مشاركة عسكرية لها في الحرب.

  1. سوريا

استمرت الأعمال القتالية في سوريا دون هوادة،وازداد حجم الدور العسكري الروسي في العمليات وخصوصًا على مستوى سلاح الطيران، ومع نهاية عام 2016م، أصبحت مدينة حلب في قلب المشهد السوري بسبب احتدام القتال فيها، وازدياد حجم الكارثة الإنسانية التي تعرض لها أهالي هذا البلد. وبصفة عامة، فقد كان موقف الدول الخليجية، تجاه الأزمة -منذ بدايتها -أكثر صراحة وقوة في دعم التنظيمات المناهضة للنظام الحاكم والساعية لإسقاطه، وذلك مقارنة بأغلب الدول العربية الأخرى، فبينما اكتفت هذه الدول بإعلان التأييد السياسي للشعب السوري والتنديد بالممارسات العنيفة لنظام الحكم، كان لدول الخليج دور عملي في دعم القوة المعادية للنظام بالمال والسلاح والتدريب، وفي عام 2016م، أيد أغلب هذه الدول ضرورة التدخل العسكري الدولي والعربي لإسقاط النظام السوري.

وكانت الأزمة السورية مصدرًا للتوتر في العلاقات السعودية ـ المصرية، وذلك في أعقاب تصويت المندوب المصري في مجلس الأمن  في 14 أكتوبر لصالح مشروعي القرار لتهدئة الموقف في حلب أحدهما مقدم من فرنسا وأيدته الدول الخليجية، والآخر اقترحته روسيا وكان من شأن موافقة المندوب المصري على القرارين مبعثًا لنقدالمندوب السعودي لدى الأمم المتحدة لهذا السلوك، واصفًا إياه بالخروج عن الإجماع العربي، فقامت المملكة باستدعاء سفيرها في القاهرة للتشاور، وتلى ذلك إعلان مصر عن وقف شركة أرامكو السعودية تزويدها بالحصة الشهرية من النفط والمتفق عليها، وذلك مقابل السداد بتسهيلات ائتمانية، وأعقب ذلك تراشق بين بعض وسائل الإعلام في البلدين، وإن كان من الملاحظ أن كبار المسؤولين المصريين والسعوديين قد نأوا بأنفسهم عن ذلك، وأشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنه لاتوجد علاقة بين تصويت مصر في مجلس الأمن ووقف الإمداد بالنفط. مما يوضح إدراك القيادة السياسية في البلدين لحجم الوشائج والمصالح التي تربط بين الدولتين. يدعم ذلك أن السفير السعودي في القاهرة سرعان ما عاد إلى مكان عمله، وأنه عندما قام السيد إياد مدني الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي بالإشارة إلى الرئيس المصري بعبارات أغضبت القاهرة معتبرة أن صدور هذه التعبيرات تفقد صاحبها مؤهلات استمراره في منصبه الدولي الدبلوماسي الرفيع، فإن السيد مدني سرعان ما قدم استقالته من منصبه مما يوحي بشعوره بأن القيادة السعودية لم تكن راضية عن مسلكه، أو ربما أنها طلبت منه التقدم بها.

  1. العراق

شهدت العلاقات العراقية / الخليجية-وخصوصًا مع السعودية –عدة توترات على قاعدة رفض العراق إدانة إيران في أعقاب التظاهرات والاعتداء على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد، ورفض اعتبار حزب الله اللبناني منظمة إرهابية. فمع أن العلاقات اتجهت إلى التحسن في عام 2015م، بعد إعادة فتح السعودية لسفارتها في بغداد وتعيين سفير لها فيه فإنها تدهورت بسبب النفوذ الإيراني على سياسة العراق الخارجية الذي مثل قيدًاعلى تطور علاقاتها بالدول الخليجية، وترتب على ذلك أن الاستقطاب الخليجي الإيراني ألقى بظلاله على العلاقات مع العراق.

وتمثلت هذه الأزمة في رفض وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في مجلس الجامعة العربية في مارس 2016م، الموافقة على مشروع القرار المؤيد من غالبية الدول العربية باعتبار حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، ولم يكتف بذلك وإنما وجه انتقادات شديدة للقرار ومؤيديه ما دفع بالوفد السعودي إلى مغادرة الجلسة أثناء إلقاء كلمته.

  1. لبنان

تكررت أزمة مماثلة في العلاقات اللبنانية ـ السعودية في مارس 2016م، أيضًا، وذلك لنفس السبب الخاص بحزب الله وتعليق وزير الخارجية اللبناني على القرار المتضامن مع السعودية بشأن الاعتداءات على بعثاتها الدبلوماسية في إيران، والقرار بشأن حزب الله وذلك في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وقد دعا ذلك الحكومة السعودية إلى اعتبار هذه المواقف اللبنانية مناهضة لها، وأعلنت إيقاف المساعدات المالية لتسليح الجيش اللبناني بشراء أسلحة من فرنسا بمبلغ 3 مليارات دولار أمريكي، وإيقاف ما تبقى من مساعدات لهيآت الأمن الداخلي بمبلغ يقدر بنحو 1 مليار دولار أمريكي، وكان من الواضح أن الموقف اللبناني نبع من الضغوط التي مارسها حزب الله وأحزاب 8 آذار، واعتبرت السعودية أن الموقف اللبناني لا ينسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين،وأن لبنان خرج عن الإجماع العربي وأن القرار اللبناني في السياسة الخارجية قد تم "اختطافه" بواسطة حزب الله لصالح إيران،وهو ما دفع رئيس الوزراء وقتذاك تمام سلام إلى التأكيد على رغبة لبنان في الحفاظ على علاقاتها الوثيقة مع السعودية وهو نفس الموقف الذى أخذته مجموعة أحزاب 14 آذار.

وبصفة عامة،فقد حدث توافق خليجي عربي بشأن تأييد موقف السعودية بشأن إيران وحزب الله كما ظهر في تأييد أغلبية الدول الأعضاء في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي للموقف السعودي.

  1. اختيار أمين عام جديد للجامعة العربية

فبعد إعلان دكتور نبيل العربي عدم رغبته في تجديد ترشيح نفسه لمدة ثانية كأمين عام للجامعة، أثار بعض الدول العربية  - كالجزائر  بشكل  غير رسمي ضرورة إدخال مبدأ الدورية بشأن جنسية الأمين العام، وفتح المجال لشخصيات عربية غير مصرية لتولي هذا المنصب، وأنه لا يوجد نص في ميثاق الجامعة يشير إلى جنسية الأمين العام أو أن يكون من بلد عربي بعينه، ومع أن وسائل الإعلام أشارت إلى تأييد بعض الدول الخليجية لهذا الرأي، فقد حدث توافق  خليجي عربي عام حول اختيار المرشح المصري بما في ذلك قطر التي أعلن ممثلها أن بلاده لديها تحفظات على شخص المرشح ولكنها لن تصوت ضده حتى يتحقق الإجماع العربي على الأمين العام الجديد.

وختامًا.. لقد تعمدت عدم التوسع أو إفراد بند خاص للتوتر الذي أصاب العلاقات السعودية ــ المصرية في الربع الأخير من عام 2016م، وذلك لوجود مقال أخر يركز على هذه النقطة ولإيمان الكاتب بإدراك القيادة السياسية في الدولتين بأن ما يربطهما من مصالح ورؤى مشتركة أكبر بكثير من مساحة التباين أو الاختلاف بينهما، وأن ما حدث هو مجرد سحابة صيف.

مجلة آراء حول الخليج