تحميل ملف الدراسة
كان وما زال السؤال الذي تتفرع عنه عشرات الأسئلة الأخرى في الحاضر العربي هو هل كان إخفاق جامعة الدول العربية انعكاساً للواقع العربي ذاته ومحصّلة طبيعية لمعطياته، أم أن الميثاق المنشئ لها هو الذي قيّد حركتها وحدَّ من فاعليتها وحجّم طموحاتها؟ ذاك واحدٌ من أسئلة أخرى كثيرة لا يكُف الحاضر العربي عن إثارتها، وكلها أسئلة تتباين الإجابات المطروحة عليها منذ أكثر من سبعين عاماً لكنها تلتقي اليوم عند سؤال عصيّ ومحيّر هو لماذا يشكو العرب ويعانون من تمدد الآخرين في فضائهم من الإيراني إلى التركي استمرارًا لتمدد سابق من الإسرائيلي والأمريكي إذا كانوا لم يستطيعوا على مدى سبعة عقود إقامة نظام عربي متماسك وبراجماتي ومتدرّج ولو بالحد الأدنى مما يملكونه من مقوّمات؟
السؤال السابق كاشف ومنشئ بلغة القانون. فهو كاشف أولاً لواقع التراجع المتواصل للتطلعات العربية والذي أوصلنا اليوم إلى محاولة التشبث بسقف الدولة الوطنية غير المفكّكة وغير المهدّدة كأقصى طموح عربي بعد أن كان السقف بالأمس القريب هو التطلع إلى نموذج وحدوي أو تكاملي أو تضامني، وإلى شبه اندثار لمصطلحات مثل الوطن العربي أو الأمة العربية لنقنع بمصطلح "الإقليم" العربي. وهو سؤال منشئ ثانياً بقدر ما يضعنا وجهاً لوجه أمام أسباب غياب الإرادة السياسية العربية ولو في مواجهة الدفاع عن ذاتها أمام مخاطر وأهوال لم يتعرّض لها العرب في تاريخهم الحديث من قبل.
يقود السؤال السابق ذاته إلى قراءة لا غنى عنها لميثاق جامعة الدول العربية للتعرف على نقاط الضعف ونقاط القوة إذا ما كان لهذه الأخيرة حقاً من وجود ما في الميثاق، صحيحٌ أن القراءة تجيء بعد اثنين وسبعين عاماً من تأسيس الجامعة في عام 1945م، وقد سبقها بالتأكيد دراسات، بل أطروحات أخرى مهمة ومستفيضة، لكنها تظل قراءة ضرورية لا سيّما في معرض مقارنتها بالاتفاقية المنشئة للاتحاد الأوروبي برغم ما هنالك من فوارق بين الحالتين العربية والأوربية. ولا تكتمل إجابة السؤال بدون التطرق إلى تحديات المشهد العربي الراهن، أو أبرزها على الأقل في حدود ما تتيحه هذه المساحة. فلنستعرض هذه التحديات أولاً قبل الشروع في قراءة ميثاق جامعة الدول العربية ثانياً، لعلنا بتقصي المسألتين معاً نستطيع الإجابة على سؤال اللحظة المُلِح الذي اتخذناه عنواناً لهذه الدراسة.
أولاً- التحديات.. حقائق الواقع وطرائق التفكير
حين يحاول المرء أن يبحث عن تفسير لاستمرار الحالة العربية - لاسيّما في تقاطعها مع الظاهرة الإرهابية- التي جعلت من العرب رجل العالم البغيض برغم إسهامهم القوي في دفع عجلة الاقتصاد العالمي بما يضخونه من مصادر الطاقة، وما يمتلكونه من أسواق واسعة، وما يتحكمون فيه من شرايين الملاحة العالمية، فضلاً عن إسهامهم الحضاري الذي لا ينكره منصف في التاريخ الإنساني الوسيط تبرز مجموعة تحديات/ تفسيرات لهذا المشهد العربي الذي لم يكف يوماً عن التعقيد والتراجع والانحدار إلى درجة أن كل يوم مضى كان يعتبر "سيئاً" أصبح يقود إلى يوم جديد "أسوأ". هذه التحديات/التفسيرات تبدو في الواقع خلاصة (حقائق) على الأرض بقدر ما تعكس (طرائق) التفكير العربي.
التحدي الأول -أن جامعة الدول العربية كأول نموذج للعمل العربي المشترك قد أُنشئت في ظرف تاريخي تم تجاوزه الآن. وكان يعكس أولويات الاستقلال الوطني في مرحلة زوال الحقبة الاستعمارية، وكانت الحكومات العربية الموقّعة على الميثاق المنشئ للجامعة تستمد الجزء الأكبر من شرعيتها من تجسيدها لهذه الأولوية، وبالتالي كانت الجامعة نفسها تعكس ذهنية وروحية عربية تنشدان الاستقلال وحماية سيادة التراب الوطني للدول المنتمية إليها. أما اليوم، وبالأحرى منذ عدة عقود فقد ظهرت أولويات جديدة لدول التنمية والرفاه والحقوق والحريات الفردية كتطلعات وتحديات في آن معاً. باختصار كانت جامعة الدول العربية ابنة حقبة زمنية ولت وانقضت بما لها وما عليها ليواجه العرب اليوم حقبة جديدة لا يكاد يوجد في ميثاق الجامعة ما يُعبّر عنها.
في الوقت الذي أُنشئت فيه جامعة الدول العربية كان الحديث عن (الوطن) يطغى على الحديث عن (المواطن)، كانت تلك هي سمة المرحلة آنذاك في العالم العربي وإفريقيا وأمريكا اللاتينية والعالم الثالث وحركات التحرر الوطني، ولهذا جاء ميثاق جامعة الدول العربية خلواً من أية إشارة لكلمة المواطن أو الشعب بينما تكرّرت كلمة المواطن والمواطنية ( Citizen- Citizenship)في الاتفاقية المنشئة للاتحاد الأوربي تسع وستين مرة، وكلمة الشعب ( people) أربعة عشر مرة ! كانت أدبيات كل من الميثاق والاتفاقية الأوروبية معبرتين عن لحظتين مختلفتين في الأولوية التاريخية والثقافة السياسية. وبرغم العولمة وسقوط الحواجز وثورة الاتصالات ظل ميثاق جامعة الدول العربية يحمل إرث سبعة عقود، وهو إرث أثقل من حركة الأنظمة العربية لأن تجاوزه أو تطويره بالأقل كان يتطلب الكثير، وهو ما كشفت عنه، جزئياً على الأقل الانتفاضات العربية التي اُصطلح على تسميتها بالربيع العربي في العام 2011م، بصرف النظر عن أي تقويم آخر يتجاوز نطاق هذه الدراسة.
التحدي الثاني – أن المأزق العربي الراهن كان أحد المآلات التي أفرزها الاستهداف/ التآمر الغربي دون أن يعني هذا بالضرورة تبني نظرية المؤامرة كمنهج تاريخي وحيد لفهم الأحداث أو نفي مسؤولية العرب أنفسهم عما آلت إليه الأمور. يكفي التذكير بأنه بعد اتفاقية "سايكس بيكو" 1917م، كان العام 2017 م، (أي بعد مائة عام بالتمام والكمال) يكاد يشهد "سايكس بيكو" ثانية مدمرة وذات أطراف فاعلة مختلفة. كان الاستهداف الغربي على الدوام متسقاً مع نفسه في مواجهة العرب. فليس من المصلحة الغربية بأي مقياس قيام تكتل عربي متقدم وقوي تحت أي نموذج وحدوي أو تكاملي، وهو أمر ليس فيه ما يُدهش. ربما الجديد هو أن الظاهرة الإرهابية بتجلياتها وامتداداتها في الألفية الثانية قد أسهمت في إيقاظ المخاوف الغربية القديمة من المد الإسلامي المتقاطع شئنا أم أبينا مع الحالة العربية. فما زال العقل الباطن الغربي يتذكّر أن الحضارة العرب/ إسلامية قد استطاعت خلال سبعة أو ثمانية عقود فقط أن تتمدّد في العالم من الهند شرقاً حتى أسبانيا غرباً، ومن القوقاز شمالاً حتى أواسط وغرب إفريقيا جنوباً في الوقت الذي احتاجت فيه الحضارة الغربية إلى عدة قرون حتى تتمدّد مؤقتاً في الحواضر العربية. كان مفهومًا إذن أن يسعى الغرب بشكل خشن تارةً وناعم تارةً أخرى إلى الحول دون قيام تكتل عربي ناهض ومتقدم. وعلى العكس من ذلك لم يجد الغرب غضاضةً في أن يسمح بل يساعد على النهوض الاقتصادي والتكنولوجي لعديد من دول شرق آسيا ولو من خلال قاطرة القطاع الخاص العابر للحدود لأن القوى الآسيوية الجديدة لا تضاهي العرب في مخزونهم الاستراتيجي من الطاقة، أو تحكمه في شرايين الملاحة العالمية، والأهم أنها لا تثير مخاوفه بشأن خصوصيتها الدينية. ليس معنى هذا بالطبع أن الاستهداف الغربي هو التفسير/ التحدي الوحيد للحالة العربية لكنه يمثل جانباً منه، لا يجوز التهوين منه، بقدر ما لا يسوغ التهويل فيه.
وبرغم ما أثاره كتاب المفكر السياسي صمويل هانتينجتون "صدام الحضارات" من ضجة ما زالت أصداؤها تتردّد وتداعياتها تترتّب حتى الآن فإن أخطر ما تضمنه هذا الكتاب (ولعله كان يمثل خلاصة الورقة البحثية التي قدمها لجهاز الاستخبارات الأمريكي والتي بُني عليها كتابه الأشهر فيما بعد) هو الجداول الإحصائية الثلاثة التي بدت لأجهزة التفكير الأمريكية كرسوم أنشطة المخ التي تظهر على شاشة ضوئية. فأحد هذه الجداول يرصد نموًا ديموجرافياً هائلاً ومتسارعًا للسكان في الدول المنتمية للحضارة الإسلامية في مقابل انخفاض حاد ومتواصل للسكان المنتمين إلى الحضارة الغربية (كان المسلمون يشكلون 4.2% من عدد سكان العالم في عام 1900م، ويتوقع أن يصلوا إلى 20% بحلول عام 2025م، بينما كان السكان تحت سيطرة الحضارة الغربية يمثلون 44% من عدد سكان العالم في عام 1900م، وتضاءل العدد إلى 13.1% في عام 1995م). هذا يعني أن استمرار المعدلات الحالية للنمو الديموجرافي لن يكف عن طرح الكثير علامات الاستفهام المؤرقة للعالم الغربي، وليست المخاوف المتزايدة من ظاهرة الهجرة من الجنوب إلى الشمال سوى أحد تجليات هذه المخاوف.
التحدي الثالث -يتعلق بالعالم العربي نفسه الذي عرف حقبة مدٍ قومي عروبي بلغ ذروته (العاطفية على الأقل) في خمسينات وستينات القرن الماضي، ثم سرعان ما تجلت الحقائق التي غيّرت من طرائق تفكيره. أهم هذه الحقائق هي اكتشاف أن العالم العربي وبرغم ما يجمعه من قواسم اللغة والتاريخ والجغرافيا والثقافة ينطوي في حقيقته على (عوالم) عربية ثلاثة متفاوتة في واقعها وظروفها. ولعل من يتأمل المؤشرات الأربعة المتعلقة بمتوسط الدخل الفردي من الناتج الإجمالي المحلي، والإنفاق على التعليم، وحركة التأليف والنشر، والبحث العلمي يكتشف أن هناك ثلاثة مستويات عربية متفاوتة إلى حد بعيد، ولم تكن هذه هي سمات الحالة الأوربية عند انطلاق قطار الاتحاد الأوروبي، صحيح أنه كان ثمة تفاوت بين ثلاثي ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبين دول أخرى مثل اليونان أو البرتغال لكن التفاوت لم يكن بحدة الحالة العربية.
هناك أولاً دول مجلس التعاون الخليجي التي يبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد من إجمالي الناتج المحلي 30 ألف دولار وفقاً لقاعدة بيانات البنك الدولي لعام 2016م، ثم تأتي مجموعة دول لبنان والعراق والأردن والجزائر بمتوسط دخل فردي يبلغ نحو 4000 دولار سنوياً، ثم يهبط متوسط هذا الدخل الفردي إلى 2500 دولار سنوياً في مجموعة بلدان تونس ومصر والمغرب والضفة الغربية وغزة، ثم السودان واليمن وموريتانيا. ويكاد يكون هذا الترتيب هو نفسه على صعيد معدل الإنفاق الحكومي على الطالب الجامعي سنوياً.
التحدي الرابع – يواجه مسعى البحث عن نظام عربي جديد أو تطوير النظام الحالي لجامعة الدول العربية/ ويتمثل في واقع الفوضى الضاربة بجذورها في أكثر من بلد عربي وما ترتّب عليها من تداعيات يبدو معها مستقبل النظام السياسي في هذه البلدان غامضاً ومنذرًا بمزيد من التعقيدات. فالحاصل اليوم، وبصرف النظر عن أي نقاش حول أسباب الفوضى وأنصبة المسؤولية عنها، هو تباين مواقف الحكومات العربية مما يجري في هذه البلدان التي تتصدّع جغرافيتها السياسية، وهو تباين يبدو صريحًا تارةً ومضمرًا تارةً أخرى. لكن في الأحوال كافة ثمة غياب لرؤية عربية مشتركة في هذا الشأن. كان أخطر ما ترتّب على ذلك هو التنافس غير العربي واقتراح آليات ومبادرات للبحث عن حل لنهاية الصراع الأهلي كان أطرافها جميعاً من غير العرب، وهذا ما كان على الأقل في الحالة السورية، وفي غيرها من الحالات الأخرى لم يكن الدور غير العربي أقل تأثيرًا حتى ولو بدا تأثيره من خارج الأطر العلنية.
هكذا أصبح المأزق العربي مأزقين أولهما مواجهة الفوضى والصراعات الداخلية بتقاطعاتها الإقليمية والعالمية المريبة التي تهدّد الجغرافيا السياسية ليس فقط لدول الفوضى والصراع ولكن أيضاً لدول الجوار، وربما لدول أبعد بتداعيات " لعبة الدينامو". وثانيهما استمرار الأزمات العربية المزمنة مثل قضية صحراء البوليساريو بين الجزائر والمغرب، والقضايا الحدودية التي تثار بين الحين والآخر بين بعض الدول العربية. وإذا أُضيف إلى هذا المشهد ما استجد مؤخرًا من خلاف داخل مجلس التعاون الخليجي فيما عُرف بالأزمة القطرية لتبيّن كم التحديات التي يواجهها العرب في سعيهم المرهق (بفتح الهاء وكسرها) للبحث عن نظام عربي.
وبرغم ما يموج به المشهد العربي الراهن من صعاب وتحديات يكشفان عن قدر لا تخطئه العين من الشعور بأزمة ثقة في الذات فإن هذا المشهد قد يمثل بذاته دافعاً للعمل العربي المشترك، أو هكذا يُفترض، فيما لو استنفرت الهمم وتلاقت الإرادات.
التحدي الخامس – يكمن في الظاهرة الإرهابية المتدثرة بالدين في جميع تجلياتها وبكل ما يرتبط بها من أزمات وقضايا أخرى. فالإرهاب الذي تفاقم واجترأ على إعلان نفسه دولةً في حالة تنظيم "داعش" لا يمثل فقط تحديّاً أمنياً واجتماعياً وسياسياً في بلاد العرب، لكنه يثير أيضاً تحديات جانبية وعميقة من نوع آخر تضع المجتمعات التي تكتوي به، وكل المنظومة العربية بأسرها أمام اختبار عسير لم يعد ممكناً ولا مجدياً تجاهله أو التهوين منه. فهو يثير من ناحية أولى المستوى الإشكالي المعقّد الذي بلغته قضية التطرف الديني لدى البعض في إطار من قضية أعم وأشمل هي قضية التأويل الديني والحداثة التي لا تنفصل عن مجمل الثقافة العربية. وهي تطرح من ناحية ثانية مسألة إخفاق النظم التعليمية العربية – بدرجات متفاوتة – في خلق وتحفيز التفكير النقدي، وتكريس قيم المواطنة وقبول التنوع والمساواة والتسامح. وهي تثير من ناحية ثالثة مدى قدرة المنظومات التشريعية العربية على الارتقاء بقيم المواطنة وقبول التنوع والمساواة والتسامح من مجرد كونها قيماً تربوية وثقافية إلى صيرورتها حقوقاً وانساقاً قانونية. وهي تشتبك من ناحية رابعة مع قضايا الحقوق والحريات الفردية التي كان يمكن لإتاحتها وتعزيزها أن تكون هي المعادل الموضوعي لظواهر التعصب والعنف والإرهاب انطلاقاً من قاعدة أنه لا يفل الفكر إلا الفكر. وهي تكشف من ناحية خامسة وأخيرة عن حضور لا يمكن تجاهله لوطأة الظروف الاقتصادية والمعيشية في العديد من المجتمعات العربية.
مثل هذه التحديات، وغيرها لا تخلو من دلالة مزدوجة إذ تبدو باعثة على الإحباط في ظل عدم وجود رؤية لتغييرها، وقد تصبح دافعاً لنظام عربي جديد قوي وحداثي حين يدرك العرب أن تغيير هذا الواقع الثقافي، والتعليمي، والاجتماعي، والسياسي، هو المشروع الأكثر نجاعةً، والأقل كلفةً الذي يمكن أن يكون حاضنةً وعامل أمان على المدى المتوسط والبعيد لأي نظام عربي جديد. فالتطوير المؤسسي الفوقي سيبقى برغم أهميته التي لا يمكن إنكارها تطويرًا محدودًا وربما سطحياً ما لم يقترن به تغيير جسور وذكي وبراجماتي ومدروس لبنية المجتمعات العربية ذاتها. هذا هو مشروع المستقبل العربي، وإلا فإنه المجهول. والمجهول المقبل هذه المرة قد لا يمكن التنبؤ بمتغيراته ومفاجآته.
ثانياً – قراءة في بعض نصوص ميثاق جامعة الدول العربية على ضوء اتفاقية الاتحاد الأوروبي
للوهلة الأولى قد تبدو مسألة المقارنة بين ميثاق جامعة الدول العربية والاتفاقية المنشئة للاتحاد الأوروبي وكأنها تقفز على ما هنالك من اختلافات واقعية ومعطيات سياسية بين الحالتين العربية والأوربية. ومع ذلك فإن مثل هذه المقارنة تتيح اكتشاف ما يتجاوز حقائق الواقع إلى طرائق التفكير، لا سيّما وقد ثبت أن الميثاق قد تجاوزه العصر بحيث أصبحت الحاجة ضرورية وملحّة ليس فقط إلى تعديله ولكن إلى تطويره جذرياً، وربما البحث عن ابتناء نظام عربي جديد. ثم إن هذه المقارنة تكشف بذاتها عن نقاط الضعف التي لا يخلو منها الميثاق على أكثر من صعيد. ربما يرى البعض أن الاتحاد الأوروبي لم يصل إلى حد "الأنموذج" الأفضل لا سيّما مع خروج المملكة المتحدة منه، وما يتنبأ البعض من احتمال حدوثه مع بلدان أخرى إثر إعلان بعض أحزابها اليمينية بنية الخروج حال وصولها إلى الحكم، لكن ما زال الاتحاد الأوروبي نموذجاً يصلح للقياس عليه استطاع أن يحقق وحدته النقدية ويحافظ عليها برغم الأزمات المالية، وأن يبقى على تماسكه برغم عثرات بعض دوله، وأن يحول دون حدوث سابقة انفصال إقليمي لإحدى دوله في محاولة انفصال إقليم "كتالونيا" عن الحكومة المركزية في مدريد.
لدواعي الإيجاز فيما تتيحه هذه الورقة يمكن التوقف عند بعض نقاط الضعف في ميثاق جامعة الدول العربية يقابلها العدد ذاته من نقاط القوة في اتفاقية الاتحاد الأوروبي.
أولاً – ترهل الميثاق وجموده في مقابل التطور المتدرج والمدروس للاتفاقيات المنشئة للاتحاد الأوروبي
منذ ظهرت إلى الوجود فكرة تأسيس جامعة الدول العربية في عام 1945م، لم يلحق الميثاق المنشئ لها أي تعديل جوهري ومؤثر باستثناء إضافة الملحق الخاص بالانعقاد الدوري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في أكتوبر سنة 2000م، وهو ملحق ذو طابع تنظيمي يجعل انعقاد اجتماع المجلس بصفة منتظمة في شهر مارس من كل عام. وعلى امتداد ثلاثة وسبعين عامًا وبرغم الأحداث والتطورات التي عرفها العالم والمخاطر والأهوال التي ارتجّت لها المنطقة بقى الميثاق على سكونه الرتيب. لم تحاول جامعة الدول العربية، وهي الأسبق في النشأة التاريخية باثنتي عشر عامًا من الاتحاد الأوروبي، تطوير منظومة عملها وآليات حركتها وتحديث مؤسساتها ولو بشكل متدرج كما فعلت دول الاتحاد الأوروبي التي أخذت تنتقل بدأب ومنهج مدروس من مرحلة تطور إلى أخرى اتسمت بالتوسع المتواصل لعدد دول أعضائه [1]. وقد تزامن هذا التوسع في بنية الاتحاد الأوروبي مع تطور مرحلي في مرجعياته المؤسسية التي مرت باتفاقية الفحم والصلب في باريس 1951م، ثم اتفاقية روما الأولى سنة 1957 المنشئة للسوق الأوروبية المشتركة، ومعاهدة شنجن في 1985م، التي أقرّت حرية التنقل عبر حدود دول الاتحاد، ثم معاهدة ماستريخت عام 1992م، التي دشّنت الوحدة النقدية الأوروبية (يورو)، ومعاهدة روما الثانية سنة 2004 م، المؤسسة للدستور الأوروبي.
ولعلَ قراءة المسيرة التي قطعتها جامعة الدول العربية حتى الآن تكشف ليس فقط عن تواضع حركة عملها ومستويات إنجازها، وهو أمر يُعزى إلى غياب الإرادة السياسية لدولها، ولكن أيضًا لأن الميثاق المنشئ لها لم يكن منذ التوقيع عليه مرجعيةً تؤذن بمنظمة إقليمية فاعلة قادرة على التصدي لأزمات المنطقة وتحدياتها والتي كان منحنى تفاقمها في تصاعد دائم لم يعرف الانخفاض يومًا ولا حتى الثبات. بدا الميثاق بوريقاته المعدودة ونصوصه العشرين بعمومياتها وجمودها الذي لم يعرف التعديل أو مواكبة التطورات أشبه بإعلان النوايا والمبادئ، وأحد تجليات النفق المسدود للعمل العربي المشترك، وهو واقع لا تتحمل الجامعة نفسها ككيان مسؤوليةً عنه. هنا تفرض المقارنة مع المرجعيات المنشئة للاتحاد الأوروبي نفسها حيث تتبلور اليوم في أربع اتفاقيات أساسية نافذة هي الاتفاقية الموحّدة للاتحاد الأوروبي لعام 2016م، التي تعج ب 154 بندًا بخلاف الديباجة ما بين مواد وملاحق وتصريحات، والاتفاقية الموحّدة لتسيير عمل الاتحاد الأوروبي لعام 2016م، المحتشدة ب 460 بندًا، والاتفاقية الأوروبية للطاقة النووية المتضمنة 25 بندًا بخلاف الديباجة إضافة إلى ستة ملاحق، وميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي الذي يشتمل على 54 مادة بخلاف الديباجة.
بالطبع، ليست العبرة بكم المواثيق وكثرة النصوص ولكن بما استطاعت هذه الاتفاقيات أن تنشئه من منظومة مؤسسات تتوزع بينها الاختصاصات على نحو يتسم بالتكامل والانسجام من ناحية أولى، وتتحدّد هذه الاختصاصات بشكل محكم ودقيق بما لا يتداخل أو يشكل افتئاتًا على اختصاصات السلطات المحلية في الدول الأعضاء من ناحية أخرى. وهو الأمر الذي أضفى – كما سنرى لاحقًا – نزعة براجماتية على مجمل الفكرة الأوروبية فجعل منها طموحًا عاقلاً لا يقفز على الخصوصيات الوطنية ولا يحرق مراحل ناموس التدرج والارتقاء. على الجانب الآخر لا يمكن النظر إلى جامعة الدول العربية بمعزل عن التفاوت الملحوظ بين الدول الأعضاء فيها على صُعد شتى تاريخية ومعيشية وتعليمية واجتماعية وثقافية وسياسية.
ولعلّ الإخفاق الذي مُنيت به فكرة العمل العربي المشترك كان مرده – ضمن عوامل أخرى – غياب دور المجتمعات، والقطاع الخاص، والتكنوقراط في صياغة الفكرة فبقيت الأخيرة محصورةً في مبادرات البيروقراطية السياسية الرسمية. ولهذا افتقدت الظهير الذي كان يمكن أن يكفل لها قوة الدفع والاستمرار. والأهم أنها لم تقدم فكرتها ومشروعاتها الوحدوية أو التكاملية على قاعدة من المصالح المشتركة كما لو أن (المصلحة) تنتقص من نقاء المبدأ القومي. وفي هذا السياق يبدو لافتًا أن ميثاق جامعة الدول العربية لم يرد – كما سبق الإيضاح – على ذكر كلمة الشعوب أو المواطنين ولو مرة واحدة بينما تكرّرت الإشارة في اتفاقية الاتحاد الأوروبي إلى كلمات المواطن والمواطنية والشعوب ثلاث وثمانين مرة (!) وهي مقارنة لا تخلو من دلالة على أكثر من صعيد.
كان طبيعيًا ومتوقعًا أن ينعكس هذا الواقع على مجمل العمل العربي المشترك فظهرت التجمعات الإقليمية العربية، بديلاً عن إقامة نظام عربي فاعل، مثل مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد المغاربي، ومجلس التعاون العربي. قطع مجلس التعاون الخليجي شوطًا لا بأس به بحكم ما تحظى به دوله من تقارب وانسجام حتى جاءت الأزمة القطرية لتحوّله إلى صيغة 3+1+2 حيث اتخذت السعودية والإمارات والبحرين موقفًا مشتركًا وحازمًا، فيما بقيت قطر وحدها، لتمارس الكويت وبدرجة أقل عُمان محاولات رأب الصدع. أما الاتحاد المغاربي فقد بدا كحلم ليلة صيف. ولم يكن مجلس التعاون العربي الذي أطلق فكرته الرئيس العراقي السابق صدّام حسين أحسن حالاً فانفرط قبل أن يبدأ. ولو أُضيف إلى ما سبق المحاولات المتسرعة العاطفية لإقامة اتحادات عربية بلغت ذروتها في تأسيس الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا في عام 1958م، والتي لم يقدّر لها أن تستمر لأكثر من عامين، وما لحقها من اتحاد الجمهوريات العربية بين سوريا ومصر وليبيا والذي انتهى مرة أخرى ربما قبل أن يبدأ، ثم محاولات وحدوية تكاملية متشابهة لم تلق سوى المصير نفسه لكان لنا أن ندرك أن أزمة العمل العربي المشترك كانت تكمن مرة تلو الأخرى في طرائق التفكير ربما قبل حقائق الواقع.
ثانيا – الاختصاصات المنوطة بجامعة الدول العربية
لا نكاد نتبين من الميثاق المنشئ لجامعة الدول العربية اختصاصات محدّدة بقدر ما يتعلق الأمر بمجموعة أهداف تتمثل في توثيق الصلات، وتنسيق الخطط السياسية، والنظر بصفة عامة في شؤون البلاد العربية ومصالحها، والتعاون بحسب نظام كل دولة في المجالات الاقتصادية والمالية، والمواصلات، والثقافة، والجنسية، والجوازات، والتأشيرات، وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين، والشؤون الاجتماعية والصحية (المادة 2 من الميثاق). ويلاحظ على هذه الأهداف من ناحية أولى أنها تفتقر إلى التحديد، وآليات التنفيذ، والحد الأدنى من الإلزام بما يجعلها أقرب كما سلفت الإشارة إلى إعلانات النوايا والمبادئ. كما يكشف الواقع من ناحية ثانية أن ما وُرد النص عليه بشأن الجمارك والعملة والتأشيرات وغيرها لم يحرز الجامعة بشأنه تقدماً يُذكر، إن لم ينعدم على الإطلاق. وعلى الرغم من أن المادة الرابعة من الميثاق تنص على أن تؤلف لكل من الشؤون المبيّنة في المادة الثانية لجنة خاصة تُمثّل فيها الدول المشتركة في الجامعة، تتولى هذه اللجان وضع قواعد التعاون ومداه، وصياغتها في شكل مشروعات اتفاقات تُعرض على المجلس للنظر فيها تمهيدًا لعرضها على الدول المذكورة، إلا أن الاتفاقيات التي أبرمتها دول الجامعة مثل اتفاقية الدفاع العربي المشترك واتفاقية الوحدة الاقتصادية واتفاقية التعريفة الجمركية الموحّدة وغيرها لم يتم تقنينها على النحو الواجب ولم يرقى تطبيقها بحال من الأحوال إلى مستوى التطلعات العربية. وبدا إنجاز الجامعة العربية حتى على صعيد التعاون والتكامل الاقتصاديين أدنى من سقف الإمكانات العربية إذ ما زال إجمالي الاستثمارات البينية العربية وكذلك التجارة البينية العربية هزيلاً مقارنة بحجم الاستثمارات والتجارة العربية خارج الفضاء العربي، مع الأخذ في الاعتبار ضعف البنية الأساسية للاستثمار في البلدان المستقبلة له، وغياب الاستقرار التشريعي، وافتقاد الشفافية. ومع الوعي بالاختلافات بين البني الاقتصادية والسياسية في العالم العربي ودول الاتحاد الأوروبي فإن المقارنة بين اختصاصات/أهداف الجامعة العربية والاتحاد الأوربي تغني عن الكثير من التعليق.
على عكس ميثاق الجامعة العربية تتسم اتفاقية الاتحاد الأوروبي بتنظيم دقيق لاختصاصات الاتحاد من خلال آليات محدّدة وفقاً لأطر إجرائية لا تثير التباسًا أو غموضًا لا سيّما فيما يتعلق بتوزيع هذه الاختصاصات سواء بين أجهزة الاتحاد ومؤسساته أو بين الاتحاد ككيان مؤسسي والدول الأعضاء فيه. يتجلى ذلك على وجه الخصوص في مسائل السياسة الخارجية والأمن الجماعي (المواد 23 وما بعدها من الاتفاقية). والواقع أن الفارق الكبير بين الاختصاصات المقررة في حالتي الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية إنما يعكس الفارق ذاته بين اللحظة التاريخية التي تأسس فيها كل من الكيانين. فقد انطلق الاتحاد الأوروبي عبر مراحله المتدرجة التي سبق الإشارة إليها من خلال دول مستقلة ومستقرة ذات مستويات اقتصادية ومعيشية متقاربة، وبنى ثقافية واجتماعية متشابهة، وقيم سياسية وديموقراطية واحدة، وأولويات تنموية متجانسة. وعلى خلاف ذلك فإن جامعة الدول العربية قد تأسست في البداية على يد سبع دول عربية مستقلة فقط آنذاك في عام 1945م. وبالتالي كان الهاجس الأساسي للدول المؤسسة للجامعة هو الحفاظ على استقلالها الحديث والتطلع لنيل استقلال الدول الأخرى التي لم تكن قد نالت استقلالها بعد.
ما لم يكن مفهومًا ولم يزل حتى اللحظة هو غياب الإرادة السياسية العربية في دفع وتعميق العمل العربي المشترك في ظل التحديات الإقليمية والعالمية الضاغطة والمتسارعة. وبرغم أنه ومنذ الغزو العراقي للكويت في عام 1991م، ظهرت الحاجة ملحةً بأكثر من أي وقت مضى إلى تطوير جذري لجامعة لدول العربية وابتناء نظام عربي جديد فقد أبدى العرب تقاعسًا في اقتناص تلك اللحظة. ثم أفلتت منهم لحظة ثانية بعد اثنتي عشر عامًا حين دخلت القوات الأمريكية العراق لإزاحة صدام حسين وتحضير عفريت الأصولية الدينية، ثم جاءت اللحظة الثالثة بفعل الفوضى والصراع الأهلي في سوريا وليبيا واليمن دون أن تستنفر الإرادة السياسية العربية. كانت هذه اللحظة الثالثة وما زالت هي الأخطر بحكم اقترانها بتمدد ثلاثة مشروعات إقليمية دخيلة إيرانية وتركية وإسرائيلية، الجزء الظاهر من كل مشروع هو توسيع منطقة نفوذه أما الجزء الغاطس فلربما يتجاوز ذلك بكثير إذ يتلمظ اشتهاء لإعادة ترتيب الجغرافيا السياسية العربية.
ثالثا – مدى فاعلية ميثاق جامعة الدول العربية
إذا كان تعريف القانون بأبسط وأعمق معانيه هو القواعد الملزمة المطبقة تحت طائلة جزاء ما فإن إخضاع كل من ميثاق الجامعة واتفاقية الاتحاد الأوروبي لهذا التعريف يصلح مقياسًا لدرجة فاعلية كل منهما. ففي ميثاق الجامعة العربية لا يترتب على الإخلال بأحد نصوصه أي جزاء، ولا يغيّر من ذلك أن يستخدم الميثاق كلمة الإلزام أو القرارات الملزمة في المادتين الخامسة والسابعة منه لأنها لا تقترن بالجزاء المحدد لهذا الإخلال. وفي الحالات التي يحيل فيها الميثاق إلى قرارات ملزمة صادرة عن مجلس الجامعة في مواجهة دولة عضو متنازعة بشأن خلاف لا يتعلق باستقلالها (م 5-1 من الميثاق) فإن عدم تحديد الجزاء المقترن والمترتب بالضرورة على عنصر الإلزام، وكذلك غياب آلية التنفيذ اللازمة والأطر الإجرائية لعملية التنفيذ، كل هذا يجعل من فاعلية الميثاق أمرًا مشكوكًا فيه إلى حد بعيد. وبالعموم فإن تاريخ المنازعات العربية يفتقر إلى سوابق أثبت فيها الميثاق فاعليته باستثناء الغزو العراقي للكويت والموافقة على التواجد العسكري السوري في لبنان وكان لكل سابقة سياقها الخاص.
ولا يمكن فصل هذا الواقع عن حقيقة عدم وجود جهة قضائية عربية تضطلع بالتصدي للمنازعات العربية، وما زال الحديث الجديد القديم عن محكمة عدل عربية في طور المتمنيات برغم الحاجة الملحة إلى وجود مثل هذه المحكمة. وبرغم النماذج العديدة على الصعيدين الإقليمي الأوربي والعالمي لجهات قضائية أدركت قدرًا من الفاعلية فما زال السعي إلى إنشاء مثل الجهة على الصعيد يمضي بطيئًا ومترددًا.
ولأن ميثاق جامعة الدول العربية لا يتضمن ذكرًا للإجراءات الواجبة الاتباع حالة مخالفة إحدى الدول الأعضاء لما ينص عليه فإن اتفاقية الاتحاد الأوروبي تنص بوضوح في المادة 7-1 منها على مثل هذه الإجراءات، وتضيف الفقرات اللاحقة الجزاءات التي يمكن توقيعها على الدولة العضو المخالفة، وصور هذه الجزاءات، وطريقة إقرارها، والأغلبية المطلوبة لإصدارها.
في نهاية المطاف فإن ما سبق ذكره يبقى مجرد أمثلة لنقاط الضعف التي يتسم بها ميثاق جامعة الدول العربية، أو بالحد الأدنى ما يثيره من إشكاليات، وهي ما زالت تحتاج إلى نقاش وتعميق. وثمة نقاط أخرى جديرة بدورها لعل أهمها ما يتعلق بوسائل فض المنازعات، وهو ما يتطلب حديثًا آخر.
[1]فقد انطلقت القطار الأوربي في البداية منذ عام 1951م، بالاتفاقية المؤسسة لجماعة الفحم والصلب، وفي العام 1957م، تأسست السوق الأوروبية المشتركة بموجب اتفاقية روما من ست دول هي فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورج، وفي سنة 1973م، انضم الثلاثي بريطانيا وإيرلندا والدانمارك، وفي 1981م، انضمت اليونان، وفي 1986م، لحق الثنائي أسبانيا والبرتغال بالقطار الأوروبي، ثم الثلاثي الشمالي السويد وفنلندا والنمسا في عام 1995م، وبحلول العام 2007م، كان الاتحاد الأوروبي قد شهد أكبر عملية توسع بانضمام عشر دول مما كان يُعرف سابقاً بدول الكتلة الشرقية إضافة إلى مالطا وقبرص، ثم كرواتيا ليكتمل العدد بذلك إلى 29 دولة تضم 500 مليون مواطن أوروبي قبل أن تنسحب بريطانيا من الاتحاد بموجب استفتاء "البريكزت" الشهير في 2016م، ليستقر عدد دول الاتحاد الأوروبي عند 28دولة.