array(1) { [0]=> object(stdClass)#13440 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 100

التكامل العسكري والأمني العربي .. ترتيب الأولويات

الخميس، 01 تشرين1/أكتوير 2015

من المؤكد أن التكامل العسكري والأمني العربي حلم قديم يراود الأجيال العربية المتعاقبة، ولقد شرع العرب منذ أن أسسوا جامعة الدول العربية في تنفيذ هذا الحلم ووقعوا على اتفاقية الدفاع العربي المشترك منذ منتصف القرن العشرين، وشهدت مسيرة العمل العربي المشترك العديد من التعاون العسكري في وقت الحروب والأزمات ونجحوا في تحقيق انتصارات منذ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، والنصر العربي في حرب أكتوبر 1973م، ثم حرب تحرير الكويت، وأخيراً عملية عاصفة الحزم ضد العدوان الحوثي/ الإيراني في اليمن.

ولكن ظهرت تحديات جديدة أمام الأمن العربي الجماعي، وأمام أمن كل دولة عربية منفردة منذ نهاية تسعينيات القرن العشرين وزادت بعد سقوط نظام صدامحسين عام 2003م، وبعد ذلك كشرت هذه التحديات عن أنيابها بعد الأحداث ما يُطلق عليه ثورات الربيع العربي، ثم جاء الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة الدول 5+1الأمر الذي جعل المنطقة العربية تدخل في مرحلة غير مسبوقة من التحديات الدفاعية والأمنية التي تهدد الأمن العربي الوجودي الجماعي وتهدد أمن دولة عربية منفردة.

 والأمر لا يقف عند هذه التحديات، بل يتجاوزها إلى ما هو أبعد من ذلك ,ومنهاعدم القدرة على تحديد مهددات الأمن العربي الجماعي، ومخاطر الأمن لكل دولة عربية على حدة، بل عدم الاتفاق على التعريفلمفهوم الإرهاب وتحديد المخاطر الناتجة عنه ومن يمارسه.

 وفي ظل هذه التحديات الماثلة والمتوقعة ظهرت الدعوة لإنشاء القوة العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب بمؤتمر القمة العربية الذي عُقد نهاية مارس الماضي في شرم الشيخ وكان من المقرر أن يتم التوقيع على بروتوكول إنشائها في نهاية أغسطس الماضي إلا أن التوقيع تأجل لمزيد من الدراسة والتمحيص، ومشروع بهذا الحجم والأهمية من الضروري أن تسبقه دراسات متأنية وشاملة حتى يؤتي ثماره، كما يجب أيضا أن يسبقه تهيئة الوضع العربي بكامله والاتفاق على الحد الأدنى حول مهددات الأمن العربي الجماعي، وأن يتم البناء على محطات الوفاق، واستبعاد مواطن الاختلاف، وكذلك الاهتمام بما يؤدي إلى تحسين البيئة العربية المشتركة التي توصل إلى تكامل حقيقي خاصة في المجالات الأقل اختلافاً والأكثر نفعاً ومنها قضايا التصنيع العسكري العربي الجماعي أو التكامل بين بعض الدول العربية في هذا المجال، مع ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي لتطوير التصنيع العسكري والاستفادة من المزايا النسبية لكل دولة عربية، مع دعم مراكز الأبحاث التي تعمل في هذا المجال،وكذلك الاهتمام بقضايا التدريب العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية لمواجهة الإرهاب ومحاولات الاختراق الخارجي للدول العربية، مع التأكيد على مبدأ وجوب التنازل الجزئيعن السيادة الوطنية القطريّة من أجل دعم مسيرة التكامل العربيّ، ليس لاعتبارات قوميّة فحسب، بل لأن في ذلك مصلحةً لكلّ دولةٍ عربيّة، وهذا ما أوصت به ورشة العمل التي نظمتها مؤسسة الفكر العربي بجامعة الدول العربية في منتصف شهر سبتمبر الماضي، حيث أوصى الخبراء المشاركون في هذه الورشة باعتماد مبدأ الواقعيّة وإمكانيّة التنفيذ بتبنيّ مشاريع غير خلافية تؤدي إلى بناء ثقة بين جميع الدول العربيّة التي ستكون أساساً لتطور مشروع تكامل عربيّ أوسع نطاقاً وأكثر فاعليةً في المجال الأمني والعسكري.

ودعت الورشة إلى استخلاص العِبَر من تجربة تعثّر اتفاقية الدفاع العربي، مع التأكيد

على ضرورة إنشاء القوّة العربيّة المشتركة كأداةٍ مهمّة من أدوات التكامل العربيّ،والإسراع في بلورة مشروع إنشاء هذه القوّة وفقاً لمقررات قمّة شرم الشيخ لتكون أداة من أدوات فرض السلم في الوطن العربيّ، والمساعدة على حلّ النزاعات، وعدم تأجيل المشروع إلى حين إنهاء الأزمات القائمة، مع إمكانية قيام مشروع القوة العربيّة المشتركة على مبدأ "تحالف الراغبين"، أي لا يكون هناك عنصر الإجبار لأيّة دولةٍ للانضمام إلى المشروع، وعلى أن تقوم هيكليّة القوّة على مبدأ مركزيّة القيادة، لا مركزيّة القوّات، أي أن الدول المشاركة في هذه القوة لا تُجبر على التخلي عن وحداتها العسكريّة لصالح القوّة المشتركة، إلا في أوقات الضرورة التي تستوجب القيام بعملٍ عسكري فعلي.

الأخذ بالاعتبار الظروف الخاصّة بالكتل الإستراتيجية الرئيسيّة في الوطن العربيّ، ومنها كتلة دول الخليج، كتلة المغرب العربيّ، وكتلة المشرق العربيّ، وكتلة وادي النيل التي تضمّ مصر والسودان، مع التأكيد على ضرورة وضع خطة إعلامية عربيّة للتوعية الأمنيّة والوقاية من الجريمة المنظّمة، ووضع استراتيجيّة شاملة لمكافحة الإرهاب في الوطن العربيّ، إضافة إلى إنشاء إنتربول عربيّ من أجل مكافحة الجريمة العابرة للحدود، مع إنشاء قاعدة بيانات أمنيّة موحّدة.

لذلك يجب تحديد الأولويات في مسيرة التكامل العسكري والأمني العربي والبدء في تنفيذ ما هو قابل للتنفيذ حتى تكون النتائج مفيدة وواقعية.

                                                             

مقالات لنفس الكاتب