array(1) { [0]=> object(stdClass)#13489 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 201

الحلول العربية لأزمتي الماء والغذاء

الخميس، 29 آب/أغسطس 2024

الدول العربية تعاني أكثر من غيرها من شح أو ندرة المياه العذبة في كثير من دولها، إضافة إلى أنه يغلب على المنطقة المناخ الحار والجاف ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة البخر ، مع تعرض المخزون الجوفي إلى النضوب حيث أكثره من مياه غير متجددة مع تعرضه للاستخدام الجائر خاصة في استخدامات الري، كما يتعرض هذا المخزون إلى التلوث واختلاطه بمياه الصرف الصحي و الصرف الصناعي والصرف الزراعي غير المعالج، ومياه البحار قرب السواحل. كما طرأت قضية جديدة على إمدادات المياه العذبة السطحية في بعض الدول العربية وهي المتعلقة بمياه الأنهار في مصر والسودان بسبب إنشاء سد النهضة الإثيوبي وعدم اعتراف إثيوبيا بحصص الدولتين التي أقرتها الاتفاقيات السابقة، وزاد من الأمر صعوبة أمام مصر والسودان توقيع دولة جنوب السودان مؤخرًا على اتفاقية عنتيبي التي تقر إلغاء العمل بالاتفاقيات التاريخية حول توزيع حصص مياه النيل، والأمر مماثل أمام العراق حول حصص نهري دجلة والفرات باعتبارها دولة مصب وينبع النهران من تركيا وإيران حيث تقيم دولتا المنبع السدود دون موافقة دولة المصب.

وعليه فإن شح المياه العذبة في الدول العربية واضح و تشير إليه الدراسات المائية العربية والأجنبية و الصادرة من المؤسسات الدولية، ولابد للدول العربية البحث عن حلول واقعية ولا تنتظر حتى حدوث الكارثة التي حذرت منها إحدى دراسات الملف المنشور في هذا العدد من مجلة (آراء حول الخليج) حول تداعيات تنفيذ اتفاقية عنتيبي دون أخذ موقف مصر والسودان في الاعتبار وعدم الموافقة على بند التصويت بالإجماع عند اتخاذ القرارات في اجتماعات دول حوض النيل وفقًا لهذه الاتفاقية لدرجة أن هذه الدراسة تحذر من خروج مساحة 2.5 مليون فدان من المساحة المنزرعة في مصر على سبيل المثال.

والحلول الممكنة والتي تبنتها جامعة الدول العربية من قبل ونفذتها بعض الدول العربية، بنجاح، هي تحلية مياه البحار المالحة، وهذه الحلول متبعة في دول مجلس التعاون الخليجي ، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية الدولة الأولى على مستوى العالم في تحلية المياه ، وإن كان هذا الخيار مكلفًا ماديًا حيث تبلغ تكلفة المتر المكعب الواحد من المياه المحلاة ما بين دولار ودولارين،  لكن يظل من الحلول المهمة للدول المشاطئة للبحار، مع ضرورة وضع استراتيجية عربية شاملة للتعامل مع المخزون الجوفي خاصة أن أكثر الأحواض الجوفية مشتركة بين العديد من الدول، مع ضرورة الاستفادة من المصادر البديلة ومنها إعادة تدوير ومعالجة مياه الصرف واستخدامها خاصة في الري الزراعي والأخير يتطلب تطويره  خاصة في الدول العربية التي مازالت تستخدم نظام الري بالغمر.

وباعتبار أن قطاع الزراعة هو الأكثر استهلاكًا للمياه فمن الضروري إيجاد حلول علمية لطرق الزراعة حيث تبدو أمام هذا القطاع ثلاث معضلات متشابكة هي شح المياه، وقلة، بل ندرة الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، و قلة الإنتاج الغذائي وعدم قدرة المنطقة العربية على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء ما أدى إلى زيادة حجم ظاهرة الجوع في المنطقة، وهذه المعضلات تتطلب التعامل معها بطرق وأدوات تتناسب مع خطورة شبح العطش والجوع، وهنا من الضروري اللجوء إلى مراكز الأبحاث المتخصصة في المياه واستصلاح الصحراء واستنباط الزراعات والمحاصيل التي تصلح للزراعة في الأرض الصحراوية وتعتمد على المياه المالحة أو قليلة الملوحة وهذا الخيار نجح وتم تطبيقه في بعض الدول العربية الأمر الذي يتطلب التوسع فيه حيث سبق استنباط سلالات من المحاصيل الغذائية القابلة للنمو في الأراضي الصحراوية والارتواء بالمياه غير العذبة، وفي هذا الصدد من الضروري والعاجل الاهتمام بمراكز الأبحاث المتخصصة في المياه والأراضي والزراعة، وتطوير القائم منها ودعمها بالكفاءات العلمية والإمكانيات المادية، واستحداث الجديد منها، وكذلك التعامل بجدية مع ما يصدر عن الهيئات المتخصصة في هذه المجالات بشفافية، وكذلك تنفيذ مقترحات وتوصيات المجالس الوزارية المنبثقة عن جامعة الدول العربية.  

وعلى الدول المتشاركة في الأنهار الدولية والعابرة للحدود كما هو الحال في قضايا النيل ودجلة والفرات التي تخص مصر والسودان، والعراق البحث عن حلول عبر التفاوض مع الدول الشريكة، أو اللجوء إلى جهات أممية أو قضائية دولية، للتحكيم أو التدخل لفض النزاع، أو الاتفاق على إقامة مشروعات مشتركة تحقق الاستفادة المشتركة، حيث تظل قضايا الماء والغذاء متعلقة بحياة شعوب المنطقة حاضرها ومستقبلها.

مقالات لنفس الكاتب