array(1) { [0]=> object(stdClass)#13732 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 208

سوريا الجديدة المعضلات والحلول

السبت، 29 آذار/مارس 2025

شهدت المنطقة العربية تحولات شديدة الأهمية ذات تأثير كبير على الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، ولعل من أهم هذه المتغيرات ما حدث قبل أن ينتهي العام الماضي بأيام قليلة في سوريا ؛ حيث سقط النظام السوري العتيد والعنيد بطريقة لم يتوقعها أشد المتفائلين بسقوط هذا النظام الذي ظل في حالة حرب ظالمة غاشمة ضد شعبه لمدة 13 عامًا، أسفرت عن سقوط ملايين القتلى ونزوح ولجوء ملايين آخرين حيث قضى نصف شرفاء الشعب السوري في عهد بشار إما في السجون أو المنافي ؛ ناهيك عمن في القبور، ولعل مشهد سقوط سجن صيدنايا بعد فرار الأسد، وأرقام القتلى واللاجئين التي تم الكشف عنها، إضافة إلى التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان أكد استهانة نظام الأسد بالمواطن السوري، وأنه على استعداد للتضحية بكل الشعب السوري ليظل هو وزمرته في السلطة بتحالف غير شريف مع إيران وميليشيات حزب الله اللبناني.

لذلك لم يجد نظام بشار الأسد أي تعاطف سواء من الشعب السوري، أو من شعوب المنطقة والعالم بعد نهايته المأساوية وفراره في جنح الظلام إلى روسيا، و تهاوي نظامه في غضون أيام دون مقاومة من جيشه وميليشياته ؛ حيث قفز الجميع من سفينته الغارقة، بل لم يجد مأوى في المنطقة العربية بأسرها ليهرب إلى روسيا التي منحته اللجوء (الإنساني)، بعد مرحلة مأساوية دخل فيها  الاقتصاد السوري في نفق مظلم وفقد كل مقوماته وبات يعتمد على تصدير الحبوب المخدرة إلى المنطقة والعالم، وتحولت سوريا إلى دولة فاشلة منقسمة بين طوائف وفصائل، وتواجد عسكري لدول خارجية وفصائل من جهات مختلفة، ومأوى للإرهاب، وكان بشار الأسد يراهن طيلة فترة حكمه على الدعم الخارجي المذهبي والطائفي ليستمر حكم طائفته منذ أن تولى والده السلطة عام 1970م، ما أدى إلى تفجر الأوضاع في سوريا عام 2011م، وترتب عل ذلك مآسٍ كثيرة بين قمع وقتل ونزوح ولجوء وسجن وتعذيب وقصف بالبراميل المتفجرة ، انتهت بفرار بشار وطي صفحة حكم آل الأسد.

وطيلة 13 عامًا أغمض بشار عن النصح العربي وتمسك بالحليف الإيراني فقط، مع غطاء روسي، وتقديم تنازلات ضمنية لإسرائيل ؛ ما أدى إلى السقوط المدوي للبعث السوري بعد أن سبقه البعث العراقي عام 2003م، لتنتهي حقبة البعث بجناحيه الذي اتخذ العروبة ستارًا للقمع والتدمير، بل أدت سياساته في سوريا والعراق إلى إضعاف الأمة العربية وتمزيقها ومازالت تعاني من تداعيات هذه السياسة المعادية للعروبة خلافًا لشعاره الكاذب. في المرحلة الحالية انتهت مزاعم البعث، واتباعه سياسة الأرض المحروقة ، وبزغ فجر جديد يحمل معه إشراقة أمل، وتحديات في آن واحد .. الأمل يبشر بالحرية والديمقراطية، وإعادة بناء الدولة  السورية على أسس المواطنة والعدالة والحكم الديمقراطي بعيدًا عن الطائفية المقيتة والحزبية الفاشلة والولاءات الخارجية الضارة، ومشاركة جميع الفئات في الحكم وإدارة البلاد دون إقصاء أو تهميش أو حرمان، وبناء اقتصاد قوي لتعود سوريا مصدرة لا مستوردة ولديها اكتفاء ذاتي، وإعادة بناء جيش وطني قوي يحمي البلاد وحدودها وشعبها، وإعادة الاستقلال للقرار السوري دون تبعية أو انكفاء وعودة سوريا إلى حضنها العربي، وأن تستفيد الإدارة السورية الجديدة من الدعم العربي خاصة الخليجي في إعادة الإعمار ، لاسيما بعد اجتماع الرياض بمشاركة 19 دولة عربية وأجنبية، وأن تعمل على تنظيم عودة اللاجئين من الخارج والنازحين في الداخل إلى ديارهم  وتحسين البنية التحتية التي تهدمت، وتوفير حياة كريمة للمواطنين من خلال توفير فرص عمل مناسبة والعمل الجاد على تخفيض نسبة الفقر ، والفقر المدقع الذي اعترى غالبية الشعب السوري، وهذا كله يفرض على الإدارة السورية الجديدة العمل الجاد وفق رؤية واضحة مع ترتيب الأولويات والانخراط سريعًا في تنفيذ برامج سياسية واقتصادية ، وإقرار دستور ينظم الحياة العامة ويحدد مسؤوليات الحكومة وفق النظام السياسي الذي يرتضيه الشعب بكامل حريته، مع عدم إطالة فترة المرحلة الانتقالية، وفي المقابل من الضروري أن تساعد الدول الإقليمية والعالم على نجاح انتقال سوريا إلى دولة عصرية ، سواء بمساعدة الدول المانحة، أو رفع العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على النظام السابق، وكذلك على الدول الإقليمية احترام سيادة سوريا واستقلالها وعدم الاعتداء على أراضيها، وبالتحديد ضرورة خروج إسرائيل من الأراضي السورية التي توغلت فيها بعد سقوط نظام الأسد، وأن تحترم اتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974م، وأن تكف إسرائيل يدها عن استخدام ورقة الأقليات،  وأن تحترم تركيا أيضًا سيادة سوريا وتسحب قواتها من الشمال السوري حتى تستقر سوريا ويعود إليها اللاجئون ، وتكون دولة كما كانت

مقالات لنفس الكاتب