array(1) { [0]=> object(stdClass)#13382 (3) { ["GalleryID"]=> string(1) "1" ["ImageName"]=> string(11) "Image_1.gif" ["Detail"]=> string(15) "http://grc.net/" } }
NULL
logged out

العدد 96

فكرة الإتحاد الخليجي .. ونضوجها الإقليمي والدولي . ،،التحول الأمريكي والإكراه الإيراني أنموذجا،،

الإثنين، 01 حزيران/يونيو 2015

abdalahabdelrazak

لم تترك التطورات الإقليمية والدولية للرافضين والمترددين لفكرة الإتحاد الخليجي من خيار سوى ضرورة تقديم المرونة العاجلة لدرء مخاطر غير مسبوقة ستمس استقرار أنظمتهم وأمن شعوبهم معاً وفي آن واحد ، ولو بنسبة متفاوتة ، لكنها متدرجة ومتصاعدة ، وفي الوقت نفسه لن تدع هذه التطورات للدول الأخرى الاسترسال في حماسها باتحاد خليجي طوباوي (مثالي) يتجاوز مواقف الرافضين والمترددين ، وينبغي أن تدفع بهم إلى المرونة العاجلة كذلك ، فهل أنضجت التطورات الدراماتيكية الإقليمية والعالمية الراهنة قناعات الرافضين والمتحفظين والحماسيين في ضرورة نقل مسيرة التعاون إلى اتحاد متدرج مرن يواجه الإكراهات الإقليمية الضاغطة وفق منطق الأهم والمهم ، ويستجيب مستقبلاً لطموحات الشعوب الخليجية في وحدة خليجية حقيقية ؟

يثيرنا التساؤل الأخير كثيراً ، ويشكل شغلنا الشاغل منذ أن تحطمت فكرة الاتحاد عند ثلاث صخرات صماء ، هى الرفض المطلق للفكرة ، والتحفظ عليها ، والحماس العاطفي لها بسبب إكراهات سياسية ظرفية ،،آنذاك ،، لها تداعيات متباينة على كل دولة من الدول الخليجية الست ، لكن ، التطورات الإقليمية والدولية الجديدة مختلفة الآن عن تلك التي ولدت الثلاثة المواقف سالفة الذكر ، بحيث نستشرف تداعياتها بالتعميم والشمولية ، وهذا المشترك العام يدفع بنا إلى طرح مجموعة تساؤلات استراتيجية مثل ، هل تأمن كل دولة من الدول الست على نفسها من إكراهات الظرفية الراهنة وتداعياتها المستقبلية خاصة في ضوء الإكراه الإيراني الجديد القديم وتغير الرؤية الأمريكية للإكراهات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي ؟ وهل تعتقد كل دولة أن الإكراهات سوف تصيب بعضها وتتخطى أو تخطي البعض الآخر ؟ وهل سيكون بمقدورها لوحدها مواجهتها ؟ ومن ثم أي مستقبل ينتظر دول مجلس التعاون الخليجي ؟ يمكننا الاستدلال على الأهمية السياسية الكبرى الناضجة لفكرة الاتحاد المتدرج بمسألتين في غاية الأهمية ، الأولى ، تحول الدور الأمريكي الاستراتيجي في الخليج حتى قبل التوصل إلى اتفاق إطاري نووي مع إيران ، فكيف بعد التوصل ؟ وهناك الكثير من الاستدلالات الحديثة التي يمكن تقديمها هنا ، أحدثها على الإطلاق ، تصريحات الرئيس أوباما الأخيرة ، وقد أكد فيها هذا التحول ، بل وذهب به إلى عكس البديهيات الإمريكية مما شكلت انقلابا أمريكيا على كل القناعات والرؤى السياسية الأمريكية السابقة، وذلك عندما استبعد الخطر الإيراني على دول المنطقة ، وحصره أي " الخطر" داخليا ، واعتبره خطراً وجودياً على الأنظمة ، وقد حدده أوباما في غضب الشباب العاطلين عن العمل ، وإحساسهم بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم ، وهذا التحول يثير علامات استفهام كبيرة حول التوقيت المتزامن مع التوصل إلى الاتفاق الإطاري النووي مع إيران ، فطوال العقود الماضية هولت وأرعبت الولايات المتحدة الأمريكية دول الخليج العربية من  الخطر الإيراني ، فكيف فجأة يتلاشى رغم إننا نشعر به الآن أكثر من أي وقت مضى ؟  وكيف لم يرَ أوباما الخطر الداخلي إلا الآن ؟ إنه انكشاف السراب الذي كانت واشنطن تتوهم به الخليج طوال أكثر من (44) عاما ، مما يظهر مفهوم الأمن الخليجي بأنه سيكون سجالا بين دِوله من عرب وعجم ؟ فلمن تميل كفة القوة ؟ إذن ، هل ستظل دول مجلس التعاون الخليجي متمسكة بتشتتها وتمزقها في ضوء هذه الإنكشافات ؟ والثانية ، الخطرين الإيراني والإرهابي في ضوء التحولات في موازين القوى الدولية التي كانت تشكل صمام أمان للدول الست ، ولو نظرنا في خارطة المنطقة ، فسوف نلاحظ أن الدول الخليجية الست محاصرة الآن من قوى تضمر لها العداء المستحكم والمتجذر ،، تاريخيًا وعقائديًا ،، محاصرة من  تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام ، ومن ما يسمى  بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب يتخذ من جنوب اليمن مقرًا له ، وكذلك من الميليشيات الإيرانية والموالية لها ، فهل نتوقع أن تغير هذه الإكراهات من القناعة السياسية الخليجية بضرورة المواجهة الجماعية لإنهاء هذا الحصار قبل أن يستحكم من حولها ، ويمس شأنها الداخلي ؟ ومن المفارقة الغريبة المضحكة والمبكية في آن واحد ، مساهمة بعض وحدات المنظومة الخليجية في الانقلاب الحوثي في صنعاء ، وهذا مؤشر يعكس لنا الخلل في بنية تفكيرها السياسي الناجم عن غرور المال ، وقد نرجع جزء من الأسباب إلى افتقارها للأطر الاستراتيجية المهنية والمتخصصة التي يمكن أن تتنبأ لها بتداعيات سياساتها على المنطقة ، وارتدادها على نفسها كذلك ، وهذا إشكال خليجي عام ، قد جاء نتيجة الجنوح في مكافحة الإسلام السياسي المعتدل داخل منطقتنا العربية واليمن ،أنموذجًا،، بعد النجاح ( المؤقت ) للمال السياسي في تغير موازين القوى السياسية في مصر وليبيا على الأقل ، لكنه يبدو (الإشكال ) في دعم الحوثيين أفضل صورة فاضحة للخيارات الخليجية الفردانية  ، لأنها قد أصبحت ترتد عليها من جهة وتمكن إيران من نجاح تمددها داخل المنطقة ، ومحاصرة الخليج من خواصره الرئيسة من جهة ثانية ، فمن لم يثيره ظهور قاسم سليمان قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني ومعه أكثر من مئة مستشار عسكري إيراني وبشكل علني في العلميات العسكرية التي يقوم بها الجيش العراقي ضد داعش ، وكذلك في سوريا ، ويقال الآن في اليمن ، فموقفه سيكون كموقف النعامة الشهير ؟ ومن يتوقف كثيرًا عند رفع الأذان بالصيغة - الشيعية – عبر التليفزيون اليمني الرسمي لأول مرة في تاريخ اليمن بعد انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية في صنعاء ، ومن ثم إقدام طهران والحوثيين على إبرام مجموعة اتفاقيات اقتصادية وتنموية وتوسيع مضيق باب المندب ، ويربطها بالتحولات الإقليمية وإفرازاتها التي تميل نحو اتجاه إيران الاستفراد بالقوة الاقليمية ،،المطلقة ،، عندئذٍ سوف تتضح له الصورة كما يجب ، والصورة المثالية التي ينبغي أن تقرأ كما يجب ، هي أن خليجنا أمام موجة جديدة من موجات تصدير الثورة الإيرانية في المنطقة ،  موجة تختلف عن سابقاتها إقليميًا وعالميًا ، وهذا ما يفسر جزئيًا إقدام القيادة السعودية الجديدة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز بكل جرأة ودون تردد إلى قيادة تحالف عربي وإسلامي ضد الخطر الشيعي في اليمن ، وهذا يرجعنا الى عام 1979عندما نجحت الثورة في طهران  ، ورفعها شعار التصدير ، لكنها لم تنجح لتكاتف الخليج على قلب رجل واحد من جهة، ولوجود إرادة عالمية مانعة ، فهل لا تزال هذه الإرادة قائمة الآن ؟ تصريحات أوباما سالفة الذكر تحمل الإجابة المباشرة والصريحة ، ورغم ذلك ، فالتساؤل مطروح من منظور الظروف المادية والمعنوية لنجاح طهران في نشر عقيدتها في المنطقة ، ولو بحثنا عنها ، فسوف نكتشف الأخطر ، وهو يكمن في انتفاء الظروف الأساسية التي أدت إلى الفشل الإيراني سابقًا ، فالعمل الجماعي الخليجي لم يعد قائما حتى مع قيام عاصفة الحزم ، وهنا يبرز لنا تساؤل استراتيجي وهو : كيف ينبغي تحويل مسار العاصفة وماهيتها وهيكليتها من حالة عربية وإسلامية إلى حالة خليجية دائمة ورادعة بدعم عربي وإسلامي عند الضرورة ؟ ينبغي التفكير في البعد عاجلاً وليس أجلاً ، فالخليج في حالة تغير دراماتيكي ، في صيرورة زمنية جديدة سترفع فاعلين وتسقط أخرين ، فلا مجال سوى للعمل الذكي والجماعي ، ويزكي هذا الطرح التحول السريع في بعض مواقف الدول الداعمة للتحالف كباكستان الذي يقف برلمانها معارضًا لمشاركة باكستانية في ضرب اليمن ، وكذلك انشغالات الولايات المتحدة الأمريكية الآن بمفاوضاتها مع طهران بشأن ملفها النووي بعد توصلها للاتفاق النووي الإطاري ، والملف النووي مظلة أمريكية لكي تنجز من خلاله تفاهمات مع إيران بشأن مستقبل الشرق الأسط ، وكذلك الصراع الجديد في آسيا الوسطى والقوقاز ، والنتيجة الأبرز المترتبة على غياب الإرادتين الخليجية ( الجماعية ) والأمريكية ، تصدير الثورة الإيرانية في المنطقة تشمل حتى الآن البحرين والعراق وسوريا واليمن وشمال أفريقيا.. إلخ وتبدو لنا هذه كبرى المفارقات التي يجب أن تحرك القناعات السياسية الخليجية ، وتدفع بها إلى الانفتاح الإيجابي على فكرة الاتحاد المتدرج ، فكلنا نعلم أن من بين الثلاثة الأسباب الرئيسة لقيام المنظومة الخليجية عام 1981، هى الثورة الإيرانية ، فكيف تمددت هذه الثورة وأصبحت تهدد الآن الدول الست ،،فرادى وجماعات ،، رغم وجود مجلس التعاون الخليجي ؟ ربما تجد الدول الست مع نفسها الآن في موقف حرج جدًا ، فطهران تبرز ،،مرحليًا،، القوة الإقليمية الأقوى التي تركع لها أكبر قوة في العالم ، قوة صاعدة عازمة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط من منظور مذهبي ،وتملك كل عوامل النجاح الأخرى ،ولعل أبرزها ، المال والاقتصاد والسلاح ، وبيئة إقليمية خليجية مواتية بسبب مواقفها السياسية المتباعدة والمتصارعة أحيانًا ، وإحساس بعض دول المجلس أنها ستكون بمنأى عن الخطر الإيراني ، وهذا وهم ، وكذلك بسبب التحولات في موازين القوى الدولية ، فمن المعروف أن دول مجلس التعاون الخليجي ظلت تولي البعد الدولي الأهمية الكبرى بوضعه ضمن خياراتها الدفاعية ، فلجأت إلى الاتفاقيات الثنائية مع الدول الكبرى ، وقد شكل التخلي الأمريكي عن الخليج ، ومطالبة إدارة أوباما الخليج بالاعتماد على نفسه واعتبار الخطر الوجودي للأنظمة داخليًا وليس خارجيًا ، ضربة قاصمة للخيار الدفاعي الخليجي سالف الذكر الذي تبنته الدول الست منذ عدة عقود ، فعلام ينبغي أن يعتمد الخليج الآن والعالم كله يتغير؟ فهل ينبغي أن يظل الخليج جامدًا رغم التحولات والمتغيرات الإقليمية والعالمية ؟

الجمود الراهن ستكون نتائجه مساعدة تصدير الثورة الإيرانية داخل دولها ، وزعزعة استقرارها من الخارج ، وهذا الجمود يجعل من المنظومة الخليجية في وضع معاكس لما نُشئت من أجله ، أي عامل موات للتصدير ، وهذه مفارقة أخرى ينبغي أن تزلزل وعي الأنظمة السياسية ، ومن ثم تغيير قناعاتها السياسية فورًا .

 وأهم هذه القناعات التي ينغي أن تتغير ، وهى الأهم ظرفيًا ، هي الاقتناع الكامل بفكرة الأمن المشترك في ضوء بروز طهران  كقوة إقليمية كبرى مهيمنة ،، مذهبيًا وعسكريًا واقتصاديًا ،، ولن يكون لها صديقًا دائمًا وإنما مصالح دائمة ، وخطورة مصالحها تتجسد في أنها لم تنتقل من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، وقد يساعدها الاتفاق مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووي ، وتحررها من العقوبات على التوغل إلى داخل كل دولة دون استثناء .. ومن ثم فخيارات إعادة تقسم الجغرافيا الخليجية وتمزقها سيكون واردًا ، واندلاع الصراعات المذهبية الداخلية احتمالًا حتميًا عندئذٍ ، فهل تستمر دول مجلس التعاون الخليجي في تشتتها وتمزقها أم تتفق فورًا على مواجهتها بصورة جماعية ؟ نفس التساؤل يتكرر معنا عند توصلنا إلى أية نتيجة ، وكل حجج ودلائل الظرفية الراهنة ؛ تنضج فكرة الاتحاد الخليجي ، لكنه ينبغي أن يكون متدرجًا حتى يمكن استيعاب كل المواقف الخليجية ، فمفهوم الاتحاد المتدرج ، قد تقبله الآن القناعة السياسية الخليجية على خلفية الأمن المشترك ، شريطة أن ينطلق في البداية من تحقيق الغاية الرئيسة وهي ضمان أمن الخليج واستقراره في ظل وجود رؤية لتطورها في كل المجالات والقطاعات أي ليس فقط المجال الأمني والعسكري ، حيث ينبغي أن يرتكز على صيغ المشاركة الأمنية والعسكرية والتنسيق الدائم في مجال السياسة الخارجية وتطوير الأبعاد إقتصادية البينية مع ترك مساحات للتحرك بما يحافظ على مقومات السيادة الوطنية لكل دولة خليجية على حدة ،وإذا سلمنا جدلًا بمنظور الاتحاد المتدرج وفق منظور الأهم والمهم الذي تمليه مجموعة الإكراهات سالفة الذكر ، ووفق مواقف الدول الست المتباينة من فكرة الاتحاد ، فإن هذا يحتم على الدول الخليجية الست فورًا الاعتماد على ذاتها الجماعية ، وهذا الاعتماد على الذات قد أصبح أم الضرورات الوطنية والخليجية الآن بالذات بعد أن تخلت أكبر دولة في العالم عن ممارسة دورها الأمني في المنقطة ، وبعد أن أصبح المحيط العربي وحتى الإسلامي يتراجع عن مواقفه من الخيار العسكري ضد الحوثيين ، ولن تجد دول المجلس سوى الاعتماد أولاً على نفسها وبصورة جماعية لحماية أمنها واستقرارها ، لكن وفق فلسفة التدرج التي نرى فيه الأهم ، والذي قد يكون مقبولًا تشكيل جيش واحد يكون تعداده (المقترح 360) ألف على أن يكون خليجيًا خالصًا ،،جنودًا وقيادًة ،، وكذلك تشكيل قوتين بحريتين وجويتين واحدتين ، للتصدي لأية مخاطر وتهديدات ، وهذه الخطوات المهمة ،، المرحلية ،، لابد أن يساندها غطاء شعبي من منظورين؛ تحسين الوضع المعيشي للمواطنين الخليجين وحل مشكلة البطالة عبر تأسيس صندوق مالي خليجي ، فقد رأينا كيف أن المليارات الخليجية التي ذهبت للأسف لمجتمعات عربية وإسلامية .. لم تدفع أنظمتها إلى الثبات على مواقف الدعم والمساندة للحملة التي تقودها الرياض في اليمن ، من هنا ليس هناك من خيار سوى الرهان على الشعوب الخليجية ، وكذلك ضرورة تفعيل وزيادة المشاركة السياسية حتى يشعر المواطن الخليجي بالتنمية السياسية التي ينبغي أن يكون فيها أي "المواطن الخليجي " فاعلًا فيها ، كإحداث تحول في بعض الأنظمة السياسية الخليجية كأن يكون رئيس مجلس الوزراء من خارج الأسر الحاكمة وكذلك تفعيل دور مجالس الشورى في التشريع والرقابة .

 

مقالات لنفس الكاتب