عملية " عاصفة الحزم " حرباً مشروعة وعادلة ضد قلة مغرضة من أبناء الشعب اليمنى اغتصبت السلطة وارتكبت مجازر ضد شعبها، وأزاحت الحكومة الشرعية اليمنية، برئاسة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادى. واعتبرت تلك الحرب مساعدة قيمة من الدول العربية والخليجية الشقيقة للشعب اليمنى الذي عانى الأمرين من " انقلاب " الحوثيين وتبعاته المدمرة على مدار الأشهر الماضية. حيث قامت هذه القلة بانقلابها – بدعم معنوي ومادي وعسكري كامل من إيران ذات السياسات التوسعية والمذهبية المغرضة ضد كل الأمة العربية. ومما يثير الاستياء والتقزز هو تحالف هذه القلة مع الرئيس اليمنى المخلوع صالح، الذي لم يكتف بما أحدثه من نهب وتدمير لليمن أثناء فترة تسلطه الاستبدادي على هذا القطر الجريح، بل ما فتئ يحاول إكمال تدمير بلده الذي نكب به وبأمثاله. فمن عجائب السياسة العربية أن يُكَوِّن هذا المخلوع جيشا من المرتزقة ليعبث به بأمن ومستقبل اليمن ...؟!
القلة الحوثية لا يزيد تعدادها عن مليون نسمة، ضمن سكان اليمن البالغ عددهم الآن 25 مليونا. والحوثيون قاموا بانقلابهم على الشرعية اليمنية، تنفيذا لتوجيهات إيران التي تريد الهيمنة على اليمن، والانطلاق منه لتحقيق أهداف أبعد، وتسخير اليمن (بموقعه وإمكاناته المتميزة) لصالح الإستراتيجية الإيرانية التوسعية والمذهبية المعادية للأمة العربية. وهذا " جرم " لم ولن تقبله غالبية الشعب اليمنى، وأيضا غالبية العرب والمسلمين، بل ومعظم دول العالم بأسره.
أقدمت هذه القلة على فعلتها هذه في الوقت الذي كان يدور فيه حوار وطني يمنى ... يستهدف: إقامة نظام يمنى جديد، يحظى بقبول غالبية أهل اليمن، ويحول دون استئثار قلة منه بالسلطة والحكم. وقد أوشك ذلك الحوار على النجاح، خاصة بعد الاتفاق (بصفة عامة) على الدستور اليمنى الجديد. ولكن الحوثيين أجهضوا عملية الحوار الوطني اليمنى، بانقلابهم على السلطة الشرعية اليمنية – بدعم إيراني مادي ومعنوي سافر.
وتمت دعوة هؤلاء لوقف عدوانهم وإنهاء انقلابهم، وتلك الدعوات جاءت من اليمنيين أنفسهم، ومن العرب ومن المجتمع الدولي. ولكن الحوثيين، وبناء على إصرار إيراني على مواصلة الزحف، ورفضوا الانصياع لمنطق الحق والعدل، واحترام رغبات غالبية الشعب اليمنى. بل واصلوا الزحف العسكري .... وقاموا باحتلال جزءاً كبيرا من اليمن بالقوة، بعد الاستيلاء على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء، وتعطيلها الأمر الذي اضطر الرئيس الشرعي لليمن عبدربه منصور هادي للاستنجاد بالمملكة العربية السعودية وبقية الدول العربية ، وبالمجتمع الدولي، للتدخل لإعادة الشرعية اليمنية، ووقف هذا العدوان الطائفي والمذهبي على بلاده.
وقد بدأ التفكير في استخدام كل الوسائل الممكنة لإرغام الحوثيين على الانصياع للحق، بدءا من الوسائل السلمية، وانطلاقا من كون أمن اليمن من أمن الخليج والعرب، والعكس صحيحا. ولكن الحوثيين رفضوا كل الدعوات. فلم يصبح هناك بد من استخدام القوة المسلحة ... عبر الهجمات الجوية المدروسة للدول الشقيقة التي قدمت المساعدة للشعب اليمنى، بالتلازم مع دعم وتسليح الأطراف اليمنية الرافضة للانقلاب الحوثي ... وهم يشكلون أغلبية شعب اليمن – كما ذكرنا-وعليهم مسئولية إكمال مهمة إزاحة الطغيان الحوثي.
إن عملية " عاصفة الحزم " هدفت إلى إعادة الشرعية اليمنية، وتمكين الشعب اليمنى من إقامة النظام السياسي الذي تقبله غالبيته، ووقف الزحف الإيراني في الوطن العربي. وهي تتكون من ثلاث محاور: قص أجنحة الحوثيين وتدمير قواعدهم العسكرية ودفاعاتهم الجوية واسترداد ما نهبوه من سلاح للجيش اليمنى، ثم التمهيد لأبناء اليمن الرافضين للهيمنة الحوثية بإكمال إزاحة هؤلاء الطغاة من السلطة، وإعادة الشرعية اليمنية إلى مكانها الطبيعي، ومن ثم استئناف الحوار الوطني اليمنى الهادف لإقامة نظام سياسي يمنى جديد تقبله غالبية أهل اليمن. وتطبيق هذه المحاور، ونجاحها، يحقق – بالضرورة – أهدافها النبيلة ، ومنها: وقف التوسع الإيراني بالمنطقة، وخاصة في هذا الجزء الهام من الأرض العربية. فنجاح عملية " عاصفة الحزم "، ومن ثم تكملتها عملية " إعادة الأمل " سيشكل ضربة قاصمة للمشروع التوسعي الإيراني، ولن تتوقف هذه العملية، بمسميها، حتى تحقق أهدافها الرئيسة، كما أعلنها صريحة مدوية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ في خطابه الذي ألقاه في افتتاح مؤتمر القمة العربية المنعقد بتاريخ 28 مارس 2015 م.
ولم يقدم الخليجيون والعرب على هذا الخيار العسكري إلا مضطرين بسبب عناد وعدوان القلة الحوثية ، وإصرار إيران على مواصلة سياساتها العدوانية التوسعية ... فالملوم هنا هو: إيران ، وعملائها الحوثيين، والرئيس المخلوع صالح ... وسيسجل التاريخ لإيران وللحوثيين ولصالح هذه الجريمة النكراء. كما سيسجل بمداد من ذهب هذه اليد الخليجية والعربية التي امتدت لتساعد غالبية الشعب اليمنى على استرداد حقها في حكم نفسها بعيدا عن تسلط هذه الأقلية أو تلك. إن " عاصفة الحزم " و " إعادة الأمل "، هما معا " رد فعل " حكيم ومنطقي على " فعل " عدواني أحمق.
وقد رُئي إيقاف عملية " عاصفة الحزم " بعد أن حققت الكثير من أهدافها، واستبدالها بعملية " إعادة الأمل ". ركزت العملية الأولى على محاولة تحقيق المحور الأول من كل هذا التدخل الخليجي العربي الحميد في الشأن اليمنى، بينما خصصت عملية " إعادة الأمل " لتحقيق المحورين الثاني (دعم المقاومة الوطنية اليمنية للانقلاب الحوثي) والثالث (العملية السياسية الوطنية اليمنية). وذلك مع احتفاظ التحالف الخليجي العربي بشن هجمات جوية على مواقع الحوثيين العسكرية، وقوات حليفهم الرئيس المخلوع صالح. وهذا ما حصل بالفعل، إذ تشن، من حين لآخر، هجمات جوية هدفها: تدمير قواعد الانقلابين العسكرية ووقف زحفهم للاستيلاء على ما تبقى من اليمن.
ولكن التركيز الأكبر للتحالف ينصب الآن، وفي عملية " إعادة الأمل "، على دعم المقاومة اليمنية، وتسهيل العملية. وفى هذا الإطار، تم تقديم مساعدات إنسانية وعسكرية للمقاومة الوطنية اليمنية التي صمدت، في مواجهة الحوثيين وأنصارهم بفضل هذه المساعدات. كما عقد مؤتمر الحوار الوطني اليمنى الأول بالرياض، وشاركت فيه معظم القوى السياسية اليمنية الفاعلة، عدا جماعة الحوثي وجماعة صالح.
وعينت الأمم المتحدة مندوبا جديدا لها، خلفا للمندوب السابق جمال بن عمر، ليشرف على العملية السياسية دوليا. وسيعقد المؤتمر القادم للحوار الوطني اليمنى في جنيف قريباً، تحت مظلة الأمم المتحدة، وبحضور كافة الأطراف المعنية بالأزمة اليمنية الحالية. ولابد لنجاح هذا الحوار، وقيام نظام يمنى جديد من: وقف الاقتتال، وعودة الشرعية اليمنية، ونزع أسلحة الميليشيات المختلفة تحت إشراف دولي حازم .... غالبا ما يتطلب استخدام قوات دولية لحفظ السلام إلى حين قيام حكومة يمنية جديدة منتخبة.
وغالبا ما سيكون الدستور اليمنى الذي تم التوصل إليه قبل انقلاب الحوثي كوثيقة رئيسة للحوار الوطني اليمنى القادم، سواء في جنيف أو غيرها. إن نجاح الحوار الوطني اليمنى لا يمكن أن يتحقق دون ما ذكر من إجراءات ضرورية (أهمها عودة الشرعية اليمنية) وبالاتفاق على الدستور اليمنى الجديد، الذي سينتج عن تطبيقه قيام نظام يمنى تقبله غالبية أبناء الشعب اليمنى. وذلك سيعنى بالضرورة خروج سليم لليمن من أزمته ... وبما يضمن أمنه واستقراره، وعدم تبعيته للنفوذ الإيراني المرفوض من قبل غالبية الشعب اليمنى قبل غيره. وإن تم ذلك، تكون عمليتي " عاصفة الحزم " و " إعادة الأمل " قد حققتا أهدافهما النبيلة، وأنقذتا اليمن من مصير مؤلم.